المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: معجزة النبي صللى الله عليه وسلم في نبع الماء من أصابعه وفي تكثير الطعام - مرويات غزوة الحديبية جمع وتخريج ودراسة

[حافظ بن محمد حكمي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: يشمل مقدمات الغزوة وخروج المسلمين لها وما واجههم أثناء سيرهم

- ‌الفصل الأول: تحقيق لاسم الغزوة وموقعها

- ‌المبحث الأول: المرجحات لتسمية هذه الحادثة بغزوة الحديبية

- ‌المبحث الثاني: تحقيق لاسم الحديبية وموقعها

- ‌المطلب الأول: التحقيق في اسمها من حيث ضبطه وسبب إطلاقه عليها

- ‌المطلب الثاني: موقع الحديبية وهل من الحل أو الحرام

- ‌الفصل الثاني: سبب الغزوة وتاريخها

- ‌المبحث الأول: سبب الغزوة

- ‌المبحث الثاني: تاريخ خروج المسلمين لغزوة الحديبية

- ‌الفصل الثالث: إعداد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه للخروج إلى الحديبية

- ‌المبحث الأول: إعداد النبي صلى الله عليه وسلم للخروج إلى الحديبية

- ‌المبحث الثاني: عدد جيش السلمين في غزوة الحديبية

- ‌الفصل الرابع: نزول المسلمين بذي الحليفة وما عملوه بها

- ‌المبحث الأول: صلاة المسلمين بذي الحليفة وإحرامهم بالعمرة

- ‌المبحث الثاني: إرسال النبي صلى الله عليه وسلم بسر بن سفيان عينا على مكة

- ‌الفصلُ الخامسُ: إرسالُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لبعضِ أصحابِه إلى غيقةَ وقصةُ أبي قتادةَ رضي الله عنه

- ‌الفصل السادس: ما حدث للمسلمين بعسفان

- ‌المبحث الأول: عين رسول الله صلى الله عليه وسلم الخزاعي يوافيه بخبر قريش

- ‌المبحث الثاني: صلاة الخوف بعسفان:

- ‌المبحث الثالث: بيان أن ابتداء مشروعية صلاة الخوف كان في غزوة الحديبية:

- ‌المبحث الرابع: تنبية على أحاديث أوردت في صلاة عسفان وبيان وجه مغايرتها

- ‌الفصل السابع: عدول المسلمين إلى الحديبية

- ‌المبحث الأول: المشاق التي عاناها المسلمون في طريقهم الى الحديبية

- ‌المبحث الثاني: نزول المسلمين الحديبية ومعجزة النبي صلى الله عليه وسلم في تكثير ماء البئر:

- ‌المبحث الثالث: من الذي نزل بالسهم في بئر الحديبية

- ‌الباب الثاني: موقف قريش من الغزوة وما دار بينها وبين المسلمين

- ‌الفصل الأول: موقف قريش من هذه الغزوة

- ‌المبحث الأول: إعداد قريش وخروجها لصد المسلمين

- ‌المبحث الثاني: تحرشات قريش بالمسلمين وموقف المسلمين حيالها:

- ‌الفصل الثاني: في الحوار الذي دار بين الرسول صلى الله عليه وسلم وقريش

- ‌المبحث الأول: ركب من خزاعة يسعى لإيجاد تقارب بين الطرفين

- ‌المبحث الثاني: رسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى قريش:

- ‌المبحث الثالث: رسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثالث: بيعة الرضوان

- ‌المبحث الأول: سبب هذه البيعة

- ‌المبحث الثاني: مكان البيعة:

- ‌المبحث الثالث: على أي شيء كانت البيعة:

- ‌المبحث الرابع: من هو أول من بايع بيعة الرضوان:

- ‌المبحث الخامس: ما ورد في فضل أصحاب البيعة:

- ‌الفصل الرابع: في صلح الحديبية

- ‌المبحث الأول: أسباب الصلح ومقدماته

- ‌المبحث الثاني: الشروط التي تم عليها الصلح:

- ‌المبحث الثالث: كاتب الصلح وشهوده:

- ‌المبحث الرابع: تألم عمر وبعض الصحابة من شروط قريش:

- ‌المبحث الخامس: موقف المسلمين من صلح الحديبية

- ‌المطلب الأول: وفاء المسلمين بالعهد

- ‌المطلب الثاني: بيان أن امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن رد المهاجرات ليس إخلالاً بالصلح:

- ‌المبحث السادس: موقف قريش من الصلح

- ‌المطلب الأول: تخلى قريش عن أهم شروطها

- ‌المطلب الثاني: نقض قريش للعهد:

- ‌الباب الثالث: يشمل أحداثا وقعت بالحديبية لم تحدد وقت وقوعها وتحلل المسلمين وأنصرافهم

- ‌الفصل الأول: أحداث وقعت بالحديبية لم يتعين وقت وقوعها

- ‌المبحث الأول: قصة كعب بن عجرة ونزول آية الفدية

- ‌المبحث الثاني: بيان كفر من قال مطرنا بنؤ كذا

- ‌المبحث الثالث: مشروعية الصلاة في الرحال:

- ‌المبحث الثالث: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية

- ‌الفصل الثاني: تحلل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابة من الإحرام

- ‌المبحث الأول: أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالنحر والحلق وذكر مادار بينهم

- ‌المبحث الثاني: عدد الهدي الذي نحره المسلمون في عمرة الحديبية:

- ‌المبحث الثالث: قصة جمل أبي جهل:

- ‌المبحث الرابع: هل نحر المسلمون الهدى في الحل أو الحرم

- ‌الفصل الثالث: أحداث وقعت للمسلمين في طريقهم للمدينة

- ‌المبحث الأول: انصراف المسلمين من الحديبية ونومهم عن صلاة الصبح

- ‌المبحث الثاني: نزول سورة الفتح:

- ‌المبحث الثالث: معجزة النبي صللى الله عليه وسلم في نبع الماء من أصابعه وفي تكثير الطعام

- ‌المبحث الرابع: نزول المسلمين بالأثايه:

- ‌الفصل الرابع: فضل غزوة الحديبية ونتائجها

- ‌المبحث الأول: فضل غزوة الحديبية

- ‌المبحث الثاني: نتائج غزوة الحديبية:

- ‌الباب الرابع: أحكام وفوائد من فقه مرويات الغزوة

- ‌توطئة

- ‌الفصل الأول من أحكام الجهاد الواردة في الغزوة

- ‌المبحث الأول: مشروعية الشورى:

- ‌المبحث الثاني: حكم الاستعانة بالمشرك:

- ‌المبحث الثالث: مقدار المدة التي تجوز مهادنة الكفار عليها:

- ‌المبحث الرابع: هل تجوز مصالحة الكفار على رد من جاء من قبلهم مسلماً:

- ‌المبحث الخامس: إذا رد الإمام إلى المعاهدين من جاء من قبلهم فأحدث جناية فيهم، فهل عليه أو على الإمام ضمان

- ‌الفصل الثاني: أحكام تتعلق بالعقيدة

- ‌المبحث الأول: حكم القيام على رأس الكبير وهو جالس

- ‌المبحث الثاني: تعريف الفأل وبيان استحبابه وأنه مغاير للطيرة:

- ‌المبحث الثالث: بيلن كفر من اعنقد أن للكوكب تأثيرا في ايجاد المطر

- ‌المبحث الرابع: هل يجوز التبرك بفضلات الصالحين وآثارهم

- ‌المبحث الخامس: هل كتب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية حقيقة

- ‌الفصل الثالث: الدروس والعبر المستفادة من بعض مواقف الغزوة

- ‌المبحث الأول: أتهام العقل أمام النصوص الصريحة

- ‌المبحث الثاني: أنموذج من التربية النبوية:

- ‌المبحث الثالث: مثل رائع لوفاء المسلم وثباته على العقيدة

- ‌المبحث الرابع: صروح الكفر والطغيان تتهاوى أمام عزمات الإيمان

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث الثالث: معجزة النبي صللى الله عليه وسلم في نبع الماء من أصابعه وفي تكثير الطعام

وذكره ابن حبان1 في ثقات أتباع التابعين ووثقه الذهبي، وترجم له في الكاشف وقال وثق2، ومثل هذا ليس بمجهول، وأيضاً فالحديث له شواهد من الأحاديث السابقة فهو صحيح، كما قال الحاكم، والله أعلم.

1 الثقات 7/642.

2 الكاشف 3/293.

ص: 258

‌المبحث الثالث: معجزة النبي صللى الله عليه وسلم في نبع الماء من أصابعه وفي تكثير الطعام

المبحث الثالث: معجزة النبي صلى الله عليه وسلم في نبع الماء من أصابعه وفي تكثير الطعام:

تكررت معجزة النبي صلى الله عليه وسلم بتكثير الماء في غزوة الحديبية فقد سبق ذكر المعجزة بتكاثر ماء البئر حين وضع فيها سهم النبي صلى الله عليه وسلم، والنصوص التالية تفيد أنها قد حصلت للنبي صلى الله عليه وسلم معجزة أخرى من هذا النوع، وذلك حيت وضع يده صلى الله عليه وسلم في الإناء.

قال البخاري: حدثنا يوسف بن عيسى عن ابن فضيل حدثنا حصين عن سالم عن جابر رضي الله عنه قال: عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة1 فتوضأ منها، ثم أقبل الناس نحوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لكم؟ قالوا: يا رسول الله ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما في ركوتك، قال:"فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون"، قال:"فشربنا وتوضأنا"، فقلت لجابر:"كم كنتم يومئذ؟ " قال: "لو كنا مائة ألف لكفانا كنا خمس عشرة مائة"2.

وأخرجه عن موسى بن إسماعيل عن عبد العزيز بن مسلم عن حصين به فذكر نحوه وفيه: "فجعل الماء يثور من بين أصابعه"3.

وأخرجه من طريق الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال: "قد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حضرتْ صلاة العصر وليس معنا ماء غير فضلة فجعل في إناء فأُتي النبي صلى الله عليه وسلم به فأدخل يده فيه، وفرّج بين أصابعه ثم قال: "حي على أهل الوضوء البركة من الله"، فلقد رأيت الماء يتفجر من بين أصابعه فتوضأ الناس وشربوا فجعلت لا آلوا ما جعلت في بطني منه فعلمت أنه بركة".

1 الركوة: إناء صغير من جلد، يشرب فيه الماء، والجمع ركاء. النهاية 2/261.

2 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي: 4152، وتقدم رقم (28) .

3 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المناقب:3576.

ص: 258

قلت لجابر: "كم كنتم يومئذ؟ " قال: "ألف1 وأربعمائة" تابعه عمرو بن دينار عن جابر"2.

وأخرجه أحمد عن طريق عمرو بن مرة وحصين بن عبد الرحمن، كلاهما عن سالم عن جابر قال:"أصابنا عطش بالحديبية، فجهشنا3 إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يديه تور4 فيه ماء فقال بأصابعه هكذا فيها وقال: "خذوا بسم الله، قال: فجعل الماء يتخلل من بين أصابعه كأنها عيون، فوسعنا وكفانا"، وقال حصين في حديثه: "فشربنا وتوضأنا".

وهذه القصة مغايرة للقصة الأولى كما ذكر ذلك ابن القيم5 وابن حجر6 ووجه مغايرتها ظاهر: فالمعجزة في هذه وقعت في ماء كان في إناء، وسببها أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده في الإناء بينما المعجزة في تلك وقعت في البئر عندما وضع فيها سهم النبي صلى الله عليه وسلم وصب فيه الماء الذي مج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد جمع بينهما ابن حجر فقال: "وكأنّ ذلك (أي ما في حديث جابر) كان قبل قصة البئر"7 اهـ.

والذي يظهر لي: أن هذه القصة وقعت بعد قصة البئر أثناء رجوع المسلمين للمدينة لما يلي:

ورد في حديث سلمة بن الأكوع عند مسلم أن قصة تكثير الماء الذي في الإناء وقعت عقب معجزة النبي صلى الله عليه وسلم في تكثير الطعام:

(159)

قال حدثني أحمد بن يوسف الأزدي، حدثنا النضر (يعني ابن محمد اليمامي) حدثنا عكرمة (هو ابن عمار) حدثنا إياس بن سلمة عن أبيه قال: خرجنا

1 قال ابن حجر: "كذا لسهم بالرفع، والتقدير نحن يومئذ ألف وأربعمائة، ويجوز النصب على خبر كان". فتح الباري 10/102.

2 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الأشربة:5639.

3 الجهش: أن يفزع الإنسان إلى الإنسان، ويلجأ إليه، وهو مع ذلك يريد البكاء، كأن يفزع الصبي إلى أمه. يقال: جهشت وأجهشت. النهاية 1/322.

4 تور: إناء من صفر أو حجارة كالإجانة وقد يتوضأ منه. النهاية 1/199.

5 زاد المعاد 3/298.

6 فتح الباري 5/337.

7 فتح الباري 5/337.

ص: 259

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فأصابنا جهد حتى هممنا أن ننحر بعض ظهرنا1، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فجمعنا مزاودنا2 فبسطنا له نطعاً3 فاجتمع زاد القوم على النطع، قال: فتطاولت لأحزره4 كم هو؟ فحزرته كربضة العنز، ونحن أربع عشرة مائة، قال: فأكلنا حتى شبعنا جميعاً ثم حشونا جربنا5 فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم "فهل من وضوء؟ " قال: "فجاء رجل بإداوة6 له فيها نطفة فأفرغها في قدح، فتوضأنا كلنا ندغفقه7 دغفقة أربع عشرة مائة".

قال: "ثم جاء بعد ذلك ثمانية فقالوا: "هل من طهور؟ " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فرغ الوضوء" 8.

فهذا الحديث قد أفاد أن قصة تكثير الماء الذي في الإناء وقعت عقب معجزته صلى الله عليه وسلم في تكثير الطعام.

وقد صرح حديث ابن عباس بأن حادثة تكثير الطعام كانت عند رجوع المسلمين من الحديبية:

(160)

قال البيهقي: أخبرنا أبو الحسين9 بن الفضل قال: أخبرنا أبو بكر بن عتاب10 قال: حدثنا القاسم11 بن عبد الله بن المغيرة، قال: حدثنا ابن أبي أويس12 قال حدثنا إسماعيل13 بن إبراهيم بن عقبة ح.

1 ظهرنا: أي إبلنا، فالظهر الإبل التي يحمل عليها وتركب. النهاية 3/166.

2 المزاود: جمع مزود كمنبر، وعاء الزاد. ترتيب القاموس 2/490.

3 النطع: بالكسر وبالفتح وبالتحريك وكعنب: من الأديم جمعه أنطاع. ترتيب القاموس 4/391.

4 لأحزره من الحزر وهو التقدير والخرص، ترتيب القاموس 1/631.

5 جربنا جمع جراب: وهو المزود أو الوعاء. ترتيب القاموس 1/466.

6 الإداوة بالكسر: إناء صغير من جلد يتخذ للماء، وجمعه أداوي. النهاية 1/33.

7 ندغفقه: دغفق الماء صبه صباً كثيراً. ترتيب القاموس 2/189.

8 صحيح مسلم، كتاب اللقطة:19.

9 هو: محمد بن الحسين بن الفضل القطان.

10 محمد بن أبي عتاب البغدادي أبو بكر الأعين واسم أبيه طريف، وقيل: حسن بن طريف صدوق مات سنة أربعين ومائتين: مق، ت. تقريب:310.

11 القاسم بن عبد الله بن المغيرة، أبو محمد الجوهري مولى أم عيسى بنت علي بن عبد الله بن عباس، قال الدارقطني:"ثقة مأمون"، ووثقه الخطيب، مات يوم الجمعة غرة محرم سنة خمس وسبعين ومائتين وكان مولده سنة خمس وتسعين ومائة. تاريخ بغداد 12/433.

12 هو: إسماعيل بن عبد الله بن أويس.

13 إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة الأسدي مولاهم أبو إسحاق المدني، ثقة تكلم فيه بلا حجة من السابعة، مات في خلافة المهدي: خ، تم، س. تقريب:31.

ص: 260

وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا إسماعيل1 بن محمد بن الفضل الشعراني قال: حدثنا جدي2 قال: ثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثني محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال: قال ابن عباس لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية، كلمه بعض أصحابه فقالوا:"جهدنا وفي الناس ظهر، فانحره لنا فنأكل من لحومه ولندهن من شحومه، ولنحتذي من جلوده"، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"لا تفعل يا رسول الله فإن الناس إن يكن معهم بقية ظهر أمثل"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ابسطوا أنطاعكم وعباءكم ففعلوا ثم قال: من كان عنده بقية من زاد وطعام فلينثره ودعا لهم، ثم قال: قربوا أوعيتكم فأخذوا ما شاء الله"، حدثه نافع بن جبير3:"هذا لفظ إسماعيل وفي رواية ابن فليح قال موسى بن عقبة وحدثنيه نافع بن جبير"4.

وأخرجه البيهقي من طريق أبي الطفيل عن ابن عباس:

(161)

قال: حدثنا أبو محمد عبد الله5 بن يوسف الأصبهاني قال: أخبرنا أبو سعيد6 بن الأعرابي حدثنا الحسن7 بن محمد الزعفراني قال: حدثنا

1 إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني النيسابوري، من شيوخ الحاكم، وقال الحاكم: ارتبت في لقيه بعض الشيوخ ثم قال: حدثني إسماعيل ثنا جدي ثنا عبيد الله العيشي ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم". غريب فرد. لسان الميزان 1/434.

2 الفضل بن محمد بن المسيب البيهقي أبو محمد الشعراني من ذرية ملك اليمن باذام الذي أسلم بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه حفيده إسماعيل بن محمد بن الفضل وغيره، قال ابن أبي حاتم:"تكلموا فيه"، وقال ابن الأخرم:"صدوق غال في التشيع"، وقال الحكم:"ثقة لم يطعن فيه بحجة" وقال: "كان أديباً فقيهاً عابداً عارفاً بالرجال، كان يرسل شعره فلقب بالشعراني". تذكرة الحفاظ 2/626.

3 نافع بن جبير بن مطعم النوفلي أبو محمد أو أبو عبد الله المدني، ثقة فاضل مات سنة تسع وتسعين: ع. تقريب: 355.

4 دلائل النبوة 2/ لوحة: 222.

5 عبد الله بن يوسف بن أحمد بن بابويه - وقيل مامويه - الأصبهاني ساكن نيسابور، أبو محمد قدم بغداد حاجاً سنة تسعين وثلاثمائة، وحدث بها عن أبي العباس الأصم، ومحمد بن الحسن بن الخليل النيسابوريين وأبي سعيد بن الأعرابي ساكن مكة، وكان ثقة، مات بعد سنة أربعمائة بسنين كثيرة. تاريخ بغداد 10/198.

6 أحمد بن محمد بن زياد أبو سعيد بن الأعرابي الإمام الحافظ الثقة الصدوق الزاهد له أوهام سمع من أحمد بن منصور الرمادي، والحسن بن علي بن عفان، والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني وطبقتهم ومن بعدهم، توفي في ذي الحجة سنة أربعين وثلاثمائة عن أربع وتسعين سنة. لسان الميزان 1/308.

7 الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني أبو علي البغدادي صاحب الشافعي وقد شاركه في الطبقة الثانية من شيوخه، ثقة، مات سنة ستين ومائتين أو قبلها بسنة: خ، الأربعة. التقريب:71.

ص: 261

يحيى بن سليم1 الطايفي عن عبد الله2 بن عثمان عن خيثم عن أبي الطفيل3 عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل مر4 في صلح قريش - قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله لو انتحرنا من ظهورنا فأكلنا لحومها وشحومها وحسونا من المرق، أصبحنا غداً إذا غدونا عليهم وبنا جمام"، قال:"لا، ولكن إيتوني بما فضل من أزوادكم فبسطوا أنطاعاً، ثم صبوا عليها فضول ما فضل من أزوادهم فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة"، فأكلوا حتى تضلعوا شبعاً ثم لففوا فضول ما فضل من أزوادهم في جربهم" 5.

هذا الحديث صحيح بمجموع طرقه.

وقد أفاد هذا الحديث أن معجزة تكثير الطعام إنما حصلت للنبي صلى الله عليه وسلم أثناء رجوعهم من غزوة الحديبية ومعجزة تكثير الماء في الإناء وقعت بعد هذه المعجزة، كما هو صريح حديث سلمة السابق عند مسلم، ولا يتوهم أن العدو المشار إليه في رواية أبي الطفيل هم قريش، بل هو عدو آخر عرض للمسلين أثناء رجوعهم كما بين ذلك حديث سلمة عند مسلم فقد جاء فيه ما نصه: "قال: ثم خرجنا راجعين إلى المدينة فنزلنا منزلاً بيننا وبين بني لحيان جبل وهم6 المشركون فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رقى هذا الجبل الليلة كأنه طليعة للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال سلمة، فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثاً ثم قدمنا المدينة

"7.

1 يحيى بن سليم الطائفي، نزيل مكة، صدوق سيء الحفظ، مات سنة ثلاث وتسعين ومائة أو بعدها: ع. تقريب: 376.

2 عبد الله بن عثمان بن خثيم - بالمعجمة والمثلثة مصغراً - القاري المكي أبو عثمان صدوق، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة: خت، م، الأربعة. تقريب:181.

3 عامر بن واثلة بن عبد الله أبو عمرو بن جحش الليثي أبو الطفيل، وربما سمي عمراً، ولد عام أحد، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن أبي بكر ومن بعده، وعمر إلى أن مات سنة عشر ومائة على الصحيح، وهو آخر من مات من الصحابة، قاله مسلم وغيره: ع. تقريب: 162.

4 مر: أي مر الظهران: موضع على مرحلة من مكة، معجم البلدان 5/104.

5 دلائل النبوة 2/ لوحة: 222 - 223.

6 وهم المشركون: هذه اللفظة ضبطوها بوجهين ذكرهما القاضي عياض وغيره، أحدهما: وهُمُ المشركون على الابتداء والخبر، والثاني: وهَمّ المشركون: أي هموا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخافوا غائلتهم، يقال: همنى الأمر وأهمني، وقيل: همني أذابني، وأهمني أغمني، وقيل معناه: همّ أمر المشركين النبي صلى الله عليه وسلم خوف أن يبيتوهم لقربهم منهم. صحيح مسلم 3/1435 حاشية.

7 صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير: 132، وتقدم سند الحديث برقم (36) .

ص: 262