المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المناقشة: نقول للخنيزي، والرفاعي، وأحمد مغنية، ومحمد جواد مغنية وغيرهم ممن - مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة - جـ ٢

[ناصر القفاري]

فهرس الكتاب

- ‌القسم الثاني

- ‌الباب الثالث: آراء دعاة التقريب في قضايا الخلاف ومناقشة ذلك

- ‌الفصل الأول: فيما يتصل بمذهب الشيعة

- ‌توطئة:

- ‌1- في قول الشيعة بتحريف القرآن:

- ‌المحور الأول:

- ‌المحور الثاني ومناقشته:

- ‌المحور الثالث:

- ‌المحور الرابع:

- ‌المناقشة:

- ‌المحور الثامن والأخير:

- ‌المناقشة:

- ‌2- في انحرافهم في تفسير القرآن:

- ‌(أ) رأي مرجع الشيعة «الخوئي» :

- ‌التعليق:

- ‌3- في دعواهم تنزل كتب إلهية بعد القرآن:

- ‌6- الإمامة:

- ‌(أ) رأي دعاة التقريب فيما جاء في أمهات كتب الشيعة من غلو في الأئمة:

- ‌(ب) رأيهم في الغلو في قبور أئمتهم:

- ‌(ج) غلوهم في مجتهديهم:

- ‌(د) رأي دعاة التقارب فيما جاء في أصولهم وكتبهم الأساسية من عدم شرعية أي حكومة إسلامية غير حكومة الاثني عشر:

- ‌1- رأي آيتهم "حسين الخراساني

- ‌2- رأي آيتهم العظمى عبد الحسين الرشتي

- ‌3- عبد الحسين شرف الدين الموسوي

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌(و) في غلو الشيعة في مدح نفسها:

- ‌7- في العصمة:

- ‌8- في الرجعة:

- ‌9- في الغيبة:

- ‌10- في البداء:

- ‌11- في الصحابة:

- ‌المناقشة:

- ‌12- في التقية:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌الفصل الثاني: فيما يتصل بمذهب أهل السنّة

- ‌الفريق الثاني:

- ‌الفصل الأول: "محاولات التقريب" عرض وتقويم

- ‌تمهيد:

- ‌المحاولات في القديم

- ‌ترجمة السويدي:

- ‌مؤتمر النجف:

- ‌المؤتمر في يومه الثاني (الخميس 25 شوال 1156ه

- ‌تقويم مؤتمر النجف:

- ‌المحاولات المعاصرة

- ‌(أ) محاولات جماعية:

- ‌1- محاولة جماعة سمّت نفسها "جماعة الأخوة الإسلامية

- ‌2- دار الإنصاف:

- ‌3- دار التقريب بين المذاهب الإسلامية:

- ‌التقويم:

- ‌(ب) محاولات فردية:

- ‌1- من أهل السنة:

- ‌(ج) مصطفى السباعي

- ‌(د) محاولة الشيخ موسى جار الله:

- ‌ موسى جار الله

- ‌محاولة الشيخ موسى جار الله للتقريب:

- ‌2- المحاولات الفردية للتقريب من الشيعة:

- ‌1- «الفصول المهمة» :

- ‌أَحمد الكسروي

- ‌محاولة الكسروي:

- ‌تقويم للمحاولات الفردية:

- ‌1- هوية الخميني المذهبية

- ‌(أ) الخميني من أي فرق الشيعة في حكم أئمة السنّة

- ‌(ب) عقيدة الخميني في حكم كبار علماء الشيعة في القرن الرابع:

- ‌2- عقائد الخميني:

- ‌(أ) في القرآن الكريم:

- ‌(ب) في السنة المطهرة:

- ‌(ج) الإمامة عند الخميني:

- ‌(د) غلوه في مسألة النيابة عن الإمام:

- ‌(هـ) منكر الإمامة عند الخميني:

- ‌(و) اعتقاده في الصحابة:

- ‌(ز) قضاة المسلمين عند الخميني:

- ‌3- دولة الخميني والتقريب:

- ‌الفصل الثاني: هل من طريق للتقريب

- ‌6- المباهلة

- ‌الطريق المختار

- ‌1- عدم النص على عليّ رضي الله عنه:

- ‌2- ثناء الأئمة على الصحابة رضوان الله عليهم:

- ‌الخاتمة

- ‌ملحق الوثائق والنصوص

- ‌فتوى الشيخ محمود شلتوت

- ‌فتوى شيخ الروافض محمد الخالصي

- ‌سورة الولاية المزعومة

- ‌أحد الكتب التي تزعم الشيعة نزولها من عند الله عز وجل والمسمى (لوح فاطمة)

- ‌دعاء صنمي قريش

- ‌بعض النصوص من كتاب (غاية المرام)

- ‌صفحات من كتاب (أحمد الكسروي)

- ‌حديث للشيخ حسنين مخلوف عن التقريب

- ‌حديث لأحد المفكرين العراقيين عن مسألة التقريب

- ‌دليل المراجع

الفصل: ‌ ‌المناقشة: نقول للخنيزي، والرفاعي، وأحمد مغنية، ومحمد جواد مغنية وغيرهم ممن

‌المناقشة:

نقول للخنيزي، والرفاعي، وأحمد مغنية، ومحمد جواد مغنية وغيرهم ممن يقول إننا نقدر الصحابة، ولا ننقصهم ونترضى عنهم: تلك كلمات طيبة تنزل على قلوبنا برداً وسلاماً، ومرحباً بهذه الروح الكريمة الجامعة الموحدة بين المسلمين وإننا لنفتح صدورنا لكل كلمة توفق ولا تفرق، ونستبشر بكل محاولة صادقة لرفع تلك الأدران والصفحات السوداء التي تمس من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. نرحب ونستبشر بشرط أن لا تكون تلك الكلمات تقية أو مصانعة سياسية، لكن أليس كل قارئ قرأ ما نقلناه عن كتبهم الأساسية حول الصحابة أو اطلع مباشرة على ما في «الكافي» ، أو «الوافي» ، أو «البحار» ، أو «الاحتجاج» ، أو «تفسير القمي» أو «تفسير العياشي» ، أو «البرهان» لهاشم البحراني وغيرها أو بعض ما في كتبهم المعاصرة، وما حملته هذه الكتب من هجوم وطعن وتكفير لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أليس كل من اطلع على شيء من ذلك يتعجب لماذا ينكر أمثال طالب الرفاعي، وجواد مغنية وغيرهما وجود هذه الصفحات؟ ألا يمكن أن يفسر هذا الإنكار لما هو قائم وواقع بأنه تقية؟!

ألا يعلم هؤلاء أن هناك كتباً ألفها شيوخ الشيعة المعاصرون تلعن وتسب وتكفر؟ والفرق بينها وبين هذه الكتب التي تقول إن الشيعة لا تسب أن تلك الكتب نشرت في ديار تشكل فيها الشيعة الشطر أو الأغلبية أو أن لهم قوة. فأصحابها من روافض العراق وإيران، أو الهند، فهم لا يستعملون التقية بشكل كامل.

ص: 110

فهذا محمد رضا المظفر من روافض العراق المعاصرين، ومن المتحمسين لفكرة التقريب، يقول هذا الرافضي عن صحابة رسول الله:

(مات النبي صلى الله عليه وسلم ولا بد أن يكون المسلمون كلهم - لا أدري الآن - قد انقلبوا على أعقابهم)(1)، ويتطاول هذا "الرجل" على خيار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتهمهم بالتآمر فيقول:(لا يستطيع الباحث أن ينكر من عمر بن الخطاب تمالأه على علي بن أبي طالب، وكذلك جماعته الذين شاهدنا منهم التعاضد والتكاتف في أكثر الحوادث، كأبي بكر وأبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل وأضرابهم)(2) ، ويعتبر هذا هو سبب الردة، ذلك أنه يزعم أن (كل ضلال وقع ويقع في الأمة هو ناشئ من الخلاف في أمر الخلافة، فهو أس كل ضلالة)(3) !!

وهذا آيتهم العظمى محمد الخالصي، من كبار مراجع الروافض في العراق وممن يتزعم الدعوة إلى "الوحدة الإسلامية: بين السنة، والشيعة"، نرى هذا الرافضي يشكك في إيمان أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فيقول:(وإن قالوا: إن أبا بكر وعمر من أهل بيعة الرضوان الذين نص على الرضا عنهم القرآن في قوله: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ((4) قلنا: لو أنه قال: لقد رضي

(1) محمد رضا المظفر: «السقيفة» : ص 19.

(2)

المصدر السابق: ص 85.

(3)

محمد رضا المظفر: «السقيفة» : ص 91.

(4)

الفتح: آية 18.

ص: 111

عن الذين يبايعونك تحت الشجرة أو عن الذين بايعوك لكان في الآية دلالة على الرضا عن كل من بايع، ولكن لما قال: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ

) فلا دلالة فيها إلا على الرضا عمن محض الإيمان) (1) .

ومعنى هذا أن أبا بكر وعمر لم يمحضا الإيمان فلم يشملهما رضا الله في زعم هذا الرافضي، وهذا آية من آياتهم التي ينسبونها زوراً إلى الله ويدعى شهاب الدين النجفي يقول عن الخلفاء الثلاثة ومن بعدهم من خلفاء المسلمين:(فما صدر عن الخلفاء من الظلم والفواحش تجاوز عن حد الإحصاء، فما بقي حق إلا وقد أضاعوه ولا موبقة إلا وفعلوها)(2) .

وهذا أحد آيات الشيعة ويسمى حسين الخراساني، يقول في كتابه «الإسلام على ضوء التشيع» - والذي أهداه إلى مكتبة دار التقريب بالقاهرة، وكان قد نشر باللغات الثلاث العربية والفارسية والإنكليزية وحاز على رضا وزارة المعارف الإيرانية ـ يقول في هذا الكتاب:(تجويز الشيعة لعن الشيخين أبي بكر وعمر وأتباعهما، فإنما فعلوا ذلك أسوة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واقتفاءً لأثره (3) !! فإنهم ولا شك قد أصبحوا مطرودين من حضرة النبوي - كذا - وملعونين من الله تعالى بواسطة سفيره صلى الله عليه وآله وسلم (4) .

(1) محمد بن محمد مهدي الكاظمي الخالصي: «إحياء الشريعة في مذهب الشيعة» : (1/63 - 64) .

(2)

شهاب الدين النجفي: تعليقاته على «إحقاق الحق» للتستري: (2/291) .

(3)

«الإسلام على ضوء التشيع» : ص 88 (الهامش) .

(4)

المصدر السابق: ص 88.

ص: 112

ويقول: (إنا لا نعهد - لهؤلاء الخلفاء الثلاثة أبي بكر بن قحافة، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان أي نبوغ في العلم أو تقدم في جهاد أو تبرز في الأخلاق، أو ثبات على مبدأ، أو تهالك في العبادة، أو تفانٍ في العمل أو إخلاص في سبيل الدعوة الإسلامية)(1) .

يقول هذا القول وغيره من "الطامات"(2) وهو يزعم الدعوة إلى الوحدة حيث يقول: (فنحن معاشر الشيعة نرى من الواجب الضروري توطيد الوحدة الإسلامية، وترك ما يثير ثائرة أية فرقة من فرق الإسلام حتى يكون من السهل اليسير أن نقوم قبال صفوف الكفر والشرك بصف واحد)(3) ، (وهو يريد بهذا القول أن يسكت المسلمون عن فضح باطلهم وكشف كفرهم) .

وهذا كتاب صدر باللغة الأردية يسمى «تحفة العوام مقبول» وقالوا - حسب النص الأردي - أنه "مطابق فتاوى".

آية الله العظمى آقائي حاج سيد محسن حكيم طباطبائي مجتهد أعظم نجف أشرف.

آية الله العظمى آقائي حاج سيد أبو القاسم خوئي نجف أشرف.

آية الله العظمى آقائي حاج سيد روح الله خميني.

آية الله العظمى آقائي حاج سيد محمود الحسيني الشابرودي.

آية الله العظمى آقائي حاج سيد محمد كاظم شر يعتمدار.

(1) المصدر السابق: ص 111.

(2)

انظر من "طاماته" رأيه حول أخبار التحريف عندهم: ص 26 من هذا البحث، حيث زعم وجود قرآن آخر عند مهديهم المنتظر.

(3)

«الإسلام على ضوء التشيع» : ص 88.

ص: 113

مصدقة عاليجناب سيد العلماء علامة سيد علي نقي النقوى مجتهد لكهنؤ.

في هذا الكتاب الموثق من هؤلاء الآيات ـ المنسوبة كذباً إلى الله تعالى ـ فيه نص بحدود صفحتين يتضمن لعن صنمي قريش وهما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. وهو بـ"العربية"، ومنه: (اللهم العن صنمي قريش وجبتيهما، وطاغوتيهما وإفكيهما وابنتيهما الذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك وجحدا إنعامك وعصيا رسولك، وقلّبا دينك، وحرفا كتابك، وأحبّا أعداءك وجحدا آلاءك، وعطلا أحكامك، وألحدا في آياتك

) (1) .

وليس الأمر مجرد كلمات، بل كتب تخصصت في سب وتجريح وتكفير خير مجتمع ظهر على وجه الأرض، أمثال كتاب «الغدير» الذي بلغ أحد عشر مجلداً لشيخهم - المعاصر - عبد الحسين الأميني النجفي، وقد ملأه بالدس والكذب والطعن فيمن رضي الله عنهم ورضوا عنه، وكتاب «أبو هريرة» لشيخهم عبد الحسين شرف الدين الموسوي، والذي اتهم فيه أبا هريرة بالوضع للأحاديث والنفاق، وكتاب «السقيفة» لشيخهم محمد رضا المظفر الذي صور فيه الصحابة عصابة لا هدف لها إلا التآمر على الإسلام!! كتاب «النص والاجتهاد» لشيخهم عبد الحسين شرف الدين الموسوي الذي أراد فيه إثبات أن الصحابة يدينون بمبدأ "فصل الدين عن الدولة"، وكتاب «الإمام الصادق والمذاهب الأربعة» لشيخهم أسد حيدر والذي يطعن في السنّة، وفي دواوين الحديث عند الأمة، ويتطاول على صحابة رسول الله، ويحاول أن يشوه تاريخ المسلمين بكل ما يستطيع..

(1) منصور حسين: «تحفة العوام مقبول» : (ص 423 - 424) . وانظره مصوراً في ملحق الوثائق.

ص: 114

وغيرها من كتب تطعن في دين الأمة وتاريخها ورجالها وتسير على منهج المبشرين والمستشرقين، بل تقدم لهؤلاء مادة ضخمة عمادها الكذب والافتراء ليستعينوا بها على طعنهم في إسلامنا وقرآننا وسنّة نبينا وتاريخ أمتنا!!

وقد قامت في هذا العصر حركة نشطة لبعث التراث الشيعي القديم وتعريف الناس به وترويجه بينهم، وهذا التراث مليء باللعن والتكفير والتخليد بالنار لرجال الصدر الأول للإسلام، وفي مقدمتهم الخلفاء الثلاثة وبعض أمهات المؤمنين ومن معهم من المهاجرين والأنصار ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه بنص القرآن.

وحركة النشر هذه قام بها علماء من أشهر مجتهدي الشيعة في هذا العصر وعلى كثير من هذه الكتب تصحيحاتهم وتعليقاتهم وتقريضاتهم، ومع هذا لم نر اعتراضاً ولا انتقاداً لما في هذه الكتب من أحد منهم، أليس في ذلك إقرارٌ من هؤلاء لما فيها من كفر وضلال؟!

وكتبهم الأساسية التي يعتبرونها مصادر في التلقي إلى اليوم تكفر المسلمين، وعلى رأسهم خيار صحابة رسول الله مثل «الكافي» و «البحار» وغيرها.

وكتب الأدعية المعتمدة عندهم والتي يدعون بها إلى اليوم تتضمن لعن وتكفير الخلفاء الثلاثة وبعض أمهات المؤمنين وخيار الأصحاب من المهاجرين والأنصار، مثل «مفاتيح الجنان» الذي جمعه من أمهات كتبهم المعتمدة شيخهم "عباس القمي" وكتاب «ضياء الصالحين» والذي جمعه شيخهم "محمد الجوهري"، وفي صفحات «الوافي» ، و «البحار» في أبواب الزيارات أدعية كثيرة تتضمن لعن

ص: 115

وتكفير خيار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتدعو بها الشيعة إلى اليوم.

ونعود إلى مناقشة الذين يقولون بأن الشيعة لا تسب بشكل مباشر - ونقول: ألا يعلم أحمد مغنية أن عمر بن الخطاب لا عمر بن سعد قد تعرض لأشد أنواع السب والتجريح في كتب الشيعة المعتمدة، أليس في «الكافي» أن المراد بقوله تعالى:(ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا.. (قال: هما، وبيّن شيخهم المجلسي (أن الإشارة في "هما" ترجع إلى الشيخين في اعتقادهم)(1) ، ألم يرد في «الكافي» حديثان في باب واحد يقولان (بأن من زعم للشيخين الإسلام لا يكلمه الله ولا يزكيه وله عذاب أليم) ؟ (2) فهذا تكفير لمن حكم بإسلامهما، فأحمد مغنية في نصوص «الكافي» الكاذبة كافر لأنه حكم لعمر بالتقوى. لم التستر على الباطل؟ إلا إذا كان أحمد مغنية لم يطلع على «الكافي» !.

وأما الرفاعي الذي يقول بأن من ينسب إلى الشيعة عدم تقدير الصحابة هو خصم سيء النية، أو لم يطلع على كتبهم. فالذي نسب إلى الشيعة هذا المذهب هو كتبهم وليس خصماً سيء النية أو جاهلاً بما في كتبهم، والرفاعي نفسه رجع إلى «البحار» في كتيبه الذي ينفي فيه هذا القول عن الشيعة (3) ، و «البحار» حوى عشرات الروايات والأقوال التي تكفر أولئك الرواد العظام، فلم هذا التجاهل؟.

(1) انظر: ص 231 من هذه الرسالة.

(2)

«الكافي» باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل: (جـ1/ص 372- 374) رقم 4، 12، وقد مضى نقل الحديث بنصه ص 289 من هذا البحث.

(3)

انظر كتيب «تقدير الإمامية للصحابة» ص 15، 17، 19.

ص: 116

ومن الغريب أن هذا الرفاعي قد سب خيار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعليقه على رسالة لـ"محمد باقر الصدر"، فهو في هذا من الذين يقولون ما لا يفعلون كما هو من الذين ينكرون ما يعرفون، فيتهم عمر (بالتآمر وأنه أول من قال بالرجعة من المسلمين (1) ، وقال عن أبي بكر وعمر وأبي عبيدة أنهم بمقتضى هذه الحجج التي حاجوا بها الأنصار قد أدخلوا أنفسهم فيما حكموا به على من ينازع في الحق أهله ويخاصمهم فيه؛ من أنه يكون ظالماً ومدلياً بباطل، ومتجانفاً لإثم ومتورطاً في هلكة (2) . وراح هذا "الرفاعي" ينشر رسالة باقر الصدر التي سماها:«التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية» ، وهذه الرسالة محاولة يائسة وعاجزة لإثبات أصالة الرفض، وأن الصحابة ليسوا أهلاً لحمل الرسالة والشريعة، وإنما الجدير بحملها هو علي وحده، وهذا طعن في الصحابة، وفي السنّة، وفي تواتر هذا الدين. وهذا الرفاعي ينشر هذا الباطل ويتحفه بتفريظه وتأييده، ويقول في كتيب آخر: إن الإمامية يقدرون الصحابة. فأي تقدير هذا إلا إن كان يريد أن تقدير الإمامية للصحابة هو السب واللعن والتكفير..؟!

وكذلك الخنيزي يقع في هذا التناقض ويطعن في الصديق ((3) ، بل يزعم أن ما ورد في «الكافي» عندهم من الطعن في الصحابة وتكفيرهم يوجد مثله في «صحيح البخاري» (4) ، وهي

(1) انظر: طالب الرفاعي: تعليقه على كتيب «التشيع» لمحمد باقر الصدر: (ص 30- 31) .

(2)

المصدر السابق: ص 46.

(3)

«الدعوة الإسلامية» : (1/12) .

(4)

«الدعوة الإسلامية» : (1/5- 14) .

ص: 117

دعوى لا حقيقة لها، ولو كان في «صحيح البخاري» مثل ما يوجد في «الكافي» لكان في السنّة من هو كالشيعة يطعن ويكفر، ولكن الرجل يريد إثبات معتقده الباطل بأية وسيلة.

وأما محمد جواد مغنية - الذي ينفي أن يكون الشيعة ينتقصون من مقام الصحابة - فهو الذي يقول في كتابه «في ظلال نهج البلاغة» عن الخليفة الثالث ذي النورين - صاحب الجود والحياء، وصهر النبي صلى الله عليه وسلم في ابنتيه، ومجهز جيش العسرة وصاحب الهجرتين.. والمبشر بالجنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يقول هذا الرافضي فيه:(إن عثمان انحرف عن سنّة الرسول وخالف شريعة الإسلام، واستأثر هو وذووه بأموال المسلمين فامتلكوا بها القصور والمزارع والرياش والخيول والعبيد والإماء ومن حولهم ملايين الجياع والمعدمين)(1) .

ويقول: (كان الزبير وطلحة وعائشة وراء ما حدث لعثمان وعليهم تقع التبعة في دمه..)(2) ويتهم عمر رضي الله عنه وأهل الشورى - الذين فوض لهم عمر اختيار خليفة من بعده - يتهم الجميع بالخيانة والتآمر (3) . فأي احترام لمقام الصحابة وهذا الكلام الحاقد يوجه لخيارهم؟، وأي إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم أشد من هذا الإيذاء الذي يوجه له بسب بعض زوجاته، وأصهاره وخيار أصحابه؟.

لماذا هذا التناقض من هؤلاء الروافض؟.

(1) محمد جواد مغنية: «في ظلال نهج البلاغة» : (2/264) .

(2)

المصدر السابق: (1/292- 293) .

(3)

المصدر السابق: (2/302) .

ص: 118

هل هذا تقية؟ والتقية عندهم تسعة أعشار الدين.

أم هي مؤامرة للدعاية للشيعة والتشيع؟.

وقد تكون الكل، لكن نحب قبل أن نرفع القلم عن الحديث في هذا المبحث أن نكشف حقيقة هامة يدين بها الروافض في "معتقدهم في الصحابة" وهي:

أن هؤلاء الروافض كما يزعمون أنهم يوالون أهل البيت، ويعنون بهم أئمتهم الاثني عشر فكذلك يزعمون أنهم يوالون الصحابة، ويعنون بهم الثلاثة أو الأربعة أو السبعة الذين لم يرتدوا في عقيدتهم. والذي لا يعرف هذه الحقيقة ينخدع بكلامهم في هذا الباب، ولا يتصور أن للصحابة عندهم تفسيراً خاصاً بهم لا يدخل فيه إلا بضعة منهم.

وهناك تفسير آخر لهم في الصحابة جاء بيانه في بعض رواياتهم، تقول روايتهم ـ بعد ثناء على الصحابة وأمر بالرجوع لأقوالهم وإجماعهم - فقيل: يا رسول الله، ومن أصحابك؟ قال: أهل بيتي (1) . فهم يفسرون الصحابة بأهل البيت.

ثم هناك مسلك آخر يسلكونه في الثناء على الصحابة أشار إليه شيخهم الطوسي، يقول الطوسي بعد أن سب عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها:(فإن قيل: أليس قد روي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر أن سائلاً سأله عن عائشة وعن مسيرها في تلك الحرب، فاستغفر لها، وقال له "الراوي": تستغفر لها وتتولاها؟ فقال: نعم؟: أما علمت ما كانت تقول؟: يا ليتني كنت شجرة، ليتني كنت مدرة) . قال الطوسي: (لا حجة في ذلك على مذاهبنا لأنا نجيز عليه ـ صلوات الله عليه ـ التورية،

(1) سيأتي ذكر هذه الرواية بتمامها في فصل: هل من طريق للتقريب؟.

ص: 119

ويجوز أن يكون السائل من أهل العداوة واتقاه بهذا القول وروى فيه تورية يخرجه من أن يكون كذباً، وبعد فإنه علق توبتها بتمنيها أن تكون شجرة ومدرة، وقد بينا أن ذلك لا يكون توبة وهو (بهذا أعلم)(1) .

إن على الذين يقولون بتقدير الشيعة للصحابة أن يعلنوا خطأ هذه المسالك وعدم صحتها، وأن يعترفوا ببطلان تلك الروايات السوداء، وأن يصدقوا وألا يتناقضوا، حتى يقبل منهم موقفهم، ثم لِمَ يذهبون للرد على أهل السنّة إذا قالوا: إن مذهب الشيعة الطعن في الصحابة وتكفيرهم، ولا يردون على أنفسهم وعلى كتبهم وعلى مشايخهم المعاصرين الذين لا يزالون يهذون في هذا الضلال؟، كما بينا ذلك فيما سبق. فأي فائدة اليوم في اللعن والطعن والتكفير؟ (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(2) ، ولا هدف إلا الطعن في القرآن والسنّة، والدين بعامة، وماذا يبقى من أمجادنا وتاريخنا إذا كان أولئك السادة القادة، الأتقياء الأصفياء الأوفياء الرواد الذين نشروا الدين وأرسوا دعائم الدولة، وفتحوا البلاد، وأرشدوا العباد، إذا كان هؤلاء الرواد الأوائل لكل معالم الخير والعدل والفضائل يستحقون اللعن من أحفادهم، وتشويه تاريخهم، وهم الذين اثني الله عليهم ورسوله وسجل التاريخ الصادق مفاخرهم بمداد من نور؟ فمن الذي يستحق الثناء والمديح، إذا كان أولئك كذلك؟.

(1) الطوسي: «الاستيفاء في الإمامة» : الورقة 288 (النسخة المخطوطة) .

(2)

البقرة: آية 134، 141.

ص: 120