الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الموضوع الثاني
بيان أقسام التشريح والضرورة الداعية إلى كل منها
وما يترتب على ذلك من مصالح
ينقسم التشريح من حيث الغرض منه ثلاثة أقسام:
أ - التشريح لمعرفة سبب الوفاة عند الاشتباه في جريمة، ويسمى الطب الشرعي.
ب - التشريح لمعرفة سبب الوفاة عموما، ويسمى التشريح المرضي.
ج _ التشريح لمعرفة تركيب الجسم وأعضائه وغير ذلك من أجل تعلم الطب عموما.
وليس المقصود من البحث الاستقصاء في معرفة تفاصيل ما كتب عن هذه الأقسام؛ إذ ليس الغرض تعلم أنواع التشريح أو نوع منه، وإنما المقصود معرفة الحاجة إليه ومداها، وما يترتب عليه من مصالح عامة أو خاصة تحول الحكم عليه بالمنع أو الجواز، فكان من المناسب، الوقوف بالبيان عند الحد الذي يمكن معه الحكم.
ففي القسم الأول يقوم الطبيب الشرعي بتشريح الجثة عند الاشتباه في جريمة ليعرف ما إذا كانت الوفاة بخنق أو وخز أو ضرب بمحدد أو سقي سم أو غير ذلك من ألوان الاعتداء، فتثبت الجريمة في نفسها ثم يبحث في المتهم عن أمارات قد تصله بالجريمة أو تنتهي إلى اعترافه بها، وفي هذا إثبات للحق والحد من الاعتداء وردع من تسول له نفسه أن يقتل خفية أو بوسائل يرى فيها الخلاص من ضبطه وعقوبته، وبهذا تحقن الدماء وتحفظ النفوس ويعم الأمن والاطمئنان، وقد ينتهي التشريح بإثبات الوفاة بسبب عادي لا اعتداء فيه أو باعتداء من الشخص على نفسه، ويتأكد ذلك بمعرفة أحواله والأمور الملابسة له مما قد يحدث له أزمات ومضايقات نفسية؛ وبهذا تذهب الظنون والأوهام، ويخلى سبيل المتهم، وربما يعثر على بعض الجثة، وبالبحث عن باقيها يعثر
على أجزاء أخرى قد تكون منها، وقد تكون من غيرها، فيعرف الطبيب الشرعي بالتشريح أوصاف كل جزء ومميزاته من حيث السن والذكورة والأنوثة، وطول العظام وقصرها وخواص الجلد، وما إلى ذلك من الأوصاف المميزة، وقد يتوصل بذلك إلى أن الأجزاء من جثة واحدة أو أكثر، وربما انتهى الأمر بالبحث والاستقصاء إلى نتيجة تعود على أولياء الدم بالخير، وعلى الأمة بالأمن والاطمئنان.
وفي القسم الثاني من التشريح يعرف الطبيب المرض الذي سبب الوفاة وقد تكثر الوفاة بسبب هذا المرض ويخشى على الأمة انتشار الوباء فيها، فيبلغ الطبيب أولياء الأمور ليقوموا بما يلزم للحد من انتشار هذا المرض أو القضاء عليه.
وفي القسم الثالث يقوم الطلاب بتشريح أجسام الموتى تحت إشراف الأطباء لمعرفة تركيب الجسم وأعضائه الظاهرة ومفاصلها، ومعرفة أجهزته ومكان كل جهاز منها ووظيفته وحجمه ومقاسه صحيحا أو مريضا، وعلامة مرضه وكيفية علاجه وغير ذلك مما يحتاج إلى معرفته طلاب كلية الطب في مراحل الدراسة للنهوض بهم علميا وعمليا، وإعدادهم لخدمة الأمة في مختلف الجوانب الصحية، ووقاية منها، وتشخيصا وعلاجا لها.
هذه وغيرها هي الدواعي التي دعت المسئولين عامة وعلماء الطب خاصة إلى الإقدام على تشريح جثث الموتى، وترخص للمسلمين منهم في ذلك مع اعتقادهم حرمة المسلم ومن في حكمه ووجوب تكريمه، لكن هل يكفي ذلك مبررا للتشريح ومرخصا فيه أو موجبا له؟ هذا مما يتبين إن شاء الله بعد بحث الموضوعات التالية.