الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الطعن في السنّة السنية، والخلفاء الراشدين الذين فتحوا الأمصار ونشروا الإسلام في الأقطار.. وتم بهم وعد الله ((ليظهره على الدين كله (، والطعن في حفاظ السنّة وأئمتها وفي الأمة العربية بجملتها، ويذكر أن الذي بدأ هذا الشقاق وتولى كبره هو شيخهم "محسن الأمين العاملي" الذي كان يتظاهر في أول الأمر بالاعتدال تقية وخداعاً، ثم كشف عن صفحته بما كتبه عن "الوهابية" في كتابه البذيء الجاهلي "كشف الارتياب"، وقام على أثره من علماء شيعة العراق من ألف في الطعن في الصحابة من كبار المهاجرين والأنصار، وفي أئمة حفاظ السنّة كالبخاري ومسلم وكذا الإمام أحمد وغيرهم من أئمة العلم والدين، لا لشيء إلا لعدم موافقتهم لجهلة الروافض على ما يقترفونه من الغلو في مناقب آل البيت.. (1) .
ولهذا لم يجد رشيد رضا بدّاً من الرد على مفترياتهم وقال بأنه لم يهاجم الشيعة، وإنما رد بعض عدوانهم، لأن هذا الطعن الموجه للصحابة وأئمة السنّة وحفاظها لا يفيد منه إلا العدو (2) .
(ج) مصطفى السباعي
(3) :
هو من دعاة التقارب والمهتمين بمسألة التقريب، وقد بذل عدة مساعٍ مع بعض علماء الشيعة لتحقيق هذا الأمر، وسعى لعقد مؤتمر إسلامي لدراسة السبل الكفيلة لإرساء دعائم الألفة والمودة والتقارب
(1) مجلة «المنار» : (31/291- 292) .
(2)
المصدر السابق: (31/292) .
(3)
هو الشيخ الدكتور مصطفى حسني السباعي من كبار رجالات العلم والدعوة في العالم الإسلامي عمل أستاذاً في كلية الحقوق في جامعة دمشق وكانت مساعيه وجهوده وراء إنشاء كلية الشريعة في دمشق وكان أول عميد لها، واشترك =
بين الفريقين. وبدأ تطبيق بعض ما يراه من وسائل التقريب بنفسه؛ فأخذ يعرض فقه الشيعة في مؤلفاته ودروسه في كلية الشريعة بجامعة دمشق.
وكان يرى من أكبر العوامل في التقريب أن يزور علماء الفريقين بعضهم بعضاً، وأن تصدر الكتب والمؤلفات التي تدعو إلى التقارب (1) ، كما يرى عدم إصدار الكتب التي تثير ثائرة أحد الطرفين (2) .
وقام مصطفى السباعي بزيارة أحد مراجع الشيعة الكبار - ومن يعتبر عندهم من أكبر دعاة الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب والدعوة إلى توحيد الصف وجمع الكلمة (3) - وهو شيخهم عبد الحسين شرف الدين الموسوي، فألفاه متحمساً لهذه الفكرة ومؤمناً بها، واتفق معه على عقد مؤتمر إسلامي بين علماء السنّة والشيعة لهذا الغرض، كما قام السباعي بزيارة وجوه الشيعة من
= في المقاومة المسلحة ضد القوات الاستعمارية الفرنسية وكان له نشاط كبير في الدعوة إلى الله وقام بإنشاء الحركة الإسلامية في سوريا وقيادتها، كما شارك في الجهاد ضد اليهود والدفاع عن بيت المقدس. وقد توفي رحمه الله عام 1384/1964م وكانت ولادته عام 1915م وترك آثاراً علمية عديدة مثل:«السنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي» ، «المرأة بين الفقه والقانون» ، «السيرة النبوية» وغيرها. انظر: مجلة «حضارة الإسلام» : عدد خاص عن السباعي، السنة الخامسة 1384هـ عدد: 4، 5، 6، وانظر: فتحي يكن: «الموسوعة الحركية» : (1/141)، محمد المجذوب:«علماء ومفكرون عرفتهم» : (ص 357- 389) .
(1)
مصطفى السباعي: «السنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي» : (ص 8- 9) .
(2)
المصدر السابق: ص 11.
(3)
أغابزرك: «طبقات أعلام الشيعة» : ص 1082.
سياسيين وتجار وأدباء للغرض نفسه. وخرج من هذه الاتصالات فرحاً جذلاً لحصوله على تلك النتائج (1) .
وما كان يخطر ببال السباعي رحمه الله أو يدور بخلده ما تنطوي عليه النفوس القوم من أهداف، وما يرمون إليه من وراء دعوة التقريب من خطط، حتى فوجئ السباعي - كما يقول - بعد فترة بأن هذا الموسوي المتحمس للتقريب قام بإصدار كتاب "في أبي هريرة" مليء بالسباب والشتائم، بل انتهى فيه إلى القول (بأن أبا هريرة (كان منافقاً كافراً وأن الرسول قد أخبر عنه بأنه من أهل النار) (2) . ثم يقول السباعي:(لقد عجبت من موقف عبد الحسين في كلامه وفي كتابه معاً، ذلك الموقف الذي لا يدل على رغبة صادقة في التقارب ونسيان الماضي)(3) .
ويذكر السباعي أن غاية ما قدم شيوخ الشيعة تجاه فكرة التقريب هي جملة من المجاملة في الندوات والمجالس مع استمرار كثير منهم في سب الصحابة وإساءة الظن بهم، واعتقاد كل ما يروى في كتب أسلافهم من تلك الروايات والأخبار (4) . ويذكر أنهم وهم ينادون بالتقريب لا يوجد لروح التقريب أثر لدى علماء الشيعة في العراق وإيران، فلا يزال القوم مصرين على ما في كتبهم من ذلك الطعن الجارح والتصوير المكذوب لما كان بين الصحابة من خلاف، كأن المقصود من دعوة التقريب هي تقريب أهل السنّة إلى مذهب الشيعة (5) .
(1) مصطفى السباعي: مرجع سابق: ص 9.
(2)
السباعي: مرجع سابق: هامش ص 9.
(3)
المصدر السابق: ص 10.
(4)
المصدر السابق: ص 9- 10.
(5)
المصدر السابق: ص 9- 10.
ويذكر السباعي: أن كل بحث علمي في تاريخ السنّة أو المذاهب الإسلامية لا يتفق مع وجهة نظر الشيعة يقيم بعض علمائهم النكير على من يبحث في ذلك، ويتسترون وراء التقريب ويتهمون صاحب هذا البحث بأنه متعصب معرقل لجهود المصلحين في التقريب. ولكن كتاباً ككتاب "عبد الحسين شرف الدين" في الطعن بأكبر صحابي موثوق في روايته للأحاديث في نظر أهل السنّة ـ لا يراه أولئك العائبون أو الغاضبون عملاً معرقلاً لجهود الساعين إلى التقريب. ويقول: ولست أحصر المثال بكتاب «أبي هريرة» المذكور، فهنالك كتب تطبع في العراق وفي إيران وفيها من التشنيع على جمهور الصحابة ما لا يحتمل سماعه إنسان ذو وجدان وضمير المواد المستنفدة للأوزونا يؤجج نيران التفرقة من جديد (1) . هذه تجربة الشيخ السباعي رحمه الله ومحاولته أفلست أمام تعصب شيوخ الشيعة وإصرارهم في عدوانهم على خير جيل وجد في خير القرون.
وأصبح التقريب في مفهوم الشيعة: أن يتاح لهم المجال لنشر عقائدهم في ديار السنّة، وأن يستمروا في نيلهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يسكت أهل السنّة عن بيان الحق، وإن سمع الروافض صوت الحق يعلو هاجوا وماجوا قائلين إن الوحدة في خطر!!!
(1) المصدر السابق: ص 10.