الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يستقم لهم ما يدعون إليه من الصلح وقد أمن بعضهم بعضاً وتزاوروا فبينما هم كذلك وطوائف من المسلمين في المشركين لا يخاف بعضهم بعضاً ينتظرون الصلح والهدنة إذ رمى رجل من الفريقين رجلاً من الفريق الآخر، فكانت معركة وتراموا بالنبل والحجارة وصاح الفريقان كلاهما، وارتهن كل واحد من الفريقين من فيهم، فارتهن المسلمون سهيل بن عمرو ومن أتاهم من المشركين، وارتهن المشركون عثمان بن عفان ومن كان أتاهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيعة، ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن روح القدس قد نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بالبيعة، فاخرجوا على اسم الله فبايعوا فثار المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت الشجرة فبايعوه على ألا يفروا"1 الحديث.
1 دلائل النبوة 2، لوحة: 228، وتقدم سنده مع طرف من أوله برقم (65) وهناك الكلام عليه.
المبحث الثاني: مكان البيعة:
أخبر الله سبحانه وتعالى أن تلك البيعة وقعت تحت الشجرة، قال تعالى:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} 1.
وقد أشار إليه حديث نافع عند البخاري:
(76)
قال: حدثنا شجاع بن الوليد سمع النضر بن محمد حدثنا صخر عن نافع قال: "إن الناس يتحدثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر، وليس كذلك ولكن عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له عند رجل من الأنصار يأتي به ليقاتل عليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع عند الشجرة، وعمر لا يدري بذلك فبايعه عبد الله ثم ذهب إلى الفرس فجاء به إلى عمر وعمر يستلئم2 للقتال فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع تحت الشجرة قال: فانطلق فذهب معه حتى بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي التي يتحدث الناس أن ابن عمر أسلم قبل عمر"3.
وأخرجه البخاري تعليقاً من حديث ابن عمر ولم يذكر الشجرة.
1 سورة الفتح الآية: 18.
2 يستلئم: يلبس لأمة الحرب، وهي أداته. النهاية 4/221.
3 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي:4186.
(77)
قال: قال1 هشام بن عمار حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عمر بن محمد العمري أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الناس كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية تفرقوا في ظلال الشجر، فإذا الناس محدقون بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال2: يا عبد الله انظر ما شأن الناس قد أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فوجدهم يبايعون، فبايع ثم رجع إلى عمر فخرج فبايع3.
والشجرة المشار إليها هي سمرة، كما صرح بذلك حديث جابر4 وغيره.
وقد ورد ذكر الشجرة في حديث سعيد بن المسيب عن أبيه، وبين فيه أنهم قد نسوا مكانها من السنة التي تلي عام الحديبية:
(78)
قال البخاري: حدثنا محمود حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن طارق بن عبد الرحمن قال: انطلقت حاجاً فمررت بقوم يصلون قلت ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان، فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته فقال سعيد: حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، قال: فلما خرجنا من العام المقبل، نسيناها فلم نقدر عليها.
فقال سعيد: "إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم؟ فأنتم أعلم! "5.
وأخرجه من طريق أبي عوانة عن طارق عن سعيد بن المسيب عن أبيه: "أنه كان ممن بايع تحت الشجرة فرجعنا إليها من العام المقبل فعميت علينا"6.
وأخرجه مسلم من طريق أبي عوانة عن طارق بن سعيد بن المسيب قال: "كان أبي ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الشجرة، قال: فانطلقنا في قابل حاجين
1 هكذا أخرجه البخاري معلقاً، وذكر ابن حجر أن الإسماعيلي قد وصله، انظر فتح الباري 7/456.
2 يظهر أن سبب إرسال عمر لابنه في هذا الحديث غير السبب المذكور في حديث نافع السابق، وقد جمع بينهما ابن حجر فقال: ويمكن الجمع بينهما بأنه بعثه يحضر له الفرس، ورأى الناس مجتمعين فقال له: انظر ما شأنهم فبدأ بكشف حالهم فوجدهم يببايعون فبايع وتوجه إلى الفرس فأحضرها وأعاد حينئذ الجواب لأبيه. فتح الباري 7/456.
3 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي:4187.
4 انظر الحديث رقم (23 - 24) .
5 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي:4163.
6 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي 4164.
فخفي علينا مكانها، فإن كان تبين لكم فأنتم أعلم"1.
وأخرجه البخاري من طريق2 سفيان عن طارق به مختصراً.
وأخرجه مسلم من طريق3 سفيان به مختصراً أيضاً.
وقد ورد في حديث سعيد بن المسيب هذا عن أبيه أن الصحابة رضوان الله عليهم قد خفي عليهم مكان الشجرة من العام التالي لعام الحديبية، لكن يرد عليه ما في حديث جابر رضي الله عنه:"ولو كنت أبصر لأريتكم مكان الشجرة"4.
والظاهر أن عدم معرفة والد سعيد بن المسيب ومن كان معه لمكان الشجرة لا ينافي معرفة غيرهم من الصحابة لمكانها، مثل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وغيره5، وأيضاً يشهد لذلك ما في أثر نافع:
(79)
قال ابن سعد: أخبرنا عبد الوهاب6 بن عطاء أخبرنا عبد الله7 بن عون عن نافع8 قال: كان الناس يأتون الشجرة التي يقال لها شجرة الرضوان، فيصلون عندها قال: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فأوعدهم فيها وأمر بها فقطعت9.
وسند هذا الأثر صحيح كما ذكر ابن حجر10.
1 صحيح مسلم، كتاب الإمارة:77.
2 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي:4165.
3 صحيح مسلم، كتاب الإمارة:78.
4 انظر الحديث رقم (20) .
5 قد أشار إلى هذا الجمع ابن حجر، انظر: فتح الباري 7/448.
6 عبد الوهاب بن عطاء الخفاف أبو نصر العجلي مولاهم البصري، نزيل بغداد، صدوق ربما أخطأ، أنكروا عليه حديثاً في فضل العباس يقال: دلسه عن ثور، مات سنة أربع، ويقال: سنة ست ومائتين: عخ، م، والأربعة. تقريب:222.
7 عبد الله بن عون بن أرطبان أبو عون البصري، ثقة، ثبت، فاضل من أقران أيوب في العلم والعمل والسن، مات سنة خمسين ومائة على الصحيح: ع. تقريب: 184.
8 نافع بن عبد الله مولى ابن عمر.
9 الطبقات الكبرى 2/100.
10 فتح الباري 7/448.