الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: التَّوَاطُؤِ عَلَى الرُّؤْيَا
(باب: التواطؤ على الرؤيا): ساقَ فيه حديث: "أَنَّ أُناساً أُرُوا ليلةَ القدرِ في السبعِ الأَواخِرِ، وأَنَّ أُناساً أُروا أَنها في العشرِ الأواخر".
واعترضه (1) الإسماعيلي: بأن الحديث الذي ذكره خلافُ التواطؤ، وإنما حديثه (2):"أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأتْ عَلَى العَشْرِ الأَوَاخِرِ"، فهذا الذي كان جديراً بأن يذكره في هذا الباب (3).
قلت: قولُه: "إن الحديث الذي ذكره خلافُ التواطؤ" ممنوعٌ، وذلك أن من رأى أنها في العشر الأواخر، [فقد واطأت رؤياه رؤيا من رأى أنَّها في السَّبع الأواخر](4)، بالنسبة إلى السبع، وإن كان الأولُ امتازَ بالثلث (5) الأول من العشر، وكذلك أَمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالتماسِها في محل التواطؤ، وقال:"الْتَمِسُوهَا في السَّبع الأَواخِرِ (6) "(7)، فتأمله.
* * *
باب: مَنْ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي المَنَامِ
2920 -
(6993) - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ
(1) في "ج": "واعترض".
(2)
"حديثه" ليست في "ج".
(3)
انظر: "التنقيح"(3/ 1232)، و"التوضيح"(32/ 152).
(4)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(5)
في "ج": "لثلث".
(6)
في "م": "الأُخَر".
(7)
رواه البخاري (6991) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ رَآنِي في الْمَنَامِ، فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ، وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي".
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِذَا رَآهُ في صُورَتِهِ.
(من رآني في المنام، فسيراني في اليقظة): يحتمل أن يريد: أَهْلَ عصره، ممن لم يهاجرْ إليه، ويكون الباري - جلَّت قدرتُه - جعل رؤيتَه في المنام عَلَماً على رؤياه في اليقظة.
[وقال ابن بطال: يعني: تصديقَ تلك الرؤيا في اليقظة](1)، وصحَّتَها، وخروجَها على الحقِّ؛ لأنه عليه السلام سيراه يومَ القيامة في اليقظة جميعُ أُمته، من رآه في النوم، ومن لم يره منهم (2).
وقيل: معناه: يراه في الآخرة رؤيةً خاصةً (3) في القرب منه، وحصولِ شفاعته، ونحوِ ذلك، حكاه النووي (4).
قلت: وعلى هذا، ففيه بشارةٌ لرائيه (5) في المنام: بأنه يموت على الإسلام، وكفى بها بشارةً، وذلك؛ لأنه لا (6) يراه في القيامة تلك الرؤية الخاصةَ باعتبار القربِ منه، وحصولِ شفاعته فيه إلا مَنْ تُحُقِّقَتْ منه الموافاة على الإسلام، حققَ الله ذلكَ لنا بمنِّه وكرمه.
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(2)
انظر: "شرح ابن بطال"(9/ 527).
(3)
في "ج": "صالحة" خاصة.
(4)
انظر: "شرح مسلم"(15/ 26). وانظر: "التوضيح"(32/ 165).
(5)
في "ج": "لرؤيته".
(6)
"لا" ليست في "ج".
2921 -
(6994) - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ، حَدَّثَنَا ثَابِثٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ، فَقَدْ رَآنِي؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يتخَيَّلُ بِي، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ".
(من رآني في المنام، فقد رآني): أي: فرؤياه حقٌّ، لا أَضْغاثُ أَحلام.
قال المازري: وقد يراه الرائي على غير صفته المنقولةِ إلينا، كما لو رآه الشخص أبيضَ اللحيةِ، أو على خلافِ لونه، أو يراه رائيان (1) في زمنٍ واحد: أحدُهما بالمشرق، والآخرُ بالمغرب، ويراه كلُّ واحد منهما معه في مكانه.
وقال آخرون: الحديثُ محمول على ظاهره، والمراد: أن من رآه، فقد أَدْرَكَه، ولا (2) مانعَ يمنع من ذلك، ولا يُحيله العقلُ حتى يُضطَرَّ إلى صرفِ الكلام عن ظاهره، وأما الاعتلال بأنه قد يُرى (3) على غير [صورته المعروفةِ في مكانين مختلفين، فإن ذلك غلطٌ في صفاته، وتخيُّلٌ لها](4) على غير ما هي عليه، وقد يَظُنُّ بعضَ الخيالات مرئياتٍ، لكونِ (5) ما يتخيل مرتبطاً بما يرى في العادة، فتكون ذاته مَرْئِيَّةً، وصفاتُه مخيَّلَةً غيرَ مَرْئيةٍ، والإدراكُ لا يُشترط فيه تحديقُ البصر، ولا قربُ المسافة، ولا كونُ المرئيِّ
(1) في "ج": "رؤيتان".
(2)
في "ج": "لا".
(3)
في "ج": "يراه".
(4)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(5)
في "ج": "لكن".
مدفوناً في الأرض، ولا ظاهراً عليها، وإنما يُشترط كونُه موجوداً، والأخبارُ دالةٌ على بقائِه، فيكون اختلافُ الصفاتِ المتخيَّلَةِ ثمرتُها اختلافُ الدلالات (1).
* * *
2922 -
(6996) - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَالَ أَبُو قَتَادَةَ رضي الله عنه: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَآنِي، فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ".
تَابَعَهُ يُونُسُ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ.
(خالد بن خَلِيٍّ): بفتح الخاء المعجمة، وكسر اللام، على زنة عَلِيٍّ.
* * *
2923 -
(6997) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنْ رَآنِي، فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يتكَوَّنُنِي".
(لا يتكونُني): أي: لا يصير كائناً على صورتي، وهو معنى: لا يتمثَّلُ بي، ولا يَتَراءى بي (2).
* * *
(1) انظر: "المعلم" للمازري (2/ 295). وانظر: "التوضيح"(32/ 115 - 116) وعنه نقل المؤلف رحمه الله.
(2)
"بي" ليست في "ج".