المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: صلاة الخوف بعسفان: - مرويات غزوة الحديبية جمع وتخريج ودراسة

[حافظ بن محمد حكمي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: يشمل مقدمات الغزوة وخروج المسلمين لها وما واجههم أثناء سيرهم

- ‌الفصل الأول: تحقيق لاسم الغزوة وموقعها

- ‌المبحث الأول: المرجحات لتسمية هذه الحادثة بغزوة الحديبية

- ‌المبحث الثاني: تحقيق لاسم الحديبية وموقعها

- ‌المطلب الأول: التحقيق في اسمها من حيث ضبطه وسبب إطلاقه عليها

- ‌المطلب الثاني: موقع الحديبية وهل من الحل أو الحرام

- ‌الفصل الثاني: سبب الغزوة وتاريخها

- ‌المبحث الأول: سبب الغزوة

- ‌المبحث الثاني: تاريخ خروج المسلمين لغزوة الحديبية

- ‌الفصل الثالث: إعداد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه للخروج إلى الحديبية

- ‌المبحث الأول: إعداد النبي صلى الله عليه وسلم للخروج إلى الحديبية

- ‌المبحث الثاني: عدد جيش السلمين في غزوة الحديبية

- ‌الفصل الرابع: نزول المسلمين بذي الحليفة وما عملوه بها

- ‌المبحث الأول: صلاة المسلمين بذي الحليفة وإحرامهم بالعمرة

- ‌المبحث الثاني: إرسال النبي صلى الله عليه وسلم بسر بن سفيان عينا على مكة

- ‌الفصلُ الخامسُ: إرسالُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لبعضِ أصحابِه إلى غيقةَ وقصةُ أبي قتادةَ رضي الله عنه

- ‌الفصل السادس: ما حدث للمسلمين بعسفان

- ‌المبحث الأول: عين رسول الله صلى الله عليه وسلم الخزاعي يوافيه بخبر قريش

- ‌المبحث الثاني: صلاة الخوف بعسفان:

- ‌المبحث الثالث: بيان أن ابتداء مشروعية صلاة الخوف كان في غزوة الحديبية:

- ‌المبحث الرابع: تنبية على أحاديث أوردت في صلاة عسفان وبيان وجه مغايرتها

- ‌الفصل السابع: عدول المسلمين إلى الحديبية

- ‌المبحث الأول: المشاق التي عاناها المسلمون في طريقهم الى الحديبية

- ‌المبحث الثاني: نزول المسلمين الحديبية ومعجزة النبي صلى الله عليه وسلم في تكثير ماء البئر:

- ‌المبحث الثالث: من الذي نزل بالسهم في بئر الحديبية

- ‌الباب الثاني: موقف قريش من الغزوة وما دار بينها وبين المسلمين

- ‌الفصل الأول: موقف قريش من هذه الغزوة

- ‌المبحث الأول: إعداد قريش وخروجها لصد المسلمين

- ‌المبحث الثاني: تحرشات قريش بالمسلمين وموقف المسلمين حيالها:

- ‌الفصل الثاني: في الحوار الذي دار بين الرسول صلى الله عليه وسلم وقريش

- ‌المبحث الأول: ركب من خزاعة يسعى لإيجاد تقارب بين الطرفين

- ‌المبحث الثاني: رسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى قريش:

- ‌المبحث الثالث: رسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثالث: بيعة الرضوان

- ‌المبحث الأول: سبب هذه البيعة

- ‌المبحث الثاني: مكان البيعة:

- ‌المبحث الثالث: على أي شيء كانت البيعة:

- ‌المبحث الرابع: من هو أول من بايع بيعة الرضوان:

- ‌المبحث الخامس: ما ورد في فضل أصحاب البيعة:

- ‌الفصل الرابع: في صلح الحديبية

- ‌المبحث الأول: أسباب الصلح ومقدماته

- ‌المبحث الثاني: الشروط التي تم عليها الصلح:

- ‌المبحث الثالث: كاتب الصلح وشهوده:

- ‌المبحث الرابع: تألم عمر وبعض الصحابة من شروط قريش:

- ‌المبحث الخامس: موقف المسلمين من صلح الحديبية

- ‌المطلب الأول: وفاء المسلمين بالعهد

- ‌المطلب الثاني: بيان أن امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن رد المهاجرات ليس إخلالاً بالصلح:

- ‌المبحث السادس: موقف قريش من الصلح

- ‌المطلب الأول: تخلى قريش عن أهم شروطها

- ‌المطلب الثاني: نقض قريش للعهد:

- ‌الباب الثالث: يشمل أحداثا وقعت بالحديبية لم تحدد وقت وقوعها وتحلل المسلمين وأنصرافهم

- ‌الفصل الأول: أحداث وقعت بالحديبية لم يتعين وقت وقوعها

- ‌المبحث الأول: قصة كعب بن عجرة ونزول آية الفدية

- ‌المبحث الثاني: بيان كفر من قال مطرنا بنؤ كذا

- ‌المبحث الثالث: مشروعية الصلاة في الرحال:

- ‌المبحث الثالث: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية

- ‌الفصل الثاني: تحلل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابة من الإحرام

- ‌المبحث الأول: أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالنحر والحلق وذكر مادار بينهم

- ‌المبحث الثاني: عدد الهدي الذي نحره المسلمون في عمرة الحديبية:

- ‌المبحث الثالث: قصة جمل أبي جهل:

- ‌المبحث الرابع: هل نحر المسلمون الهدى في الحل أو الحرم

- ‌الفصل الثالث: أحداث وقعت للمسلمين في طريقهم للمدينة

- ‌المبحث الأول: انصراف المسلمين من الحديبية ونومهم عن صلاة الصبح

- ‌المبحث الثاني: نزول سورة الفتح:

- ‌المبحث الثالث: معجزة النبي صللى الله عليه وسلم في نبع الماء من أصابعه وفي تكثير الطعام

- ‌المبحث الرابع: نزول المسلمين بالأثايه:

- ‌الفصل الرابع: فضل غزوة الحديبية ونتائجها

- ‌المبحث الأول: فضل غزوة الحديبية

- ‌المبحث الثاني: نتائج غزوة الحديبية:

- ‌الباب الرابع: أحكام وفوائد من فقه مرويات الغزوة

- ‌توطئة

- ‌الفصل الأول من أحكام الجهاد الواردة في الغزوة

- ‌المبحث الأول: مشروعية الشورى:

- ‌المبحث الثاني: حكم الاستعانة بالمشرك:

- ‌المبحث الثالث: مقدار المدة التي تجوز مهادنة الكفار عليها:

- ‌المبحث الرابع: هل تجوز مصالحة الكفار على رد من جاء من قبلهم مسلماً:

- ‌المبحث الخامس: إذا رد الإمام إلى المعاهدين من جاء من قبلهم فأحدث جناية فيهم، فهل عليه أو على الإمام ضمان

- ‌الفصل الثاني: أحكام تتعلق بالعقيدة

- ‌المبحث الأول: حكم القيام على رأس الكبير وهو جالس

- ‌المبحث الثاني: تعريف الفأل وبيان استحبابه وأنه مغاير للطيرة:

- ‌المبحث الثالث: بيلن كفر من اعنقد أن للكوكب تأثيرا في ايجاد المطر

- ‌المبحث الرابع: هل يجوز التبرك بفضلات الصالحين وآثارهم

- ‌المبحث الخامس: هل كتب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية حقيقة

- ‌الفصل الثالث: الدروس والعبر المستفادة من بعض مواقف الغزوة

- ‌المبحث الأول: أتهام العقل أمام النصوص الصريحة

- ‌المبحث الثاني: أنموذج من التربية النبوية:

- ‌المبحث الثالث: مثل رائع لوفاء المسلم وثباته على العقيدة

- ‌المبحث الرابع: صروح الكفر والطغيان تتهاوى أمام عزمات الإيمان

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث الثاني: صلاة الخوف بعسفان:

‌المبحث الثاني: صلاة الخوف بعسفان:

جاء في حديث أبي عياش الزرقي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بعسفان صلاة الخوف، لكن لم يرد فيه تحديد الغزوة التي صلى فيها، وحيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عسفان في أكثر من غزوة فقد وقع خلاف في تعيين الغزوة التي صلى فيها تلك الصلاة. وسأورد حديث أبي عياش ثم أذكر الخلاف مع الترجيح إن شاء الله:

(41)

قال أبو داود: حدثنا سعيد1 بن منصور حدثنا جرير2 بن عبد الحميد عن منصور3 عن مجاهد بن أبي عياش4 الزرقي قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد فصلينا الظهر، فقال المشركون: لقد أصبنا غرة لقد أصبنا غفلة لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة، فنزلت آية القصر بين الظهر والعصر فلما حضرت صلاة العصر قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة، والمشركون أمامه فصف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم صف، وصف بعد ذلك الصف صف آخر، فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعاً، ثم سجد وسجد الصف الذي يلونه وقام الآخرون يحرسونهم فلما صلى هؤلاء السجدتين وقاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم ثم تأخر الصف الذي يليه إلى مقام الآخرين، وتقدم الصف الأخير إلى مقام الصف الأول، ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعاً، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه، وقام الآخرون يحرسونهم، فلما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم والصف الذي يليه سجد الآخرون ثم جلسوا جميعاً فسلم عليهم جميعاً فصلاها بعسفان، وصلاها يوم بني سليم5.

هذا الحديث لم يروه فيما أعلم عن أبي عياش غير مجاهد، ولا عن مجاهد إلا منصور بن المعتمر، ورواه عن منصور عدة رواة هم:

1 سعيد بن منصور بن شعبة أبو عثمان الخراساني، نزيل مكة، ثقة مصنف وكان لا يرجع عما في كتابه لشدة وثوقه به، مات سنة سبع وعشرين ومائتين، وقيل بعدها: ع. تقريب: 126.

2 جرير بن عبد الحميد بن قرط - بضم القاف ويكون الراء بعدها طاء مهملة - الضبي الكوفي، نزيل الري وقاضيها، ثقة صحيح الكتاب، قيل كان في آخر عمره يهم في حفظه، مات سنة ثمان وثمانين ومائة وله إحدى وسبعون سنة: ع. تقريب: 54.

3 منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبو عثاب بمثلثة ثقيلة ثم موحدة - الكوفي، ثقة ثبت، كان لا يدلس من طبقة الأعمش، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة: ع. تقريب: 348.

4 أبو عياش الأنصاري صحابي روى حديثاً في صلاة الخوف، وقيل: اسمع زيد بن الصامت أو ابن النعمان، وقيل اسمه: عبيد أو عبد الرحمن بن معاوية، شهد أحداً وما بعدها، مات بعد الأربعين: د، س. تقريب:420.

5 سنن أبي داود مع معالم السنن، كتاب الصلاة:215.

ص: 73

(1)

جرير بن عبد الحميد: أخرجه عنه سعيد1 بن منصور، وأخرجه من طريقه الحاكم2 والطبراني3 والبيهقي4.

(2)

سفيان الثوري5: أخرجه عنه عبد الرزاق6، وأخرجه من طريقه أيضاً أحمد7 والطحاوي8 والطبراني9.

(3)

ورقاء بن عمرو اليشكري10: أخرجه عنه أبو داود الطيالسي11، وأخرجه من طريقه أيضاً الطبراني12 والبيهقي13.

(4)

شعبة بن الحجاج: أخرجه من طريقه أحمد14 والنسائي15 والطبراني16.

(5)

عبد العزيز بن عبد الصمد17:

1 سنن سعيد بن منصور، القسم الثاني من الجزء الثالث:213.

2 المستدرك 1/337.

3 المعجم الكبير 5/247.

4 السنن الكبرى 3/256.

5 سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد الله الكوفي، ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة، وكان ربما دلس، مات سنة إحدى وستين ومائة، وله أربع وستون: ع. تقريب: 128.

6 مصنف عبد الرزاق 2/505.

7 مسند أحمد 4/ 59 - 60.

8 شرح معاني الآثار 1/318.

9 المعجم الكبير 5/243.

10 ورقاء بن عمرو اليشكري أبو بشر الكوفي، نزيل المدائن، صدوق في حديثه عن منصور لين، من السابعة: ع. تقريب: 369.

11 منحة المعبود بترتيب مسند الطيالسي أبو داود 1/150.

12 المعجم الكبير 5/246.

13 السنن الكبرى 3/254.

14 مسند أحمد 4/60.

15 سنن النسائي بشرح السيوطي والسندي 3/176.

16 المعجم الكبير 5/244.

17 عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، أبو عبد الله البصري، ثقة حافظ مات سنة سبع وثمانين ومائة، ويقال بعد ذلك: ع. تقريب: 215.

ص: 74

أخرجه من طريقه النسائي1.

(6)

شيبان بن عبد الرحمن النحوي2: أخرجه من طريقه ابن جرير3.

(7)

زائدة بن قدامة4: أخرجه من طريقه الطبراني5.

(8)

علي بن صالح بن حي6: أخرجه من طريقه الطبراني7.

(9)

جعفر بن الحارث8 الواسطي: أخرجه من طريقه الطبراني9.

(10)

إسرائيل بن يونس10: أخرجه من طريقه الطبراني11.

(11)

داود بن عيسى الكوفي: وفي روايته صرح مجاهد بالسماع من أبي عياش الزرقي:

1 سنن النسائي بشرح السيوطي والسندي 3/177.

2 شيبان بن عبد الرحمن التميمي مولاهم النحوي، أبو معاوية البصري، نزيل الكوفة، ثقة صاحب كتاب منسوب إلى نحو بطن من الأزد، لا إلى علم النحو، مات سنة أربع وستين ومائة: ع. تقريب: 148.

3 تفسير ابن جرير 9/131.

4 زائدة بن قدامة الثقفي أبو الصلت، ثقة ثبت صاحب سنة، مات سنة ستين ومائة. وقيل بعدها: ع. تقريب: 105.

5 المعجم الكبير 5/243.

6 علي بن صالح بن صال بن حي الهمداني أبو محمد، ويقال: أبو الحسن، ثقة عابد، مات سنة إحدى وخمسين ومائة، وقيل بعدها: م، الأربعة. تقريب: 246، تهذيب التهذيب 7/332.

7 المعجم الكبير 5/245.

8 جعفر بن الحارث بن جميع بن عمرو الواسطي الأشهب، صدوق كثير الخطأ، من السابعة: تمييز. تقريب: 55، تهذيب التهذيب 2/89.

9 المعجم الكبير 5/246.

10 إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني أبو يوسف الكوفي، ثقة، تكلم فيه بلا حجة، مات سنة ستين ومائة، وقيل بعدها: ع. تقريب: 1/31.

11 المعجم الكبير 5/247.

ص: 75

أخرجه من طريقه الطبراني1.

والحديث صحيح بسند أبي داود، فرجاله رجال الصحيح لكن مجاهداً لم يصرح بالسماع من أبي عياش، وقد أنكر بعض العلماء سماعه من أبي عياش، ورماه بالتدليس: فقد نقل العلائي2 عن الترمذي قوله: لا يعرف سماع مجاهد من أبي عياش الزرقي.

وذكر ابن حجر أن القطب الحلبي حكى عن الترمذي قوله في العلل: ومجاهد معلوم التدليس فعنعنته لا تفيد الوصل".

ثم تعقبه ابن حجر بقوله: "ولم أر من نسبه إلى التدليس، نعم إذا ثبت قول ابن معين أن قول مجاهد: خرج علينا علي ليس على ظاهره، فهو عين التدليس، إذ هو معناه اللغوي وهو الإبهام والتغطية، وقد قال ابن خراش أحاديث مجاهد عن على مراسيل بم يسمع منه شيئاً"3 ا. هـ

قلت: وإن ثبت عن مجاهد التدليس فقد أمن تدليسه هنا؛ لأن الطبراني4 قد أخرج الحديث من طريق صرح فيه مجاهد بالسماع من أبي عياش وفي سند الطبراني بكر بن سهل الدمياطي، ضعفه النسائي، وقال الذهبي: مقارب الحال5.

وشيخ الطبراني داود بن عيسى الكوفي: لم أقف على ترجمته.

لكن البيهقي أخرج الحديث ثم قال: وهذا إسناد صحيح وقد رواه قتيبة بن سعيد عن جرير فذكر فيه سماع مجاهد من أبي عياش6 ا. هـ

ولم يذكر البيهقي السند كاملاً لكن ذكر الزيلعي أن البيهقي أخرجه في المعرفة بلفظ "حدثنا أبو عياش"، قال: وفي هذا تصريح بسماع مجاهد من أبي عياش7.

وقد حكى المنذري عن البيهقي أنه قال: "هذا الإسناد صحيح إلا أن بعض أهل العلم يشك في سماع مجاهد من أبي عياش، ثم ذكر أن البيهقي أخرجه بإسناد جيد عن

1 المعجم الكبير 5/245.

2 جامع التحصيل في أحكام المراسيل: 337.

3 تهذيب التهذيب 10/44.

4 المعجم الكبير 5/245.

5 ميزان الاعتدال 1/345.

6 السنن الكبرى 3/257.

7 نصب الراية 2/248.

ص: 76

مجاهد قال حدثنا أبو عياش، ثم قال المنذري: وسماعه منه متوجه؛ فإنه ذكر ما يدل على أن مولد مجاهد سنة عشرين وعاش أبو عياش إلى بعد الأربعين، وقيل إلى بعد الخمسين"1 ا. هـ

وقد صحح هذا الحديث الحاكم2، ووافقه الذهبي3، وقال البيهقي4:"هذا إسناد صحيح". وكذلك قال ابن كثير:5 "هذا إسناد صحيح وله شواهد" ا. هـ، وقال ابن حجر في ترجمة أبي عياش:"روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف، أخرج حديثه أبو داود والنسائي بسند جيد"6.

وقد أفاد حديث أبي عياش هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بعسفان صلاة الخوف؛ لكنه لم يسم الغزوة التي صلى فيها، وحيث إن رسول الله قد نزل بعسفان في غزوة بني لحيان وفي غزوة الحديبية، فقد وقع خلاف في تحديد الغزوة التي صلى فيها تلك الصلاة.

فقد أورد ابن كثير حديث أبي عياش في غزوة بني لحيان، ثم قال:"وفي سياق حديث أبي عياش الزرقي ما يقتضي أن آية صلاة الخوف نزلت في هذه الغزوة يوم عسفان فاقتضى ذلك أنها أول صلاة خوف صلاها والله أعلم"7 ا. هـ

وقد تابع ابن كثير على ذلك الساعاتي حيث قال: "وعسفان أول غزوة شرعت فيها صلاة الخوف ويقال لها: غزوة بني لحيان، وسببها ما نقله ابن كثير في تاريخه"8.

ويظهر من كلام صاحب المنهل العذب المورد، أنه قد تابع ابن كثير أيضاً على ذلك، فقد ذكر أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان كانت في جمادى الأولى سنة ست من الهجرة بعد الخندق وبني قريظة9.

1 مختصر سنن أبي داود مع تهذيب السنن 2/64.

2 المستدرك 3/338.

3 التلخيص بهامش المستدرك 3/338.

4 السنن الكبرى 3/257.

5 تفسير ابن كثير 1/548.

6 الإصابة 11/273.

7 البداية والنهاية 4/83.

8 بلوغ الأماني 7/4 مع الفتح الرباني.

9 المنهل العذب المورود 7/100.

ص: 77

وهذا التاريخ الذي حدد به هو تاريخ غزوة بني لحيان نقله ابن هشام1 وابن كثير2 عن ابن إسحاق.

وذكر الواقدي3 وابن سعد4 وابن الجوزي5 أن صلاة الخوف بعسفان كانت في غزوة الحديبية، إلا أن ظاهر كلام ابن سعد يفيد أنها صلاة الظهر وهو مخالف لحديث أبي عياش.

وقد نقل ابن حجر عن الواقدي انه روى بإسناده حديثاً عن خالد بن الوليد يصرح فيه بأن صلاة عسفان كانت في غزوة الحديبية ونصه:

(42)

عن خالد بن الوليد قال: "لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية لقيته بعسفان، فوقفت بإزائه وتعرضت له، فصلى الظهر بأصحابه أمامنا فهممنا أن نغير عليه، ثم لم يعزم لنا فأطلعه الله على ما في أنفسنا من الهم به، فصلى بأصحابه صلاة العصر صلاة خوف"6. الحديث.

فهذه الرواية صرحت بأن الحادثة كانت في غزوة الحديبية، ومعنى الرواية عموماً متفق مع حديث أبي عياش إلا أنها زادت تحديد الغزوة، وهذه الزيادة وإن كانت ضعيفة من الناحية الحديثية، لأنها بدون سند، ولمجيئها من طريق الواقدي وهو متروك7 عند المحدثين، لكن يستأنس بها لأمرين:

أولاً: لأنها في المغازي، وقد قال ابن حجر:"والواقدي إذا لم يخالف الأخبار الصحيحة ولا غيره من أهل المغازي، فهو مقبول عند أصحابنا"8.

ولم يخالف هذا خبراً صحيحاً ولا خالف غيره من أهل المغازي، نعم خالفه ابن كثير، لكن ابن كثير انفرد بذلك وهو وهم منه رحمه الله وسيأتي بيانه إن شاء الله.

1 سيرة ابن هشام 3/279.

2 البداية والنهاية 4/81.

3 مغازي الواقدي 2/582.

4 الطبقات الكبرى 2/95.

5 الوفاء بأحوال المصطفى 2/697.

6 فتح الباري 7/423.

7 قال الذهبي: استقر الإجماع على وهن الواقدي، الميزان 3/666، وقال ابن حجر: متروك مع سعة علمه. تقريب: 313.

8 التلخيص الحبير 2/291.

ص: 78

ثانياً: ورد ما يشهد لهذه الزيادة في حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم من طريق ابن إسحاق عند أحمد ففيه ما نصه: "وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان، لقيه بشر بن سفيان الكعبي، فقال: يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجت معها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله ألا تدخلها عليهم عنوة أبداً، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموا إلى كراع الغميم"1.

فهذه الرواية تفيد أمرين:

الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عسفان في غزوة الحديبية.

الثاني: أن خالد بن الوليد خرج لملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة.

ولم يذكر أحداً من أهل المغازي أن خالد بن الوليد قد لقي النبي صلى الله عليه وسلم بهذا المكان في غير غزوة الحديبية.

وقد رجح ابن حجر2 والكاندهلوي3 أيضاً على أن صلاة عسفان هذه كانت في غزوة الحديبية.

وهذا هو الراجح عندي لما سبق من الأدلة.

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلق أحداً من كفار قريش في غزوة بني لحيان، كما ذكر ذلك أهل المغازي.

قال ابن سعد بعد أن ذكر انصراف النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة بني لحيان: "ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عسفان فبعث أبا بكر في عشرة فوارس لتسمع به قريش فيذعرهم، فأتوا الغميم، ولم يلقوا كيداً"4.

وذكر ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد منصرفه من غزوة بني لحيان: "نزل عسفان وبعث فارسين من أصحابه حتى بلغا كراع الغميم، ثم كرا وراح رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلاً"5.

1 مسند أحمد 4/323، وسبق تخريجه برقم (36) .

2 فتح الباري 7/423.

3 حاشية بذل المجهود في حل أبو داود 6/329.

4 الطبقات الكبرى 2/79.

5 سيرة ابن هشام 3/280.

ص: 79