الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9- في الغيبة:
لا يخالف أحد من الشيعة أن إيمانهم بغيبة المهدي أساس المذهب ومحور التشيع، لأنه لو سقطت فكرة الغيبة لم يعد هناك من يسمى بالإمامية الاثني عشرية.
لذلك أجهدوا أنفسهم في إثباتها، ما وسعتهم الحيلة والمحاولة. ودعاة التقريب في هذا الباب يستغلون "أخبار المهدي" الموجودة في كتب السنّة، ويزعمون أن عقيدة "المهدية" مما اتفقت عليه السنّة والشيعة، ولا فرق بين الطائفتين في ذلك سوى أن أهل الشيعة يقولون إنه مولود وحي وسيظهر، وأهل السنّة يقولون إنه سيظهر في المستقبل ولا يؤمنون بوجوده الآن (1) .
ولا شك أن هذا من مكائد الشيعة، وإلا فعقيدة الغيبة عند الشيعة تختلف تماماً عن قضية المهدي عند أهل السنّة (2) . والشيعة المعاصرون الذين يدافعون عن التشيع يحاولون تكذيب كل ما ينسب إلى مذهبهم من نقائص، فمثلاً في مسألة الغيبة إذا قيل لهم لم لا يظهر مهديكم، وأنتم تزعمون أنه لا يمنع من ظهوره سوى خوفه على نفسه؟ فلم لم يخرج وقد توفر له الأمن في مناسبات كثيرة أثناء قيام الحكومات الشيعية؟
فيجيب بعض دعاة التقريب على ذلك بقوله: (وأما دعوى أن الإمام المهدي ممتنع من الخروج خوفاً من الأعداء فهي من الخيالات المنامية أو من المخيلات والوهميات المثارة من الحدة حال الجدال)(3)
(1) انظر: الخنيزي: «الدعوة الإسلامية» : (2/350) .
(2)
انظر: ص 355 هامش (4) .
(3)
أبو الحسن الخنيزي: «الدعوة الإسلامية» : (2/344) .
هذا ما يقوله شيخهم الكبير عندهم "أبو الحسن الخنيزي" مع أن كتب الشيعة تنص على أن العلة لاحتجاب المهدي هو خوفه.
يقول "الطوسي" الملقب عندهم بـ "شيخ الطائفة": (لا علة تمنع من ظهور المهدي إلا خوفه على نفسه من القتل، لأنه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار وكان يتحمل المشاق والأذى، فإن منازل الأئمة وكذلك الأنبياء إنما تعظم لتحملهم المشاق العظيمة في ذات الله)(1) .
ويقول "المرتضي" الملقب عندهم بـ"علم الهدى"، أن (السبب في الغيبة هو إخافة الظالمين له.. وإذا خاف على نفسه وجبت غيبته، والتحرز من المضاد واجب عقلاً وسمعاً)(2) .
وقد ورد هذا المعنى في "رواياتهم"؛ فمن ذلك أن أبا عبد الله جعفر الصادق قال - كما يزعمون -: للغلام - يعني المهدي - غيبة قبل قيامه، قيل: ولم؟ قال: يخاف على نفسه الذبح (3) . والغريب أنهم يعللون احتجابه بالخوف من القتل مع أن من أصول عقائدهم (أن الأئمة يعلمون متى يموتون ولا يموتون إلا باختيار منهم)(4) فكيف يخرجون من هذا "التناقض"؟.
ومن الأمثلة على إنكارهم لما هو واقع "في مسألة الغيبة" أن شيخهم المعاصر محمد حسين آل ياسين ينفي ما ذكره أحمد أمين من أن
(1) الطوسي: «الغيبة» : ص 199 فصل: «ذكر العلة المانعة من ظهور الحجة» .
(2)
المرتضي: «مسألة الغيبة» (مخطوط) عن نشأة الشيعة: ص 304.
(3)
ابن بابويه القمي: «إكمال الدين» : ص 449، الكليني:«الكافي» : (1/340)، محمد علي الموسوي الحائري:«خلفاء الرسول الاثنا عشر» : ص 276 وغيرها.
(4)
وهذا باب في صحيحهم «الكافي» : (1/258) - وقد مر -.
الشيعة تزعم أن لمهديها صلة ببعض كبار علمائهم (1)، ويقول "آل ياسين":(كل كتب الشيعة تصرح بأن المهدي غائب لا يتصل به أحد فأين الصدق في القول؟ وأين الأمانة في النقل؟)(2) . بينما حقيقة الأمر أن هذا اعتقاد مقرر عندهم ولهم فيه مؤلفات مستقلة، مثل ما ألفه شيخهم المعاصر "الطبرسي" في هذا الباب وسماه «جنة المأوى فيمن لقي الإمام في الغيبة الكبرى» ، وقد ذكروا أسماء مجموعة من شيوخهم كانوا على صلة مباشرة بالمهدي بعد الغيبة الكبرى كما مر (3) ، وفي «البحار» للمجلسي بيان لطريقة الاتصال بصاحب الأمر ليس لخواص الشيعة فقط، بل لكل شيعي، يقول المجلسي:(تكتب ما سنذكره في رقعة وتطرحها على قبر من قبور الأئمة «ع» فشدها واختمها واعجن طيناً نظيفاً واجعلها فيه، واطرحها في نهر أو بئر عميقة أو غدير ماء، فإنها تصل إلى صاحب الأمر «ع» وهو يتولى قضاء حاجتك بنفسه. تكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، كتبت يا مولاي صلوات الله عليك مستغيثاً.. إلخ ثم تصعد النهر أو الغدير وتعمد بعض الأبواب، إما عثمان بن سعيد أو ولده محمد بن عثمان أو الحسن بن روح أو علي بن محمد السيمري فهؤلاء كانوا أبواب المهدي، فتنادي بأحدهم يا فلان بن فلان، سلام عليك أشهد أن وفاتك في سبيل الله وأنك حي عند الله مرزوق.. وهذه حاجتي ورقعتي إلى مولاي «ع» فسلمها إليه، فأنت الثقة الأمين. ثم ارمها في النهر أو البئر أو الغدير تقض حاجتك إن شاء الله)(4) !!!
(1) أحمد أمين: «المهدي والمهدوية» : ص 109 - 119.
(2)
محمد حسين آل ياسين: «المهدي المنتظر» : ص 58.
(3)
ص 267.
(4)
«البحار» : (25/235) .