المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌3- دار التقريب بين المذاهب الإسلامية: - مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة - جـ ٢

[ناصر القفاري]

فهرس الكتاب

- ‌القسم الثاني

- ‌الباب الثالث: آراء دعاة التقريب في قضايا الخلاف ومناقشة ذلك

- ‌الفصل الأول: فيما يتصل بمذهب الشيعة

- ‌توطئة:

- ‌1- في قول الشيعة بتحريف القرآن:

- ‌المحور الأول:

- ‌المحور الثاني ومناقشته:

- ‌المحور الثالث:

- ‌المحور الرابع:

- ‌المناقشة:

- ‌المحور الثامن والأخير:

- ‌المناقشة:

- ‌2- في انحرافهم في تفسير القرآن:

- ‌(أ) رأي مرجع الشيعة «الخوئي» :

- ‌التعليق:

- ‌3- في دعواهم تنزل كتب إلهية بعد القرآن:

- ‌6- الإمامة:

- ‌(أ) رأي دعاة التقريب فيما جاء في أمهات كتب الشيعة من غلو في الأئمة:

- ‌(ب) رأيهم في الغلو في قبور أئمتهم:

- ‌(ج) غلوهم في مجتهديهم:

- ‌(د) رأي دعاة التقارب فيما جاء في أصولهم وكتبهم الأساسية من عدم شرعية أي حكومة إسلامية غير حكومة الاثني عشر:

- ‌1- رأي آيتهم "حسين الخراساني

- ‌2- رأي آيتهم العظمى عبد الحسين الرشتي

- ‌3- عبد الحسين شرف الدين الموسوي

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌(و) في غلو الشيعة في مدح نفسها:

- ‌7- في العصمة:

- ‌8- في الرجعة:

- ‌9- في الغيبة:

- ‌10- في البداء:

- ‌11- في الصحابة:

- ‌المناقشة:

- ‌12- في التقية:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌الفصل الثاني: فيما يتصل بمذهب أهل السنّة

- ‌الفريق الثاني:

- ‌الفصل الأول: "محاولات التقريب" عرض وتقويم

- ‌تمهيد:

- ‌المحاولات في القديم

- ‌ترجمة السويدي:

- ‌مؤتمر النجف:

- ‌المؤتمر في يومه الثاني (الخميس 25 شوال 1156ه

- ‌تقويم مؤتمر النجف:

- ‌المحاولات المعاصرة

- ‌(أ) محاولات جماعية:

- ‌1- محاولة جماعة سمّت نفسها "جماعة الأخوة الإسلامية

- ‌2- دار الإنصاف:

- ‌3- دار التقريب بين المذاهب الإسلامية:

- ‌التقويم:

- ‌(ب) محاولات فردية:

- ‌1- من أهل السنة:

- ‌(ج) مصطفى السباعي

- ‌(د) محاولة الشيخ موسى جار الله:

- ‌ موسى جار الله

- ‌محاولة الشيخ موسى جار الله للتقريب:

- ‌2- المحاولات الفردية للتقريب من الشيعة:

- ‌1- «الفصول المهمة» :

- ‌أَحمد الكسروي

- ‌محاولة الكسروي:

- ‌تقويم للمحاولات الفردية:

- ‌1- هوية الخميني المذهبية

- ‌(أ) الخميني من أي فرق الشيعة في حكم أئمة السنّة

- ‌(ب) عقيدة الخميني في حكم كبار علماء الشيعة في القرن الرابع:

- ‌2- عقائد الخميني:

- ‌(أ) في القرآن الكريم:

- ‌(ب) في السنة المطهرة:

- ‌(ج) الإمامة عند الخميني:

- ‌(د) غلوه في مسألة النيابة عن الإمام:

- ‌(هـ) منكر الإمامة عند الخميني:

- ‌(و) اعتقاده في الصحابة:

- ‌(ز) قضاة المسلمين عند الخميني:

- ‌3- دولة الخميني والتقريب:

- ‌الفصل الثاني: هل من طريق للتقريب

- ‌6- المباهلة

- ‌الطريق المختار

- ‌1- عدم النص على عليّ رضي الله عنه:

- ‌2- ثناء الأئمة على الصحابة رضوان الله عليهم:

- ‌الخاتمة

- ‌ملحق الوثائق والنصوص

- ‌فتوى الشيخ محمود شلتوت

- ‌فتوى شيخ الروافض محمد الخالصي

- ‌سورة الولاية المزعومة

- ‌أحد الكتب التي تزعم الشيعة نزولها من عند الله عز وجل والمسمى (لوح فاطمة)

- ‌دعاء صنمي قريش

- ‌بعض النصوص من كتاب (غاية المرام)

- ‌صفحات من كتاب (أحمد الكسروي)

- ‌حديث للشيخ حسنين مخلوف عن التقريب

- ‌حديث لأحد المفكرين العراقيين عن مسألة التقريب

- ‌دليل المراجع

الفصل: ‌3- دار التقريب بين المذاهب الإسلامية:

فريق أهل التقوى والصلاح، وكان من خطتها (فهم المذاهب الإسلامية على منهاج دار تقريب المذاهب الإسلامية في مصر..)(1) .

ومن كتبهم التي أصدروها من أجل التقريب كتاب «الإسلام بين السنّة والشيعة» في جزئين. وقد بنوه على أصل خاطئ وهو أن الرافضة فئة اندرست وهم الذين يكرهون الصحابة، أما الشيعة فيحبون الشيخين ويترضون على الصحابة (2) .

وأقول أما أن الشيعة يحبون الصحابة فقد سبق جوابه (3) .

وأما أن الرافضة غير الشيعة فهذا ما يرده الشيعة أنفسهم، وقد عقد شيخهم المجلسي باباً في تأكيد هذا في كتابه «البحار» بعنوان (باب فضل الرافضة ومدح التسمية بها)(4) ، كما أن عدداً من شيوخ الشيعة المعاصرين يؤكدون أن هذه التسمية خاصة بهم (5) .

‌3- دار التقريب بين المذاهب الإسلامية:

لكن أبرز هذه المحاولات وأهمها وأكبرها والتي تستحق أن

(1)«الإسلام بين السنّة والشيعة» : ص: ح - ط.

(2)

المصدر السابق: (1/42، 43) .

(3)

انظر اعتقاد الشيعة في الصحابة في هذا البحث.

(4)

«البحار» : (جـ48/ص 96) .

(5)

انظر: محمد الشيخ الساعدي: «مؤيد الدين بن العلقمي» : ص 42، كما أن شيخ شيخ الشيعة "الخميني" يختار اسم الرفض عنواناً لبعض كتبه وهو كتابه «دروس في الجهاد والرفض» ، كما نرى الرافضي طالب الرفاعي يعتبر مصطلح "الرافضة" هو التعبير السليم الذي ينطبق عليهم. انظر تعليقاته على رسالة:«التشيع ظاهرة طبيعية» : ص 78.

ص: 173

نعرض لها بشيء من التفصيل، وأن نخصها بالدراسة والتقويم هي "محاولة" جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية في مصر.

هذه المحاولة دعا إليها شيخ رافضي من قم "بإيران" ويدعى محمد تقي القمي في عام 1364 هـ تقريباً، واستجابت لدعوته ثلة من علماء مصر، ومن زيدية اليمن، وقد اتخذ لها مقراً في القاهرة باسم «دار التقريب بين المذاهب الإسلامية» ، ثم قامت الجماعة بإصدار مجلة باسم «رسالة الإسلام» (1) لخدمة أغراضها.

وقد حملت إلينا مجلة الأزهر "وثيقة هامة" لأحد كبار أعضاء جماعة التقريب وأحد المشاركين في نشأة "الجماعة" وهو الشيخ عبد اللطيف محمد السبكي عضو جماعة كبار العلماء، يصف لنا نشأة الجماعة وخط سيرها، والهدف الذي تسعى لتحقيقه.

يقول: (.. جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية، نشط في تكوين هذه الجماعة شيخ شيعي.. يقيم في مصر لعهد قريب أو بعيد، وقد استجاب لدعوته ثلة كريمة من رجالات مصر، ولم يكن يسع مسلماً أن يتخلف عن تلبية الدعوة لتجديد وحدة المسلمين التي هتف بها القرآن أول ما هتف: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)(2) ، (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)(3) .

(1) ويرأس تحريرها محمد محمد المدني (عميد كلية الشريعة بالأزهر) وقد صدر العدد الأول منها في ربيع الأول عام 1368هـ، وتوقفت بصدور آخر عدد منها في 17 رمضان 1392هـ، ولم تكن منتظمة الصدور في آخر عهدها ومجموع ما صدر من أعدادها (60) جمعت في (16) مجلداً.

(2)

آل عمران: آية 103.

(3)

الأنعام: آية 159.

ص: 174

جذبتني هذه الدعوة، فشرفت بالعضوية المتواضعة بين أولئك الأمجاد، فماذا أجدت جماعتنا وقد مضى عليها أربع سنوات تقريباً؟ نشطت في صدر عهدها إلى تعاقب الاجتماعات، فمرة: للتعارف واختيار الرئيس والوكيل والسكرتير إلخ. ومرة ثانية: لاستقبال ضيف شرقي مسلم سيزور دارنا، دار التقريب، وثالثة: لسماع رسائل وردت من جهات إسلامية، ومن بينها رسالة من النجف - مركز الشيعة - يطلب مرسلوها كلمة تلقى هناك في الذكرى الموسمية للإمام الحسين بن علي رضي الله عنها، ثم يقترح علينا في هذه الجلسة أن تطلب الجماعة إلى الأزهر تدريس الفقه الشيعي إلى جانب مذاهب أهل السنة، ويتوارى الاقتراح في سرعة لأنه قبل أوانه كما همس بذلك من همس.

وبعد ذلك توقفت الاجتماعات، وانحصرت الجهود في مجلة تصدرها دار التقريب هذه وتسميها «رسالة الإسلام» (1) .

وقد اعترف أحد شيوخ الروافض بأن إنشاء دار التقريب كان عن سابق اتفاق من شيوخ الشيعة وقال: (ليس له - أي القمي - ولا لغيره من الناس أن يقوم بمثل هذا العمل من وراء المراجع ومن غير موافقتهم)(2) . إذن هي خطة مبيتة..، والغريب - فيما يبدو - أن هذا الأمر غير واضح عند بعض أعضاء الجماعة حتى خفي عليهم الجهة التي تمول "دار التقريب"، حتى قال أحد كبار أعضائها - بعد مضي أربع سنوات على إنشاء الدار ـ قال: (ورابني ويجب أن يرتاب

(1)«مجلة الأزهر» : المجلد 24 (ص 285 - 286) .

(2)

الرافضي: أحمد مغنية: «الخميني أقواله وأفعاله» : ص 27.

ص: 175

معي كل عضو بريء أنها تنفق عن سخاء دون أن نعرف لها مورداً من المال، ودون أن يطلب منا دفع اشتراكات تنفق على دار أنيقة بالزمالك في القاهرة فيها أثاث فاخر، وفيها أدوات قيمة، وتنفق على مجلتها فتكافئ القائمين عليها، وتكافئ الكاتبين فيها وتتأنق في طبع أعدادها، وتغليف ما يطبع، إلى غير ذلك مما يحتاج إلى مورد فياض.. فمن أين ذلك؟؟!! وعلى حساب من يا ترى؟!!) (1) .

أما قيام الشيعة بإرسال داعية لها إلى مصر وهو القمي فلم تكن هذه الحادثة أول مرة، بل كان هذا القمي ثالث ثلاثة تعاقبوا في المجيء إلى مصر، ورفعوا شعار التقارب والوحدة (2) - في هذا

(1) عبد اللطيف محمد السبكي: «مجلة الأزهر» : (جـ24/286) .

(2)

فقد سبق أن أرسلت رافضة إيران في أواخر سنة 1353هـ وأوائل سنة 1354هـ أحد شيوخهم ويدعى "أبو عبد الله الزنجاني"، وبعد فشله أرسلت رسولاً آخر يدعى عبد الكريم الزنجاني. فكان هذا القمي هو ثالث هؤلاء. ويذكر محب الدين الخطيب أنه والشيخ محمد الخضر حسين فاوضا "الزنجاني الأول" في موضوع التعاون بين أهل السنّة والشيعة وضرورة تصحيح نظرة الشيعة إلى الصحابة حتى يتحقق التآلف، فبشرهما هذا الزنجاني بأن في إيران طبقة مستنيرة صارت تعرف للصحابة أقدارهم وتخجل من الأكاذيب التي كتبت عنهم. ويقول الخطيب: (وكنا ننتظر منه إذا عاد إلى إيران أن ينظم العمل بهذا الغرض مع تلك الفئة من الخاصة التي بشرنا بوجودها، وتوقعنا إذا هو قام بذلك أن لعمله رد فعل عظيم الأثر عند أهل السنّة والجماعة، وأن ندخل كلنا في دور جديد من التعاون والتضامن يليق بظروف هذا العصر وبموقفنا جميعاً من أحداثه، إلا أنه - ويا للأسف - لم يفعل شيئاً من ذلك، إما لأن الفئة التي حدثنا عنها ضعيفة أمام تعصب الجماهير الإيرانيين، وإما أن الذي كان يذكره لنا كان مدفوعاً إليه بأحكام التقية التي أصبحت عادة فيهم. وفهمنا بعد سفره أن الحكومة الإيرانية هي التي كانت أوفدته إلى الأقطار العربية لغير المعاني التي كنا نتمنى تفاهم الفريقين عليها وتعاونهما على تحقيقها، فلما فشل فيما جاء له وكادت تتحول مهمته إلى المعاني التي فاوضناه =

ص: 176

القرن - كما أن هذا الصنيع من "الرافضة" قد سبق ما يشبهه في العصور الغابرة (1) .

كما تبين لي أثناء زيارتي إلى مصر - من أجل جمع المادة العلمية للموضوع - أن هذا القمي لم يكن آخر رسول من الروافض - أيضاً - فقد قامت الرافضة - بعد رحيل القمي وتوقف نشاط دار التقريب - بإرسال رسول آخر يدعى "طالب الرفاعي الحسيني" ويلقب نفسه بـ"إمام الشيعة في جمهورية مصر العربية" إلى مصر، ولم يرفع هذا الرفاعي شعار التقريب الذي أثار ثائرة بعض علماء السنّة، بل حاول الدخول إلى قلوب المصريين بمدخل يتقن الروافض اللعب فيه وهو مدخل "آل البيت"، فأنشأ داراً أسماها "دار أهل البيت" تقوم هذه الدار بنشر كتب الروافض، وإحياء مواسم الرافضة والتبشير بـ"الرفض" بأساليب مختلفة بين أهالي مصر (2) .

= فيها اختارت زنجانيّاً آخر غيره وهو الشيخ عبد الكريم الزنجاني، وكان هذا الداعية الثاني صريحاً في أنه يرى التقريب بين أهل السنّة والشيعة بنزول أهل السنة على عقائد الشيعة فكان فشله سريعاً وذريعاً ورجع إلى إيران كما رجع حنين بخفيه) . انظر: محب الدين الخطيب: «نشأة التشيع وتطوره» : (ص 4- 6)، وانظر:«مجلة الفتح» : (جـ 17/709)، وانظر: عبد الكريم الزنجاني: «الوحدة الإسلامية» أو «التقريب بين المسلمين» : ص 59.

(1)

ففي عصر "جلال الدين السيوطي": (ت 911هـ) حضر من إيران إلى مصر داعية من دعاتهم أشار إليه السيوطي في كتابه «الحاوي للفتاوى» : (1/330) طبعة المنيرية، وبسبب ذلك الداعية الإيراني ألف السيوطي رسالته «مفتاح الجنة في الاعتصام بالسنّة» ، انظر: محب الدين الخطيب: «الخطوط العريضة» : ص 7.

(2)

وقد أنشأت هذه الجمعية مركزاً لها بمدينة القاهرة - بالمعادي - واستخدمت أساليب متنوعة لنشر عقيدة الروافض بين أهل السنّة، فاهتمت بتلقين النشء الصغير هذا الاعتقاد، ولذلك أنشأت فصولاً للتقوية في بعض المواد للمرحلتين الإعدادية والثانوية، وهي تستخدم ذلك وسيلة لتحقيق غرضها في تربية النشء على عقيدة =

ص: 177

أما المذاهب التي تسعى للتقريب بينها:

فقد أعلنت التقريب بين المذاهب في حين اقتصر نشاطها في التقريب بين دين الشيعة الإمامية وبين مذهب أهل السنّة.

أما لون هذا التقريب ومعناه:

فقد رفعت شعاراً ومفهوماً للتقريب ونفذت شيئاً آخر.

رفعت شعار التقريب بين أصحاب المذاهب مع احتفاظ كل بمذهبه، يقول الرافضي القمي مؤسس الدار:(إن دعوتنا أن يتحد أهل الإسلام على أصول الإسلام التي لا يكون المسلم مسلماً إلا بها، وأن ينظروا فيما وراء ذلك نظرة من لا يبتغي الفلج والغلب، ولكن يبتغي الحق والمعرفة الصحيحة، فإذا استطاعوا أن يصلوا بالإنصاف والحجة البينة إلى الاتفاق في شيء مما اختلفوا فيه فذاك، وإلا فليحتفظ كل منهم بما يراه وليعذر الآخرين، ويحسن الظن بهم، فإن الخلاف على غير أصول الدين لا يضر بالإيمان، ولا يخرج المختلفين عن دائرة الإسلام)(1) .

= "الرفض"، كما استعملت وسائل أُخرى للدخول إلى قلوب الناس والتأثير فيهم فأنشأت مستوصفاً، وقامت بإعطاء مساعدات مادية وعينية، واحتفلت بمناسبات الروافض الدينية، وأقامت ندوات تتحدث عن آل البيت ومحنهم، كما أصدرت نشرات دورية وغير دورية، ويلاحظ في هذه النشرات غلوّاً في آل البيت ففيها أن آل البيت هم السبب الوحيد للنجاة، وهم أفضل الخلق بما فيهم النبيين إلخ. وهذه الجمعية قد أخذت تصريحاً من وزارة الشؤون الاجتماعية المصرية لمزاولة عملها في شهر أغسطس 1973م. انظر:«جمعية أهل البيت» ، النشرة غير الدورية رقم (1) محرم 1395 هـ، ورقم (2) رجب 1395، ورقم (3) محرم 1396هـ.

(1)

انظر: «الوحدة الإسلامية» أو «التقريب بين المذاهب» : (ص 64- 65) .

ص: 178

وتقول مقدمة كتاب دعوة التقريب: (ليس من غايتنا أن يترك السنّي مذهبه، أو الشيعة مذهبه، وإنما نريد أن يتحد الجميع حول الأصول المتفق عليها، ويعذر بعضهم بعضاً فيما وراء ذلك، مما ليس شرطاً من شروط الإيمان ولا ركناً من أركان الإسلام، ولا إنكاراً لما هو معلوم من الدين بالضرورة)(1) .

هذا الشعار هو الذي رفعته دعوة التقريب، ولكنها نفذت شيئاً آخر سوى ذلك.

فها هي تلك مجلة التقريب تنشر بحثاً طويلاً بعنوان "منهاج عملي للتقريب" لأحد كبار روافض إيران (2) يطالب فيه أهل السنّة بأن يرجعوا في دينهم إلى مصادر الشيعة الثمانية، وبأن ينصب كرسي لتدريس فقه الروافض في مصر وآخر لتدريس عقائدهم، وأن يعترفوا ويؤمنوا بمسألة الإمامة عندهم.

ولم يقتصر الأمر على مجرد الدعوة، بل قام الروافض بتزيين آرائهم للشيخ شلتوت شيخ الأزهر في هذا الموضوع، فلبى رغبتهم ونفذ بعض مطالبهم، فتولى بنفسه محاولة تنفيذ هذه المهمة في إبّان مشيخته للأزهر فوضع مشروعاً يجعل للروافض - كما تقول مجلة رسالة الإسلام - نصيباً مقسوماً في الفقه وأصوله وتاريخه وفي مصطلح الحديث ورجاله وفي دراسة الكتب الأمهات وأصحابها الثقات (3) في الأزهر. ولكن

(1)«دعوة التقريب» : ص7 (المقدمة لمحمد المدني) وانظر: الشيرازي: «الوحدة الإسلامية» : ص 7، محمد عبد الله المحامي:«معالم التقريب» رقم (1) ص 3.

(2)

وهو محمد صالح الحائري، انظر:«رسالة الإسلام» : السنة الثالثة (جـ3/ص 403) .

(3)

«رسالة الإسلام» السنة 11، ص 445.

ص: 179

وقوف بعض شيوخ الأزهر حال دون تنفيذ المشروع (1) .

وبعد ذلك يخرج تقي القمي عن تقيته ويكشف عن هدفه وغرضه ويزيل الستار عن مهمة الدار الخفية، فيدعو المسلمين صراحة دون تورية أو تقية إلى الأخذ بعقيدة الشيعة وآرائها، فيقول ـ بعد أن يزعم أن أهل السنّة في مصر أخذوا ببعض آراء الشيعة الفقهية ـ فيقول:(فماذا عليهم لو استقبلوا ما وراء الفقه، كما استقبلوا الفقه وما الفرق بين الفروع العملية والفروع العلمية؟)(2) .

ثم قامت الدار بالدعاية للتشيع عن طريق نشر الكتاب الشيعي وترويجه بين أهل السنّة وراحت تستكتب بعض ذوي الأطماع المادية، والنفوس الضعيفة لوضع مقدمات لكتب الشيعة التي أزمعوا نشرها بين أهل السنّة (3)، فنشروا عدة كتب من كتب الروافض مثل (4) :

1-

«المختصر النافع» : لنجم الدين الحلي (ت 676هـ) . وقد طبع هذا

(1) حدثني بذلك حسين محمد مخلوف. انظر: (ملحق الوثائق والنصوص) .

(2)

«رسالة الإسلام» : (جـ2/ص 169) ، السنة الثانية، العدد الثاني، جمادى الآخرة، 1369هـ.

(3)

مثل المدعو "حامد حفني داود" الذي قدم لخمسة من كتب الروافض وانقلب في مقدماته تلك إلى "رافضي". نسأل الله العافية. وكان يعمل أستاذاً في كلية الألسن بمصر. وانتقل إلى التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة عام 1985م. وقد انطلت حيلتهم على بعض الأدباء مثل: محمد عبد المنعم خفاجي صاحب المؤلفات الكثيرة، فقد كتب مقدمة لكتاب «الوسائل ومستدركها» وترضى عن صاحب المستدرك، وما علم - في ظنّي - أنه هو بعينه المجوسي صاحب «فصل الخطاب» .

(4)

انظر: د. مرتضي الشيرازي: «جولة حول الروابط المعنوية بين إيران ومصر» .. ضمن كتاب «جوانب من الصلات الثقافية» : ص 192.

ص: 180

الكتاب مراراً في مصر (1) .

2-

«تذكرة الفقهاء» : للحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي (ت 726هـ) .

3-

«وسائل الشيعة ومستدركها» : «الوسائل» لمحمد بن علي بن حسن الحر العاملي (ت 1104هـ) ، و «المستدرك» لشيخهم حسين النوري الطبرسي صاحب كتاب «فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب» .

4-

«الحج على المذاهب الخمسة» : (أي الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي والجعفري) .

5-

«تفسير مجمع البيان» : للطبرسي (ت 548هـ)(2) .

6-

«حديث الثقلين» : محمد قوام الدين القمي - معاصر - (3) .

ومن الملاحظ أنهم اهتموا بنشر كتب الفقه بالذات وبدأوا بالفروع قبل الأصول، مع أن الفرقة الكبرى هي في مسائل الأصول والعقيدة، أما قضايا الفقه فهم وإن كان لهم في كل باب من أبواب الفقه شواذ غريبة، إلا أن معظم مسائل أبواب الفقه يشتركون فيها مع أهل السنة، لأنه لا فقه لهم إلا ما أخذوه عن طريق أهل

(1) وقد طبعته وزارة الأوقاف باقتراح دار التقريب بين المذاهب، وقدم له الباقوري وزير الأوقاف، وراجع أصوله الخطية الرافضي القمي مع عدد من المنتسبين لأهل السنة مثل: محمد المدني، محمد الغزالي، السيد سابق وغيرهم. انظر:«المختصر النافع» مقدمات الكتاب، الطبعة الثانية.

(2)

وقد عمل على مراجعته وتصحيحه وضبطه ستة من الشيوخ المنتسبين لأهل السنة. انظر: «مجمع البيان» : (جـ10/ص 575)(كلمة ختامية) طبعة دار التقريب.

(3)

وقد أخرج الحديث بصورة سيئة - كما أشرنا ص 77 - ونشرته دار التقريب.

ص: 181

السنة (1) وبالتشابه الفقهي يصطادون بعض المغفلين.

ومجلة الدار المسماة «رسالة الإسلام» تتولى الدعاية للتشيع والدفاع عن عقائد الشيعة (2) ، والتعريف والدعاية بكتب الشيعة ونشراتها (3) والثناء والمديح لرجالات الروافض، وتأبين موتاهم (4) ، وتسيطر أخبارهم ونشر مقالاتهم وكلماتهم. كما تتولى الدار إقامة "الحفلات" وإصدار النشرات وكتابة المقالات في مناسبات أئمة الروافض الاثني عشر.

ثم استطاع الروافض في ظل دعوة التقريب أن يخدعوا شلتوت شيخ الأزهر بالقول بأن مذهب الشيعة لا يفترق عن مذهب أهل السنة، ويطلبوا منه أن يصدر فتوى في شأن جواز التعبد بالمذهب الجعفري. فاستجاب لهم وأصدر فتواه (5) في سنة 1368هـ بجواز التعبد بالمذهب الجعفري (6) .

فطار الروافض بهذا فرحاً، واعتبروا هذه الفتوى هي القطف

(1) وفي «الكافي» - مثلاً - اعتراف بأن الشيعة لم يعرفوا أحكام الحج ومسائل الحلال والحرام قبل أبي جعفر الصادق. يقول «الكافي» : (وكانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم لا يعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى كان أبو جعفر، ففتح لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم..) الكليني: «الكافي» : (2/20) .

(2)

انظر مثلاً من «رسالة الإسلام» : (1/22) ، (6/379) ، (8/48) ، (10/186) .

(3)

انظر مثلاً من «رسالة الإسلام» : (9/331) ، (8/217) ، (10/341) إلخ.

(4)

انظر مثلاً من «رسالة الإسلام» : (10/108) ، (3/446) .

(5)

انظرها في (ملحق الوثائق) .

(6)

وقد حدثني الشيخ عبد الرزاق عفيفي أن شلتوت رجل مغفل سهل الخديعة، أما محمد المدني فهو رجل ماكر مخادع وهو الذي تولى مع القمي خديعة شلتوت.

ص: 182

الشهي والثمرة الكبرى.. لدعوة التقريب، لأنها تعطيهم - كما يتصورون - "الشرعية" في التبشير بالرفض في ديار السنة.

كل هذه "الأهداف" تنفذ باسم التقريب بين المسلمين، فصار مفهوم التقريب في قانون الجماعة الحقيقي هو نشر التشيع والرفض في ديار السنة. فلهذا خابت آمال المخلصين المشتركين بهذه الجماعة بصمت ومنهم من أعلن عن ذلك.

فهذا د. محمد البهي - مثلاً - يستبشر بنشأة الجماعة ويشيد بها ويضع يده في يدها - كما ذكرت ذلك مجلة التقريب (1)، ولكنه بعد ذلك يخيب أمله ويسجل رأيه في ذلك بقوله:(وفي القاهرة قامت حركة تقريب بين المذاهب الإسلامية لتقريب ما بين السنة والشيعة. وبدلاً من أن تركز نشاطها على الدعوة إلى ما دعا إليه القرآن إذا وصل الخلاف في الرأي إلى نزاع كما جاء في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)(2) ركزت نشاطها إلى إحياء ما للشيعة: من فقه.. وأصول.. وتفسير.. ونشر المقالات التي تدعو دعوة عامة إلى عدم التفرقة بين المسلمين) (3) .

وهذا الشيخ السبكي ينفض يده عن هذه الجماعة بعد أربع

(1) ووصفته بقولها: (د. محمد البهي.. عالم باحث من المتحررين المؤمنين بفكرة التقريب) . «رسالة الإسلام» : (8/107) .

(2)

النساء: آية 59.

(3)

محمد البهي: «الفكر الإسلامي والمجتمعات المعاصرة» : ص 439.

ص: 183

سنوات من نشأتها وذلك بعد ما تبين له حقيقة أهدافها - كما مر -.

وهذا الشيخ محمد عرفة عضو كبار العلماء والشيخ طه محمد الساكت وغيرهما يتركون الجماعة بعدما استبانت لهم أغراضها (1) .

ويتابع الأعضاء المخلصون في التخلي عن جماعة أرادت أن تنشر الرفض في ديار المسلمين باسم الوحدة والتقريب، حتى وصف الشيخ محب الدين الخطيب ما آل إليه أمر دار التقريب وجماعة التقريب بقوله:(انفض المسلمون جميعاً من حول دار التخريب التي كانت تسمى دار التقريب ومضى عليها زمن طويل والرياح تصفر في غرفها الخالية تنعي من استأجرها. ثم يذكر أنه لم يبق متعلقاً بعضويتها إلا فئة من المنتفعين مادياً من وراء انتمائهم إلى هذه الدار وأن العلماء المخلصين من أهل السنّة انكشف لهم المستور من حقيقة دين الرافضة ودعوة التقريب التي يريدها الروافض، فانفضوا عن هذه الدار وعن الألاعيب التي كان يراد إشراكهم في تمثيلها)، ثم يقول الخطيب:(فلم يبق موضع عجب إلا استمرار النشر الخادع في تلك المجلة. ولعل القائمين يضعون لها حداً)(2) .

ولكن هذه المجلة «رسالة الإسلام» التي يشير الخطيب إلى استمرار صدورها ما لبثت أن توقفت بصدور آخر عدد في 17 رمضان 1392هـ وهو العدد (60) .

وقد زرت الدار أثناء تحضيري لهذه الرسالة - 1399هـ-

(1) انظر: محمد نصيف، في تعليق له في خاتمة كتاب «الخطوط العريضة» لمحب الدين الخطيب، الطبعة الثانية، 1381هـ.

(2)

«الفتح» : العدد 848، العام السابع عشر شوال 1366هـ.

ص: 184