الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجاب بأن قال: لعله لما اقتضى التحقيقُ عنده أن يُبقي روايته عنه خشيةَ أن يكتم علماً رزقه الله إياه على يديه، وعذره في قدحه بالتأويل، خشيَ على الناس أن يقعوا فيه بأنه قد عدَّلَ من جَرَحه، وذلك يوهم أنه صَدَّقه على نفسه، فيجر ذلك إلى البخاري وهناً، فأخفى اسمه، وغَطَّى رَسْمه، وما كتم علمَه، واللهُ أعلمُ بمراده من ذلك.
ولو فتحنا باباً في تعديد (1) مناقبه الجميلة، ومآثره الجليلة؛ لخرجنا عن غرض الكتاب، لكن ألمعنا بهذه البارقة قبلَ الفراغ من هذا التأليف؛ لئلا نُخليه من الثناء عليه، جزاه الله عن هذا الدين الشريف وأهله أفضلَ الجزاء بمنِّه وكرمه.
* * *
باب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67]
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ، وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ.
وَقَالَ: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} [الجن: 28]. وَقَالَ {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي} [الأعراف: 62 أو 68].
وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:{وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 94].
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا أَعْجَبَكَ حُسْنُ عَمَلِ امْرِيءٍ، فَقُلِ: {اعْمَلُوا فَسَيَرَى
(1) في "ج": "باب تعديد".
اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105]، وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ أَحَدٌ.
وَقَالَ مَعْمَر: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2] هَذَا الْقُرْآنُ {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]: بَيَانٌ وَدِلَالَةٌ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ} [الممتحنة: 10]: هَذَا حُكْمُ اللَّهِ. {لَا رَيْبَ} [البقرة: 2]: لَا شَكَّ. {تِلْكَ آيَاتُ} [لقمان: 2]: يَعْنِي: هَذِهِ أَعْلَامُ الْقُرْآنِ، وَمِثْلُهُ:{حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22]: يَعْنِي بِكُمْ.
وَقَالَ أَنَسٌ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَالَهُ حَرَاماً إِلَى قَوْمِهِ، وَقَالَ: أَتُؤْمِنُونِي أُبَلِّغُ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ.
({يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67]): وجهُ التغاير بين الشرط والجزاء: أن الجزاء مما أُقيم فيه السببُ مقامَ المسبب؛ إذ عَدَمُ التبليغ سببٌ لتوجُّه (1) العَتْب، وهذا المسبب في الحقيقة هو الجزاء، فالتغايرُ حاصلٌ، لكن نكتة العدول عنه إلى ذكر السبب إجلالُ النبي صلى الله عليه وسلم، وترفيع محلِّه عن أن يواجَهَ بعَتْبٍ، أو شيءٍ مما يتأثَّرُ منه، ولو على سبيل الفرض، فتأمله.
(وقالت عائشة: إذا أعجبك حسنُ عملِ امريءٍ، فقل: اعملوا، فسيرى الله عملَكم ورسولهُ والمؤمنون، ولا يستَخِفَّنَّكَ أحدٌ): أي: لا يستخفنك بعمله، فتسارعَ إلى مدحِه وظَنَّ الخيرية (2)، لكن تَثبَّتْ حتى تراه عاملًا على ما يرضاه الله ورسوله والمؤمنون.
(قال معمر: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2]: هو القرآن): يعني: أن الإشارة
(1) في "ج": "لتوجيه".
(2)
في "ج": "الخير به".