الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يحلفْ على عدم حملانهم مطلقاً؛ لأن مكارم أخلاقه ورأفتَه بالمؤمنين ورحمتَه بهم تأبى ذلك، والذي يظهر لي أن قوله:"وما عندي ما أحمِلُكُم" جملة حالية من فاعل الفعل المنفي بـ "لا"، أو مفعوله؛ أي: لا أحملكم في حالة عدمِ وجداني لشيءٍ أحملُكم عليه؛ أي: إنه لا يتكلَّفُ حملَهم بقرضٍ أو غيره؛ لِمَا رآه من المصلحة المقتضيةِ لذلك، وهذا في الحقيقة توجيهٌ لكلام ابن المنيرِ السابقِ، وتنزيلٌ له على ما تقتضيه قواعدُ العربية، وحينئذٍ فحملُه لهم على ما جاءه من مال الله لا يكون مقتضياً لحنثه، فيكون قوله: إني - والله - لا أَحْلِفُ على يمينٍ فأَرى غيرَها خَيْراً مِنْها، إلا أَتَيْتُ الذي هو خيرٌ، وتحللتها" تأسيس قاعدة في الأيمان، لا أنه ذكر ذلكَ لبيان أنه حنثَ في يمينه، وأنه يُكَفِّرُها، وقد سبق الكلام في ذلك مسبقاً.
* * *
باب: قِرَاءَةِ الفاجرِ والمُنَافِقِ وأَصْواتِهم وَتلاوتِهم لا تجاوز حَنَاجِرَهُم
3061 -
(7561) - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ (ح) وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْر، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: سَأَلَ أُناَسٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكُهَّانِ، فَقَالَ:"إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقّاً؟ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ، يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ، فَيُقَرْقِرُهَا في أُذُنِ وَلِيِّهِ كقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أكثَرَ مِنْ مِئَةِ كَذْبَةٍ".
(فيُقَرْقِرُها في أذن وليه كقرقرة الدجاجة): أي: يضعُها في أذنه بصوتٍ شبيهٍ بقرقرةِ الدجاجة.
قال الأصمعي: قَرْقَرَ البعير: إذا صفر ورَجَّع.
قال الحافظ مغلطاي: وقد روي: "كقَزْقَزَةِ الدَّجَاجَةِ"، وكلتا الروايتين صواب، يدل على صحة الرواية بالزاي روايةُ من روى، كما تقرقر القارورةُ؛ لأن القزقزةَ قد تكونُ من القارورة عند وضعِ الأشياء فيها كما تقرقرُ الدجاجة أيضاً (1).
(أكثر من مئة كَذْبَة): بفتح الكاف وكسرها مع إسكان الذال المعجمة.
* * *
3062 -
(7562) - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يُحَدِّثُ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"يَخْرُجُ ناَسٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، وَيَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ". قِيلَ: مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: "سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ، أَوْ قَالَ: التَّسْبِيدُ".
(التَّسْبِيد): - بمثناه فوقية مفتوحة فسين مهملة ساكنة فباء موحدة مكسورة فمثناه تحتية فدال مهملة -: حلقُ الشعرِ واستئصالُه من الرأس، وقيل: هو تركُ غسلِ الرأس وتركُ دَهْنِه (2).
(1) انظر: "التوضيح"(33/ 585).
(2)
انظر: "التنقيح"(3/ 1282).