الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي هذا دليل على عناية الشافعي رحمه الله بحالة هذا الأثر، وقد ناقش ابن التركماني ما ذكره البيهقي في السنن الكبرى عن الشافعي من ناحية كون الأثر من رواية الحارث الأعور وادعوا جهالته فقال: قلت: لم يذكر أحد فيما علمنا أن الشعبي رواه عن الحارث الأعور غير الشافعي ولم يذكر سنده في ذلك وقد رواه الطحاوي بسنده عن الشعبي عن الحارث الأعور غير الشافعي ولم يذكر سنده في ذلك وقد رواه الطحاوي بسنده عن الشعبي عن الحارث الوادعي هو ابن الأزمع وسيأتي أن مجالدا رواه عنه الشعبي كذلك ورواية أبي إسحاق لهذا الأثر عن الحارث هذا عن عمر أمارة على أنه الواسطة لا الحارث الأعور كما زعم الشافعي ورواه أيضا عبد الرزاق (1)، عن الثوري عن منصور عن الحكم عن الحارث بن الأزمع والحارث هذا ذكره أبو عمر وغيره في الصحابة وذكره ابن حيان في ثقات التابعين ثم إن الحارث الأعور وإن تكلموا فيه فليس بمجهول كما زعم الشافعي بل هو معروف روى عنه الطحاوي والشعبي والسبيعي وغيرهم (2) اهـ.
* * *
(1) المصنف ج10 ص35.
(2)
الجوهر النقي بذيل السنن الكبرى ج8 ص120.
التاسع
خلاف العلماء فيمن يقتل بالقسامة إذا كان المدعى عليه أكثر من واحد
اختلف أهل العلم في هذه المسألة فمنهم من ذهب إلى أنه لا يقتل إلا واحد ومنهم من ذهب إلى أنه يستحق بها قتل جماعة، ومنهم من ذهب إلى العدول إلى الدية.
أما المذهب الأول فقال مالك رحمه الله: لا يقتل في القسامة إلا واحد لا يقتل فيها اثنان، وقال الباجي رحمه الله: على ذلك لا خلاف في المذهب أنه لا يستحق بالقسامة إلا قتل رجل واحد خلافا للشافعي في أحد قوليه. والدليل على ما نقوله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم (1)» .
ومن جهة المعنى أن القسامة أضعف من الإقرار والبينة وفي قتل الواحد ردع، قال القاضي أبو محمد المنتقى (2). وقال ابن قدامة رحمه الله: لا يختلف المذهب أنه لا يستحق بالقسامة أكثر من قتل واحد وبهذا قال الزهري ومالك وبعض أصحاب الشافعي قال بعد ذكر مذهب آخر سيأتي، ولنا قول النبي - صلى الله
(1) صحيح البخاري الأحكام (7192)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (1669)، سنن الترمذي الديات (1422)، سنن النسائي القسامة (4715)، سنن أبو داود الديات (4521)، سنن ابن ماجه الديات (2677).
(2)
ج7 ص54 ويرجع إلى عارضة الأحوذي ج7 ص193.
عليه وسلم -: «يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع إليكم برمته (1)» فخص بها الواحد؛ ولأنها بينة ضعيفة خولف بها الأصل في قتل الواحد فيقتصر عليه ويبقى الأصل فيما عداه، وبيان مخالفة الأصل بها أنها ثبتت باللوث واللوث شبهة فغلبه على الظن صدق المدعى والقود يسقط بالشبهات فكيف يثبت بها ولأن الأيمان في سائر الدعاوي تثبت ابتداء في جانب المدعى عليه وهذا بخلافه وبيان ضعفها أنها تثبت بقول المدعى ويمينه مع التهمة في حقه والشك في صدقه وقيام العداوة المانعة من صحة الشهادة عليه في إثبات حق لغيره فلأن يمنع منه قبول قوله وحده في إثبات حقه أولى وأحرى (2).
أما المذهب الثاني فقال ابن قدامة رحمه الله وقال بعضهم أي بعض أصحاب الشافعي: يستحق بها قتل الجماعة. لأنها بينة موجبة للقود فاستوى فيها الواحد والجماعة كالبينة وهذا نحو قول أبي ثور. وقد ناقش ابن قدامة ذلك فقال وفارق البينة فإنها قويت بالعدد وعدالة الشهود وانتفاء التهمة في حقهم من الجهتين وفي كونهم لا يثبتون لأنفسهم حقا ولا نفعا ولا يدفعون عنها ضرا ولا عداوة بينهم وبين المشهود عليه ولهذا لا يثبت بها سائر الحقوق والحدود التي تنفي الشبهات (3).
وأما المذهب الثالث: فقال النووي: قال الشافعي: إذا ادعوا على جماعة حلفوا عليهم وثبتت عليهم الدية على الصحيح عند الشافعي وعلى قول إنه يجب القصاص (4). وقد مضى أن الشافعي رحمه الله لم يوجب الدم في القسامة ومضت أدلة ذلك ومناقشتها هذا ما تيسر ذكره والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب الرئيس
…
الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع
…
عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
(1) صحيح البخاري الأحكام (7192)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (1669)، سنن الترمذي الديات (1422)، سنن النسائي القسامة (4711)، سنن أبو داود الديات (4520)، سنن ابن ماجه الديات (2677)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 3)، موطأ مالك القسامة (1630)، سنن الدارمي الديات (2353).
(2)
المغني ج8 ص506.
(3)
المغني ج8 ص508.
(4)
شرح النووي على مسلم ج11 ص149.
قرار
رقم 41 وتاريخ 13/ 4 / 1396هـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه، وبعد:
ففي الدورة الثامنة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بمدينة الرياض في النصف الأول من شهر ربيع الآخر عام 1396هـ اطلع المجلس على ما سبق أن أجله من الدورة السابعة إلى الدورة الثامنة من بحث القسامة، هل الورثة هم الذين يحلفون أيمان القسامة أو أن العصبة بالنفس هم الذين يحلفون ولو كانوا غير وارثين إذا كانوا ذكورا بالغين عقلاء؟
وبعد استماع المجلس ما سبق أن أعد في ذلك من أقوال أهل العلم وأدلتهم ومناقشتها وتداول الرأي قرر المجلس بالأكثرية أن الذي يحلف من الورثة هم الذكور البالغون العقلاء ولو واحدا سواء كانوا عصبة أو لا لما ثبت في الصحيحين من حديث سهل بن أبي حثمة في قصة قتل اليهود لعبد الله بن سهل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن بن سهل: «أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ " قالوا: لا، وفي رواية: " يقسم منكم خمسون رجلا (1)» ولأنها يمين في دعوى حق فلا تشرع في غير حق غير المتداعين كسائر الأيمان وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه سلم.
هيئة كبار العلماء
(1) صحيح البخاري الأحكام (7192)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (1669)، سنن الترمذي الديات (1422)، سنن النسائي القسامة (4715)، سنن أبو داود الديات (4521)، سنن ابن ماجه الديات (2677).