الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8- في الرجعة:
هناك فئة من دعاة التقريب أنكرت إيمانهم بالرجعة وقالت أنهم لا يعتقدون إلا برجعة المهدي، أي لا يؤمنون إلا بعقيدة "المهدية" أو رجعة المهدي من غيبته.
ومن هؤلاء أبو الحسن الخنيزي حيث قال: (فالحق الذي عليه المحققون هو أن لا رجعة، سوى ظهور الإمام الثاني عشر)(1) .
ومنهم هاشم معروف الحسيني حيث يقول: (إن الرجعة ليست من معتقدات الإمامية ولا من الضروريات عندهم)(2) ، وهذه خطوة تصحيحية لو أعقبها نقض لهذا المعتقد، ورد على القائلين به من الرافضة، وإلا فقد يقول قائل: هذا جحود لما هو موجود في كتبهم وأمارة التقية عليه ظاهرة؛ فهم ينسبون هذا المذهب لجميع الشيعة والواقع خلاف ذلك، بينما نجد بعض دعاة التقارب والمدافعين عن التشيع يجاهرون بأن الرجعة من عقائد الإمامية وأنها ليست هي ظهور المهدي أو رجعته من غيبته، بل يصرحون بأنها تعني (أن الله يعيد قوماً من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها، فيعز فريقاً ويذل فريقاً آخر.. وذلك عند قيام مهدي آل محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام)(3)، ويقولون:(ولا يرجع إلا من علت درجته في الإيمان، أو من بلغ الغاية من الفساد ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت..)(4) . ولا شك أن هذا إيمان ببعث غير يوم البعث والنشور الذي جاءت به النصوص، ومن دعاة التقريب من يثبت الرجعة بالمعنى العام ولكنه
(1)«الدعوة الإسلامية» : (2/94) .
(2)
هاشم معروف الحسيني: «الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة» : ص 237.
(3)
، (4) محمد رضا المظفر:«عقائد الإمامية» : ص 109، وانظر: محمد حسين آل كاشف الغطاء، «أصل الشيعة» : ص 35.
يقول بـ (أن الرجعة ليست من الأصول التي يجب الاعتقاد بها والنظر فيها..)(1)، يقول محمد حسين آل كاشف الغطا:(وليس التدين بالرجعة في مذهب التشيع بلازم ولا إنكارها بضار، وإن كانت ضرورية عندهم)(2)، وقال:(وليس لها - يعني الرجعة - عندي من الاهتمام قدر صغير أو كبير)(3) . وما ندري كيف تكون ضرورية مع أن اعتقادها ليس بلازم وإنكارها ليس بضار وليس لها اهتمام عنده؟!
هذا ما يقوله دعاة التقارب من الشيعة: صنف ينكر الرجعة، وآخر يثبتها، وثالث يهون من شأنها، وكل يزعم أن ما يقوله هو مذهب الشيعة، فمن نصدق منهم وكلهم من كبار شيوخ الشيعة، وفي عصر واحد؟ ومع هذا نرى هذا التباين في أقوالهم، هل هذا أثر من آثار عقيدة التقية؟ ومن العجب أن كتب هؤلاء الذين ينكرون الرجعة أو يهونون من شأنها - كتبهم المعتمدة تقول: تضافرت الأخبار: ليس منا من لم يؤمن برجعتنا (4)، ويقولون:(إن ثبوت الرجعة مما أجمعت عليه الشيعة الحقة والفرقة المحقة، بل هي من ضروريات مذهبهم)(5) ، (ومنكرها خارج من رتبة المؤمنين)(6)
…
إلخ كما سبق (7) .
(1) محمد رضا المظفر: «عقائد الإمامية» : ص 113.
(2)
«أصل الشيعة» : ص 35.
(3)
«المصدر السابق» : ص 36.
(4)
عبد الله شبر: «حق اليقين» : (2/3)، وانظر: إبراهيم الزنجاني: «عقائد الاثني عشرية» : ص 240.
(5)
عبد الله شبر: «حق اليقين» : (2/3)، وانظر: إبراهيم الزنجاني: «عقائد الاثني عشرية» : ص 239.
(6)
إبراهيم الزنجاني: «عقائد الاثني عشرية» : ص 241.
(7)
انظر: ص 341 من هذا البحث.
فكيف نفسر هذا التناقض؟، وقد استحل القوم بعقيدة التقية كل شيء. وإذا أخذنا كل شيء على ظاهره نقول بأن كتب الشيعة المعتمدة تكفر منكر الرجعة من الشيعة، لأنها تقول ليس منا من لم يؤمن بكرتنا.
وآل كاشف الغطا الذي يقول بأن الرجعة ليس لها عنده اهتمام أو ليس لها عنده قدر قلامة ظفر - كما في طبعة أخرى للكتاب - لماذا لا يطبق عدم الاهتمام هذا في سائر عقائدهم التي شذوا بها عن جمهور المسلمين، لأنها كلها مثل الرجعة يزعمون تواتر أخبارهم فيها وأنها من ضرورات مذهبهم؟ فلم التفريق بين المتماثلات؟!
وقبل أن نرفع القلم عن هذا الموضوع لا بد أن نشير إلى إجابة أحد آيات الشيعة حول ما يجري في هذه «الرجعة» المزعومة لأبي بكر وعمر وذلك لطرافة هذه الإجابة، يقول آيتهم العظمى «عبد الحسين الرشتي» :(وأما مسألة نبش قبر صاحبي رسول (وإخراجهما حيَّيْن وهما طريان وصلبهما على خشبة وإحراقهما، لأن جميع ما ارتكبه البشر من المظالم والجنايات والآثام من آدم إلى يوم القيامة منهما فأوزارها عليهما، فمسألة عويصة جداً وليس عندي شيء يرفع هذا الإشكال، وقد صح عن أئمتنا أن أحاديثنا صعب مستصعب)(1) . وهذا الجواب من هذا الرافضي يثبت فيه أن دينهم صعب مستصعب، وهذا يدل على أنه خلاف الفطرة، ومما لا تقبله العقول لشذوذه ومخالفته للأصول. ولكن لا يزال فئام منهم بل من شيوخهم من يعيش أسير هذا الشذوذ، وحليف هذه الخرافات التي عفى عليها الدهر، ولا يعلن نبذها، بل ينشرها ويدعو لها لأن دينهم صعب مستصعب!!
(1)«كشف الاشتباه» : ص 131.