الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من العموم، وكذلك في قوله:"لن أستعين بمشرك"1.
وأجاب عن قصة قزمان بأنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن له بذلك في ابتداء الأمر.
قال: وأما استعانته بابن أُبَي فليس ذلك إلا لإظهاره الإسلام2.
قلت: وقصة صفوان بن أمية ليس فيها دليل أيضاً على ذلك؛ لأنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب منه الخروج، وإنما الثابت في ذلك استعارة رسول الله صلى الله عليه وسلم للأدراع منه فحسب3.
1 نيل الأوطار 7/237.
2 المصدر السابق.
3 حديث صفوان أخرجه أبو داود في السنن، كتاب البيوع: 3562-3563، وصححه الألباني: إرواء الغليل 5/348.
المبحث الثالث: مقدار المدة التي تجوز مهادنة الكفار عليها:
جاء في حديث المسور ومروان من طريق ابن إسحاق "أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح قريشاً على وضع الحرب عشر سنين"1.
وقد أخذ جماعة بظاهر هذا الحديث.
قال الشافعي2: "لا تتجاوز المهادنة عشر سنين، وعند الضرورة يجدد العقد بعد انتهاء العشر".
وحكى ابن قدامة3 عن القاضي أن ظاهر كلام أحمد يقتضيه.
وحكاه ابن حجر عن الجمهور ورجحه4.
وقالوا: إن قوله تعالى: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} ، عام وقد خص منه الحديث هذه المدة، ففيما زاد يبقى على مقتضى العموم5.
1 انظر ص: 300.
2 الأم 4/189.
3 المغني 8/460.
4 فتح الباري 5/343.
5 المصدر السابق.
وذهب قوم إلى جواز الهدنة أكثر من عشر سنين على ما يراه الإمام من المصلحة وهو قول أبي حنيفة1.
وحكى ابن قدامة عن أبي الخطاب أنه ظاهر كلام أحمد2.
وقالوا: "إن العام مخصوص بالعشر بمعنى موجود فيما زاد عليها، وهو أن المصلحة قد تكون في الصلح أكثر منها في الحرب"3.
وقيل: لا تتجاوز الهدنة أربع سنين4.
ولعل هؤلاء تمسكوا بحديث ابن عمر أن مدة الصلح كانت أربع سنين، وهو ضعيف5.
وقيل: لا تتجاوز ثلاث سنين6.
وهؤلاء نظروا إلى أن المدة التي استمر فيها الصلح مع قريش.
والتحقيق: أن القول الأول هو الراجح لظاهر الحديث، وإن وجدت مصلحة في الزيادة على العشر جدد العقد، كما قال الشافعي، والله أعلم.
وقال بعض المتأخرين:7 يجوز عقد الصلح مؤبد غير مؤقت بمدة معينة.
واستدل بقوله تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} 8.
وهذا القول مبني على أن الأصل في علاقة المسلمين بالكفار هي السلم لا الحرب9، وأن الجهاد إنما شرع لمجرد الدفاع عن المسلمين فحسب10.
وهذا القول مردود لما يلي:
1 فتح القدير 5/456.
2 المغني 8/460.
3 المصدر السابق.
4 شرح السنة 11/161.
5 انظر حديث رقم (105) .
6 شرح السنة 11/161.
7 الدكتور وهبه الزحيلي، آثار الحرب في الفقه الإسلامي:680.
8 سورة النساء آية:90.
9 آثار الحرب في الفقه الإسلامي: 680.
10 المصدر السابق: 675 حاشية: (2) .