الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي مجلة المجمع العلمي العربي ورد أن موسى جار الله إمام في اللغة العربية له معرفة واسعة بعلوم اللغة وأصولها وصرفها ونحوها وبيانها وقريضها.. فلا تكاد تذكر أمامه مادة من مواد اللغة إلا أجابك على الفور عما إذا كانت قد وردت في القرآن أم لا، وكم مرة وردت وفي أية سورة، لأنه مستظهره أتم الاستظهار (1) .
بالإضافة لمعرفته باللغات: الفارسية، والتركية، والتترية، والروسية، ومن آثاره بالعربية:«الوشيعة في نقد عقائد الشيعة» ، «تاريخ القرآن والمصاحف» ، «القواعد الفقهية» ، و «نظام التقويم في الإسلام» . وقد وافاه الأجل في مصر عام 1369هـ (2) .
محاولة الشيخ موسى جار الله للتقريب:
يرى الشيخ موسى جار الله أن محاولته (هي أول تدبير في تأليف قلوب الأمة: الشيعة، وأهل السنّة والجماعة)(3) .
ولا أعتقد أن الشيخ موسى كان يجهل أن هناك محاولات بذلت في هذا السبيل من قلبه، بل إنه قبل هذه المحاولة كانت له جهود في سبيل التقريب وألف رسالة دعا فيها العالم الإسلامي إلى اعتبار مذهب الشيعة مذهباً خامساً مع المذاهب الأربعة - كما سبق - فهو إذن لا يعني أنها أول تدبير.. بإطلاق، ولكنها كانت أول تدبير لأنها مبنية على دراسة واعية، أما المحاولات الأخرى فقد كانت
= موسى جار الله بعنوان (آخر شيخ للإسلام في روسيا يقول
…
) .
(1)
المعلوف: «مجلة المجمع العلمي العربي» : (4/266) .
(2)
انظر: «الأعلام» : (8/269- 270)، «معجم المؤلفين» :(13/136- 137) .
(3)
عبارة كتبها موسى جار الله على ظهر «الوشيعة» .
خطوات متعجلة، وجهوداً مرتجلة - في الغالب - فقدت الركن الأول في التقريب؛ وهو الدراسة الواعية لكتب القوم، ومدى إمكانية التقريب على ضوئها.
وقد بدأ الشيخ بالدراسة لكتب الشيعة الأساسية، والحياة "المتأملة" بينهم، وقد تبين للشيخ في النهاية أن كتب الشيعة قد أجمعت على أمور لا تتحملها الأمة، واتفقت على أشياء كثيرة لا يرتضيها الأئمة، ولا تقتضيها مصلحة الإسلام وتناقض أكثر مصالح الأمة، ثم هي جازفت في مسائل منكرة مستبعدة ما كان ينبغي وجودها في كتب الشيعة ولا يظن بالأئمة اعتقادها (1) ، ولا يتحملها العقل والأدب. ودعوى الائتلاف وليست إلا أهوية تنفخ في ضرام العداء، وكلمة التوحيد توجب اليوم على مجتهدي الشيعة نزع تلك العقائد من الكتب لتجتث جذورها من القلوب.. وإلا فإن الكلمات هراء وأثر المؤتمرات عداء (2) .
ويرى الشيخ أن (نقد عقائد الشيعة هو أول مرحلة من تأليف قلوب الأمة لا تأليف بدونها)(3) .
وقد امتلأ قلب الشيخ حسرة وألماً مما رآه من منكرات في كتب الشيعة وواقعها (4) .
وقد كان أول مساعيه في التقريب لقاؤه مع شيخ الشيعة محسن
(1) انظر: «الوشيعة» : ص 20.
(2)
انظر: «الوشيعة» : ص أ.
(3)
انظر: «الوشيعة» : ص 17.
(4)
راجع: «الوشيعة» : ص 231.
الأمين في طهران وجرى بينهما بعض الحديث، ثم قدم له الشيخ موسى ورقة صغيرة كتب فيها ما يلي:
1-
أرى المساجد في بلاد الشيعة متروكة مهملة وصلاة الجماعة فيها غير قائمة، والأوقات غير مرعية، والجمعة متروكة تماماً، وأرى المشاهد والقبور عندكم معبودة.. ما أسباب كل هذه الأمور؟.
2-
لم أر فيكم لا بين الأولاد ولا بين الطلبة ولا بين العلماء من يحفظ القرآن ولا من يقيم تلاوته، ولا من يجيد قراءته، أرى القرآن عندكم مهجوراً، ما سبب سقوط البلاد إلى هذا الدرك الأسفل من الهجر والإهمال؟ أليس عليكم أن تهتموا في إقامة القرآن الكريم في مكاتبكم ومدارسكم ومساجدكم؟
3-
أرى ابتذال النساء وحرمات الإسلام في شوارع مدنكم بلغ حداً لا يمكن أن يراه الإنسان في غير بلادكم.
قال الشيخ موسى جار الله: (كتبت في الورقة هذه المسائل.. في 26/8/1934 بطهران وسلمتها للسيد المحسن الأمين العاملي. ثم لم أر حضرة السيد. وسمعت خطيباً في حفلة أتى بكلمات دلت على أن تلك الورقة تداولتها الأيدي (1) .
ثم قام الشيخ بإرسال رسالة إلى علماء النجف بتاريخ 21/11/1353هـ، ثم أرسل الرسالة نفسها إلى علماء الكاظمية بتاريخ 28/11/1353هـ، وقد كتب الشيخ على وجه الرسالة "الغلاف":
(1)«الوشيعة» : ص ط - ي.
أُقدم هذه المسائل لأساتذة النجف الأشرف بيد الاحترام، بأمل الاستفادة، بقلب سليم صادق، كله رغبة في تأليف قلوب عالمي الإسلام
(1)
الشيعة الإمامية الطائفة المحقة - يعني على زعمهم -
(2)
عامة أهل السنّة والجماعة، راجياً إجابة السادة الأساتذة جمعاً أو فرادى: كل ببيانه البليغ، بتوقيع يده، مؤكداً بخاتمه ومهره.
وسيكون إن شاء الله جل جلاله لإفادات الأساتذة شأن في عالم الإسلام يذكر. (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر)(1)(2) .
ثم أورد في الرسالة ما في كتب الشيعة من أمور منكرة مشيراً إلى أرقام الصفحات في كل ما يذكره. فذكر عدة قضايا خطيرة في كتب الشيعة تحول بين الأمة والائتلاف مثل:
1-
تكفير الصحابة.
2-
اللعنات على العصر الأول.
3-
تحريف القرآن الكريم.
4-
حكومات الدول الإسلامية وقضاتها وكل علمائها طواغيت في كتب الشيعة.
5-
كل الفرق الإسلامية كافرة ملعونة خالدة في النار إلا الشيعة.
6-
الجهاد في كتب الشيعة مع غير الإمام المفترض طاعته حرام مثل حرمة الميتة وحرمة الخنزير، ولا شهيد إلا الشيعة، والشيعي شهيد ولو مات على فراشه، والذين يقاتلون في سبيل الله من غير الشيعة
(1) الأنفال: آية 72.
(2)
«الوشيعة» : ص 18.
فالويل يتعجلون.
ثم قال الشيخ - بعد ما نقل شواهد هذه المسائل من كتب الشيعة المعتمدة مخاطباً شيوخ الشيعة -: هذه ست من المسائل، عقيدة الشيعة فيها يقين. فهل يبقى في توحيد كلمة المسلمين في عالم الإسلام من أمل وهذه عقيدة الشيعة؟
وهل يبقى بعد هذه المسائل، بعد هذه العقيدة، لكلمة التوحيد في قلوب أهليها من أثر؟ وهل يمكن أن يكون للأمم الإسلامية، ولهم هذه العقيدة في سبيل غلبة الإسلام في مستقبل الأيام من سعي؟
ثم أردف ذلك بمسائل منكرة أخرى مثل:
7-
رد الشيعة لأحاديث الأمة ودعواهم أن كل ما خالف الأمة فيه الرشاد (ويرى أن هذا المبدأ هدم لدين الشيعة قبل أن يهدم دين الإسلام) .
8-
وما في كتب الشيعة من أبواب في آيات وسور نزلت في الأئمة والشيعة وفي آيات وسور نزلت في كفر أبي بكر وعمر وكفر من اتبعهما.
9-
وغلو الشيعة في التقية.
10-
ثم ذكر أباطيل أخرى شنيعة في كتب الشيعة مثل:
1-
أن علياً أمير المؤمنين طلق عائشة فخرجت من كونها أم المؤمنين.
2-
أن القائم إذا يقوم يقيم الحد على عائشة انتقاماً لأمه ابنة النبي السيدة فاطمة عليها وعلى أبيها وأولاده الصلاة والسلام.
3-
أن القائم إذا ظهر يهدم مساجد الإسلام..
11-
ثم ذكر أن دين الشيعة روحه العداء، وأن ما في كتب الشيعة من حكايات العداء بين الصديق والفاروق وبين علي كلها موضوعة.
12-
وذكر أن كتب الشيعة تقول على لسان بعض الأئمة: إن الأمة، وإن كانت لها أمانة وصدق ووفاء، لا تكون مؤمنة لإنكارها الولاية.
وأن الشيعة وإن لم يكن عندها شيء من الدين لا عتب لها، لأنها تدين بولاية إمام عادل.
وذكر مسائل أخرى (1) ثم قال:
(فتفضلوا أيها الأساتذة السادة بالإفادة حتى يتحد الإسلام وتجتمع كلمة المسلمين حول كتاب الله المبين) .
فماذا كان جواب شيوخ الشيعة؟
يقول الشيخ موسى جار الله: (راجعت مجتهدي الشيعة بهذه المسائل التي نقلتها من أمهات كتب الشيعة عرضاً على سبيل الاستيضاح عملاً بأمر الله في كتابه: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ((2) ثم انتظرت سنة وزيادة ولم أسمع جواباً من أحد، إلا من كبير مجتهدي الشيعة بالبصرة، فقد قام بوظيفته وتفضل علي بكل أجوبته في كتاب تزيد صفحاته على تسعين بكلمات في الطعن
في
(1) انظر: «المراجعة» بكمالها في «الوشيعة» : (ص 18 - 38) .
(2)
النحل: آية 43، الأنبياء: آية 7.
العصر الأول أشد وأجرح من كلمات كتب الشيعة) .
ثم كتب الشيخ موسى كتابه «الوشيعة في نقد عقائد الشيعة» بعد أن لم ير استجابة من شيوخ الشيعة، ويقول إنني أدافع بذلك عن شرف الأمة وحرمة الدين، وأقضي به حقوق العصر الأول علي وعلى كل الأمة (1) .
ولما طبع كتاب «الوشيعة» ، كثرت الردود عليه (2) وكلها لا تخرج عما قال موسى جار الله عن جواب مجتهد البصرة إلا تقية، كما يلاحظ القارئ لباب «آراء دعاة التقريب» .
وإذا كان الشيخ موسى جار الله يرى في نشره كتاب «الوشيعة» وفي نصحه للشيوخ الشيعة أن ذلك أول تدبير في التأليف والتقريب، فإن شيوخ الشيعة ترى أن ما كشفه الشيخ موسى يجب أن يكون دفيناً ويستفزهم مثل هذا الكشف غاية الاستفزاز، حتى قال آيتهم محسن الأمين إنه (أول تدبير وآخره في تنفير القلوب وأنه يوقد نار العداوة ويجرح عواطف أكثر من مائة وثلاثين مليوناً من الشيعة بغير حق)(3) .
والسبب في انزعاج شيوخ الشيعة من أي كشف لما في كتبهم من أباطيل: أن في ذلك فضحاً لأغراضهم ومآربهم، وكشفاً
(1)«الوشيعة» : ص 39.
(2)
فمن ذلك: محسن الأمين: «الشيعة بين الحقائق والأوهام» ، عبد الحسين شرف الدين الموسوي:«أجوبة مسائل جار الله» ، عبد الحسين الرشتي:«كشف الاشتباه» ، وغيرها.
(3)
«الشيعة بين الحقائق والأوهام» : (ص 6 - 7) .