الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: السُّؤَالِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالاِسْتِعَاذَةِ بِهَا
(باب: السؤالِ بأسماء الله، والاستعاذةِ بها): قيل: مقصودُ الترجمة: التنبيهُ على أن الاسم هو المسمَّى، ولذلك صحَّت الاستعاذةُ به، والاستعانة (1)، يظهرُ ذلك في قوله:"بِاسْمِكَ رَبَّي وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ"(2)، فأضافَ (3) الوضعَ إلى الاسمِ (4)، والرفعَ إلى الذات، فدلَّ على أن الاسمَ هو الذات، وقد استعان وضعاً ورفعاً لا باللفظ (5).
قلت: المشهورُ فيما بينَ الأكثرين: أن الخلاف في أن (6) الاسمَ هو نفسُ المسمى أو غيرُه إنما هو في اسم؛ لأن تمسكات الفريقين تُشعر بذلك؛ لأن القائلين بأن الاسم عينُ المسمَّى تمسكوا بمثل قوله (7) تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ} [البقرة: 31]، وقوله تعالى:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1]؛ أي: ذاته، وقوله تعالى:{مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً} [يوسف: 40]، إلى غير ذلك، والقائلون بأنه غيرُه تمسَّكوا بمثل قوله تعالى:{فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110]، مع القطع بوحدة الذات، وأن لفظ الاسم مسمًّى بالاسم دون الفعل والحرف، فها هنا الاسمُ والمسمَّى واحد.
(1)"والاستعانة": ليست في "ج".
(2)
رواه البخاري (6320)، ومسلم (2714) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
في "ج": "فأصاب".
(4)
في "ج": "الوصف الاسم".
(5)
انظر: "التنقيح"(3/ 1265).
(6)
"أن" ليست في "ج".
(7)
في "ج": "تمسكوا بقوله".
قال بعض المحققين: إلا أن ما ذكروه من التفصيل، وهو أن من الاسم ما هو نفسُ المسمَّى؛ كقولك (1): الله، فإنه يدلُّ على الذات، ومنه ما هو غيرُه؛ كالخالق، والرازق، ونحو ذلك مما يدلُّ على فعل، ومنه لا يقال: إنه هو، ولا غيره؛ كالعالم، والقادر، وكلُّ ما يدل على الصفات القديمة يُشعر بأن الكلام ليس في (2) اسم، بل هو في مدلولاته؛ مثل: الإنسان، والفرس، والفيل، وكذا قولهم: إن أسماء الله متعددة، فكيف تكون نفسَ الذات؟
فإن قيل: فقد ظهر أن الخلاف في الأسماء التي من جملتها لفظُ الاسم، فظاهر أنها أصوات وحروف، وهي من الأعراض الزائلة، فكيف يُتصور كونُها نفسَ مدلولاتها التي هي الأعيانُ والمعاني؟ وإن أريد بالاسم المدلولُ، فلا خفاء في أنه نفسُ المسمَّى من غير أن يُتصور فيه خلاف، بل فائدة؛ لأنه بمنزلة قولك: ذاتُ الشيء.
قلنا: الاسم الواقع في الكلام قد يراد به نفسُ لفظه؛ كما يقال: زيدٌ مُعْرَبٌ، وضَرَبَ فعلٌ ماضٍ، ومِنْ حرفُ جَرٍّ، وقد يراد معناه؛ كقولنا: زيدٌ كاتبٌ، وحينئذ، فقد (3) يراد نفسُ ماهية المسمى؛ مثل: الإنسانُ نوعٌ، والحيوانُ جنسٌ، وقد يُراد فردٌ منه؛ مثل: جاءني إنسانٌ، ورأيت حيواناً، وقد يراد جزؤُها؛ كالناطق، أو عارضٌ لها؛ كالضاحك، فلا يبعُد أن يحصل اختلافٌ واشتباهٌ في أن اسم الشيء نفسُ مسماه، أو غيرُه، وما أورد في بعض المواضع من الكلام في لفظ الاسم لا ينافي ذلك؛ لأنه أيضاً اسمٌ
(1) في "ج": "كقوله".
(2)
"ليس في" ليست في "ج".
(3)
في "ج": "وقد".
من الأسماء، والمتمسكات - أيضاً - تدلُّ على هذا. انتهى كلامه (1).
* * *
3018 -
(7393) - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ فِرَاشَهُ، فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلْيْقُلْ: بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نفسِي، فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا، فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَك الصَّالِحِينَ".
تَابَعَهُ يَحْيَى، وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَزَادَ زُهَيْرٌ، وأَبُو ضَمْرَةَ، وإسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
تابَعَهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ، والدَّرَاوَرْدِيُّ، وأُسامَةُ بنُ حَفْصٍ.
(بصَنِفَةِ ثوبه): بباء جر بعدها صاد مهملة مفتوحة فنون مكسورة ففاء فهاء تأنيث: طرفُ الثوب، وقيل: حاشيتُه.
وقال الجوهري: طرفُه، وهو جانبُه الذي لا هُدْبَ له (2).
* * *
(1) وانظر: "شرح المقاصد" للتفتازاني (2/ 170).
(2)
انظر: "الصحاح"(4/ 1388)، (مادة: صنف).