الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(و) في غلو الشيعة في مدح نفسها:
ولقد وجدنا "معاصريهم" يسيرون على خطى سلفهم، ويسمون أنفسهم بـ"الخاصة"(1) وبـ"المؤمنين"(2) وبـ"الفرقة الناجية"(3) و"المحقة"(4) ، ويسمون أهل السنّة بـ"العامة" و"النواصب"(5) ويغلون في مدح كتب الحديث عندهم مع ما حوت من ضلال وجهل وأباطيل، ويقولون عنها:
روتها هداة قولهم وحديثهم
…
... روى جدنا عن جبرائيل عن الباري (6)
ويكفرون المسلمين وخيار المؤمنين، ويزعمون أنهم الناجون في الآخرة، ويتطاولون على خيار أصحاب رسول الله بالسب ويطعنون في علماء المسلمين، وينسبونهم زوراً بأنهم حجج الله وآياته، وقد اعتبر أحد شيوخهم استنكار المسلمين لغلو الشيعة في مدح نفسها من قبيل الجزع لما للشيعة من مدح (7) !!
7- في العصمة:
لم أر في آراء دعاة التقريب ما يشير إلى أنهم خففوا من غلوهم في مسألة «عصمة أئمتهم» ، بل يلاحظ أن طائفة كبيرة من علماء
(1) فلذا نجدهم في استشهادهم بأحاديث يزعمون نقلها عن أهل السنّة يقولون: (وهذا من طريق العامة)، وقالت العامة. انظر مثلاً:«بحوث في علوم القرآن» : ص 200.
(2)
، (3)، (4) انظر مثلاً: الأنطاكي: «لماذا اخترت مذهب الشيعة؟» .
(5)
قال شيخهم محمد آصف المحسني: (فالمنكر - أي للإمامة - مسلم غير مؤمن، إلا أنه ينطبق عليه عنوان آخر كالنصب والغلو)«صراط الحق» : (3/201) .
(6)
«الفصول المهمة» : ص 31، «الشيعة في الميزان» : ص 44.
(7)
الخنيزي: «الدعوة الإسلامية» : (1/119) .
الشيعة السابقين يمثلهم ابن بابويه القمي وشيخه ابن الوليد - من القرن الرابع - وغيرهما كانوا أخف غلوّاً من علمائهم المعاصرين فلم يقولوا بالعصمة المطلقة للأئمة، بل قالوا بجواز السهو عليهم (1) - مثلاً - واعتبر ابن بابويه القمي أن الذين ينفون السهو عنهم هم المفوضة لعنهم الله تعالى، أي ليسوا من الشيعة في نظره (2) . وجاء لعن من ينفي السهو عن الأئمة على لسان إمامهم الثامن علي الرضا حيث قال:(كذبوا لعنهم الله، إن الذي لا يسهو هو الله لا إله إلا هو)(3) ، وكذلك قرر شيخهم "الطبرسي" - من القرن السادس - (أن مذهبهم أن الأئمة يجوز عليهم السهو والنسيان في غير ما يؤدونه عن الله)(4) .
ومع ذلك فإن شيخ الشيعة المعاصر وآيتها العظمى "عبد الله الممقاني" يؤكد أن نفي السهو عن الأئمة أصبح من ضرورات المذهب الشيعي (5)، وهو لا ينكر أن شيوخهم السابقين كانوا يعدون ذلك غلوّاً لكنه يقول: إن ما يعتبر غلواً في الماضي أصبح اليوم من ضرورات المذهب الشيعي (6) .
ويقرر شيخهم المعاصر "محمد رضا المظفر" في كتابه «عقائد الإمامية» أن من عقائد الإمامية أن الإمام (يجب أن يكون معصوماً
(1) انظر: ص 327- 328 من هذا البحث.
(2)
«من لا يحضره الفقيه» : (1/234) .
(3)
«البحار» : (25/ 350) .
(4)
الطبرسي: «مجمع البيان» : (5/205) .
(5)
الممقاني: «تنقيح المقال» : (3/ 240) .
(6)
الممقاني: «تنقيح المقال» : (3/240) .
من السهو والخطأ والنسيان) (1) ، ولا يذكر في هذا أدنى خلاف بينهم، كما أن من دعاة التقريب أنفسهم من يؤكد هذا المبدأ ولا يتقي في ذلك (2) .
وإذا كانت دعوى عصمة الأئمة تعني مضاهاتهم للرسول (3) ، فإن نفي السهو عنهم هو تأليه لهم كما أشار إلى ذلك إمام الشيعة الثامن علي الرضا، ولذا قرر ابن بابويه القمي وغيره أن هذا الاعتقاد هو الفيصل بين الغلاة وغيرهم (4) .
وإذا كان شيخهم المعاصر الممقاني يرى أن نفي السهو عن الأئمة من ضرورات المذهب الشيعي، ومنكر الضروري كافر عندهم كما يؤكده شيخهم المعاصر محسن الأمين (5) ، فمعنى هذا أن متأخريهم يكفرون متقدميهم ومتقدميهم يكفرون متأخريهم. وإذا كان الممقاني يرى أن نفي السهو عن الأئمة من ضرورات المذهب الشيعي، وبعضهم ينقل الإجماع على ذلك (6) ، فإننا نجد في بعض الكتابات الموجهة لديار السنّة (7) القول بأن الاعتقاد بأن الأئمة يسهون هو مذهب جميع الشيعة (8) ، وهكذا يكفر بعضهم بعضاً، ويناقض بعضهم بعضاً، وكل يزعم أن ما يقوله هو مذهب الشيعة.
(1)«عقائد الإمامية» : ص 95.
(2)
الخنيزي: «الدعوة الإسلامية» : (1/92) .
(3)
ابن تيمية: «جامع الرسائل» : ص 273.
(4)
انظر: ص 327- 328 من هذا البحث.
(5)
«كشف الارتياب» : المقدمة الثانية، و «مهذب الأحكام» :(1/388- 393) .
(6)
محمد آصف المحسني: «صراط الحق» : (3/121) .
(7)
يعني أنها قد تحتمل التقية.
(8)
محمد جواد مغنية: «الشيعة في الميزان» : (ص 272- 273) .