الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: تحلل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابة من الإحرام
المبحث الأول: أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالنحر والحلق وذكر مادار بينهم
…
المبحث الأول: أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالنحر والحلق، وذكر ما دار بينهم:
كان من جملة الشروط التي أملتها قريش وأصرت عليها، أن يرجع المسلمون عامهم ذلك ولا يصلوا إلى البيت.
وبعد أن وقع الاتفاق على الصلح، ومن ضمنه هذا الشرط قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فنحروا هديهم، وكانوا قد ساقوه معهم من المدينة وحلقوا وقصر بعضهم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحلقين ثلاثاً، وللمقصرين مرة:
(131)
قال البخاري: حدثنا محمود حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك"1.
وأخرجه البغوي2 من طريق محمود به بهذا اللفظ.
وأخرجه أحمد من حديث المسور ومروان ونص على أنه كان في الحديبية:
قال حدثنا عبد الرزاق به عن المسور ومروان قالا: قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعره من ذي الحليفة وأحرم منها بالعمرة، وحلق بالحديبية في عمرته، وأمر أصحابه بذلك، ونحر بالحديبية قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك3.
1 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المحصر:1811.
2 شرح السنة 7/285.
3 مسند أحمد 4/327.
وقد أشار إلى أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بذلك وما دار بينهم حديث المسور ومروان الطويل: فقد جاء فيه من طريق معمر ما نصه:
"فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت له أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ أخرج لا تكلم أحداً منهم حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعى حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً"1.
وأخرجه من طريق ابن إسحاق2 بنحوه.
وأخرجه البيهقي من طريق ابن إسحاق بنحوه وزاد فيه: "فلما رأى الناس أنه قد فعل ذلك قاموا ففعلوا فنحروا وحلق بعضهم وقصر بعض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغفر للمحلقين، فقيل: يا رسول الله والمقصرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر للمحلقين ثلاثاً، قيل: يا رسول الله وللمقصرين، فقال: وللمقصرين "3.
هذه الزيادة عند البيهقي، قد رواها عدد من الصحابة رضوان الله عليهم:
1 -
فقد وردت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند أحمد:
(132)
قال: حدثنا عبد الرزاق4 أنا معمر5 عن أيوب6 عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الحديبية: "اللهم اغفر للمحلقين، فقال رجل: والمقصرين، فقال: اللهم اغفر للمحلقين، فقال: وللمقصرين، حتى قالها ثلاثاً أو أربعاً ثم قال: وللمقصرين"7.
1 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الشروط: 2731 - 2732، وتقدم سنده مع طرف من أوله برقم (35) .
2 المسند 4/326، وتقدم سنده مع طرف من أوله برقم (36) .
3 دلائل النبوة 2/ لوحة: 234.
4 عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم، أبو بكر الصنعاني ثقة حافظ مصنف شهير، عمى في آخر عمره، فتغير وكان يتشيع، مات سنة إحدى عشرة ومائتين، وله خمس وثمانون: ع. تقريب: 213.
5 معمر بن راشد.
6 أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني - بفتح المهملة بعدها معجمة ثم مثناة ثم تحتانية وبعد الألف نون - أبو بكر البصري، ثقة ثبت حجة، من كبار الفقهاء العباد، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة وله خمس وستون: ع. تقريب: 41.
7 مسند أحمد 2/34، 151.
سند هذا الحديث صحيح فرجاله رجال الصحيح.
2 -
ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند الإمام أحمد وغيره:
(133)
قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يزيد1 قال: قال محمد - يعني ابن إسحاق -: حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال: حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يرحم الله المحلقين"، قالوا: يا رسول الله والمقصرين، قال:"يرحم الله المحلقين"، قالوا: يا رسول الله والمقصرين، قال:"يرحم الله المحلقين" قالوا: يا رسول الله والمقصرين، قال:"والمقصرين"، قالوا: فما بال المحلقين ظاهرت لهم الترحم؟ قال: "لم يشكوا"، قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم"2.
وأخرجه أبو يعلى3 من طريق يزيد بن هارون به فذكره بمثله إلا أن عنده: "ظاهرت لهم بالترحم" ولم يقل في آخره "فانصرف
…
".
وأخرجه الطحاوي4 من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وعبد الله بن إدريس كلاهما عن ابن إسحاق به مثله.
وأخرجه من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن ابن جريج عن مجاهد قال: قلت لابن عباس لم ظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة، قال: لأنهم لم يشكوا".
هذا الإسناد حسن؛ لأن مداره على ابن إسحاق وقد صرح بالسماع لكن الحديث صحيح لشواهده، من حديث ابن عمر السابق وحديث جابر الآتي وغيرهما:
3-
وقد أخرجه الطحاوي من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
1 يزيد بن هارون.
2 مسند أحمد 1/353.
3 مسند أبي يعلى /3/ لوحة: 271.
4 شرح معاني الآثار 2/255 - 256، مشكل الآثار 2/144.
(134)
قال: حدثنا عبيد1 بن رجال ثنا محمد2 بن يوسف ثنا أبو قرة3 موسى بن طارق عن زمعة4 بن صالح عن زياد5 بن سعد عن أبي الزبير6 أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: "حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية وحلق ناس كثير من أصحابه حين رأوه حلق، وأمسك آخرون، فقالوا: والله ما طفنا بالبيت فقصروا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحم الله المحلقين، فقال رجال: والمقصرين يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: يرحم المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال: والمقصرين"7.
وأخرجه الطبراني8 عن مفضل9 ثنا علي بن زياد اللحجي، قال ذكر زمعة به نحوه وفيه اختصارٌ من آخره.
هذا الحديث حسن لشواهده من حديث ابن عمر وابن عباس السابقين لأن في سنده زمعة بن صالح ضعفه أحمد وابن معين وأبو داود وغيرهم، لكن قال ابن معين مرة:
1 عبيد بن رجال المصري، أحد مشايخ الطحاوي الذين روى عنهم وكتب وحدث، ذكره ابن يونس في علماء مصر وقال: عبيد بن محمد بن موسى البزار المؤذن يكنى أبا القاسم، ويعرف بابن الرجال، مولى لقريش، يروي عن زيد بن بشر، توفي في شوال يوم الأربعاء لعشر خلون منه سنة أربع وثمانين ومائتين. مباني الأخبار في شرح معاني الآثار، لوحة: 333، كشف الأستار:71.
2 محمد بن يوسف الزبيدي - بفتح الزاي وكسر الموحدة أبو حمه بضم المهملة وفتح الميم الخفيفة - صاحب أبي قرة صدوق، مات في حدود الأربعين ومائتين: د. تقريب: 325، وهناك محمد بن يوسف الزيادي، ذكر ابن حجر أن ابن عساكر أفرده عن الزبيدي، ثم قال ابن حجر: ويظهر أنه هو - يعني الزبيدي - وكلاهما يروي عن أبي قرة.
3 موسى بن طارق اليماني أبو قرة - بضم القاف - الزبيدي - بفتح الزاي - القاضي، ثقة يغرب، من التاسعة: س. تقريب: 351.
4 زمعة بسكون الميم - ابن صالح الجندي - بفتح الجيم والنون - اليماني نزيل مكة أبو وهب ضعيف وحديثه عند مسلم مقرون، من السادسة: م، ق، ت، س، ق. تقريب: 108، وقد وقع في مشكل الآثار ((ربيعة)) ولم أجد ترجمته بهذا الاسم بعد البحث الطويل، ثم تبين لي أنه محرف عن (زمعة) ، كما ورد في سند الطبراني وفي ترجمة شيخه وتلميذه في تهذيب المزي. والحمد لله.
5 زياد بن سعد بن عبد الرحمن الخراساني، نزيل مكة ثم اليمن، ثقة ثبت، قال ابن عيينة كان أثبت أصحاب الزهري، من السادسة: ع. تقريب: 110.
6 هو: محمد بن مسلم بن تدرس.
7 مشكل الآثار 2/124.
8 مجمع البحرين 2/ لوحة: 152.
9 مفضل بن محمد بن إبراهيم بن مفضل بن عامر بن شراحيل الجندي الشعبي صاحب أبي حمه، نقل الحاكم عن أبي علي الحافظ أنه قال: ما كان إلا ثقة مأموناً، وقال ابن حجر: روى عنه أحمد بن جعفر المقري اليماني وأبو القاسم الطبراني وأبو حاتم بن حبان، وابن عدي وابن المقري، وغيرهم. مات سنة ثمان وثلاثمائة بمكة. لسان الميزان 6/82.
صويلح الحديث، وقال عمر بن علي: هو جائز الحديث مع الضعف الذي فيه، وقال ابن عدي: ربما يهم في بعض ما يرويه، وأرجو أن حديثه صالح لا بأس به1.
وأخرجه أبو داود الطيالسي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بسياق آخر:
(135)
قال: حدثنا هشام2 عن يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم3 الأنصاري عن أبي سعيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حلقوا رؤوسهم يوم الحديبية، إلا عثمان بن عفان وأبا قتادة فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة4.
وأخرجه5 ابن سعد من طريق هشام الدستوائي به فذكره بمثله.
وأخرجه الطحاوي من طريق علي6 بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير به، ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حلق، وحلق أصحابه غير رجلين من الأنصار ورجل من قريش7.
وأخرجه من طريق الأوزاعي8 عن يحيى بن أبي كثير به ولفظه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر يوم الحديبية للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة9.
وأخرجه البيهقي من طريق هشام الدستوائي عن يحيى به، ولفظه: حلق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية غير رجلين قصرا ولم يحلقا10.
1 تهذيب التهذيب 3/338.
2 هشام بن أبي عبد الله - سنبر - بمهملة ثم نون ثم موحدة - وزن جعفر - أبو بكر البصري الدستوائي - بفتح الدال وسكون السين المهملتين، وفتح المثناة ثم مد - ثقة ثبت، وقد رمي بالقدر، مات سنة أربع وخمسين ومائة، وله ثمان وسبعون سنة: ع. تقريب: 364.
3 أبو إبراهيم الأشهلي المدني مقبول من الثالثة، قيل إنه عبد الله بن أبي قتادة، ولا يصح: ت، س. تقريب: 392، وفي تهذيب التهذيب 12/2، وروى عن أبي سعيد حديث: "اللهم اغفر للمحلقين
…
".
4 مسند أبي داود: 295.
5 الطبقات الكبرى 2/104.
6 علي بن المبارك الهنائي - بضم الها وتخفيف النون ممدود - ثقة، كان له عن ابن أبي كثير كتابان، أحدهما سماع والآخر إرسال، فحديث الكوفيين عنه فيه شيء، من كبار السابعة: ع. تقريب: 248.
7 مشكل الآثار 2/146، شرح معاني الآثار 2/256.
8 هو: عبد الرحمن بن عمرو.
9 مشكل الآثار 2/146، شرح معاني الآثار 2/256.
10 دلائل النبوة 2/ لوحة: 234.
هذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف، لأن مدراه على أبي إبراهيم، وقال عنه أبو حاتم: لا يدرى من هو؟ 1.
ورمز له ابن حجر بـ "مقبول" ويعني بعد المتابعة لأنه من المرتبة السادسة، التي يقول فيها:"من ليس له من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله وإليه الإشارة لفظ "مقبول" حيث يتابع وإلا فلين الحديث2، قلت: ولم يتابع على هذا الحديث إلا رواية الأوزاعي عند الطحاوي، وعجز رواية هشام عند أبي داود، فهي ثابتة من حديث ابن عمر وابن عباس السابقين، والله أعلم.
وهناك أحاديث أخرى أشارت أيضاً إلى تحلل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه - في الحديبية - بالنحر والحلق، فقد أشار إلى ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما:
(136)
قال البخاري: حدثنا يحيى بن صالح حدثنا معاوية بن سلام حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عكرمة قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: "قد أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه وجامع نساءه، ونحر هديه حتى اعتمر عاماً قابلاً"3.
ذكر ابن حجر أنه رأى الحديث في جميع النسخ بلفظ: "فقال ابن عباس". قال: وهو يقتضي سبق كلام يعقبه قوله: "فقال ابن عباس" ثم ذكر أنه وجده في "كتاب الصحابة" لابن السكن كاملاً ولفظه: "قال حدثني هارون بن عيسى حدثنا الصنعاني هو محمد بن إسحاق أحد شيوخ مسلم حدثنا يحيى بن صالح حدثنا معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت عكرمة فقال: قال عبد الله بن رافع مولى أم سلمة أنها سألت الحجاج بن عمرو الأنصاري عمن حبس وهو محرم، فقال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من عرج أو كسر أو حبس، فليجزئ مثله وهو في حل. "قال فحدثت أبا هريرة، فقال: صدق، وحدثته ابن عباس فقال: "قد أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق ونحر هديه وجامع نساءه حتى اعتمر عاماً قابلاً"، قال ابن حجر: "فعرف بهذا السياق القدر الذي حذفه البخاري من هذا الحديث، والسبب في حذفه أن الزائد ليس على شرطه لأنه قد اختلف في حديث الحجاج بن عمرو على يحيى بن أبي كثير عن عكرمة مع كون عبد الله بن رافع ليس من شرط البخاري
…
إلى أن
1 الجرح والتعديل 4/2/332.
2 تقريب التهذيب: 10.
3 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المحصر:1809.
قال: فاقتصر البخاري على ما هو من شرط كتابه مع أن الذي حذفه ليس بعيداً من الصحة، فإن كان عكرمة سمعه من الحجاج بن عمرو فذاك، وإلا فالواسطة بينهم وهو - عبد الله بن رافع - ثقة وإن كان البخاري لم يخرج له1 ا. هـ
وقد أشار إلى ذلك أيضاً حديث ابن عمر رضي الله عنهما:
(137)
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء حدثنا جويرية عن نافع أن عبيد الله بن عبد الله وسالم بن عبد الله أخبراه أنهما كلما عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ليالي نزل الجيش بابن الزبير فقالا: لا يضرك أن لا تحج العام، وإنا نخاف أن يحال بينك وبين البيت، فقال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فحال كفار قريش دون البيت، فنحر النبي صلى الله عليه وسلم هديه وحلق رأسه وأشهدكم أني أوجبت العمرة إن شاء الله، فأنطلِقُ فإن خلي بيني وبين البيت طفت، وإن حيل بيني وبينه فعلت كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا معه فأهل بالعمرة من ذي الحليفة ثم سار ساعة، ثم قال: إنما شأنهما واحد، أشهدكم أني قد أوجبت حجة مع عمرتي، فلم يحل منهما حتى دخل يوم النحر وأهدى، وكان يقول: لا يحل حتى يطوف طوافاً واحداً يوم يدخل مكة2.
ومن هذا الوجه أخرجه النسائي3 والبيهقي4 بنحوه.
وهذه الرواية تفيد أن نافعاً لم يشهد القصة، وإنما أخبره بذلك عبد الله وسالم ابنا عبد الله بن عمر، لكن رواية موسى بن إسماعيل عن جويرية أفادت أنّ نافعاً قد شهد القصة ونصها:
قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جويرية عن نافع أن بعض بني عبد الله قال: لو أقمت العام فإني أخاف ألا تصل إلى البيت، قال: "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فحال كفار قريش دون البيت، فنحر النبي صلى الله عليه وسلم هداياه وحلق وقصر أصحابه، وقال أشهدكم أني قد أوجبت عمرة
…
"5.
1 فتح الباري 4/7.
2 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المحصر:1807.
3 سنن النسائي 5/198، مع شرح السيوطي وحاشية السندي.
4 السنن الكبرى 5/216.
5 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المحصر 1808، كتاب المغازي:4185.
وقد أخرجه البخاري أيضاً من طرق أخرى غير طريق جويرية وكلها تفيد شهود نافع للقصة.
فأخرجه من طريق1 أيوب عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما دخل ابنه عبد الله بن عبد الله وظهره في الدار فقال: إني لا آمن أن يكون العام بين الناس قتال، فيصدوك عن البيت فلو أقمت فقال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحال كفار قريش بينه وبين البيت، فإن حيل بيني وبين البيت، أفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} .
وأخرجه من طريقه2 أيضاً بلفظ: قال عبد الله بن عبد الله بن عمر لأبيه: "أقم فإني لا آمن أن تصد عن البيت
…
" الحديث بنحوه.
ومن طريق أيوب أخرجه مسلم3 وأحمد4 بنحوه.
وأخرجه البخاري من طريق5 الليث عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير فقيل له: إن الناس كائن بينهم قتال، وإنا نخاف أن يصدوك فقال:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} إذاً أصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه من طريق الليث مسلم6 والنسائي7 بنحوه.
وأخرجه البخاري من طريق8 موسى بن عقبة عن نافع قال: "أراد ابن عمر رضي الله عنهما الحج عام حجة الحَروريَّة9 في عهد ابن الزبير رضي الله عنهما فقيل
1 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الحج:1639.
2 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الحج:1693.
3 صحيح مسلم، كتاب الحج:183.
4 مسند أحمد 2/4.
5 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الحج:1640.
6 صحيح مسلم، كتاب الحج:182.
7 سنن النسائي 5/158، مع شرحه السيوطي وحاشية السندي.
8 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الحج:1708.
9 ذكر ابن حجر أن بين هذه الرواية وبين رواية جويرية ((ليالي نزل الحجاج بابن الزبير)) تغاير، قال: لأن حجة الحرورية كانت في السنة التي مات فيها يزيد بن معاوية سنة أربع وستين، وذلك قبل أن يتسمى ابن الزبير بالخلافة، ونزول الحجاج بابن الزبير كان في سنة ثلاث وسبعين وذلك في آخر آيام ابن الزبير، إما أن يحمل على أن الراوي أطلق على الحجاج وأتباعه حرورية لجامع ما بينهم من الخروج على أئمة الحق، وإما أن يحمل على تعدد القصة. فتح الباري 3/550
له: إن الناس كائن بينهم قتال
…
".
وأخرجه من طريق1 مالك عن نافع: "أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حين خرج إلى مكة معتمراً في الفتنة قال: "إن صُددت عن البيت صنعت كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
".
وأخرجه مالك2 ومسلم3 بنحوه، وأحمد4 مختصراً.
وأخرجه البخاري من طريق5 عمر بن محمد العمري قال: وحدث نافع أن عبد الله6 وسالماً كلما عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال: "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم معتمرين فحال كفار قريش دون البيت، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنه وحلق رأسه".
وأخرجه البيهقي7 من هذا الطريق بنحوه وزاد "ثم رجع".
وأخرجه البخاري من طريق عبيد الله بن عمر العمري عن نافع أنه أهلّ وقال: "إن حيل بيني وبينه فعلت كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين حالت كفار قريش بينه، وتلا:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} 8.
وأخرجه مسلم9 من هذا الطريق بأطول من هذا اللفظ.
وأخرجه أحمد10 من طريق عبيد الله بن عمر وعبد العزيز بن أبي رَوّاد كلاهما عن نافع بأطول منه.
1 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المحصر: 1806 - 1813، كتاب المغازي:4183.
2 الموطأ، كتاب الحج:100.
3 صحيح مسلم، كتاب الحج:180.
4 مسند أحمد 2/63.
5 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المحصر:1812.
6 جاء في هذه الرواية عبد الله - بالتكبير - وفي رواية جويرية السابقة عبيد الله - بالتصغير - وذكر البيهقي أن عبد الله أصح. السنن الكبرى 5/216.
لكن ابن حجر قال: ليس بمستبعد أن يكون كل منهما كلم أباه في ذلك، ولعل نافعاً حضر كلام عبد الله - المكبر - مع أخيه سالم، ولم يحضر كلام عبيد الله - المصغر - مع أخيه سالماً، أيضاً بل أخبراه بذلك، فقص عن كل ما انتهى إليه علمه. فتح الباري 4/5.
قلت: وهو توجيه حسن. والله أعلم.
7 السنن الكبرى 5/216.
8 صحيح البخاري مع الفتح: 4184.
9 صحيح مسلم، كتاب الحج:181.
10 مسند أحمد 2/151.