الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أفديه لاعب شطرنج قد اجتمعت
…
في شكله من معاني الحسن أشتات
عيناه منصوبة للقلب غالبة
…
والخد فيه لقتل النفس شامات
وقال صلاح الدين الصفدلي:
ألاعب بالشطرنج بدر ملاحة
…
محاسنه تزهى على طلعة الشمس
سترت ضناً جسمي فلما رأيته
…
يروم قطاعي خفت منه على نفسي
وقال زين الدين بن الوردي:
لاعبت بالشطرنج من
…
أضحى كشمس طالعه
نفسي به ماتت وما
…
تعجبني المقاطعه
ومن الاستشهادات اللطيفة ما أنشده الشيخ نور الدين علي بن سعد المعري صاحب المرقص والمطرب وغيره وقد رأى شخصاً يلعب الشطرنج ويضرب بالرقعة القطع ضرباً عنيفاً فقال:
رفقاً بهن فما خلقن حديدا
…
أو ما تراها أعظماً وجلوداً
قلت: وهذا البيت أول قصيدة للشريف البياضي في وصف النوق ولقد أجاد نور الدين رحمه الله تعالى.
وعلى ذكر نور الدين فما أحسن ما كتب به إلى القاهرة المحروسة سيدنا ومولانا الفاضل المؤرخ المحدث المفنن شهاب الدين أحمد بن القاضي نور الدين علي الشهير بابن حجر (مولده سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة) فسح الله في أجله وذلك من بعض متجدداته:
مولاي نور الدين صبحك الهنا
…
بسعادة تبقى لديك سرورها
لا تحتجب عن مقلتي فأنا أمرء
…
إن لم تكن عيني فإنك نورها
ونقلت من خط الشيخ بدر الدين أبي المحاسن محمد بن ابراهيم اليشتكي أحد فضلاء الديار المصرية وبقية متأخريها سلمه الله تعالى في القاء العاشر من الشطرنج على قاعدة الحكاية المشهورة ولم أعلم الضابط في هذه الأعداد له أم لغيره وأنسيت أن أسأله:
موت عدوي يزين حزمي
…
وألحق سيف به قتالي
(القاء التاسع)
ولما فتنت بلحظ له
…
عذرت فما خفت من شامت
(القاء الثامن)
أبثك يا عز شوقي لعل
…
تمنى بعطف به راحتي
(القاء السابع)
يا مليح بت شاكي بثه
…
ومتى رق ظلوم لشكي
(القاء السادس)
إن كان في صدك قتلي
…
أنا لنى فقد أحبابي
(القاء الخامس)
تنكر في حبه جائراً
…
فبات وفوه يبث الحرق
(القاء الرابع)
وفاتن منظره فتنة
…
ليس يرى حرف الجفا عاشقة
اللام ألف بحرف واحد.
قال المنقول من خطه أنشدني من لفظه لنفسه صاحبنا جلال الدين بن خطيب داريا سلمه الله تعالى في القاء الثالث.
بك يا خير من
جد يحجب الغ?_?ي إذا قيل أي حصر تصيد وقال القاضي السعيد بن سنا الملك:
ويوم مطير قد ترنم رعده
…
وصفق لما أحسن القطر في
ورقعة ماء تحت برد فواقع
…
الرقص
وقال الشيخ شمس الدين بن الصائغ (ولد سنة عشر وسبعمائة، وتوفي سنة ست وسبعين وسبعمائة) :
لما غدا بدر الدجى لاعباً
…
بالنرد يلقى الفص مثل الشرك
وفاق في الحسن وفي لعبه
…
ناديت بالله ما أقمرك
وقال زين الدين بن الوردي:
مهفهفان لعباً
…
بالنرد أنثى وذكر
قالت أنا قمرية
…
قلت اسكتي فهو قمر
ولبعضهم يوري بأعداد النرد:
ساعدني جاري على شادن
…
أعطيته خمساً بمقدار
فما تأتي إليك من يكه
…
إلا بهذا البنج والجار
في القاء الخامس من قطع النرد من نظم الشيخ صلاح الدين الصفدي:
لاتبك إن هب ريح نجد
…
أنك يا بئس ما بليت
اللام ألف حرفان.
وله في القاء السابع:
قدر شاني بكل شين
…
عدمت في ذا صلاح خبري
الباب الرابع عشر
في الشمعة والفانوس والسراج
من رسالة للإمام ضياء الدين محمد بن نصر الله الجزري المعروف بابن الأثير (مولده سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، ووفاته سنة سبع وثلاثين وستمائة) وكان بين يدي شمعة تعم مجلسي بالإيناس وتغني بوجودها عن كثرة الجلاس وينطق لسان حالها أنها أحمد عاقبة من مجالسه الناس ولا الأسرار عندها بملفوظة ولا السقطات لديها محفوظة وكانت الريح تلعب بلهبها وتخلف على شعبة بشعبها فطوراً تقيمه فتصير أنمله وطوراً تمله فتصير سلسله وتارة تجوفه فتصبر مذهنه وتارة تجعله ذا ورقات فيتمثل سوسنه وآونة تنشره فتصير منديلاً وآونة تلفه على رأسها فيستدير إمكليلاً ولقد تأملتها فوجدت نسبتها إلى الفص العسلي وقدها قد العسال وبها يضرب المثل للحكيم غير أن لسانها لسان الجهال ومذهبها مذهب الهنود في إحراق نفسها بالنار وهي شبيهة بالعاشق في انهمال الدمع واستمرار السهر وشدة الإصفرار وكل ذا تجدد لها بعد فراق أخيها ودارها والموت في فراق الأخ والدار.
وقد نزع هذا المنزع في رسالة أخرى فقال وذلك أن لها قد ألفى القوام مشبهاً في نحوله وإصفراره بحال المستهام وهي القلم شيئان في أنها إذا قطع رأسهما صحا بعد السقام ومن عجيب شأنها أن روحها تحيي بفناء جسمها وبالأرواح تكون حياة الأجسام وقد وصفها قوم بأن لها خلقاً كريماً في رعاية حقوق الإخوان وإن بكاها ليس إلا لمفارقة أخيها الذي خرجت معه من بطن ونشأت معه في مكان وهذا الوصف من ألطف أوصافها وهو مما يزيد الأحباب وجدا بأحبابها ويهيج الآلاف شوقاً إلى آلافها وكانت الريح تلعب بلهبها لدى الخادم فتسلطه هلالاً فتارة تبرزه هلالاً ولربما سطع طوراً كالجلنارة في تضاعف أوراقها وطوراً كالأصابع في انضمامها وافتراقها وآونة تأخذه فتلقيه على رأسها كالقناع ثم ترفعه عنها حتى تكاد تزاوله بذلك الارتفاع ثم قال بعد ذلك كلاماً ليس فيه تشبيه فكما كانت الريح تلعب بالشمعة فتنقلها من مثال إلى مثال كذلك الشوق يلعب بالقلب فينقله من حال إلى حال، وهذا الوصف وإن مد باعه لمعانقته الإبداع، وأودع أسرار المعاني في صدور الألفاظ فصانها بالإيداع مأخوذ من موضعيبن أحدهما من قصيدة الأرجاني والآخر من كلام أبي محمد عبد الله بن أبي الخصال فإنه مذكور في آخر هذا الباب عند ذكر السراج.
أما قصيدة الأرجاني فهي:
نمت بأسرار صبح كان يخفيها
…
وأطلعت قلبها للناس من فيها
قلب لها لم يرعنا وهو مكتمن
…
إلا برقية نار من تراقيها
سفيهة لم يزل طول اللسان لها
…
في الحي يجني عليها ضرب هاديها
غريقة في دموع وهي تحرقها
…
أنفاسها بدوام من تلظيها
تنفست نفس المهجور فأدكرت
…
عهد الخليط فبات الوجد يبكيها
يخشى عليها الردى مهماً ألم بها
…
نسيم ريح إذا وفى يحيها
بدت كنجم هوى في اثر عقربة
…
في الأرض فاشتعلت منها نواصيها
نجم رأى الأرض أولى أن يبوئها
…
من السماء فأمسى طوع أهليها
كأنها غرة قد سال سادخها
…
في وجه دهماء يزهيها مجليها
أو ضرة خلقت للشمس حاسدة
…
فكلما حجبت قامت تحاكيها
وحيدة وهي مثل الرمح هازمة
…
عساكر الليل عن حلت بواديها
ما طنبت قط في أرض مخيمة
…
إلا وأقمر للأبصار داجيها
لها غرائب تبدو من محاسنها
…
إذا تفكرت يوماً في معانيها
فالوجنة الورد إلا في تناولها
…
والقامة الغصن إلا في تثنيتها
قد أثمرت وردة حمراء طالعة
…
تجني على الكف أن أهويت تجنيها
ورد تشاك به الأيدي إذا قطفت
…
وما على غصنها شوك يوقيها
صفر غلائلها حمر عمائمها
…
سود ذوائبها بيض لياليها
كصعدة في حشا الظلماء طاعنة
…
تسقي أسافلها ربا أعيالها
وصيفة لست منها قاضياً وطرا
…
إن أنت لم تكسها تاجاً يحليها
صفراء هندية في اللون إن نعتت
…
والقد في اللين إن أتممت تشبيهاً
ما إن تراك الليل لاهثه
…
وما بها علة في الصدر تصميها
تحيي الليالي نوراً وهي تقتلها
…
بئس الجزاء لعمر الله يجزيها
ورهاء لم يبد للأبصار لابسها
…
يوماً ولم يحتجب عنهن عاريها
قدت على قد ثوب قد تبطنها
…
ولم يقدر عليها الثوب كاسيها
غراء فرعاء ما تنفك قالية
…
تقص لمتها طوراً وتقليها
شيباء شعثاء لا تكسي غدائرها
…
لون الشبيبة إلا حين تبليها
فتاة ظلماء ما يتفك ثاكلها
…
سنانها طول طعن أو يشظيها
مفتوحة العين تفني ليلها سهرا
…
نعم وإفناؤها إياه يفنيها
وربما نال من أطرافها مرض
…
لم يشف منه بغير القطع شافيها
وقال القاضي الفاضل:
ولما أراد الليل ينظر وجهه
…
تقدم إن يذكي له الشمع أعيناً
وما هي إلا أعين وجفونها
…
دجاها وإنسان السعود نهارنا
رياض دجى فتحن عند وقودها
…
أزاهر نار تركب الشمع أغصناً
عجبت لروض منه بالنار يزدهي
…
وإلا لزهر منه بالعين يجتني
فتكن الدجى والنور فيض دمائها
…
غذ النار نصل والشموع لها قنا
وقال فيها:
بكت مثل ما أبكي وفاضت دموعها
…
ولم تفش أسراراً كفيض دموعي
إشارة مظلوم وعبرة عاشق
…
ووقفة مأمور ولون مروع
أقامت إلى نحر الظلام أسنة
…
فلم تلقها إلا بخلع دروع
وقال أيضاً:
والشمع فوق البحر تحسب انه
…
من لجة قد أطلع المرجان
والماء درع والشموع أسنة
…
ولها إذا خفق النسيم طعان
وقال محمد بن علي الوزير حاجب النعمان:
وطفلة كالرمح شاهدتها
…
سنانها من ذهب قد طبع
دموعها تنهل في نحرها
…
ورأسها يحيي إذا ما قطع
وقال آخر وأجاد:
إذا مرضت طال منها اللسا
…
ن ومد المداوي إليها يدا
ويقطع من رأسها الجلنا
…
ر فيرجع أهليلجاً أسودا
وقال ابن خفاجة (ومولده سنة خمسين وأربعمائة، ووفاته سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة) :
وصعدة لبست سروال مشتهر
…
بالحب منغمس في الدمع والحرق
مازال يطعن صدر الليل يهدمها
…
حتى بدا سائلاً منه دم الشفق
وقال آخر وأغرب:
وباكية من غير حزن بأدمع
…
تذوب بها أحشاؤها حين تنهمل
دموعاً إذا ردت إليها بكت بها
…
ولم أر دمعاً غيره في المقل
وقال سيف الدين المشد:
ولم أر مثل شمعتنا عروساً
…
تجلت في الدجى ما بين جمع
كأن عقود أدمعها عليها
…
سلاسل فضة أو قضب طلع
وقال محاسن الشوا (مولده سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، ووفاته سنة خمس وثلاثين وستمائة) :
حكتني وقد أودى بي السقم شمعة
…
وإن كنت صبا دونها متوجعا
ضناً وسهاداً واصفراراً وزفرة
…
وصبراً وصمتاً واحتراقاً وأدمعا
وقال نور الدين بن سعيد:
ومجلس أنس زينته عرائس
…
تزيد لنا وصلاً إذا ما قطعناها
إذا طعنت صدر الظلام برمحها
…
ترد بسيف الصبح منها فأفناها
الشيخ زين الدين بن الوردي:
ممشوقة مثل صدر الرمح عارية
…
قد توجت بنظير الكوكب الساري
تبكي إذا ضحكت جلاسها فرحاً
…
فالقوم في جنة والشمع في نار
وقال ابن الجلال وأجاد إلى الغاية (توفي سنة ست وخمسين وخمسمائة) :
وصحيحة بيضاء تطلع في الدجى
…
صبحاً وتشفي الناظرين بدائها
شابت ذوائبها أوان شبابها
…
وأسود مفرقها أوان فنائها
كالعين في طبقانها ودموعها
…
وسوادها وبياضها وضيائها
مجير الدين بن تميم وقد طفئت شمعة بمجلس فزارهم مليح عقيب طفيها:
ومخطفة أوقدتها جنح ليلة
…
وقد زار من أهوى وتم بها أنسى
فأطفأتها إذا أشرقت شمس وجهه
…
ومن سفه أن يوقد الشمع في الشمس
وقال ابراهيم المعمار:
لا تنور في مقامي
…
شمعة من غير حاجة
قد كفانا طلعة البد
…
ر ومصباح الزجاجة
ولما أنشدتها للأمير شهاب الدين الحاجي قال لي لم لا قلت:
أطفئوا ذا الشمع عنا
…
ما لنا بالشمع حاجة
فقال ابراهيم أردت مقامي وهذا في غاية الظرافة.
علاء الدين الوداعي وقد أهدى شمعة:
يا من ببعادهم أسا الدهر إلى
…
والآن فقد أنعم بالقرب علي
قد أظلمت الأشواق طرفي فلذا
…
قدمت إليكم شمعة بين يدي
البدر يوسف بن لؤلؤ الذهبي في مليح يقط الشمع:
وذي قوام أهيف
…
بين الندا ما قد نشط
قام يقط شمعة
…
فهل رأيت الظبي قط
سيف الدين المشد ملغزاً في طوافة:
لينة الأعطاف لا
…
ينكر فضل قدرها
حياتها في طيها
…
وموتها في نشرها
وقال ناصر الدين بن شافع في وصفها (مولده سنة تسع وأربكعين وستمائة، وتوفي سنة ثلاثين وسبعمائة) : وشمعة قد استتم نبتها في روض الأنس حتى نور * ولا نمى بدوحة المفاكهة حتى أزهر * أومأ بنان تبلجها إلى طرق الهداية وأشار ودل على نهج التبصر وكيف لا وهي علم في رأسه نار * كأنما هي قلم امتدى بماء ليق من ذهب أو صعدة إلا أن سنانها ذهب وحسبها كرماً أن جادت بنفسها وأعلنت بامتناعها على همود حسها سايلها في الجود بأمثالها مسول ودمعها بالعفو للصفو من سماحتها مطلول تحيتها عمواً صباحاً يتألق فجرها وتمام بدرها في أوائل شهرها قد جمعت من ماء دمعها ونار توقدها بين نقيضين ومن حسن تأثرها وعين تبصرها بين الأثر والعين.
وقال محيي الدين بن عبد الظاهر: في حين ما شق ريحي الدجى عن ترائبه جيباً ونشر الظلام ظفائره وقد اشتعل رأسه من النجوم شيباً في ضوء شمعة نشرت على الورق ردء الأصيل وأخفت من الدجى سواد دجفنه الكحيل وسترت ذوائبه في معصفر أبهج من وجنتي بثينة لولا أنها في صفرة ةجه جميل.
وكتب الأديب الفاضل الكامل شرف الدين عيسى بن حجاج العالية أحد شعراء العصر بالديار المصرية أبقاه الله تعالى إلى الوزير العلامة فخر الدين بن مكانس تغمده الله بالرحمة يقبل الأرض التي شاقه ترابها المواطئ الفخرية فزاد عجاباً وقال المسك يا ليتني كنت تراباً وينهي أنه أقبل على المطالعة والباقي من العشر ليال خمس واستهدى بنجوم فوائدها حين قامت الشمعة بوظيفة الشمس واستدعى أعواناً من السهر فتخاذلت عنه أعوانه وخشي من غلبة النوم فتغلب عليه سلطانه ولما أغفى على وجه الكتاب لعبت الشمعة بلسانها وتناولت طرف شاشة بيد نيرانها فهب المملوك وأخمد منها ما تصاعد من الأنفاس وقابلها على حرق الشاش بقطع الرأس.
أني جلست بشمعة موقودة
…
لأطالع الأسفار للتسبيح
فتناولت شاشي أوائل نارها
…
وتمكنت منه بمر الريح
من قبل حرق الشاش كنت مطالعاً
…
في الكتب صرت مطالعاً في الروح
وقد توسلت بهذه الرسالة المدونة في باب المنظوم والمنثور ومددت يد سؤلي إلى طلبي ساشاً مقصوراً وأرجو أن يجمع لي بين الممدود والمقصور أبقاك الله للأولياء الذين يحبون وجودك ويستمطرون كرمك وجودك.
وقال مجير الدين بن تميم وقد مر بدار بعض أصحابه ومعه شمعة وقد طفئت فأوقدها من داره:
لما أزرتك شمعتي لتنيرها
…
جاءت تحدث عن سراجك بالعجب
وافتك حاسرة فقبل رأسها
…
فأعادها نحوي بتاج من ذهب
حكى أن مجير الدين الخياط الدمشقي كان يتعشق غلاماً من أولاد الجند فشرب في بعض الليالي وسكر فوقع في الطريق فمر الغلام عليه وهو راكب فرآه في الليل مطروحاً فوقف عليه بالشمعة ونزل فأقعده ومسح وجهه فسقط من الشمعة نقطة على خده ففتح عينيه فرأى الغلام على رأسه فاستيقظ من سكرته وأنشد مرتجلاً:
يا محرقاً بالنار وجه محبه
…
مهلاً فإن مدامعي تطفيه
أحرق بها جسدي وكل جوارحي
…
واحذر على قلبي فإنك فيه
وأما الفانوس فمن احسن ما سمع فيه قول مجير الدين بن تميم:
انظر إلى الفانوس تلق متمياً
…
ذرفت على فقد الحبيب دموعه
يبدو تلهب قلبه لنحوله
…
وتعد من تحت القميص ضلوعه
وقال:
أبدي اعتذاراً لنا النفوس حين بدا
…
في حالة من هواه ليس ينكرها
رأى الهوى مضرماً ما بين أضلعه
…
نار الجوى فغذا بالثوب يسترها
وقال الوجيه المناوي:
كأنما الليل وفانوسنا
…
يجلو دجى الظلمة للحس
لجة بحر قد طما موجه
…
تسبح فيه كرة الشمس
وقال شهاب الدين بن أبي جحلة مضمناً:
وكأنما الفانوس نجم نير
…
منع الظلام من الهجوم طلوعه
أو عاشق أجرى الدموع بحرقة
…
من حر نار قد حوته ضلوعه
وله مضمناً أيضاً:
وباكية من غير حزن بأدمع
…
تذوب بها أحشاؤها حيت تنهمل
دموعاً إذا ردت إليها بكت بها
…
ولم ار دمعاً غيره رد في المقل
وله فيه مضمناً:
يحكى سناص الفانوس من بعد لنا
…
برق تالق موهناً لمعانه
فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه
…
والماء ما سمحت به أجفانه
وله:
أنا في مقام الناصر السلطان لا
…
أشكو إلى محبوب قلبي ما بي
3فاصبر كصبري في الهوى ولأنني
…
متجلد والنار تحت ثيابي مجير الدين بن تميم تضمن:
يقول لها الفانوس لما بدت له
…
وفي قلبه نار من الغيظ تسعر
خذي بيدي ثم اكشفي الثوب تنظري
…
ضنا جسدي لكنني أتستر
وأما السراج وما قيل فيه فمنه قول ابن أبي الخصال.
عذراً إليك أعزك الله فإني حططت والنوم معازل والعز منازل والريح يلعب باسلراج ويصول عليه صولة الحجاج وطوراً يسدد سناناً وطوراً يحركه لساناً وآونة يطوي جنابه وأخرى ينشره ذؤابه ويقيمه أبرة لهب ويعطفه برة ذهب او حمة عقرب وتقوسه حاجب فتاة ذات غمزات ويتسلط على سليطه ويزيله عن خليطه ويخلفه نجماً ويمده رحماً وتسل روحه من ذباله ويعيده إلى حاله وربما نصبته إذن جواد ومسخته حدق جراد ومشقته خاطف برق بكف ودق ولثمه سناه قنديله ولفت على أعطافه منديله فلاحظ منه للعين ولا هداية في الطرس لليدين.
قال شرف الدين التيفاشي رأيت فيما يرى النائم قائلاً يقةول لي تحفظ في السراج والمسرجة فأنشدته قول ابن الرومي:
وحية في رأسها درة
…
تسبح في بحر قصير المدا
إذا تولت فالعمى حاضر
…
وإن تجلت بان طرق الهدى
فقال لي هذا في الذبالة وأنا سألتك في السراج والمسرجة فأنشدته قول الصنوبري:
إن سراجاً نوره ظلمة
…
كأنما يوقد في قلبي
الحب أضناني فما باله
…
بفتى وما يشكو جوى الحب
فقال هذا في السراج وأنا سألتك في السراج والمسرجة فصمت فقال أراك سكت فقلت له ما تحفظ فيهما أنت فأنشد:
مسرجة تسرج من فوقها
…
ذبالة في جوف مصباح
كأنها مسرجة فوقها
…
تفاحة في غصن تفاح
فاستيقظت وأنا احفظهما.
قال شهاب الدين بن أبي حجلة وهذا التشبيه في المسرجة جيد في مسارج العرب فإن مسرجتهم قضيب أملس أشبه بغصن التفاح.
قلت: لا يخفى ما في هذين البيتين من الحسن وجودة التركيب في قوله في البيت الأول مسرجة ثم في الثاني كأنها مسرجة وقوله تفاحة في غصن تفاح وما أعرف لهما شبيهاً إلا قوال ابن وزير في الحمام.
حكي أن ابن قزمان الوزير أبي بكر صاحب الأزجال المشهورة قام من مجلس انس فمال على السراج فأطفأه فقال في الحال:
يا أهل ذا المجلس السامي سرادقه
…
ما ملت لكنني مالت بي الراح
فإن أكن مطفئاً مصباح بيتكم
…
فكل من حل فيكم فيه مصباح
قال القاضي كمال الدين بن العديم (مولده سنة ست وثمانين وخمسمائة، ووفاته سنة تسع وخمسين وستمائة) في تاريخ حلب أن القاضي شمس الدين بن خلكان الأربلي مذهب الشافعي وأنشدني لنفسه ملغزاً في السراج:
أيها العالم الذي
…
صار حبراً ممارساً
والذي موضحاته
…
يجتليها عرائساً
أي شيء ترى الورى
…
جمعهم منه قابساً
إن في السرب نصفه
…
حيث ما كان كانساً
ثم صحف تمامه
…
تلق خلا مؤانساً
واحذفن منه ثالثاً
…
تنظرن فيه فارساً
من يصحفه عاكساً
…
يلق في الليل حارساً
وما أحسن قول القاضي الفاضل يعتذر عن كتاب كتبه إلى بعض أصحابه ليلاً كتبها الملوك ليلاً وقد عمشت عين السراج وشابت له الدواة وكل خاطر السكين وخرس لسان القلم وضاق صدر الورقة فإذا وقف سيدنا على هذا الكتاب فليقف على بيمارستان وليقل الباذنجان من هذا لايقل هذا من الباذنجان.
وقال ابن تميم في سراج يوقد من سراج:
أعلمتم يا قوم أن سراجنا
…
أمسى وفيه فضليه لاتكتم
يأتي أخوه إليه حاسر رأسه
…
فيعيده في الحال وهو معمم
نادرة: اتفق أن أبا الحسين الجزار قام مرة إلى بيت الخلاء فناوله السراج الوراق شمعة فقال الجزار ما عادتي أقضي الشغل إلا على السراج.
وما أظرف قول زين الدين ابن الوردي:
لي صاحب واسمه سراج
…
ما قرّ لي عنده قرار
لسانه محرق لقلبي
…
إن لسان السراج نار
وممن أكثر من ذكر السراج الأديب الفاضل الكامل سراج الدين عمر الوراق حتى إنه قيل له لولا لقبك راح نصف شعرك، فمن ذلك قوله:
إذا بحت بالشكوى عتبت معاشراً
…
بلا راحة في مدحهم أتعبوا ذهني
يريدونني رطب اللسان ومن رأى
…
سراجاً غدا رطب اللسان بلا دهن
وقوله بتقاضي زنجبيلاً:
مولاي بدر الدين أن?
…
?ت في المكارم تاجها
ولديك بغية كل نف?
…
?س آمليك وحاجها
ولنور وجهك في الفضا
…
ئل قد أقر سراجها
أنسيت سورة هل أتى
…
ونسيت كان مزاجها
وقوله:
أقول في يوم شتاء به
…
من سحبه ما خلف النيلا
خرجت من بيتي سراجاً وقد
…
عدت بحمد الله قنديلاً
وقوله:
سبق السراج إلى امتدا
…
حك كل من يتقدمه
وسناك مسرجة لبا
…
بك والمهابة تلجمه
ولكن توقد ذهنه
…
ما كل شيء يفحمه
وقوله:
كم قطع الجود من لسان
…
قلد في نظمه النحورا
وها أنا شاعر سراج
…
فاقطع لساني أزدك نورا
وقوله:
بنيّ اقتدى بالكتاب العزيز
…
فراح ليرى سعياً وراجاً
فما قال لي أف مذ كان لي
…
لكوني أبا ولكوني سراجاً
وقوله:
أثنى عليّ الأنام إني
…
لم أهج خلقاً ولو هجاني
فقلت لا خير في سراج
…
إن لم يكن ذاك في اللسان
وقوله:
قلبي لديك وطرفي طال بعدهما
…
عني فلي أبداً سهد وتذكار
ولست متهماً قول السراج إذا
…
ما قال من حرق في قلبي النار
وقوله:
بكتبك راح لي أملي وقصدي
…
وفي يدك النجاح لكل راجي
ولولا أنت لم ترفع مناري
…
ولا عرف الورى قدر السراج
وقوله: وقد اجتمع ببدر الدين بيليك وشمس الدين سنقر:
لما رأيت البدر والشمس معاً
…
قد انجلت دونهما الدياجي
حقرت نفسي ومضت هارباً
…
وقلت ماذا موضع السراج
وقوله: يمدح ضياء الدين:
أمولانا ضياء الدين دم لي
…
وعش فيقاء مولانا بقائي
فلولا أنت ما أغنيت شيئاً
…
وهل يغني السراج بلا ضياء
وقوله:
شعيرتي مذ رمدت قد حجبت
…
شخصك عني وكان مأنوساً
فالحمد لله زادني شرفاً
…
كنت سراجاً فصرت فانوساً
وقوله:
إلهي قد جاوزت سبعين حجة
…
فشكراً لنعماك التي ليس تنكر
وعمرت في الإسلام فازددت بهجة
…
ونوراً كذا يبدو السراج المعمر
وعمم نور الشيب رأسي وسرني
…
وما ساءني إن السراج منور
وقوله:
طوت الزيادة غذ رأت
…
عصر الشباب طوى الزيادة
ثم انثنت لما انثنى
…
بعد الصلابة كالحجارة
وبقيت أهرب وهي تس?
…
?أل جارة من بعد جاره
وتقول ياستي استرح?
…
?نا لا سراج ولا منارة
وقال فيه بعض شعراء عصره والسراج عمر عالي المنار ويتوقد دكاً ولو لم تمسه نار.
حكى أنه جهز غلاماً ليبتاع له زيتاً طيباً يأكل به لفتاً فأحضر وقلبه على اللفت فوجده زيتاً حاراً فأنكر على الغلام وأخذه وجاء إلى البياع وقال لم تفعل مثل هذا بنا فقال والله ياسيدي مالي ذنب إلا أنه قال لي أعطني زيتاً للسراج.
وحكى عنه أيضاً انه دعى إلى زفة فقالوا له صبيحتها أيش كان حالك يا سراج الدين البارحة فقال أيش حال سراج بين ألف مشعل.
ومثلها ما حكاه لي الوزير المرحوم فخر الدين بن مكانس عن صاحبه سراج الدين القوصي أنه كان حصل له طلوع في جسده فتردد إليه المزين فقال أيش حال سراج فيه سبع فتائل.
وأنشدني لنفسه يداعب المذكور وكان سكندري الأصل:
يا ذا السراج اشتر أيري فأنت به+أولى وذلك للأمر الذي وجبا
سكندري وتدعى بالسراج وذا
…
مثل المنار إذا ما قام وانتصبا
وما أحسن قول بعضهم: *ومتى أظلم خطب عمر الله السراجا * فصل في القنديل: قال شمس الدين محمد بن العفيف:
صفا باطني صرفاص كمارق ظاهري
…
وناجيت فتياناً من الشرب أكياساً
إذا نهضوا كنت الرفيق لهم إذا
…
وإن جلسوا أمسيت في الوسط جلاساً
ولآخر:
وقنديل كان الضوء فيه
…
سنا وجه الحبيب إذا تجلا
أشار إلى الدجى بلسان أفعى
…
فشمر ذيله هرباً وولى
ولآخر:
وشادن مرّ والقنديل في يده
…
ما بيننا وظلام الليل معتكر