الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنِ السَّبَّاقِ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أبَو بَكْرٍ، فتتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ، حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورةِ التَّوبَةِ مَعَ أَبي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128]، حَتَّى خَاتِمَةِ {بَرَاءَةٌ} .
حَدَّثَنَا يَحْيىَ بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ بِهَذَا، وَقَالَ: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ.
[(حتى وجدتُ آخرَ سورةِ التوبة مع أبي خُزيمةَ): كذا وقع هنا](1).
قيل: والصوابُ: مع خزيمة (2) كما وقع في كتاب: التفسير، في آخر سورة براءة.
* * *
باب: قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23]
3029 -
(7434) - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَهُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، قَالَ:"إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَصَلَاةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَافْعَلُوا".
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(2)
في "ج": "أبي خزيمة".
(لا تَضَامُّون في رؤيته): قال السفاقسي: رويناه بفتح التاء والتشديد في أول (1) الباب، وبعده بضمها والتخفيف، فمعنى التشديد مأخوذٌ من الازدحام؛ أي: لا ينضَمُّ بعضُكم إلى بعض كما تنضمُّون في رؤية الهلال رأسَ الشهر؛ لخفائه ودِقَّته، ومعنى التخفيف: لا يحصل لكم ضيمٌ (2).
* * *
3030 -
(7437) - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟ ". قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟ ". قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "فَإِنَّكمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئاً، فَلْيتَّبِعْهُ، فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا شَافِعُوهَا - أَوْ: مُنَافِقُوهَا شَكَّ إِبْرَاهِيمُ -، فَيَأتِيهِمُ اللَّهُ فَيقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَنَا رَبُّنَا، عَرَفْنَاهُ، فَيَأتِيهِمُ اللَّهُ في صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَناَ رَبُّكُمْ، فَيقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَتْبَعُونَهُ، ويُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ، فَأكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُهَا، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ
(1) في "ج": "الأول".
(2)
انظر: "التوضيح"(33/ 326).
سَلِّمْ سَلِّمْ. وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمُ السَّعْدَانَ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا قَدْرُ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمُ الْمُوبَقُ بَقِيَ بِعَمَلِهِ - أَوِ الْمُوثَقُ بِعَمَلِهِ - وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَل - أَوِ الْمُجَازَى، أَوْ نَحْوُهُ - ثُمَّ يَتَجَلَّى، حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً، مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْحَمَهُ، مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ بِأَثَرِ السُّجُودِ - تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إِلَّا أثَرَ السُّجُودِ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أثَرَ السُّجُودِ - فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ تَحْتَهُ كمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ، هُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ! اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا، فَيَدْعُو اللَّهَ بمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَهُ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَعِزَّتِكَ! لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ - وَيُعْطِي رَبَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ مَا شَاءَ - فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى الْجَنَّةِ، وَرَآهَا، سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ! قَدِّمْنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَيقُولُ اللَّهُ لَهُ: ألَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَك وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَ الَّذِي أعطِيتَ أَبَداً؟! وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ! فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ! وَيَدْعُو اللَّهَ، حَتَّى يَقُولَ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَه؟ فَيَقُولُ: لَا، وَعِزَّتِكَ! لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، وَيُعْطِي مَا شَاءَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا قَامَ إِلَى
بَابِ الْجَنَّةِ، انْفَهَقَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْحَبْرَةِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أي رَبِّ! أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيقُولُ اللَّهُ: أَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعطِيتَ؟ فَيقُولُ: وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ! فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ! لَا أكُونَنَّ أَشْقَى خَلْقِكَ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ مِنْهُ، فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ، قَالَ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَإِذَا دَخَلَهَا، قَالَ اللَّهُ لَهُ: تَمَنَّهْ، فَسَأَلَ رَبَّهُ وتَمَنَّى، حَتَّى إِنَّ اللَّهَ لَيُذَكِّرُهُ، يَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، حَتَّى انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ، قَالَ اللَّهُ: ذَلِكَ لَكَ، وَمِثْلُهُ مَعَهُ".
(هل تُضارُّون في القمر ليلة البدر): بضم تاء المضارعة وتشديد الراء أصلُه هل تُضارَرُونَ، بالبناء للمفعول، فسُكنت الراء الأولى، وأدغمت في الثانية.
وفي نسخة: بتخفيف الراء من الضير؛ أي: هل يوقع بكم ضَيْرٌ؟
(الطواغيت): جمعُ طاغوت، وهو فَعَلُوتٌ من طَغَى، أصلُه طَغَيُوت، ثم طَيْغُوت، ثم طاغوت.
وقال الجوهري: هو الكاهنُ (1)، والشيطانُ، وكلُّ رأس في الضلال، يكون واحداً؛ مثل:{يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [النساء: 60]، وجمعاً؛ مثل:{أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ} [البقرة: 257](2).
(فيأتيهم الله): ليس المرادُ بالإتيان هنا ما عُهد فيما بيننا من الانتقال والحركة؛ لاستحالته على الله تعالى، فإما أن يُحمل على أنه تعالى يفعل
(1)"هو الكاهن" ليست في "ج".
(2)
انظر: "الصحاح"(6/ 2413)، (مادة: ط غ ى).
فعلاً يليقُ به، فسماه إتياناً، ووصفَ به نفسَه، وإما أن يُحمل على الإتيان المعروف عندَنا، لكن على معنى أن الله تعالى يخلُقه لملَكٍ من الملائكة، فأضافَه إلى نفسِه على جهةِ الإسنادِ المجازيِّ؛ مثل: قطعَ الأميرُ اللصَّ (1).
(في صورته التي يعرفون): أي: في علامةٍ (2) جعلَها الله دليلًا على معرفته، والتفرقةِ بينه وبين مخلوقاته، فسمى الدليلَ والعلامةَ صورةً مجازاً؛ كما تقول العرب: صورةُ أمرِك كذا، وصورةُ حديِثكَ كذا، والأمرُ والحديثُ لا صورةَ لهما، وإنما يريدون: حقيقة أمرِك وحديثِك، وكثيراً ما يجري على ألسنة الفقهاء: صورةُ هذهِ المسألة كذا.
(قد قشبني ريحها): قال السفاقسي: رويناه بتشديد الشين، وكذلك هو في "الصحاح" بالتشديد؛ أي: آذاني؛ كأنه قال: سَمَّني ريحُها (3)؛ لأن القِشْبَ (4): السَّم، وهو بكسر القاف (5).
(وأحرقني ذَكاؤها): قال السفاقسي: كذا رويناه بالمد والضم والذال (6).
قلت: في "المشارق" ما نصه: وقوله: أحرقني ذكاؤها؛ أي: شدةُ
(1) انظر: "التوضيح"(33/ 330). والصواب في أمثال هذه الأحاديث: هو إمرارها كما جاءت دون تحريف أو تكييف أو تأويل أو تشبيه، ونؤمن بها، ونكل علمها إلى عالمها.
(2)
في "ج": "علامته".
(3)
انظر: "الصحاح"(1/ 201)، (مادة: قشب).
(4)
في "ج": "القشم".
(5)
انظر: "التوضيح"(33/ 337).
(6)
انظر: "المرجع السابق"(33/ 338).
حرها والتهابها، كذا هو - بفتح الذال ممدود - عند الرواة، والمعروف في شدة حر النار: - القصر -، إلا أن أبا حنيفة ذكر فيه المد، وخَطَّأَه فيه ابنُ حمزة في "ردوده"(1).
(هل عَسِيْتَ إن أُعطيت ذلك أن تسألَني غيرَه؟ فيقول: لا، وعزتك! لا أسألُك غيرَه): عَسِيْتَ: بكسر السين وفتحها.
فإن قلت: قد عُلم أن الدار الآخرة ليست دارَ تكليف، فما الحكمةُ في تكرير أخذِ العهود والمواثيق عليه أن لا يسألَ غيرَ ما أُعطيه، مع أن إخلافَه لقوله (2) ما يقتضيه يمينُه لا إثمَ عليه فيه؟
قلت: الحكمةُ فيه ظاهرة، وهي إظهار التمنُّنِ عليه، والإحسانِ إليه مع تكريره لنقضِ عهوده ومواثيقِه (3)، ولا شك أن للمنَّةِ في نفس العبد - مع هذه الحالة التي اتصف - وقعاً عظيماً.
(انْفَهَقَتْ (4) له الجنةُ): أي انفتحَتْ واتسعَتْ.
(حتى يضحكَ الله منه): أي: يفعلُ معه فِعْلُ من يضحكُ؛ من الرضا، والرحمة، وكثرة الأفضال.
(تَمَنَّهْ): - الهاء للسكت -؛ كقوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90].
* * *
(1) انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 270).
(2)
في "ج": "بقوله".
(3)
في "ج": "عهود مواثيقه".
(4)
في "ج": "انفقهت".
3031 -
(7438) - قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ: وَأَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ مَعَ أبِي هُرَيْرَةَ، لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئاً، حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أبُو هُرَيرَةَ: أَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَالَ: "ذَلِكَ لَكَ، وَمِثْلُهُ مَعَهُ"، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ:"وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ"، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة حَفظْتُ إِلَّا قَوْلَهُ:"ذَلِكَ لَكَ، وَمِثْلُهُ مَعَهُ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: شهدَ أنِّي حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ: "ذَلِكَ لَكَ، وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ".
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الجَنَّةِ دخُولًا الْجَنَّةَ.
(قال أبو هريرة: فذلك الرَّجلُ آخرُ أهلِ الجنةِ دخولًا الجنةَ): وقع في "صحيح أبي عوانة" في باب: صفة الشفاعة (1)، من طريق حذيفة بن اليمان، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال: أصبح النبي صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ، فصلى الغداةَ، ثم جلس، حتى إذا كان من الضحى، ضحكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فذكر حديثَ الشفاعة، وفي آخره: "ثم يقول الله تبارك وتعالى: انْظُرُوا في النَّارِ هَلْ مِنْ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْراً قَطُّ؟ قال: فَيَجِدُونَ في النَّارِ رَجُلًا، فيُقالُ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لا، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُسَامِحُ النَّاسَ في البَيْعِ، فَيَقُول: اسْمَحُوا لِعَبْدِي كَإِسْمَاحِهِ (2) إِلَى عَبِيدِي، ثُمَّ يُخْرِجُونَ مِنَ النَّارَ رَجُلًا آخَرَ، فيقولُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْراً قَطُّ؟ فَيقُولُ: لا، غَيْرَ أَنَّي أَمَرْتُ وَلدِي إذا مِتُّ فَأَحْرِقُوني ثُمَّ اطْحَنُوني، حَتَى إِذَا كُنْتُ مِثْلَ الكُحْلِ، فَذَرُّوني في الرِّيح، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ مَخَافَتِكَ، فَقَالَ:
(1) في "ج": "الجماعة".
(2)
في "ج": "كما سماحه".
انْظُرْ إِلَى مُلْكِ أَعْظَمِ مَلِكٍ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَهُ وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهِ، قَال: فَيَقُولُ: لِمَ تَسْخَرُ بي وَأَنْتَ المَلِكُ؟ فَذَلِكَ الَّذِي ضَحِكْتُ مِنْهُ مِنَ الضَّحَى" (1).
ولا يُعترض على هذا بقوله في الرواية التي وقعتْ في البخاري: "فَمَا تَلَافَاهُ أَنْ رَحِمَهُ"(2)، وقولِه في رواية:"فَأمَرَ اللهُ البَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، وَالبَرَّ كَذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ [قَالَ]: مِنْ مَخَافَتِكَ، فَغَفَرَ لَهُ"(3)؛ لجواز أن يُحمل ذلك على أن هذا القولَ يكون بعدَ إخراجه من النار؛ ليجمعَ بين الأحاديث.
ووقع في "الزهد" لابن المبارك في زيادات الحسين، من طريق موسى بن عبيدة الزيدي، عن محمد بن كعب القرظيِّ، عن عوفِ بنِ مالكٍ الأشجعيَّ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قد عَلِمْتُ آخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا الجَنَّةَ: رَجُل كَانَ يَسْأَلُ اللهَ عز وجل في الدُّنْيا أَنْ يُجِيرَهُ مِنَ النارِ، وَلا يَقُولُ: أَدْخِلْني الجَنَّةَ، فَإِذَا دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةِ، وأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، بَقِيَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبَّ! مَا لِي هَا هُنَا؟ فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: عَبْدِي! هَذَا مَا كُنْتَ تَسْألنِي يَا بْنَ آدَمَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ (4)! قَرِّبْني إِلَى بَابِ الجَنَّةِ أَنْظُرُ إِلَيْهَا فَأجِدُ مِنْ رِيحِهَا، قَالَ (5): فَيُقَرَّبُ مِنْ بَابِ الجَنَّةِ، فَيَرَى
(1) رواه أبو عوانة في "مسنده"(1/ 151).
(2)
رواه البخاري (7508) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(3)
رواه البخاري (7506) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(4)
"يا رب" ليست في "ج".
(5)
في "ج": "قال: فيقرب من ريحها قال".
شَجَرَةً عِنْدَ بَابِ الجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يا رَبِّ! قَرِّبْني مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ أَسْتظِلُّ بِظِلِّهَا، وَآكُلُ مِنْ ثَمَرِهَا؟ فَيَقُولُ: يا بْنَ آدَمَ! أَلَمْ تَقُلْ؟ فَيَقُولُ: يا رَبِّ! وَأَيْنَ لي مِثْلُكُ؟ فَيُقَالُ (1) لَهُ: اذْهَبْ في الجَنَّةِ وَلَكَ مَا بَلَغَتْ قَدَمَاكَ، وَمَا نَظَرَتْ عَيْنَاكَ، قال: فَيَسْعَى في الجَنَّةِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ، قالَ: ذَاكَ لي؟ فَيَقُولُ اللهُ تبارك وتعالى: ذَلِكَ لَكَ، وَمِثْلُهُ، وَعَشَرَةُ أمْثَالِهِ مَعَهُ" (2).
ولا يعترض على ذلك بأن يقال: هذا لم يدخل النار، والذي في رواية أبي عوانة:"دخلَ النارَ، وأُخْرِجَ منها"؛ لجواز أن يُحمل ذلك على أن يُخرجَ من النار، ثم يُترك بينها وبين الجنة، ويُحمل دعاؤه بالإجارة على أنه أُجيرَ من الخلود (3)؛ كذا قال في "الإفهام".
قلت: قولُه في الحديث: "فيقولُ الله عز وجل: عبدي! هذا ما كنتَ تسألُني" يقتضي إجابةَ دعائه في الإجارة من النار، ولا يخطُر ببالِ داعٍ يدعو بالإجارة من النار إلا الإجارةُ من الدخول إليها، لا من الخلود بها؛ لأن العبدَ إنما يسأل وقاية الشرِّ من أصله، ففي الجمع بما قاله نظر.
ثم قال: وحيث يثبت (4) هذا فيكون هذا هو الذي يُعرض عليه صغارُ ذنوبه، ويُشْفِق من كبارها.
ففي "صحيح مسلم" في أحاديث الإيمان قُبيل الوضوء: "إِنِّي لأَعْلَمُ
(1) في "ج": "فقال".
(2)
رواه ابن المبارك في "الزهد"(ص: 446).
(3)
في "ج": "بالخلود".
(4)
في "ج": "ثبت".
آخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا الجَنَّةَ، وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجاً مِنْهَا: رَجُلٌ (1) يَؤْتَى بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ: اعْرِضُوا عَلَيْهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ، وَارْفَعُوا (2) عَنْهُ كِبَارَهَا، [فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ صِغَارُ ذُنُوبِهِ، وَتُرْفَعُ عَنْهُ كِبَارُهَا"](3) الحديث (4).
وفي (5)"تذكرة القرطبي"(6): وقال ابن عمر: "آخرُ من يدخلُ الجنةَ رجلٌ من جُهينة يقالُ له: جهينة، يقولُ أهلُ الجنةِ: عندَ جُهينةَ الخبرُ اليقينُ" ذكره الميانشيُّ (7)، ورواه الخطيبُ من حديث عبدِ الملكِ بنِ الحكم، [قال: ثنا مالكُ بنُ أنس، عن نافع، عن ابن عمر، وذكره، وفي آخره:"سَلُوهُ: هَلْ بَقِيَ مِنَ الخَلائِقِ أَحَدٌ؟ "، ورواه] (8) الدارقطني في كتاب: رُواة مالك، ذكره السهيلي، وقد قيل: إن اسمه هناد، انتهى من "الإفهام"(9).
* * *
(1) في "ج": "ورجل".
(2)
في "ج": "وترفع".
(3)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(4)
رواه مسلم (190) عن أبي ذر رضي الله عنه.
(5)
في "ج": "ففي".
(6)
انظر: "التذكرة" للقرطبي (ص: 520) وقد ذكره عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(7)
في "ج": "السفاقسي".
(8)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(9)
وانظر: "المقاصد الحسنة" للسخاوي (ص: 467).
3032 -
(7439) - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: "هَلْ تُضَارُونَ في رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ إِذَا كَانَتْ صَحْواً؟ "، قُلْنَا: لَا، قَالَ:"فَإِنَّكمْ لَا تُضَارُونَ في رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَئِذٍ، إِلَّا كَمَا تُضَارُونَ في رُؤْيَتِهِمَا". ثُمَّ قَالَ: "يُنَادِي مُنَادٍ: لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانوُا يَعْبُدُونَ، فَيَذْهَبُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ، وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ مَعَ أَوْثَانِهِمْ، وَأَصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ، حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، وَغُبَّرَاتٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ تُعْرَضُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ، فَيُقالُ لِلْيَهُودِ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ، فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ، لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبةٌ وَلَا وَلَدٌ، فَمَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا، فَيُقَالُ: اشْرَبُوا، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي جَهَنَّمَ. ثُمَّ يُقَالُ لِلنَّصَارَى: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ، فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ، لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلَا وَلَدٌ، فَمَا ترِيدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا، فَيُقَالُ: اشْرَبُوا، فَيَتَسَاقَطُونَ، حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا يَحْبِسُكُمْ وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ؟ فَيَقُولُونَ: فَارَقْنَاهُمْ وَنَحْنُ أَحْوَجُ مِنَّا إِلَيْهِ الْيَوْمَ، وَإِنَّا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي: لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ رَبَّنَا. قَالَ: فَيَأْتِيهِمُ الْجَبَّارُ فَيقُولُ: أَناَ رَبُّكُمْ، فَيقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَلَا يُكَلِّمُهُ إِلَّا الأَنْبِيَاءُ، فَيقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهُ؟ فَيقُولُونَ: السَّاقُ، فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ، فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ كيْمَا يَسْجُدَ، فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقاً وَاحِداً، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ، فَيُجْعَلُ
بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا الْجَسْرُ؟ قَالَ: "مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ، وَكَلَالِيبُ، وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ، لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ، تَكُونُ بِنَجْدٍ، يُقَالُ لَهَا: السَّعْدَانُ، الْمُؤْمِنُ عَلَيْهَا كالطَّوْفِ، وَكَالْبَرْقِ، وَكَالرِّيحِ، وَكأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْباً، فَمَا أَنْتُمْ بِأَشَدَّ لِي مُنَاشَدَةً فِي الْحَقِّ قَدْ تَبيَّنَ لَكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِ يَوْمَئِذٍ لِلْجَبَّارِ، وَإِذَا رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا في إِخْوَانِهِمْ، يَقُولُونَ: رَبَّنَا! إِخْوَانُنَا، كَانوُا يُصَلُّونَ مَعَنَا، وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: اذْهَبُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجُوهُ، ويُحَرِّمُ اللَّهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ، فَيَأْتُونَهُمْ، وَبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ في النَّارِ إِلَى قَدَمِهِ، وَإِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودُونَ، فَيقُولُ: اذْهَبُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ، فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودُونَ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِي، فَاقْرَؤُوا:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء: 40]- "فَيَشْفَعُ النَّبِيُّون وَالْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ، فَيقُولُ الْجَبَّارُ: بَقِيَتْ شَفَاعَتِي، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ أَقْوَاماً قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرٍ بِأَفْوَاهِ الْجَنَّةِ، يُقَالُ لَهُ: مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ فِي حَافَتَيْهِ كمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ، قَدْ رَأَيْتُمُوهَا إِلَى جَانِبِ الصَّخْرَةِ، إِلَى جَانِب الشَّجَرَةِ، فَمَا كَانَ إِلَى الشَّمْسِ مِنْهَا، كَانَ أَخْضَرَ، وَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ، كَانَ أَبْيَضَ، فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ، فَيُجْعَلُ في رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِيمُ، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَيقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: هَؤُلَاءِ
عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ، أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ، وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: لَكُمْ مَا رَأَيْتُمْ، وَمِثْلُهُ مَعَهُ".
(هل تُضَارُون في رؤية الشمس إذا كانتْ صحواً): تُضَارُونَ: بتخفيف الراء؛ من الضير، والضميرُ المستكنُّ في قوله: إذا كانت؛ عائدٌ على السماء؛ لفهمها من السياق.
(فإنكم لا تُضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تُضارون في رؤيتهما (1)): هذا من تأكيد المدح بما يشبه الذم، وهو من أفضل ضربيه، وذلك أنه استُثني من صفةِ ذمٍّ منفيةٍ عن الشيء صفةُ مدحٍ لذلك الشيءِ بتقدير دخولها فيها؛ أي: إلا كما تُضارون في رؤية الشمس في حال صحو السماء؛ أي: إن كان ذلك ضيراً، فأثبت شيئاً من العيب على تقدير كونِ رؤيةِ الشمس في [وقت الصَّحْو من العيب، وهذا التقديرُ المفروضُ محالٌ؛ لأنه من كمال التمكُّن من](2) الرؤية دونَ ضررٍ يلحق الرائي، فهو في المعنى تعليقٌ بالمحال، فالتأكيدُ فيه من جهة أنه كدعوى الشيء ببينة (3)؛ لأنه علق نقيضَ المدَّعى، وهو إثباتُ شيء من العيب بالمحال، والمعلَّق بالمحال محالٌ، فعدم العيب متحقق، ومن جهة (4) أن الأصل في مطلق الاستثناء الاتصال؛ أي: كونُ المستثنى منه بحيثُ يدخلُ فيه المستثنى على تقدير السكوتِ عنه، وذلك لما تقرر في موضعه من أن الاستثناء المنقطع مَجازٌ،
(1) في "ج": "رؤيتها".
(2)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(3)
في "ج": "بينته".
(4)
في "ج": "جهته".
وإذا كان الأصل في الاستثناء الاتصال (1)، فذكرُ أداتهِ قبلَ ذكرِ ما بعدها يوهمُ إخراجَ الشيءِ مما قبلَها، فإذا وليها صفةُ مدح، وتحوَّلَ الاستثناءُ من الاتصال إلى الانقطاع، جاء التأكيد لما فيه من المدح على المدح، والإشعار بأنه لم يجد صفةَ ذمٍّ يستثنيها، فاضطُرَّ إلى استثناءِ صفة مدح، وتحول الاستثناء إلى الانقطاع.
(وغُبَّراتٌ من أهل الكتاب): - بضم الغين المعجمة وتشديد الباء الموحدة المفتوحة وتخفيف الراء -: بقايا من أهل الكتاب.
(كنا نعبد المسيحَ ابنَ الله، فيقال: كذبتُم، لم يكن لله صاحبةٌ ولا ولد): صرح أهلُ البيان بأن مورد الصدق والكذب هو النسبةُ التي تضمنها الخبر، فإذا قلت: زيدُ بنُ عمرٍو قائمٌ، فالصدقُ والكذبُ راجعانِ إلى القيام، لا إلى بُنُوَّةِ زيدٍ، وهذا الحديثُ يردُّ عليهم.
وحاول بعضُ المتأخرين الجوابَ بأن قال: إما أن يراد: كذبتم في عبادتكم لمسيحٍ موصوفٍ بهذه الصفة، أو فهم عنهم: أن قولهم: ابنُ الله بَدَلٌ.
(فيكشِفُ عن ساقِه): أي: عن شدةٍ يخلُقُها، أو يكشفُ عن أمر عظيم، يريد به: هولاً من أهوال يوم القيامة.
(ثم يؤتى بالجَسر): بفتح الجيم وكسرها (2).
(مَدْحَضَةٌ مزلة): المَدْحَضَةُ: بفتح الميم والحاء، والدَّحض: ما يكون عنه الزَّلَقُ، والمَزِلَّةُ - بفتح الميم، وفتح الزاي وكسرها -: موضعُ تلكَ الأقدام.
(1) في "ج": "في الاتصال".
(2)
في "ج": "وبكسرها".
(وحَسَكَةٌ): - بفتحات -: هو شيء مفروشٌ ذو شوك يَنْشَبُ (1) فيه كلُّ ما مَرَّ بِهِ.
(مُفَلْطَحَة): - بميم مضمومة ففاء مفتوحة فلام ساكنة فطاء مهملة مفتوحة فحاء مهملة فهاء تأنيث -؛ أي: فيها عرضٌ واتِّساع.
وقال الأصمعي: واسعةُ الأعلى، دقيقةُ الأسفل (2).
(لها شوكة عقيفة (3)): - بالفاء بعد القاف -؛ أي: مُعْوَجَّةٌ، والتعقيفُ: التَّعويج.
(وكأجاويدِ الخيل): ظاهرُ كلام الجوهري (4): أن الأجاويدَ جمعُ جواد (5).
* * *
3033 -
(7440) - وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يُحْبَسُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُهِمُّوا بِذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا، فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ آدَمُ أَبُو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ،
(1) في "ج": "ينشبك".
(2)
انظر: "التنقيح"(3/ 1269).
(3)
كذا في رواية أبي الوقت وأبي ذر الهروي، وفي اليونينية:"عقيفاء"، وهي المعتمدة في النص.
(4)
في "ج""الزركشي".
(5)
انظر: "الصحاح"(2/ 461)، (مادة: جود).
لِتَشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. قَالَ: فَيقولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، قَالَ: وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ: أكْلَهُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا - وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحاً أَوَّلَ نبَيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، فَيَأْتُونَ نُوحاً، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ: سُؤَالَهُ رَبَّهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ - وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، قَالَ: فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ ثَلَاثَ كَلِمَاتٍ كَذَبَهُنَّ - وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى: عَبْداً آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ، وَكَلَّمَهُ، وَقَرَّبَهُ نَجِيّاً، قَالَ: فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ: قَتْلَهُ النَّفْسَ - وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ، وَرُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، قَالَ: فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم، عَبْداً غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ، وَقَعْتُ سَاجِداً، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، فَيَقُولُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ، قَالَ: فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأُثْنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، فَيَحُدُّ لِي حَدّاً، فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ - قَالَ قتَادَةُ: وَسَمِعْتُهُ أَيْضاً يَقُولُ: فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ -، ثُمَّ أَعُودُ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ، وَقَعْتُ سَاجِداً، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ، قَالَ: فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأُثْنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، قَالَ: ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدّاً، فَأَخْرُجُ، فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ - قَالَ قَتَادَةُ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَأَخْرُجُ، فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ -، ثُمَّ أَعُودُ الثَّالِثَةَ، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي في دَارِهِ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ، وَقَعْتُ سَاجِداً، فَيَدَعُنِي
مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، قَالَ: فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأُثْنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، قَالَ: ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدّاً، فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ - قَالَ قَتَادَةٌ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَأَخْرُجُ، فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ - حَتَّى مَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ"، أَيْ: وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ. قَالَ: ثُمَّ تَلَا هَذه الآيَةَ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]. قَالَ: وَهَذَا الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي وُعِدَهُ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم.
(قال: يحبس المؤمنون يوم القيامة حتى يُهِمُّوا بذلك): قال الزركشي: هذه الإشارة إلى المذكور بعده، وهو حديث الشفاعة (1).
قلت: هو تكلُّف لا داعي إليه، والظاهر أن الإشارة راجعةٌ إلى الحبس المدلول عليه بقوله:"يُحْبَسُ المؤمنونَ"؛ أي: حتى يهموا بذلك الحبس.
(لو (2) استشفعنا إلى ربنا فيريحَنا): بنصب "يريح"؛ لوقوعه في جواب التمني المدلول عليه بـ "لو"؛ أي: ليت لنا (3) استشفاعاً فإراحةً.
(لستُ هناكم): أي: لستُ في المحل الذي تطلبونه، وهو محل الشفاعة فيكم.
(فأستأذنُ على ربي في داره): أي: أستأذنُ على ربي في حال كوني في جنته، فأضاف الدار إليه؛ تشريفاً لها؛ كما في الكعبة بيت الله.
(1) انظر: "التنقيح"(3/ 1269).
(2)
في "ج": "إلا".
(3)
"لنا" ليست في "ج".
(وقعتُ ساجداً): في "مسند أحمد": أن هذه السجدة مقدارُ جمعةٍ من جمع الدنيا (1).
* * *
3034 -
(7443) - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أبو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، وَلَا حِجَابٌ يَحْجُبُهُ".
(ليس بينه وبينه ترجمان): وهو بفتح التاء.
قال في "الصحاح": ولك أن تضم التاء بضمة الجيم (2)، وقد سبق في أول الكتاب.
* * *
3035 -
(7447) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبي بَكْرَةَ، عَنْ أَبي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ: اثْنَا عَشَرَ شَهْراً، مِنْهَا: أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثٌ مُتَوَالِياتٌ: ذُو الْقَعَدَةِ، وَذُو الْحَجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ. أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ "، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ:
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 4).
(2)
انظر: "الصحاح"(5/ 1928)، (مادة: رجم). وعنده: "لضمة الجيم".