الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11- في الصحابة:
ما رأى دعاة التأليف والوحدة والتقارب فيما سبق أن عرضنا له من نصوص في كتب الشيعة المعتمدة عندهم التي تتناول صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطعن واللعن والتكفير، وهم الذين تلقوا هذا الدين ونقلوه لنا، فالطعن فيهم طعن في الدين، وطعن في القرآن والسنّة، فكيف نتقارب مع من يطعن في ديننا وسنّة نبينا، وتواتر شريعتنا؟. إن على المخلصين من الشيعة وهم يريدون التقارب مع المسلمين أن يعلنوا - صراحة - رأيهم في تلك الآراء الشاذة التي تتناول خيار الصحابة بالنقد والتجريح والتكفير، ليبينوا بصدق أنها لا مكان لها في معتقدهم وأنها آراء لبعض المنحرفين من السابقين يبوءون بإثمها وإثم من اتبعهم فيها إلى يوم القيامة، حتى يزيلوا تلك النفرة التي سكنت في قلوب أهل السنّة من أقدم العصور إلى الآن.. وإن أجدى طريق لإزالتها هو بيان أنهم لا يعتقدون بصحة تلك الآراء التي يستوحش منها المؤمنون في كل بقاع الأرض، فأي مؤمن صادق الإيمان يعلم أن فرقة من الفرق تدين بلعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الذي لم يفر فريه في الإسلام أحد، ثم بعد ذلك يقبل على دراسة مذهبها إلا من أوتي قدرة فكرية خاصة، وأي مؤمن يثق بآراء هذه الطائفة إذا كان يعلم أنها تدين بهذا اللعن؟، إن إزالة هذه الأدران هي من أركان التقارب وأُسسه، وإن عليهم أن يعلنوا على الملأ هذه الإزالة والتغيير (1) ، إذا كانوا صادقين في رغبتهم في التآلف مع المسلمين وليس الأمر مؤامرة لنشر معتقدهم في ديار السنة.
(1) محمد أبو زهرة: «الإمام الصادق» : ص 12.
فلنر ما يقوله دعاة التقارب في هذا الشأن. هناك "رأي" مصدره الكتب والرسائل التي تنشر في ديار أهل السنّة بأقلام شيعية، والموجهة للدفاع عن معتقد التشيع والدعاية للشيعة. وجوهر هذا الرأي أن الشيعة لا تسب فضلاً عن أن تكفر الخلفاء الثلاثة، وأنها تقدر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالخنيزي في كتابه «الدعوة الإسلامية إلى وحدة أهل السنّة والإمامية» يسمي عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ويترضى عنه (1) ، ويطلق على عائشة وحفصة أمهات المؤمنين (2) ، وكذلك يسمي أبا بكر أمير المؤمنين (3)، ويقول أن جعفر الصادق يقول مفتخراً:(ولدني أبو بكر مرتين؛ لأن أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، فهي بكرية أُماً وأباً)، ويقول: إن من قضاء جعفر الصادق (فسق من سب الخلفاء الثلاثة)(4) . ويقول الخنيزي بأن الإمامية - في هذا العصر - لا تمس كرامة الخلفاء البتة وهذه كتبهم تنفي علناً السب عن الخلفاء وتثني عليهم. وممن صرح بنفي السب محمد باقر أحد مشاهير المجتهدين في كربلاء في منظومته المطبوعة في بمبي قال:
(1)«الدعوة الإسلامية» : (1/8) .
(2)
المصدر السابق: (1/9) .
(3)
المصدر السابق: (1/13) .
(4)
«الدعوة الإسلامية» : (1/74) .
فلا نسب عمراً كلا؟ ولا
…
... عثمان والذي تولّى أولا
ومن تولى سبهم ففاسق
…
... حكمٌ به قضى الإمام الصادق
ثم قال:
وعندنا فلا يحل السب
…
... ونحن - أيم الله - لا نسب (1)
وصدر في مصر من جمعية شيعية تسمي نفسها «دار أهل البيت» كتيب يحمل عنوان «تقدير الإمامية للصحابة وموقفهم من الغلاة» (2) من تأليف أحد روافض العراق ويدعى "طالب الحسيني الرفاعي"، ويلقب نفسه بـ"إمام الشيعة في جمهورية مصر العربية"(3) - على الرغم أنه ليس في مصر شيعة - ويمارس نشاطاً غريباً في التبشير بالتشيع بين صفوف المسلمين في مصر (4) في هذا الكتيب نفى أن تكون الشيعة ترمي الشيخين ومن بايعهما بلعن أو تكفير، وذكر أن من ينسب إليهم ذلك فهو إما أن يكون خصماً سيء النية، وإما أنه لم يطلع على مذهب الشيعة ونقل عن كتابات الخصوم ولم يتمكن من الاطلاع على كتب أصحاب المذهب نفسه.
ويرى الشيعي أحمد مغنية (أن المفرقين وجدوا في اتفاق الاسمين
(1)«الدعوة الإسلامية» : (1/256- 257) .
(2)
نشرته دار الخانجي بمصر، وهو بحث قدم لمؤتمر علماء المسلمين السابع على ما قاله مؤلفه.
(3)
انظر كتيبه: «مع الإمام علي في نهجه» : ص 64.
(4)
وسيأتي مزيد إيضاح عن هذه الجمعية في محاولات التقريب.
عمر بن الخطاب الخليفة العظيم، عمر بن سعد قاتل الحسين ميداناً واسعاً يتسابقون فيه في تشويه الحقيقة والدس على الشيعة بأحط أنواع الدس.. وكان طبيعياً أن يكون لعنة اللعنات عمر بن سعد، لأنه بطل الجريمة وقائد المجرمين الجبناء، ومَن مِن المسلمين لا يلعن عمر بن سعد قاتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن أولئك الآثمين المفرقين استغلوا كلمة "عمر" وقالوا إن الشيعة تنال من خليفة النبي عمر بن الخطاب (، وإني في الوقت الذي أثور فيه على الدساسين التجار أصحاب الغايات والمصالح الرخيصة لا أنكر وجود أفراد بالأمس من سواد الشيعة وبسطائها لا يفرقون بين هذين الاسمين، بل لا يعرفون أن في دنيا التاريخ الإسلامي عمرين تقيا وشقياً)(1) .
وفي تفسير «الكاشف» لمحمد جواد مغنية أورد قول زين العابدين علي بن الحسين في الصحيفة السجادية من دعاء له في الصلاة على أتباع الرسل: (اللهم وأصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصحبة والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره.. وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته..)(2) .
ثم قال جواد: هذه المناجاة جاءت في الصحيفة السجادية التي تعظمها الشيعة، وتقدس كل حرف منها (3)، وهي رد مفحم لمن قال: إن الشيعة ينالون من مقام الصحابة (4) .
(1) أحمد مغنية: «الإمام جعفر الصادق» : (ص 113- 114) .
(2)
«الصحيفة السجادية» : (ص 43- 44) .
(3)
قال ابن تيمية عن هذه الصحيفة التي ينسبها الشيعة لعلي بن الحسين ويقدسونها، قال: إن أكثرها كذب على علي بن الحسين. «منهاج السنّة» : (3/209) .
(4)
محمد جواد مغنية: «التفسير الكاشف» : (10/515) .