المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فوجدتها مهجورة من أعضائها ومن زوارها، ولا أثر فيها لأي - مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة - جـ ٢

[ناصر القفاري]

فهرس الكتاب

- ‌القسم الثاني

- ‌الباب الثالث: آراء دعاة التقريب في قضايا الخلاف ومناقشة ذلك

- ‌الفصل الأول: فيما يتصل بمذهب الشيعة

- ‌توطئة:

- ‌1- في قول الشيعة بتحريف القرآن:

- ‌المحور الأول:

- ‌المحور الثاني ومناقشته:

- ‌المحور الثالث:

- ‌المحور الرابع:

- ‌المناقشة:

- ‌المحور الثامن والأخير:

- ‌المناقشة:

- ‌2- في انحرافهم في تفسير القرآن:

- ‌(أ) رأي مرجع الشيعة «الخوئي» :

- ‌التعليق:

- ‌3- في دعواهم تنزل كتب إلهية بعد القرآن:

- ‌6- الإمامة:

- ‌(أ) رأي دعاة التقريب فيما جاء في أمهات كتب الشيعة من غلو في الأئمة:

- ‌(ب) رأيهم في الغلو في قبور أئمتهم:

- ‌(ج) غلوهم في مجتهديهم:

- ‌(د) رأي دعاة التقارب فيما جاء في أصولهم وكتبهم الأساسية من عدم شرعية أي حكومة إسلامية غير حكومة الاثني عشر:

- ‌1- رأي آيتهم "حسين الخراساني

- ‌2- رأي آيتهم العظمى عبد الحسين الرشتي

- ‌3- عبد الحسين شرف الدين الموسوي

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌(و) في غلو الشيعة في مدح نفسها:

- ‌7- في العصمة:

- ‌8- في الرجعة:

- ‌9- في الغيبة:

- ‌10- في البداء:

- ‌11- في الصحابة:

- ‌المناقشة:

- ‌12- في التقية:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌الفصل الثاني: فيما يتصل بمذهب أهل السنّة

- ‌الفريق الثاني:

- ‌الفصل الأول: "محاولات التقريب" عرض وتقويم

- ‌تمهيد:

- ‌المحاولات في القديم

- ‌ترجمة السويدي:

- ‌مؤتمر النجف:

- ‌المؤتمر في يومه الثاني (الخميس 25 شوال 1156ه

- ‌تقويم مؤتمر النجف:

- ‌المحاولات المعاصرة

- ‌(أ) محاولات جماعية:

- ‌1- محاولة جماعة سمّت نفسها "جماعة الأخوة الإسلامية

- ‌2- دار الإنصاف:

- ‌3- دار التقريب بين المذاهب الإسلامية:

- ‌التقويم:

- ‌(ب) محاولات فردية:

- ‌1- من أهل السنة:

- ‌(ج) مصطفى السباعي

- ‌(د) محاولة الشيخ موسى جار الله:

- ‌ موسى جار الله

- ‌محاولة الشيخ موسى جار الله للتقريب:

- ‌2- المحاولات الفردية للتقريب من الشيعة:

- ‌1- «الفصول المهمة» :

- ‌أَحمد الكسروي

- ‌محاولة الكسروي:

- ‌تقويم للمحاولات الفردية:

- ‌1- هوية الخميني المذهبية

- ‌(أ) الخميني من أي فرق الشيعة في حكم أئمة السنّة

- ‌(ب) عقيدة الخميني في حكم كبار علماء الشيعة في القرن الرابع:

- ‌2- عقائد الخميني:

- ‌(أ) في القرآن الكريم:

- ‌(ب) في السنة المطهرة:

- ‌(ج) الإمامة عند الخميني:

- ‌(د) غلوه في مسألة النيابة عن الإمام:

- ‌(هـ) منكر الإمامة عند الخميني:

- ‌(و) اعتقاده في الصحابة:

- ‌(ز) قضاة المسلمين عند الخميني:

- ‌3- دولة الخميني والتقريب:

- ‌الفصل الثاني: هل من طريق للتقريب

- ‌6- المباهلة

- ‌الطريق المختار

- ‌1- عدم النص على عليّ رضي الله عنه:

- ‌2- ثناء الأئمة على الصحابة رضوان الله عليهم:

- ‌الخاتمة

- ‌ملحق الوثائق والنصوص

- ‌فتوى الشيخ محمود شلتوت

- ‌فتوى شيخ الروافض محمد الخالصي

- ‌سورة الولاية المزعومة

- ‌أحد الكتب التي تزعم الشيعة نزولها من عند الله عز وجل والمسمى (لوح فاطمة)

- ‌دعاء صنمي قريش

- ‌بعض النصوص من كتاب (غاية المرام)

- ‌صفحات من كتاب (أحمد الكسروي)

- ‌حديث للشيخ حسنين مخلوف عن التقريب

- ‌حديث لأحد المفكرين العراقيين عن مسألة التقريب

- ‌دليل المراجع

الفصل: فوجدتها مهجورة من أعضائها ومن زوارها، ولا أثر فيها لأي

فوجدتها مهجورة من أعضائها ومن زوارها، ولا أثر فيها لأي نشاط، وقد لبثت أتردد على مكتبتها أياماً فلا أرى أحداً يؤمها.

ولما شعر الروافض بفشلها ويئسوا من نجاحها أنشأوا داراً أخرى لنشر "عقيدة الرافضة" بين أهل السنّة في مصر، ولا تزال إلى هذا الوقت تمارس نشاطها بمختلف الأساليب وهي "جمعية أهل البيت"(1) .

‌التقويم:

1-

إن استجابة طائفة من كبار علماء مصر أمثال عبد المجيد سليم وغيره لدعوة التقريب بين المسلمين هي استجابة طبيعية لأن الله سبحانه يقول: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) ، وما كانت دعوة التقريب قد أبانت عن حقيقتها وأهدافها، بل رفعت شعارات إسلامية تتستر بها على ما تهدف إليه، فلا يتوجه اللوم إلى هؤلاء في نظري.

2-

جماعة التقريب استهدفت أهل السنّة، وساهمت في نشر الكتاب الشيعي بين أهل السنّة، ولم تقم بنشر الكتاب السنّي في ديار الشيعة، وحاولت تدريس مذهب الشيعة في الأزهر، ولم تحاول تدريس مذهب أهل السنّة في حوزات الشيعة العلمية في النجف أو قم أو عامل أو غيرها من مراكزهم. ولا شك أن هذا لا يؤدي الغرض من التقريب، لأنه من طرف واحد ولا بد من اشتراك أطراف النزاع في موضوع التقريب، ثم هو يدل على نيّة مبيّتة، وهدف مرسوم وراء دعوة التقريب

(1) انظر: ص 177 هامش رقم (2) .

ص: 185

وهو نشر الروافض بين المسلمين، وإلا فلم يخص أهل السنّة وبلاد السنّة بذلك مع أن الروافض هم الذين يتحملون كبر الفرقة؟، ذلك أن أهل السنّة خاصتهم وعامتهم في مشارق الأرض ومغاربها يجلون علي بن أبي طالب (وأهل بيت الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين إجلالاً لا مزيد عليه، ويحبونهم حباً يرضاه الله ورسوله وأهل البيت، ولكن الشيعة هم الذين ينالون من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سيما صديق الأمة، وفاروقها. فأحرى بدعوى التقريب أن تقام في ديارهم وأجدر بأن تتوجه الجهود المقرّبة إليهم، فأهل السنّة، يحتاجون إلى تقريب.

3-

أليس من الأصول أن يقوم هؤلاء العلماء من السنّة (من أعضاء الجماعة) بدراسة مذهب الشيعة من خلال كتبها الأصيلة ليتعرفوا على مدى إمكانية التقريب، وعلى أي وجه يكون التقريب (إذا أمكن) بدل أن يكونوا ضحية تقية الشيعة وخداعهم؟.

4-

في كل دعوة للتقارب لا بد من البدء بالأصول قبل الفروع، ومن الغفلة أن يبدأ بدراسة الخلافات الفقهية بين السنّة والشيعة. والشيعة تشذ عن الأمة بكتبها في الحديث ورجالها، وأصولها، في مدلول القرآن ومفهوم السنّة، وفي حجية الإجماع. فأين الأصل الواحد الذي تناقش على ضوئه الخلافات الفقهية؟.

5-

فتوى شلتوت التي تعتبرها جماعة التقريب ثمرة التقريب وقطفه الشهي هل كانت مبنية على دراسة لمذهب الشيعة أم

ص: 186

مبنية على تصديق شلتوت لدعاوى القمي وغيره بأنه لا خلاف بين السنّة والشيعة؟. الذي أرجحه بناء على ما سمعته من بعض معاصري شلتوت ومجالسيه هو الثاني، ومما يؤكد جهل الشيخ شلتوت بالشيعة أنه يرى أن السبيل الوحيد إلى إعادة الصف الإسلامي إلى وحدته وقوته أن لا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، وأن نطرح وراء ظهورنا تلكم التأويلات البعيدة للنصوص الشرعية من كتاب وسنّة صحيحة، وأن نفهمها كما فهمها المعاصرون للتنزيل وأن نجعل أهواءنا تبعاً لديننا ولا نجعل ديننا تبعاً لأهوائنا، وأن نحارب احتكار فرد أو أفراد تعاليم الدين، فما كان الإسلام دين أسرار وأحاج لا يعرفها إلا طائفة خاصة تطلع عليها من تشاء وتمنعها عمن تشاء، فما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى حتى بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وطلب من أصحابه وأتباعه أن يبلغوا ما علموه

(1) .

فشلتوت بهذا القول كأنه يحكم على الشيعة ـ التي أفتى - جهلاً منه - بجواز التعبد على مذهبها ـ يحكم عليها بأنها لم تسلك سبيل التقريب، لأن الشيعة على خلاف تام لهذه الأركان التي وضعها للتقريب، فاتخاذهم للأئمة أرباباً من دون الله منتشر عندهم وفي كتبهم، وهم أهل التأويلات البعيدة للنصوص الشرعية، ويرون أنه من الكيد للإسلام أن نفهم هذه النصوص كما فهمها المعاصرون للتنزيل من الصحابة، وهم بمزاعمهم في أئمتهم ودعاويهم في مجتهديهم يمثلون في الإسلام ذلك الاحتكار للدين

(1) شلتوت: في مقدمته لكتاب «إسلام بلا مذاهب» : ص 6.

ص: 187

الذي يعنيه شلتوت، وهم يقولون بأن في دين الله أسراراً وأحاجي لا يعلمها إلا طائفة خاصة ـ بزعمهم هم أهل البيت لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كتم قسماً من الشريعة وأودعه إياهم وهم وحدهم عندهم الجفر، والجامعة، ومصحف فاطمة، وعلم ما كان، وما يكون.. إلخ ـ، ولمجتهديهم اتصال بالمنتظر الذي انتهت إليه هذه العلوم بزعمهم.. إلخ. كما شرحنا ذلك بالشواهد والأرقام. فكأن شلتوت بهذا القول ينقض فتواه بنفسه.

ومن المفارقات أن أحد شيوخ الشيعة الذين ينادون بالوحدة الإسلامية سئل عن جواز التعبد بالمذاهب الأربعة فأفتى بالمنع من ذلك (1) .

6-

وعلى الرغم من قيام الشيعة بتأسيس دار التقريب ومجلتها وجماعتها واستجابة بعض علماء الأزهر لفكرتهم لم نر لهذه الدعوة لهذا التقارب أي أثر بين علماء الشيعة في العراق وإيران وغيرهما، فلا يزال القوم مصرين على ما في كتبهم من ذلك الطعن الجارح والتصوير الكاذب لما كان بين الصحابة من خلاف، ولا تزال مطابع الروافض تقذف سنوياً بعشرات الكتب التي تحمل اللعن والتكفير والتخليد بالنار لخير القرون. وقد بعث أحد القراء المؤمنين بفكرة التقريب برسالة إلى شلتوت بعد إصداره لفتواه يذكر له ما ينشر في بلاد الشيعة من كتب لا تتفق ودعوة التقريب

ويدعوهم لأن يجدوا لذلك

(1) وهو شيخهم محمد الخالصي، انظر: كتيبه «التوحيد والوحدة» : (ص 33- 34) . وانظر: النص في ملحق الوثائق والنصوص.

ص: 188

حلاً (1)، فأجابه شلتوت:(يمكنكم أن ترجعوا إلى مجلة «رسالة الإسلام» لتروا فيها ما يشفي الغلة ويطمئن القلوب إن شاء الله تعالى)(2) . وهو جواب يشبه فتواه في الشذوذ والغرابة.

7-

جاء في القانون الأساسي لجماعة التقريب في المادة الثانية ما يلي: "أغراض الجماعة هي":

العمل على جمع كلمة أرباب المذاهب الإسلامية "الطوائف الإسلامية" الذين باعدت بينهم آراء لا تمس العقائد التي يجب الإيمان بها (3) .

وفي هذا القانون الذي قامت عليه الجماعة عدة أخطاء - في نظري -:

(1) ومما قاله في رسالته: (هل تعتقدون فضيلتكم بأن فكرة التقريب تنجح من دون أن تساعدها المقامات النافذة مساعدة معنوية حقيقية؟ "كذا" فالذي عندي أنه قلما توجد في بلاد التسنن تأليفات حديثة تضرم ثائرة الاختلاف، ولكن توجد كثيراً في بلاد التشيع تأليفات حديثة تزيد في اضطرام تلك الثائرة ككتاب «الغدير» باللغة العربية في بضعة عشر مجلداً، وكتاب «شبهاي بيشاوى» باللغة الفارسية في مجلد ضخم، وكذلك تطبع وتنشر كتب كثيرة - أُلفت في العصور السالفة بلحن حاد - إما لم تطبع قبل، وإما طبعت ونفدت نسخها، والآن تجدد طبعتها وسيلة الأُفست وتنشر بين الناس، فالأولى ككتاب «النقض» وكتاب «تحفة الأخبار» والثانية ككتاب «إحقاق الحق» ونظائره، ولا شك أن أمثال تلك المطبوعات الحديثة مخلة بمقاصد جمعية التقريب، أفلا يمكن لأركان دار التقريب وللأستاذ القمي السكرتير مع عنايته الخاصة بهذا الأمر أن يجدوا طريقة لتحديد تلك الإذاعات المنافية لروح الوحدة والائتلاف، والمانعة من نيل جمعية التقريب أهدافها الشريفة؟) أبو الوفاء المعتمدي الكريستاني: «رسالة الإسلام» : (12/397) .

(2)

«رسالة الإسلام» : (12/398) .

(3)

«رسالة الإسلام» : (14/151) .

ص: 189

أولاً: أنها فسرت المذاهب الإسلامية بالطوائف الإسلامية، ولا شك أن مصطلح "الطوائف" إنما يطلق على مثل المعتزلة والخوارج والشيعة، فهل دار التقريب تعتبر المذاهب الأربعة طوائف، فتكون قد قامت على قانون يفرق بين المسلمين ولا يقربهم؟. فلا شك أن هذا التفسير يخرج المذاهب الأربعة؛ لأنها ليست بطوائف. لكن دار التقريب أشاعت هذا المفهوم الخاطئ وهو اعتبار المذاهب طوائف. كما قالت: المذاهب أو الطوائف الستة - تعني المذاهب الأربعة، وطائفة الزيدية والشيعة - وفي هذا مغالطة تكمن في اعتبار تعدد المذاهب الفقهية لدى أهل السنّة هو من قبيل تعدد الفرق والطوائف، والحق أن يقال مذهب أهل السنّة ومذهب الشيعة.

ثانياً: ثم هل مذاهب أهل السنة - المتوارثة عن أئمة الهدى المعروفين رحمهم الله هل تحتاج إلى من يقرب بينها مثلها في ذلك - على حسب صنيع دار التقريب - مثل مذهب الشيعة مع غيره؟.

لا شك أن في هذه التسوية خطأ، والسعي في التقريب بين المذاهب الأربعة سعي في تحصيل الحاصل بالنظر إلى أن أئمة تلك المذاهب أسرة واحدة في خدمة الدين، والرجوع إلى الكتاب والسنّة، والاحتجاج بالإجماع والقياس حتى نضج الفقه الإسلامي على أيديهم.

ثالثاً: وقول "قانون الجماعة" أنه أوقع التباعد بين هذه الطوائف آراء لا تمس العقائد: مخالف للواقع؛ إذ كيف يقال هذا والرافضة تكفر من أنكر إمامة أئمتهم الاثني عشر؟، ومعنى هذا أن أهل السنّة في اعتقاد الرافضة مخالفون لهم في أصل الاعتقاد، ثم هل مواقف الشيعة من كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم -

ص: 190