المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مناقشة هذا الرأي: - مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة - جـ ٢

[ناصر القفاري]

فهرس الكتاب

- ‌القسم الثاني

- ‌الباب الثالث: آراء دعاة التقريب في قضايا الخلاف ومناقشة ذلك

- ‌الفصل الأول: فيما يتصل بمذهب الشيعة

- ‌توطئة:

- ‌1- في قول الشيعة بتحريف القرآن:

- ‌المحور الأول:

- ‌المحور الثاني ومناقشته:

- ‌المحور الثالث:

- ‌المحور الرابع:

- ‌المناقشة:

- ‌المحور الثامن والأخير:

- ‌المناقشة:

- ‌2- في انحرافهم في تفسير القرآن:

- ‌(أ) رأي مرجع الشيعة «الخوئي» :

- ‌التعليق:

- ‌3- في دعواهم تنزل كتب إلهية بعد القرآن:

- ‌6- الإمامة:

- ‌(أ) رأي دعاة التقريب فيما جاء في أمهات كتب الشيعة من غلو في الأئمة:

- ‌(ب) رأيهم في الغلو في قبور أئمتهم:

- ‌(ج) غلوهم في مجتهديهم:

- ‌(د) رأي دعاة التقارب فيما جاء في أصولهم وكتبهم الأساسية من عدم شرعية أي حكومة إسلامية غير حكومة الاثني عشر:

- ‌1- رأي آيتهم "حسين الخراساني

- ‌2- رأي آيتهم العظمى عبد الحسين الرشتي

- ‌3- عبد الحسين شرف الدين الموسوي

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌(و) في غلو الشيعة في مدح نفسها:

- ‌7- في العصمة:

- ‌8- في الرجعة:

- ‌9- في الغيبة:

- ‌10- في البداء:

- ‌11- في الصحابة:

- ‌المناقشة:

- ‌12- في التقية:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌الفصل الثاني: فيما يتصل بمذهب أهل السنّة

- ‌الفريق الثاني:

- ‌الفصل الأول: "محاولات التقريب" عرض وتقويم

- ‌تمهيد:

- ‌المحاولات في القديم

- ‌ترجمة السويدي:

- ‌مؤتمر النجف:

- ‌المؤتمر في يومه الثاني (الخميس 25 شوال 1156ه

- ‌تقويم مؤتمر النجف:

- ‌المحاولات المعاصرة

- ‌(أ) محاولات جماعية:

- ‌1- محاولة جماعة سمّت نفسها "جماعة الأخوة الإسلامية

- ‌2- دار الإنصاف:

- ‌3- دار التقريب بين المذاهب الإسلامية:

- ‌التقويم:

- ‌(ب) محاولات فردية:

- ‌1- من أهل السنة:

- ‌(ج) مصطفى السباعي

- ‌(د) محاولة الشيخ موسى جار الله:

- ‌ موسى جار الله

- ‌محاولة الشيخ موسى جار الله للتقريب:

- ‌2- المحاولات الفردية للتقريب من الشيعة:

- ‌1- «الفصول المهمة» :

- ‌أَحمد الكسروي

- ‌محاولة الكسروي:

- ‌تقويم للمحاولات الفردية:

- ‌1- هوية الخميني المذهبية

- ‌(أ) الخميني من أي فرق الشيعة في حكم أئمة السنّة

- ‌(ب) عقيدة الخميني في حكم كبار علماء الشيعة في القرن الرابع:

- ‌2- عقائد الخميني:

- ‌(أ) في القرآن الكريم:

- ‌(ب) في السنة المطهرة:

- ‌(ج) الإمامة عند الخميني:

- ‌(د) غلوه في مسألة النيابة عن الإمام:

- ‌(هـ) منكر الإمامة عند الخميني:

- ‌(و) اعتقاده في الصحابة:

- ‌(ز) قضاة المسلمين عند الخميني:

- ‌3- دولة الخميني والتقريب:

- ‌الفصل الثاني: هل من طريق للتقريب

- ‌6- المباهلة

- ‌الطريق المختار

- ‌1- عدم النص على عليّ رضي الله عنه:

- ‌2- ثناء الأئمة على الصحابة رضوان الله عليهم:

- ‌الخاتمة

- ‌ملحق الوثائق والنصوص

- ‌فتوى الشيخ محمود شلتوت

- ‌فتوى شيخ الروافض محمد الخالصي

- ‌سورة الولاية المزعومة

- ‌أحد الكتب التي تزعم الشيعة نزولها من عند الله عز وجل والمسمى (لوح فاطمة)

- ‌دعاء صنمي قريش

- ‌بعض النصوص من كتاب (غاية المرام)

- ‌صفحات من كتاب (أحمد الكسروي)

- ‌حديث للشيخ حسنين مخلوف عن التقريب

- ‌حديث لأحد المفكرين العراقيين عن مسألة التقريب

- ‌دليل المراجع

الفصل: ‌مناقشة هذا الرأي:

‌مناقشة هذا الرأي:

سنناقش هذا الرأي في النقاط التالية:

أولاً: أن الخطورة الكبرى في اعتقاد الشيعة بالتقية ـ والتي قد لا يفطن لها من ليس على صلة بكتب الشيعة أو له صلة بكتب "الدعاية" للتشيع فقط، ولا يرجع لكتبهم المعتمدة عندهم إن الخطورة تتمثل في أن معتقد التقية عندهم قد عطل تعطيلاً تاماً إمكانية استفادة الشيعة مما في كتبهم الأساسية من نصوص توافق ما عند المسلمين، وتخالف ما شذوا به من عقائد وآراء. ذلك أن من قواعدهم الأصولية والتي قررتها كتبهم القديمة (1) ، وقررتها كتبهم الحديثة أيضاً (2) الأخذ بما خالف العامة - أهل السنّة - عند اختلاف الأحاديث في كتبهم. بحجة أن الأحاديث التي توافق ما عند أهل السنّة محمولة على التقية.

وإذا لاحظنا أن أحاديثهم متناقضة ومتضادة ويوجد فيها غالباً في مختلف أبواب العقائد والأحكام ما يوافق ما عند المسلمين أدركنا خطورة معتقد التقية عندهم، وآثاره السيئة في إبقاء الخلاف بينهم وبين المسلمين. وقد اعترف شيخهم "الطوسي" بهذا التناقض فقال: (ذاكرني بعض الأصدقاء.. بأحاديث أصحابنا وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافاة والتضاد حتى لا يكاد يوجد خبر إلا وبإزائه ما يضاده، ولا يسلم حديث إلا وفي مقابلته ما ينافيه، حتى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا وتطرقوا بذلك إلى

(1) انظر: ص 284 من هذا البحث.

(2)

انظر: ص 67 - 68 من هذا البحث.

ص: 122

إبطال معتقدنا) ، ثم ذكر (أن هذا الاختلاف كان سبب رجوع الكثير عن التشيع، وقال: إن منهم أبا الحسن الهاروني العلوي كان يدين بالإمامة فرجع عنها لما التبس عليه الأمر في اختلاف الأحاديث وترك المذهب ودان بغيره)(1) .

هذا ما يقوله شيخهم "الطوسي"، ولم يجد ما ينقذه وشيعته من هذا "التناقض" إلا القول في كل ما يوافق جمهور المسلمين ويخالف شذوذهم بأن ذلك ورد على سبيل التقية (2) ، كما قام بحمل رواياتهم التي في سندها رجال من أهل السنّة أو الزيدية على التقية، فكانت التقية حيلة لرد السنن الثابتة (3) .

وكما عطل معتقد التقية الاستفادة من الأحاديث التي في كتبهم وهي موافقة لما عند المسلمين ومخالفة لشذوذهم، كذلك عطل هذا الاعتقاد استفادة الشيعة أنفسهم من كل صوت معتدل ينشأ بينهم. فمثلاً حينما أنكر شيوخهم "المرتضي، والصدوق، والطبرسي" فرية الطعن في كتاب الله بالقول بتحريفه ونفوا عن مذهب الشيعة هذه المقولة، قال شيخهم نعمة الله الجزائري ـ الموصوف عندهم بـ"السيد السند والركن والمعتمد إلخ" - قال بأن هذا "الإنكار" هو من باب التقية - كما مر - (4) .

وقالوا عن تفسير «التبيان» للطوسي: إنه موضوع على أسلوب التقية (5) . فهل يقال بعد هذا إن عهد التقية انتهى، وأثرها السام

(1)«التهذيب» : (1/3) .

(2)

، (5) في كتاب «الاستبصار» - وهو أحد أصولهم الأربعة - عشرات الأمثلة لذلك، انظر مثلاً:(1/60، 61، 62، 63، 64، 65، 66) إلخ.

(3)

انظر: ص 338 من هذا البحث.

(4)

انظر: ص 206 من هذا البحث.

(5)

انظر: ص 244.

ص: 123

لا يزال يسري في نصوص الشيعة المعتدلة ليزهق روحها؟.

ثانياً: أن هؤلاء الذين يقولون بأنه لا تقية اليوم عند الشيعة هم الذين تقول كتبهم المعتمدة بأن عهد الخلفاء الثلاثة، وعصر الإسلام الذهبي، هو عهد تقية، فهل هذا العصر أفضل من عصر الخلافة الراشدة؟!!

يقول شيخهم المفيد: (وكانت إمامة أمير المؤمنين بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثين سنة منها أربع وعشرون سنة وستة أشهر - أي في عهد الخلفاء الثلاثة قبل أن يلي الخلافة - ممنوعاً من التصرف في أحكامها مستعملاً للتقية والمداراة.. كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث عشرة سنة من نبوته ممنوعاً من أحكامها خائفاً ومحبوساً وهارباً)(1)، بل إن شيخهم نعمة الله الجزائري يعتبر عهد الخلافة الفعلي لعلي عهد تقية ومدارة. يقول:(ولما جلس أمير المؤمنين عليه السلام أي على كرسي الخلافة - لم يتمكن من إظهار ذلك القرآن (2) ، وإخفاء هذا لما فيه من إظهار الشنعة على من سبقه، كما لم يقدر على النهي عن صلاة الضحى، وكما لم يقدر على إجراء متعة النساء، وكما لم يقدر على عزل شريح عن القضاء ومعاوية عن الإمارة) (3) .

فكيف يعتبر عهد الخلافة الراشدة عهد تقية، وتصرف الوقائع التي تثبت مذهب علي الحقيقي عن مدلولها بدعوى التقية؟، ويقال بعد

(1) هذا جزء من نص مضى نقله بتمامه ص 121 من هذا البحث.

(2)

هو «القرآن» الذي يزعمون أنه موجود عند مهديهم المنتظر، راجع ص 202 وما بعدها من هذه الرسالة.

(3)

نعمة الله الجزائري: «الأنوار النعمانية» : (2/362) .

ص: 124

ذلك إن التقية عندهم تستعمل في حال الضرورة، فأي ضرورة للعمل بالتقية في عز الإسلام والمسلمين؟.

ثالثاً: هناك شواهد كثيرة تفيد أن التقية عندهم ليست هي التقية الشرعية المنوطة بالضرورة، بل هي الكذب والخداع، وتحليل الحرام وتحريم الحلال وتغيير شرع الله، فمن ذلك أنهم نسبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العمل بالتقية بلا ضرورة حيث قالوا عن أبي عبد الله "ع" قال: لما مات عبد الله بن أبي سلول حضر النبي جنازته، فقال عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟ فسكت فقال: يا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟ فقال له: ويلك ما يدريك ما قلت، إني قلت: اللهم احش جوفه ناراً واملأ قبره ناراً وأصله ناراً، قال أبو عبد الله: فبدا من رسول الله ما كان يكره) (1) .

فانظر إلى هذا الافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسبتهم إليه أنه يخادع أصحابه فيدعو على منافق وهم يظنونه يترحم عليه، فيقتدون به، ثم أي ضرورة تضطر رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة على هذا المنافق في قوة الإسلام وسطوته، وما نافق عبد الله بن أبي إلا رهبة من سلطان الإسلام؟.

فهل هذا النص يفيد أن العمل بالتقية في حال الضرورة؟!! ومما يدل صراحة على أن التقية ليست إلا الكذب الصريح بلا مسوغ ما رواه شيخهم الكليني عن محمد بن مسلم قال: دخلت على أبي عبد الله ("جعفر الصادق" وعنده أبو حنيفة فقلت له:

(1) الكليني: «فروع الكافي» كتاب الجنائز، باب الصلاة على الناصب:(3/189) ط إيران.

ص: 125

جعلت فداك، رأيت رؤيا عجيبة، فقال لي: يا ابن مسلم هاتها إن العالم بها جالس وأومأ بيده إلى أبي حنيفة، فعرض الراوي الرؤيا على أبي حنيفة فأجابه أبو حنيفة عليها - كما يزعمون - فقال أبو عبد الله (: أصبت والله يا أبا حنيفة. قال "الراوي": ثم خرج أبو حنيفة من عنده فقلت له: جعلت فداك، إني كرهت تعبير هذا الناصب، فقال: يا ابن مسلم لا يسوءك الله، فما يواطئ تعبيرهم تعبيرنا، ولا تعبيرنا تعبيرهم وليس التعبير كما عبره، قال: فقلت له: جعلت فداك، فقولك: أصبت وتحلف عليه وهو مخطئ؟ قال: نعم، حلفت عليه أنه أصاب الخطأ (1) .

فهل استعمال التقية في هذا النص له مسوغ؟ هل أبو حنيفة ذو سلطة وقوة حتى يخشى منه ويتقي؟ وهل من ضرورة لمدحه والقسم على صواب إجابته؟ ثم لما خرج يحكم عليه بالنصب ويخطئ جوابه، هل لهذا تفسير غير أنه الخداع والكذب بلا مسوغ؟ ونحن نبرئ جعفر الصادق من هذا الافتراء ونقول: إن هذا سبٌّ وطعنٌ في جعفر ممن يزعم التشيع له ومحبته..

ثم إنهم هم يجيزون تأويل كتاب الله على غير تأويله باسم التقية بلا موجب. روى الكليني عن موسى بن أشيم قال: كنت عند أبي عبد الله "ع" فسأله رجل عن آية من كتاب الله (فأخبره بها، ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر به الأول، فدخلني من ذلك ما شاء الله حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين، فقلت في نفسي: تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الواو وشبهه وجئت إلى هذا يخطئ هذا الخطأ كله، فبينما أنا كذلك إذ دخل

(1)«روضة الكافي» : (8/292) ط إبران.

ص: 126

عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي، فسكنت نفسي فعلمت أن ذلك منه تقية (1) .

ويزعمون أن التقية تبيح لأئمتهم تحليل الحرام وتحريم الحلال؛ ففي «الكافي» عن أبان من تغلب قال: (سمعت أبا عبد الله يقول: كان أبي "محمد الباقر" (يفتي في زمن بني أمية أن ما قتل البازي والصقر فهو حلال وكان يتقيهم، وأنا لا أتقيهم وهو حرام ما قتل)(2) .

وتقول رواياتهم إنهم يمارسون التقية عن حب ورغبة، لا عن خوف ورهبة وضرورة قالوا:(.. قال أبو عبد الله "ع": سمعت أبي يقول: لا والله ما على وجه الأرض شيء أحب إليّ من التقية..)(3)، وقال:(وأي شيء أقر لعيني من التقية؟)(4)، ويقولون:(إن التقية هي الطريق الوحيد لعبادة الله (.. أبى الله إلا أن يعبد سراً)(5) وأبى الله (لنا ولكم في دينه إلا التقية. ويقولون: (ما عبد الله بشيء أحب إليه من الخبء والخبء هو التقية)(6) .

رابعاً: يلاحظ أن التقية يعمل بها أئمة الشيعة مع الشيعة أنفسهم، أي أنهم يفتونهم بالتقية في مجلس لا يوجد به سنّي يتقونه وليس هناك أدنى مسوغ لها، ومن ذلك ما في «أصول الكافي» عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر "ع" قال: (سألته عن مسألة فأجابني ثم جاءه رجل

(1)«أصول الكافي» : (1/256- 266) .

(2)

«فروع الكافي» : باب صيد البزاة والصقور وغير ذلك: (6/208) ط إيران.

(3)

«أصول الكافي» : (2/217) .

(4)

«أصول الكافي» : (2/220) .

(5)

المصدر السابق: (2/218) .

(6)

المصدر السابق: (2/219) .

ص: 127

فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني، ثم جاءه رجل آخر فأجابه بخلاف ما أجابني، وأجاب صاحبي، فلما خرج الرجلان قلت: يا ابن رسول الله، رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه؟ فقال: يا زرارة إن هذا خير لنا، وأبقى لنا ولكن ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا ولكان أقل لبقائنا وبقائكم.

قال: ثم قلت لأبي عبد الله "ع": شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين، قال: فأجابني بمثل جواب أبيه) (1) .

خامساً: (أن قول مغنية: انتهى عهد التقية اليوم عند الشيعة إنما هو تقية على التقية)(2) كما يقول الأستاذ محمود الملاح (3) ، ومما يؤكد ما يقوله الملاح أنه ورد في كتبهم المعتمدة (أن التقية واجبة لا يجوز رفضها إلى أن يخرج القائم "مهديهم المنتظر"، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله تعالى وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة)(4) و (أن تارك التقية كتارك الصلاة)(5) . هذه بعض

(1)«أصول الكافي» : (1/65) .

(2)

«مجموع السنّة» : (1/111) .

(3)

عالم عراقي معاصر تصدى لمؤتمرات الشيعة في العراق لنشر التشيع باسم الوحدة الإسلامية، وذلك عبر صفحات جريدة السجل وعبر رسائل أصدرها في هذا الشأن من كتبه «الوحدة الإسلامية بين الأخذ والرد» ، و «تشريح شرح نهج البلاغة» وغيرها.

(4)

ابن بابويه الملقب بالصدوق: «الاعتقادات» ، فصل التقية، ط إيران 1374هـ. وانظر:«الهداية» للصدوق القمي أيضاً: (1/9) عن كتاب نعمان السمرائي: «أحكام المرتد» : ص 82.

(5)

انظر: ابن إدريس: «السرائر» : ص 479، الحر العاملي:«وسائل الشيعة» : =

ص: 128

نصوصهم فمن نصدق؟

وفي كتاب «الوافي» ما يشير إلى أن ما يقوله مغنية وغيره من المدافعين عن التشيع حول التقية، إنما هو أمر مطلوب من كل "رافضي" حتى يمكن أن يستفيدوا من عقيدة التقية يقول «الوافي» عن حسان بن أبي علي قال: سمعت أبا عبد الله يقول: (لا تذكروا سرنا، بخلاف علانيتنا ولا علانيتنا بخلاف سرنا حسبكم أن تقولوا ما نقول وتصمتوا عما نصمت..إلخ) .

قال صاحب «الوافي» في شرح هذا "النص": (يعني لا تظهروا للناس ما نكتمه عنهم، ولا تقولوا لهم إن سرنا غير موافق لعلانيتنا وأنا نكتم عنهم غير ما نظهر لهم، ونظهر غير ما نكتم، فإن ذلك مفوت لمصلحة التقية التي بها بقاؤنا وبقاء أمرنا، بل كونوا على ما نحن عليه؛ قائلين ما نقول صامتين عما نصمت موافقين لنا غير مخالفين عن أمرنا)(1) .

سادساً: أن من علمائهم من يصرح إلى أن للتقية عندهم مجالات غير مجال الخوف. يقول آيتهم العظمى محمد صادق روحاني - معاصر -: (التقية أربعة أقسام:

التقية الخوفية، والتقية الإكراهية، والتقية الكتمانية، والتقية المداراتية (2) ، فهؤلاء الذين يقولون بأن الشيعة لا تعمل بالتقية إلا عند الضرورة، إنما ينطبق كلامهم على تقية الخوف أو الإكراه لا تقية الكتمان والمداراة) .

= (11/466)، وانظر أيضاً: في أن التقية لا ترفع إلى خروج القائم. «أصول الكافي» : (2/217) .

(1)

الفيض الكاشاني: «الوافي» : كتاب الحجة، باب النوادر، المجلد الأول: جـ2/ص 60.

(2)

محمد صادق روحاني: «رسالة في التقية» ضمن كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن =

ص: 129

سابعاً: قول مغنية - إن التقية ليست بدين لهم - يتنافى مع ما جاء في رواياتهم فيما نسبوه إلى جعفر ـ (التقية ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له.. إلخ) - كما مر- (1) فمن نصدق في هذا: مغينة أم «الكافي» ؟!

ثامناً: في كتبهم الحديثة التي يكتبونها في الدفاع عن التشيع أو في الطعن على أهل السنّة عشرات من الأمثلة على أن كثيراً من علمائهم المعاصرين يستعملون التقية بمعنى الكذب والخداع والافتراء، بل هناك كتب أساسها وعمدتها الكذب. وتفصيل هذا القول بالشواهد والقرائن يحتاج لدراسة مستقلة لكثرته، وتنوع أساليب الكذب والخداع فيه، وحسبنا أن نشير إشارة سريعة إلى هذا اللون من الكذب وذلك لإثبات أن القوم لا يزالون يمارسون التقية؛ فهذا شيخهم "مغنية" يقول: إن الشيعة لا يطعنون في الصحابة، وذلك في تفسيره «الكاشف» ثم في كتابه «في ظلال نهج البلاغة» يطعن في كبار الصحابة - كما سلف - (2) وهو يقول بأن الإمامة (ليست أصلاً من أصول دين الإسلام، وإنما هي أصل لمذهب التشيع، فمنكرها مسلم إذا اعتقد بالتوحيد والنبوة والمعاد ولكنه ليس شيعياً) . يقول هذا القول في كتابه «مع الشيعة الإمامية» (3) ، ولكنه يقول في كتابه الآخر «الشيعة والتشيع» عن عيد لهم يسمونه عيد الغدير والذي تنسج الشيعة حوله أساطير كثيرة تدور حول "النص على علي بالخلافة"(4) .

= المنكر له أيضاً. ص 148- 149 ط 1، 1396هـ.

(1)

انظر: ص 331 وما بعدها.

(2)

انظر: ص 118.

(3)

«مع الشيعة الإمامية» : ص 268 ضمن كتاب «الشيعة في الميزان» .

(4)

انظر في الرد عليهم: «منهاج السنة» : (4/84- 87)، «المنتقى» :(ص 466- 467) ، =

ص: 130

يقول: (إن احتفالنا بهذا اليوم هو احتفال بالقرآن الكريم وسنة النبي العظيم بالذات، احتفال بالإسلام ويوم الإسلام، إن النهي عن يوم الغدير تعبير ثان عن النهي بالأخذ بالكتاب والسنّة وتعاليم الإسلام ومبادئه)(1) ثم استشهد بما قاله شيخهم المعاصر عبد الله العلايلي وهو (أن عيد الغدير جزء من الإسلام، فمن أنكره فقد أنكر الإسلام بالذات)(2) .

فانظر إلى هذا "الخداع" المسمى عندهم بالتقية من رجل يزعم ارتفاع حكم التقية، فهو يقول في موضع إن من أنكر الإمامة فهو مسلم، وفي موضع آخر يحكم على منكر عيد الغدير ـ الذي جرى فيه حادث هو أحد أدلتهم على الإمامة ـ أن منكر هذا العيد كافر، فكيف نفسر هذا التناقض والكذب؟ وأعتقد أن القارئ لهذا الباب «آراء دعاة التقريب» يلمس آثار عقيدة التقية في بعض إجابات دعاة التقريب ونفيهم لما هو واقع، وقد سجلت عشرات الأمثلة من أمثلة الخداع والكذب والاحتيال من بعض أعلامهم المعاصرين لا يتسع المجال لعرضها وشرحها وكشف ما فيها من زيف وتمويه وخداع.

أما الكتب التي وضعوها وأساسها "الكذب" فمن أمثلتها: كتاب «المراجعات» وسيأتي كشف ما فيه، وكتاب «لماذا اخترت مذهب الشيعة؟» ، وهو يتضمن قصة مخترعة أو مؤامرة مصنوعة تتضمن أن عالماً من كبار علماء السنّة يدعى "محمد مرعي الأمين الأنطاكي" قد ترك مذهب السنّة، وأخذ بمذهب الشيعة بعد أن تبين له بطلان

= «مختصر التحفة» : (ص 159- 162) .

(1)

«الشيعة والتشيع» : ص 258 ضمن كتاب «الشيعة في الميزان» .

(2)

المصدر السابق: ص 258 (هامش) .

ص: 131

الأول، وهذا الأنطاكي "يزعم أنه نزيل حلب" رغم أنه لا يعرفه من كبار علمائها أحد (1) ، والكتاب مليء بالدس والكذب والافتراء والتجني مما لا يصدر إلا عن جاهل متعصب أو عن زنديق متستر بالتشيع.

وقد مر بنا أنهم يضعون كتباً وينسبونها لأهل السنّة كما نسبوا كتاب «سر العالمين» "للغزالي"(2) ، وأنهم اعترفوا بأنهم يضعون الكتب لغرض صحيح (3) ، وقد كذبوا على أعلام الأمة وعلى صحابة رسول الله، بل استحلوا الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، كل ذلك باسم التقية والتي لا حقيقة لها سوى الكذب، وقد اعترف بعض علمائهم المعاصرين من حيث لا يدري أن التقية عندهم هي:"الغاية تبرر الواسطة"(4) أي هي "الميكافيلية"(5) ، التي اعتمدها الذين لا دين لهم في تحقيق أهدافهم.

وأخيراً إن من أعلام الشيعة المعاصرين من يمارس «أسلوب التقية» حتى مع الشيعة أنفسهم فمن الأمثلة على ذلك أن ثلاثة

(1) سألت عنه بعض كبار علماء حلب كالشيخ عبد الفتاح أبو غدة، فأفاد أنه مجهول، مع زعم هذا الباطني بأنه يشغل قاضي القضاة على مذهب أهل السنة في حلب.

(2)

انظر: ص 68 من هذا البحث.

(3)

انظر: ص 213 من هذه الرسالة.

(4)

محمد جواد مغنية: «الشيعة في الميزان» : ص 49.

(5)

أسلوب في المعاملات يتسم بالخداع والمراوغة والغدر والأنانية مبني على مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة"، وهو ينسب إلى المفكر الإيطالي "نيكولا ماكيافلي":(1469 -1527) رائد هذا المبدأ، والذي سجله في كتابه «الأمير» وقدمه لأحد ملوك أوربا في القرون الوسطى.. انظر: أحمد عطية: «القاموس السياسي» : (ص 1105- 1106)، وانظر:«الأمير» ماكيافلي.

ص: 132

من كبار علماء الشيعة أحجموا عن إعلان خطأ مسألة فرعية فقهية في دينهم خوفاً من العوام، وكانوا يفتون بخطئها ويقولون بخلافها سراً ولخواصهم فقط، كما يعترف به أحد أعلام الشيعة المعاصرين. وهذه المسألة هي أن (مذهب الشيعة يقول بنجاسة أهل الكتاب)(1) ومن علماء الشيعة من يفتي بخلاف ذلك سراً ولخاصته فقط ويتقي جمهور الشيعة في ذلك، وقد كشف ذلك شيخهم محمد جواد مغنية فقال: أحدث القول بنجاسة أهل الكتاب مشكلة اجتماعية للشيعة وأوقعهم في ضيق وشدة بخاصة إذا سافروا إلى بلد مسيحي كالغرب أو كان فيه مسيحيون كلبنان.. وقد عاصرت ثلاثة مراجع كبار من أهل الفتيا والتقليد، الأول كان في النجف الأشرف، وهو الشيخ محمد رضا آل يس. والثاني في قم وهو السيد صدر الدين الصدر، والثالث في لبنان وهو السيد محسن الأمين، وقد أفتوا جميعاً بالطهارة وأسروا بذلك إلى من يثقون به، ولم يعلنوا خوفاً من المهوشين، على أن يس كان أجرأ الجميع. وأنا على يقين بأن كثيراً من فقهاء اليوم والأمس يقولون بالطهارة ولكنهم يخشون أهل الجهل والله أحق أن يخشوه (2) .

ويذكر "مغنية" في تفسيره «الكاشف» أن شيخهم (السيد الخوئي أسر برأيه لمن يثق به)(3) .

وكذلك يقول "الرافضي" كاظم الكفائي بأن (الإمام الغطا أفتى

(1) انظر: الطوسي: «المبسوط» : (1/10)، الحلي:«شرائع الإسلام» : (1/53)، زين الدين العاملي:«الروضة الندية» : (1/49) .

(2)

محمد جواد مغنية: «فقه الإمام جعفر الصادق» : (ص 31- 33) - دار العلم للملايين، ط1، 1365هـ.

(3)

محمد جواد مغنية: «الكاشف» : (6/18) - دار العلم للملايين، ط1، بيروت 1968م.

ص: 133

بالطهارة لخاصته لأن عقول العامة لا تحتمله) (1) .

يقول د. علي السالوس تعليقاً على ذلك: (وهكذا يضيع العلم، ويفترى على الإسلام، لأن أُناساً ائتمنوا على العلم فضيعوه وزيفوه لأنهم يخشون الناس ولا يخشون الله)(2) .

ونقول: إن من أسباب مراعاة علماء الشيعة لجهال الشيعة وعوامهم هو أن هؤلاء هم مصدر رزقهم الذي يسلبونه منهم باسم "الخمس". وإذا كان هذا موقف خمسة من كبار مراجع الشيعة في العصر الحاضر إزاء مسألة فرعية يجزمون بخطئها فكيف يرجى أن يستجيبوا لتعديل أصولهم؟!!

وإذا ثبت أن الشيعة لا يتركون تقيتهم، فإن استعمال هذه التقية عندهم يخف ويشتد حسب الظروف المحيطة بهم. ويبدو هذا واضحاً في أن الكتب التي صدرت من علماء الشيعة في إبّان الدولة الصفوية (3) - مثلاً - مثل كتابات المجلسي، ونعمة الله الجزائري وغيرهما قد كشفت إلى حد كبير حقيقة التشيع، وأظهرت الكثير مما يكنه الشيعة ضد الإسلام والقرآن والصحابة وأهل البيت والخلافة الإسلامية.

بينما يلاحظ من خلال ما سبق - أن كتابات بعض أعلام الشيعة المعاصرين أمثال محمد جواد مغنية، محمد حسين آل كاشف الغطا قد سلكت في دفاعها عن التشيع مسلك التقية بإنكار ما هو واقع، ولكن مطابع النجف ولبنان قد فضحتهم.

(1) نقل ذلك عنه د. علي السالوس، انظر:«فقه الإمامية» : ص 81 (الهامش) .

(2)

علي السالوس: «فقه الشيعة الإمامية» : ص 81 (الهامش) .

(3)

استمرت الدولة الصفوية من سنة 905هـ إلى سنة 1148هـ.

ص: 134