الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: هل من طريق للتقريب
؟
وبعد أن تعرفنا على أسس الخلاف وأوجهه بين أهل السنّة والشيعة، ثم آراء دعاة التقريب في ذلك، وتبين لنا أنهم لم يجرؤوا على تغيير الباطل، واكتفوا بالكلام العام عن التقارب، واكتفى بعض دعاة التقريب من الشيعة بالنفي المطلق لما هو واقع موجود في كتبهم، وردد بعض دعاة التقريب من السنّة هذه الآراء. وكانت النتيجة مجرد تستر على الباطل، وذر للرماد في العيون، أو دعوة جاهلة غافلة عن الحقائق الخطيرة في ذلك، ولا شك أن إخفاء الداء، والتستر على المرض لا يعني علاجه وحسمه، بل إنما يعني استمراره واستفحاله.
كما أن هناك كثيراً من الروافض يجاهر اليوم بأشد مما هو واقع في كتبهم وأفدح، ولهذا رأينا "محاولات التقريب" لم تصل إلى علاج في هذا الشأن الخطير والأمر العسير.
وبقيت عقدة الخلاف أو "اللغز" كما يسميه بعض الروافض (1) وهو الاختلاف في مصادر التلقي، أو بتعبير آخر في أصول العقائد والأحكام، ولهذا بعدت الشُقة بين الفريقين ووصلت محاولات التقريب
(1) محمد رضا المظفر: مجلة «الرسالة» : مجلد 3، ص 1614 بعنوان (السنيون والشيعة وموقفهما اليوم) .
إلى طريق مسدود. فهل من طريق لحل هذه العقدة؟
كيف يمكن أن نحقق التقارب والتآلف، وإيصاد باب الفتن وإرجاع الأُلفة والمحبة بين الطائفتين؟
سنعرض في هذا الفصل ما وجدناه، من آراء العلماء والمفكرين في ذلك، والطرق المتصورة لحل هذا الخلاف والوصول إلى التقارب.
1-
القول (أو الطريق) الأول:
أنه لا سبيل إلى رفع الخلاف وتحقيق التقارب والروافض مصرون على شذوذهم عن جماعة المسلمين، لا نملك الوصول معهم إلى نتيجة في حوار أو مناظرة، أو مؤتمرات للمباحثة، لاختلافنا معهم في أصول العقائد والأحكام. فعلى هذا لا ينبغي مناظرتهم أو مكالمتهم أو تدارس الخلاف بيننا وبينهم، فهم على دين آخر.
يقول الإمام أبو يعلى: ولو ذهب ذاهب إلى ترك مناظرة الروافض ومكالمتهم لكان قد ذهب مذهباً ليس ببعيد؛ وذلك أن المتناظرين إنما يتناظران ويردان إلى أصل قد اتفق عليه، والأصول التي ترجع إليها الأمة فيما اختلفت فيه إنما هو الكتاب والسنّة وإجماع الأمة وحجج العقول.
وهذه الأصول الأربعة لا يمكن الرجوع إليها على قول الرافضة، وذلك أن مذهبهم أن الكتاب مغير مبدل، وأنه قد ذهب أكثره، فلا يأمن أن يرد إلى آية فتكون منسوخة بآية من القرآن الغائب عنا
الذي هو عند الإمام.
وكذلك لا يجب أن يرجع فيما اختلفنا فيه إلى السنّة لأن النقلة فسقة (1) ، الكذب غير مأمون عليهم وخبر الواحد الذي ظاهره العدالة لا يوجب العمل عندهم، فإذاً ليس في السنّة حجة (2) .
وكذلك الرد إلى الإجماع ليس فيه حجة لأن الأمة يجوز عليها أن تجتمع على خطأ وضلال، وأنها معصومة بقول الإمام. فإذن ليست الحجة إلا قول الإمام فقط..
وكذلك حجج العقول لأن الخلق كلهم قد عمهم النقص إلا المعصوم. فإذاً لا يأمن أن يرد إلى أمر من الأمور ولشبه يدخل علينا - كذا - لأن النقص والجهل قد عمنا فيردنا الإمام عن ذلك، فيجب أن نشك في كل ما نعتقده وأن لا نأمن أن نكون على خطأ (3) .
وما يقوله الشيخ أبو يعلى هو الواقع كما عرضنا شواهده فيما سبق؛ فالقرآن الكريم حتى عند دعاة التقريب من شيوخ الشيعة ـ الذين (ينكرون)«فرية التحريف» التي وردت في نصوصهم ـ هو عندهم ناقص كما قاله شيخهم وآيتهم أُغابزرك الطهراني. أو أن لديهم قرآناً آخر
(1) بل قالوا أشد من ذلك؛ قالوا بردتهم إلا بضعة منهم كما سبق ص 361.
(2)
وهم يصرحون - كما سبق - بأن الحجة ليست في السنة المنقولة عن طريق الصحابة، بل ما رواه شيوخهم - المشهورون بالكذب عند أهل السنّة - عن المعصومين الاثني عشر.
(3)
«المعتمد» : (ص 259- 260) .
كما يقوله شيخهم وآيتهم الخراساني. أو أن له تفسيراً نزل من عند الله وهو اليوم عند منتظرهم كما يقول شيخهم الخوئي، أو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخفى قسماً من القرآن وأودعه عليّاً، كما يقول شيخهم وآيتهم الملقب عندهم برئيس الإسلام والمسلمين جعفر صاحب كتابهم المعتمد عند شيعة العصر الحاضر «كشف الغطاء» كما سبق أن فصلنا ذلك وناقشناه.
فكيف يمكن الرجوع عند النزاع إلى كتاب الله، وهذه مزاعم شيوخهم المعاصرين ودعاة التقريب منهم في كتاب الله؟.
وكذلك «السنّة» فهي تختلف عندهم في مفهومها ومدلولها، وفي كتبها، ورجالها وفي أسانيدها، ونصوصها، عما عندنا، فكيف يمكن الرجوع عند النزاع إلى السنّة والحجة عندهم في أقوال المعصومين، ويردون ما نقله الصحابة رضوان الله عليهم عن المعصوم (؟، وشيخ الشيعة وداعية التقريب آل كاشف الغطا يزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كتم جزاً من الشريعة وأودعه علياً؛ فالصحابة لم يتلقوا إلا جزءاً من الشريعة، وأهل السنّة الذين اعتمدوا روايات الصحابة لم يعملوا طيلة عصورهم إلا بجزء من الشريعة، فكيف يتم الحوار بجزء من الشريعة؟.
وكيف نرد النزاع إلى «حكايات الرقاع» ، والعقل والتاريخ فضلاً عن الشرع يحكمان بكذبها.
وهم يكفرون صحابة رسول الله الذين أثنى الله عليهم ورسوله، ويكفرون أعلام الأمة وروادها، ولهذا يردون كتب السنّة عند الأمة ولا يعولون عليها في مقام الاستدلال، ويحتجون بروايات شذاذ الآفاق وأقوالهم ومن يعتقد التحريف في القرآن كالقمي، والكليني، والطبرسي، والمجلسي وغيرهم.
وهم يرفضون "إجماع" الأمة، ويعتبرونها بغير إمام حي معصوم ضالة تائهة.
فكيف - بعد هذا - نرد نزاعنا إلى الكتاب والسنّة والإجماع وهذا معتقدهم فيها؟، فهم لا يرون حجة إلا كتبهم التي يزعمون روايتها عن الاثني عشر المعصومين، وحتى القرآن العظيم هو تابع في تفسيره لما رسم في كتبهم من روايات.
لهذا يرى الشيخ الكوثري أنه لا يمكن الحديث في موضوع التقريب مع أحد من شيوخ الشيعة إلا إذا كان حائزاً للتفويض من الطائفة في الاعتراف بسقوط تلك الكتب الأربعة "صحاحهم الأربعة من مقام الاعتداد"(1) ، وذلك لما حوته من الروايات الباطلة الماسة بكتاب الله، وبالسنّة الواردة بطريق رجال الصدر الأول مما لا يتصور مصادقة أهل السنّة عليه لاستحالة تخليهم عن الكتاب والسنة (2) .
(1) الكوثري: «المقالات» : ص 158.
(2)
المصدر السابق: ص 156.
ويرى الشيخ موسى جار الله أنه لن يجدي أي كلام في التقريب وأي مؤتمرات لتحقيق التآلف ما لم يقم مجتهدو الشيعة بنزع تلك العقائد التي تطعن في القرآن والسنّة، والصحابة والأمة.. من كتبهم.
مناقشة هذا الرأي:
في نظري أن الموقف الذي يرفض مكالمتهم ومحاورتهم.. إنما هو موقف سلبي لا يتفق وقواعد الإسلام في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثم إن التزامك بعدم مناظرتهم أو مكالمتهم لا يعود بالضرر إلا عليك، لأنهم هم ماضون في ردودهم وافتراءاتهم.. فلا بد من اتخاذ موقف إيجابي..
2-
القول (أو الطريق) الثاني:
لنتفق جميعاً على أن لكلٍّ دينه ومعتقده ولنتعاون فيما بيننا كما تتعاون الدول المختلفة الأديان والعقائد.
وهذا "رأي" قال به الشيخ محمد بهجة البيطار - علامة الشام في زمنه - قال به بعد حوار مع عالم الشيعة، وداعية الوحدة بين السنّة والشيعة في العراق "محمد الخالصي" حول الصحابة رضوان الله عليهم.
ولما رأى أن إقناع الخالصي - وهو المتحمس للوحدة - حول الصحابة متعذر وأن الرجل قد لج في تعصبه وتمسك بمعتقده أعلن
هذا الرأي (1) ، كما نسب هذا الرأي إلى "شيخ الشيعة" محسن الأمين (2) .
مناقشة هذا الرأي:
هل يستجيب الروافض لهذا الرأي؟
لقد رأينا أن شيوخهم الخالصي والموسوي وغيرهما من أساطين الرفض لا يرون وحدة إلا على أساس سب الصحابة، والرجوع والتلقي عن كتب الروافض المشحونة بالإفك والبهتان (3) .
ولما قامت حركة التقريب في مصر وأعلنت أن هدفها هو إعادة الصفاء والود بين الطائفتين والتقريب بين أهالي المذهبين مع تمسك كل بما عنده، رأينا أن هذا مجرد شعار وواجهة، وأن المنهج المرسوم الذي بدأ تنفيذه هو نشر عقيدة الرفض بين أهل السنّة بوسائل وأساليب مختلفة (4) .
ثم إنه بعد دعوة التقريب هذه أخرجت مطابع الروافض عشرات الكتب التي تطعن في القرآن والسنّة والصحابة والأمة.. وعلى رأس هذه الكتب كتاب «الغدير» .
فهل هذا الطريق للتقريب سوى مجرد "ستار" لنشر الرفض، وأن يهاجمونا ونسكت، وينشروا باطلهم ونتوقف عن نشر الحق
(1)، (2) انظر:«الإسلام والصحابة الكرام بين السنّة والشيعة» محمد بهجة البيطار: ص 116.
(2)
(3)
انظر: ص 547 وما بعدها من هذا البحث.
(4)
انظر: ما سبق ص 511 وما بعدها.
الذي معنا.
لقد نشر أحد شيوخ الشيعة (1)"رأيهم" صراحة في هذا "المنهج" على صفحة مجلة المنار فقال: (ودع عنك قول بعضهم: دعوا البحث فيما يتعلق بالدين والمذهب وهلم إلى التعاون على توحيد الكلمة وجمع الأمر قبالة المستعمر، فإن ذلك لغو من القول وخطل من الرأي وكأنها مقالة من لا يرى الإسلام ديناً ولا يرى أن هناك حياة أخرى خالدة غير هذه الحياة، وإنما يرى الإسلام رابطة قومية وجامعة سياسية فهو يدعو إليها ويحض عليها)(2) ، ثم ذكر أن الخلاف بين الفريقين هو في أرسى قواعد الإسلام وأقوى دعائمه.. وأنه لا بد من حسم ذلك بالبرهان، وإلا فإن التعاون بأي شكل من الأشكال متعذر، وإن حدث فهو مبني على المجاملة وغير مأمون العاقبة، بمعنى أن الغدر والخيانة هي عاقبته كما يعترف هذا الرافضي (3) .
وعقب الشيخ رشيد رضا على رأي الشيعي هذا بأن تاريخ الشيعة مع أهل السنّة يؤيده؛ فهو تاريخ حافل بالغدر والخيانة وممالأة الأعداء ومناصرتهم ضد أهل السنّة (4) .
(1) وهو عبد الحسين نور الدين العاملي.
(2)
«المنار» : (جـ32/ص 61) .
(3)
«المنار» : (جـ32/ص61- 62) .
(4)
المصدر السابق: (32/72) .
وقد اهتم الشيخ محمد رشيد رضا برأي الرافضي "السالف الذكر" والذي لا يرى تقارباً بأي شكل من الأشكال إلا بنزول السنّة على مذهب الشيعة، وطلب من مجتهدي الشيعة أن يعلنوا رأيهم صريحاً في هذا الأمر على صفحات مجلة المنار، أو في مجلتهم العرفان، فلم يجيبوه (1) .
وكأن ذلك إقرار منهم بما فيه. ولما التقى بمجتهدهم الأكبر محمد حسين آل كاشف الغطا في مؤتمر القدس كلمه في هذا الموضوع.. فأنكر ذلك بلسانه، ولم يكتب ذلك، وطلب من رشيد أن يطلب منه الكتابة في ذلك على صفحات المنار (2) ، وفعلاً طلب ذلك رشيد وجاء جواب آل كاشف الغطا بعد ذلك مخالفاً لما قاله لرشيد في المؤتمر، فلم يعلن في ما كتبه رأيه صريحاً حاسماً في ذلك (3) . وهذا يدل على أن الروافض لا يقبلون هذا التعاون إلا إذا كان في ذلك نشر لمذهبهم.
وأيام التاريخ مليئة بمؤامراتهم وخياناتهم ومؤازرتهم للأعداء، ومن أبرز الأسباب في ذلك أن هؤلاء الروافض لا يؤمنون بشرعية حكومة إسلامية إلا حكومة المنتظر الذي غاب منذ أكثر من أحد عشر قرناً، ولهذا وجد الأعداء مدخلاً إلى قلوبهم من هذا الطريق.
(1) المصدر السابق: (32/232) .
(2)
المصدر السابق: (32/232) .
(3)
المصدر السابق: (32/235) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكثير منهم يواد الكافر من وسط قلبه أكثر من موادته للمسلمين، ولهذا لما خرج الترك الكفار من جهة المشرق وقتلوا المسلمين وسفكوا دماءهم ببلاد خراسان والعراق والشام والجزيرة وغيرها كانت الرافضة معاونة لهم على المسلمين، وكذلك الذين كانوا بالشام وحلب وغيرهما من الرافضة كانوا من أشد الناس معاونة لهم على قتال المسلمين، وكذلك النصارى الذين قاتلوا المسلمين بالشام كانت الرافضة من أعظم المعاونين لهم.. فهم دائماً يوالون الكفار من المشركين والنصارى ويعاونوهم على قتال المسلمين ومعاداتهم)(1) . ويكفي في تأكيد ذلك مؤامرة مؤيد الدين بن العلقمي (2) الرافضي (3) مع التتار لإسقاط الخلافة الإسلامية في
(1)«منهاج السنّة» : (2/104) الطبعة الأميرية.
(2)
محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن أبي طالب، الوزير مؤيد الدين أبو طالب بن العلقمي وزير المستعصم البغدادي، وصاحب الجريمة النكراء، في ممالئة هولاكو على غزو بغداد. توفي سنة 656، بعد أن أُهين على أيدي التتار فمات غمّاً وكمداً، وكانت ولادته سنة 593. انظر: ابن كثير: «البداية والنهاية» : (13/212- 213)، «الأعلام» :(6/216) .
(3)
فقد ورد في كتب السنّة والشيعة ما يؤكد أنه رافضي، قال السبكي:(وكان شيعيّاً رافضيّاً في قلبه غل على الإسلام وأهله)«طبقات الشافعية» : ص 262. وقال ابن كثير: (وكان رافضيّاً خبيثاً رديء الطوية على الإسلام وأهله) «البداية والنهاية» : (13/212) . وقال ابن تغري بردي: (وكان رافضيّاً خبيثاً)«النجوم الزاهرة» : (7/47) .
أما كتب الروافض فأثنت عليه وعلى تآمره ضد الخلافة الإسلامية:
قال المجلسي: (وكان رحمه الله صحيح الاعتقاد رفيع الهمة)«بحار الأنوار» : (25/16) طبعة إيران كمباني.
وقد ورد نفس هذا النص في «مستدرك الوسائل» . النوري الطبرسي: «مستدرك الوسائل» : (3/483)، وفي الكنى والألقاب ما يشابه ذلك. القمي:«الكنى والألقاب» : (1/356) .
بغداد (1) ، مع أن هذا الرافضي كان وزيراً للمستعصم (2) أربع عشرة
(1) انظر قصة تآمره في ابن شاكر الكتبي: «فوات الوفيات» : (2/313)، ابن كثير:«البداية والنهاية» : (13/200)، الذهبي:«العبر» : (5/225)، السبكي:«طبقات الشافعية» : (8/262، 263) وغيرها.
ومن الغريب أنه نبتت نابتة في هذا العصر من الروافض وحاول توهين القصة، وحجته أن الذين ذكروا الحادثة غير معاصرين للواقعة. وحينما جاء على من ذكر الحادثة من معاصريها مثل أبي شامة شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل ت 665هـ كان جوابه عن ذلك بأنه وإن عاصر الحادثة معاصرة زمانية لكنه من دمشق فلم تتوفر فيه المعاصرة المكانية. انظر: محمد الشيخ حسين الساعدي: «مؤيد الدين بن العلقمي وأسرار سقوط الدولة العباسية» وقد ساعدت جامعة بغداد على نشر الكتاب.
ثم بحثت ذلك في كتب التاريخ فوجدت شهادة هامة لأحد كبار المؤرخين تتوفر فيه ثلاث صفات:
1-
أن الشيعة يعتبرونه من رجالهم.
2-
أنه من بغداد.
3-
أنه متوفى سنة 674هـ.
فهو شيعي بغدادي معاصر للحادثة، ذلك هو الإمام الفقيه علي بن أنجب المعروف بابن الساعي الذي قال:(.. وفي أيامه - يعني المستعصم - استولت التتار على بغداد وقتلوا الخليفة، وبه انقضت الدولة العباسية من أرض العراق، وسببه أن وزير الخليفة مؤيد الدين بن العلقمي كان رافضياً.. إلخ)«مختصر أخبار الخلفاء» : (ص 136 - 137) . وابن الساعي ذكره محسن الأمين في أعيان الشيعة من رجال الشيعة وقال: (علي بن أنجب البغدادي المعروف بابن الساعي له أخبار الخلفاء ت 674هـ)«أعيان الشيعة» : (1/305) .
(2)
المستعصم: (أمير المؤمنين آخر خلفاء بني العباس في العراق، وهو أبو أحمد عبد الله بن المستنصر بالله أبي جعفر منصور بن الظاهر بأمر الله، كان مولده سنة 609هـ وبويع بالخلافة سنة 640هـ، وقد كان رحمه الله سنيّاً على طريقة السلف واعتقاد الجماعة ولكن كان فيه لين وعدم تيقظ، وقتل رحمه الله سنة 656هـ)، ابن كثير:«البداية والنهاية» : (13/204- 205) .
سنة، وقد حصل له من التعظيم والوجاهة ما لم يحصل لغيره من الوزراء، فلم يجد هذا التسامح والتقدير له في إزالة الحقد والغل الذي يحمله لأهل السنة.
3-
القول (أو الطريق) الثالث:
والبعض يرى أن التقريب يتم بأسلوب التفاوض والحوار حول أسس الخلاف، ونتيجة ذلك هي التي تحدد الموقف من قضية التقريب، ولكن لا بد من وضع ضوابط وأصول يرجع إليها عند الخلاف تبدأ من الاتفاق أولاً على الأصول وأولها القرآن الكريم، وذلك قبل الدخول معهم في الحوار حول المسائل التفصيلية في الخلافة ونحوها.
فهذا الشيخ عثمان الدمياطي (1) يضع أصولاً للدخول مع الروافض في حوار أو مناظرة ويعلم ذلك تلاميذه (2) .
فيذكر: أنه لا بد أولاً أن يتفق على الأصل الأول في الإسلام وهو القرآن العظيم، فيقال للرافضي: (هل تؤمن بأن ما بين دفتي المصحف كلام الله المنزل على سيدنا محمد (المتعبد بتلاوته المتحدى بأقصر سورة منه؟ فإن أنكر ذلك أو شك فيه
(1) عثمان بن محمد سطا الدمياطي البكري الشافعي نزيل مكة (أبو بكر) فقيه صوفي، من تصانيفه:«إعانة الطالبين على حال ألفاظ فتح المعين» في أربعة أجزاء، «الدرر البهية فيما يلزم المكلف من العلوم الشرعية» وغيرها، كان حياً سنة 1300هـ، «معجم المؤلفين» :(6/270) .
(2)
كما يروي ذلك تلميذه أحمد زيني دحلان - مفتي الشافعية بمكة -. انظر: أحمد زيني دحلان: «كيفية الرد على الروافض» .
فلا يحتاج إلى المناظرة معه، بل تجري عليه أحكام الكافرين. وكذا إن اعتقد أن في القرآن تغييراً أو تبدلاً لأنه مكذب لقول الله تعالى:(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(1) .
وإذا أقر واعترف بأن ما بين دفتي المصحف كلام الله تعالى المنزل على سيدنا محمد (المتعبد بتلاوته المتحدى بأقصر سورة منه، يتلو عليه أو يكتب له في ورقة بعض الآيات التي أنزلها الله تعالى ثناءً على الصحابة رضي الله عنهم:
كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(2) .
وقوله: (لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (*) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (3) .
وقوله: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(4) .
وكقوله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ
(1) الحجر: آية 9.
(2)
الأنفال: آية 64.
(3)
التوبة: الآيتان 88 - 89.
(4)
التوبة: آية 100.
الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) (1) .
وكقوله سبحانه: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين ءامنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً ((2) .
وكقوله تعالى: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى ((3) مع قوله تعالى: (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ((4) .
وقوله تعالى: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ((5) .
ثم بعد تلاوة هذه الآيات أو كتابتها في صحيفة يقول له السنِّي:
هذه الآيات من القرآن العزيز أنزلها الله تعالى مثنياً بها على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وشاهداً لهم بأنهم صادقون ومخبراً
(1) الفتح: آية 18.
(2)
الفتح: آية 29.
(3)
الحديد: آية 10.
(4)
الأنبياء: آية 101.
(5)
الحشر: آية 8.
بأن لهم الجنة. وقد أقر بأنها آيات الله فيلزمه ترك الطعن عليهم والقدح فيهم لأنك إن فعلت ذلك كنت مكذباً بما تضمنته هذه الآيات وتكذيب آيات الله كفر، فما تقول في ذلك؟ فإن قال: هذه الآيات لا تشملهم، قلنا: يدفع ذلك قوله تعالى: (وكلاً وعد الله الحسنى () .
ثم يواصل الشيخ ذكر أصول المناظرة على هذا النحو فيذكر إنه إن قال بأن الصحابة ارتدوا إلا قليلاً خمسة أو ستة ـ كما هو المشهور عن الرافضة - فهذا تكذيب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وإنكار للحقائق المتواترة، فلا يجري معه مناظرة، بل ينبغي أن لا يخاطب لأنه غير عاقل بل غير مسلم.
وإن اعترف بالآيات والأحاديث التي جاءت في الثناء عليهم فحينذاك يصار للبحث والمناظرة في مسألة استحقاق الخلافة ونحوها، ويكون المرجع عند الخلاف الكتاب والسنّة الصحيحة والإجماع (1) .
ولكن كثيراً ما يرفض الروافض الاتفاق على هذه الأصول إلا تقية، وقد حدثني سماحة الشيخ عبد الله بن حميد أن الرافضة في عهد الملك فيصل قد أرسلوا لعلماء السعودية يطلبون فيها جلسة حوار معهم فإن تبين - كما يقولون - أن الحق مع السنّة اتبعه الجميع، وإن كان مع الشيعة اتبعه الجميع وبهذا يرفع الخلاف ويكون التقارب والتآلف.
فكان من إجابة علماء السعودية أنه لا مانع لدينا من ذلك، ولكن لا بد من الاتفاق على أصل يرجع إليه عند الخلاف وهو كتاب الله
(1)«كيفية الرد على الروافض» : أحمد زيني دحلان، تلقاها عن شيخه عثمان الدمياطي: ص 100 وما بعدها. ضمن «مجموعة ثلاث رسائل علمية» وهي في المجموعة من ص 98 - 130، الطبعة الأولى 1339هـ، عيسى البابي الحلبي.
- عز وجل، وصحيح السنة وعلى رأسها صحيح البخاري. وأرسلوا بذلك إليهم وانتظروا منهم الجواب ولم يصل لهم جواب (1) .
والسبب في ذلك أن الروافض لا يمكن أن يثبتوا شذوذهم في ضوء كتاب الله والسنة الصحيحة، فجوهر مذهبهم هو الإيمان بالاثني عشر ولا ذكر لهم في كتاب الله وسنة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
مناقشة هذا الرأي:
هذا "الطريق" يشبه الطريق الأول، ذلك أن نتيجته تؤدي إلى القول الأول.
فهو يرى أنهم إن طعنوا في كتاب الله لا يناظرون لأنهم غير مسلمين، وإن كفروا صحابة رسول الله فكذلك، وهذا عين الموقف الأول، إلا أن الأول يقرر الموقف منهم ابتداء لأن عقائدهم معروفة فلا حاجة إلى التعرف إليها من خلال محاورتهم، وهذا يقرر التعرف إلى عقائدهم من خلال المناظرة والحوار.
وهذا الموقف الأخير قد يتخذ الروافض معه أسلوب التقية والخداع.
4-
القول (أو الطريق) الرابع:
يرى أصحاب هذا الاتجاه أن المسلك للتقارب هو الاحتجاج بالقرآن وما أجمع الفريقان على صحته من السنة:
يقول الأستاذ سعيد الأفغاني (2) : (الفريقان الشيعة وأهل السنّة
(1) وقد حدثني بذلك أيضاً فضيلة الشيخ صالح بن غصون.
(2)
سعيد الأفغاني: أستاذ العربية في كلية الآداب بجامعة دمشق ورئيس قسم اللغة العربية وآدابها. من مؤلفاته: «عائشة والسياسة» ، و «الإسلام والمرأة» ، في أصول النحو وغيرها.
مجمعون على الاحتجاج بالقرآن الكريم ثم يختلفون في الاحتجاج بالروايات والأحاديث؛ فبعض أهل السنة يروون أحاديث وروايات في باب الفضائل وحروب الصحابة لا يأخذ بها الشيعة ولا يرونها صحيحة، وبعض الشيعة يحتجون كذلك بروايات وأحاديث يرى أهل السنة أنها مختلفة، وهناك أحاديث يجمع عليها الفريقان.
فإذا اتفقنا على الاحتجاج - في هذا الباب - بالقرآن الكريم وما أجمع الفريقان على صحته من الحديث وأغفلنا ما وراء ذلك ـ إذا كان لا يدخل في أصول العقائد ولا ثمرة عملية له ـ زال كل خلاف بين الطرفين وقضينا على هذه الفرقة غير المجدية التي طال أمدها) (1) .
وهذا الرأي قال به أيضاً مرجع الشيعة محسن الأمين ونص قوله هو: (
…
ونأخذ بما اتفق عليه الكل وتوافقت عليه الأخبار من الطرفين وأيده الكتاب العزيز والسنة الثابتة عند الجميع) (2) .
كما أن دار التقريب في القاهرة تبنت هذا الرأي وقالت: (رأت دار التقريب بين المذاهب الإسلامية أن تقوم بمشروع علمي إسلامي جليل الشأن، ذلك هو جمع الأحاديث التي اتفق عليها الفريقان في مختلف أبواب الإيمان والعمل والأخبار والأخلاق وغير ذلك من أبواب السنة المطهرة.
(1)«عائشة والسياسة» : ص 339.
(2)
المصدر السابق: ص 338.
تجمع الأحاديث المتفق عليها في كل باب ويبين مع كل حديث مصدره من كتب السنة ومن كتب الشيعة ودرجته عند كل من الفريقين.
ويمكن إصدار ما يتم من ذلك على سبيل التدرج جزء بعد جزء حتى يكمل المشروع بإذن الله، ويومئذ يجد فيه المسلمون مرجعاً متفقاً عليه صالحاً للاحتجاج به، والاحتكام إليه) (1) .
ولكن هذا المشروع الذي أعلنت عنه الدار لم يولد.
مناقشة هذا الرأي:
1-
هو مبني على سلامة موقف الروافض من كتاب الله (، وهذا خلاف الواقع كما أسلفنا.
2-
وهو يفترض أن مفهوم السنّة بين الفريقين واحد وإنما الخلاف حول بعض الأحاديث فقط، وهذا غير صحيح كما بيّنا.
3-
وهو مبني على أنه لا خلاف بين أهل السنّة والشيعة في أمور تمس العقيدة والأصول، وهذا - ونقولها بكل مرارة - لا يتفق وحقيقة الأمر.
4-
وهو ينطوي على ترك الأخذ بمجموعة من الأحاديث من الجانبين، ولا أحسب أن هذا سيكون محل تسليم من الجميع.
(1)«رسالة الإسلام» : (جـ13/ص 219- 220) . وانظر: مجلة «العرفان» الشيعية: (جـ1/ص 128) ربيع الأول 1386هـ.
5-
ثم هو غير عملي؛ فالروافض أجمعوا على صحة أساطيرهم التي تنال من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وترد مروياتهم، وأهل السنّة لا يمكن أن يدعوا ما جاء في كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم من الثناء عليهم.
وقل مثل ذلك في الأصول الأخرى. فعلى أيٍّ يمكن الاتفاق؟! أما هدف الروافض من تبني هذا الرأي فهو الأخذ بالأحاديث الضعيفة أو الموضوعة والأحاديث المؤولة على غير وجهها الصحيح من طريق السنّة لخدمة شذوذهم. كما هو واضح من مسلكهم في كتبهم التي يؤلفونها للدفاع عن مذهبهم أو الدعاية له.
5-
القول (أو الطريق) الخامس:
وهذا القول يرى أيضاً تصفية الخلاف بأسلوب التفاوض والتفاهم حول الأصول المختلف فيها، وأن يكون الحكم بين الطائفتين كتاب الله (، ومع الرجوع في تفسيره إلى لغة العرب وترك الروايات المتنازع حولها. ذلك أن الشيعة يفسرون القرآن على ضوء رواياتهم، وأهل السنّة يفسرون القرآن في ضوء رواياتهم. ومن هنا ينشأ الاختلاف والنزاع. فليكن القرآن العظيم هو الحكم الفصل عن طريق فهمه من خلال اللغة العربية، فالله سبحانه أنزل القرآن بلسان عربي مبين وقد اتفق الشيعة وأهل السنّة على حدود العربية واتفقوا على ما وضع لمفرداتها من المعاني. ومعنى هذا أن اللغة وحدها هي التي تصلح أن تكون مرجع الحكومة بين أهل السنّة والشيعة في أصول الخلاف، ونتيجة هذه الحكومة أن من يحكم له القرآن فرواياته هي المعتمدة.
وليكن الحوار في "مسألة الإمامة" التي انفصلت الشيعة بها عن المسلمين، وكفرت الصحابة، وردت رواياتهم بسببها على زعمهم أنهم رفضوا «الإمامة المنصوصة» .
وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية في مناقشته لابن المطهر الحلي إلى هذا المنهج فقال: (فإن تركوا الرواية رأساً أمكن أن نترك الرواية (1)، ثم طبق هذا المنهج - في الاحتجاج - وقال مناقشاً الروافض في قولهم "إن الإمامة ركن من الأركان الإيمان": وهب أنا لا نحتج بالحديث فقد قال الله تعالى: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ((2) ، فشهد لهؤلاء بالإيمان من غير ذكر للإمامة، وقال تعالى:(إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ((3) فجعلهم صادقين في الإيمان من غير ذكر للإمامة، وقال تعالى: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من ءامن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم
(1) ابن تيمية: «منهاج السنّة» : (1/32) الطبعة الأميرية.
(2)
الأنفال: الآيات 2، 3، 4.
(3)
الحجرات: آية 15.
المتقون ((1) ولم يذكر الإمامة.
وقال تعالى: (آلم. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين. الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون. أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ((2) فجعلهم مهتدين مفلحين ولم يذكر الإمامة) .
وقال: (وأيضاً فنحن نعلم بالاضطرار من دين محمد بن عبد الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن الناس كانوا إذا أسلموا لم يجعل إيمانهم موقوفاً على معرفة الإمامة ولم يذكر لهم شيء من ذلك، وما كان أحد أركان الإيمان لا بد أن يبينه الرسول لأهل الإيمان ليحصل لهم به الإيمان، فإذا علم بالاضطرار أن هذا ما لم يكن الرسول يشترطه في الإيمان علم أن اشتراطه في الإيمان من أقوال أهل البهتان (3) .
مناقشة هذا الرأي:
ولا شك أن المنهج الذي أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية هو
(1) البقرة: آية 177.
(2)
البقرة: الآيات 1- 5.
(3)
«منهاج السنّة» : (1/33) الطبعة الأميرية.