الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: موقع الحديبية وهل من الحل أو الحرام
…
المطلب الثاني: موقع الحديبية، وهل هي من الحل أو من الحرم؟
(أ) موقعها:
قال ياقوت: "بين الحديبية ومكة مرحلة وبينها وبين المدينة تسع مراحل".اهـ1 وقال النووي: "إنها على نحو مرحلة من مكة"2.
وقال في المصباح: "تقع على طريق جدة دون مرحلة"3.
وقال صاحب صحيح الأخبار: "فإن جزت وادي فاطمة أتيت الموضع الذي يقال له اليوم الشميسي، وكان يقال له في الزمن القديم: الحديبية."اهـ4
وقال صاحب نسب حرب: "تقع غرب مكة على بعد (22كيلاً) على الطريق إلى جدة، وقد تغير اسمها إلى الشميسي لأنه يقال: إن رجلاً يدعى الشميسي حفر بئراً هناك فغلب اسمه عليها، وبالقرب منها من الغرب أقامت أمانة العاصمة حدائق تعرف بـ (حدائق الحديبية) وفي الحديبية اليوم مسجد الرضوان يقال: إنه بني مكان البيعة".اهـ5
أفادت هذه النقول أن الحديبية تقع في الناحية الغربية من مكة كما صرح بذلك صاحب (نسب حرب) وهو مفهوم قول صاحب (المصباح) وصاحب (صحيح الأخبار) لأن جدة تقع في الجهة الغربية من مكة لكن الواقع أن الحديبية لا تحاذي بمكة من الجهة الغربية، بل تنحرف إلى جهة الشمال وقد أشار إلى ذلك ياقوت حيث ذكر:"أنها ليست في طول الحرم، ولا في عرضه، بل تقع في زاوية الحرم".اهـ6
أما المسافة التي بين الحديبية وبين مكة فقد ذكر ياقوت أنها مرحلة، والمرحلة تقدر بـ (40 كيلو متراً) كما قرر ذلك صاحب تيسير العلام7.
1 معجم البلدان 2/229.
2 تهذيب الأسماء واللغات 1/ 2: 81.
3 نقله الزبيدي: تاج العروس 1/205.
4 صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار 2/138.
5 نسب حرب: 350.
6 معجم البلدان 2/229.
7 تيسير العلام 1/483.
لكن نرى صاحب (نسب حرب) يقول: "إن بينهما (22كيلو متراً) ، وهناك فرق شاسع بين القولين.
لكن الظاهر أن المتقدمين لا يريدون التحديد الدقيق، وإنما يقصدون التقدير التقريبي للمسافة. لذلك نرى النووي يقول: إنها على نحو مرحلة. وصاحب المصباح يقول: دون مرحلة.
أما صاحب (نسب حرب) فإنه يريد التحديد الدقيق للمسافة، وما ذكره هو المعروف اليوم.
وقد ذكر المتأخرون أنه قد غلب على مكان الحديبية اسم (الشميسي) فصار المكان يعرف بهذا الاسم، لكن ذكر صاحب (نسب حرب) أنها توجد، ثم حدائق تعرف بـ (حدائق الحديبية) وهذا يعني أن المكان لا زال يعرف أنه مكان الحديبية.
(ب) هل الحديبية من الحل أو من الحرم؟
عند مالك أن الحديبية جميعها من الحرم1.
وقال الشافعي: "الحديبية موضع من الأرض منه ما هو في الحل، ومنه ما هو في الحرم"2.
وقال ياقوت: "وبعض الحديبية في الحل، وبعضها في الحرم، وهو أبعد الحل من البيت"3.
وقال ابن القيم: "والحديبية في الحل باتفاق الناس".
وقد قال الشافعي: "بعضها في الحل، وبعضها في الحرم، ومراده: أن أطرافها من الحرم، وإلا فهي من الحل باتفاقهم" ا. هـ4
1 ذكره الزبيدي: تاج العروس 1/205.
2 الأم 2/159.
3 معجم البلدان 2/229.
4 زاد المعاد 3/380.
قلت: الظاهر أن ما ذهب إليه الشافعي وياقوت هو الأرجح، وأما ما حكاه ابن القيم من الاتفاق على أن الحديبية كلها من الحل، فغير مسلم، لأن مالكاً يرى أنها من الحرم كلها، والشافعي وغيره يرون أن بعضها من الحرم.
وقد حمل ابن القيم قول الشافعي على أنه يقصد أن أطرافها من الحرم، لكنه لم يبين مساحة هذه الأطراف، وعلى افتراض أنه يقصد ذلك، فإن هذه الأطراف يطلق عليها بعض الحديبية، والله أعلم.