الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدَّثَنَا مُوسَى - هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ -، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ في غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ: أَنَّهُمْ أَصَابُوا سَبَايَا، فَأَرَادُوا أَنْ يَسْتَمْتِعُوا بِهِنَّ وَلَا يَحْمِلْنَ، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْعَزْلِ، فَقَالَ:"مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ مَنْ هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: عَنْ قَزَعَةَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إِلَّا اللَّهُ خَالِقُهَا".
(أصابوا سَبايا): [جمع سَبِيئَة - بالهمزة -، وهي المرأةُ](1) تُسبى؛ مثل: خَطيئة وخَطايا، وكان الأصل: سَبائِيء، وخَطائِيء على زنة (2) فَعائِل، فلما اجتمعت الهمزتان، قلبت الثانية ياء؛ لانكسار ما قبلها، ثم استُثقلت، والجمعُ ثقيل، وهو مع ذلك معتلٌّ، فقلبت الكسرة فتحة، ثم الياء ألفاً، ثم الهمزة ياء؛ لخفتها بوقوعها بين الألفين.
* * *
باب: قول الله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]
3025 -
(7411) - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَدُ اللَّهِ مَلأى، لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ". وَقَالَ: "أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(2)
في "ج": "وزن".
خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا في يَدِهِ". وَقَالَ: "عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْمِيزَانُ، يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ".
(لا يَغيضُها نفقةٌ): - بالغين والضاد المعجمتين -؛ أي: لا تَنْقُصُها.
(سَحًّا): - بسين وحاء مهملتين مفتوحتين وبالتنوين -: منصوبٌ على المصدر؛ أي: تسحُّ سَحّاً، والمعنى: أنها دائمةُ الصَّبِّ والهَطْلِ بالعطاء.
ويروى: "سَحَّاءُ" - بالمد [والرفع - على أنها خبر لـ "يد" لقوله: "يَدُ الله مَلأْى".
ويحتمل أن تكون خبرَ مبتدأ مضمَر، أي: هي سَحَّاءُ] (1).
واليدُ هنا كناية عن محلِّ عطائه، ووصفَها بالامتلاء؛ لكثرة منافعِها، وكمالِ فوائدها، فجعلَها كالعين التي (2) لا يَغيضها الاستقاءُ (3).
(الليلَ والنهارَ): بالنصب على الظرف.
* * *
3026 -
(7414) - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، وَسُلَيْمَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ يَهُودِيّاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ عَلَى
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(2)
في "م": "الذي".
(3)
انظر: "التنقيح"(3/ 1266).
إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْخَلَائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أَناَ الْمَلِكُ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَرَأَ:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91].
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: وَزَادَ فِيهِ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَعَجُّباً وَتَصْدِيقاً لَهُ.
(إن الله يُمسك السمواتِ على إِصْبع): قيل: الإِصْبَعُ بعضُ خَلْقِ الله تعالى، قال هذا القائل: ودليلُه: أنه لم يقل: على إصبعه، بل أطلق ذلك مُنَكَراً، ولا يُنْكَر ذلك في مقدور الله تعالى أن يخلق خلقاً على هذا الوجه.
وقال الداودي: يحتمل كونُ الإصبع مَلَكاً، أو خَلْقاً من خلق الله تعالى يُمَلِّكُه ذلك، ويُقدره عليه (1).
وقال الخطابي: ذكرُ الإصبع لم يوجد في كتابٍ ولا سنةٍ مقطوعٍ بصحتها (2)، وليس معنى اليد الجارحة حتى يُتوهم ثبوتُها ثبوتَ الأصابع، بل هو توقيفٌ شرعي أطلقنا الاسمَ فيه على ما جاء في الكتاب العزيز من غير تكييف ولا تشبيه (3).
(1)"عليه": ليست في "ج".
(2)
بل ثبت، كما في هذا الحديث وغيره، وهو توقيف شرعي - كما قال الخطابي في اليد - أطلقنا الاسم فيه على ما جاء في السنة الصحيحة من غير تكييف ولا تشبيه.
(3)
انظر: "التوضيح"(33/ 271).
(حتى بَدَتْ نواجِذُه): - بالجيم والذال المعجمة -، قيل: هي الضَّواحِكُ، وقيل: الأضراسُ، وقيل: الأنيابُ.
(ثم قرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91]): قال الإمام ابن فورك: ضحكَ كالمتعجِّبِ منه أن يستعظمَ (1) ذلك في قدرة (2) الله، وإن ذلك يسيرٌ في جنب ما يَقْدِر عليه، ولذلك قرأ الآية؛ أي: ليس قدره في القدرة على ما يخلق على الحدِّ الذي ينتهي إليه الوهم، ويُحيط به الفعل والنظر.
(فضحكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم تعجُّباً وتصديقاً له): أنكر الخطابي هذا، وقال: الآيةُ محتملةٌ للرضا، وللإنكار (3)، وليس فيها للإصبع ذِكْرٌ، وقولُ من قال من الرواة: وتصديقاً له - أي: لليهودي - ظَنٌّ وحسبان.
قال: وروى هذا الحديثَ غيرُ واحد من أصحاب عبدِ الله، فلم يذكروا فيه: تصديقاً له، وقد يستدلُّ المستدِلُّ بحمرةِ الوجه على الخجل، وبصفرتِه على الوَجَل، وذلك غالب مجرى العادة في مثله، لا يخلو ذلك (4) من ارتيابٍ وشكٍّ في صدق الشهادة بذلك بجواز أن تكون الحُمْرَةُ لأمر حادث
(1) في "ج": "منه فيستعظم".
(2)
في "ج": "قوله".
(3)
في "ج": "والإنكار".
(4)
"ذلك" ليست في "ج".
في البدن، والصُّفْرَةُ لهيجانِ مَرارٍ، وثورانِ خِلْط (1)، والاستدلالُ بالتبسُّم في مثل هذا الاسمِ الجسيمِ قَدْرُه غيرُ سائغٍ مع تكافُؤ وجهَي الدلالة المتعارضين فيه، ولو صح الخبر، حملناه على تأويل قوله:{وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67]: أن قدرتَه على طَيِّها وسهولة الأمر في جميعها بمنزلة من جَمَعَ شيئاً في كفه، فلم يشتمل بجميع كَفِّه عليه، لكنه نقلَه ببعض أصابعه (2).
وقال الزمخشري: الغرضُ: تصويرُ عظمته وكنه جلاله من غير ذهاب بالقبضة واليمين (3) إلى حقيقةٍ أو مجاز، وكذا الحديث أن حبراً من اليهود قال: إنَّ الله يُمسك السمواتِ على إصبع، الحديث، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجباً مما قال الحبر، وإنما ضحكَ أفصحُ العرب؛ لأنه فهم منه ما فهمَه علماء البيان من غير إمساك، ولا يَدٍ، بل فهم من أول أمر (4) الزبدةَ والخلاصةَ، وهي الدلالةُ على القدرةِ الباهرة (5)؛ يريد: على طريقة التمثيل المقررة عند علماء هذا الفن.
* * *
(1)"وثوران خلط": ليست في "ج".
(2)
وانظر: "التوضيح"(33/ 274).
(3)
في "ج": واليمن.
(4)
في "ج": "فهم".
(5)
انظر: "الكشاف" للزمخشري (4/ 146).