الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7]. {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129]
.
قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29]: ارْتَفَعَ، {فَسَوَّاهُنَّ} [البقرة: 29]: خَلَقَهُنَّ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {اسْتَوَى} : عَلَا {عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54].
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْمَجِيدُ} [البروج: 15]: الْكَرِيمُ، {الْوَدُودُ} [البروج: 14]: الْحَبِيبُ، يُقَالُ: حَمِيدٌ مَجيدٌ، كَأَنَّهُ فَعِيل مِنْ مَاجِدٍ، مَحْمُودٌ مِنْ حَمِيدٍ.
(وقال مجاهد: {اسْتَوَى}: علا على العرش): المشَبِّهة والكَرَّامية والمجسِّمَة زعموا أن الله سبحانه وتعالى في مكانٍ مخصوص، وهو العرش، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً، واستندوا إلى قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، وهذا مُحتمل لا يصلح لأن يكون حجةً، وبيان كونه محتملًا: أن العرب يُطلقون الاستواء على الاستيلاء؛ كما في قول الشاعر:
قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى العِرَاقِ
…
مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ وَدَمٍ مُهْرَاقِ (1)
وعلى التمام؛ كقوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} [القصص: 14].
ويقال: استوى مُلْكُ فلان؛ أي: تَمَّ.
وعلى (2) تقدير (3) الملك، يُقال: استوى الأميرُ على السرير؛ أي:
(1) في "ج": "يهراق".
(2)
في "ج": "ويقال على".
(3)
كذا في جميع النسخ، ولعلها:"تقرير".
انتظمَ أَمْرُه، وتقرَّرَ مُلْكُه.
وعلى الاستقرار في المكان؛ كقوله تعالى: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: 44]؛ أي: استقرت.
وإذا ثبت كونُه محتملًا، لم يتمكن الخصمُ من تعيين الاستقرار، فلا يكون حجةً.
على أن بعضَ المحققين قال: إن الترجيحَ للاستيلاء يشير إلى جواب ثانٍ، وتقريرُه (1) أن يقال: الراجح حملُ الاستواء على الاستيلاء، لا على الاستقرار؛ لأن الله تعالى تمدَّح بقوله:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، فلو حُمل على الاستقرار، [لم يُفهم المدحُ؛ لأن هذه اللفظة لو استُعملت على سبيل المدح في حق من يجوزُ عليه الاستقرار](2)، لم يجز حملُه عليه؛ إذ لا يُفهم منه المدحُ؛ لأن المدحَ إنما يكون بصفة يمتاز بها الممدوحُ، والاستقرارُ ليس بمختصٍّ به، بل يشاركُه كل دنيء وحقيرٍ، وما يُفْهَم منه: هو القهرُ والاستيلاء؛ إذ هو أشرفُ معاني الاستواء، فإذا مُدح (3) به مَنْ هو المنزه عن التمكن والجهات، فأولى أن يُفهم منه ما يَليق به من الصفات.
قلت: وقولُ من قال: إنه لا يقال: استولى إلا لمن لم يكن مستولياً، ثم استولى، ممنوعٌ.
(1) في "ج": "وتقرره".
(2)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(3)
في "ج": "يمدح".
وما قاله مجاهد: من أنه بمعنى: [علا، ارتضاه غيرُ واحد من أئمة أهل السنة، ودفعوا اعتراض من: قال: علا بمعنى](1): ارتفع من غير (2) فرق، وقد أبطلتموه؛ لما في ظاهره من الانتقال من سُفْلٍ إلى عُلْوٍ، وهو محالٌ على الله تعالى، فليكن عَلا كذلكَ، ووجهُ الدفع: أن الله عز وجل وصفَ نفسَه بالعلو بقوله (3): {تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: 63]، فوصف نفسه بالتعالي، وهو من صفات الذات، ولم يصف نفسَه بالارتفاع (4).
* * *
3027 -
(7423) - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبي: حَدَّثَنِي هِلَالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولهِ، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، هَاجَرَ في سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ جَلَسَ في أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أفلَا نُنَبِّيءُ النَّاسَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: "إِنَّ في الْجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ في سَبِيلِهِ،
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(2)
"من غير" ليست في "ج".
(3)
في "ج": "وبقوله".
(4)
قلت: ومذهب السلف أنهم يؤمنون باستواء المولى جل جلاله على العرش، استواء يليق به، لا يماثله ولا يشابهه استواء المخلوقين، ويكلون علم ذلك إليه سبحانه، وتقصر الأفهام عن إدراك كنه ذلك وحقيقته.
كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ، فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ؛ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ".
(وفوقُه عرشُ الرحمن): - بضم القاف -؛ أي: أعلاه، كذا قيده الأصيلي.
وعند غيره بالنصب على الظرفية، قاله القاضي (1).
وأنكره ابنُ قرقول، وقال: إنما قيده الأصيلي - بالنصب (2) -، كذا في الزركشي (3).
قلت: ولإنكار الضمِّ وجهٌ ظاهر، وهو أن "فوق" من الظروف العادمة للتصرُّف، وذلك مما يأبى رفعَه بالابتداء كما وقع في هذه الرواية (4).
* * *
3028 -
7425 - حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ
(1) انظر: "مشارق الأنوار"(2/ 165).
(2)
في "ج": "وعند غيره بالنصب".
(3)
انظر: "التنقيح"(3/ 1268).
(4)
في "ج": "كما وقع هنا".