الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكتاب الله عز وجل قبل ذلك كله - لا يوجد فيه نص على "إمامة الاثني عشر" مع أنهم يزعمون أن إمامتهم استمرار للنبوة وأن الإيمان بهم من أصول الدين وأركانه ومن ضرورات الإسلام. فأمرٌ بهذه الحيثية والمكانة لماذا لم يذكره الله (في كتابه؟!
أليس هذا كله دليلاً على أن كل ما زعموه حول النص على الأئمة، هو من وضع أعداء الإسلام؟!
2- ثناء الأئمة على الصحابة رضوان الله عليهم:
في «الخصال» لابن بابويه القمي: (عن أبي عبد الله قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر ألفاً، ثمانية آلاف من المدينة وألفان من أهل مكة وألفان من الطلقاء، لم ير فيهم قدري، ولا مرجي، ولا حروري، ولا معتزلي ولا صاحب رأي، كانوا يبكون الليل والنهار)(1) .
وفي «البحار» للمجلسي: (عن الصادق عن آبائه عن علي "ع" قال: أوصيكم بأصحاب
(1) هذا من وضع الجهال، فعدد الصحابة الذين شهدوا معه (حنيناً اثنا عشر ألفاً سوى الأتباع من النساء وجاء إليه هوازن مسلمين، وترك مكة مملوءة ناساً وكذلك المدينة أيضاً وكل من اجتاز به من قبائل العرب وكانوا مسلمين فهؤلاء كلهم لهم صحابة، وقد شهد معه تبوك من الخلق الكثير ما لا يحصيهم ديوان، وكذلك حجة الوداع وكلهم له صحبة. ابن الأثير: «أسد الغابة» : (1/19) . قال أبو زرعة: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفاً من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه. «تدريب الراوي» : (1/220)، «الإصابة» : ص2، الذهبي:«تجريد أسماء الصحابة» : ص: ب. والمعتمد أنه ليس هناك تحديد ثابت لهم. انظر: السخاوي: «فتح المغيث» : (3/111) .
نبيكم لا تسبوهم، الذين لم يحدثوا بعده محدثاً، ولم يؤووا حدثاً فإن رسول الله أوصى بهم الخير) (1) .
وفي «البحار» أيضاً: (قال النبي صلى الله عليه وسلم: طوبى لمن رآني وطوبى لمن رأى من رآني وطوبى لمن رأى من رأى من رآني)(2) .
وعن موسى بن جعفر "إمامهم السابع" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا أمنة لأصحابي، فإذا قُبضت دنا من أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا قُبض أصحابي دنا من أمتي ما يوعدون، ولا يزال هذا الدين ظاهراً على الأديان كلها ما دام فيكم من قد رآني)(3) .
وفي «معاني الأخبار» لشيخهم ابن بابويه القمي "الصدوق" عن جعفر بن محمد عن آبائه "ع" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما وجدتم في كتاب الله عز وجل فالعمل لكم به، لا عذر لكم في تركه، وما لم يكن في كتاب الله عز وجل وكانت فيه سنة مني فلا عذر لكم في ترك سنتي، وما لم يكن فيه سنة مني فما قال أصحابي فقولوا به، فإنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيها أخذ اهتدى، وبأي أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم [ثم زاد دعاة التفرقة على هذا النص الزيادة التالية] فقيل: يا رسول الله، ومن
(1) ابن بابويه القمي: «الخصال» : (ص 639- 640)، وانظر: المجلسي: «البحار» : (22/305) .
(2)
المجلسي: «البحار» : (22/305) .
(3)
المصدر السابق: (22/309- 310) .
أصحابك؟ قال: أهل بيتي) (1) .
ولا شك أن تفسير الصحابة بأهل البيت فقط بعيد جداً، وقد لاحظ صدوقهم هذا البعد فعقب على النص السالف بقوله:(إن أهل البيت لا يختلفون، ولكن يفتون الشيعة بمر الحق وربما أفتوهم بالتقية، فما يختلف من قولهم فهو للتقية، والتقية رحمة للشيعة)(2) .
فهو هنا يحمل "النص الذي يثني على الصحابة" على التقية، والعقل والمنطق يعترض على هذا "التأويل"، فلم يكون الثناء على الصحابة الذين أثنى عليهم الله ورسوله وشهد التاريخ بفضلهم وجهادهم - تقية، ويكون السب لهم هو الحقيقة وهو مذهب الأئمة إنه لا دليل لهم على هذا المذهب سوى أنه يتمشى مع منطق أعداء الأمة.
ثم إن النص السابق يرويه "جعفر الصادق" عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل رسول الله يكذب على الأمة - تقية -؟! أو أن جعفر يكذب على رسول الله من أجل التقية؟، وكلا الأمرين طعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ومخالفة صريحة للنصوص.
وفي «نهج البلاغة» يقول علي رضي الله عنه عن أبي بكر أو عمر رضي الله عنهما على اختلاف بين شيوخ الشيعة في ذلك (3) :
(1) ابن بابويه: «معاني الأخبار» : (ص 156- 157)، المجلسي:«البحار» : (22/307) .
(2)
ابن بابويه: «معاني الأخبار» : (ص 156- 157)، المجلسي:«البحار» : (22/307) .
(3)
انظر: ميثم البحراني: «شرح نهج البلاغة» : (4/97) .
(لله بلاء فلان (1) ، فلقد قوّم الأود (2) وداوى العمد (3) وأقام السنة.. وخلف الفتنة (4) ، ذهب نقي الثوب قليل العيب أصاب خيرها وسبق شرها، أدى إلى الله طاعته واتقاه بحقه) (5) .
وهذا نص عظيم يهدم كل ما بنوه وزعموه من عداوة وصراع بين علي والشيخين رضي الله عنهما.
وقد اختار "الروافض" بمثل هذا النص، لأنه في «نهج البلاغة» وهو عندهم قطعي الثبوت، وصور شيخهم ميثم البحراني (6) ذلك بقوله:(واعلم أن الشيعة قد أوردوا هنا سؤالاً فقالوا: إن هذه الممادح التي ذكرها في حق أحد رجلين تنافي ما أجمعنا عليه من تخطئتهم وأخذهما لمنصب الخلافة، فإما أن لا يكون هذا الكلام من كلامه "ع" وإما أن يكون إجماعنا خطأ) ، ثم حملوا هذا الكلام على التقية وأنه إنما قال هذا المدح من أجل (استصلاح من يعتقد صحة خلافة الشيخين واستجلاب قلوبهم بمثل هذا الكلام)(7) ، أي أن علياً - في زعمهم - أراد خداع الصحابة، وأظهر لهم خلاف ما يبطن
(1) أي عمله الحسن في سبيل الله، ميثم البحراني:«شرح نهج البلاغة» : (4/97) .
(2)
وهو كناية عن تقويمه لاعوجاج الخلق عن سبيل الله إلى الاستقامة (المصدر السابق) .
(3)
العمد بالتحريك العنة. انظر: صبحي صالح: «في تعليقه على نهج البلاغة» : ص 671.
(4)
تركها خلفاً؛ لا هو أدركها ولا هي أدركته (المصدر السابق) .
(5)
«نهج البلاغة» : ص 350 (تحقيق صبحي الصالح) .
(6)
ميثم بن علي البحراني (كمال الدين) من شيوخ الإمامية من أهل البحرين، من كتبه «شرح نهج البلاغة» ت في البحرين سنة 679هـ. «معجم المؤلفين» :(13/55) .
(7)
ميثم البحراني: «شرح نهج البلاغة» : (4/98) .
وخطب هذه الخطبة العامة أمام الناس وهي مبنية على الكذب. هذا هو جواب من يزعم التشيع لعلي! وما أعتقد أن عاقلاً يرتضي هذا "الجواب"، وإننا نقول بأن إجماع الشيعة ضلال وقول علي هو الحق والصدق، وهو الذي لا يخاف في الله لومة لائم.
هذه "نماذج" من ذلك الخيط الأبيض الموجود في كتب الشيعة، (وهناك أمثلة كثيرة تركناها لضيق المجال)(1) ، وهو بحاجة إلى إبراز وإظهار من بين الركام الأسود الذي أحاط به والذي نسجه أعداء الإسلام، حتى أصبحت مثل هذه الروايات وسط ذلك الركام كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، ومن العجب أن يرجح شيوخهم تلك الروايات لا لشيء إلا لكثرتها. قال المفيد في حديث له عن اختلاف أحاديثهم:(وما خرج للتقية لا تكثر روايته كما تكثر رواية المعمول به)(2) ، هذه هي قاعدتهم، وما أوهاها من قاعدة تجعل الكثرة مقياس الصحة وإن خالفت النصوص المتواترة والوقائع الظاهرة.
وإننا نرى أن تلك الروايات القليلة في مدح الصحابة وفي إنكار النص هي التي توافق مذهب الأئمة، وإن خلاف ذلك هو من صنع أعداء الإسلام وإن كثر، وتدل رواياتهم ونصوصهم عن الأئمة أن الوضع في كتبهم قد شاع والكذب على الأئمة قد ذاع؛ تقول كتب الشيعة:
إن الإمام الصادق قال: (إن لكل رجل منا رجلاً يكذب
عليه) (1)، وقال:(إن المغيرة بن سعيد (2) دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها، فاتقوا الله ولا تقبلوا ما خالف قول ربنا وسنّة نبينا) (3) . والمغيرة هذا قال - فيما حكوا عنه -:(قد دسست في أخباركم أخباراً كثيرة تقرب من مائة ألف حديث)(4)، وقال جعفر الصادق:(إنا أهل بيت صادقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه)(5) .
وتتفق هذه الشهادات مع اتفاق علماء السنّة على أن الكذب في الرافضة أظهر منه في سائر الطوائف، ومن تأمل كتب الجرح والتعديل المصنفة في أسماء الرواة والنقلة وأحوالهم - عن أهل السنّة -.. رأي المعروف عندهم بالكذب في الشيعة أكثر منهم في جميع الطوائف (6) . ولهذا قال الإمام مالك:(نزلوا أحاديث أهل العراق منزلة أحاديث أهل الكتاب؛ لا تصدقوهم ولا تكذبوهم)(7) .
واستغل هؤلاء "الكذبة" عقيدة التقية في إشاعة الكذب على الأئمة.
كما أن قواعد قبول الأحاديث عن الرافضة قد يسرت سبل دخول الكذب من أوسع أبوابه، فالكذب لنصرة المذهب مستعمل - وحتى
(1)«تنقيح المقال» : (1/174)(المقام الثالث من المقدمة) .
(2)
انظر في أخبار المغيرة بن سعيد، «رجال الكشي» : ص 223.
(3)
«رجال الكشي» : ص 224.
(4)
«تنقيح المقال» : (1/174)(المقام الثالث من المقدمة) .
(5)
انظر: «رجال الكشي» : ص 108، المجلسي:«البحار» : (25/363) .
(6)
ابن تيمية: «منهاج السنّة» : (1/42)(بتحقيق: د. رشاد سالم) .
(7)
«المنتقى» : ص 88.
اليوم - بين شيوخهم الكبار.
كما أنهم قبلوا روايات بل مراسيل الأفّاكين الذين يطعنون في كتاب الله، حتى ولو كان صاحب هذه المراسيل تفصله قرون عن عصر الأئمة، كما قبلوا مراسيل الطبرسي - في القرن السادس - عن علي بن أبي طالب في القرن الأول.
وقالوا - مثلاً -: إنه إذا كان الراوي عن طريق الإجازة ضعيفاً لم يضر ضعفه عندهم (1) . مع أنه يمكن له أن يزيد ويضع من الأحاديث ما يشاء.
وقالوا - أيضاً -: لا يشترط في الحسن من الأحاديث عدالة الراوي ما دام إمامياً. وكيف يؤتمن على نقل الشريعة من لا عدالة له؟ إذن كيف يمكن الاعتماد على رواياتهم؟.
لكن باتفاق رواياتهم مع القرآن والسنّة تصبح المسألة إجماعية وتنتفي الأحاديث المكذوبة.
وهذا مسلك ينبغي أن يدرس بعناية واهتمام، فإن القارئ لكتب الشيعة يتلمس خيوطاً بيضاء وسط ركام هائل من الضلال، ومن الممكن أن ينسج من هذه الخيوط العقيدة الحقة للأئمة، ويكون في ذلك تقريب وإنقاذ لمخلصي الشيعة من الضياع والتيه الذي يعيشونه، وهذه الخيوط كما تشمل الأصول تشمل الفروع، وعلى ذلك يمكن اللقاء والتقارب.
هذا وحسبي أن أشير إلى هذا المنهج، أما دراسته وتطبيقه فيحتاج
(1)«تنقيح المقال» : (1/192)(المقدمة - الفائدة الرابعة) .
إلى بحث آخر مستقل، والله من وراء القصد (1) .
وإنني أرى أن هذا المنهج للتقريب لن يقوم بجهود فردية، وإنما يجب أن تتبناه مؤسسات متخصصة تهيئ له الوسائل والإمكانيات ليكون وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله وبيان الحق للمضللين والمخدوعين، وأن تصدر كتيبات في هذا الشأن توضح الحقيقة وتجلوها في دراسة مبنية على الأسلوب العلمي والمعالجة الموضوعية والموعظة الحسنة، أو تصدر مجلة متخصصة في هذا الشأن تسير على هذا المنهج. وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(إن شيوخ الرافضة إما جاهل وإما زنديق)(2) ، والأتباع بلا شك جهال، ومن الضروري تعليم هؤلاء الجهلة بكل وسيلة وقطع الطريق على هؤلاء الزنادقة وكشف حقيقتهم، ولا سيما أن ناشئتهم في غفلة عن كثير من انحرافات مذهبهم (3) .
والله الهادي إلى سواء السبيل.
(1)«المنتقى» : ص 99.
(2)
«منهاج السنّة» : (4/77) الطبعة الأولى.
(3)
محمود الملاح: «في مجموع السنّة» : (2/33) بتصرف، وقد أثبت الشيخ الفاروقي ذلك بمقارنة ما يراه عوام الشيعة مع ما هو مدون في كتب الشيعة. وقد استطاع أن يتعرف على آراء عوام الشيعة بحكم قرابة موجودة له معهم، وثبت له أن شيوخ الشيعة يستعملون مع العوام التقية. الفاروقي:«افسانة تحريف القرآن» : ص 12.