الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأوقاف "الأحباس"
وأحكامها وأقسامها ومواردها ومصارفها
إعداد
سماحة الشيخ عبد الله سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء وخبير بمجمع الفقه الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، والشكر لله الذي مَنَّ علينا بالهداية إلى الإيمان والاتصاف به، والثناء لوجهه الكريم ذي الجلال والإكرام، والصلاة والسلام على عبده ورسوله سيدنا ونبينا محمد الرسول الأمين والرحمة المهداة للعالمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:
لا شك أن الإسلام يتميز بنظرته إلى الفرد والمجتمع نظرة تقدير، ورعاية، وعناية بحقوقهما معاً، بحيث لا تطغى مصلحة الفرد على مصلحة الجماعة، ولا مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد، وبحيث يتحقق في ظله التعايش الأخوي بين مجتمعاته المختلفة في الأجناس والألوان والمشارب، بحيث يشعر الفرد أنه جزء من مجتمعه يسره ما يسره، ويسوؤه ما يضره، قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10] .
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)) (1) .
كما أن الإسلام يؤكد على الفرد حكمة وجوده في هذه الحياة، وأنه يتميز على سائر المخلوقات بخصائص تتعلق برابطته بربه، ورابطته بأهله ومجتمعه، وبرابطته بحياته الآخرة، وبمستلزمات ومقتضيات هذه الروابط من حيث التزود بما تقوى به تلك الروابط، ويصلح أن يكون وسيلة للسعادة، وتحصيل مرضاة الله، واتصال عمله في حياته الدنيا بحياته الآخرة.
(1) الحديث أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره. (صحيح البخاري مع فتح الباري: 1 / 674) . وأخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب: تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم. (صحيح مسلم مع شرح النووي: 16 / 139) .
ولهذا جاء الترغيب والحث على الوقف والوصية بالإنفاق منهما على جهات البر والإحسان انطلاقاً من مبدأ الأخوة الإسلامية، ومن نظرة الإسلام إلى المال بصفته وسيلة لخدمة الإنسان وعمارة الكون.
ذلك أن المال إكسير الحياة وجوهرها، والإسلام ينظر إلى المال نظرته إلى الوسيلة المحققة للغاية، فهو يعتبر المال عنصراً هاما من عناصر عمارة الأرض، واستتباب الأمن، ورخاء البشر، والتمكن من تحقيق حكمة الله تعالى في خلق الثقلين الجن والإنس، قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] .
وفي تشريعات الإسلام وقواعده وأصوله إحكام القضاء على تكدس الثروات في أيدي قلة من الناس يتحكمون بها في إشباع شهواتهم ورغباتهم، وما يتبع ذلك من نزوات الظلم والبغي والعدوان، واستعباد الناس فرادى وجماعات في المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأخلاقية، والإعلامية، وقضايا التسلط والاعتداء وشراء الذمم.
جاء الإسلام بتشريعات حكيمة قضى فيها على تكدس الثروات في أيدي القلة من الناس فتوزعت على أكبر عدد ممكن من عباد الله لتكون لهم قواماً.
ومن هذه التشريعات الحكيمة العادلة ما يلي:
1-
توزيع ثروات من يتوفى على ورثته من بعده كل بقدر حصته الإرثية، ومكانة قربه من المتوفى، وعلم المواريث ينظم هذا التوزيع بما فيه من أحكام وفروض.
2-
الحض على الوصية للوالدين، والأقربين، وجهات البر والخير والإحسان ليتم إنفاذها بعد الموت فتستفيد بذلك تلك الجهات.
3-
الحض على الصدقات، والصلات، والإنفاق في سبيل الله، وفي وجوه البر والإحسان، وأفضل ذلك ما كان من صحيح شحيح قادر.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: ((أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان)) (1) .
4-
الحض على إطعام الفقراء والمساكين، ورعاية اليتامى، والمعاقين، والأيامى من النساء والأرامل.
5-
وجوب الزكاة كل عام في الأموال الزكوية من أنعام، وأثمان، وعروض تجارة، وفي الخارج من الأرض عند حصاده أو جذاذة مما يعتبر مالاً زكويًّا.
6-
الحض على الوقف على وجوه البر، وعلى المحتاج من الأقارب، وعلى المرافق العامة والخاصة من مدارس، ومكتبات، ومستشفيات، ومساجد، وأربطة، ودعوة إلى الله باللسان، والقلم، والسنان.
(1) الحديث أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب فضل صدقة الشحيح الصحيح. (صحيح البخاري مع فتح الباري: 3 / 334) ؛ وأخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب: بيان أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح. (صحيح مسلم مع شرح النووي: 7 / 123) .
هذه الأسباب وغيرها مما لم يذكر تعتبر من عوامل تفتيت الثروات، وإعادة توزيعها على أكبر عدد ممكن ممن هم أهلها وفي حاجتها.
والوقف وبعض أنواع الوصية منه يعد من أكبر أسباب توزيع الثروات، وإشاعة النفع، والانتفاع به يعتبر من أهم القرب التي يتقرب بها إلى الله تعالى، كما يعتبر الصلة بين استمرار حصول العبد على الأجر والثواب في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
ولهذا وصف بأنه الصدقة الجارية المستمر فضلها وأجرها وعطاؤها في حياة المسلم وبعد وفاته لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) (1) .
وللوقف في الإسلام أثر كبير في الإنفاق على المرافق العامة والخاصة كالمساجد، والمدارس، والأربطة، والمستشفيات، والمكتبات، وتجهيز الموتى، والإنفاق على دور اليتامى والمعاقين، وتجهيز جيوش القتال في سبيل الله، ووقف الأسلحة، والكتب، والأعيان من ثابت كالعقارات، ومنقول كأدوات المنازل والبناء، وحلي النساء، والدواب، وغير ذلك مما كان له أثر تيسير أحوال العباد، واستمتاع فقراء المسلمين ومساكينهم بما يتمتع به أغنياؤهم من المآكل والمشارب والمساكن وكافة شؤون الحياة.
وحيث أن موضوع هذا البحث هو الأحباس وخصائصها وأنواعها وأحكامها، والأحباس هي الأوقاف، ومن الأوقاف بعض الوصايا، فمن تمام البحث التعرض للفرق بين الوقف والوصية، ولأن التفريق بين الأمور لا يتم إلا بتصور كل أمر، ومدى تميزه واختلافه عن غيره، فقد ظهر لي وجاهة الحديث عن الوقف ومشروعيته والحاجة إليه، وما يتعلق به من أحكام وخصائص، ثم بعد ذلك الحديث عن الوصية بمثل الحديث عن الوقف لتظهر لنا الفوارق بينهما. والله المستعان.
* * *
(1) الحديث: أخرجه البخاري في الأدب المفرد، باب: بر الوالدين بعد موتهما، ص 30؛ وأخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب: وصول ثواب الصدقات للميت. (صحيح مسلم مع شرح النووي: 11 / 85) .
مشروعية الوقف
الوقف ثابتة مشروعيته بالكتاب، والسنة، والإجماع، وعمل الصحابة رضي الله عنهم.
فمن الاستدلال بكتاب الله على مشروعية الوقف عموم قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92] .
وقوله تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ} [البقرة: 110] .
وفي معنى الوقف الوصية، قال تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180] .
ومن الاستدلال بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ص: ((إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) (1) .
وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر بخيبر أرضاً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أصبت أرضاً ولم أصب مالاً قط أنفس (2) منه، فكيف تأمرني به؟ فقال:((إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها)) . فتصدق عمر: أنه لا يباع أصلها، ولا يوهب، ولا يورث، في الفقراء، والقربى، والرقاب، وفي سبيل الله، والضيف، وابن السبيل، ولا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقاً غير متمول فيه.
قال: فحدثت به ابن سيرين فقال: غير متأثل (3) مالاً (4) .
وعن إسحاق بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالك يقول: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء (5) ، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] جاء أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن الله تبارك وتعالى يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بخ (6) ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين)) ، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه (7) .
(1) الحديث: أخرجه البخاري في الأدب المفرد، باب: بر الوالدين بعد موتهما، ص 30؛ وأخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب: وصول ثواب الصدقات للميت. (صحيح مسلم مع شرح النووي: 11 / 85) .
(2)
أنفس: أي أجود. (شرح النووي على مسلم: 11 / 86) .
(3)
متأثل مالاً: أي غير جامع، يقال: مال مؤثل، ومجد مؤثل. أي مجمع ذو أصل. (النهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 23) .
(4)
الحديث: أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب: الشروط في الوقف. (صحيح البخاري مع فتح الباري: 5 / 418) .
(5)
بيرحاء: موضع حائط قبلي المسجد النبوي، يعرف بقصر بني جديلة. (شرح النووي على مسلم: 7/84) .
(6)
بخ: كلمة تقال إذا أحمد الفعل، وتقال عند الإعجاب. (شرح النووي على مسلم: 7 / 84) .
(7)
الحديث: أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب: الزكاة على الأقارب. (صحيح البخاري مع فتح الباري: 3/ 381) ؛ وأخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب: فضل النفقة على الأقربين والزوج والأولاد. (صحيح مسلم مع شرح النووي: 7 / 84) .
وذكر الخصاف في كتابه (أحكام الأوقاف) : أن أول صدقة كانت في الإسلام وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن مخيريق اليهودي كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد، فأوصى إن قتل أن حوائطه السبعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتل، فقبضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصدق بها، فكانت أول صدقة في الإسلام.
ومن الاستدلال بالإجماع ما ذكره الشيخ عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله في حاشيته على الروض المربع (1) قال: "والأصل في مشروعية الوقف السنة والإجماع في الجملة". وذكر حديث ابن عمر، فقال:"وقال جابر: لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف. ولا نزاع في وقف الأرض، وقال القرطبي: لا خلاف بين الأئمة في تحبيس القناطر والمساجد، واختلفوا في غير ذلك " اهـ.
وقال الموصلي الحنفي: "وأجمع الأمة على جواز أصل الوقف، لما روي أنه عليه الصلاة والسلام تصدق بسبع حوائط في المدينة، وكذلك الصحابة وقفوا"(2) .
وقد وقف مجموعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر، وعمر وعثمان، وعلي، والزبير بن العوام، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وعائشة، وأم سلمة، وصفية، وأم حبيبة زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسماء بنت أبي بكر، وسعد بن أبي وقاص، وخالد بن الوليد، وجابر بن عبد الله، وسعد بن عبادة، وعقبة بن عامر، وعبد الله بن الزبير، وأبو أروى الدوسي، وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) .
ومما تقدم يظهر لنا أن الوقف مما ازداد به المسلمون تميزاً، وأنه مظهر من مظاهر المواساة، والشعور بالأخوة الإسلامية، والنصح للنفس المطمئنة بصلة عملها بعد الموت بالصدقة الجارية.
فالوقف تمويل لمجموعة من المرافق العامة والخاصة للمسلمين، وأنه صدقة جارية يبقى أصله، وتوزع غلته تحقيقاً لمعنى الوقف في الإسلام: تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة.
* * *
(1) الروض المربع: 5 / 530.
(2)
الاختيار لتعليل المختار: 3 / 40 - 41.
(3)
انظر: أحكام الوقف على الذرية، للدكتور محمد عبد الرحيم الخالد: 1 / 78 - 87، وما نقله عن الخصاف من كتابه: أحكام الوقف.
تقسيم الوقف إلى ثابت ومنقول
الوقف منه ما هو ثابت كالعقارات من أربطة، ومدارس، ومساجد، ومزارع، وبساتين، ومن ذلك وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم حوائطه السبعة التي أوصى بها له مخيريق الذي مات في غزوة أحد.
وكذلك وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه سهمه في خيبر.
ووقف أبي طلحة بيرحاء في المدينة المنورة، وكذلك أوقاف مجموعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دورهم ومزارعهم.
ومن الوقف ما هو منقول كوقف الأسلحة، والعتاد، والدواب، وأدوات المنازل، وحلي النساء.
والأصل في جوازه ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من احتبس فرساً في سبيل الله، إيماناً بالله، وتصديقاً بوعده، فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه في يوم القيامة)) (1) .
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله في حق خالد بن الوليد: ((وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، فقد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله)) (2) .
ومن ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم الحج فقالت امرأة لزوجها: أحجَّني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما عندي ما أحجك عليه، قالت: أحجني على جملك فلان، قال: ذلك حبيس في سبيل الله عز وجل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله، وإنها سألتني الحج معك، قالت: أحجني مع رسول الله، فقلت: ما عندي ما أحجك عليه، فقالت: أحجني على جملك فلان، فقلت: ذاك حبيس في سبيل الله، فقال:((أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله)) (3) .
ووجه الشاهد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقره على تحبيس جمله في سبيل الله وهو عين منقولة غير ثابتة.
* * *
(1) الحديث: أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب: من احتبس فرساً في سبيل الله. (صحيح البخاري مع فتح الباري: 6 / 68) ؛ وأخرجه النسائي في كتاب الخيل، باب: علف الخيل: 6 / 225؛ وأخرجه أحمد في مسنده: 2/ 374.
(2)
جزء من حديث: أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب: قوله الله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60]، (صحيح البخاري مع فتح الباري: 3/ 388) ؛ وأخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب: تقديم الزكاة ومنعها. (صحيح مسلم مع شرح النووي: 7 / 56) .
(3)
الحديث: أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب: العمرة: 2 / 211؛ وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه في كتاب المناسك، باب: الرخصة للحاج بعد الفراغ من الحج والعمرة والإحرام بهما من أي الحل شاء: 4/ 361.
انتفاع الواقف من وقفه
يجوز للواقف الانتفاع من وقفه مدة حياته وذلك في حال توقيفه ونصه في ذلك على انتفاعه بوقفه، والأصل في ذلك ما رواه ثمامة بن حزن القشيري قال: شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان فقال: "أنشدكم بالله وبالإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة؟ فقال: ((من يشتري بئر رومة فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة)) ، فاشتريتها من صلب مالي "(1) .
قال المجد: "وفيه جوازانتفاع الواقف بوقفه العام"(2) .
* * *
مصارف الوقف
اتجه غالب الموسرين من المسلمين إلى التقرب إلى الله بوقف جزء من أموالهم رغبة في اتصال أعمالهم الصالحة بعد مماتهم، وإيماناً وتصديقاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) (3) .
والوقف مرفق شرعي يجب أن تصرف غلته في جهات بر وإحسان، بعد حجز ما يمكن أن يكون من مقتضيات إنفاذه، وإصلاحه، وترميمه، وعمارته بما يستلزم ضمان استمرار استغلاله بالصرف على الجهات المعينة للصرف عليها من غلته، وتدفع منها أجرة من يقوم عليه بصفة النظارة والولاية إن لم يكن ثم ناظر متبرع بذلك، وتقديرها إما بنص الواقف في تعيين الأجرة، أو تقديرها من حاكم شرعي.
* * *
(1) هذا جزء من حديث: أخرجه الترمذي في كتاب المناقب، باب: في مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه: 5 / 583؛ وأخرجه النسائي في كتاب الأحباس، باب: وقف المساجد: 6 / 235؛ وأخرجه أحمد في مسنده: 1 / 75.
(2)
المنتقى: 2 / 440.
(3)
الحديث: أخرجه البخاري في الأدب المفرد، باب: بر الوالدين بعد موتهما، ص 30؛ وأخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب: وصول ثواب الصدقات للميت. (صحيح مسلم مع شرح النووي: 11 / 85) .
شروط الوقف
اشترط العلماء رحمهم الله لصحة الوقف شروطاً، منها ما يلي:
1-
أن يكون الواقف جائز التصرف، فلا يصح وقف من معتوه، أو صغير، أو محجور عليه لصالحه أو صالح غرمائه، أو غير من ذكر ممن لا يصح تصرفه في ماله.
2-
أن تكون العين الموقوفة مملوكة لواقفها ملكاً تامًّا مستقلاً.
3-
أن يكون الوقف عيناً معلومة يصح التصرف بها بالانتفاع بغلتها مع بقاء أصلها، فلا يجوز وقف ما في الذمة، ولا وقف ما لا ينتفع به إلا بإتلافه كطعام وشراب معين ونحو ذلك، ولا ما يباح تملكه كالكلب ونحوه.
4-
أن يكون على جهة خيرية يصح تملكها كالفقراء، والمساكين، والأقارب، والمساجد، والقناطر، والمكتبات، وطباعة وتأليف الكتب الشرعية، فلا يصح الوقف على محرم كالكنائس، والبيع، ولا على مكروه، ولا على مباح، على خلاف بين أهل العلم في جواز الوقف على مباح، حيث إن القصد من الوقف حصول الثواب للواقف من صرف غلته في وجوه البر، ولا يكون الوقف محصلاً الثواب إلا إذا كان على الجهة الخيرية.
5-
أن يكون الوقف على معين، فلا يصح الوقف على مجهول، أو مبهم لتعذر إيصال النفع إليه للجهل به.
6-
أن يكون الوقف ناجزاً فلا يجوز تعليقه على مجهول، إلا على موت الواقف فيكون ذلك من قبيل الوصية بالوقف، فلا ينفذ منه إلا بمقدار ثلث المال وما زاد فبإجازة الورثة.
7-
ألا يشترط الواقف في وقفه ما ينافي الوقفية كاشتراط حقه في بيعه، أو هبته، أو توقيت الوقفية بزمن معين كشهر، أو سنة، أو نحو ذلك.
8-
ألا يكون الوقف وقف جنف كوقفه على أبنائه دون بناته، أو دون بنات أبنائه. قال تعالى في إصلاح الوقف الجنف، أو الوصية:{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 182] .
* * *
حكم التقيد بنص الواقف
ذكر بعض أهل العلم أن شرط الواقف كشرط الشارع، وذكر المحققون من أهل العلم أن معنى هذا أن شرط الواقف كشرط الشارع في الفهم والاستدلال، لا في الاعتبار، فلو شرط شرطاً باطلاً فلا يجوز الأخذ به، بخلاف شروط الشارع فهي شروط صحيحة معتبرة لا يجوز التردد في الأخذ بها، بل هي لازمة.
وفي غاية المنتهى (1) للشيخ مرعي بن يوسف ما نصه: "قال الشيخ: قول الفقهاء: نصوص الواقف كنصوص الشارع؛ يعني في الفهم والدلالة لا في وجوب العلم..، وقال: الشروط إنما يلزم الوفاء بها إذا لم تفضِ إلى الإخلال بالمقصود الشرعي، فمن شرط في القربات أن يقدم فيها الصنف المفضول فقد شرط خلاف شرط الله، كشرط في الإمامة تقديم غير الأعلم"
* * *
(1) 2 / 299 - 300.
إجراءات الحفاظ على الوقف وإنفاذه
نظرًا إلى أن الواقف في حال حياته هو أحرص من غيره على مصلحة الوقف، واستمرار نفعه، فهو الأولى بالنظارة والولاية عليه إن كان أهلاً للنظارة، فإذا مات ولم يكن منه تعيين لناظر معين فإن مسؤولية تعيين ناظر على الوقف من اختصاص الحاكم الشرعي في منطقة ذلك الوقف، فيجب عليه أن يختار للنظارة على الوقف من تتوافر فيه صفات الأمانة والتقوى والصلاح والقوة والبصيرة.
وبعد تعيينه يوصيه الحاكم بتقوى الله تعالى ومراقبته في السر والعلن في كل تصرف يتعلق بهذا الوقف، ويأمره باتخاذ سجل يسجل فيه واردات الوقف ومصروفاته، وإذا اقتضى النظر الشرعي أن يضم إليه مشرف على أعماله، أو أن يعين للوقف أكثر من ناظر فذلك راجع إلى نظر الحاكم الشرعي وإلى اجتهاده، وعلى الحاكم الشرعي أن يصدر إعلاماً شرعيًّا بذلك - صك النظارة - ليكون ذلك الإعلام مستند الناظر في تصرفه في الوقف فيما يتعلق باستغلاله وإصلاحه والصرف منه على جهاته الخيرية المنصوص عليها في وثيقة الإيقاف - صك الوقفية -، ويجب أن تكون تصرفاته في الوقف مستندة على حصول الغبطة والمصلحة في ذلك، وفي حال استبداله بغيره فيشترط لنفاذ التصرف إذن الحاكم الشرعي بذلك.
ثم إن الواقف يحتمل أن يذكر من جهات الوقف ما لا يجوز الوقف عليه كالوقف على معابد اليهود، أو النصارى، أو مراكز التصوف، أو غير ذلك مما لا يجوز الوقف عليه بتحريم أو كراهة، فيجب على القاضي أن يغير ذلك ويستعيض عنه بما فيه التقرب إلى الله تعالى بما ينفع الواقف الميت بعد موته.
ثم إن الوقف يحتمل أن يشتمل على وقف جنف، كالوقف على البنين دون البنات، فيجب على القاضي أن يحكم ببطلان ما في الوقف مما لا يتفق مع المقتضى الشرعي في وجوب العدل بين الأولاد.
* * *
أحوال جهات الوقف وأحكامها
نظرًا إلى أن الأمر كما ذكره الله تعالى بقوله: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 26 - 27] .
فإن الوقف يتصور في أموره ثلاث حالات:
الحالة الأولى: وقف منقطع الابتداء كمن يقف على كنيسة، ثم على الفقراء والمساكين؛ فيبطل الوقف على الكنيسة وتنتقل جهة الوقف إلى ما يلي ما بطل وهو الوقف على الفقراء والمساكين ابتداءً.
الحالة الثانية: وقف منقطع الوسط كمن يقف على أولاده ثم على أولادهم ثم على كنيسة ثم على الفقراء والمساكين؛ فيبطل الوقف على الكنيسة، ثم تكون جهات الوقف على أولاد الواقف، ثم على أولادهم، ثم على الفقراء والمساكين.
الحالة الثالثة: وقف منقطع الانتهاء كمن يقف على نفسه، ثم على أولاده، ثم على أولادهم، ثم على عتيقه سعيد، ثم على أولاده؛ فتنقطع هذه الجهات كلها، أو أن يقف ابتداءً على ما لا يجوز الوقف عليه كالوقف على الكنيسة، أو على كلب، أو على مرقص، أو نحو ذلك.
هذا النوع من الأوقاف - الحالة الثالثة - قد اختلف أهل العلم في حكمه؛ فذهب بعضهم إلى أنه يؤول وقفاً على عصبة الواقف.
وبعضهم قال: يؤول تركة توزع على من يعتبرون ورثة للواقف وقت انقطاع وقفه على افتراض موته ذلك الوقت.
وبعضهم قال: يرجع وقفاً على جهات بر وإحسان يجتهد الحاكم في تحديدها وتعيينها بما يكون له صفة الاستمرار والدوام، ويختار من جهات البر ما هو أولى، وأخص، وأنفع، وأكثر ثواباً للميت.
ويظهر لي - والله أعلم - وجاهة اختيار هذا القول؛ لأن للحاكم الشرعي نظراً مصلحيًّا ينبني على النصح لعموم المسلمين فيما يتعلق بمصالحهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ومن مصلحة الواقف استمرار وقفه، وتعيين جهات خيرية تنتفع بغلته، ويرجع ثواب هذا الانتفاع إلى الواقف بعد موته وانقطاع عمله، وهذا من محض النصح لأموات المسلمين.
قال في غاية المنتهى (1) : "ومنقطع الابتداء يصرف في الحال لمن بعده، ومنقطع الوسط لمن بعده، ومنقطع الآخر بعد من يجوز الوقف عليه ".
والمحاكم في المملكة تسير وفق الاجتهاد القضائي لكل حال من هذه الأحوال الثلاثة. والوقف من حيث وجوب بذل العناية والاهتمام به لبقاء أصله، وتوزيع غلته كالوصية.
وقد قدم الله تعالى الوصية على الدين، مع أن الدين أولى بالتنفيذ على التركة من الوصية، وذلك إشارة إلى وجوب الاهتمام بها والعناية بتنفيذها، فقال تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] ، والوقف في معنى الوصية من حيث العناية والاهتمام به، وذلك أن الدين له أهل يطالبون بسداده، والوصية - والوقف في معناها - جانب المطالب بإنفاذها ضعيف لانتفاء مصلحته أو قلتها، فجاء تقديمها في النص الإلهي على الدين إشارة إلى وجوب الاهتمام بها واستشعار المسؤولية لإنفاذها.
مع أن الوصية لا تنفذ إلا بعد سداد الديون من التركة، بخلاف الوقف الناجز فهو نافذ مطلقاً، ولا يعتبر من مشتملات التركة، وفي هذا خلاف بين أهل العلم، والأرجح ما ذكرنا.
وهذا يعني أن مسؤولية الوقف مسؤولية ربانية، ولهذا اتجه أهل العلم إلى أن من أهم مسؤولية الحاكم الشرعي واختصاصاته القضائية إعطاء الأوقاف أولية النظر، والمتابعة والمراقبة، وإسناد القيام بالنظارة عليها إلى من تبرأ الذمة بإسنادها إليه ممن تتوافر فيه الأمانة والديانة والتقوى والصلاح وسلامة النظر والتبصر.
ثم إن مسؤولية الحاكم الشرعي لا تنتهي عند حد إسناد النظارة إلى من هو أهل لها، فإن التصرف في عين الوقف بيعاً وشراءً، وكذا التصرف به تأجيراً لمدة طويلة لا يتم إلا بإذن منه، وقد يحتاج إذنه إلى تصديق من محكمة التمييز.
كل ذلك يعني بذل الاحتياطات الكاملة للحفاظ على الوقف أصلاً، وغلة، وصرفاً على الجهات الخيرية المعينة في وثيقة الوقف استمراراً لجريان الصدقة للواقف، فكل مخالفة، أو مجاوزة، أو تهاون في شؤون الأوقاف فالمسؤولية عند ذلك على الناظر على الوقف، وتمتد المسؤولية إلى الحاكم الشرعي في حالة علمه بذلك، قال تعالى:{فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 181] .
والتجاوز في المخالفة في معنى التبديل.
* * *
(1) غاية المنتهى: 2 / 259.
الوصية
الوصية بالمال: هي التبرع به بعد الوفاة لجهة لها حق التملك على سبيل الاستحباب أو الإباحة.
مشروعيتها:
الأصل في مشروعية الوصية: الكتاب، والسنة، والإجماع.
فهي مشروعة من كتاب الله بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180] .
وقوله تعالى: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: 12]
…
وبغير ذلك مما ورد في كتاب الله تعالى بشأن الوصية.
ومشروعة من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ من ذلك ما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)) (1) .
وأما الإجماع فقد ذكر ابن قدامة رحمه الله في المغني إجماع العلماء في جميع الأمصار والأعصار على جواز الوصية.
والوصية مشروعة على سبيل الاستحباب، وعلى سبيل الوجوب.
فمن كان عليه دين، أو عنده وديعة، فيجب أن يوصى بذلك براءة لذمته، ووفاء بما عليه من حقوق للآخرين.
ويجوز له على سبيل الاستحباب، أو الإباحة، أن يوصى بجزء من ماله لمن يراه أهلا لها. سواء أكان ذلك على سبيل التمليك، أو كان على سبيل الوقف المعلق بالوفاة.
وكره بعض أهل العلم الوصية من الفقير؛ لأن الله تعالى قل: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة:180] والفقير لا يترك إلا يسيراً، وورثته أحق به.
وذكر ابن قدامة رحمه الله (2) : أن عليًّا بن أبي طالب رضي الله عنه قال لرجل أراد أن يوصي: إنك لن تدع طائلاً، وإنما تركت شيئاً يسيراً فدعه لورثتك.
(1) الحديث أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب: الوصايا. (صحيح البخاري مع فتح الباري: 5/419) ؛ وأخرجه مسلم في كتاب الوصية. (صحيح مسلم مع شرح النووي: 11/74) .
(2)
انظر: المغني مع الشرح الكبير: 6/ 446.
شروط الوصية:
يشترط في الوصية شروط منها:
1-
أن تكون من جائز التصرف، فلا تصح من مجنون، ولا صغير، ولا محجور عليه لصالحه، أو صالح غرمائه.
2-
ألا تزيد على الثلث، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث سعد بن أبي وقاص:((الثلث، والثلث كثير)) . وقد استحب بعض أهل العلم ألا تبلغ الوصية ثلث المال بأن تكون ربعه فأقل لقوله صلى الله عليه وسلم: ((الثلث كثير)) فإن زادت الوصية عن الثلث بطل ما زاد عنه إلا بإجازة الورثة، لحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من وجع أشفيت منه على الموت فقلت: يا رسول الله! بلغني ما ترى من الوجع وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال:((لا)) ، قلت: أفأتصدق بشطره، قال:((لا، الثلث، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) (1) .
فإن أوصى بأكثر من الثلث، وأجاز ذلك الورثة صحت الوصية.
3-
ألا تكون الوصية لوارث لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث)) (2) .
فإن أوصى لوارث بطلت الوصية إلا بإجازة الورثة.
وما زاد عن الثلث، أو كان وصية لوارث فأجاز بعض الورثة، وبعضهم لم يجز، أو كان منهم قاصر عن اعتبار التصرف، فينفذ من ذلك قدر حصة كل وارث جائز التصرف صدرت منه الإجازة.
4-
ثبوت حياة الموصى له قبل وفاة الموصي، وهذا قول أكثر أهل العلم، فإن مات الموصى له قبل موت الموصي بطلت الوصية، وصارت إرثاً بعد موت الموصي.
5-
قبول الموصى له الوصية بعد موت الموصي، فإن ردها الموصى له بطلت وصارت إرثا.
6-
أن تكون الوصية بما يجوز تملكه، فلا تصح الوصية بكلب، ولا خنزير، ولا خمر، أو نحو ذلك.
والوصية جائزة ما دام الموصي حيًّا، فله حق الرجوع عنها، أو تغييرها، أو تبديلها، فإذا مات لزمت وتعين إنفاذها بشروطها.
(1) الحديث: أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب: الوصية بالثلث. (صحيح البخاري مع فتح الباري: 5/ 434) ؛ وأخرجه مسلم في كتاب الوصية. (صحيح مسلم مع شرح النووي: 11/ 76) .
(2)
الحديث: أخرجه أبو داود في كتاب الوصايا، باب: ما جاء في الوصية للوارث: 3/113؛ وأخرجه الترمذي في كتاب الوصايا، باب: ما جاء لا وصية لوارث: 4 / 376؛ وأخرجه ابن ماجه في كتاب الوصايا، باب: ما جاء لا وصية لوارث: 2/ 950؛ وأخرجه أحمد في مسنده: 5/267.
وتكون الوصية مطلقة، ومقيدة، فتكون مطلقة بانتفاء القيود بها كأن تكون وصيته للمساكين، أو لأولاده ونحو ذلك.
وتكون مقيدة كأن يوصي بقوله: إن مت من مرضي هذا فأوصي بكذا وكذا، أو إن مت في هذه البلدة، أو في هذا السفر.. ونحو ذلك.
فلو مات من مرض آخر، أو في بلد آخر، أو في سفر غير السفر الذي أوصى فيه، ولم يغير وصيته حتى مات، لم تنفذ وصيته لقيدها بما لم يتحقق به القيد.
بما ذكرنا من أحوال الوقف، وأحكامه، وشروطه، ومن أحوال الوصية، وأحكامها، وشروطها، يتضح لنا أن الوقف يتفق مع الوصية في مجموعة أمور؛ منها:
1-
أن يكون الوقف، أو الوصية في عين يباح تملكها وتمليكها.
2-
أن يكون الواقف، أو الموصي جائز التصرف.
3-
أن تكون جهة الوقف، أو الموصى إليه مما يصح لها التمليك.
4-
أن يكون الوقف، أو الوصية بالوقف عيناً يصلح الانتفاع بها مع بقاء عينها.
5-
لزوم الوقف بعد صدوره من الواقف، ولزوم الوصية بعد موت الموصي بها.
6-
استحباب الوقف، واستحباب الوصية إذا لم تكن وصيته بدين، أو بوديعة.
7-
بطلان الوقف أو الوصية بما فيه جنف.
كما أن الوقف يختلف عن الوصية في مجموعة أمور؛ منها:
1-
لا يصح الوقف إلا في عين يصلح الانتفاع بها مع بقاء عينها، بخلاف الوصية فتصح مطلقاً في كل مال يصح تملكه ولو كان ذلك بعين لا ينتفع بها إلا باستهلاكها.
2-
يصح للواقف أن يقف مطلقاً، بخلاف الموصي فلا يوصي إلا بالثلث فأقل، وألا يوصي لوارث.
3-
يلزم الوقف وينتقل من ملك واقفه بمجرد إيقافه، بخلاف الوصية فلا تلزم إلا بعد وفاة الموصي.
4-
لا يجوز للواقف بعد وقفه أن يرجع عنه، ولا أن يزيد فيه، أو ينقص، حيث إنه بإيقافه قد انتقل من ملكه، بخلاف الوصية فللموصي حق تغيير وصيته بزيادة، أو نقص، أو عدول عنها مطلقاً، أو إلى غيرها ما دام حيًّا.
5-
الوقف مستحب وليس بواجب مطلقاً، بخلاف الوصية فهي مستحبة بالتبرع ببعض المال بعد الوفاة، وواجبة بالوصية بالدين، أو بـ الوديعة.
6-
لا يجوز تعليق الوقف بغير الوفاة، كما لا يجوز توقيته بوقت معين كشهر، أو سنة مثلاً، بخلاف الوصية فتجوز مطلقة ومقيدة، فإطلاقها كالوصية للفقراء والمساكين، وتقييدها بالوصية في مرض معين، أو في بلد معين، أو في سفر معين، فإذا لم يتحقق القيد بها ومات الموصي بها قبل تغييرها لم تنفذ.
هذه أخص ما يتفق الوقف مع الوصية فيه، وما يختلفان به، وليس ما ذكر حصراً وإنما هو مما تيسر إدراكه. والله أعلم.
والوقف مرفق مالي يجب العناية به والحفاظ عليه والعمل على ما تجري به صدقته، من العناية بأصله من حيث تعميره وترميمه ومتابعة إصلاحه وصلاحه للدر والعطاء، فلئن كان عقاراً فيجب أن يكون التصرف فيه فيما تتحقق به الغبطة والمصلحة من تأجير واستبدال أو تعمير، ولئن كان منقولاً فيجب ملاحظة ما ذكر في العقار مع الاهتمام بالأخذ بأسباب الحفاظ عليه حيث إنه أكثر عرضة للضياع من العقار، وفي كل ذلك يجب على الناظر على الوقف الرجوع إلى الحاكم الشرعي لأخذ إذنه في إجازة التصرف في رقبة الوقف فيما يتعلق بانتقال رقبته.
ولا يجوز تجميع غلال الأوقاف لصرفها في شراء أوقاف أخرى تابعة أو مستقلة، حيث إن الوقف معناها الشرعي كما جاء ذلك في تعريفه من رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما وجه عمر بن الخطاب في وقفه: تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة. ولا يخفى أن صرف الغلال في شراء رقاب أوقاف مخالف لمعنى الوقف وحجب لصدقته الجارية.
وحيث جاء في توجيه أمانة المجمع استحسان تعرض الباحث للنظم الكفيلة بحفظ الوقف، فإن للملكة العربية السعودية تنظيمات تتعلق بالوقف وسبل رعايتها.. ومنها ما يلي:
الأوقاف في المملكة قسمان:
القسم الأول: وقف خاص يقوم بالنظارة عليه من يعينه الواقف، فإن لم يعين الواقف ناظراً وجب على الحاكم الشرعي تعيين ناظر على الوقف من أهله إن وجد فيهم من هو أهل للنظارة، وإلا عين الحاكم على الوقف ناظراً من غيرهم.
والقسم الثاني: وقف خيري عام، وهذا النوع من الأوقاف نظارته لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية نيابة عن ولي الأمر، وهذا النوع من الأوقاف يشكل نسبة عالية من الأوقاف في المملكة.
تقوم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف برعاية هذه الأوقاف، والأخذ بأسباب مضاعفة غلالها، والصرف على جهات البر والإحسان من غلالها، ولبيوت الله في المملكة حقها من هذه الغلال، وللجمعيات الخيرية وتحفيظ القرآن نصيبها من الغلال بصفة مستمرة.
يقوم بإدارة هذه الأوقاف والتصرف فيها وفق المقتضى الشرعي بيعاً وشراء وتأجيراً ثلاث جهات إدارية وعلى مستويات تدريجية لكل جهة اختصاصها:
الجهة الأولى:
وهذه الجهة هي الجهة المباشرة لشؤون الأوقاف في منطقتها من حيث الرقابة، والمتابعة والاستغلال، والإصلاح، والترميم، والصرف على الجهات المعنية في وثائق الأوقاف، ولديها سجلات الأوقاف ووثائقها، وهي المسؤولة عن مباشرة الدفاع عن الأوقاف، واستحصال الوثائق المثبتة لوقفيتها عن طريق التقدم للمحاكم بأخذ حجج استحكام على تملكها ووقفيتها وتعيين جهات الصرف عليها من غلتها وذلك فيما ليس لدى الوزارة وثائق بوقفيتها غير وضع اليد عليها بدون معارض، أو عن طريق الاستفاضة في وقفيتها.
الجهة الثانية:
في كل منطقة من مناطق المملكة مجلس للأوقاف يسمى المجلس الشرعي للأوقاف، يتألف من مدير عام أوقاف المنطقة، ومن مندوب من وزارة العدل بدرجة قاض، ورئيس البلدية، وثلاثة من أهل النظر والبصرية من أهل المنطقة؛ يقوم هذا المجلس بدراسة كل ما يتعلق بأوقاف المنطقة من حيث الإنشاء والتعمير والبيع والشراء والتأجير وإقامة الدعاوى على من يعتدى على أي وقف، أو من يكون بيده وقف بطريق غير مشروع، تكون قراراته فيما يتعلق بالشؤون الإدارية، والإصلاحية، وتوجيه الدعاوى، واجبة التنفيذ من قبل الإدارة العامة لهذه الأوقاف، وأما ما يتعلق بشؤون الاستبدال من بيع وشراء أو تأجير لمدة طويلة، وكذا إعمار الأراضي الموقوفة؛ فتصدر قراراته في قوة توصية للمجلس الأعلى للأوقاف، ولهذا المجلس الفرعي نظام ملتزم به، وبالتقيد بمقتضياته، وفيما يلي نص اختصاصاته طبقاً لقرار مجلس الوزراء رقم (584) وتاريخ 16/7/1386هـ الصادر به المرسوم الملكي رقم (م/35) وتاريخ 18/7/1386هـ.
المادة السادسة:
يختص مجلس الأوقاف الفرعي بالصلاحيات التي يحددها مجلس الأوقاف الأعلى بما في ذلك:
1-
دراسة طلبات الاستبدال المتعلقة بالعقارات الأوقاف الخيرية الواقعة في منطقته، ثم رفعها بالرأي لمجلس الأوقاف الأعلى.
2-
اعتماد المشروعات المقترح تنفيذها من أموال الأوقاف الخيرية التي لا تتجاوز قيمتها مائة ألف ريال.
3-
دراسة المعاملات التي يرجع البت فيها إلى صلاحية مجلس الأوقاف الأعلى قبل عرضها عليه على أن يرفعها مشفوعة بنتيجة دراستها لها ورأيه فيها.
4-
وضع التقديرات المالية السنوية لواردات ومصروفات غلال الأوقاف الخيرية الواقعة في المنطقة على أن يرسلها إلى مجلس الأوقاف الأعلى قبل بداية السنة المالية بثلاثة أشهر على الأقل.
5-
مراجعة الحسابات الختامية السنوية لواردات ومصروفات غلال الأوقاف المذكورة وتدقيقها وإرسالها مشفوعة بنتيجة المراجعة والتدقيق للمجلس الأعلى.
6-
أية دراسات وإجراءات أخرى يعهد إليه بها مجلس الأوقاف الأعلى وفق التعليمات التي يضعها لذلك.
7-
إعداد تقرير سنوي عن وضعية الأوقاف الخيرية في منطقته ورفعه لمجلس الأوقاف الأعلى في موعد غايته ثلاثة أشهر قبل انتهاء السنة المالية.
الجهة الثالثة:
المجلس الأعلى للأوقاف: هذا المجلس هو الجهة العليا لاتخاذ القرارات النهائية المتعلقة بشؤون الأوقاف من حيث الاستغلال، والصرف، والاستبدال بيعاً وشراءً وتأجيراً لمدة طويلة، وإصدار القرار بعمارة الأوقاف، والاقتراض لها من الدولة، أو من غلال الأوقاف مما هي تحت يد الوزارة، أو عمارتها عن طريق من يتقدم للوزارة بالرغبة في عمارتها واستغلالها في مقابلة ما بذله، وذلك لمدة تفي بذلك إذا تحققت الغبطة والمصلحة.
هذا المجلس يتألف من وزير الأوقاف، ومن وكيله، ومن مندوب عن وزارة العدل بدرجة قاض، ومن مندوب عن وزارة المالية، واثنين من رؤساء المجالس الفرعية، واثنين من أهل الفقه والنظر، وقد صدر بتنظيم عمله قرار مجلس الوزراء رقم (584) بتاريخ 16/7/1386هـ صدر به مرسوم ملكي بعدد (م/35) وتاريخ 18/7/1386هـ، وفيما يلي نص اختصاصاته:
المادة الثالثة:
يختص مجلس الأوقاف الأعلى بالإشراف على جميع الأوقاف الخيرية بالمملكة، ويضع القواعد المتعلقة بإدارتها، واستغلالها، وتحصيل غلاتها، وصرفها، وذلك كله مع عدم الإخلال بشروط الواقفين وأحكام الشرع الحنيف، وله في سبيل لذلك:
1-
وضع خطة لتمحيص وحصر وتسجيل الأوقاف الخيرية داخل المملكة وإثباتها بالطرق الشرعية، ورفع أيدي واضعي اليد عليها بوجه غير شرعي، وتنظيم إدارتها.
2-
وضع خطة عامة لاستثمار وتنمية الأوقاف وغلالها بعد دراسة وضعيتها في كل جهة، وتكوين فكرة وافية عنها بالتفصيل.
3-
وضع خطة عامة للتعرف على جميع الأوقاف الخيرية الموجودة خارج المملكة باسم الحرمين الشريفين، أو أي جهة وحصرها في سجلات نهائية، والحصول على الوثائق المثبتة لها، وتولي أمورها، والمطالبة بغلالها طبقاً لشروط الواقفين.
4-
وضع القواعد العامة لتحصيل واردات الأوقاف الخيرية والصرف منها، وقيد عمليات التوريد والصرف في السجلات اللازمة.
5-
وضع قواعد ثابتة للإنفاق بموجبها على أوجه البر والإحسان سواء من الواردات المذكورة، أو مما هو معتمد في الميزانية لهذا الغرض، يراعى فيها الاستحقاق الفعلي وتحديد المقادير على ضوء شروط الواقفين وأحكام الشرع.
6-
إعادة النظر في جميع المخصصات المالية باسم البر والإحسان على ضوء القواعد المذكورة آنفاً لإجازة ما يتفق معها وإلغاء ما عداه.
7-
النظر في طلبات استبدال الأوقاف الخيرية وفق مقتضيات المصلحة قبل إجازتها من الجهة الشرعية المختصة.
8-
وضع نماذج موحدة للعقود على اختلافها.
9-
وضع التقديرات المالية السنوية لواردات ومصروفات غلال الأوقاف الخيرية، والتصديق على حساباتها الختامية على أن تتمشى في ذلك مع السنة المالية للدولة.
10-
وضع القواعد الواجبة لتأجير أعيان الأوقاف - بما في ذلك الحكورات -على أن تراعى أحكام الشرع الحنيف، ومقتضيات المصلحة العامة، وأية تعليمات تصدرها الدولة في خصوص أجور العقار.
11-
اعتماد المشروعات المقترح تنفيذها من أموال الأوقاف الخيرية، واعتماد تكاليفها إذا زادت القيمة عن مائة ألف بعد التأكد من سلامة المشروع، وتكاليفه، وفائدته، ومن إمكانية الاتفاق عليه.
12 -
النظر في أية مسألة أخرى تتعلق بالأوقاف يرى وزير الأوقاف عرضها على المجلس الأعلى.
13-
رفع تقرير سنوي عن وضعية الأوقاف الخيرية ومنجزاتها إلى رئيس مجلس الوزراء.
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تشعر بمسؤوليتها تجاه الأوقاف بما تقوم به من أعمال تتعلق بالأوقاف الخيرية في المملكة بصفتها الناظرة عليها، وألخص ذلك فيما يلي:
1-
تعنى الوزارة في الدرجة الأولى بالحفاظ على أصول الأوقاف عمارة وترميماً وإصلاحاً، وفي حال نزع ملكية شيء من الأوقاف فإن قيمة ذلك ترصد في مؤسسة النقد على سبيل الوديعة حتى يتيسر البدل.
2-
تعنى باستغلال هذه الأوقاف عن طريق تأجيرها، كما تعنى بمتابعة سوق الإيجار ليكون التأجير مبنيًّا على أجرة المثل كل عام.
3-
تقوم بإنشاء المشاريع الإعمارية على الأراضي الموقوفة لاسيما ما كان منها في منطقة ذات قيمة نادرة كالأراضي المجاورة للحرمين الشريفين، وتصرف عليها من أثمان أوقاف جرى نزع ملكيتها للصالح العام لاسيما فيما تتحد جهته وينفرد بواقفه.
4-
تقوم بتجميع أوقاف متعددة متحدة الجهة كالأوقاف على المسجد الحرام، أو المسجد النبوي من أكثر من شخص، فتقام هذه الأوقاف على أرض منها في شكل عمارة أو أكثر يجري تحرير صك شرعي بوقفيتها وتعيين الواقفين فيها كل بنسبة قيمة وقفه وجهات البر فيه.
5-
في حال وجود قيمة وقف تكفي لاستقلاله بعمارة في موقع تتحقق فيه الغبطة والمصلحة فإن الوزارة تقوم بشراء هذه العمارة وتسجل وقفيتها في المحكمة بدلاً من الوقف المنزوع موقعه، ولا تسمح الوزارة باشتراك غيره معه والحال أنه يمكن استقلاله بالوقفية.
6-
لا تزال الوزارة في تحفظ من استغلال فائض الأوقاف في مجالات غير مجالات العقار كالاستثمار في صناديق الاستثمار الإسلامية، ومحافظ الأوراق المالية، وهي تسعى جاهدة للتغلب على هذا التحفظ بطريق يضمن الحفاظ على أصول الأوقاف مع الدخول في مجالات الاستثمار، ولهذا انشأت لديها لجنة من بعض المسؤولين في الوزارات، ومن رجال الأعمال والعلم، أسندت إليها إمكانية دخول الوزارة في الاستثمارات المباحة لدى المؤسسات المالية الاستهلاكية.
7-
تقوم الوزارة بالصرف من غلال الأوقاف على الجهات الخيرية في المملكة كجمعيات البر، وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم، ومتطلبات المساجد، والإسهام في عمارتها، وإقامة المنتديات الدعوية، وهي الآن جاهدة في حصر جهات البر والإحسان الواردة في وثائق الأوقاف لتغطيتها بالإنفاق وبصفة مستمرة.
هذا ما تيسر إعداده، وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
***