المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: عدد جيش السلمين في غزوة الحديبية - مرويات غزوة الحديبية جمع وتخريج ودراسة

[حافظ بن محمد حكمي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: يشمل مقدمات الغزوة وخروج المسلمين لها وما واجههم أثناء سيرهم

- ‌الفصل الأول: تحقيق لاسم الغزوة وموقعها

- ‌المبحث الأول: المرجحات لتسمية هذه الحادثة بغزوة الحديبية

- ‌المبحث الثاني: تحقيق لاسم الحديبية وموقعها

- ‌المطلب الأول: التحقيق في اسمها من حيث ضبطه وسبب إطلاقه عليها

- ‌المطلب الثاني: موقع الحديبية وهل من الحل أو الحرام

- ‌الفصل الثاني: سبب الغزوة وتاريخها

- ‌المبحث الأول: سبب الغزوة

- ‌المبحث الثاني: تاريخ خروج المسلمين لغزوة الحديبية

- ‌الفصل الثالث: إعداد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه للخروج إلى الحديبية

- ‌المبحث الأول: إعداد النبي صلى الله عليه وسلم للخروج إلى الحديبية

- ‌المبحث الثاني: عدد جيش السلمين في غزوة الحديبية

- ‌الفصل الرابع: نزول المسلمين بذي الحليفة وما عملوه بها

- ‌المبحث الأول: صلاة المسلمين بذي الحليفة وإحرامهم بالعمرة

- ‌المبحث الثاني: إرسال النبي صلى الله عليه وسلم بسر بن سفيان عينا على مكة

- ‌الفصلُ الخامسُ: إرسالُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لبعضِ أصحابِه إلى غيقةَ وقصةُ أبي قتادةَ رضي الله عنه

- ‌الفصل السادس: ما حدث للمسلمين بعسفان

- ‌المبحث الأول: عين رسول الله صلى الله عليه وسلم الخزاعي يوافيه بخبر قريش

- ‌المبحث الثاني: صلاة الخوف بعسفان:

- ‌المبحث الثالث: بيان أن ابتداء مشروعية صلاة الخوف كان في غزوة الحديبية:

- ‌المبحث الرابع: تنبية على أحاديث أوردت في صلاة عسفان وبيان وجه مغايرتها

- ‌الفصل السابع: عدول المسلمين إلى الحديبية

- ‌المبحث الأول: المشاق التي عاناها المسلمون في طريقهم الى الحديبية

- ‌المبحث الثاني: نزول المسلمين الحديبية ومعجزة النبي صلى الله عليه وسلم في تكثير ماء البئر:

- ‌المبحث الثالث: من الذي نزل بالسهم في بئر الحديبية

- ‌الباب الثاني: موقف قريش من الغزوة وما دار بينها وبين المسلمين

- ‌الفصل الأول: موقف قريش من هذه الغزوة

- ‌المبحث الأول: إعداد قريش وخروجها لصد المسلمين

- ‌المبحث الثاني: تحرشات قريش بالمسلمين وموقف المسلمين حيالها:

- ‌الفصل الثاني: في الحوار الذي دار بين الرسول صلى الله عليه وسلم وقريش

- ‌المبحث الأول: ركب من خزاعة يسعى لإيجاد تقارب بين الطرفين

- ‌المبحث الثاني: رسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى قريش:

- ‌المبحث الثالث: رسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثالث: بيعة الرضوان

- ‌المبحث الأول: سبب هذه البيعة

- ‌المبحث الثاني: مكان البيعة:

- ‌المبحث الثالث: على أي شيء كانت البيعة:

- ‌المبحث الرابع: من هو أول من بايع بيعة الرضوان:

- ‌المبحث الخامس: ما ورد في فضل أصحاب البيعة:

- ‌الفصل الرابع: في صلح الحديبية

- ‌المبحث الأول: أسباب الصلح ومقدماته

- ‌المبحث الثاني: الشروط التي تم عليها الصلح:

- ‌المبحث الثالث: كاتب الصلح وشهوده:

- ‌المبحث الرابع: تألم عمر وبعض الصحابة من شروط قريش:

- ‌المبحث الخامس: موقف المسلمين من صلح الحديبية

- ‌المطلب الأول: وفاء المسلمين بالعهد

- ‌المطلب الثاني: بيان أن امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن رد المهاجرات ليس إخلالاً بالصلح:

- ‌المبحث السادس: موقف قريش من الصلح

- ‌المطلب الأول: تخلى قريش عن أهم شروطها

- ‌المطلب الثاني: نقض قريش للعهد:

- ‌الباب الثالث: يشمل أحداثا وقعت بالحديبية لم تحدد وقت وقوعها وتحلل المسلمين وأنصرافهم

- ‌الفصل الأول: أحداث وقعت بالحديبية لم يتعين وقت وقوعها

- ‌المبحث الأول: قصة كعب بن عجرة ونزول آية الفدية

- ‌المبحث الثاني: بيان كفر من قال مطرنا بنؤ كذا

- ‌المبحث الثالث: مشروعية الصلاة في الرحال:

- ‌المبحث الثالث: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية

- ‌الفصل الثاني: تحلل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابة من الإحرام

- ‌المبحث الأول: أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالنحر والحلق وذكر مادار بينهم

- ‌المبحث الثاني: عدد الهدي الذي نحره المسلمون في عمرة الحديبية:

- ‌المبحث الثالث: قصة جمل أبي جهل:

- ‌المبحث الرابع: هل نحر المسلمون الهدى في الحل أو الحرم

- ‌الفصل الثالث: أحداث وقعت للمسلمين في طريقهم للمدينة

- ‌المبحث الأول: انصراف المسلمين من الحديبية ونومهم عن صلاة الصبح

- ‌المبحث الثاني: نزول سورة الفتح:

- ‌المبحث الثالث: معجزة النبي صللى الله عليه وسلم في نبع الماء من أصابعه وفي تكثير الطعام

- ‌المبحث الرابع: نزول المسلمين بالأثايه:

- ‌الفصل الرابع: فضل غزوة الحديبية ونتائجها

- ‌المبحث الأول: فضل غزوة الحديبية

- ‌المبحث الثاني: نتائج غزوة الحديبية:

- ‌الباب الرابع: أحكام وفوائد من فقه مرويات الغزوة

- ‌توطئة

- ‌الفصل الأول من أحكام الجهاد الواردة في الغزوة

- ‌المبحث الأول: مشروعية الشورى:

- ‌المبحث الثاني: حكم الاستعانة بالمشرك:

- ‌المبحث الثالث: مقدار المدة التي تجوز مهادنة الكفار عليها:

- ‌المبحث الرابع: هل تجوز مصالحة الكفار على رد من جاء من قبلهم مسلماً:

- ‌المبحث الخامس: إذا رد الإمام إلى المعاهدين من جاء من قبلهم فأحدث جناية فيهم، فهل عليه أو على الإمام ضمان

- ‌الفصل الثاني: أحكام تتعلق بالعقيدة

- ‌المبحث الأول: حكم القيام على رأس الكبير وهو جالس

- ‌المبحث الثاني: تعريف الفأل وبيان استحبابه وأنه مغاير للطيرة:

- ‌المبحث الثالث: بيلن كفر من اعنقد أن للكوكب تأثيرا في ايجاد المطر

- ‌المبحث الرابع: هل يجوز التبرك بفضلات الصالحين وآثارهم

- ‌المبحث الخامس: هل كتب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية حقيقة

- ‌الفصل الثالث: الدروس والعبر المستفادة من بعض مواقف الغزوة

- ‌المبحث الأول: أتهام العقل أمام النصوص الصريحة

- ‌المبحث الثاني: أنموذج من التربية النبوية:

- ‌المبحث الثالث: مثل رائع لوفاء المسلم وثباته على العقيدة

- ‌المبحث الرابع: صروح الكفر والطغيان تتهاوى أمام عزمات الإيمان

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث الثاني: عدد جيش السلمين في غزوة الحديبية

‌المبحث الثاني: عدد جيش السلمين في غزوة الحديبية

المبحث الثاني: عدد جيش المسلمين في غزوة الحديبية:

وردت نصوص كثيرة تشير إلى عدد المسلمين في هذه الغزوة جاء في بعضها أنهم كانوا بضع عشرة مائة، وورد في بعضها تحديد عددعم لكنها اختلفت فيه اختلافاً كبيراً.

وسأورد تلك النصوص ثم أذكر التوفيق بينها إن شاء الله:

(أ) ما ورد بأنهم كانوا بضع عشرة مائة:

(18)

قال البخاري حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سفيان قال: سمعت الزهري حين حدث هذا الحديث حفظت بعضه وثبتني معمر عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم يزيد أحدهما على صاحبه قائلاً: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه

" الحديث1.

(ب) التحديد بألف وثلاثمائة:

(19)

قال مسلم: حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا شعبة عن عمرو - يعني ابن مره - حدثني عبد الله بن أبي أوفى قال: كان أصحاب الشجرة ألفاً وثلاثمائة وكانت أسلم ثمن المهاجرين2.

وأخرجه البخاري3 تعليقاً قال: قال عبيد الله بن معاذ به فذكره.

وأخرجه ابن سعد4 عن أبي داود الطيالسي عن شعبة به قال في أوله: "سمعت عبد الله بن أبي أوفى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قد شهد بيعة الرضوان

" ثم ذكر نحو لفظ مسلم.

وأخرجه البيهقي5 من طريق أبي دواد الطيالسي بمثل لفظ ابن سعد.

(جـ) ما ورد في التحديد بألف وأربعمائة:

(20)

قال البخاري: حدثنا علي حدثنا سفيان قال عمرو: سمعت جابر بن

1 سيأتي تخريجه برقم (35) .

2 صحيح مسلم، كتاب الإمارة:75.

3 صحيح البخاري، كتاب المغازي:4155.

4 الطبقات الكبرى 2/98.

5 دلائل النبوة 2، لوحة:213.

ص: 39

عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: "أنتم خير أهل الأرض، وكنا ألفاً وأربعمائة، ولو كنت أبصر لأريتكم مكان الشجرة"1.2

وأخرجه3 عن قتيبة بن سعيد عن سفيان به مختصراً بلفظ: "كنا يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة".

وأخرجه مسلم4، وأحمد5، والحميدي6، والبيهقي7، كلهم من طريق سفيان به نحو لفظ علي بن المديني، وليس عند أحمد:"ولو كنت أبصر لأريتكم موضع الشجرة".

وأخرجه البخاري8 من طريق الأعمش قال حدثني سالم بن أبي الجعد عن جابر، فذكر في الحديث قصة تفجر الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم وفي آخر: قلت لجابر كم كنتم يومئذ؟ قال: ألف9 وأربعمائة.

وأخرجه مسلم10 والبيهقي11 كلاهما من طريق الأعمش به مختصراً بلفظ: قلت لجابر كم كنتم يومئذ؟ قال: ألفاً وأربعمائة، زاد البيهقي:"أصحاب الشجرة".

وأخرجه البيهقي عن طريق أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: كنا يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة12.

وأخرجه من طريق أبي سفيان عن جابر، فذكر عدد البدن التي نحروها ثم قال:"فقلنا لجابر، كم كنتم يومئذ؟ قال: ألفاً وأربعمائة، بخيلنا ورجالنا"13.

1 الشجرة هي السمرة التي وقعت البيعة تحتها، انظر الحديث رقم (23 - 24) .

2 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي:4154.

3 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب التفسير:4840.

4 صحيح مسلم، كتاب الإمارة:71.

5 مسند أحمد 3/308.

6 مسند الحميدي 2/214.

7 دلائل النبوة 2، لوحة:214.

8 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الأشربة:5639.

9 قال ابن حجر: كذا لهم بالرفع والتقدير: نحن يومئذ ألف وأربعمائة، ويجوز النصب على خبر كان، الفتح 10/102.

10 صحيح مسلم، كتاب الأمارة:74.

11 دلائل النبوة 2، لوحة:213.

12 دلائل النبوة 2، لوحة:214.

13 دلائل النبوة 2، لوحة:214.

ص: 40

(21)

وقال البخاري: حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال: "كنا يوم الحديبية أربع1 عشر مائة، والحديبية بئر، فنزحناها حتى لن نترك فيها قطرة، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم على شفير2 البئر، فدعا بماء فمضمض ومج في البئر فمكثنا غير بعيد ثم استقينا حتى روينا وروت - أو صدرت - ركائبنا"3.

وأخرجه عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل به بلفظ: "تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحاً، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة

"4 الحديث بنحوه.

وأخرجه5 أحمد عن أبي أحمد عن إسرائيل به، فذكر نحو لفظ مالك بن إسماعيل.

وأخرجه6 عن وكيع عن إسرائيل به مختصراً.

وأخرجه البيهقي من طريق عبد الله بن رجا، وعبيد الله بن موسى، كلاهما عن إسرائيل به، فذكره7 بنحو لفظ عبيد الله بن موسى عند البخاري.

وأخرجه البخاري من طريق زهير بن معاوية عن أبي إسحاق بسياق آخر:

(22)

قال حدثنا فضيل بن يعقوب حدثنا الحسن بن محمد بن أعين أبو علي الحراني، حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق قال: أنبأنا البراء بن عازب رضي الله عنهما أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة أو أكثر، فنزلوا على بئر فنزحوها، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى البئر، وقعد على شفيرها، ثم قال:"ائتوني من مائها فأتي به فبصق فدعا ثم" قال: "دعوها ساعة فأرووا أنفسهم وركابهم حتى ارتحلوا"8.

1 قال ابن حجر: قيل: إنما عدل الصحابي عن قول ألف وأربعمائة إلى قوله أربع عشرة مائة، للإشارة إلى أن الجيش كان منقسماً إلى المئات، وكانت كل مائة ممتازة عن الأخرى، إما بالنسبة إلى القبائل، وإما بالنسبة إلى الصفات. الفتح 7/444.

2 شفير كل شيء حرفه. النهاية 2/485.

3 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المناقب:3577.

4 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي:4150.

5 مسند أحمد 4/290.

6 مسند أحمد 4/290، 301.

7 دلائل النبوة 2، لوحة:219.

8 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي:4151.

ص: 41

(23)

وقال مسلم حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا محمد بن رمح أخبرنا الليث عن أبي الزبير عن جابر قال: كان يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة فبايعناه وعمر أخذ بيده تحت الشجرة، وهي سمرة، وقال: بايعناه على ألا نفر، ولم نبايعه على الموت1.

وأخرجه أحمد2، والدارمي3، كلاهما من طريق الليث به مثله إلا عند الدارمي "تحت الشجرة وهي ثمره".

وأخرجه مسلم من طريق ابن جرير بسياق آخر وصرح أبو الزبير بالسماع.

(24)

قال حدثنا محمد بن حاتم حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير سمع جابراً يسأل كم كانوا يوم الحديبية؟ قال: كنا أربع عشرة مائة، فبايعنها وعمر أخذ بيده تحت الشجرة، وهي سمرة، فبايعناه غير جد بن قيس الأنصاري اختبأ تحت بطن بعيره4.

وأخرجه ابن سعد5 من طريق وهب بن منبه قال: سألت جابر بن عبد الله كم كانوا يوم الحديبية؟ قال: كنا أربع عشرة مائة

" في حديث طويل.

(25)

وقال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا يزيد بن زريع عن خالد عن الحكم بن عبد الله بن الأعرج عن معقل بن يسار قال: لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس، وأنا رافع غصناً من أغصانها عن رأسه، ونحن أربع عشرة مائة، قال: لم نبايعه على الموت، ولكن بايعناه على ألا نفر6.

وأخرجه7 من طريق يونس عن الحكم به.

وأخرجه خليفة بن الخياط8 عن عبد الوهاب عن خالد الحذاء به، بنحوه، وقال في آخره:"وهم يومئذ ألف وأربعمائة".

1 صحيح مسلم، كتاب الإمارة:67.

2 مسند أحمد 3/355.

3 سنن الدارمي 2/220.

4 صحيح مسلم، كتاب الإمارة:69.

5 الطبقات الكبرى 2/100.

6 صحيح مسلم، كتاب الإمارة:76.

7 صحيح مسلم، كتاب الإمارة:76.

8 تاريخ خليفة: 81.

ص: 42

وأخرجه ابن سعد1 من طريق يزيد بن زريع عن خالد الحذاء به نحوه، وفي آخره:"قلنا لمعقل كم كنتم يومئذ؟ قال: ألفاً وأربعمائة رجل".

وأخرجه2 من طريق وهيب عن خالد الحذاء به نحوه وفي آخره قلنا: كم كنتم؟ قال: ألفاً وأربعمائة.

(26)

وقال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا هاشم بن القاسم ح، وحدثنا إسحاق بن إباهيم أخبرنا أبو عامر العقدي كلاهما عن عكرمة بن عمار العجلي ح، وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وهذا حديثه اخبرنا أبو علي الحنفي عبد الله بن عبد المجيد حدثنا عكرمة (وهو ابن عمار) حدثني إياس بن سلمة حدثني أبي قال: قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربع عشرة مائة، وعليها خمسون شاة ما ترويها

" الحديث3.

وأخرجه أحمد4 عن عبد الصمد عن عكرمة به مطولاً.

وأخرجه ابن سعد5 عن موسى بن مسعود النهدي عن عكرمة به مختصراً.

وأخرجه البيهقي6 من طريق عبد الله بن رجاء وموسى بن إسماعيل، وكلاهما عن عكرمة بن مختصراً.

(27)

وقال يحيى بن معين: حدثنا شبابة7 قال: حدثنا شعبة8 عن قتادة9

1 الطبقات الكبرى 2/99.

2 الطبقات الكبرى 2/100.

3 صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير:132.

4 مسند أحمد 4/84.

5 الطبقات الكبرى 2/98.

6 دلائل النبوة، لوحة:219.

7 شبابة بن سوار المدائني أصله من خراسان يقال: كان اسمه مروان مولى بني فزارة، ثقة حافظ، رمي بالإرجاء، مات سنة أربع أو خمس أو ست ومائتين: ع. تقريب: 143.

8 شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم، أبو بسطام الواسطي ثم البصري، ثقة حافظ، متقن، كان الثوري يقول: هو أمير المؤمنين في الحديث، وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة، وكان عابداً مات سنة ستين ومائة: ع. تقريب: 145.

9 قتادة بن دعامة السدوسي.

ص: 43

عن سعيد1 بن المسيب عن أبيه2 قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ألفاً وأربعمائة3.

والحديث أخرجه البيهقي4 من طريق يحيى بن معين به نحوه.

رجال هذا الإسناد رجال الصحيحين، ولا تضره عنعنة قتادة؛ لأن أصله في الصحيح من حديث البراء وجابر ومعقل بن يسار وسلمة بن الأكوع السابق.

(د) ما ورد في التحديد بألف وخمسمائة:

(28)

قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد العزيز ابن مسلم حدثنا حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "عطش الناس يوم الحديبية، والنبي صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة5 فتوضأ فجهش6 الناس نحوه، فقال: مالكم؟ قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك، فوضع يده في الركوة فجعل الماء يثور7 بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا كان خمس عشرة مائة"8.

وأخرجه9 من طريق محمد بن فضيل عن حصين عن سالم به نحوه، وعنده "فجعل الماء يفور

".

1 سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عابد بن عمران بن محزوم القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل، وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علماً منه، مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين: ع. تقريب: 126.

2 المسيب بن حزن - بفتح المهلمة وسكون الزاي - ابن وهب المخزومي، أبو سعيد له ولأبيه صحبة، عاش إلى خلافة عمر رضي الله عنه: خ، م، د، س. تقريب:337.

3 تاريخ يحيى بن معين 1/321.

4 دلائل النبوة 2/214.

5 الركوة: إناء صغير يشرب فيه الماء والجمع ركاء. النهاية 2/261.

6 الجهش: أن يفزع الإنسان إلى الإنسان ويلجأ إليه. النهاية 1/322.

7 يثور: ينبع بقوة وشدة. النهاية 1/228.

8 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المناقب:3576.

9 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي:4152.

ص: 44

وأخرجه مسلم من طريق1 عبد الله بن إدريس وخالد الطحان، كلاهما عن حصين به مختصراً بلفظ: قال: لو كان مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة.

وأخرجه مختصراً أيضاً من طريق2 عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد قال: سألت جابر بن عبد الله عن أصحاب الشجرة؟ فقال: لو كنا مائة ألف لكفانا كنا ألفاً وخمسمائة.

وأخرجه أحمد من طريق3 عبد العزيز بن مسلم عن حصين به نحوه.

وأخرجه من طريق4 شعبة عن حصين وعمرو بن مرة، كلاهما عن سالم عن جابر بألفاظ متقاربة وفيه اختصار.

وأخرجه ابن سعد5 من طريق عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد قال: "سألت جابر بن عبد الله كم كنتم يوم الشجرة. قال: كنا ألفاً وخمسمائة

وذكره بنحو رواية حصين عند البخاري.

وأخرجه البيهقي6 من طريق حصين به مختصراً ولفظه: قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، لنا خمس عشرة مائة.

وفيه من حديث جابر أيضاً:

(29)

قال البخاري حدثنا الصلت قال: حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة: "قلت لسعيد بن المسيب: بلغني أن جابر بن عبد الله كان يقول: كانوا أربع عشرة مائة، فقال لي سعيد: حدثني جابر كانوا خمس عشرة مائة الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية7.

1 صحيح مسلم، كتاب الإمارة:73.

2 صحيح مسلم، كتاب الإمارة:72.

3 مسند أحمد 3/329.

4 مسند أحمد 3/365.

5 الطبقات الكبرى 2/98.

6 دلائل النبوة 2، لوحة:213.

7 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي:4153.

ص: 45

وأخرجه خليفة1 عن يزيد بن زريع به بلفظ: قلت لسعيد بن المسيب: بلغني أن جابر بن عبد الله يقول: كانوا أربع عشرة مائة، قال: نسي جابر كانوا ألفاً وخمسمائة.

وأخرجه2 من طريق قرة عن قتادة عن سعيد قال: وَهَمَ جابر رحمه الله، هو حدثني أنهم كانوا ألفاً وخمسمائة.

وأخرجه البيهقي3 من طريق قرة عن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيب: كم كانوا الذين شهدوا بيعة الرضوان قال: خمس عشرة مائة قال: قلت: فإن جابر بن عبد الله قال: كانوا أربع عشرة مائة، قال: يرحمه الله وَهَمَ هو حدثني أنهما كانوا خمس عشرة مائة.

(هـ) التحديد بسبعمائة:

قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد4 بن هارون قال: أنا محمد بن إسحاق عن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالاً وساق معه الهدي سبعين بدنة، وكان الناس سبعمائة رجل، فكانت كل بدنة عن عشرة

الحديث5.

سند هذا الحديث حسن، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله.

(و) التحديد بألف وخمسمائة وخمسة وعشرين:

(30)

قال ابن جرير: حدثني محمد6 بن سعد قال: حدثني أبي7 قال:

1 تاريخ خليفة بن خياط: 81.

2 تاريخ خليفة بن خياط: 81.

3 دلائل النبوة 2، لوحة:213.

4 ستأتي ترجمته مع بقية رجال السند انظر ص: 95.

5 المسند 3/323، وسيأتي الحديث برقم (36) ، وهناك يكون تخريجه والكلام على سنده.

6 هو: محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي، قال الخطيب: كان ليناً في الحديث، وقال الدارقطني: لا بأس به، توفي سنة ست وسبعين ومائتين. تاريخ بغداد 5/322 - 323، لسان الميزان 5/174.

قلت: محمد بن سعد هذا غير كاتب الواقدي صاحب الطبقات، فالأخير ثقة، وكانت وفاته سنة ثلاثين ومائتين، وعمر ابن جرير آنذاك ست سنوات فقط.

7 هو: سعيد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي، قال أحمد فيه: جهمي، ثم قال: ولو لم يكن هذا لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعاً لذاك.

تاريخ بغداد 9/126 - 127، لسان الميزان 3/18.

ص: 46

حدثني عمي1 قال: حدثني أبي2 عن أبيه3 عن ابن عباس4 قال: كان أهل البيعة تحت الشجرة ألفاً وخمسمائة وخمسة وعشرين5.

وقد عزا ابن حجر6 هذا الحديث لابن مردويه وذكر أنه موقوف على ابن عباس.

وسند هذا الحديث مسلسل بالضعفاء، فأولهم محمد بن سعد شيخ ابن جرير، قال عنه الخطيب: كان ليناً في الحديث، وقال الدارقطني: لا بأس به7، وعطية العوفي الراوي عن ابن عباس قال عنه يحيى بن معين: صالح، وضعفه أحمد والنسائي وجماعة، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ضعيف، ورجح الذهبي تضعيفه8.

أما الثلاثة الآخرون فهم ضعاف بالمرة9.

وقد عدهم (أي عطية وأولاده) ابن رجب في البيوت التي اشتهرت بالضعف10.

1 هو الحسين بن الحسن بن عطية العوفي، قال ابن حبان: يروي الأشياء لا يتابع عليها لا يجوز الاحتجاج بخبره، وضعفه أبو حاتم والنسائي ابن سعد، وقال الجوزجاني: واهي الحديث، وذكره العقيلي في الضعفاء.

الجرح والتعديل 1/2/48، لسان الميزان 2/278.

2 الحسن بن عطية بن سعد العوفي، ضعيف من السادسة: د. تقريب: 70.

وقال البخاري: ليس بذاك، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. التاريخ الكبير 1/2/301، الجرح والتعديل 1/2/36.

3 عطية بن سعد بن جنادة - بضم الجيم بعدها نون خفيفة - العوفي الجدلي - بفتح الجيم والمهملة - الكوفي أبو الحسن، صدوق يخطئ كثيراً، كان شيعياً مدلساً، مات سنة إحدى عشرة ومائة: بخ، د، ت، ق. تقريب:240.

4 عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفهم في القرآن فكان يسمى البحر والحبر لسعة علمه، وقال عمر: لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عشره منا أحد، مات سنة ثمان وستين بالطائف، وهو أحد المكثرين من الصحابة، وأحد العبادلة من فقهاء الصحابة: ع. تقريب: 178.

5 تاريخ الأمم والملوك 2/271.

6 الكافي الشافي في تخريج أحاديث الكشاف 4/340 مع الكشاف.

7 انظر ترجمته الصفحة السابقة.

8 ميزان الاعتدال 3/79 - 80.

9 انظر تراجمهم.

10 شرح علل الترمذي: 524.

ص: 47

تنبيه:

أورد ابن القيم هذا السند وقال عنه: "وهذا إسناد معروف يروي به ابن جرير وابن أبي حاتم وعبد بن حميد وغيرهم التفسير وغيره عن ابن عباس، وهو إسناد معروف متداول بين أهل العلم وهم ثقات1.

قلت: قول ابن القيم رحمه الله "وهم ثقات" وهمٌ منه، فلم يوثق أحد من رجال هذا الإسناد، وقد رأينا أقوال أئمة الجرح والتعديل فيهم.

(ز) التحديد بألف وخمسمائة وأربعين:

(31)

قال البلاذري: "حدثني الحسين2 بن الأسود قال: حدثني أبو بكر3 بن عياش عن الكلبي4 عن أبي صالح5 عن ابن عباس قال: قسمت خيبر على ألف وخمسمائة سهم، وثمانين سهماً، وكانوا ألفاً وخمسمائة وثمانين رجلاً الذين شهدوا الحديبية، فيهم ألف وخمسمائة وأربعون، والذين كانوا مع جعفر بن أبي طالب بأرض الحبشة أربعون رجلاً"6.

سند هذا الحديث ضعيف جداً، وربما كان موضوعاً، ففيه الكلبي وهو متهم بالكذب، وفيه أبو صالح باذام ضعْف لا سيما في رواية الكلبي عنه، قال ابن معين:"ليس به بأس، وإذا روى عنه الكلبي فليس بشيء"7.

1 مختصر الصواعق 2/279.

2 الحسن بن علي بن الأسود العجلي، أبو عبد الله الكوفي، نزيل بغداد صدوق يخطئ كثيراً لم يثبت أن أبا داودا روى عنه من الحادية عشرة: ت. تقريب: 74.

3 أبو بكر بن عياش - بتحتانية ومعجمة - ابن سالم الأسدي، الكوفي، المقرئ الحناظ - بمهملة ونون - مشهور بكنيته والأرجح أنها اسمه، وفي اسمه عشرة أقوال، ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه وكتابه صحيح، مات سنة أربع وتسعين ومائة، وقيل قبل ذلك سنة أو سنتين، وقد قارب المائة: ع. تقريب: 396.

4 محمد بن السائب بن بشر الكلبي، أبو النضر الكوفي النسابة المفسر، متهم بالكذب ورمي بالرفض، مات سنة ست وأربعين ومائة: ت، فق. تقريب:298.

5 هو: باذام - بالذال المعجمة ويقال آخره نون - أبو صالح مولى أم هانئ، ضعيف مدلس، من الثالث: الأربعة. تقريب: 42.

6 فتوح البلدان: 32.

7 تهذيب التهذيب 1/416.

ص: 48

(حـ) التحديد بألف وسبعمائة:

(32)

قال ابن أبي شيبة: حدثنا عبيد الله1 بن موسى عن موسى2 ابن عبيدة عن إياس3 بن سلمة عن أبيه4 قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية، فنحرنا مائة بدنة، ونحن سبع عشرة مائة، ومعهم عدة السلاح والرجال والخيل، وكان في بدنة جمل، فنزل بالحديبية فصالحته قريش على أن هذا الهدي محله حيث حبسناه5.

وأخرجه ابن سعد6 بسند ابن أبي شيبة مثله، وفيه:"ونحن بضع عشرة مائة".

سند هذا الحديث ضعيف جداً لضعف موسى بن عبيدة، قال عنه أحمد: لا يكتب حديثه، وضعفه النسائي7، وابن عدي وغيرهم.

(ط) التحديد بألف وثمانمائة:

(33)

قال ابن أبي شيبة: حدثنا خالد8 بن مخلد قال: حدثنا عبد الرحمن9 بن عبد العزيز الأنصاري قال: حدثني ابن شهاب قال: حدثني عروة بن الزبير:

1 عبيد الله بن موسى بن أبي المختار باذام العبسي الكوفي، أبو محمد ثقة كان يتشيع، قال أبو حاتم: كان أثبت في إسرائيل من أبي نعيم واستصغر في سفيان الثوري، مات سنة ثلاث عشرة ومائتين على الصحيح: ع. تقريب: 227.

2 موسى بن عبيدة بضم أوله ابن نشيط - بفتح النون وكسر المعجمة بعدها تحتانية ساكنة ثم مهملة - الربذي - بفتح الراء والموحدة ثم معجمة - أبو عبد العزيز المدني ضعيف لا سيما في عبد الله بن دينار، وكان عابداً، مات سنة ثلاث وخمسين ومائة: ت، ق. تقريب:351.

3 إياس بن سلمة بن الأكوع الأسلمي أبو سلمة ويقال: أبو بكر المدني ثقة، مات سنة تسع عشرة ومائة، وهو ابن سبع وسبعين سنة: ع. تقريب: 40.

4 هو: سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي، أبو مسلم أو أبو إياس شهد بيعة الرضوان، مات سنة أربع وستين: ع. تقريب: 131.

5 تاريخ ابن أبي شيبة، لوحة:60.

6 الطبقات الكبرى 2/102.

7 ميزان الاعتدال 4/213.

8 خالد بن مخلد القطواني - بفتح القاف والطاء - أبو الهيثم البجلي مولاهم الكوفي، صدوق يتشيع وله أفراد، مات سنة ثلاث عشرة ومائتين، وقيل بعدها: خ، م، كد، ت، س، ق. تقريب:90.

9 عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله بن عثمان بن حنيف الأنصاري الأوسي، أبو محمد المدني الأمامي - بالضم - صدوق يخطئ، مات سنة اثنتين وستين ومائة، وهو ابن بضع وسبعين: م. تقريب: 206.

ص: 49

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الحديبية في ألف وثمانمائة وبعث بين يديه عيناً له من خزاعة

"1 الحديث.

هذا طرف من حديث طويل في قصة الحديبية وهو مرسل:

وسنده إلى عروة ضعيف أيضاً: حيث تفرد به خالد بن مخلد القطواني، وقد قال عنه أحمد: له مناكير2، وقال ابن حجر صدوق يتشيع، وله أفراد3.

قلت: وهذا من إفراده، وفيه عبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري: قال عنه أبو حاتم مضطرب الحديث4، وقال ابن حجر: صدوق يخطئ5، وقد خالف هذا الأثر الروايات الصحيحة.

التوفيق بين النصوص

عندما يستعرض القارئ النصوص الواردة بتحديد عدد الذين شهدوا غزوة الحديبية من المسلمين، يجد الفرق بينها واسعاً، والبون شاسعاً، فمن تلك النصوص ما يحدهم بسبع مائة، ومنها ما يحدهم بألف وثمانمائة، وهناك نصوص تذكر تحديدات أخرى بين هذين العددين، فلذلك لا بد من وقفة مع تلك النصوص حتى يتبين العدد الحقيقي لجيش المسلمين في هذه الغزوة.

عند اختلاف النصوص يصار التوفيق بينها إما بالجمع إن أمكن، وإلا بالترجيح عند تعذر الجمع.

لكن هناك خطوة أولى يجب البدء بها، وهي معرفة درجة كل من تلك النصوص، هل كلها في درجة المقبول الذي يعمل به، أو بينها ما هو مردود فيطرح.

ومن خلال الدراسة السابقة لأسانيد تلك النصوص، رأيت أن بعضها لا يعول عليه لضعفه الشديد وهي الروايات التالية:

رواية ألف وخمسمائة وخمسة وعشرين، ورواية ألف وخمسمائة وأربعين ورواية

1 تاريخ ابن أبي شيبة، لوحة:61.

2 تهذيب التهذيب 3/117.

3 انظر ترجمته في الصفحة السابقة.

4 الجرح والتعديل 2/2/260.

5 انظر ترجمته في الصفحة السابقة.

ص: 50

ألف وسبعمائة، ورواية ألف وثمانمائة.

وكذلك التحديد بسبعمائة مردود أيضاً وإن ورد في رواية سندها حسن، إلا أنه من كلام ابن إسحاق أحد رواة الحديث، لذلك استبعد العلماء هذا التحديد: قال ابن حزم: وقد قال بعضهم كانوا سبعمائة، وهذا وهم شديد البتة1.

وقال ابن القيم: "وغلط غلطاً بيناً من قال: كانوا سبعمائة وعذرهم أنهم نحروا يومئذ سبعين بدنة، والبدنة قد جاء إجزاؤها عن سبعة وعن عشرة، وهذا لا يدل على ما قاله هذا القائل، فإنه قد صرح بأن البدنة كانت في هذه العمرة عن سبعة، فلو كانت السبعون عن جميعهم لكانوا أربعمائة وتسعين رجلاً، وقد قال في تمام الحديث بعينه: إنهم كانوا ألفاً وأربعمائة" ا. هـ2

وقال ابن حجر: "وأما قول ابن إسحاق أنهم كانوا سبعمائة، فلم يوافق عليه، لأنه قاله استنباطاً من قول جابر: "فنحرنا البدنة عن عشرة "وكانوا نحروا سبعين بدنة، وهذا لا يدل على أنهم لم ينحروا غير البدن، مع أن بعضهم لم يكن أحرم أصلاً" ا. هـ3

قلت: الثابت عن جابر: "أنهم نحروا البدنة عن سبعة" وذكر البيهقي رواية عن سفيان الثوري عن أبي الزبير عنه "أنهم نحروا البدنة عن عشرة" لكن اعتبرها البيهقي وهماً4.

فالتحقيق أن هذا التحديد من كلام ابن إسحاق كما قال ابن حجر، والدليل على ذلك أن كلاً من معمر وسفيان بن عيينة قد تابع ابن إسحاق في شيخه الزهري ولم يذكر واحد منهما هذا التحديد، بل ورد عنهما أن المسلمين كانوا بضع عشرة مائة، وإذا ثبت أنه من كلام ابن إسحاق فلا يعول عليه لمخالفته النصوص الصحيحة.

بقي أمامنا التحديد بألف وثلاثمائة، وألف وأربعمائة، وألف وخمسمائة، وهذا التحديد قد وردت به نصوص صحيحة، لا يمكن ردها، لذلك حاول العلماء التوفيق بينها، وسلكوا في ذلك طريقين:

1 جوامع السيرة: 207.

2 زاد المعاد 3/288.

3 فتح الباري 7/440.

4 السنن الكبرى 5/236، وسيأتي الكلام عليها، انظر ص:

ص: 51

(أ) طريق الترجيح:

وقد سلك هذا الطريق البيهقي، حيث رجح رواية ألف وأربعمائة.

فقد أخرج رواية ألف وأربعمائة عن جابر ثم عقب عليها بقوله: وهذه الرواية أصح، فلذلك قاله البراء بن عازب، ومعقل بن يسار، وسلمة بن الأكوع في أصح الروايتين عنه ا. هـ1

ونقل ذلك عنه ابن حجر قال: "وأما البيهقي فمال إلى الترجيح، وقال: إن رواية ألف وأربعمائة أصح".اهـ2

ومال إلى الترجيح أيضاً ابن القيم: فقد ذكر رواية ألف وأربعمائة عن جابر ثم قال عقبها: "والقلب إلى هذا أميل"3.

(ب) طريق الجمع:

وقد جنح بعض العلماء إلى الجمع بين تلك النصوص، فقد ذكر النووي الرواية الثلاث: ألف وثلاثمائة، وألف وأربعمائة، وألف وخمسمائة، ثم قال: ويمكن أن يجمع بينها بأنهم كانوا أربعمائة وكسر، فمن قال أربعمائة لم يعتبر الكسر، ومن قال خمسمائة اعتبره، ومن قال ألف وثلاثمائة ترك بعضهم لكونه لم يتقن العد، أو لغير ذلك ا. هـ4

وممن ذهب إلى الجمع أيضاً ابن حجر، فقد ذكر نحو كلام النووي وزاد عليه، فبعد أن ذكر الروايات الثلاث قال: والجمع بين هذا الاختلاف أنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة، فمن قال ألفاً وخمسمائة جبر الكسر، ومن قال ألفاً وأربعمائة ألغاه.

ويؤيده قوله في الرواية الثالثة من حديث براء "ألفاً وأربعمائة أو أكثر أما قول عبد الله بن أبي أوفى: ألفاً وثلاثمائة، فيمكن حمله على ما اطلع عليه هو، واطلع غيره على زيادة ناس لم يطلع هو عليهم، والزيادة من الثقة مقبولة أو العدد الذي ذكره جملة من ابتداء الخروج من المدينة والزائد تلاحقوا بهم بعد ذلك، أو العدد الذي ذكره عدد المقاتلة

1 دلائل النبوة 2، لوحة 214.

2 فتح الباري 7/440.

3 زاد المعاد 3/288.

4 شرح النووي على صحيح مسلم 13/2.

ص: 52

والزيادة عليه من الأتباع من الخدم والنساء والصبيان الذين لم يبلغوا الحلم ا. هـ1

قلت: الظاهر أن مسلك التوفيق بين النصوص إن أمكن أولى من الترجيح، لا سيما والنصوص الواردة في العدد المذكور صحيحة كلها، وتوجيه ابن حجر ممكن وظاهر، فيجب الأخذ به، وقد تضمن ما ذكر النووي.

وأما رواية "بضع عشرة مائة" فيمكن حملها على أحد الأعداد الثلاثة، لأن البضع يصدق على العدد من ثلاثة إلى عشرة، والله أعلم.

وهناك قول لموسى بن عقبة2 والواقدي3 وابن سعد4: أن المسلمين كانوا ألفاً وستمائة، وهو اجتهاد منهم في مقابل النص، ولم يذكروا مستنداً لذلك، فلا يلتفت إليه، ولم أذكره مع ما سبق لأنه لم يرد مسنداً.

1 فتح الباري 7/440.

2 فتح الباري 7/440.

3 المغازي للواقدي 2/574.

4 الطبقات الكبرى 2/95.

ص: 53