الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفريق الثاني:
ويعبر عن رأيه أحد آيات الشيعة وهو عبد الحسين الموسوي بقوله: (الأمور التي ينفر منها الشيعي ولا يكاد يمتزج بها مع السني أهمها شيئان:
الأول: التكفير، والتحقير والشتم والتزوير.
الثاني: إعراض أهل السنّة عن مذهب الأئمة من أهل البيت وعدم الاعتناء بأقوالهم في أصل الدين وفروعه) (1) .
مناقشة هذا القول:
مناقشة السبب الأول: من أعجب العجب أن يشتكي من يكفر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلام الأمة، وخيار المسلمين من حكام ومحكومين، يشتكي من أن المسلمين يكفرونه. فإذا قارنّا بين ما جاء في "صحيح الشيعة" ـ وهو «الكافي» ـ من تكفير لأبي بكر وعمر ومن بايعهما ومن رضي بخلافتهما إلى أن تقوم الساعة، ومن حكم بردة المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة، وحكم بردة المسلمين بعد مقتل الحسين إلا ثلاثة وتطاول - بالتخصيص والتعيين - على خيار الأمة وروادها بالسب والطعن والتكفير (2) ، إذا قارنا ذلك بما جاء في «صحيح البخاري» في كتاب «فضائل الصحابة» مثلاً، فمن الذي يكفر أهل السنة أم الشيعة؟!.
(1) عبد الحسين الموسوي: «الفصول المهمة في تأليف الأمة» : ص 180، ط. 7، 1397هـ، دار الزهراء، بيروت.
(2)
انظر: ص 334 من هذا البحث.
وإذا نظرنا في كتب الاعتقاد عندهم. مثل كتاب «أوائل المقالات» لشيخهم المفيد، وهو من كتبهم المعتمدة في العقيدة باعتراف شيوخهم المعاصرين (1)، نجده يقول:(واتفقت الإمامية على أن أصحاب البدع كلهم كفار.. وأن من مات منهم على تلك البدعة فهو من أهل النار)(2) .
بينما في كتب العقيدة عند أهل السنّة لا يكفرون أهل البدع مطلقاً. قال الطحاوي مثلاً: (ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ما داموا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معترفين وله بكل ما قال وأخبر مصدقين)، قال شارح «الطحاوية» :(والمراد بقوله أهل قبلتنا: من يدعي الإسلام ويستقبل الكعبة وإن كان من أهل الأهواء ومن أهل المعاصي ما لم يكذب بشيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم)(3) .
هذا ما يقوله أئمة أهل السنّة وذاك ما يقوله أئمة الروافض، وهو قول من عشرات الأقوال في تكفير المسلمين، نقلنا شيئاً منها فيما مضى. فمن هو الذي يكفر؟!!
مناقشة السبب الثاني: أما دعوى أن أهل السنّة لا يتلقون عن أهل البيت. فلنر حقيقة ذلك في بعض أئمة أهل البيت:
مثلاً "زيد بن علي بن الحسين" وهو من خيار أهل البيت:
نجد في كتاب الرجال عند أهل السنّة توثيقه والثناء عليه وقبول
(1) انظر: «الشيعة في الميزان» : ص 14.
(2)
«أوائل المقالات» : ص 53، وللتعرف على مزيد من الشواهد انظر: ص 314 وما بعدها من هذه الرسالة.
(3)
«شرح الطحاوية» : (ص 350- 351) .
ما صح عنه، وأخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجه (1) . أما في كتب الشيعة ففي «الاستبصار» للطوسي، (والطوسي شيخ الشيعة على الإطلاق وصاحب كتابين من أصولهم الأربعة، وكتابين من كتب «الرجال» الأربعة عندهم) في كتاب «الاستبصار» يصرح الطوسي برد مرويات زيد بن علي - مراراً - (2) .
فمن يتلقى عن آل البيت حقيقة؟ هل هو من إذا روى عن بعض أهل البيت أحاديث لا توافق مذهبه ردها بدعوى التقية (3) ، في حين يقبل روايات الكليني والقمي وغيرهما في الطعن في كتاب الله وصحابة رسوله وأهل بيته، لأنها تتفق مع تعصبه وشذوذه؟!
ومن هم أهل البيت عند الشيعة؟ إن لكل طائفة من طوائف الشيعة تفسيراً خاصاً لأهل البيت، يختلف من طائفة لأخرى حول عدد أهل البيت وأعيانهم.
والرافضة تخالف أهل البيت في عامة أصولهم، فليس في أئمة أهل البيت مثل علي بن الحسين وأبي جعفر الباقر وابنه جعفر بن محمد الصادق من يقول بالنص على علي، أو بعصمة الأئمة الاثني عشر، أو يسب أبا بكر وعمر، أو ينكر الرؤية، أو يقول بخلق القرآن، أو ينكر القدر، والمنقولات الثابتة المتواترة عن هؤلاء معروفة موجودة وكانت مما يعتمد عليه أهل السنّة (4) . فهم مخالفون لأئمة أهل بيت
(1) انظر مثلاً: «تقريب التهذيب» : (1/276)، «الخلاصة» الخزرجي: ص 129، «الكاشف» :(1/341) .
(2)
وقد مر نقل قول الطوسي في ذلك ص 338.
(3)
راجع ص 338.
(4)
«منهاج السنة» : (2/288) تحقيق: رشاد سالم.
رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصول دينهم كما هم مخالفون لأصحابه، بل ولكتاب الله وسنّة رسوله (1) .
حقيقة أن أهل السنّة لا يقبلون روايات الروافض المشهورين بالكذب عن أهل البيت. وهذا كما هو حفظ للسنة وتوثيق لها هو صون لأهل البيت مما ألصقه بهم أعداء الإسلام.
وهذا "الرافضي" يريد بدعوة أهل السنّة إلى الرجوع للأخذ من أهل البيت لأنه لا يقنعه منهج أهل السنّة في تلقي ما صح عن أئمة العلم والدين من أهل البيت، إنه يريد منهم أن يتعبدوا بحكايات الرقاع التي يزعمون أنها صدرت عن إمامهم المنتظر والذي لم يولد أصلاً، يريد منهم أن يستقوا دينهم من «الكافي» للكليني وهو يطعن في كتاب الله ويحرف آياته، ويكفر صحابة رسول الله، أي: يريد أن يتلقوا دينهم عمن يسعى في هدمه وتغييره.
وهو يريد منهم أن يرجعوا لما يجمعه الروافض من "نصوص" ينسبونها كذباً لأهل البيت في الإمامة والعصمة والتقية والرجعة والغيبة والبداء، وإلا فإن أهل السنّة عندهم يتحملون كبر الفرقة والتباعد.
ولهذا رأينا بعض "آياتهم" وشيوخهم يجعلون من شرط التقارب أن يوافق أهل السنّة على سب صحابة رسول الله صلى الله عليهم وسلم (2) ، أي يوافق أهل السنّة على القدح في صحابته وبالتالي يرجعون لمدونات الروافض.
(1)«منهاج السنة» : (2/180) تحقيق: رشاد سالم.
(2)
مثل: آيتهم محمد الخالصي، ومثل شيخهم مرتضي الرضوي وسيأتي نص كلامهما في مبحث "هل من طريق التقريب؟ ".
وقد لاحظنا أن معظم أئمة أهل البيت - من غير الاثني عشر - يتعرضون في كتب الشيعة للسب والطعن والتكفير - كما مر - الإشارة لذلك (1) .
فمن الذي يتولى أهل البيت ومن الذي لا يتولاهم؟، ومن الذي يقبل مروياتهم ومن الذي يعرض عنها؟، ومن الذي يطعن فيهم بقبول مرويات الكذبة عليهم ومن الذي يصونهم ويرد هاتيك المرويات؟، ومن الذي لا يعتبر من أهل البيت غير الاثني عشر ويطعن في غالب أهل البيت؟ من غيرهم؟!!
ولا شك أن من تأمل ما نقلناه من نصوص الروافض يدرك أنهم أعداء لأهل البيت والصحابة، وإنما اتخذوا شعار التشيع لأهل البيت لترويج باطلهم.
(1) انظر: (ص 365) من هذه الرسالة.