المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ فتوى في جواز نقل عيون الموتى لترقيع قرنية الأحياء - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة

- ‌ حكم الدعوة إلى الله عز وجل وبيان فضلها

- ‌فضل الدعوة

- ‌كيفية الدعوة

- ‌ المقصود من الدعوة والهدف منها

- ‌وعد بطائفة ناجية

- ‌حكمتشريح جثة المسلم

- ‌بيان حرمة المسلم ووجوب تكريمه حيا أو ميتاوعصمة دمه ووجوب حقنه حيا

- ‌بيان أقسام التشريح والضرورة الداعية إلى كل منهاوما يترتب على ذلك من مصالح

- ‌ذكر نقول عن علماء الإسلام فيها استثناء حالاتدعت الضرورة فيها إلى إباحة دم المسلم

- ‌تمهيد

- ‌المسألة الأولى: ضرب أو رمي من تترس به الكفار من أسارى المسلمين

- ‌المسألة الثانية: شق بطن امرأة ماتت وفي بطنها ولد علم أنه حي

- ‌المسألة الثالثة: أكل المضطر لحم آدمي إذا لم يجد شيئا غيره

- ‌المسألة الرابعة: إلقاء أحد ركاب سفينة خشي عليها العطبفيلقى أحدهم في البحر بقرعة لينجو الباقون

- ‌المسألة الخامسة: تبييت المشركين أو رميهم بالمنجنيق ونحوه مما يعم الهلاك به وفيهم النساء والأطفال

- ‌ فتوى في جواز نقل عيون الموتى لترقيع قرنية الأحياء

- ‌ أخذ جزء من جسد الإنسان وتركيبه في إنسان آخر مضطر إليه

- ‌القسامة عند الفقهاء

- ‌ بيان مستند من عمل بالقسامة ومستند من لم يعمل ومناقشة كل منهما

- ‌مستند القائلين بعدم العمل بالقسامة مع المناقشة

- ‌القائلون بعدم العمل بالقسامة

- ‌مستند القائلين بالعمل بالقسامة مع المناقشة

- ‌ ضابط اللوث وبيان صوره واختلاف العلماء فيهاومنشأ ذلك مع المناقشة

- ‌ ضابط اللوث في اللغة وعند الفقهاء

- ‌بيان صوره مفصلة واختلاف العلماء فيها مع المناقشة

- ‌الصورة الأولى: التدمية

- ‌الصورة الثانية: شهادة بينة غير قاطعة على معاينة القتل

- ‌الصورة الثالثة: شهادة عدلين بجرح وعدل بالقتل

- ‌الصورة الرابعة: وجود المتهم بقرب القتيل أو آتيا من جهته ومعه آلة القتل أو عليه أثره

- ‌الصورة الخامسة: قتيل الصفين

- ‌الصورة السادسة: قتيل الزحام

- ‌الصورة السابعة: وجود قتيل في محلة

- ‌تحرير محل النزاع في اللوث مع بيان منشأ الخلاف

- ‌ هل يتعين أن يكون المدعى عليه في القسامة واحدا أو يجوز أن يكون أكثر لو منبهما

- ‌ ذكر خلاف العلماء فيمن توجه إليه أيمان القسامة أولا من مدع ومدعى عليه

- ‌إذا كان في المدعين والمدعى عليهم نساء وصبيان فهل عليهم قسامة

- ‌هل ترد الأيمان إذا نقص العدد أم لا

- ‌ خلاف العلماء في الحكم على الناكل بمجرد النكول

- ‌ نكول المدعيين عن الأيمان أو نكول بعضهم

- ‌نكول المدعى عليهم

- ‌ ذكر خلاف العلماء فيما يثبت بالقسامة من قود أو دية

- ‌ خلاف العلماء فيمن يقتل بالقسامة إذا كان المدعى عليه أكثر من واحد

- ‌هدي التمتع والقران

- ‌أولا: ابتداء وقت الذبح

- ‌ثانيا انتهاء وقت ذبح الهدي

- ‌ثالثا: ذبح الهدي ليلا

- ‌رابعا: مكان ذبح الهدي

- ‌خامسا: حكم الاستعاضة عن ذبح الهدي بالتصدق

- ‌مصادر ومراجع هذا البحث

- ‌القراررقم 43 وتاريخ 13/ 4 / 1396ه

- ‌وجهة نظرلصاحب الفضيلة الشيخ عبد الله بن منيع

- ‌الفصل الأولمعنى التسعير وحكمه

- ‌المبحث الأولتعريف التسعير

- ‌المبحث الثانيحكم التسعير

- ‌المبحث الثالثرأي شيخ الإسلام ابن تيميةفي حكم التسعير

- ‌الفصل الثانيتسعير أجور الأشخاص والعقارات

- ‌المبحث الأولتسعير أجور الأشخاص

- ‌تحديد أجور العمال

- ‌ نظرية حد الكفاف أو الأجر الحدي

- ‌ نظرية إنتاجية العمل

- ‌ نظرية المساومة

- ‌بيان حكم ذلك في الشريعة الإسلامية

- ‌طريقة تحديد الأجور في الشريعة الإسلامية

- ‌المبحث الثانيتسعير أجور العقارات

- ‌طريقة تحديد الإيجارات

- ‌الفصل الثالثإلزام ولي الأمر بسعر السوق وعدم النقص عنه

- ‌الفصل الرابعتنظيم التسعير

- ‌المبحث الأولالحالات التي يجب فيها التسعير

- ‌ حاجة الناس إلى السلعة

- ‌ حالة الاحتكار

- ‌ حالة الحصر

- ‌ حالة التواطؤ

- ‌المبحث الثانيالاستعانة بأهل الخبرة في التسعير

- ‌المبحث الثالثمراقبة الأسعار

- ‌الفصل الخامسعقوبة مخالفة التسعير

- ‌عقوبة مخالفة التسعير في المملكة العربية السعودية

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع هذا البحث

- ‌الفهرس

- ‌الإسراء وفلسطينودولة اليهود

- ‌المرسل عند الإمام الشافعي

- ‌ المرسل قبل الشافعي

- ‌ مرسل الصحابي

- ‌ مرسل كبار التابعين

- ‌ حجية المرسل بعد الاعتضاد

- ‌ مرسل صغار التابعين

- ‌ مرسل سعيد بن المسيب

- ‌إيجاد جذر المعادلة بطريقة التوسطلابن الهيثم

- ‌طريقة التوسط

- ‌الواحد الصمد

- ‌البيان

- ‌وحدانية الخالق جل وعلا

- ‌الأدلة العقلية على استحالة الشريك

- ‌نكاح الشغار

- ‌في المواريث

- ‌من آثار عملية نقل الدم

- ‌في زكاة أموال جمعت للتجارة

- ‌في الزكاة

- ‌في الرضاعة

- ‌في إفطار رمضان والقضاء والكفارة

- ‌في الرضاعة

- ‌حكم الإحدادعلى الملوك والزعماءفي نظر الشريعة الإسلامية

- ‌من أخبار الرئاسةللأمانة العامة لهيئة كبار العلماء

- ‌تنبيه وتصحيح

الفصل: ‌ فتوى في جواز نقل عيون الموتى لترقيع قرنية الأحياء

ثم كتبت‌

‌ فتوى في جواز نقل عيون الموتى لترقيع قرنية الأحياء

قامت بمصر مؤسسة علمية اجتماعية تسمى دار الإبصار تأسست في شهر يناير 1951 م، ومن أغراضها إيجاد مركز لجمع العيون التي تصلح لعملية ترقيع القرنية وتوفيرها وإيجاد المواد الأخرى اللازمة لهذه العملية الخاصة باسترداد البصر وتحسينه وتوزيع العيون الواردة إلى الدار على الأعضاء وطلبت الدار من مصلحة الطب الشرعي بتاريخ 31 أكتوبر 1951 م السماح لها بالحصول على العيون اللازمة لهذه العملية من دار فحص الموتى الملحقة بمصلحة الطب الشرعي ونظرا إلى أن الجثث التي تنقل إلى دار فحص الموتى للتشريح لمعرفة أسباب الوفاة كلها خاصة بحوادث جنائية طلبت المصلحة بكتابها المؤرخ 18/ 2 / 1952 م من قسم الرأي المختص إبداء الرأي في هذا الطلب من الوجهة القانونية فأرسل إلينا مستشار الدولة كتاب القسم المؤرخ 3 أبريل 1952 برقم 103 المتضمن طلب بيان الحكم الشرعي في هذا الموضوع وأضاف إلى ذلك أن بالولايات المتحدة معاهد مؤسسة دار الإبصار المصرية تقوم بجمع عيون الموتى وتوزيعها على من يطلبها من الأطباء بعد التأكد من صلاحيتها فنيا لعملية الترقيع القرني وكذلك في إنجلترا وفرنسا وجنوب إفريقيا وبعض بلدان أوربا تشريعات خاصة لتسهيل الحصول على هذه العيون وقد اطلعنا على قانون دار الإبصار وعلى الكتب المشار إليها وعلى بحث ضاف في هذا الموضوع لسعادة الدكتور محمد صبحي باشا طبيب العيون الشهير.

ج: إنه واضح مما ذكر أن الباعث على طلب هذه المؤسسة الحصول على عيون بعض الموتى إنما هو التوصل بها فنيا إلى دفع الضرر الفادح عن الأحياء المصابين في أبصارهم وذلك مقصد عظيم تقره الشريعة الإسلامية بل تحث عليه، فإن المحافظة على النفس من المقاصد الكلية الضرورية للشريعة الغراء، فإذا ثبت علميا أن ترقيع القرنية لهذه العيون هو الوسيلة الفنية لدرء خطر العمى أو ضعف البصر عند الإنسان يجوز شرعا نزع عيون بعض الموتى لذلك بقدر ما تستدعيه الضرورة لوجوب المحافظة على النفس، ولذا تقررت مشروعية التداوي من الأمراض محافظة على النفس من الآفات، فقد تداوى رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ألم به من الأمراض وأمر الناس بالتداوي لإزالة العلل والآلام فيما هو أقل شأنا مما نحن بصدده وذلك يستلزم مشروعية وسائله وجواز استعمال ما تقتضيه ضرورة التداوي والعلاج ولو كان محظورا شرعا إذا لم يقم غيره مما ليس بمحظور مقامه في نفعه بأن تعين التداوي به، على أن الواجب شرعا على الأمة أن تختص منها طائفة بالطب والعلاج بقدر ما تستدعيه حاجتها وبحسب تنوع أمراضها، فيجب أن يكون فيها أطباء في كل فروع الطب ومنهم أطباء العيون سدا لحاجة الأمة في هذا الفرع بحيث إذا قصرت الأمة في ذلك كانت آثمة شرعا، وهذا الواجب هو المعروف في الأصول بالواجب الكفائي أو الفرض الكفائي، ويجب عليهم أن يحذقوا الفن حتى يؤدوا وظائفهم أكمل أداء، فإذا هدوا إلى علاج نافع لأمراض العيون

ص: 72

يحفظ حاسة البصر أو يعيدها بعد الفقدان وجب عليهم أن ينفعوا الناس به ووجب تمكينهم من وسائله بقدر ما تقتضيه الضرورة والحاجة، وللوسائل في الشرع حكم المقاصد؛ ولذلك جاز أن يباشر طلاب الطب وأساتذته تشريح جثث الموتى ما دام ذلك هو السبيل الوحيد لتعلم فن الطب وتعليمه والعمل به. وبدونه لا يكون طب صحيح ولا علاج مثمر، بل لا يعد طبيبا من لا يعرف فن التشريح علما وعملا، كما قرر ذلك جميع الأطباء.

فيجب أن يمكن أطباء هذه المؤسسة من القيام بهذه المهمة الإنسانية الجليلة وعلاج عيون الأحياء بعيون الموتى الصالحة لذلك كشفا للضرر عنهم، ولا يمنع من ذلك ما يرى فيه من انتهاك حرمة الموتى؛ فإن علاج الأحياء من الضرورات التي يباح فيها شرعا بارتكاب هذا المحظور، هذا بتسليم أنه انتهاك لحرمة الموتى، ولكن من القواعد الشرعية أن الضرورات تبيح المحظورات، ولذا أبيح عند المخمصة أكل الميتة المحرمة، وعند الغصة إساغة اللقمة بجرعة من الخمر المحرمة، إحياء للنفس إذا لم يوجد سواهما مما يحل، وجاز دفع الصائل ولو أدى إلى قتله، وجاز شق بطن الميتة لإخراج الولد منها إذا كانت حياته ترجى، بل قيل بجواز شق بطن الميت إذا ابتلع لؤلؤة ثمينة أو دنانير لغيره، وإباحة المحظورات تقديرا للضرورات قاعدة يقتضيها العقل والشرع وفي الحديث «لا ضرر ولا ضرار (1)» وقد بني عليها كثير من الأحكام، ولذا قال الفقهاء: الضرر يزال فعملا بهذه القاعدة يجوز نزع عيون بعض الموتى مع ما فيه من المساس بحرمتهم لإنقاذ عيون الأحياء من مضرة العمى والمرض الشديد.

ومن القواعد العامة أن الحاجة تنزل منزل الضرورة عامة كانت أو خاصة، ولذا أجاز الفقهاء بيع السلم مع كونه بيع المعدوم دفعا لحاجة المفلسين، وأجازوا بيع الوفاء دفعا لحاجة المدينين، ولا شك أن حاجة الأحياء إلى العلاج ودفع ضرر الأمراض وخطرها بمنزلة الضرورة التي يباح من أجلها ما هو محظور شرعا، والدين يسر لا حرج فيه، قال تعالى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (2) على أنه إذا قارنا بين مضرة ترك العيون تفقد حاسة الإبصار ومضرة انتهاك حرمة الموتى نجد الثانية أخف ضررا من الأولى، ومن المبادئ الشرعية أنه إذا تعارضت مفسدتان تدرأ أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما ضررا ولا شك أن الإضرار للميت أخف من الإضرار بالحي، ويجب أن يعلم أن إباحة نزع هذه العيون لهذا الغرض مقيدة بقدر ما تستدعيه الضرورة لما تقرر شرعا أن ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها فقط، ولذلك لا يجوز للمضطر لأكل الميتة إلا قدر ما يسد الرمق، وللمضطر لإزالة الغصة بالخمر إلا الجرعة المزيلة لها فقط، ولا يجوز أن تستر الجبيرة من الأعضاء الصحيحة إلا القدر الضروري لوضعها، ولا يجوز للطبيب أن ينظر من العورة إلا بقدر الحاجة الضرورية وغير خاف أن ابتناء الأحكام على المبادئ العامة والقواعد الكلية مسلك أصولي في تعريف الأحكام الجزئية للحوادث والوقائع النازلة التي لم يرد فيها بعينها نص عن الشارع، ولذلك نجد الشريعة الإسلامية لا تضيق ذرعا بحادث جديد، بل تفسح له صدرها وتشمله قواعدها الكلية ومبادئها العامة.

وإذ قد علم من هذا أنه يجوز شرعا بل قد يتعين نزع عيون بعض الموتى لهذا الغرض العلمي الإنساني

(1) سنن ابن ماجه الأحكام (2340)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 327).

(2)

سورة الحج الآية 78

ص: 73