المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌العدد الثالث عشر - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ١٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثالث عشر

- ‌القدس وفلسطينبين معاناة الاحتلال ومقاومته

- ‌مسارب العدوان في الفكر الصهيونيوأثرها في التعرض للمقدسات الإسلاميةإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌فلسطين العربية الإسلامية

- ‌حقوق الإنسان في الإسلام

- ‌حقوق الإنسانبينالإعلانين الإسلامي والعالميوالدستور الإسلامي الإيراني

- ‌حقوق الإنسان في الإسلام

- ‌الإسلام وحقوق الإنسانفي ضوء المتغيرات العالمية

- ‌التشريع الجنائي الإسلامي وحقوق الإنسان

- ‌حقوق الإنسان وحرياتهفي النظام الإسلامي وتأصيله الشرعي

- ‌حقوق الإنسان في الإسلامإعدادالأستاذ طاهر أحمد مولانا جمل الليل

- ‌حقوق الإنسان في الإسلامإعدادالدكتور محمد فتح الله الزيادي

- ‌استثمار الأوقاف في الفقه الإسلاميإعداد أ. د محمود أحمد أبو ليلأستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانونبجامعة الإمارات العربية المتحدة – قسم الدراسات الإسلاميةوالدكتور محمد عبد الرحيم سلطان العلماء

- ‌وقف النقودفي الفقه الإسلاميإعدادالأستاذ الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌استثمار موارد الأوقاف(الأحباس)إعداد الشيخ حسن الجواهري

- ‌استثمار الوقفوطرقه القديمة والحديثةإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌الوقف النقديمدخل لتفعيل دور الوقف في حياتنا المعاصرةإعدادالدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌المؤسسة الوقفية المعاصرةتأصيل وتطويرإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌الأوقاف "الأحباس"وأحكامها وأقسامها ومواردها ومصارفهاإعدادسماحة الشيخ عبد الله سليمان بن منيع

- ‌استثمار موارد الأوقاف(الأحباس)إعدادالشيخ خليل الميس

- ‌تنمية واستثمارالأوقاف الإسلاميةإعدادالدكتور ناجي شفيق عجم

- ‌زكاة الزراعة - زكاة الأسهم في الشركات - زكاة الديونإعدادالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌زكاة الديونإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌زكاة الزراعة- زكاة الأسهم في الشركات- زكاة الديونإعدادالدكتور أحمد الندوي

- ‌زكاة الزراعة- زكاة الأسهم في الشركات- زكاة الديونإعدادالشيخ الدكتور الطيب سلامة

- ‌المشاركة المتناقصة وصورها في ضوء ضوابط العقود المستجدةإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌المشاركة المتناقصة وصورها في ضوء ضوابط العقود المستجدةإعدادالأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌المشاركة المتناقصة وأحكامهافي ضوء ضوابط العقود المستجدةإعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌المشاركة المتناقصةطبيعتها وضوابطها الخاصةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌المضاربة المشتركة فيالمؤسسات المالية الإسلامية المعاصرةإعدادفضيلة القاضيمحمد تقي العثماني

- ‌القراض أو المضاربة المشتركةفي المؤسسات المالية(حسابات الاستثمار)إعدادالدكتور عبد الستار أبو غدة

- ‌القراض أو المضاربة المشتركة في المؤسسات المالية الإسلامية(حسابات الاستثمار المشتركة)إعدادأ. د أحمد الحجي الكردي

- ‌المضاربة المشتركة في المؤسسة المالية الإسلامية(حسابات الاستثمار المشتركة)إعدادد. حسين كامل فهمي

- ‌المضاربة المشتركةفي المؤسسات المالية الإسلامية المعاصرةإعدادأ. د قطب مصطفى سانو

- ‌التأمين الصحيوتطبيقاته المعاصرةفي ضوء الفقه الإسلاميإعدادالمستشار محمد بدر المنياوي

- ‌التأمين الصحيواستخدام البطاقات الصحيةإعداد الشيخ محمد علي التسخيري

- ‌التأمين الصحيإعدادالبروفيسور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌التأمين الصحيإعدادالدكتور محمد هيثم الخياط

- ‌التأمين الصحيواستخدام البطاقات الصحيةإعدادالدكتور محمد جبر الألفي

- ‌التأمين الصحيإعداد الدكتور العلي القري

- ‌التأمين الصحيإعدادالقاضي مجاهد الإسلام القاسمي

الفصل: ‌العدد الثالث عشر

‌العدد الثالث عشر

ص: 1

كلمة

لمعالي السيد أحمد بن عبد الله المري

وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية

بدولة قطر

تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الذي جعل النفرة للاجتهاد والفقه في الدين، ووعي الظروف المحيطة، وإدراك المتغيرات سبيل الحذر للأمة، وتحقيق الوقاية، فقال تعالى:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] .

والصلاة والسلام على نبي الرحمة الذي جعل خيرية الفرد والأمة منوطة بالفقه في الدين، فقال:((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) [أخرجه البخاري] .

وبعد:

فهذا العدد الثالث عشر من مجلة مجمع الفقه الإسلامي بأجزائه الثلاثة، الذي يتضمن بحوث الدورة الثالثة عشرة التي انعقدت في دولة الكويت، تضطلع بطباعته وتوزيعه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على نفقة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني - حفظه الله - إضافة إلى طباعة القرارات والتوصيات أيضاً، التي اتخذها المجمع في دوراته السابقة جميعاً، وذلك بمناسبة استضافة دولة قطر لانعقاد الدورة الرابعة عشرة في الدوحة، بتاريخ 8 - 13 ذو القعدة 1423 هـ / الموافق 11 - 16 يناير 2003 م، والتي سوف يناقش العديد من الفقهاء والعلماء والخبراء فيها مجموعة من القضايا والمشكلات، من مثل:

ص: 2

- الحق الإنساني والعنف الدولي.

- الوراثة والهندسة الوراثية والجينوم البشري.

- النظام العالمي الجديد، العولمة والتكتلات الإقليمية وآثارها.

في محاولة للنظر فيها من الناحية الشرعية، والكشف عن الحكم الشرعي، لاتخاذ القرار المجمعي المناسب، وإصدار التوصيات الملائمة.

ولا نرى أننا هنا بحاجة للتذكير بمجموعة القضايا المهمة، التي عرض المجمع لمناقشتها، واتخاذ القرارات بشأنها، وما حققت لعالم المسلمين من استبانة الطريق الشرعي، لكيفية التعامل معها، وفقاً للأحكام الشرعية، فذلك موجود في مظانه من مطبوعات المجمع.

ولعلنا نقول: بأن النفرة للفقه في الدين، التي يضطلع بها المجمع، ويحيى بذلك الفرض الكفائي، استجابة لقوله تعالى:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] . سوف تحقق الحذر للأمة المسلمة، وتؤمن لها الوقاية من السقوط في المحظورات الشرعية، في عملها، وتعاملها، على حد سواء.

إن التوجه صوب العمل المؤسسي، وتوسيع قاعدته، لتتناسب مع حاجات الأمة، والنظر في مشكلاتها، واستكمال مقوماته من الخبرات العلمية والفقهية، والتخصصية في شعب المعرفة المتعددة، في العلوم الإنسانية، والاجتماعية، والارتقاء للنظر في المشكلات والقضايا الإنسانية، وبيان حكم الإسلام فيها، أصبح من الفروض الحضارية، وعلى الأخص بعد أن أصبح العالم قرية واحدة تقريباً، وبذلك يكون المجمع في مستوى خطاب الإسلام العالمي والإنساني، فقهاً وعطاءً، كما يكون في مستوى العصر وسيلةً وأداءً.

ذلك أن العمل المؤسسي بشكل عام، والإفادة من جميع الخبرات والتخصصات، وتقسيم العمل، وتكامل التخصصات جميعاً، أصبح سمة العصر.

ص: 3

ونحن المسلمين اليوم، في عصر العولمة أشد ما نكون حاجة إلى الاجتهاد الجماعي، والعمل المؤسسي، وتحقيق خلود الشريعة، وذلك بالاجتهاد وتحقيق قدرتها على الاستجابة لتطور الزمان، ومواكبة المتغيرات والمستجدات، والتطور السريع لإيقاع الأحداث، حيث لم يعد يتسع علم الفرد ولا عمره لمتابعة المشكلات، ناهيك عن الإحاطة بعلمها المطلوب للمجتهد، إضافة إلى أن الاجتهاد الجماعي إضافة إلى ما يحقق من الاقتراب من الحكم اليقيني، فإنه يجنب الأمة التبعثر وعثرات الاجتهاد الفردي المحتملة، ويحسن توظيف الاجتهادات الفردية في المجال الأكثر جدوى للأمة (الاجتهاد الجماعي) .

ومما يتميز به المجمع أيضاً أنه لم يقتصر على إصدار القرارات والتوصيات، فيما توصل إليه من النظر، وإنما عمل على نشر البحوث والدراسات، التي تطرح في دوراته جميعاً، الأمر الذي يساهم في خصوبة الذهن ومرونته، والارتقاء بقدراته، إضافة إلى بناء الملكة الفقهية، ذلك أن البحوث التي تنشر في مجلة المجمع، هي علم وتعليم في آن واحد.

كما لم يقتصر المجمع في عمله، على عقد الدورات، واستكتاب الفقهاء والعلماء، حول بعض القضايا التي يرى ضرورتها، والحاجة إليها، وإنما أصدر خلال مسيرته المباركة عدداً من المنشورات والكتب التراثية، من مثل: عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، وبلغة الساغب وبغية الراغب، والمدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد، والإشراف على مسائل الخلاف، وبطاقات الإقراض والسحب المباشر من الرصيد

إضافة إلى المشاريع العظيمة التي ينوي المجمع الامتداد بها واستكمالها.

ولا شك أن مثل هذا العمل الكبير والمؤسسي يحتاج إلى الدعم المالي والمعلوماتي، ليكون في مستوى إسلامه وعصره، ويضطلع بهذا الفرض الكفائي، فيساهم بحل المشكلات والأزمات الإسلامية والإنسانية.

والله ولي التوفيق

ص: 4

كلمة

مجمع الفقه الإسلامي

الدورة الثالثة عشرة / الكويت من 7 - 12 شوال 1422هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله المبعوث رحمة للعاملين، وعلى أصحابه الغر الميامين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

يطيب لمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة أن يقدم إلى أهل العلم ومحبيه من علماء وقضاة ومفتين وباحثين؛ العدد الثالث عشر من مجلة مجمع الفقه الإسلامي.

وقد ظفرت هذه الدورة الثالثة عشرة برعاية وعناية دولة الكويت حرسها الله ممثلة في أمير البلاد صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو ولي عهده رئيس مجلس الوزراء، وصاحب السمو وزير الخارجية، ومعالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، مجددين العهد، عهد المحبة والوفاء والود والإخاء بهذا البلد الكريم المعطاء، بعد أن سبق ورعى اجتماعنا في الدورة الخامسة عام 1409 هـ/ 1988م.

فإلى حضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت نزجي آيات الشكر والعرفان، ونرفع أكف الدعاء والرجاء، لله الكريم ذي الآلاء أن يحفظه وإخوانه وأعوانه ودولة الكويت الحبيبة من كل سوء وبلاء، وأن يكلأهم بعنايته ورعايته، وإحسانه وكرمه.

وقد استغرقت هذه الدورة أسبوعاً حافلاً بالمدارسات والمذاكرات، والمناقشات والمراجعات، والبحث والنظر، والتدقيق والتمحيص، لسبع موضوعات هي:

ص: 5

1 -

استثمار موارد الأوقاف.

2 -

زكاة الزراعة، زكاة الأسهم في الشركات، زكاة الديون.

3 -

المشاركة المتناقصة في ضوء العقود المستجدة.

4 -

القراض أو المضاربة المشتركة في المؤسسات المالية (حسابات الاستثمار) .

5 -

التأمين الصحي واستخدام البطاقات الصحية.

6 -

فلسطين العربية الإسلامية.

7 -

حقوق الإنسان في الإسلام.

وبلغ عدد البحوث المقدمة من الأعضاء والمستكتبين (44) بحثاً.

وبعد المناقشات والمداولات لتلك الموضوعات تكونت لجان لجمع الآراء والأفكار المتولدة عن البحث والدرس، واستعين بعدد من الأعضاء والخبراء لصياغة القرارات، فصدرت قرارات تختص بالموضوعات الخمسة الأولى.

وخص الموضوعان الأخيران ببيان لكل واحد منهما.

فإلى القراء الكرام نزف هذه الجهود وتلك النتائج في العدد الثالث عشر من مجلة مجمع الفقه الإسلامي في حلة بهية وثياب قشيبة، زاخرة بالعلم والمعرفة والاجتهاد الفردي والجماعي.

فاللهم تقبل وبارك، ووفق وسدد خطا العاملين في حقل الشريعة والفقه الإسلامي المعتدين بمنهجك، والمحافظين على سنة نبيك، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

رئيس مجلس المجمع الأمين العام للمجمع

الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

ص: 6

كلمة

حضرة صاحب السمو

الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح

أمير دولة الكويت

ألقاها نيابة عنه معالي وزير العدل

ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية

أحمد بن يعقوب باقر العبد الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الفاضل الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي

الأخ الفاضل رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي

أصحاب المعالي والفضيلة العلماء

الإخوة الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فإن من دواعي الفخر والسعادة أن أولاني حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الصباح - حفظه الله ورعاه - شرف الإنابة عن سموه في افتتاح هذه الدورة التي تعقد في الكويت تحت رعايته السامية.

ولولا ما ألم بسموه من مرض - عافاه الله منه - لكنا قد حظينا بشرف حضوره بيننا في هذا الحفل الكريم.

كما يطيب لي في هذا المقام أن أرحب بضيوف الكويت الكرام، رؤساء وأعضاء الوفود المشاركة في الدورة مقدراً لهم مشاركتهم البناءة، واضطلاعهم بأمانة غالية تحرص عليها أمتنا أبلغ الحرص، وتعنى بها كل العناية، ألا وهي أمانة تواصل الفقه الإسلامي وتجدده في الحياة والمعاملات.

أيها الإخوة الكرام..

إن هذه هي المرة الثانية التي يعقد فيها مؤتمركم في الكويت، وهو شرف لنا نعتز ونفتخر به.

ص: 7

ولا يخفى عليكم اهتمام دولة الكويت بقيادة حضرة صاحب السمو أمير البلاد، بالشريعة الإسلامية وبالقائمين على شؤونها.

وقد كان لسموه بادرة الدعوة إلى استكمال تطبيق الشريعة الإسلامية بالنسبة لجميع التشريعات الكويتية، فأصدر سموه المرسوم الأميري رقم (139) لسنة 1991م بتشكيل لجنة عليا لهذا الغرض، وهي اللجنة العليا للعمل على استكمال تطبيق الشريعة الإسلامية، لتقوم بمراجعة التشريعات القائمة وتنقيحها من كل ما يخالف أحكام الشريعة الغراء.

كما صدرت بتوجيهاته - حفظه الله - في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مجموعة الموسوعة الفقهية، والتي سيصدر الجزء الأخير منها بعون الله خلال هذا العام.

كما أنشأ سموه المسابقة الكبرى لحفظ القرآن الكريم التي تتولاها الأمانة العامة للأوقاف في الكويت.

ولا شك أنكم في هذه الدورة بما ستقدمونه من البحوث والدراسات ستستكملون مسيرة هذه الجهود في مجالات المعاملات المختلفة المعروضة عليكم إن شاء الله تعالى.

ونرجو أن تكون محاور ونتائج مؤتمركم هذا نبراساً يضئ معالم الطريق لتطبيق أحكام الفقه الإسلامي في أهم المجالات الاقتصادية ومنها:

استثمار وتنمية موارد الأوقاف، والزكاة في الزراعة وأسهم الشركات والديون، والقراض أو المضاربة المشتركة في المؤسسات المالية

وغيرها.

وختاماً فلكم جميعاً جزيل الشكر والتقدير على إسهامكم بجهودكم المتميزة في هذه الدورة، وحضوركم إلينا في الكويت، فمرحباً بكم بين إخوانكم، مثرين العلم الإسلامي بجهودكم، متمنياً لكم دوام النجاح والتوفيق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

• * *

ص: 8

كلمة

معالي الشيخ الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد:

فأبشروا وأملوا من ربكم خيراً، ففي عامة ديار الإسلام وممالكه وجه مشرق للدعوة إلى الإسلام، فنحن الآن في دولة الكويت يصدر أمر صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح، بتأليف لجنة لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، أثابه الله وجزاه أحسن الجزاء وأوفاه.

ومن فضل الله أن تكون هذه اللجنة برئاسة فضيلة الفقيه الأستاذ الشيخ خالد المذكور.

وامتداداً لهذا الأثر النفيس والعمل المبارك إضافة هذه الدولة هذا المجمع للمرة الثانية، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا في موازين حسناته وأن يجزيهم أحسن الجزاء وأوفاه.

ونشكر لصاحب المعالي وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية قيامه ورجال وزارته بهذه الجهود المباركة لاستقبال رجال هذا المجمع وعمل التجهيزات اللازمة له.

ص: 9

أصحاب المعالي،

أيها العلماء:

من البشارة بالخير أن أعلن بعض ما يقوم به المجمع من الآثار العلمية، فسوف يكون خلال الشهور القريبة الآتية بين يديكم إن شاء الله تعالى ستة وعشرين مجلداً، منها: ثمانية مجلدات لآثار شيخ الإسلام ابن تيمية وما لحقها من أعمال، فهذا المشروع المبارك لما لم يطبع من آثاره، إذ وجدنا نحو ثمانية آلاف ورقة، ووجدنا كتباً عدة لم يسبق طبعها، وثمانية مجلدات استدراكات على تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين، وعشرة مجلدات من كتب الشيخ الحافظ ابن قيم الجوزية، رحم الله الجميع.

هذا وباسمي وباسم الأمانة ورجال المجمع من أعضائه وخبرائه وباحثيه نبدي خالص الشكر والتقدير لحكومة هذه البلاد ممثلة في سمو أميرها وسمو ولي عهده الشيخ سعد العبد الله الصباح.

ونسأل الله للجميع التوفيق والسداد وصالح الأعمال، والله يحفظنا وإياكم بالإسلام.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

• * *

ص: 10

كلمة

معالي الدكتور عبد الواحد بلقزيز

الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي

ناب عنه الأمين العام المساعد

للشؤون السياسية والأقليات الإسلامية

الأستاذ عزت كامل مفتي

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

صاحب المعالي الأستاذ أحمد يعقوب باقر العبد الله وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية.

صاحب المعالي الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلامي.

صاحب المعالي الشيخ د. محمد الحبيب ابن الخوجه الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي.

أصحاب المعالي والفضيلة والسعادة.. أيها الحفل الكريم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليشرفني أن أشارك معكم في هذا الاجتماع أصالة عن نفسي، نيابة عن معالي الدكتور عبد الواحد بلقزيز الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي كان يتمنى أن يشارك في هذا اللقاء المبارك شخصياً لولا ارتباطاته الملحة المسبقة في عدد من دول العالم.

كما يشرفني الإنابة عن معاليه أيضاً في إلقاء كلمة معاليه الغالية إلى مؤتمركم الموقر.. شاكراً لكم كريم الدعوة، وراجياً من المولى العلي القدير أن يكلل اجتماعكم المبارك بالتوفيق والسداد، وأن يحقق دائماً على طريق الخير خطانا.. إنه نعم المولى ونعم النصير.

ص: 11

السيد الرئيس

أصحاب المعالي والفضيلة والسعادة

أيتها السيدات والسادة

أتشرف اليوم بالمشاركة معكم في هذا اللقاء الإسلامي الكبير بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي في هذا البلد العريق، معتزاً وفخورا ًبأن أتوجه إلى قادة الكويت وشعبها العظيم وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، بأصدق عبارات الشكر والعرفان وأبلغها على هذا الحدب والرعاية اللتين ما فتئ سموه يخص بهما منظمة المؤتمر الإسلامي وأجهزتها المختلفة، مقدراً دورها ومشجعاً نشاطاتها. وأرى من واجبي في هذا المقام أن أنوه بالدور الذي اضطلعت به دولة الكويت في دعم العمل الإسلامي المشترك وإسهاماتها المستمرة منذ إنشاء المنظمة إلى يومنا هذا.

فلقد كان للكويت شرف احتضان العديد من اللقاءات الإسلامية، وعلى مختلف المستويات، التي كان لها أبلغ الأثر في توجيه مسيرة شعوبنا الإسلامية، ولم تتوان قط عن النهوض بمسؤولياتها وأداء دورها الإسلامي في أحلك الظروف وفي أية مناسبة، سواء أكان في شرق العالم الإسلامي أو في غربه. كل ذلك بفضل حكمة صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح، وصدق انتمائه الوطني والإسلامي. فالله أسأل أن يعيد عليه كامل صحته ويمد في عمره ذخراً للأمة والدين.

والشكر واجب موصول لمعالي الأخ الأستاذ أحمد يعقوب باقر العبد الله، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية.

كما يطيب لي في هذا المقام أن أتوجه بعبارات الترحيب بالسادة أصحاب المعالي والسماحة والفضيلة أعضاء المجمع وكافة المشاركين الذين تحملوا مشاق السفر من أجل الإسهام في أعمال هذه الدورة.

ص: 12

أيها السادة:

سوف نودع بعد أيام قليلة اثني عشر شهرا ًمضت من القرن الجديد الحادي والعشرين بعد توديعنا للقرن العشرين، واستقبال هذا القرن مناسبة فريدة للتأمل في حاضر العالم الإسلامي والتطلع إلى مستقبله.

إن دورتكم التي تنعقد في مستهل هذا القرن لفرصة من أفضل الفرص لتوضيح الرؤية لأبناء العالم الإسلامي والإجابة على التساؤل الذي يشغل بال الأمة اليوم، وهو كيف يستقبل العالم الإسلامي القرن الحادي والعشرين علمياً وثقافياً ودينياً دون التفريط في تراث ماضيه المجيد، وكيف يمهد علماء الأمة وفقهاؤها الطريق الصحيح للأمة؟

إن لنا فيمن سبق من أسلافنا العلماء في القرن الماضي أسوة حسنة، إذ أبلوا البلاء الحسن في إعلاء كلمة الإسلام وتنقيته من رواسب الجمود والبدع، كي يكون الدين في الزمن المعاصر أدخل وأعلق بمصالح العباد.

ألم تعلن بعض القوى العالمية في القرن الماضي حرباً هوجاء كما هو الحال اليوم على الإسلام وأهله، متهجمة عليه كأعنف ما يكون التهجم، لا لشيء إلا لأنه تأسست على أركانه حضارة شامخة وقفت حجر عثرة في وجه قوى الطمع والاستغلال والشر كافة، وأنتم أيها السادة أعلم الناس بالمساجلات والمناظرات التي دارت في الماضي بين رجال العلم المسلمين وبين من ناصبوهم العداء وألصقوا بهم صفة الجمود والتعارض مع العلوم والتطور والتمدن، فما أشبه الليلة بالبارحة.

لقد شهدت السنوات الأخيرة من القرن المنصرم ومطلع هذا القرن بروز ظاهرة العولمة التي تتربع على عرشها الدولة العظمى المتفردة بقوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتدور في فلكها توابع أخرى كثيراً ما تناصب العداء للإسلام.

ص: 13

إن دورتكم الموقرة تنعقد في ظروف بالغة الدقة والحساسية، تفاقم فيها التحدي لوجودنا أكثر من أي وقت مضى، لأن العدوان الواقع علينا اليوم يهدد أسس مصيرنا، ويضعنا في واقع كالح، مما يحتم علينا الوقوف صفًا واحدًا متراصًّا، عاقدين العزم على الذود عن مقدساتنا وتراثنا دولًا وشعوبًا.

إنكم ترون مدى مبلغ الصلف والغرور لدى العدو الصهيوني واستفحال غريزة العدوان الجنونية لديه، هذا العدو الذي يضع المنطقة كلها على شفير انفجار مدمر مستمر في حرب الإبادة التي يشنها على الشعب الفلسطيني الباسل ظلمًا وجورًا، مستندًا في غروره وعربدته إلى ما يتمتع به من دعم أجنبي أعمى وغير مشروط عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا.

وإلى جانب فلسطين دار قتال شرس وحرب ضبابية الأهداف على أرض أفغانستان الإسلامية المنكوبة، اكتوى بنارها من لا ناقة له فيها ولا جمل من شيوخ ونساء وأطفال.

وعليه، فإن تحصين الذات الإسلامية أمام العوامل الخارجية التي أفرزتها تطورات السياسية الدولية يدخل في صميم عملكم العلمي المتخصص، لما له من دور هام في تشكيل الرأي العام، وتأصيل الفكر وتعميق قوة الانتماء إلى الحضارة الإسلامية الأصيلة التي لا سبيل اقتلاع جذورها مهما عظم عنف الضربات الموجهة إليها، ذلك إن إرشاد الإنسان عقديًا وعلميًا قضية محورية تعلو فوق كل القضايا، لارتباطها بمصير الأمة ارتباطًا وثيقًا، وهي بهذا الاعتبار تعد قضية جديرة بأن تعطى ما تستحقه من عناية، وإبرازها في صورة عمل جدي ومنتج يعتبر إنجازًا حضاريًا هامًّا ضمن الأسس التي تقوم عليها نهضة المسلمين.

من هذا المنطق تظهر الأهمية القصوى للعمل الكبير الذي يضطلع بمسؤولياته ويقوم بأعبائه مجمع الفقه الإسلامي في المجالات الفقهية، لما لها من تأثير في حياة الفرد المسلم، تلك المجالات التي درج المجمع في دوراته السابقة في كل مرة على دراستها في إطار مجموعة من الموضوعات دراسة وافية. واليوم يتناول هذا الاجتماع خمسة مواضيع هامة هي: استثمار موارد الأوقاف، الزكاة.. خاصة زكاة الزراعة، زكاة الأسهم في الشركات، زكاة الديون، المشاركة المتناقصة في ضوء العقود المستجدة، القراض أو المضاربة في المؤسسات المالية (حسابات الاستثمار المشتركة) ، وأخيرًا التأمين الصحي واستخدام البطاقة الصحية.

ص: 14

واسمحوا لي أن أتوقف قليلًا عند موضوع الزكاة، لأنه موضوع هام جدير بالعناية والتفكير والتدبر، وقد اتجه عدد كبير من الدول الإسلامية، لإحياء جباية الزكاة، وصرفها بكيفية حديثة في الوجوه المثلى التي يقتضيها الحال في الظروف الحالية الصعبة التي يمر فيها العالم الإسلامي، وخصوصاً فيما يخدم حاجاته المصيرية، وبما يعود بالخير على المستضعفين في المجتمعات الإسلامية المختلفة، من رعاية، وتعليم وغير ذلك.

ومما لا شك فيه أن تبني مجمعكم الموقر لهذه الفكرة ومثيلاتها سيجلب لها القبول والرضا من عامة المسلمين، لما لقراراتكم من كبير احترام واعتبار في العالم الإسلامي.

وإني لواثق من أن إحساسكم العميق بثقل المسؤولية التي تتحملونها، واستنادًا إلى وعيكم بطبيعة العصر وتعقيداته وإدراككم لأبعاد الرسالة الحضارية التي يفرضها عليكم الانتماء إلى أمة واحدة، كل ذلك سوف يصل بنتائج أعمالكم إلى الغايات المنشودة بإذن الله، والإسهام في دحض حملة الافتراءات التي يذكي أوارها خصوم الإسلام والعمل على محو الصورة المشوهة التي رسموها له عن قصد أو عن غير قصد، عن جهل أو تجاهل من خلال السيل الجارف من المقولات عبر القنوات الفضائية والصحف وكافة وسائل الإعلام، مترجمة الصحوة الإسلامية إلى رغبة في الهيمنة والتسلط، وتعتبر الرجوع إلى الشريعة الإسلامية وسعي الشعوب الإسلامية للعودة إلى منابعها الأصلية تعصبًا وعداءً لغير المسلمين، ونية مبيتة لما يسمونه بالحرب المقدسة ضد الإرهاب.

{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30] .

ص: 15

وإنه لمن حسن الطالع أنه كلما زاد أوار الحملة ولهيبها ضد الإسلام، زاد اهتمام الناس في الغرب وأمريكا بهذا الدين وكثر دارسوه من مختلف الأوساط وعظم الاهتمام به، وكلما كثر هؤلاء الدارسون زاد معتنقوه. وهذا قد يساعدنا كثيرًا على رد الأمور إلى نصابها، وإعادة صورة الإسلام إلى حقيقتها الناصعة، خصوصًا إذا تولى هذه المهمة أهلها والعارفون بحقيقة الدين الإسلامي ومبادئه وتعاليمه، لأن الإسلام جعل الإنسان مستخلفًا في الأرض من قبل الخالق الذي سخر له الكون بكل ما فيه، وزوده بالعقل ليدبر أمره بالعمل والعطاء، ومنحه حرية التصرف فيه.

وأيًّا كان الأمر، فإن سنة الاعتدال في التفكير والسلوك على مستوى الفرد، وعلى مستوى الأمة، هي أنسب الرسائل التي يمكن للإسلام أن يقدمها للمجتمع المعاصر خاصة في مثل هذه الظروف، وأشد الخصال التي يفتقر إليها هذا المجتمع فيما يقيم عليه العلاقات من أنظمة وما يختاره لها من منهجية مرجعًا للحوار. ولا شك أن الأخذ بقانون الاعتدال مطلب محوري، ذلك أن قيام سنة الاعتدال مقام نزعات الإسراف والمغالاة يتطلب منا عملًا جادًّا دؤوبًا من أجل إعادة القيم المثالية إلى قوتها في النفوس وتربيتها على الخصال الحميدة التي ترفع الإنسان إلى أعلى مراتب إنسانيته وأزكى درجاتها.

أصحاب المعالي والفضيلة:

السادة الحضور؛

إنه ليسعني في هذه المناسبة أن أؤكد لكم دعم منظمة المؤتمر الإسلامي لجهودكم الموفقة، واستعدادها المطلق للتعاون مع مجمعكم في كل ما من شأنه أن يعزز العمل الإسلامي المشترك، ويزيد من لحمة التضامن، ويحقق الأهداف التي تصبو إليها شعوبنا الإسلامية:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104] .

صدق الله العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

* * *

ص: 16

كلمة

معالي الشيخ الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

الحمد لله الذي بعث محمدًا رسولًا أمينًا، ونبيًّا مبينًا، دعا إلى معرفة ربه، وحدا على عبادته، وأهاب إلى طاعته، ونهى عن معصيته، أقام صلى الله عليه وسلم معالم الدين فأظهر الحق وكان الحق مدفوعًا، وقهر الباطل وكان الباطل متبوعًا. ضم من الأمر ما كان منتشرًا، ودفع من الاضطراب ما كان مشتملًا، وسد من الثغور ما كان منثغرًا، وبرد من الصدور ما كان متوغَّرًا، فهو الأسوة في الدين والعمل، كفى الأسواء بعد إظلالها، وشفى الأدواء بعد إعضالها. فالحق ساطعة أنواره، متبوعة آثاره، قائمة معالمه، ثابتة دعائمه، موردة شرائعه، معمورة مرابعه.

حضرة صاحب المعالي الأستاذ أحمد يعقوب باقر العبد الله، وزير العدل، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية.

حضرة صاحب السعادة الأستاذ عزت كامل مفتي، الأمين العام المساعد لمنظمة المؤتمر الإسلامي، نيابة عن صاحب المعالي الدكتور عبد الواحد بلقزيز، الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

ص: 17

حضرات أصحاب المعالي والسعادة والسماحة والفضيلة.

أيها السادة:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فها نحن أولاء قد وفدنا من رحاب البيت العتيق الذي جعله الله مثابة للناس وأمنًا، ومن مقر مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، الذي منحنا إياه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التأسيسي خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز، ملك المملكة العربية السعودية، فأظلنا برعايته، وشملنا بعنايته، شمله الله بألطافه وأطال عمره المبارك، يدفع مسيرتنا في امتثال أمر ربنا، لبلوغ غاياتنا، وتحقيق أماني أمتنا.

جئنا إلى هذا البلد الكريم الكويت مستجيبين لدعوة سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح، أمير البلاد، حفظه الله ورعاه، ومتعه بموفور الصحة ودوام العافية، ومجددين العهد بالإخوة الأكارم الذين جمعتهم وإيانا الدورة الخامسة لمؤتمر المجمع الفقهي سنة 1409 هـ / 1988م هنا، كما تجمعنا اليوم في هذه الدورة الثالثة عشرة لمجمعكم الموقر.

وإن أول ما أتقدم به في هذه الجلسة الافتتاحية للدورة الثالثة عشرة من مؤتمرنا السنوي إزجائي الشكر الخالص والتقدير الفائق إلى حضرة صاحب السمو أمير البلاد، رافعًا إليه تحية مباركة، يطيل بها الله بقاءه في حفظ واق، وعز باق، وسعد جار، وذكر سار، بالغًا من الآمال أقصاها، وجائزًا منها أوفاها، عن سلامة لا زال بردها ضافيًا عليه، ووردها صافيًا لديه.

وفى هذا المجلس الموقر يسعدني أن أتقدم إلى هذا البلد المضياف الكويت، بذكر ما يربط مجمعكم الجليل به من روابط ووشائج، لخصها سمو الأمير - حفظه الله - أبدع تلخيص، وأقامها على دعائم ثابتة وأصول قويمة. وذلك قوله، أيده الله: إن الكويت تعيش الإسلام دينًا، والعروبة وطنًا، والتعاون طريقًا والسماحة شعارًا، والإخاء نورًا، والتشاور منهاجًا، والعدل ميزانًا، والتقدم مسؤولية، والسلام غاية.

ص: 18

ولا يفوتني أن أنوه بجهود المسؤولين والعاملين، بهذا البلد الحبيب، لكريم رعايتهم وجميل عنايتهم، وبخاصة صاحب السمو أمير البلاد، وولي عهده رئيس مجلس الوزراء، ووزير الخارجية، ووزير العدل ووزير الأوقاف. والشكر لهؤلاء السادة موصول ممتدة فروعه، ومنثورة رياحينه على أهل الكويت قاطبة. جزاهم الله عنا كل خير، ووفقنا وإياهم جميعًا لخدمة دينه، وإحياء شريعته، وتثبيت أحكامه، وصون مجتمعاتنا الإسلامية مما يحيق أو ينزل بها من مكروه، سائلين الله تعالى أن يقيل عثراتنا، ويسدد على طريق الحق خطانا.

وإني في هذا المقام الجليل ليدعوني الواجب إلى شكر معالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الدكتور عبد الواحد بلقزيز على استجابته الكريمة لدعوتنا، بتعيينه لأخينا الأمين العام المساعد ممثلًا له في هذا الاجتماع، وبذله الواسع في النصيحة والتوجيه لنا، وحسن التعاون وصدق التفاهم بيننا، مع ما يبذله من جهود في الدفاع عن الملة وحماية البيضة.

والله يحرس كمال الشيخين الجليلين الدكتور خالد المذكور الذي عني بقرارات المجمع، وقام بطبعها طبعة متقنة مستقلة غير الأولى، وعلى منهج جديد يعين على المراجعة وعلى الإفادة منها والتوصل بها إلى الغرض، والدكتور عجيل جاسم النشمي عضو مجمعنا الذي غمرنا بفضله وكان معيناً لنا، هنا وبجدة، وفي كل دورات المجمع بما قدمه من بحوث قيمة، وبمشاركته الفعالة في لجنة الصياغة التي كان المقرر العام لها لعدة دورات مجمعية، في نشاط لا يفتر، عند الاتصال بالإخوة المسؤولين في الجهات المعنية، وعقد هذا المؤتمر الذي يحظى بجهودكم الموفقة بإذن الله، ويترجم عما تقدمونه من دراسات عميقة، وبحوث رصينة، تستجيب في الغالب متطلبات الأمة في هذا العصر، لتسير على هدي من ربها، وعلى شريعته عز وجل. كما تدعو إلى ذلك الآية الكريمة:{فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} [الشورى: 15] .

وإني لأختم هذه التحايا بالإعلان عن سعادة أعضاء المجمع كلهم بعودة الرئيس سماحة الشيخ بكر أبو زيد إلى الانضمام إلينا من جديد من بعد مؤتمر الرياض. ونحن بشمول السلامة، وعموم الاستقامة، وسبوغ النعم الراهنة، واتصال المواهب الكاملة، بين حاضر قد ألقى عصا الاستقرار، وجرى في حلبة الاستمرار، ومنتظر قد قويت فيه أسباب الرجاء، وغلقت عنده رهون الوفاء.

ص: 19

ولقد انعقدت الدورة الخامسة لمجمعكم الموقر هنا بالكويت فيما بين 1 - 6 جمادى الأولى 1409 هـ / 10 - 15 كانون الأول 1988 م، وصدر عنها أحد عشر قراراً مثبتة في سفر القرارات. وشملت هذه القرارات ما أفضت إليه البحوث التي عرضت في تلك الدورة من نتائج وقرارات في قضايا تنظيم النسل، والوفاء بالوعود، والمرابحة للآمر بالشراء، وتغير قيمة العملة، والحقوق المعنوية، والإيجار المنتهي بالتمليك، والتمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها، وتحديد أرباح التجار، والعرف، وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، واللجنة الإسلامية الدولية للقانون.

وتلا صدور هذه القرارات والتوصيات، فيما بين الدورتين الخامسة والثالثة عشرة، واحد وسبعون قرارًا ترجمت إلى (7) لغات، كما تم جمع القرارات الاقتصادية الصادرة عن المجمع في كتاب باللغتين العربية والإنجليزية، أستأذن البنك الإسلامي بـ بروناي دار السلام في إعداده ونشره.

وإلى جانب ذلك عقد المجمع أكثر من عشرين ندوة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر (6) ندوات متخصصة هي: ندوة سندات المقارضة، وندوة الأسواق المالية الأولى والثانية، وندوة الإجابة عن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية، وندوة استخدام الحاسوب في العلوم الشرعية. كلها بالتعاون مع المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية.

هذا وقد قام المجمع بإصدار مجموعة قيمة من الكتب والمصنفات نذكر منها: عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة لابن شاس، وبلغة الساغب وبغية الراغب للعلامة فخر الدين ابن تيمية، والمدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل وتخريجات الأصحاب للشيخ الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد، والبطاقات البنكية للدكتور عبد الوهاب أبو سليمان، وقواعد الفقه الإسلامي من خلال كتاب الإشراف على مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب، صنعة الدكتور محمد الروكي.

ص: 20

أما المشروعات العلمية للمجمع فإن العمل جار فيها بقدر الإمكان وبحسب التيسير.

ومن الأعمال الرشيدة النافعة، في هذا المجال العلمي الفقهي مشروع معلمة القواعد الفقهية. فقد تم استخراج القواعد والمقاصد والضوابط الفقهية فيه من (34) كتاباً مع شرح هذه القواعد وتفصيل القول فيها، وبيان تطبيقاتها والمستثنيات منها، حسب المنهج النموذجي المعد لذلك، وتم تكليف ثلاث مراجعين أخصائيين في الفقه والأصول، لإعادة النظر فيها، والاستدراك عليها وإخراجها في صورتها النهائية. كما تم تكليف (6) أساتذة من العلماء بالعمل على استخراج القواعد والمقاصد والضوابط الفقهية من (11) كتاب جديد.

وهنا أود أن أشكر مؤسسة الشيخ زايد بن سلطان الخيرية ومديرها العام فضيلة الشيخ عبد الله بن سلطان الظاهري على ما قدموه لهذا المشروع من دعم، كما أشكر جمعية الدعوة الإسلامية العالمية بطرابلس وأمينها العام الدكتور محمد أحمد الشريف على ما وصلنا منهم من دعم لهذا المشروع.

وأما مشروع الموسوعة الفقهية الاقتصادية الذي تولى المجمع دراسة محاور ما لا يقل عن خمسين موضوعاً فقهيًا اقتصاديًا فيه؛ فهو مشروع من أجل الأعمال التي تعنى بتطوير الدراسات الفقهية والبحث عن المقاصد الشرعية التي أناط الله بها أحكامه، رغبة في النهوض بالأمة، وتحقيقًا بإذن الله لما ترجوه من قوة ومنعة وغنى وثروة، لكن للأسف وبعد مضي فترة ليست بالقصيرة تعطل هذا المشروع كغيره من المشاريع التي بدأنا فيها بالفعل، وهي تيسير الفقه وإحياء التراث. وذلك كله بسبب العجز المالي الذي يتخبط فيه المجمع، وفقدان التمويل.

وإنا مع هذا لعازمون بعون الله على مواصلة السير وتوفير ما نحتاجه من موارد لهذه المشاريع، ظانين بالله خير الظن وأحسنه، ومقدرين للمؤسسات المالية ورجال الأعمال أن يقوموا بشيء مما تقوم به المؤسسات المثيلة في الخارج، إما بدعمها ماديًا أو بتمويل مشاريعها مشروعًا إثر مشروع، وهم في هذا الحين يقومون بواجب نحو أمتهم وشعوبهم، عاملين على تطبيق الإسلام عقيدة وشريعة، نظامًا وسلوكًا، باحثين عن سبل الخير من أجل مواجهة التحديات.

ص: 21

وإني لأهيب بالسادة أصحاب اليسار أن يكونوا مثل غيرهم، ينفقون بسخاء على إقامة المشاريع النافعة للأمة. وهذا ضرب متميز من البذل والعطاء. كما أدعو هذه الصفوة الكريمة من الفقهاء المجتهدين أن يبذلوا ما لديهم من طاقات علمية في استنباط الأحكام من أدلتها التفصيلية ومن القواعد العامة في القضايا المستجدة، مع مراعاة ما دعا إليه المشرِّع الحكيم من حرص على جلب المصالح ودرء المفاسد، نهوضًا بالأمة، ودعمًا لها، وقيامًا بالواجب نحوها ونحو أنفسنا.

والمجمع إذ يعلن عن رغبته في التعاون من أجل النهوض بالمسلمين، والحفاظ على مقوماتهم، والحصول كفاء ذلك على الجزاء الأوفى من لدن الوهاب الكريم الرزاق المتين، يذكر دون شك ما يتدارسه من آي الذكر الحكيم. قال تعالى:{وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272) وقال عز وجل: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 265] .

ونحن وإن كان حظنا ما ذكرناه لكم فإنا لمعتزون وجد فرحين بما استطعنا أن نمده من جسور بيننا وبين المؤسسات الجليلة الحكومية والشعبية. وقد تمكنا أن نتقدم خطوات في مجال أنشطتنا المجمعية العلمية والفكرية وربطنا الصلة بعدد منها:

ص: 22

* منظمة المؤتمر الإسلامي.

* وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية.

* وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت.

* وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر.

* وزارة العدل والأوقاف بدولة البحرين.

* وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالرباط.

* رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.

* البنك الإسلامي للتنمية بجدة.

* المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت.

* جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

* جامعة أم القرى بمكة المكرمة.

* المعهد العالمي لأبحاث الاقتصاد الإسلامي، التابع لجامعة الملك عبد العزيز بجدة.

* المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، التابع للبنك الإسلامي للتنمية.

* مجمع الفقه الإسلامي بالهند.

ص: 23

وهذا الجهد المتواصل بحمد الله صورة ناطقة بعمل مجمع الفقه الإسلامي الدولي، وخطة علمية للتوصل إلى الأحكام الشرعية المستخرجة من الكتاب والسنة.

وفي ختام هذه الكلمة أتوجه إلى الحضور الكريم بخالص الود وعظيم الاعتزاز والفخر، شاكرًا لكل واحد من المسؤولين في هذه الديار فضله ورعايته، ولكل قادم إليها من جميع الأقطار أعضاء وخبراء ورجال أعمال ومراسلين إعلاميين وغيرهم عنايتهم الكبيرة بالمجمع وشدَّ أزره بتقديم المساعدة والعون.

وإني إذ أذكركم أيها السادة الأكارم، فليس استمالة لقلوبكم، واستزادة لفضلكم، وطلبًا للنفاق عليكم، فشكري إياكم عن معرفة بأقداركم، واعتراف بحقوقكم، وإعظام للنعمة منكم، واعتداد بكم.

أجرى الله الكريم المنعم أعمالنا على ما يرضيه ويرضي رسوله صلى الله عليه وسلم. والله من وراء القصد.

وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

* * *

ص: 24