الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع: نزول المسلمين بذي الحليفة وما عملوه بها
المبحث الأول: صلاة المسلمين بذي الحليفة وإحرامهم بالعمرة
…
المبحث الأول: صلاة المسلمين بذي الحليفة وإحرامهم بالعمرة:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم من الأعراب1، فلما انتهى إلى ذي الحليفة نزل بها وصلى بها الظهر:
(34)
قال مسلم: "حدثنا إبراهيم بن دينار حدثنا حجاج بن محمد الأعور مولى سليمان بن مجالد قال: قال ابن جريج: وأخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل: هل بايع النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة؟ فقال: لا، ولكن صلى بها، ولم يبايع عند شجرة إلا الشجرة التي بالحديبية2.
وأخرجه3 أحمد بن طريق ابن جريج به مثله.
لم يعين في حديث جابر هذا الصلاة التي صلوها بذي الحليفة، لكن ذكر الواقدي4 وابن سعد5 أنهم صلوا بها صلاة الظهر.
ثم أحرم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالعمرة، وساقوا الهدي:
1 انظر سيرة ابن هشام 3/308.
2 صحيح مسلم، كتاب الإمارة:70.
3 مسند أحمد 3/325.
4 مغازي الواقدي 2/573.
5 الطبقات الكبرى 2/95.
(35)
قال البخاري: حدثنا أحمد بن محمد أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر عن الزهري عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كان بذي الحليفة قلد الهدي، وأشعره1 وأحرم بالعمرة"2.
هذا طرف من حديث المسور ومروان الطويل في قصة الحديبية، أورده البخاري هنا مختصراً من طريق معمر، وقد أخرجه3 من طريقه بطوله في كتاب الشروط إلا أنه حذف من أوله الإهلال بالعمرة ومن طريقه أيضاً4 أخرج جزءاً منه في كتاب المحصر.
ومن طريق معمر أيضاً أخرجه5 أبو داود بطوله إلا أنه وقع فيه اختصار نبه عليه الخطابي بسنده من طريق معمر هذه فذكره بتمامه6.
ومن طريق معمر أيضاً أخرجه أحمد7 بتمامه.
وأخرج النسائي8 طرفاً من أوله.
وأخرجه البخاري من طريق9 سفيان بن عيينة عن الزهري به فذكر أوله فقط.
ومن طريقه أخرج أبو داود10 وأحمد11 طرفاً من أوله.
وأخرجه البخاري من طريق12 عقيل عن الزهري به قال فيه: "يخبران عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" ثم ذكر جزءاً من آخره.
1 أشعره: إشعار البدن أن يشق أحد جنبي سنام البدنة حتى يسيل دمها، ويجعل ذلك علامة لها تعرف به أنها هدي. النهاية 2/479.
2 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الحج: 1694 - 1695.
3 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الشروط: 2731 - 2732.
4 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المحصر:1811.
5 سنن أبي داود مع معالم السنن، كتاب الجهاد:2765.
6 معالم السنن 3/159، مع سنن أبي داود.
7 مسند أحمد 4/328.
8 سنن النسائي 5/170.
9 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب كتاب المغازي: 4178 - 4179.
10 سنن أبي داود مع معالم السنن، كتاب الحج:1754.
11 مسند أحمد 4/323.
12 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الشروط: 2711 - 2712.
وأخرجه من طريق1 ابن أخي الزهري عن عمه به، فذكر جزءاً من وسطه.
والحديث أخرجه أحمد بن طريق ابن إسحاق عن الزهري مطولاً بسياق آخر:
(36)
قال: حدثنا يزيد2 بن هارون أنا محمد3 بن إسحاق عن الزهري4 به قالا: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت، لا يريد قتالاً، وساق معه الهدي سبعين بدنة"5 الحديث، وفيه زيادات ستأتي في مظانها.
ومن طريق ابن إسحاق أخرجه ابن هشام، وصرح عنده بالسماع من الزهري.
قال ابن هشام6 قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري به، فذكره بطوله.
وأخرجه البيهقي7 من طريقه أيضاً، وصرح فيه بالسماع من الزهري:
فقد ساقه بسنده إلى يونس8 بن بكير عن محمد بن إسحاق، حدثني الزهري به مختصراً.
واللفظ الوارد من طريق ابن إسحاق حسن، فقد صرح بالسماع من الزهري عند ابن هشام والبيهقي، وابن إسحاق إذا صرح بالسماع فحديثه حسن، كما قرر ذلك الذهبي وابن حجر:
قال الذهبي: بعد أن نقل أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه: "والذي يظهر لي
1 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغاوي: 4180 - 4181.
2 يزيد بن هارون بن زاذان السلمي مولاهم، أبو خالد الواسطي، ثقة متقن عابد، مات سنة ست ومائتين وقد قارب التسعين: ع. تقريب: 385.
3 محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر المطلبي مولاهم، المدني نزيل العراق، إمام المغازي، صدوق يدلس رمي بالتشيع والقدر، مات سنة خمسين ومائة، ويقال بعدها: خت، م، الأربعة. تقريب: 290، تهذيب التهذيب 9/38.
4 محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، أبو بكر الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه، مات سنة خمس وعشرين ومائة، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين: ع. تقريب: 318.
5 مسند أحمد 4/323.
6 سيرة ابن هشام 3/308، والواسطة بين ابن هشام وابن إسحاق هو زياد البكائي، وهو ثبت في المغازي، انظر: سير أعلام النبلاء 10/429، تقريب:110.
7 السنن الكبرى 5/235، دلائل النبوة 2، لوحة:219.
8 يونس بن بكير بن واصل الشيباني، أبو بكر الجمال الكوفي، صدوق يخطئ، مات سنة تسع وتسعين ومائة: خت، م، ت، ق. تقريب: 390، تهذيب التهذيب 11/434.
أن ابن إسحاق حسن الحديث صالح الحال صدوق، وما تفرد به ففيه نكارة فإن في حفظه شيئاً، وقد احتج به الأئمة1، والله أعلم ا. هـ
وقال الذهبي عنه أيضاً: "كان أحد أوعية العلم حبراً في معرفة المغازي والسير، وليس بذاك المتقن، فانحط حديثه عن رتبة الصحة، وهو صدوق في نفسه مرضى"2 ا. هـ
وقال ابن حجر: "ما ينفرد به وإن لم يبلغ درجة الصحيح فهو في درجة الحسن، إذا صرح بالتحديث
…
وإنما يصحح له من لا يفرق بين الصحيح والحسن ويجعل كل ما يصلح للحجة صحيحاً، وهذه طريقة ابن حبان، ومن ذكر معه"3 ا. هـ
وحديث المسور ومروان ظاهره الإرسال، لأن المسور ومروان لم يشهد أحد منهما القصة.
أما المسور فقدومه للمدينة كان في السنة الثامنة بعد الفتح، وهو ابن ست سنين4، بينما كانت الحديبية في السنة السادسة.
وأما مروان بن الحكم فلم تثبت له صحبة5.
لكن جاء من طريق عقيل عند البخاري6: "يخبران عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذه الطريق أوضحت أن المسور ومروان سمعا الحديث من بعض الصحابة، وجهالة الصحابي لا تضر"7؛ لأن الصحابة كلهم عدول.
وقد وقع في أثناء القصة ما يفيد أنهما سمعاها من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد جاء في الحديث: قال عمر بن الخطاب: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم
…
وقد عقب ابن حجر على هذه العبارة بقوله: "هذا مما يقوي أن الذي حدث المسور ومروان بقصة الحديبية، هو عمر"8 انتهى.
1 ميزان الاعتدال 3/475.
2 تذكرة الحفاظ 1/173.
3 فتح الباري 11/163.
4 الإصابة 9/204.
5 تهذيب التهذيب 10/91، تقريب التهذيب:332.
6 تقدم ص: 55.
7 تقريب النووي 1/207، مع شرحه تدريب الراوي.
8 فتح الباري 5/346.