الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعد بطائفة ناجية
فضيلة الشيخ
عثمان الصالح
رئيس التحرير
كان عبد الرحمن بن شماسة المهري عند مسلمة بن مخلد وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص.
فقال عبد الله: لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق هم شر من أهل الجاهلية لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم. . !
فقال له مسلمة: يا عقبة اسمع ما يقول عبد الله.
فقال عقبة: هو أعلم. وأما أنا فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم. . لا يضرهم من خالفهم. . حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك (1)» *
(1) صحيح مسلم ص68 - المجلد السابع - 13 - 14.
فقال عبد الله: أجل! ثم يبعث الله ريحا كريح المسك مسها مس الحرير فلا تترك نفسا في قلبه مثقال حبة من الإيمان إلا قبضته.
ثم يبقى شرار الناس. . عليهم تقوم الساعة (1).
فهذا إذن أمل بوعد.
ممن؟؟
من رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بماذا؟
بطائفة. . أو عصابة. . أو قوم.
البخاري يصفهم فيقول: هم أهل العلم. .
وأحمد بن حنبل يقول: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم؟
ويقول القاضي عياض: إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة.
أما النووي فيقول: يحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين. وألفت نظرك قارئي العزيز وأخي في الإسلام إلى كلمة: أنواع المؤمنين، ذلك أننا إذا عدنا للنووي رحمه الله وجدناه يصنفهم. . ويعدد أنواعهم فماذا يقول؟
إنه يقول: إنهم
1.
شجعان مقاتلون.
2.
فقهاء.
3.
محدثون.
4.
زهاد.
5.
آمرون بالمعروف وناهون عن المنكر.
ويستطرد فيقول: ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونوا متفرقين في أنحاء الأرض أخرجه مسلم.
(1) صحيح مسلم صفحة 68 جـ 7 - 13 - 14.
- ألا ترى أن أمتنا الحبيبة محتاجة أشد ما تكون الحاجة إلى هذه النوعية من المؤمنين.
- تحتاج كل نوع على حدة.
- ثم هي في أمس الحاجة لمن تتجمع فيه هذه الصفات أو بعضها.
- ألا نفتقر للفقيه مقاتلا.
- وإلى الزاهد آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر.
- وإلى الشجاع الفقيه المحدث الزاهد الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.
ثم إذا عدنا فنظرنا لذلك نظرة زمن نعاصره.
أفلا ترانا نحتاج للصحافي فقيها. .
والطبيب زاهدا.
وإلى الجندي في الجيش آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر. .
وإلى الموظف خلف مكتبه مخلصا لله متفانيا في خدمة جمهوره من المسلمين لا يبتغي من وراء ذلك جزاء ولا شكورا. . !!.
* * *
نحن موعودون إذن بقوة متصلة تقاتل على أمر الله.
وعد محقق. .
كان في الماضي. .
ويقوم في الحاضر. .
وسوف يكون في المستقبل. .
يعبر عن ذلك وعده صلى الله عليه وسلم المكنون في كلمة: لا تزال. .
كما أننا من جانب آخر لدينا أمل محقق بوعد منه أيضا صلى الله عليه وسلم بالتجديد. .
واسمع الحديث وتذاكر معي مغزى أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتقل إلينا عبر العصور. .
وماذا أراد بأن يوحي في قلوب المؤمنين به.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها (1)» وقال الخطيب في التاريخ: وقد اعتمد الأئمة في هذا الحديث، فروينا في المدخل للبيهقي بإسناده إلى الإمام أحمد أنه قال بعد ذكره إياه: فكان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز وفي الثانية الشافعي.
وعده صلى الله عليه وسلم بالتجدد على رأس كل مائة عام تحتاج لتأمل. .
فحضارتنا الإسلامية لن ينطبق عليها ما يقال عن الحضارات من طفولة يعقبها شباب فكهولة.
كلا. . وإنما هو التجدد. .
ومعنى هذا أيضا
أن هذه الأمة لا تيأس
أو أنه لا ينبغي لها أن يصيبها اليأس.
فطالما أنه لا تزال فيها طائفة أو عصابة أو فريق يقاتل على أمر الله يقهر عدونا. .
ولا يضره من خالفه. .
فكيف يتسلل إلينا اليأس؟؟
(1) أخرجه أبو داود والحاكم في المستدرك وصححه والطبراني في الأوسط بإسناد صحيح وأخرجه الذهبي في التلخيص.
والواجب الثاني. . والذي يتفرع عن وجود هذه الطائفة والتي يؤكدها حديثه صلى الله عليه وسلم المروي عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة (1)»
وفي رواية أخرى عند أبي داود «اثنتان وسبعون في النار. . وواحدة في الجنة وهي الجماعة (2)»
ومعنى هذا واضح. . فأمتنا ستفترق. . وستفترق على اثنتين وسبعين فرقة. . . ورغم ذلك فالوعد قائم. . بالتجديد والطائفة الناجية. .
وواجب على العلماء خاصة والمسلمين عامة أن يفتش كل منهم. . وأن يكد بحثا عن الفرقة الناجية ليجعل موقفه بجوارها. .
وأن يسخر قلبه وعقله ولسانه وماله للوقوف إلى جوار الحق حيثما كان موضعه لا يؤخره عن ذلك
ارتباط بعرق. .
أو جاه. .
أو مال. .
أو وطن. .
هذا واجب بالبحث تقف له بالمرصاد زينة الشهوات المبثوثة من الشيطان ونسله في عصرنا الحاضر. .
(1) سنن أبي داود ج4 ص197، 198 كتاب السنة باب شرح السنة.
(2)
سنن أبو داود السنة (4597)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 102)، سنن الدارمي السير (2518).
(3)
سورة آل عمران الآية 14
تلك الشهوات لم تتغير. .
ولا نظنها تتغير. .!
شهوات عصرهم. . شهوات عصرنا. .
وهم قد اجتازوها فكانوا. .
ونحن نأمل من بعدهم أن نجتازها فنكون.
هذا واجب فردي يتم بالمناجاة الخالصة بين كل منا وربه. .
والواجب الثالث وهو مرتب على الواجب الثاني.
ألا يكتفي المسلم منا بالوقوف إلى جوار الفرقة الناجية بعد البحث والتقصي بقلبه وعقله وبمشاعره ومواقفه. . ولكن عليه أيضا أن يدعو الآخرين إلى سبيل ربه فالمسلم مرتبط ارتباطا عضويا بكل مسلم آخر، تتهاوى أمام هذا الارتباط الجبال وتعبر البحار والمحيطات. . وتلغى الحدود وتتحطم العصبيات.
وهذا واجب دعوة من جانب وتصحيح من جانب آخر يجعلنا مسئولين مسئولية مباشرة عما يحدث في البيت والشارع والمدرسة وأجهزة الإعلام من النشرة والكتاب إلى المذياع والتلفاز. .
والكلمة في هذا منطوقة أو مكتوبة أمانة ومسئولية باهظة لا نقف حيالها مكتوفي الأيدي خرس الألسن. .
والكلمة لها في ضميرنا المسلم ما لها من خطورة التأثير المتنامي في دورة حياة المجتمع كله.
واسمع هذا الحديث الشريف مصداقا لما نقول، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي بها بالا يرفعه الله بها درجات (2)» . . .
«وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي بها بالا يهوي بها في جهنم (3)» .
إلى هذا الحد تكون الكلمة. . تقدمه إلى طريق الجنة أو تهوي به في النار. .
أليست الكلمة تؤدي إلى القرار. . والقرار إلى القرار يشكل مصير أمة.
وهكذا يجري كل ذلك في باطن هذه الأمة، وبالحيوية التي تجري في عروقها وبروحها المتدفقة بالحب الشامل تحمل العطاء النابض بالرحمة والبر كافة للعالمين.
وكما يقول صلوات الله وسلامه عليه: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه (4)» . .
وهكذا فإنه من هذه البلاد
المملكة العربية السعودية. .
قادة ودعاة للحق بأفكارهم تنطلق هذه المجلة
من هيئة كبار علمائها. .
(1) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان.
(2)
صحيح البخاري الرقاق (6478)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 334)، موطأ مالك كتاب الجامع (1849).
(3)
صحيح البخاري الرقاق (6478)، صحيح مسلم الزهد والرقائق (2988)، سنن الترمذي الزهد (2314)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 334)، موطأ مالك كتاب الجامع (1849).
(4)
صحيح مسلم كتاب البر والصلة، باب فضل الرفق جزء 4 ص2004
ومن الرئاسة العامة لبحوثها. .
نداء لكل مسلم في أرجاء المعمورة. . تدعوه بحق أن يقرأ ما فيها وليرى قبسا من الدين وضوءا من الحق سداه ولحمته
(لا إله إلا الله محمد رسول الله).
هذه نفثات قلب يتأمل أحوالنا نحن معشر المسلمين. .
وهو حديث الروح للأرواح يأمل أن يسري وأن تدركه القلوب بلا عناء وأن تلتقطه آذان واعية. .
وأن تتفتح له قلوب تنعطف للإسلام روحا وليس شكلا ميتا
وهو إذ يرى ما يحتاج المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها وهو كثير لا يجفل. .!
ولا ييأس. .
لا ييأس. . لأنه يوقن أن حل كل ذلك بين أيدينا. .
وهو على الأصح في أعماق قلوبنا. .
وهو حل سهل ميسور
ذلك أن في أجسادنا مضغة. . إذا صلحت صلح الجسد كله
ألا إنها القلب. .
ألا إنها القلب. . .
ألا إنها القلب. . .
ولا يصلح القلب إلا التزام صادق صاف بعقيدتنا
وبهذا نسترد دورنا في قيادة الإنسانية
وبذلك تشرق شمس الإسلام على عالمنا من جديد
ولنتل معا قوله سبحانه وتعالى وقوله الحق:
وقوله تعالى {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (2).
(1) سورة النور الآية 55
(2)
سورة المجادلة الآية 21