المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المؤسسة الوقفية المعاصرةتأصيل وتطويرإعدادالدكتور عبد السلام العبادي - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ١٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثالث عشر

- ‌القدس وفلسطينبين معاناة الاحتلال ومقاومته

- ‌مسارب العدوان في الفكر الصهيونيوأثرها في التعرض للمقدسات الإسلاميةإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌فلسطين العربية الإسلامية

- ‌حقوق الإنسان في الإسلام

- ‌حقوق الإنسانبينالإعلانين الإسلامي والعالميوالدستور الإسلامي الإيراني

- ‌حقوق الإنسان في الإسلام

- ‌الإسلام وحقوق الإنسانفي ضوء المتغيرات العالمية

- ‌التشريع الجنائي الإسلامي وحقوق الإنسان

- ‌حقوق الإنسان وحرياتهفي النظام الإسلامي وتأصيله الشرعي

- ‌حقوق الإنسان في الإسلامإعدادالأستاذ طاهر أحمد مولانا جمل الليل

- ‌حقوق الإنسان في الإسلامإعدادالدكتور محمد فتح الله الزيادي

- ‌استثمار الأوقاف في الفقه الإسلاميإعداد أ. د محمود أحمد أبو ليلأستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانونبجامعة الإمارات العربية المتحدة – قسم الدراسات الإسلاميةوالدكتور محمد عبد الرحيم سلطان العلماء

- ‌وقف النقودفي الفقه الإسلاميإعدادالأستاذ الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌استثمار موارد الأوقاف(الأحباس)إعداد الشيخ حسن الجواهري

- ‌استثمار الوقفوطرقه القديمة والحديثةإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌الوقف النقديمدخل لتفعيل دور الوقف في حياتنا المعاصرةإعدادالدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌المؤسسة الوقفية المعاصرةتأصيل وتطويرإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌الأوقاف "الأحباس"وأحكامها وأقسامها ومواردها ومصارفهاإعدادسماحة الشيخ عبد الله سليمان بن منيع

- ‌استثمار موارد الأوقاف(الأحباس)إعدادالشيخ خليل الميس

- ‌تنمية واستثمارالأوقاف الإسلاميةإعدادالدكتور ناجي شفيق عجم

- ‌زكاة الزراعة - زكاة الأسهم في الشركات - زكاة الديونإعدادالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌زكاة الديونإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌زكاة الزراعة- زكاة الأسهم في الشركات- زكاة الديونإعدادالدكتور أحمد الندوي

- ‌زكاة الزراعة- زكاة الأسهم في الشركات- زكاة الديونإعدادالشيخ الدكتور الطيب سلامة

- ‌المشاركة المتناقصة وصورها في ضوء ضوابط العقود المستجدةإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌المشاركة المتناقصة وصورها في ضوء ضوابط العقود المستجدةإعدادالأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌المشاركة المتناقصة وأحكامهافي ضوء ضوابط العقود المستجدةإعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌المشاركة المتناقصةطبيعتها وضوابطها الخاصةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌المضاربة المشتركة فيالمؤسسات المالية الإسلامية المعاصرةإعدادفضيلة القاضيمحمد تقي العثماني

- ‌القراض أو المضاربة المشتركةفي المؤسسات المالية(حسابات الاستثمار)إعدادالدكتور عبد الستار أبو غدة

- ‌القراض أو المضاربة المشتركة في المؤسسات المالية الإسلامية(حسابات الاستثمار المشتركة)إعدادأ. د أحمد الحجي الكردي

- ‌المضاربة المشتركة في المؤسسة المالية الإسلامية(حسابات الاستثمار المشتركة)إعدادد. حسين كامل فهمي

- ‌المضاربة المشتركةفي المؤسسات المالية الإسلامية المعاصرةإعدادأ. د قطب مصطفى سانو

- ‌التأمين الصحيوتطبيقاته المعاصرةفي ضوء الفقه الإسلاميإعدادالمستشار محمد بدر المنياوي

- ‌التأمين الصحيواستخدام البطاقات الصحيةإعداد الشيخ محمد علي التسخيري

- ‌التأمين الصحيإعدادالبروفيسور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌التأمين الصحيإعدادالدكتور محمد هيثم الخياط

- ‌التأمين الصحيواستخدام البطاقات الصحيةإعدادالدكتور محمد جبر الألفي

- ‌التأمين الصحيإعداد الدكتور العلي القري

- ‌التأمين الصحيإعدادالقاضي مجاهد الإسلام القاسمي

الفصل: ‌المؤسسة الوقفية المعاصرةتأصيل وتطويرإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

‌المؤسسة الوقفية المعاصرة

تأصيل وتطوير

إعداد

الدكتور عبد السلام العبادي

عضو المجمع

رئيس مجلس أمناء جامعة آل البيت

أمين عام الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية

وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية السابق

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله رب العالمين حمداً يليق بجلاله ويوافي نعمه ويكافئ مزيده وإفضاله، وصلاة وسلاما على رسول الله الكريم وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه أجمعين.. ومن التزم بشرعه وسار على هديه إلى يوم الدين.. وبعد:

فإن هذا البحث يتصدى لموضوع المؤسسة الوقفية في هذا العصر بالتحليل والنظر باعتبار أن المراد بالمؤسسة: الهيكلية الإدارية - مهما صغرت أو كبرت - التي تقوم على الوقف في النظر الإسلامي باعتباره حبسا للعين وتسبيلا للمنفعة على جهات الخير، بصرف النظر عن أي تفصيلات تندرج تحت هذا العنوان.

لذا فإن هذا البحث سيهتم بثلاثة أبعاد هي:

1-

واقع المؤسسة الوقفية وتطورها التاريخي.

2-

الأحكام الشرعية الضابطة لعمل هذه المؤسسة.

3-

مجالات التطوير والإثراء لمسيرتها المعاصرة.

ولذلك يهدف هذا البحث إلى معالجة العديد من القضايا الرئيسة التي يتطلبها بناء المؤسسة الوقفية المعاصرة على هدي من نصوص الشريعة، وما قرره الفقهاء من أحكام للوقف آخذاً بعين الاعتبار التطبيق التاريخي الواسع لصوره المتعددة، والتجارب الناجحة التي قامت في بعض البلاد العربية والإسلامية، مع ملاحظة التحديات والمشكلات التي تعترض مسيرته الخيرة، والاهتمام بالمتطلبات التي يجب أن توليها المؤسسة الوقفية عناية بالغة على ضوء المستجدات المعاصرة، وبخاصة في مجال إدارة الأوقاف واستثمارها والمحافظة عليها وتعميق آثارها في المجتمع.

ص: 519

وهذا يتطلب معرفة شاملة لحقيقة الوقف، وملاحظة لثوابته التي يجب التمسك بها وعدم إغفالها في بناء المؤسسة الوقفية المعاصرة، مع الاستفادة من المجالات الرحبة المتروكة للاجتهاد في كل عصر، أو للاختيار بين الآراء الفقهية المتعددة في تفصيلات الوقف وفروعه.

وهذا يتطلب من البداية تحديد هذه الثوابت بالفهم الواعي لنصوص الشريعة المنظمة لشؤون الوقف والمحددة لطبيعته، مما يمكن من استعراض مجالات التطوير وبعض نماذجه على أساس من اجتهاد فقهي واع يهدف إلى إثراء مسيرة الوقف المعاصرة وتلافي أي مشكلات تعترضها. ويأتي في هذا الإطار الحديث عن إنجازات تشريعية أو واقعية حققتها بعض البلاد العربية والإسلامية لتوضع بين يدي الراغبين في استفادة منها على مستوى العالم العربي والإسلامي.

وعلى ضوء ذلك كله فإن هذا البحث ينقسم إلى المطالب التالية:

المطلب الأول: طبيعة الوقف الخاصة ومجالات التطوير.

المطلب الثاني: واقع المؤسسة الوقفية المعاصرة وأهم المشكلات التي تواجهها وكيفية التعامل معها.

المطلب الثالث: من صور التأهيل والتطوير في مجال الإدارة وفي مجال الاستثمار والتنمية.

* * *

ص: 520

المطلب الأول

طبيعة الوقف الخاصة ومجالات التطوير

تقوم طبيعة الوقف الخاصة في أهم ما تقوم عليه على حبس العين الموقوفة عن التداول، فالوقف لا يباع ولا يوهب ولا يورث.. وعندما فتح الفقهاء باب استبداله فقد فتحوه في حدود ضيقة وضمن شروط محددة، ومن هنا وعلى سبيل المثال فإن صيغ استثمار الأراضي الوقفية يجب أن يقوم على استبقاء ملكية الأرض الموقوفة محبوسة عن التداول، مما يتطلب دراسات فقهية خاصة تلاحظ هذه الطبيعة.

كما أننا في مجال استثمار العقارات الوقفية يجب أن نلتزم بالصيغ المقبولة شرعاً.. وهذا يجعل كل الصيغ القائمة على التمويل الربوي غير مقبولة في هذا المجال.. وهذا يتطلب من الاجتهاد المعاصر العمل على اقتراح صيغ استثمارية جديدة، أو تطوير الصيغ السابقة لتلبي احتياجات الاستثمار الكبير في هذا المجال، مع ضرورة توافر إمكانيات القياس الدقيق للجدوى الاقتصادية للمشروعات من خلال أدوات الاستثمار المعتمدة كما أوضحت في بحثي عن صيغ استثمار الأراضي الوقفية الذي قدمته للدورة الثانية عشرة للمجمع.

وهناك حاجة ملحة لإحياء دور الوقف في خدمة جهات الخير والنفع العام وتحقيق أهدافه في المجتمع، وإلا فإن الوقف يمكن أن ينقلب إلى نوع من تعطيل المال.. ولذلك اهتم فقهاؤنا ببيان المسؤولية الكبرى التي يحملها متولو الوقف في إعماره وإصلاحه ليظل يعود بالنفع على الجهات التي وقف عليها.. وقد باتت تحمل هذه المسؤولية على الأوقاف الخيرية في معظم الدول الإسلامية وزارات أو إدارات متخصصة في إدارة الوقف وتنميته باعتبارها متوليًّا عامًّا على هذه الأوقاف الخيرية، وأمام ذلك أصبحت هذه المسؤولية تتطلب جهوداً كبيرة لتطوير هذه الإدارات، بالإضافة إلى استحداث صيغ جديدة تلبي احتياجات الاستثمار المتزايد أمام كثرة الأراضي الوقفية التي باتت تقع تحت مسؤولية هذه الجهات. بالإضافة إلى ما أسند لهذه الوزارات أو الإدارات من مسئولية على الأوقاف الذرية بقرارات من القضاء في حالات فشل المتولين على هذه الأوقاف أو انحرافهم أو انقطاعهم لسبب أو لآخر.

ص: 521

ثم إن كثيراً من الجهات الوقفية والخيرية في المجتمعات الإسلامية باتت تلجأ إلى صيغة الوقف لتمويل المشروعات الثقافية والصحية والاجتماعية، وإن التوجه الإسلامي أخذ يستجيب لهذه الصيغ، وبدأ المحسنون يقفون الأوقاف المنقولة وغير المنقولة لهذه الأغراض، مما يحمل هذه الجهات مسؤولية كبيرة في تقديم أفضل الصيغ وأكثرها أماناً ودقة لإدارة هذه الأوقاف لتتمكن من تحقيق الأهداف الخيرية المنوطة بها.

وهنا لا بد من التنبيه إلى أن كثيراً من هذه الأوقاف التي أخذت في القيام هي أوقاف نقدية، مما يتطلب اهتماماً خاصاً بتأصيل هذا النوع من الوقف وتفعيله وتحقيق الاستثمار الراشد له، والذي يحقق أهداف الوقف في المجتمع، بالإضافة إلى الاطمئنان إلى استمرار هذا الوقف ونموه باضطراد بإقبال المحسنين عليه عندما يقوم هذا النمو على الاستثمارات النافعة المقبولة شرعاً.

وقد اهتم الفقهاء بتعريف الوقف وتعددت تعريفاتهم له على ضوء اختلاف مذاهبهم في كثير من أحكام الوقف من حيث لزومه وعدم لزومه، ومن حيث اشتراط القربة فيه، ومن حيث الجهة المالكة للعين والموقوفة بعد وقفها، إلى غير ذلك من أمور تحدد طبيعة الوقف وحقيقته في المذاهب الفقهية المتعددة.

فمن تعريفات الشافعية مثلاً: حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه على مصروف مباح (1)، وعرفه أبو حنيفة بأنه: حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنفعة، وعرفه الصاحبان بأنه: حبس العين على ملك الله تعالى وصرف منفعتها على من أحب (2) .

وعرفه أئمة المالكية بأنه: إعطاء منفعة شيء مدة وجوده لازماً بقاؤه في ملك معطيه ولو تقديراً (3) . وعرفه أئمة الحنبلية: بأنه تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة (4) . وعرفه القانون المدني الأردني باعتباره مستمدًّا من الفقه الإسلامي استفادة من مجموع التعريفات السابقة: " الوقف: حبس عين المال المملوك عن التصرف وتخصيص منافعه للبر ولو مالاً"(5) .

وواضح من مجموع هذه التعاريف أن الوقف له طبيعة خاصة تقوم على حبس العين عن التداول، وبالتالي لا يجوز فيه أي تصرف يمس هذا الحبس، فلا يجوز التصرف فيها بالبيع أو الهبة أو بأي تصرف آخر يؤثر على ديمومة تمحضها لأن ينفق دخلها وما ينتج منها على الجهة الموقوفة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يجب المحافظة على استمرارية تدفق دخلها للجهة الموقوفة عليها، وإن أي عملية تمس ذلك يجب أن تكون في المحصلة لمصلحة هذه الجهة وفي إطار ما هو جائز شرعا.. وهذا أمر تقوم على تقديره الجهة المتولية لإدارة الوقف واستثماره تحت رقابة القضاء الشرعي، ووفق الأسس والقواعد المقررة في القوانين والأنظمة السارية المفعول الملتزمة بأحكام الشريعة، والتي تعتبر شرط الواقف كشرط الشارع ما يوجب مراعاتها عند التعامل مع الوقف إدارة واستثماراً.

(1) حاشية القليوبي على شرح المنهاج: 3 / 97.

(2)

شرح فتح القدير: 5 / 416؛ حاشية ابن عابدين: 4 / 336.

(3)

مذاهب الجليل شرح مختصر خليل: 6 / 18.

(4)

المغني لابن قدامة: 5 / 597.

(5)

المادة (1233) من القانون المدني الأردني.

ص: 522

والواقع إن الفقهاء في الأصل قد اختلفوا في ملكية العين الموقوفة على ثلاثة مذاهب:

المذهب الأول: إن العين الموقوفة محبوسة على حكم ملك الله تعالى.

المذهب الثاني: إن ملكية العين الموقوفة تبقى للوقف.

المذهب الثالث: إن ملكية العين الموقوفة تكون للجهة الموقوف عليها.

وقد رجح كثير من العلماء المذهب الأول باعتبار أن الوقف إزالة للملك على وجه القربة يمنع التصرف فيه بعد هذه الإزالة، إلا عند الفقهاء الذين قالوا بعدم لزوم الوقف، (ومن المعلوم أن الرأي الراجح لزوم الوقف) فأجازوا للواقف الرجوع عنه، وعند ذلك يجوز بيعه أو التصرف فيه، لأنه لو كانت العين الموقوفة مملوكة للواقف أو الموقوف عليه لجاز لهم التصرف فيها، ولما كان هذا التصرف ممنوعاً، فدل ذلك على عدم وجود الملكية، لأن الملكية تستلزم جواز التصرف.

ويؤكد هذا أن العين الموقوفة عند وفاة الواقف لا تنتقل إلى الورثة، بل يظل حكم الوقف مشابهاً تماماً لحكمه قبل الوفاة.. مما يعني عدم وجود ملكية للواقف أو الموقوف عليهم وإلا لانتقلت منهم للورثة.

والذي دفع الفقهاء الذين قالوا بملكية الواقف أو الموقوف عليه للعين الموقوفة ضمن شروط معينة هو الحرص على تمييز الوقف عن السائبة، باعتبار أن الوقف ليس فيه إسقاط للملكية، إنما إبقاء لها على حكم الواقف، أو نقلاً لها للجهة الموقوف عليها.

وأما المذهب الراجح فيكون الأمر فيه من باب نقل الملكية إلى حكم ملك الله تعالى، وحبسها على ذلك حتى لا يجوز التصرف فيها، أو هو تصور فقهي يقوم على افتراض جهة مالكة يمكن التعبير عنها، كما يرى كثير من الفقهاء المعاصرين بالشخصية الحكمية للوقف، وهي التي عبر عنها الفقهاء القدماء بـ حبس العين على حكم ملك الله تعالى

وإلا فمن المعلوم أن كل الأشياء لله تعالى.

وواضح أن المذاهب الفقهية في هذا المجال قد قامت على ما ورد من نصوص شرعية في الكتاب والسنة، والتي استدل بها العلماء على مشروعية الوقف، وأخذوا منها العديد من أحكامه.

ص: 523

ومن أهم هذه النصوص:

1-

عموم الآيات الكريمة التي دعت إلى الإنفاق في سبيل الله والصدقة والبر بدفع الأموال للمحتاجين، قال تعالى:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92]، وقال سبحانه:{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل:20] . والذي يؤكد هذا الاستدلال اعتبار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الوقف من صور التطبيق لبعضها.

2-

الأحاديث النبوية الشريفة، ومنها:

أ- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) (1) ، فالوقف هو الصدقة الجارية.

ب- عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر بخيبر أرضاً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أصبت أرضاً لم أصب مالاً قط أنفس منه، فكيف تأمرني به؟ فقال:((إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها)) فتصدق عمر: أنه لا يباع أصلها، ولا يوهب، ولا يورث، في الفقراء، والقربى، والرقاب، وفي سبيل الله، والضيف، وابن السبيل، ولا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً غير متمول فيه، قال: فحدثت به ابن سيرين فقال: غير متأثل مالاً (2) .

ج - وأخرج البخاري ومسلم عن إسحاق بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالك يقول: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] جاء أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن الله تبارك وتعالى يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن أحب أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين)) فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه (3) .

د - روى ثمامة بن حزن القشيري قال: شهدت الدار حيث أشرف عليهم عثمان فقال: أنشدكم بالله وبالإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة؟ فقال: ((من يشتري بئر رومة فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة؟)) فاشتريتها من صلب مالي (4) .

(1) أخرجه البخاري في الأدب المفرد، باب بر الوالدين بعد موتهما، ص 30؛ وأخرجه مسلم، صحيح مسلم بشرح النووي: 11 / 85.

(2)

أخرجه البخاري، البخاري بشرحه فتح الباري: 5/ 418.

(3)

البخاري بشرحه فتح الباري: 3 / 381؛ مسلم بشرح النووي: 7 / 84.

(4)

أخرجه أحمد والترمذي والنسائي: سنن الترمذي: 5 / 583؛ سنن النسائي: 6 / 235؛ مسند أحمد: 1 / 75؛ نيل الأوطار للشوكاني: 6 / 25.

ص: 524

وقد ورد في وقف المنقول:

أ - ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من احتبس فرساً في سبيل الله، إيماناً بالله، وتصديقاً بوعده، فإن شبعه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة حسنات)) (1) .

ب- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق خالد بن الوليد: ((وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله)) (2) .

ج - وروى ابن عباس رضي الله عنهما قال: أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج فقالت امرأة لزوجها: أحجني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما عندي ما أحجك عليه، قالت: فقالت: أحجني على جملك فلان، قال: ذلك حبيس في سبيل الله، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله وإنها سألتني الحج معك قالت: أحجني مع رسول الله، فقلت: ما عندي ما أحجك عليه فقالت: حجني على جملك فلان، فقلت: ذلك حبيس في سبيل الله، فقال:((أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله)) (3) .

فقد أقره الرسول صلى الله عليه وسلم على تحبيس جمله، وهو من المنقول.

وعلى ضوء ذلك وقف صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال جابر: لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف، ومن ذلك وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسهمه في خيبر، فعن ابن عمر قال: قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم: "إن المائة سهم التي لي بخيبر لم أصب مالاً قط أعجب إلي منها قد أردت أن أتصدق بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((احبس أصلها وسبل ثمرتها)) (4) .

(1) أخرجه أحمد والبخاري والنسائي: صحيح البخاري بشرحه فتح الباري: 6/68؛ النسائي: 6 / 225؛ مسند أحمد: 2 / 374؛ نيل الأوطار: 6 / 29.

(2)

أخرجه البخاري ومسلم؛ فتح الباري: 3/388؛ صحيح مسلم شرح النووي: 7 / 56.

(3)

أخرجه أبو داود وابن خزيمة: سنن أبي داود: 2/1؛ صحيح ابن خزيمة: 4 / 361.

(4)

أخرجه النسائي وابن ماجه؛ نيل الأوطار: 6 / 28.

ص: 525

وقد أفرد الفقهاء للوقف باباً في كتبهم وأخذوا كثيراً من أحكام الوقف من هذه النصوص، بالإضافة إلى مصادر الاجتهاد الأخرى أشير إلى أهمها فيما يلي:

- وجوب أن تصرف غلته في جهات البر والإحسان والخير التي حددها الوقف.

- وجوب أن يحجز من غلته ما يكون من موجبات إدارته وإصلاحه وعمارته بما يضمن استمرار غلته، ومن ذلك أجرة الناظر أو المتولي إذا لم يكن متبرعاً، ويكون تقديرها للناظر أو للقاضي ووفق ما هو مستقر في العرف.

- يجب أن يكون الواقف جائز التصرف شرعاً، وأن تكون العين الموقوفة مملوكة له ملكاً تاماً، وأن تكون معينة يصح الانتفاع بها مع بقاء أصلها، فلا يجوز وقف ما يكون الانتفاع به بإتلافه، وأن يكون الوقف على جهة خيرية يصح تملكها، فلا يصح الوقف على محرم أو مكروه، كما يجب أن يكون الوقف على معلوم معين فلا يصح على مجهول أو مبهم لتعذر إيصال النفع إليه، وألا يعلق على مجهول، فيجب أن يكون ناجزاً أو معلقاً على معلوم مثل موت صاحبه، فعندها يأخذ أحكام الوصية فلا ينفذ إلا بقدر الثلث ولا يجوز إلا وارث، وألا يكون فيه ظلم أو إثم كأن يوقف على بعض ورثته دون بعض، قال تعالى:{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 182] .

وشرط الواقف كشرط الشارع من حيث الفهم والاستدلال من ناحية، ومن ناحية أخرى من حيث التنفيذ له، إلا إذا كان مخالفاً للشريعة، فلا ينفذ شرط الواقف.

والنظارة على الوقف تكون للواقف أو من يراه حال حياته أو بعد وفاته، وإلا فتكون للحاكم الشرعي بشروط أساسها الأمانة والتقوى والكفاءة.

وقد بين العلماء أن القاضي له سلطة المتابعة والمراقبة لسلوك النظار، وله حق تغييرهم إذا لم يكونوا أهلاً لذلك، وله إجازة كثير من تصرفاتهم في الاستبدال والإجارة الطويلة.

وقد عالج القانون المدني الأردني المستمد من أحكام الفقه الإسلامي الكثير من أحكام الوقف مما سنشير إليه في المطلب الثاني من هذا البحث، وهو أمر يؤكد المجالات للتطوير في ميادين الإدارة وصيغ الاستثمار والتنمية، حيث إن هذا الأمر متروك للجهات المسؤولة في المجتمع عن هذه القطاعات، والتي يجب عليها أن تبذل كل جهد ممكن لرعايتها وإتقان إداراتها وتحقيق أفضل النتائج لها في إطار رسالة الوقف وأهدافه العظيمة.

* * *

ص: 526

المطلب الثاني

واقع المؤسسة الوقفية المعاصرة

وأهم المشكلات التي تواجهها وكيفية التعامل معها

كنت قد قدمت دراسة مكثفة عن إدارة الأوقاف الإسلامية في المجتمع المعاصر في الأردن وفلسطين إلى الندوة الرابعة من سلسلة ندوات الحوار بين المسلمين، والتي عقدت سنة 1996م بعنوان: أهمية الأوقاف الإسلامية في عالم اليوم، والتي نظمتها مؤسسة آل البيت في المملكة الأردنية الهاشمية.. أظهرت فيها بشكل جلي الاهتمام الذي حظي به الوقف في الأردن عبر مسيرته المعاصرة وفي وقت مبكر، وقد ظهر ذلك باستعراض الصيغ والممارسات الإدارية التي تم تبنيها ببيان نشأتها وتطورها المستمر، فظهر بشكل بين أننا أمام تجربة متقدمة في مجال إدارة الأوقاف الإسلامية في المجتمع المعاصر استفادة من الصيغ والأطر الإدارية الحديثة والتطوير المستمر فيها، مع المحافظة الأمينة على ثوابت نظام الوقف وأحكامه الشرعية اللازمة، في إطار من الإدراك العميق لأهمية رسالته وأهدافه الخيرة في المجتمع الإنساني.

وقد عرض البحث التطور التاريخي لنمو التشريعات المنظمة للوقف وإدارته في كل من الأردن وفلسطين، وثم بين أهم ملامح إدارة الأوقاف الإسلامية في الأردن وفلسطين، كما بين أهم المشكلات التي تواجه إدارة الأوقاف وحلولها.

ثم وقف عند بيان نظرة للمستقبل حول إدارة الأوقاف الإسلامية في المملكة الأردنية الهاشمية.

ونظراً لأهمية هذه الأمور وعلاقتها الوثيقة بهذا البحث المقدم لمجمع الفقه الإسلامي الدولي فسوف أشير هنا إلى أهم ما ورد منها من الاهتمام بما طرأ على قطاع الأوقاف في المملكة الأردنية الهاشمية، نظراً لتتابع عمليات التطوير بعد ذلك، وبخاصة بعد أن كللت بإصدار قانون جديد للأوقاف حقق نقلة واسعة في قطاع الأوقاف، وتبنى اجتهادات جديدة تثري مسيرة الأوقاف، وهي جديرة بأن توضع بين يدي المهتمين بقطاع الأوقاف في بلادنا.

ص: 527

ومن هنا فإن هذا المطلب سوف يستعرض واقع المؤسسة الوقفية في المملكة الأردنية الهاشمية، وأهم المشكلات التي تواجهها في على سبيل المثال، بالإضافة إلى بيان بعض الملاحظات المهمة المستقاة من البحث المشار إليه.

ومن أهم هذه الملاحظات تأكيد أن القانون الأساسي للإمارة ومن ثم دستور المملكة قد نصا على أن أمور الأوقاف وإدارة شؤونها المالية تنظيم بقانون خاص، إدراكاً من البداية على أن للوقف شخصيته المستقلة، وأنه لا يجوز أن تختلط أموال الأوقاف بالأموال العامة الأخرى، وإن جهة الوقف مستقلة تماماً عن غيرها من الجهات، هذا مع إعطاء جهة الوقف وأمواله كل الميزات التي تتمتع بها الأموال العامة والمصالح الحكومية، وهذا وعي تشريعي مبكر أدرك طبيعة الوقف وقدم له كل ما يضمن أداءه لرسالته وأهدافه في المجتمع، مع ضمان استقلاله وتقديم كل المعالجات التي تحفظه وتحميه من الاعتداء والتضييع في غير ما أراده الواقفون.

وقد نص دستور المملكة في المادة (107) منه على: "يعين بقانون خاص كيفية تنظيم أمور الأوقاف الإسلامية وإدارة شؤونها المالية وغير ذلك ".

كما نص في المادة (105) على أن للمحاكم الشرعية وحدها حق القضاء وفق قوانينها الخاصة في عدد من الأمور؛ ذكر منها الدستور الأمور المختصة بالأوقاف الإسلامية، وفي المادة (106) نص الدستور على أن المحاكم الشرعية تطبق في قضائها أحكام الشرع الشريف.

وقد بين قانون أصول المحاكمات الشرعية لسنة 1959م بالتفصيل في المادة الثانية منه، الأمور التي تختص المحاكم الشرعية بالنظر فيها في مجال الأوقاف، والتي تشمل إنشاء الوقف من قبل المسلمين وشروطه والتولية عليه واستبداله وما له علاقة بإدارته الداخلية، وكذلك الدعاوى المتعلقة بالنزاع بين وقفين، أو بصحة الوقف وما يترتب عليه من حقوق..إلخ.

ويعتبر القانون الخاص بالأوقاف الذي صدر سنة 1966م محققاً لنقلة كبيرة في تنظيم قطاع الأوقاف.

وقد تولت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية إدارة الأوقاف الإسلامية الخيرية وتنظيم أمورها، وذلك يشمل الأوقاف المسجلة وقفيتها في دائرة الأراضي والمساحة، والأوقاف التي تسجل مباشرة وقفاً باسم الوزارة، أو يجري ذلك عن طريق تسجيل وقفيتها في المحاكم الشرعية، ثم يجري تثبيت ذلك في دائرة الأراضي والمساحة، أو يجري تثبيت وقفيتها عند إجراء أعمال التسوية وتسجيل الأراضي لمالكيها، وذلك بأن يتم إثبات وقفيتها السابقة للتسجيل.

أما الأوقاف الذرية فيقوم متولوها بإدارتها بإشراف القضاء الشرعي، وقد جرى القضاء على أنه إذا اختلف المستحقون في الوقف الذري أو الأهلي مع المتولي، ولم يتمكن القاضي الشرعي من معالجة الأمر فإنه ينيط عملية الولاية على الوقف الذري بإدارة الأوقاف الإسلامية، كما حدث مع كثير من الأوقاف الذرية في مدينة القدس الشريف.

ص: 528

وقد بين القانون رقم (26) لسنة 1966 م والتعديلات التي طرأت عليه في المادة الرابعة منه، على أن لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية شخصية معنوية واستقلالًا ماليًّا وإداريًّا، كما حددت المادة من هذا القانون أهداف وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية والتي منها.

1-

المحافظة على المساجد وأموال الأوقاف وصيانتها وإدارة شؤونها.

2-

العناية بتطوير المسجد ليؤدي رسالته في مجالات التربية الإسلامية.

وقد بين هذا القانون والتعديلات التي طرأت عليه الكيفية التي تدار بها الوزارة، وكما بين القواعد التي تضبط الأعمال التي تقوم بها لأداء الواجبات والمسؤولية التي تحملها، وفيما يلي استعراض لكل ذلك بشكل موجز:

فالقانون المشار إليه يربط وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية بالوزير الذي يتحمل بموجب الدستور المسؤولية الكاملة عند إدارة الوزارة بموجب القوانين والأنظمة السارية المفعول، فالمادة (47) من الدستور فقرة (1) تنص على أن الوزير مسؤول عن إدارة جميع الشؤون المتعلقة بوزارته، وعليه أن يعرض على رئيس الوزراء أية مسألة خارجة عن اختصاصه، والمادة (5) من الدستور تنص على أن (رئيس الوزراء والوزراء مسؤولون أمام مجلس النواب مسؤولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة، كما أن كل وزير مسؤول أمام مجلس النواب عن أعمال وزارته) .

ص: 529

ويبين القانون أن شؤون الوزارة المتعددة يديرها كل من:

أ- مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية.

ب- أمين عام الوزارة (وكيل الوزارة) .

ج - الجهاز التنفيذي.

وقد حدد القانون والأنظمة الصادرة بموجبه كل ما يتعلق بهذه الفعاليات الإدارية:

فقد بينت المادة السادسة من القانون كيفية تشكيل مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، حيث نصت على أن المجلس يتألف من الوزير رئيساً، وأمين عام الوزارة، وممثلاً عن كل من وزارات الداخلية، والتربية والتعليم، والأشغال العامة، والإعلام، وخمسة أعضاء يتم اختيارهم من المهتمين بالأوقاف والشؤون الإسلامية يعينون بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب من الوزير.

وقد أناطت المادة السابعة من القانون بالمجلس عدداً من الصلاحيات من أهمها في مجال إدارة الأوقاف:

- رسم السياسة العامة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية.

- وضع الخطط اللازمة لاستثمار أموال الأوقاف وتحقيق الأهداف المنصوص عليها في هذا القانون.

- وضع مشروع الموازنة في بداية كل سنة مالية ورفعها إلى مجلس الوزراء لإقرارها.

- استبدال العقارات الوقفية وتركيب الحكر عليها وذلك عند وجود المسوغ الشرعي بإذن المحكمة الشرعية التي يقع العقار في منطقتها في الحالين.

- الموافقة على الإيجارات التي تزيد مدتها على ثلاث سنوات، وإقرار إنشاء الأبنية على الأراضي الوقفية.

- إحالة العطاءات والمقاولات وفق التعليمات التي يعضها المجلس.

- الموافقة على إقامة الدعاوى والتوكيل فيها وإجراء التحكيم والمصالحات في المنازعات وإسقاطها.

- عقد القروض المالية اللاربوية المتعلقة بمشاريع الأوقاف بموافقة رئيس الوزراء.

- تعيين المصارف والشركات المالية اللاربوية التي تحفظ فيها أموال الأوقاف (1) .

(1) انظر في مزيد من التفاصيل هيكلية الوزارة والقواعد الضابطة لمجالات عملها في الإدارة والاستثمار (البحث المشار إليه) .

ص: 530

وأما بخصوص الأحكام الشرعية التي تقوم الوزارة بتطبيقها في مجالات عملها المعتمدة، فهي تتقيد فيما يصدر عنها من تصرفات في العقارات الوقفية بأحكام الشرعية الإسلامية من ناحية، وبشروط الواقفين من ناحية أخرى

وقد قعد القانون المدني الأردني أحكام الشرعية الخاصة بالوقف في فصل مستقل هو الفصل الثالث من الباب الثاني من الكتاب الثالث، والذي شمل المواد من المادة (1233) إلى المادة (1270) ، كما أنه عالج موضوع إجارة الوقف في الفرع الثاني من الفصل الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني والذي خصص لبعض أنواع الإيجار، وذلك في النوع الخامس والذي غطته المواد (749 - 759) .

وقد بينت المذكرات الإيضاحية للقانون المدني (1) أن مصدره في هذه المواد مجموعة من المصادر الشرعية، منها كتاب قانون العدل والإنصاف لقدري باشا، ومرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان لقدري باشا، وحاشية ابن عابدين، ومجلة الأحكام العدلية وشروحها: مثل شرح علي حيدر، وكتاب أحكام الأوقاف للخصاف، وبدائع الصنائع للكاساني، ونهاية المحتاج للرملي، والمهذب للشيرازي، وأحكام الوقف لزهدي يكن، والفقه الإسلامي في ثوبه الجديد للشيخ مصطفى الزرقاء، وأحكام الأوقاف للشيخ مصطفى الزرقاء.

والواقع أن هذه المواد في القانون المدني قد عالجت أهم أحكام الوقف معالجة فقهية قانونية سليمة، فقد جاء النص واضحاً في هذه المواد على تعريف الوقف وأنواعه، حيث عرفت المادة (1233) الوقف بأنه حبس عين المال المملوك عن التصرف وتخصيص منافعه للبر ولو مالاً.

وبينت المادة (1234) أن الوقف يكون خيريا إذا خصصت منافعه لجهة بر ابتداءً، ويكون ذريًّا إذا خصصت منافعه إلى شخص أو أشخاص معينين وذرياتهم من بعدهم، ثم إلى جهة من جهات البر عند انقراض الموقوف عليهم (2) ، ويكون مشتركاً إذا خصصت الغلة إلى الذرية وجهة البر معاً.

وبينت المادة (1235) أنه في جميع الأحوال يجب أن ينتهي الوقف إلى جهة بر لا تنقطع.

وجعلت المادة (1236) في فقرتها الأولى للوقف شخصية حكمية، يكسبها من سند إنشائه، وفي فقرتها الثانية بينت أن له ذمة مالية متميزة تسأل عن ديونه التي أنفقت على مصارفه طبقاً لشروط الواقف.

وبينت المادة (1243) أنه بعد إتمام الوقف لا يوهب الموقوف ولا يورث ولا يوصى به ولا يرهن ويخرج عن ملك الواقف ولا يملك للغير.

(1) انظر المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني: 2/ 574 - 576، 727 - 739.

(2)

اتجهت بعض الدول العربية إلى إلغاء الوقف الذري أو الأهلي، انظر بالتفصيل: محاضرات في الوقف، الشيخ محمد أبو زهرة، ص 35 وما بعدها؛ وأحكام الوقف في الشريعة الإسلامية، الدكتور محمد عبيد الكبيسي: 1 / 42 - 50.

ص: 531

وأما موضوع مراعاة شروط الواقفين في إطار تحقيق مصلحة الوقف (1) فقد جاء النص عليها واضحاً في القانون المدني، حيث نصت المادة (752) فقرة (1) على أنه: يراعى شرط الواقف في إجارة الوقف، فإن عين مدة للإيجار فلا تجوز مخالفتها، ولكنها وفي الفقرة الثانية منها بينت أنه إذا لم يوجد من يرغب في استئجار الموقوف المدة المعنية ولم يشترط للمتولي حق التأجير لما هو أنفع للوقف رفع الأمر إلى المحكمة لتأذن بالتأجير المدة التي تراها أصلح للوقف.

ونصت المادة (1241) في الفقرة (1) على أن: "شرط الواقف كنص الشارع في الفهم والدلالة "، وفي الفقرة الثانية:"وللمحكمة عند الاقتضاء تفسير شروط الواقف بما يتفق مع مدلولها".

وقد ذكرت المادة (1244) أنه: "تسري على شروط حجة الوقف وشروط الواقف وقواعد الاستحقاق أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الخاصة بالوقف".

وفيما يتعلق باشتراط الواقف لمتول أو مشرف معين أجازت المادة (1248) للمحكمة بناء على طلب أصحاب الشأن عزل المتولي أو المشرف على الوقف ولو كان الواقف أو منصوبه، إذا ثبتت خيانته أو قيام مانع شرعي من توليه، وذلك حماية للوقف وتحقيقاً لمصلحته.

وأعطت المادة (1237) للواقف أن يشترط لنفسه أو لغيره حق التغيير والتبديل، واستثنت المادة (1239) من ذلك المسجد، حيث نصت على أنه لا يجوز التغيير في وقف المسجد ولا فيما وقف عليه.

ولكن الفقرة (4) من المادة (1237) أعطت الواقف حق تغير المتولي ولو لم يشرط لنفسه ذلك حين الوقف.

ونصت المادة (1237) فقرة (1) على أنه إذا أعطى الواقف حين إنشاء الوقف لنفسه أو لغيره حق التغيير والتبديل والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والبدل والاستبدال جاز له أو لذلك الغير استعمال هذا الحق على الوجه المبين في إشهاد الوقف، وبينت المادة (1238) فقرة (2) أنه إذا اقترن الوقف بشرط غير صحيح صح الوقف وبطل الشرط، وأوضحت المادة (1240) على أن كل شرط مخالف لحكم الشرع أو يوجب تعطيلاً لمصلحة الوقف أو تفويتاً لمصلحة الموقوف عليهم فهو غير معتبر.. مما يؤكد أن القانون قد أخذ بمبدأ الاعتبار لشروط الواقفين في حدود ما يحقق مصلحة الوقف ويضمن تحقيقه لأهدافه.

وقد جاءت المادة (1247) واضحة في تقرير أن وزارة الأوقاف في توليها الإشراف على الوقف الخيري وإدارته واستغلاله لا بد من أن تراعي شروط الواقف، فالمادة تقول:"مع مراعاة شروط الواقف تتولى وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية على الوقف الخيري، وتتولى إدارته واستغلاله وإنفاق غلته على الجهات التي حددها الواقف ".

(1) انظر بالتفصيل: الوقف في الشريعة والقانون، زهدي ياسر، ص 21 - 65؛ محاضرات في الوقف، الشيخ محمد أبو زهرة، ص 155 - 182؛ أحكام الوقف في الفقه والقانون، الدكتور محمد سراج، ص 65 - 126؛ الوصايا والوقف في الفقه الإسلامي، الدكتور وهبة الزحيلي، ص 176 - 213.

ص: 532

ووزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في التطبيق والممارسة تلاحظ وفاء هذه النصوص لحاجات العمل للنهوض بمؤسسة الوقف وإدارتها وفق أحكام الأسس، وأن لديها مرونة واسعة في مجال تطوير العمل وتحديثه بهدف الوصول إلى تحقيق أهداف الوقف وآثاره في المجتمع.

وإن الأمر لا يعتريه نقص تشريعي في مجال تقعيد الأحكام الشرعية للوقف، وإن كان الأمر على المستوى الإداري والإجرائي يتطلب باستمرار مزيدا من الأنظمة والتعليمات التي تنهض بالعمل وتفعله وتحقق المؤسسية الراشدة لإنجاز المسؤوليات الكبيرة التي تحملها مؤسسة الوقف.

والواقع أن تمتع المؤسسة الوقفية باستقلال مالي وإداري نظراً لطبيعة الوقف الذي تقوم بإدارته والإشراف عليه

هو الذي يحقق لمؤسسة الوقف حماية للأوقاف من أن تذوب في أملاك الدولة، ويصون الأموال الوقفية من أن يعتدى عليها، وأن تستعمل في النفقات الحكومية.

كما أنه يصون الأوقاف من التغيير والتبديل، ويمكنها من أداء دورها فيما رصدت له من جهات النفع العام، فتتحقق بذلك رسالتها الدينية والثقافية والاجتماعية في إطار ما شرط الواقفون من شروط.

وهذا الاستقلال المالي والإداري بصفة عامة لمؤسسة الوقف قد تقع له بعض السلبيات، فهو قد يحرم مؤسسة الوقف من أن تحظى بما تحظى به مؤسسات الدولة الأخرى من رعاية وبخاصة في الجوانب الإدارية، وقد يؤدي إلى عدم الاهتمام بمؤسسة الوقف على مستوى فعاليات الدولة، مما قد يكون سبباً في ضعف التشريعات والتخلف عن مواكبة التطور، وعدم رفد المؤسسة الوقفية بالكفاءات المطلوبة وقصورها عن التطوير لفعالياتها الإدارية والمالية، وتزداد سلبيات ذلك إذا كانت مؤسسة الوقف ضعيفة الإمكانيات بسبب قلة الأوقاف وقلة ناتجها.

وهذا يتطلب أن تولي إدارة الأوقاف أمر التطوير الإداري كل الاهتمام بحيث يكون ذلك بإشراف الحكومة ومتابعتها ودعمها دون تفريط باستقلال الوقف الإداري والمالي.

ثم إن هذه السلبيات تتلاشى مع وعي الأمة بمختلف أجهزتها وفعالياتها على رسالة الوقف ودوره الكبير، وتعتبر الأوقاف الأردنية مثالاً متميزاً لاستقلال الوقف الإداري والمالي مع الرعاية الموصولة التي تحظى بها مؤسسة الوقف من كل فعاليات المجتمع، فحظيت الأوقاف بالتشريعات المنظمة لأوضاعها وشؤونها، كما تم تزويدها بالكفاءات الإدارية المطلوبة، ولم تكتف بذلك، بل قدم الدعم المالي المجزي لموازنتها.

ص: 533

وتسعى إدارة الأوقاف الأردنية إلى تطوير عملها وتحديثه باستمرار، فاستحدثت المديريات المتعددة والأقسام المتخصصة والشعب المتنوعة وفق هيكل تنظيمي متميز يوضح طبيعة هذه المؤسسة المتميزة وحجم عملها النامي وتنوع نشاطاتها الشامل، كما أنشأت فيها مديريات للرقابة والتفتيش، ويوالي ديوان المحاسبة وديوان الرقابة والتفتيش جهدهما للنهوض بمؤسسة الوقف والاطمئنان على سلامة قيامها بأعمالها، كما جرى دعم جهازها بالكفاءات المتنوعة التي تشمل الإداريين المؤهلين والاقتصاديين القادرين والإعلاميين الواعين.. ووفرت لفعاليات الأوقاف التجهيزات الإدارية الحديثة في مجال الحوسبة وتنظيم الملفات والفهرسة والاحتياجات المكتبية والاتصال والتنقل وغيرها.

كما حرصت على أن يكون العمل مؤسسيًّا مقعداً وفق تشريعات واضحة للنهوض بالعمل باستمرار، ويتم أيضاً تطوير المهارات والقدرات لدى العاملين بالبعثات العلمية والدورات التدريبية المتنوعة، مما يحقق التطوير في الأداء والممارسة في جميع حقوق الأوقاف.

وتفرض الطبيعة الخاصة للوقف توجهات وإجراءات خاصة للوزارة في هذا المجال وغيره، فالأراضي والعقارات الوقفية لا يجوز بيعها والتصرف في ملكيتها، ولا بد من تنميتها واستثمارها مع المحافظة على وقفيتها، بما يتطلب منهجاً خاصًّا في مجال الاستثمار والتنمية يحتاج إلى صيغ خاصة وإجراءات متميزة.. كما يتطلب تنوع مجالات عمل الوزارة وتعدد ميادين اختصاصها توافر كفاءات خاصة متنوعة للإشراف على هذه الأعمال وإدارتها.. وقد شغل هذا الأمر الوزارة منذ فترة طويلة وقد وضعت خططاً وبرامج لتحقيق كل ذلك.

ومن المشكلات التي تحتاج إلى معالجة متأنية انصراف الناس عن وقف بعض أموالهم لجهات الخير المتعددة، واكتفاء كثير منهم ببناء المساجد فقط دون تخصيص أوقاف لهذه المساجد كما كان يفعل سلفنا الصالح.. وقد حرصت الوزارة على الاستفادة من هذا التوجه عند المواطنين بحثهم على تقديم أوقاف على هذه المساجد بالإضافة إلى الاهتمام ببناء المساجد، بحيث يحتوي على فعاليات عديدة تخدم رسالته وتجعل من المسجد وملحقاته نقطة استقطاب للمنطقة التي يبنى فيها المساجد، يجد الناس فيه مصلى للرجال وآخر للنساء، وفي ملحقاته مكتبة ودارًا للقرآن الكريم، وقاعة متعددة الأغراض، ومركزاً صحيا، ومدرسة وروضة للأطفال

وغير ذلك وفق الإمكانيات المتاحة وفي إطار تأمين الممكن من هذه الملحقات.

* * *

ص: 534

المطلب الثالث

من صور التأصيل والتطوير

دراسة في قانون الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية

الجديد في المملكة الأردنية الهاشمية

لقد جاء قانون الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الجديد في المملكة الأردنية الهاشمية والذي صدر في هذه السنة (سنة 2001) يحوي صوراً عديدة من التأصيل والتطوير في مجالات الأوقاف المتعددة، وهو يتطلب المزيد من الدراسة على مستوى العالم الإسلامي بهدف تحقيق نقلة واسعة في قطاع الأوقاف، نظراً لأهمية هذا القطاع وضرورة العناية به وفق نظر فيقوم على التأصيل والتمسك بثوابت هذا الأمر، وعلى التطوير والتحديث في آفاقه المتعددة مستفيدين من إنجازات العصر في مجال الإدارة وتكنولوجيا المعلومات، كل ذلك على أساس السمعة الطاهرة التي قدمتها أحكام الشريعة المنظمة للوقف من أجل بناء مؤسسة وقفية معاصرة تحقق أهداف الوقف في المجتمع الإنساني وفي مختلف قطاعاته.

وقد كان لي شرف متابعة صياغته منذ مراحله الأولى، والدفاع عنه أمام مجلس الأمة، واقتراح العديد من التعديلات ليخرج بصورته الحالية.

وقد بينت الأسباب الموجبة لهذا القانون أهم الآفاق الجديدة التي عرض لها القانون، وهي ظاهرة في الأسباب الموجبة للقانون.

وأحب أن أشير إلى بعض الآفاق الهامة الأخرى:

1-

جاء النص واضحاً في المادة الثالثة من القانون على جواز وقف الأموال المنقولة، وهذا يفتح باب وقف النقود لتستثمر وينفق ناتج استثمارها على الجهات التي حددها الواقف.

2-

أكد القانون توسيع عمل وزارة الأوقاف في عدد من المواد ليشمل مجالات ثقافية وتعليمية واجتماعية بإدارة الأوقاف أو إشرافها على المراكز الثقافية الإسلامية ودور القرآن الكريم، والمعاهد والمدارس الشرعية، ودور الأيتام، ودور الرفادة، وتوليها شؤون الدعوة والتوجيه الإسلامي، وشؤون المصحف الشريف، وتشجيع الوقف على جهات البر المتعددة

إلخ، كما هو مبين في أهداف الوزارة. بالإضافة إلى النص الواضح أيضاً في المادة (31) إنشاء برامج وقفية خيرية متعددة حسب شروط الواقفين بما يشمل برامج الإنفاق على المساجد، والرعاية الصحية، والتعليم، ومساعدة المحتاجين، والتي ستنظم بنظام خاص يصدر لهذه الغاية.

3-

التأكيد على البعد المؤسسي في عمل الوزارة، وإناطة الأمور الهامة فيها بالمجالس الموسعة والمتخصصة.

ص: 535

4-

النص بشكل واضح على العديد من الأحكام الضابطة لعمل الوزارة، مثل ضبط عملية استبدال العقارات الوقفية بقرار من مجلس الأوقاف وبإذن من المحكمة الشرعية المختصة وعند وجود المسوغ الشرعي، والتأكيد على اعتماد المصارف والشركات المالية التي تتعامل وفق أحكام الشرعية الإسلامية عند إيداع أموال الأوقاف، والنص على ضرورة أن تلتزم مؤسسة تنمية أموال الأوقاف بجميع تصرفاتها واستثماراتها بأحكام الشريعة الإسلامية، وكذلك بشروط الواقفين.

5-

النص على كل ما يضمن المحافظة على أموال الأوقاف وعدم تعرضها لأي من صور الإهمال أو التلاعب.

6-

تنظيم تسجيل العقارات الوقفية بما يبرز أن دور الوزارة هو دور المتولي، وأن نوع الأرض أرض وقفية، فهي ليست مملوكة للوزارة، كما أنها ليست ملكاً عاماً تديره الدولة، وذلك كما بينت المادة (14) من القانون.

7-

عالج القانون في المادة (19) موضوع وقفية المسجد بشكل متميز وحاسم.

8-

عالج القانون في المادة (23) موضوع الولاية العامة على الأوقاف، والولاية الخاصة عليها ضمن فهم متكامل يلاحظ كل الاعتبارات، ورتب العلاقة بين الولاية العامة المعطاة لوزارة الأوقاف، والولاية الخاصة التي قد ترتبها شروط الواقفين، بما يصون الأوقاف ويضمن تحقيق شروط الواقفين بإعطاء الوزارة حق مراقبة ومحاسبة المتولين الخاصين، والتأكد من عدم وقوع أي مخالفة وتقصير، وإعطاء الوزارة حق الطلب من المحكمة الشرعية المختصة عزل المتولي الخاص في حال ثبوت مخالفته أو تقصيره، وتعيين بديل أو إسناد التولية للوزارة.. فالوزارة عند وقوع المخالفة تلجأ إلى القضاء ولا تقوم هي باتخاذ إجراءات عزل المتولي.

9-

وضع العديد من الضوابط اللازمة لعملية استثمار الأموال الوقفية من خلال المواد المنظمة لعمل مؤسسة تنمية أموال الأوقاف.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

* ملحق بهذا البحث قانون الأوقاف والمقدسات الإسلامية في المملكة الأردنية الهاشمية وأسبابه الموجبة.

* * *

ص: 536

ملحق البحث

قانون الأوقاف والمقدسات الإسلامية

في المملكة الأردنية الهاشمية

وأسبابه الموجبة

بسم الله الرحمن الرحيم

الأسباب الموجبة لمشروع قانون الأوقاف

والشؤون والمقدسات الإسلامية

إن قانون الأوقاف الحالي رقم (26) لسنة 1966م، أدخلت عليه تعديلات عديدة منذ عام 1966م، بحيث أصبح البحث عن هذه التعديلات في سياق تطبيق القانون يوجد صعوبات وإرباكاً للعمل، وبخاصة لدى الدوائر والمؤسسات الأخرى، يضاف إلى ذلك أن أموراً ومهام جديدة تتولى الوزارة القيام بها وممارستها أصبحت بحاجة إلى نصوص قانونية لتغطيتها، وبناءً على ذلك فقد غدت الحاجة ماسة لاستصدار قانون جديد للأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية يجمع التعديلات التي طرأت على القانون بين دفتيه، ويدخل التعديلات الجديدة المطلوبة للنهوض بعمل الوزارة، ومن بين الأحكام الهامة التي تضمنها المشروع ما يلي:

1-

النص على تحديد واضح للأوقاف الإسلامية، والشؤون والمقدسات.

2-

تحديد أهداف الوزارة.

3-

إعادة النظر في تشكيل مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية.

4-

إنشاء مؤسسة مستقلة باسم (مؤسسة تنمية الأموال الوقفية) تتولى استثمار الأراضي والعقارات الوقفية والأموال الوقفية المنقولة في المملكة، وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري والشخصية المعنوية.

5-

منع ترتيب أحكار جديدة على الأراضي الوقفية، في ضوء المبررات التي كان الفقهاء قد أجازوا الحكر بموجبها، والتي لم يعد لها وجود في هذه الأيام، لاسيما وأن الحكر يمثل قيداً شديدًا على الملكية، بل هو ملكية تقوم على ملكية، وقد اتجهت معظم الدول العربية والإسلامية إلى منع الحكر أو تقييده بشدة.

6-

منع استملاك العقارات الوقفية لغايات النفع العام إلا عند الضرورة القصوى، على أن يدفع التعويض عما يستملك منها كاملاً دون اقتطاع أي جزء منها كالريع دون مقابل، وذلك لأن الوقف حبس للعين على ملك الله تعالى على التأبيد والتصدق بالمنفعة والريع، ولا يجوز التصرف فيه لا بالبيع ولا الهبة، في حين أن الاستملاك إخراج لعين الوقف عن معنى ذلك الحبس.

7-

تسجيل أراضي المقابر وقفاً صحيحاً، لأن الأرض التي تخصص لدفن موتى المسلمين تعتبر وقفاً من الناحية الشرعية لا يجوز التصرف بها، لاسيما وقد دأبت بعض البلديات على تسجيل أراضي المقابل التي تستملكها للمقابل أو تخصصها لها باسمها.

8-

إشراف وزارة الأوقاف على جميع المساجد والتكايا والزوايا ودور القرآن والمراكز الإسلامية وملحقاتها، ومنع أي جهة أخرى من القيام بذلك إلا بموافقة الوزارة.

ص: 537

9-

النص على أن تكون الأراضي التي تقام عليها المساجد وقفاً سواء أكانت مشمولة بأعمال التسوية أم غير مشمولة، لأن كثيراً من المحسنين ينشؤون المساجد ولا يسجلون الأراضي التي تقام عليها باسم الوقف، الأمر الذي يوقع الوزارة في مشاكل مع الورثة بعد وفاة المنشئ، بما في ذلك مواجهة الوزارة بمطالبة الدائنين بحقوقهم تجاهه، فيوقعون الحجز على الأرض التي عليها المسجد وتعرض للبيع مما لا يجيزه الشرع الحنيف.

10-

إعطاء الوزارة صلاحية تدقيق طبعات المصحف الشريف التي تطبع داخل المملكة وكذلك التي ترد من خارجها، ومنع تداول ما يثبت وقوع التحريف أو الخطأ فيها، وذلك بالتنسيق مع الجهات الأخرى المختصة، لاسيما وأن الوزارة تمارس هذا العمل الجليل من قبل لجنة كان رئيس الوزراء قد شكلها.

11-

إعطاء الحجج الوقفية حجية الأحكام القضائية، وعدم سريان مرور الزمن عليها، وذلك لأن كثيراً من هذه الحجج يتم إجراؤها لدى المحاكم الشرعية ولا يتم تسجيلها لدى دوائر التسجيل لأسباب مختلفة؛ من بينها الظروف القاهرة للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية.

12-

النص على إنشاء صندوق للحج يتولى الادخار للحج ويتمتع باستقلال مالي وإداري وشخصية معنوية، ويتولى استثمار المدخرات لصالح المدخرين مع إجازة الاستفادة من المدخرات في تمويل استثمار الأراضي والعقارات الوقفية.

13-

النص على إنشاء برامج مختلفة لمصارف الأوقاف الخيرية حسب شرط الواقفين؛ مثل برنامج رعاية المساجد، وبرنامج مساعدة المرضى الفقراء، وبرنامج مساعدة طلاب العلم الفقراء.

14-

النص على إنشاء صندوق باسم (صندوق الدعوة) يتولى المساهمة في دعم الدعوة الإسلامية داخل المملكة وخارجها، ويعتمد على التبرعات وما تقدمه الحكومة له من دعم.

* * *

ص: 538

نحن علي بن الحسين نائب جلالة الملك المعظم

بمقتضى المادة (31) من الدستور

وبناء على ما قرره مجلسا الأعيان والنواب

نصادق على القانون الآتي ونأمر بإصداره وإضافته إلى قوانين الدولة.

قانون رقم (32) لسنة 2001م

قانون الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية

المادة 1 - يسمى هذا القانون (قانون الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية لسنة 2001) ويعمل به بعد مرور ثلاثين يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

المادة 2 - يكون للكلمات والعبارات التالية حيثما وردت في هذا القانون المعاني المخصصة لها أدناه إلا إذا دلت القرينة على غير ذلك:

الوزارة: وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية.

الوزير: وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية.

المجلس: مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية.

الأمين العام: أمين عام الوزارة.

المؤسسة: مؤسسة تنمية أموال الأوقاف.

مجلس الإدارة: مجلس إدارة المؤسسة.

المدير العام: مدير عام المؤسسة.

الوقف: حبس عين المال المملوك على حكم ملك الله تعالى على وجه التأبيد، وتخصيص منافعه للبر ولو مآلاً، ويكون الوقف خيريا إذا خصصت منافعه لجهة بر ابتداء، ويكون ذريا إذا خصصت منافعه لشخص (أو أشخاص معينين) وذرياتهم من بعدهم ثم إلى جهة من جهات البر عند انقراض الموقوف عليهم.

المسجد: المكان الذي يخصص لإقامة الصلاة ويفتح للكافة في الصلوات المفروضة وغيرها من العبادات، وتشمل توابعه دار القرآن الكريم والمكتبة ومصلى النساء والمركز الإسلامي وسكن موظفي المسجد والمتوضأ وحديقة المسجد وساحاته، وأية مبان أخرى ملحقة به.

ص: 539

دار القرآن الكريم: المرفق الذي يخصص لتعليم أحكام التلاوة والتجويد وتحفيظ القرآن الكريم بصرف النظر عن التسمية التي تطلق عليه سواء أكان تابعاً للوزارة أو لأي جهة أخرى.

دار الحديث الشريف: المرفق الذي يخصص لتعليم علوم الشريعة الإسلامية وبخاصة علوم الحديث النبوي الشريف والسيرة النبوية والفقه، بصرف النظر عن التسمية التي تطلق عليه، سواء أكان تابعاً للوزارة أو لأي جهة أخرى.

المركز الإسلامي: المرفق الذي يخصص للنشاط الإسلامي العام، سواء أكان تابعاً للوزارة أو لأي جهة أخرى.

المقبرة: المكان الذي يخصص لدفن موتى المسلمين وفق القوانين والأنظمة السارية المفعول.

المقبرة الدارسة: المقبرة التي مضى على وقف الدفن فيها مدة لا تقل عن أربعين عاماً.

الزاوية: المكان العام الذي يخصص لذكر الله تعالى وعبادته.

دار الرفادة (التكية) : المكان الذي يوقف أو يخصص لتقديم وجبات الطعام للفقراء والمحتاجين.

المقام: المكان الذي دفن فيه أو أقام أو مر منه أحد الأنبياء أو الصحابة أو التابعين أو السلف الصالح وبني عليه ما يدل على ذلك.

ص: 540

المادة 3 - تعني عبارة (الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية) ما يلي:

أ- الأراضي والعقارات والأموال المنقولة وغير المنقولة الموقوفة على جهة بر لا تنقطع ابتداء أو انتهاء، وتشمل المساجد وملحقاتها، والمقامات ودور الرفادة (التكايا) ، والزوايا، والمقابر الإسلامية المخصصة للدفن والتي يجري فيها الدفن والتي منع فيها الدفن، سواء كانت دراسة أو غير دراسة.

ب- شؤون الدعوة والوعظ والإرشاد والتوجيه الإسلامي.

ج - شؤون المصحف الشريف وشؤون المراكز الإسلامية ودور القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ومراكز تحفيظها وتعليمها.

د - شؤون المعاهد الشرعية والمدارس ودور الأيتام التي ينفق عليها من الوزارة.

هـ - شؤون الإفتاء.

و شؤون الحج والعمرة.

المادة 4 - للوزارة شخصية معنوية ذات استقلال مالي وإداري، ولها بهذه الصفة حق التقاضي وأن تنيب عنها في الإجراءات القضائية المتعلقة بها أو لأي غاية أخرى من الغايات المنصوص عليها في هذا القانون المحامي العام المدني، أو أن توكل المحامين لهذه الغاية، كما يحق لها على الرغم مما ورد في أي تشريع آخر أن تنيب عنها أحد موظفيها الحقوقيين ممن لهم خبرة في الأمور القانونية وفي الإجراءات القضائية المتعلقة بها في جميع المحاكم على اختلاف درجاتها، وتمثيل الوزارة لدى مأموري تسوية الأراضي ومديري التسجيل.

المادة 5 - تهدف الوزارة إلى تحقيق ما يلي:

أ- الإشراف على المساجد وإعمارها والعناية بها والعمل على أن تؤدي رسالتها على أكمل وجه.

ب- تشجيع الوقف الخيري على جهات البر المتعددة والمحافظة على أموال الأوقاف وتنميتها وإدارة شؤونها وإنفاق غلتها على الجهات التي حددها الواقف.

ج- تقوية الروح المعنوية لدى الأمة، وإذكاء روح الجهاد والتضحية والثبات بين أفرادها.

د- دعم النشاط الإسلامي العام في مجالاته الفكرية والثقافية والاجتماعية.

هـ - نشر المعرفة والثقافة الإسلامية والمحافظة على التراث الإسلامي وإبراز دور الحضارة الإسلامية في تقدم المجتمع الإنساني.

و الاهتمام بشؤون الدعوة والتوجيه الإسلامي وتعريف المسلمين بأحكام دينهم في أمور حياتهم الخاصة والعامة.

ز- تنمية الأخلاق الإسلامية وتوجيه سلوك المسلمين نحو معاني الخير والفضيلة وتعزيز الوحدة الوطنية.

ص: 541

المادة 6- أ - ينشأ في الوزارة مجلس يسمى (مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية) برئاسة الوزير وعضوية كل من:

1-

الأمين العام.

2-

المفتي العام للمملكة.

3-

مدير عام المؤسسة.

4-

ممثل عن وزارة الداخلية.

5-

ممثل عن وزارة الشؤون البلدية والقروية والبيئة.

6-

ممثل عن وزارة الإعلام.

7-

ممثل عن وزارة التربية والتعليم.

8-

ممثل عن دائرة قاضي القضاة.

9-

ممثل عن وزارة المالية / الأراضي.

10-

ممثل عن وزارة الثقافة.

11-

أربعة أشخاص من المهتمين بالشؤون الإسلامية ومن أهل الخبرة والاختصاص فيها.

ب- يتم تعيين الأعضاء المنصوص عليهم في البنود 4 - 10 من الفقرة (أ) من هذه المادة بقرار من الوزير المختص لمدة سنتين قابلة للتجديد، على أن يكون بمرتبة أمين عام أو مدير في وزارته أو دائرته لا تقل درجته عن الأولى من الفئة الأولى.

ج- يتم تعيين الأعضاء المنصوص عليهم في البند (11) من الفقرة (أ) من هذه المادة بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير لمدة سنتين قابلة للتجديد.

د - ينتخب المجلس من بين أعضائه نائباً للرئيس ينوب عنه في حالة غيابه.

ص: 542

المادة 7- أ - يمارس المجلس الصلاحيات التالية:

1-

رسم السياسة العامة للوزارة في إطار السياسة العامة للدولة.

2-

تنظيم شؤون الوعظ والإرشاد والخطابة والتدريس في المساجد.

3-

دراسة موازنة الوزارة السنوية ورفعها إلى مجلس الوزراء لإقرارها.

4-

الإشراف على شؤون الحج والعمرة ووضع التعليمات اللازمة لتنظيم نقل الحجاج والمعتمرين وتأمين سلامتهم وراحتهم وإسكانهم داخل المملكة وخارجها، وتحديد أجور نقلهم وإسكانهم وبدل الخدمات التي تتقاضاها الوزارة منهم.

5-

الموافقة على إنشاء مدن الحجاج والمعتمرين واستراحاتهم وغيرها من المرافق، وتحديد البدلات التي تستوفى منهم مقابل الخدمات التي تقدم لهم في هذه المدن والاستراحات والمرافق.

6-

الموافقة على تأسيس المعاهد والمدارس الشرعية في المملكة وتفويض الوزارة بتأسيس المعاهد والمدارس الشرعية ودور الأيتام المهنية والأكاديمية التابعة لها، وتحديد رسوم وأجور ونفقات الدراسة فيها، وشروط الإعفاء منها مع مراعاة القوانين والأنظمة المعمول بها.

7-

الموافقة على استبدال العقارات الوقفية بإذن من المحكمة الشرعية المختصة عند وجود المسوغ الشرعي.

8-

إحالة العطاءات والمقاولات التي تدخل ضمن صلاحياته وفقاً للأنظمة المعمول بها.

9-

دراسة مشروعات الأنظمة الخاصة بالوزارة بما في ذلك أنظمة الأشغال واللوازم والعطاءات ورفعها لمجلس الوزراء لإقرارها.

10-

الموافقة على إقامة الدعاوى الخاصة بالأوقاف الإسلامية، والتوكيل فيها، وإجراء التحكيم والمصالحة بشأن المنازعات التي تقع فيها، والموافقة على إسقاط تلك الدعاوى إذا اقتضت مصلحة الأوقاف ذلك.

11-

اعتماد البنوك والشركات المالية التي تتعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية لإيداع أموال الأوقاف فيها.

ب- للمجلس أن يفوض الوزير أيًّا من صلاحياته المنصوص عليها في هذا القانون على أن يكون التفويض خطيًّا ومحدداً.

ص: 543

المادة 8 - يجتمع المجلس بدعوة من رئيسه أو نائبه في حالة غيابه مرة كل شهرين على الأقل وكلما دعت الحاجة لذلك، ويكون اجتماعه قانونيًّا بحضور أكثرية أعضائه على أن يكون الرئيس أو نائبه في حال غيابه واحداً منهم، وتصدر قراراته بالإجماع أو بأكثرية أصوات الحاضرين، وإذا تساوت الأصوات يرجح الجانب الذي صوت معه رئيس الاجتماع.

المادة 9 - تتولى الوزارة الإشراف الإداري على شؤون الإفتاء في المملكة، ويجري تشكيل مجلس الإفتاء وتعيين المفتي العام والمفتين وتنظيم شؤون الإفتاء وفق نظام خاص يصدر لهذه الغاية.

المادة 10- يطبق على موظفي الوزارة نظام الخدمة المدنية وقانون التقاعد المدني الساري المفعول، ويعتبر المصنفون منهم تابعين للتقاعد بموجبه.

المادة 11 - أ - تعفى الأوقاف الإسلامية الخيرية والمعاملات الخاصة أو المتعلقة بها من الضرائب والرسوم والطوابع على اختلاف أنواعها، ويشمل ذلك ما تشتريه الوزارة من أراض وعقارات، كما تعفى الدعاوى التي تقيمها على الغير من الرسوم والطوابع.

ب- يستثنى من هذا الإعفاء:

1-

الضرائب والرسوم والطوابع التي تتحقق على الأبنية الوقفية التي ينشئها الغير على أراضي الوقف إذا أجرت وتستوفى منهم خلال مدة سريان الإجارة.

2-

العقارات التي يوقفها المحسنون وقفاً خيريًّا، ويشترطون استغلالها أو الانتفاع بها من قبلهم لمدة محددة، وتستوفى هذه الضرائب والرسوم والطوابع منهم خلال مدة استغلالهم لتلك العقارات.

المادة 12 - تنظم الوزارة حساباتها وسجلاتها طبقاً لمبادئ المحاسبة التجارية، أو طبقاً للأصول المتبعة في وزارة المالية، وتكون سجلاتها وقيودها خاضعة للتدقيق من قبل مدقق حسابات قانوني يعتمده المجلس، كما يتولى ديوان المحاسبة مراقبة حسابات الوزارة وتدقيق سجلاتها ومعاملاتها.

المادة 13 - تتولى الوزارة تدقيق ومراجعة طبعات المصحف الشريف المسموعة والمقروءة والمرئية التي تطبع أو تسجل في المملكة، أو التي ترد من الخارج، ولا يجوز وضعها أو وضع أي نسخة منها في التداول أو التصرف بها بأي صورة من الصور إلا بعد إجازتها من قبل الوزارة وفقاً للتعليمات التي يصدرها الوزير بالتنسيق مع الجهات المختصة الأخرى، وذلك تحت طائلة المصادرة واتخاذ الإجراءات القانونية بحق الأشخاص المسؤولين عن مخالفة أحكام هذه المادة.

ص: 544

المادة 14 - أ - تسجل العقارات والأراضي الموقوفة وقفاً خيريا إسلاميا في سندات خاصة يبين فيها أن نوع الأرض وقف خيري، وأن المتولي عليها الوزارة، ويجري بيان الجهة الموقوف عليها وأي شروط للواقف ترد في الحجة الوقفية على هذه السندات. وعلى دوائر التسجيل أن تقوم بتصحيح قيودها وفقاً لذلك.

ب- تسجل أراضي الخزينة التي تخصص للوزارة أو تفوض لها وقفاً صحيحاً وفق أحكام الفقرة (أ) من هذه المادة، سواء كانت من نوع الأراضي الأميرية أو المملوكة.

المادة 15 - على الرغم مما ورد في أي تشريع آخر، يمنع ترتيب أي حكر جديد على أراضي الأوقاف، أما الأحكار القائمة فيتولى المجلس معالجة جميع الأمور المتعلقة بها.

المادة 16 - أ- يكون للحجج الوقفية الصادرة عن المحاكم الشرعية حجية الأحكام القضائية سواء أكانت تتعلق بأموال منقولة أم غير منقولة ولا يسري عليها مرور الزمن.

ب- تلتزم دوائر التسجيل بتسجيل الحجج الوقفية عند تقديمها إليها في أي وقت.

المادة 17 - تعتبر كل أرض أوقفت لدفن الموتى المسلمين، أو خصصت لذلك من قبل أي سلطة أو جهة أخرى موقوفة وقفاً خيريًّا صحيحاً، وتسجل وفق ما ورد في المادة (14) من هذا القانون، سواء أكانت أرض المقبرة مشمولة بأعمال التسوية أم مستثناة منها أو كانت أميرية أو ملكاً.

ص: 545

المادة 18 - أ - تشرف الوزارة على جميع المساجد وتتولى إدارة شؤونها، كما تشرف الوزارة على دور القرآن الكريم والمراكز الإسلامية (ودور الرفادة التكايا) والزوايا وملحقات كل منها بما في ذلك التي لا ينفق عليها من موازنة الوزارة وفق نظام خاص يصدر لهذه الغاية.

ب- تشجع الوزارة إقامة المساجد ودور القرآن الكريم والمراكز الإسلامية ودور الرفادة (التكايا) والزوايا، ويتم الترخيص بإقامتها بموافقة خطية مسبقة من الوزير أو من ينيبه وفقاً للنظام الخاص المشار إليه في الفقرة (أ) من هذه المادة.

المادة 19 - أ - تعتبر المساحة التي أقيم عليها المسجد وأبيحت فيه الصلاة للناس عامة وقفاً صحيحاً، ويسري هذا الحكم على ما يتبع المسجد من أبنية ومرافق ومنشآت سواء أكانت الأرض مشمولة بأعمال التسوية أم مستثناة منها، أو كانت أميرية أو ملكاً، وتسري أحكام هذه الفقرة على المساجد القائمة عند العمل بأحكام هذا القانون.

ب- تعتبر المساحة التابعة لبناء المسجد جزءاً من الأرض التي أقيم عليها المسجد، ويشترط أن لا تقل أبعادها عن مثلي الارتداد القانوني لبناء المسجد والمرافق والمنشآت التابعة لها ما لم يشترط المالك خطيًّا غير ذلك.

المادة 20- يشترط في الوقف الذري أن لا يتعارض مع أحكام المواريث في الشريعة الإسلامية وفق ما هو مقرر في قانون الأحوال الشخصية المعمول به.

المادة 21 - تتولى الوزارة مراقبة أعمال المتولين على الأوقاف الذرية، وتبليغ المحكمة الشرعية المختصة عن أي مخالفة أو تقصير، وطلب عزل المتولي ومحاسبته.

المادة 22 - يجوز للوزارة أن تتولى الإشراف على الوقف الذري وإدارته واستغلاله، وإنفاق غلته على مستحقيه منفردة أو بالاشتراك مع المتولي بقرار من القاضي الشرعي، وتتقاضى الوزارة نسبة لا تزيد عن (10 %) من واردات الوقف الذري مقابل القيام بمهام التولية والإدارة إذا كانت منفردة، ونسبة لا تزيد عن (5 %) إذا كان بالاشتراك مع المتولي.

المادة 23 - أ - تتولى الوزارة الإشراف على جميع الأوقاف الإسلامية الخيرية في المملكة وتعتبر متوليا عامًّا عليها.

ص: 546

ب- تتولى الوزارة إدارة الأوقاف الإسلامية الخيرية واستغلالها وإنفاق غلتها على الجهات التي حددها الواقف.

ج - إذا اشترط الواقف أن يتولى إدارة الوقف واستغلاله وإنفاق غلته شخص أو جهة غير الوزارة، يعتبر هذا الشخص أو الجهة متوليًّا خاصًّا.

د - تتولى الوزارة مراقبة المتولين الخاصين ومحاسبتهم، والتأكد من عدم وقوع أي مخالفة أو تقصير، وعند وقوعها فللوزارة أن تطلب من المحكمة الشرعية المختصة عزل المتولي الخاص وتعيين بديل عنه، أو إسناد التولية للوزارة.

المادة 24 - على الرغم مما ورد في أي تشريع آخر إذا استملكت أي أرض موقوفة فلا يقتطع مجاناً أي جزء من مساحة الأرض المستملكة.

المادة 25 - تحصل أموال الأوقاف بموجب قانون تحصيل الأموال الأميرية المعمول به.

المادة 26 - تنشأ مؤسسة رسمية عامة تسمى (مؤسسة تنمية أموال الأوقاف) تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ولها ذمة مالية مستقلة عن ذمة الوزارة، ولها بهذه الصفة أن تقوم بجميع التصرفات القانونية التي تمكنها من أداء وظائفها، ولها أن تقاضي وتقاضى، وأن تنيب عنها لدى جميع المحاكم المحامي العام المدني أو أي محام توكله لهذا الغرض.

المادة 27- أ - تقوم المؤسسة باستثمار الأموال الوقفية المنقولة وغير المنقولة بما يحقق مصلحة الوقف، بما في ذلك الاستثمار في العقارات غير الوقفية شراءً وبيعاً من الأموال الوقفية المنقولة.

ب- تلتزم المؤسسة بجميع تصرفاتها واستثماراتها بأحكام الشريعة الإسلامية مع مراعاتها شروط الواقفين.

المادة 28 - للمؤسسة بقرار من مجلس الإدارة وبموافقة مجلس الوزراء المسبقة الحصول على التمويل اللازم من المؤسسات المتخصصة، أو طرح سندات تمويل بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.

ص: 547

المادة 29 - أ - يتولى إدارة المؤسسة مجلس إدارة برئاسة الوزير وعضوية كل من:

1-

المفتي العام للمملكة.

2-

مدير عام المؤسسة - نائباً للرئيس -.

3-

أمين عام الوزارة.

4-

مدير عام مؤسسة إدارة وتنمية أموال الأيتام.

5-

ممثل عن وزارة المالية يسميه وزيرها.

6-

ممثل عن وزارة المالية / الأراضي يسميه وزيرها.

7-

ممثل عن وزارة الأشغال العامة والإسكان يسميه وزيرها.

8-

ممثل عن البنك المركزي يسميه محافظ البنك المركزي.

9-

أربعة أشخاص من المهتمين بالأوقاف والشؤون الإسلامية، وذوي الخبرة في مجال الاقتصاد والاستثمار، يعينهم مجلس الوزراء بتنسيب من الوزير لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.

ب- يشترط في الأعضاء المنصوص عليهم في البنود (5- 8) أن يكون العضو بمرتبة أمين عام أو مدير عام في وزارته أو دائرته، أو موظفاً لا تقل درجته عن الأولى من الفئة الأولى.

ج - يجتمع مجلس الإدارة دوريا وكلما دعت الحاجة بدعوة من رئيسه أو نائبه في حال غيابه، ويكون الاجتماع قانونيا بحضور تسعة من أعضائه على أن يكون الرئيس أو نائبه في حال غيابه واحدًا منهم، وتصدر قراراته بالإجماع أو بأكثرية أصوات الحاضرين، إذا تساوت الأصوات يرجح الجانب الذي صوت معه رئيس الاجتماع.

ص: 548

المادة 30 - يتولى مجلس الإدارة المهام والصلاحيات التالية:

أ- رسم السياسة العامة للمؤسسة بموافقة مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، ووضع الخطة السنوية لعملها.

ب- الموافقة على إقامة المشروعات الاستثمارية الخاصة بالمؤسسة بعد إجراء دراسات الجدوى الاقتصادية والدراسات الفنية والمالية.

ج- وضع الخطط والبرامج اللازمة لاستثمار الأراضي الوقفية.

د - الموافقة على تأجير الأملاك والعقارات الوقفية الإسلامية التي تزيد مدة إجارتها على ثلاث سنوات، وبحيث لا تتجاوز الإجارة ثلاثين سنة.

هـ - إحالة العطاءات والمقاولات الخاصة بالمؤسسة التي تدخل ضمن صلاحياته وفقاً للأنظمة المعمول بها.

و الموافقة على إقامة الدعاوى الخاصة بالاستثمارات الوقفية والتوكيل فيها، وإجراء التحكيم والمصالحة بشأن المنازعات التي تقع فيها، والموافقة على إسقاط تلك الدعاوى إذا اقتضت مصلحة الأوقاف ذلك.

ز- إعداد الموازنة السنوية للمؤسسة ورفعها لمجلس الوزراء للمصادقة عليها.

ح- دراسة مشروعات الأنظمة الخاصة بالمؤسسة بما في ذلك أنظمة الأشغال واللوازم والعطاءات ورفعها لمجلس الوزراء لإقرارها.

المادة 31 - أ - تنشئ الوزارة برامج خاصة لجهات البر الموقوف عليها لتنفق واردات الأوقاف الخيرية الإسلامية على الجهات المستفيدة من هذه البرامج حسب شروط الواقفين، بما في ذلك برامج الإنفاق على المساجد والرعاية الصحية والتعليم ومساعدة المحتاجين، كما ينشأ للأوقاف العامة برنامج عام على أن يراعى في تخصيص واردات الأوقاف للبرامج سداد تمويل المشروعات الاستثمارية أولاً.

ب- تنظم شؤون البرامج وفق نظام خاص يصدر لهذه الغاية.

ص: 549

المادة 32 - أ - يؤسس في الوزارة صندوق خاص يسمى (صندوق الحج) يهدف إلى تشجيع الادخار للحج، بحيث يتم استثمار أمواله لصالح المدخرين، وكذلك أمانات شؤون الحج، على أن يكون الاستثمار وفق أحكام الشريعة الإسلامية، ويكون له شخصية معنوية، ويتمتع باستقلال مالي وإداري، تنظم شؤونه بموجب نظام خاص يصدر لهذه الغاية.

ب- يجوز استثمار أموال صندوق الحج المدخرة في تنمية الأراضي والعقارات الوقفية بموجب اتفاق يوقع بين الصندوق والمؤسسة.

المادة 33 - ينشأ في الوزارة صندوق باسم (صندوق الدعوة) يمول من دعم الموازنة العامة والتبرعات، ليتولى المساعدة في دعم المساجد في المملكة بالأئمة والخطباء والمدرسين، وإرسال الدعاة والقراء للخارج لنشر الثقافة الإسلامية، وطباعة المصحف وتوزيعه داخل المملكة وخارجها، وطباعة الكتب والنشرات الإسلامية باللغة العربية واللغات الأخرى وتوزيعها على الجاليات الإسلامية في العالم، وتنظم شؤونه وفق نظام خاص يصدر لهذه الغاية.

المادة 34 - لمجلس الوزراء إصدار الأنظمة اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون.

المادة 35 - يلغى (قانون الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية) رقم (26) لسنة 1966م وجميع التعديلات التي طرأت عليه، على أن تبقى الأنظمة الصادرة بموجبه والتعليمات المعمول بها سارية المفعول إلى أن تلغى أو يستبدل غيرها بها بمقتضى أحكام هذا القانون خلال مدة أقصاها سنة من تاريخ نفاذه، كما يلغى أي نص في أي تشريع آخر تتعارض أحكامه مع أحكام هذا القانون.

* * *

ص: 550