الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويتحمس لها.
ولكنه بينما هو يسعى بحماس للتقريب بين السنّة والشيعة إذ هو يصدر الكتب المليئة بالطعن في حق خيار الصحابة الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، والذين هم موضع حب أهل السنّة، فهل هذا صنيع من يريد التقارب بصدق؟
وللدكتور مصطفى السباعي قصة مع عبد الحسين هذا ذكرها في كتابه «السنّة ومكانتها في التشريع» وأشرنا إليها فيما مضى. تبين للسباعي أن عبد الحسين من دعاة التقريب بلسانه ودعاة الفرقة بقلمه وعمله.
وإذا رجعنا إلى ما كتبه عبد الحسين في مسألة التقريب نجد أن من أهم كتبه في هذه القضية كتابين:
الأول: «الفصول المهمة في تأليف الأمة» .
الثاني: «المراجعات» .
وسنتوقف عند كل واحد منهما لنرى مفهوم الرجل للتقريب وهدفه من خلال دعوة التقريب.
1- «الفصول المهمة» :
وهو في هذا الكتاب يدعو إلى تأليف الأمة، ولكن على أي أساس؟.
إنه يريد من أهل السنّة أن يؤمنوا بأن الصحابة يدينون بمبدأ
= الدين، من كبار شيوخ الشيعة، ولد في الكاظمية سنة 1290 وتوفي في بيروت سنة 1377هـ. من كتبه:«أبو هريرة» ، «المراجعات» . أغابزرك الطهراني:«طبقات أعلام الشيعة» : (3/1080) .
فصل الدين عن الدولة، فهم - كما يدّعى - إنما كانوا يتعبدون بالنصوص إذا كانت متمحضة للدين مختصة بالشؤون الأخروية.. أما ما كان متعلقاً بالسياسة فإنهم لم يكونوا يرون التعبد بها.. ولذلك عدل هؤلاء - يعني جمهور الصحابة - في الخلافة عن وليها المنصوص عليه من نبيها (1) .
وهو يزعم أنه بهذا الأسلوب يؤلف بين الأمة، ثم يقوم بعد هذا بتأليف كتاب مستقل في هذا "الافتراء" يسميه «النص والاجتهاد» (طبع في النجف سنة 1375هـ) .
وهو في كتابه «الفصول المهمة» يعقد عدة فصول يضمنها أحاديث (من طريق السنّة) تفيد الحكم بإيمان الموحدين (2) ، ثم يورد من طريق الشيعة ثلاثة أحاديث لم يتم واحداً منها (3) تفيد هذا الحكم، ثم يفضح نفسه وحقيقة مذهبه في الفصل الخامس ـ بعد تدرج بالقارئ وخداع له طيلة الفصول التي قبله ـ فيقول: بأن تلك الأخبار بإيمان مطلق الموحدين مخصوصة عندهم بالإيمان بالولاية للاثني عشر، لأنهم في زعمه باب حطة لا يغفر إلا لمن دخلها. والإيمان بهم من أصول الدين (4) ، وقد أجمع المسلمون على معذرة من تأول في غير أصول الدين (5) .
(1)«الفصول المهمة» : ص 96.
(2)
المصدر السابق: (ص 16- 22) .
(3)
السابق: (ص 23- 24) .
(4)
السابق: ص 32.
(5)
«الفصول المهمة» : ص 45.
فمفهوم التأليف عند عبد الحسين أن يؤمن المسلمون بأئمته الاثني عشر وأن يدينوا بالطعن في الصحابة والقدح فيهم. أي باختصار أن يؤمن المسلمون بمذهب الشيعة الرافضة.
2-
أما كتاب «المراجعات» :
فقد استحوذ على اهتمام دعاة التشيع وجعلوه من أكبر وسائلهم التي يخدعون بها الناس. أو بعبارة أدق يخدعون به أتباعهم وشيعتهم، لأن أهل السنّة لا يعلمون عن هذا الكتاب شيئاً ولا غيره من عشرات الكتب التي تخرجها مطابع الروافض.. اللهم إلا من له عناية واهتمام خاص بمذهب الشيعة، وقد طبع هذا الكتاب أكثر من مائة مرة - كما زعم ذلك بعض الروافض - (1) والكتاب في زعم مؤلفه "واقعة" من وقائع التقارب بين أهل السنّة والشيعة، وهو عبارة عن مراسلات بين شيخ الأزهر «سليم البشري» (2) ، وبين عبد الحسين هذا انتهت بإقرار شيخ الأزهر بصحة مذهب الروافض، وبطلان مذهب أهل السنة.
والكتاب لا شك موضوع ومكذوب على شيخ الأزهر وبراهين الكذب والوضع له كثيرة نعرض لبعض منها. وقبل ذلك نشير إلى أن الروافض من دأبهم وضع بعض المؤلفات ونسبتها لبعض مشاهير أهل السنّة، كما وضعوا كتاب «سر العالمين» ونسبوه إلى حجة الإسلام «محمد الغزالي» - كما سلف - (3) ، كما أن أول كتاب
(1) أحمد مغنية: «الخميني أقواله وأفعاله» : ص 45.
(2)
سليم بن أبي فراج البشري، تولى مشيخة الأزهر مرتين وتوفي بالقاهرة 1335هـ. «الأعلام» :(3/180) .
(3)
انظر: ص 68 من هذه الرسالة.
ألفه الروافض وهو المسمى عندهم "أبجد" الشيعة كتاب «سليم بن قيس» قد تبين أنه موضوع بإقرار بعض أساطين الرفض، ولكنهم يقولون: إنه موضوع لغرض صحيح (1) . فكأنهم يستجيزون لأنفسهم "هذا الوضع" ما دام لهم هدف صحيح عندهم، وهذا "الباب" عند الروافض يستحق دراسة مستقلة لخطورته من جانب، ولأهميته في كشف حقيقة مذهبهم من جانب آخر.
وما دام القوم كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وأهل بيته، فهل يستكثر منهم بعد ذلك أن يكذبوا على الآخرين؟!
أما مظاهر وأمارات الكذب والوضع في هذا الكتاب فمنها:
أولاً: الكتاب عبارة عن مراسلات خطية بين شيخ الأزهر سليم البشري وبين هذا الرافضي ومع ذلك جاء نشر الكتاب من جهة الرافضي، وحده، ولم يصدر عن البشري أي شيء يثبت ذلك.
وجاء نشر الرافضي للكتاب خالياً من أي توثيق، فلم يرد فيه ما يثبت صحة نسبة تلك الرسائل إلى سليم البشري بأي وسيلة من وسائل التوثيق، كأن يثبت صوراً لبعض الرسائل الخطية المتبادلة والتي بلغت 112 رسالة نصيب البشري منها 56 رسالة، فهل كلها ذهبت؟!! وهذا ما يطعن في صحة نسبة تلك الرسائل إلى الشيخ سليم أصلاً.
ثانياً: أن هذا الكتاب لم ينشره "واضعه" إلا بعد عشرين سنة
(1) انظر: ص 213 من هذه الرسالة.
من وفاة البشري، فالبشري توفي سنة 1335هـ (1) ، وأول طبعة لكتاب المراجعات هي سنة 1355هـ في صيدا (2) .
ثالثاً: أن أسلوب هذه الرسائل واحد هو أسلوب الرافضي، ولا تحمل رسالة واحدة أسلوب البشري وهذا ما يفضح الرافضي ويثبت كذبه بلا ريب وقد اضطر الرافضي إلى أن يفضح نفسه في مقدمته؛ لأنه لا سبيل له لأن يصنع رسائل تحاكي أسلوب البشري فأقر بأنه وضع هذه الرسائل بأسلوبه الخاص فقال:(وأنا لا أدعي أن هذه الصحف تقتصر على النصوص التي تألفت يومئذ بيننا، ولا أن شيئاً من ألفاظ هذه المراجعات خطه غير قلمي)(3)، وأضاف لذلك فضيحة أخرى بقوله: أنه زاد في هذه الرسائل ما يقتضيه المقام والنصح والإرشاد!! (4) .
رابعاً: أما نصوص الكتاب فتحمل في طياتها الكثير والكثير من أمارات الوضع والكذب فمن ذلك ما يلي:
أن شيخ الأزهر سليم البشري - وهو في ذلك الوقت شيخ الأزهر في العلم والمكانة لا في المنصب والوظيفة - يسلم لهذا الرافضي ذلك التفسير الباطني لكتاب الله (- والذي أسلفنا عرضه في مبحث آراء دعاة التقريب في تأويل القرآن (5) - وهو تأويل ينكره
(1) سبقت ترجمته ص 213.
(2)
انظر: مقدمة «المراجعات» ، أغابزرك الطهراني:«طبقات أعلام الشيعة» : (3/1086) .
(3)
انظر: مقدمة «المراجعات» : ص 27 الطبعة السابعة.
(4)
انظر: مقدمة «المراجعات» : ص 27 الطبعة السابعة.
(5)
سبق ص 47 وما بعدها.
صغار طلبة العلم فضلاً عن شيوخ الأزهر، ولكن هذا الرافضي يروي أن شيخ الأزهر قال عن رسالته التي حملت تلك التأويلات الباطنية:(..أما مرسومك الأخير فقد جئت فيه بالآيات المحكمات والبينات القيمة، فالراد عليك سيء اللجاج، صلف الحجاج يماري في الباطل)(1) .
ثم إن هذا الرافضي ينقل إقرار شيخ الأزهر بصحة وتواتر أحاديث هي عند أهل الحديث ضعيفة أو موضوعة، ولا يجهل ضعفها أو وضعها صغار المتعلمين فضلاً عن شيخ الأزهر، وفي ذلك الوقت بالذات الذي لا يصل إلى منصب المشيخة إلا من ارتوى من معين العلم وتضلع في علوم الإسلام.
وليس ذلك فحسب، بل إن هذا الرافضي صور شيخ الأزهر بصورة العاجز حتى عن معرفة أحاديث في كتب أهل السنة لا في كتب الشيعة، فنجد شيخ الأزهر - كما يزعم الرافضي - يرسل رسالة يقول فيها:(تكرر منك ذكر الغدير فاتل حديثه من طريق أهل السنة نتدبره)(2)، وفي رسالة أخرى يقول البشري - كما يزعم هذا الرافضي -:(حدثنا بحديث الوراثة من طريق أهل السنة والسلام) !!
فهل شيخ الأزهر يجهل ذلك؟، وهل يعجز شيخ الأزهر عن البحث ولديه المكتبات؟، وهل يضطر إلى تكليف هذا الرافضي ولديه علماء الأزهر وطلابه؟ ومتى كان الرافضي أميناً في نقل الحديث عند محدثي السنة!!!
(1)«المراجعات» : ص 74.
(2)
«المراجعات» : ص 204.
هذا والمجال لا يتسع لمزيد من التفصيل.. والحقيقة المفجعة أن هذا الافتراء يطبع عشرات المرات باسم التقريب، ولا أحد من أهل السنة ينتبه ويهتم بهذا الأمر الخطير، وكأن ثقتهم بما عندهم من حق جعلتهم يهملون الرد على مكائد أهل البدع وضلالهم. ومن أهل السنة من يرى في الرد تفرقة وطائفية في حين أن الشيعة ينشطون في صنع أمثال هذه المؤامرات لنشر الرفض في ديار أهل السنة.
وبعد: فمفهوم التقريب عند هذا الموسوي هو أخذ المسلمين بعقيدة الروافض، وهو في سبيل ذلك يضع وقائع وهمية وحوادث لا حقيقة لها ويزعم أنها وقائع تقارب بين السنة والشيعة لتصفية الخلاف، ولكن لم يكن لهذه المؤامرات من أثر إلا عند طائفته..
وأنموذج الموسوي والخالصي - الذي عرضنا له - أنموذج مكرر بين دعاة التقارب من الشيعة، فالاختلاف هو في الأشخاص فقط وجوهر دعوة التقريب واحدة هي التبشير بالرفض ونشره بين أهل السنة، فلا داعي لذكر مزيد من دعاة التقارب من الروافض ومحاولاتهم.
(ج) وكاد القلم أن يتوقف عند هذا الحد، لكنا وقفنا على محاولة فذة ومثال حي نادر لتصفية الخلاف وإزالة الشقاق بتمحيص الحق من الباطل، وكشف أسس الخلاف التي ليست من الدين الإلهي في شيء، وإنما هي من صنع أعداء الإسلام بالعقل والحجة والبرهان، وميزة هذه المحاولة:
أنها جاءت من رجل شيعي الأصل نشأ في بيت شيعي وعاش بين الشيعة، ووصل إلى منصب رئيس محكمة عندهم، ثم إنها تجربة عاقلة وصادقة لم يسبق لها مثيل فيما أعلم؛ فهي محاولة فريدة ونادرة،