الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3- عبد الحسين شرف الدين الموسوي
(1) :
لما قال الشيخ موسى جار الله إن الشيعة تعتبر الحكومات الإسلامية وقضاتها طواغيت أجابه هذا الموسوي بقوله:
(الطواغيت من الحكومات وقضاتها عند الشيعة إنما هم الظالمون الغاشمون المستحلون من آل محمد ما حرم الله ورسوله.. أما غيرهم من حكومات الإسلام فإن من مذهب الشيعة وجوب مؤازرتهم في أمر يتوقف عليه عز الإسلام ومنعته، وحماية ثغوره وحفظ بيضته، ولا يجوز عندهم شق عصا المسلمين وتفريق جماعتهم بمخالفته، بل يجب على الأمة أن تعامل سلطانها القائم بأمورها والحامي لثغورها معاملة الخلفاء بالحق)(2) .
مناقشة هذا الرأي:
هل يختلف قول عبد الحسين الموسوي عن رأي سابقيه حسين الخراساني وعبد الحسين الرشتي؟ وهل يختلف عما جاء في كتبهم الأساسية عندهم ـ تلك التي تقول إن كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت ـ؟. إذا كان ذلك كذلك فلماذا يتطوع بالرد على موسى جار الله، ولا يرد على كتبهم التي قالت هذا القول، وعلى علمائهم الذين لا يزالون يجاهرون بهذا المبدأ؟!!
الحقيقة أن حديث علماء الشيعة إذا كان موجهاً لأهل السنّة فإنه يحمل مواصفات معينة من الحذر والكتمان صيانة لمذهبهم من نقد الخصوم - غالباً - وأنت إذا تأملت كلمات عبد الحسين رأيت الرجل لا يختلف في قوله عن قول سابقيه سوى أنه صاغ كلامه
بأسلوب التورية، وبطريقة تخدع من لا يعرف أساليبهم في التقية، فهو يقول: إن الطواغيت من الحكومات وقضاتها عند الشيعة إنما هم الظالمون لآل محمد، وهو في هذا لم يخرج عن مذهب الشيعة فهم يعتبرون كل من تعدى على سلطان أحد أئمتهم الاثني عشر وادعى الإمامة من دونهم هو ظالم لآل محمد، حتى إنهم يعتبرون أبا بكر أول ظالم لهم.
وفي قوله: وأن الشيعة ترى وجوب مؤازرتهم - أي الحكام - في أمر يتوقف عليه عز الإسلام، وهذا هو أيضاً مذهب الشيعة، ومرادهم بـ "عز الإسلام" عز مذهب الشيعة، ولهذا نرى شيخهم الخميني يؤيد ما صنعه نصير الدين الطوسي من دخوله في العمل وزيراً لهولاكو (1) ، بقصد هدم الخلافة الإسلامية وإظهار مذهب الشيعة، ويرى مشروعية هذا اللون من التعاون مع الدول والحكام، فيقول: إن من باب التقية الجائزة دخول الشيعي في ركب السلاطين إذا كان في دخوله الشكلي نصر للإسلام وللمسلمين مثل دخول نصير الدين الطوسي (2) .
وقوله: يجب على الأمة أن تعامل سلطانها القائم بأمورها
(1) قال شيخهم الخوانساري عن النصير الطوسي: (ومن جملة أمره المشهور المعروف حكاية استيزاره للسلطان المحتشم في محروسة إيران هلاكو خان بن تولي خان بن جنكيز خان من عظماء سلاطين التتارية وأتراك المغول، ومجيئه في موكب السلطان المؤيد مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد لإرشاد العباد! وقطع دابر سلسلة البغي والفساد بإبداء دائرة ملك بني العباس وإيقاع القتل العام من أتباع أولئك الطغام، إلى أن سال من دمائهم الأقذار كأمثال الأنهار، فانهار بها في دماء دجلة إلى نار جهنم دار البوار) . الخوانساري: «روضات الجنات» : (جـ6/ ص 300- 301) .
(2)
«الحكومة الإسلامية» : ص 142.
والحامي لثغورها.. إلخ. والسلطان القائم بالأمور والحامي للثغور لا يتحقق في قاموس الروافض إلا للأئمة الاثني عشر أو نوابهم من فقهاء الروافض، أما غيرهم فلا يعتبرونهم من حماة الثغور، ولهذا يتعاونون مع الأعداء ضد الخلافة الإسلامية كما صنعوا في أحقاب التاريخ المختلفة. والذي دعاني أن أبيّن ألغاز كلام هذا الرافضي ومراميه هو أنه لم يشر إلى وجود تلك النصوص في كتبهم والتي تعتبر الحكومات الإسلامية وقضاتها وعلماءها طواغيت، فضلاً عن أن يردها، ثم إنه لم يذهب للرد على علمائهم الذين جاهروا بهذا الرأي بل ذهب يرد على موسى جار الله ويكذبه فيما قاله عن شيء قائم وواقع في كتب الشيعة، وهذا دليل التقية وليس مسلك من هو صادق في دعواه.
وقد سلك لطف الله الصافي في رده على محب الدين الخطيب حول هذه القضية مثل مسلك عبد الحسين الموسوي (1) .
أما الخنيزي في كتابه «الدعوة الإسلامية» فقد زعم أن الشيعة تُكِنّ كل ولاء للحكومات الإسلامية القائمة. وتجاهل ما في كتب طائفته مما يخالف هذا، وما قاله علماؤهم في ذلك وإنكار الواقع القائم تقية بلا ريب، ومن علامات تقيته أنه في إنكاره رد على من ينتقد بعض الحكومات التي تحكم بعض الشعوب الإسلامية واثني على جميع تلك الحكومات صالحها وطالحها بلا تفريق أو تمييز (2) .
(هـ) رأيهم فيما جاء في كتبهم من أن الإمامة ركن من أركان الدين وأن منكر الإمامة كافر:
(1) انظر: «مع محب الدين الخطيب في خطوطه العريضة» : (ص 89- 90) .
(2)
انظر: «الدعوة الإسلامية» : (1/223- 224) .
ماذا يقول دعاة التقريب في الروايات والتي تعد بالمئات في كتبهم والتي تكفر من أنكر إمامة الأئمة، أو دان بإمامة غيرهم، وما أكده علماؤهم السابقون - كالمفيد وغيره - من إجماعهم على هذا المذهب كما سبق؟ (1) .
ذكر مجموعة من مراجع الشيعة وعلمائها المعاصرين أن منكر الإمامة لا يخرج في اعتقادهم عن دائرة الإسلام.
فيذكر محمد حسين آل كاشف الغطا أن الشيعة زادوا في أركان الإسلام ركناً آخر وهو الإمامة (2)، لكنه يقول:(فمن اعتقد بالإمامة.. فهو عندهم مؤمن بالمعنى الأخص)(3) .
ومن لم يعتقد بها (فهو مسلم ومؤمن بالمعنى الأعم، تترتب عليه جميع أحكام الإسلام من حرمة دمه وماله وعرضه ووجوب حفظه وحرمة غيبته وغير ذلك، لا أنه بعدم الاعتقاد بالإمامة يخرج عن كونه مسلماً - معاذ الله - نعم يظهر أثر التدين بالإمامة في منازل القرب والكرامة يوم القيامة..)(4)، ويقول محسن الأمين - في قول الشيخ موسى جار الله: إن كتب الشيعة صرحت أن كل الفرق الإسلامية كافرة وأهلها نواصب (5) - يقول محسن الأمين: (سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم، لا يعتقد أحد من الشيعة بذلك، بل هي متفقة على أن الإسلام هو ما عليه جميع فرق المسلمين من الإقرار بالشهادتين، إلا من أنكر معلوماً
(1) انظر: هذا البحث ص 314.
(2)
، (3)، (4) «أصل الشيعة» :(ص 58- 59) .
(3)
(4)
(5)
انظر: «الوشيعة» : ص 24.