الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إن كان مسيئاً، فلا يتمنَّ (1) أيضاً، إذ لعلَّه يندمُ على إساءته، ويطلبُ الرضا عنه، فيكونُ ذلك سبباً لمحو سيئاته التي اقترفها.
وأما الثاني: فادعاؤه أن أكثر مجيء لعلَّ للترجِّي (2) المصحوبِ بالتعليل، وهذا ممنوعٌ، وهذه كتب النحاة الأكابر طافحةٌ بالإعراض عن ذكر هذا القَيْد (3).
ولو سُلِّم، فليس في هذا الحديث شاهدٌ على مجيئها للترجِّي المجرد؛ لإمكانِ اعتبارِ التعليل معه، وقد فُهِمَت (4) صحةُ اعتبارِه مما قررناهُ، فتأملْه.
* * *
باب: مَا يَجُوزُ مِنَ اللَّوْ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} [هود: 80]
.
(باب: ما يجوز من اللَّو): قال القاضي: أدخل على (لو) الألف واللام التي للعهد، وذلك غير جائز عند أهل العربية؛ إذ "لو" حرف، وهما لا يدخلان على الحرف.
ولا يخفى أن هذا الاعتراضَ غيرُ متأتٍّ، وذلك أن "لو" هنا مُسَمًّى بها، فهي اسمٌ زِيدَ فيه واوٌ أخرى، ثم أُدغمت الأولى في الثانية على القاعدة المقررة في بابها، فلا بِدْعَ إذن في دخول علامات الأسماء عليها،
(1) في "ج": "يتمكن".
(2)
في "ج": "للتراجي".
(3)
في "ج": "هذا الفعل".
(4)
في "ج": "وهمت".
إذ لم تدخل وهي حرف، إنما دخلت وهي اسم.
ثم قال القاضي: الذي يُفهم من ترجمة البخاري، وما ذكره في الباب من الأدلة: أنه يجوز استعمال "لو"، و"لولا" فيما يكون للاستقبال، لا فيما امتنع فعلُه لوجودِ غيره، وهو من باب "لو"؛ لأنه لم يدخل في الباب سوى ما هو للاستقبال، أو ما هو حقٌّ صحيح متيقَّنٌ، دون الماضي والمنقضي، أو ما فيه اعتراضٌ على الغيب بالقَدَرِ السابق (1).
* * *
2987 -
(7241) - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ ثَابِثٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: وَاصَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم آخِرَ الشَّهْرِ، وَوَاصَلَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"لَوْ مُدَّ بِيَ الشَّهْرُ، لَوَاصَلْتُ وِصَالًا يَدَعُ الْمُتَعَمِّقُونَ تَعَمُّقَهُمْ، إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَظَلُّ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ".
(لو مُدَّ بي الشهرُ): مُدَّ: بضم الميم وتشديد الدال، مبني للمفعول، وبي: جار ومجرور.
ويروى: "مُدَّني": - بضم الميم والدال المشددة بعدها نون وقاية -، [والياء ضميرُ نصب، والشهرُ هنا: فاعلٌ، وفي الرواية](2) الأولى (3): نائبٌ عنه.
(1) انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 364).
(2)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(3)
في "ج": "والأولى".
(وصالًا يدعُ المتعَمِّقون تَعَمُّقَهم): بضم العين من "يَدَعُ"، وفتحها من الكلمتين الآخرتين؛ من قولهم: تَعَمَّقَ في كلامه: تَنَطَّعَ (1).
فإن قلت: الجملةُ الواقعةُ بعد النكرة هنا صفةٌ لها، ولا رابطَ، فكيف وجهُه؟
قلت: هو محذوفٌ للقرينة الحالية؛ أي: وصالاً يدعُ لأجله المتعمِّقون تعمُّقهم.
* * *
(1) انظر: "التنقيح"(3/ 1253).