الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الزكاة
فتوى رقم 282 وتاريخ 11/ 11 / 1392 هـ
ورد إلى الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد استفتاء من أحد الإخوة السعوديين.
وقد وجدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء مشتملا على أسئلة فأجابت عنها على الترتيب التالي:
س 1 - موظف يوفر من مرتبه شهريا مبلغا متفاوتا من المال، شهر يقل التوفير، وشهر آخر يزيد، ويكون أولهما قد مضى عليه الحول والبعض الآخر لم يمض عليه الحول، ولا يعرف مقدار ما وفره في كل شهر، فكيف يزكيه؟
* * *
س 2 - موظف آخر يتسلم راتبه شهريا ويودعه في خزينة لديه كل ما استلمه، ويصرف من هذه الخزينة يوميا أو أوقاتا متقاربة نفقة بيته ومتطلباته على مبالغ متفاوتة حسب الحاجة، فكيف يكون حول ما يتوفر في الخزينة، وكيف تخرج الزكاة في مثل هذه الحال مع أن عملية التوفير كما أسلفنا لم يمض على جميعها الحول؟
س 3 - هناك كلمات تقال في المجتمعات الإسلامية في مجال إبراز النهج الذي تسير عليه هذه المجتمعات وفق التعاليم الإسلامية وهي قولهم: " وتمشيا مع العادات والتقاليد الإسلامية " نهجنا كذا إلى آخره، ونظرا لاختلاف بعض العلماء المعاصرين في جواز استعمالها من عدمه، ففئة ترى منع استعمالها؛ لأن الإسلام يختلف ويغاير للعادات والتقاليد وأكثروا الكلام عنها، ومن ضمن كلام بعضهم أن هذه الكلمة مدسوسة من قبل أعداء الإسلام. وفئة ترى ألا بأس باستعمالها لأن ذلك يدل على خضوع المسلم واستسلامه لما يأمره به ربه عز وجل، ولما يأمره به الرسول عليه الصلاة والسلام دون النظر إلى أي أمر آخر، وهذا هو غاية العبادة، وذلك استمدادا من التقليد الذي عرفه العلماء في كتب العلم لهذا الاختلاف. أرجو إيضاح ملابسات هذه الكلمة، ثم حكم استعمالها جوازا أو منعا مع الأدلة؟
* * *
* ج 1، 2: لما كان السؤال الأول والثاني في معنى واحد، وكان لهما نظائر، رأت اللجنة أن تجيب جوابا شاملا تعميما للفائدة، وهو: من ملك نصابا من النقود، ثم ملك تباعا نقودا أخرى في أوقات مختلفة، وكانت غير متولدة من الأولى ولا ناشئة عنها، بل كانت مستقلة، كالذي يوفره الموظف شهريا من مرتبه، وكإرث أو هبة أو أجور عقار مثلا، فإن كان حريصا على الاستقصاء في حقه، حريصا على ألا يدفع من الصدقة لمستحقيها إلا ما وجب لهم في ماله من الزكاة، فعليه أن يجعل لنفسه جدول حساب لكسبه يخص فيه كل مبلغ من أمثال هذه المبالغ بحول يبدأ من يوم ملكه، ويخرج زكاة كل مبلغ لحاله كلما مضى عليه حول من تاريخ امتلاكه إياه.
وإن أراد الراحة وسلك طريق السماحة وطابت نفسه أن يؤثر جانب الفقراء وغيرهم من مصارف الزكاة على جانب نفسه، زكى جميع ما يملكه من النقود حينما يحول الحول على أول نصاب ملكه منها، وهذا أعظم لأجره، وأرفع لدرجته، وأوفر لراحته، وأرعى لحقوق الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة، وما زاد فيما أخرجه عما وجب عليه من الزكاة يقصد به التوسعة والإحسان شكرا لله على نعمه وكثرة عطائه، وأملا فيه سبحانه أن يزيده من فضله. {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (1) والله الموفق.
* * *
(1) سورة إبراهيم الآية 7
ج 3 - إن الإسلام نفسه ليس عادات ولا تقاليد، وإنما هو وحي أوحى الله به إلى رسوله، وأنزل به كتبه، فإذا تقلده المسلمون ودأبوا على العمل به صار خلقا لهم، وشأنا من شئونهم، وكل مسلم يعلم أن الإسلام ليس نظما مستقاة من عادات وتقاليد ضرورة إيمانه بالله ورسوله وسائر أصول التشريع الإسلامي، لكن غلبت عليهم الكلمات الدارجة في الإذاعة والصحف والمجلات وفي وضع النظم واللوائح مثل ما سئل عنه من قولهم:" وتمشيا مع العادات والتقاليد "، فاستعملوها بحسن نية قاصدين منها الاستسلام للدين الإسلامي وأحكامه، وهذا قصد سليم يحمدون عليه، غير أنهم ينبغي لهم أن يتحروا في التعبير عن قصدهم عبارة واضحة الدلالة على ما قصدوا إليه غير موهمة أن الإسلام جملة عادات وتقاليد سرنا عليها أو ورثناها عن أسلافنا المسلمين، فيقال مثلا:" وتمشيا مع شريعة الإسلام وأحكامه العادلة " بدلا من هذه الكلمة التي درج الكثير على استعمالها في مجال إبراز النهج الذي تسير عليه هذه المجتمعات. . إلخ، ولا يكفي المسلم حسن النية حتى يضم إلى ذلك سلامة العبارة ووضوحها، وعلى ذلك لا ينبغي للمسلم أن يستعمل هذه العبارة وأمثالها من العبارات الموهمة للخطأ باعتبار التشريع الإسلامي عادات وتقاليد، ولا يعفيه حسن نيته من تبعات الألفاظ الموهمة لمثل هذا الخطأ، مع إمكانه أن يسلك سبيلا آخر أحفظ للسانه، وأبعد عن المآخذ والإيهام، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
* * *