المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب السادس والثلاثون في الحساب والوزراء اعلم أن الوزير مشتق اسمه من حمل الوزر عمن خدمه وحمل الوزير لا يكون إلا بسلامة من الوزير لا يكون إلا بسلامة من الوزير في خلقته وخلائقه أما في خلقته فإنه يكون تام الصورة حسن الهيئة متناسب الأعضاء صحيح الحواس وأما في خلائقه فهو أن يكون بعيد الهمة سامي الرأي ذكي الذهن جيد الحدس صادق الفراسة رحب الصدر كامل المروءة عارفا بموارد الأمور ومصادرها فإذا كان كذلك كان أفضل عدد المملكة لأنه يصون الملك عن التبذل ويرفعه عن الدناءة ويغوص له عن الفكرة ومنزلته منزلة الآلة يتوصل بها إلى نيل بغيته وبمنزلة الذي يحرز المدينة من دخول الآفة ومنزلة الجارح الذي يصيد لطعمة صاحبه وليس كل أحد وإن أصلح لهذه المنزلة يصلح لكل سلطان ما لم يكن معروفا بالإخلاص لمن خدمه والمحبة لمن استنصحه والإيثار لمن قربه وقال الثعالبي في يواقيت المواقيت، الوزارة اسم جامع للمجد والشرف والمروءة وهي تلو الملك والإمارة والرتب العلياء والدرجة الكبرى بعدهما، قال المنصور النميري يمدح يحيى البرمكي:ولو علمت فرق الوزارة رتبة…تنال بمجد في الحياة لنالها - مطالع البدور ومنازل السرور

[الغزولي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأولفي تخير المكان المتخذ للبنيان

- ‌الباب الثانيفي أحكام وضعه وسعة بنائه وبقاء الشرف والذكر ببقائه

- ‌الباب الثالثفي اختيار الجار والصبر على أذاه وحسن الجوار

- ‌الباب الرابعفي الباب

- ‌الباب الخامسفي ذم الحجاب

- ‌الباب السادسفي الخادم والدهليز

- ‌الباب السابعفي البركة والفوارة والدواليب وما فيهن من كلام وجيز

- ‌الباب الثامنفي الباذهنج وترتيبه

- ‌الباب التاسعفي النسيم ولطافة هبوبه

- ‌الباب العاشرفي الفرش والمساند والأرائك

- ‌الباب الحادي عشرفي الأراييح الطيبة والمروحة وما شاكل ذلك

- ‌الباب الثاني عشرفي الطيور المسمعة

- ‌الباب الثالث عشرفي الشطرنج والنرد وما فيهما من محاسن مجموعة

- ‌الباب الرابع عشرفي الشمعة والفانوس والسراج

- ‌الباب الخامس عشرفي الخضروات والرياحين

- ‌الباب السادس عشرفي الروضات والبساتين

- ‌الباب السابع عشرفي آنية الراح

- ‌الباب الثامن عشرفيما يستجلب بها الأفراح

- ‌الباب التاسع عشرفي الصاحب والنديم

- ‌الباب العشرونفي مسامرة أهل النعيم

- ‌الباب الحادي والعشرونفي الشعراء المجيدين

- ‌الباب الثاني والعشرونفي الحذاق المطربين

- ‌الباب الثالث والعشرونفي الغلمان

- ‌الباب الرابع والعشرون في الجوارى ذات الألحان قال الثعالبي في تحفة الأرواح وموائد السرور والأفراح إن كان أجود منه وذلك مع الروية وقال أفلاطون: غناء الملاح تحرك فيه الشهوة والطرب وغناء القباح يحرك فيه الطرب لا الشهوة وقد قيل أحسن الناس غناء من تشبه بالنساء من الرجال ومن تشبه بالرجال من النساء وما أحسن قول القائل:جائت بوجه كأنه قمر…على قوم كأنه غصن

- ‌الباب الخمس والعشرون في الباءة

- ‌الباب السادس والعشرونفي الحمام وما غزى مغزاه

- ‌الباب السابع والعشرونفي النار والطباخ والقدور

- ‌الباب الثامن والعشرونفي الأسماك واللحوم والجزور

- ‌الباب التاسع والعشرونفيما تحتاج إليه الأطعمة من البقول في السفرة

- ‌الباب الثلاثون في الخوان والمائدة وما فيهما من كلام مقبول

- ‌الباب الحادي والثلاثونفي الوكيرة والأطعمة المشتهاة

- ‌الباب الثاني والثلاثونفي الماء وما جرى مجراه

- ‌الباب الثالث والثلاثونفي المشروب والحلواء

- ‌الباب الرابع والثلاثونفي بيت الخلاء المطلوب

- ‌الباب الخامس والثلاثونفي نبلاء الأطباء

- ‌الباب السادس والثلاثون في الحساب والوزراء اعلم أن الوزير مشتق اسمه من حمل الوزر عمن خدمه وحمل الوزير لا يكون إلا بسلامة من الوزير لا يكون إلا بسلامة من الوزير في خلقته وخلائقه أما في خلقته فإنه يكون تام الصورة حسن الهيئة متناسب الأعضاء صحيح الحواس وأما في خلائقه فهو أن يكون بعيد الهمة سامي الرأي ذكي الذهن جيد الحدس صادق الفراسة رحب الصدر كامل المروءة عارفاً بموارد الأمور ومصادرها فإذا كان كذلك كان أفضل عدد المملكة لأنه يصون الملك عن التبذل ويرفعه عن الدناءة ويغوص له عن الفكرة ومنزلته منزلة الآلة يتوصل بها إلى نيل بغيته وبمنزلة الذي يحرز المدينة من دخول الآفة ومنزلة الجارح الذي يصيد لطعمة صاحبه وليس كل أحد وإن أصلح لهذه المنزلة يصلح لكل سلطان ما لم يكن معروفاً بالإخلاص لمن خدمه والمحبة لمن استنصحه والإيثار لمن قربه وقال الثعالبي في يواقيت المواقيت، الوزارة اسم جامع للمجد والشرف والمروءة وهي تلو الملك والإمارة والرتب العلياء والدرجة الكبرى بعدهما، قال المنصور النميري يمدح يحيى البرمكي:ولو علمت فرق الوزارة رتبة…تنال بمجد في الحياة لنالها

- ‌الباب السابع والثلاثون في كتاب الإنشاء وهو فصلانالفصل الأول: فيما يحتاج إليه كاتب الإنشاء من الأخلاق والأدوات والآلات

- ‌الباب الثامن والثلاثون في الهدايا والتحف النفيسة الأثمانذكر ابن بدرون في شرحه لقصيدة ابن عبدون عند ذكر كسرى وبنائه للسور المذكور في الباب السادس من هذا الكتاب ولما بنى كسرى هذا السور هادته الملوك وراسلته، فمنهم ملك الصين كتب إليه من يعقوب ملك الصين صاحب قصر الدار والجوهر الذي في قصره نهران يسقيان العود والكافور والذي توجد رائحة قصره على فرسخين والذي تخدمه بنات ألف ملك والذي في مربطه ألف فيل أبيض إلى أخيه كسرى أنوشروان وأهدى إليه فارساً من در منضد علينا الفارس والفرس من ياقوت أحمر وقائم سيفه من الزمرد منضد بالجوهري وثوباً حريرا صينياً وفيه صورة الملك على إيوانه وعليه حلته وتاجه وعلى رأسه الخدام بأيديهم المذاب المصورة من ذهب تحمله جارية تغيب في شعرها يتلألأ جمالها وغير ذلك مما تهديه الملوك إلى أمثالها

- ‌الباب التاسع والثلاثون في خواص الأحجار وكيانها في المعادنقال الفاضل أبو العباس شهاب الدين أحمد بن يوسف التيشاء: في الجوهر اسم عام يطلق على الكبير والصغير منه فما كان كبيراً فهو الدر وما كان صغيراً فهو اللؤلؤ المسمى حباً ويسمى أيضاً اللؤلؤ الدق ولؤلؤ النظم وحيوان الجوهر الذي يتكون فيه كبيره وصغيره يسمى باليونانية أسطوروس يعلو لحم ذلك الحيوان صدفتان ملازمتان لجسمه والذي يلي الصدفتين من لحمه أسود ولهذا الحيوان فم وأذنان وشحم يلي الفم من داخلهما إلى غاية الصدفتين والباقي رغوة وصدفة وماء

- ‌الباب الأربعون في خزائن السلاح والكنائنسأل عمر بن الخطاب (عمرو بن معدي كرب عن السلاح فقال ما تقول في الرمح قال أخوك وربما خانك فانقصف، قال فما تقول في الترس قال هو المجن وعليه تدور الدوائر، قال فالنبل قال منايا تخطئ وتصيب، قال فما تقول في الدرع قال مفشلة للراجل مغلة للفارس وإنها لحصن حصين، قال فما تقول في السيف قال هنالك لا أم لك يا أمير المؤمنين فعلاه عمر بالدرة وقال له تقول لا أم لك قال الحمى أصرعتني

- ‌الباب الحادي والأربعون في الكتب وجمعها وفضل اتخاذها ونفعهاقال ابن الخشاب ملغزا فيها:

- ‌الباب الثاني والأربعونفي الخيل والدواب ونفعها

- ‌الباب الثالث والأربعونفي مصائد الملوك وما فيها من نظم السلوك

- ‌الباب الرابع والأربعونفي خطائر الوحوش الجليلة المقداد

- ‌الباب الخامس والأربعون في الأسد النبل والزرافة والفيل

- ‌الباب السادس والأربعون في الحمام وما في وصفها من بديع النظام

- ‌الباب السابع والأربعون في الحصون والقصور والآثار وما قيل فيها من رائق الأشعار

- ‌الباب الثامن والأربعون في الحنين إلى الأوطان وتذكر من بها من القطانروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع صوتا فارتاع فقيل له في ذلك فقال ظننت أن ساكنا أزعج من منزله، وجاء أيضا حب الوطن من الإيمان وقال ابن عباس (لو قنع الناس بأرزاقهم قناعتهم بأوطانهم ما اشتكى أحد الرزق وكانت العرب إذا سافرت أخذت معها من تربة بلدها تستنشق ريحها وتطرحه في الماء إذا شربته وهكذا كان المتفلسف من البرامكة إذا سافر أخذ معه من تربة مولده في جراب يتدواى به ولما غزا اسفندبار بلاد الخرز اعتل بها فقيل له ما تشتهي قال شربة من دجلة وشميما من تراب اصطخر فأتي به بعد أيام بماء وقبضة من تراب وقيل له هذا من ماء دجلة ومن تربة أرضك فشرب واشتم بالوهم فنقه من علته

- ‌الباب التاسع والأربعونفي دار سكنت كثيرة الحشرات قليلة الخير عديمة النبات

- ‌الباب الخمسونفي وصف الجنان وما فيها من حور وولدان

الفصل: ‌الباب السادس والثلاثون في الحساب والوزراء اعلم أن الوزير مشتق اسمه من حمل الوزر عمن خدمه وحمل الوزير لا يكون إلا بسلامة من الوزير لا يكون إلا بسلامة من الوزير في خلقته وخلائقه أما في خلقته فإنه يكون تام الصورة حسن الهيئة متناسب الأعضاء صحيح الحواس وأما في خلائقه فهو أن يكون بعيد الهمة سامي الرأي ذكي الذهن جيد الحدس صادق الفراسة رحب الصدر كامل المروءة عارفا بموارد الأمور ومصادرها فإذا كان كذلك كان أفضل عدد المملكة لأنه يصون الملك عن التبذل ويرفعه عن الدناءة ويغوص له عن الفكرة ومنزلته منزلة الآلة يتوصل بها إلى نيل بغيته وبمنزلة الذي يحرز المدينة من دخول الآفة ومنزلة الجارح الذي يصيد لطعمة صاحبه وليس كل أحد وإن أصلح لهذه المنزلة يصلح لكل سلطان ما لم يكن معروفا بالإخلاص لمن خدمه والمحبة لمن استنصحه والإيثار لمن قربه وقال الثعالبي في يواقيت المواقيت، الوزارة اسم جامع للمجد والشرف والمروءة وهي تلو الملك والإمارة والرتب العلياء والدرجة الكبرى بعدهما، قال المنصور النميري يمدح يحيى البرمكي:ولو علمت فرق الوزارة رتبة…تنال بمجد في الحياة لنالها

اذكر فلانا الذي اسهلته سحرا

إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا

ولآخر مفرد:

حكيم لطيف من لطافة وصفه

يودُّ المعافى السقم حتى يعوده

كتب المرحوم الوزير فخر الدين بن مكانس إلى ابن صفير في بعض مرضاته يسرع المولى عند الوقوف إليه نقل الخطوة ولا يتأخر فإن القوة على الضعيف ضعف في القوة فجاءني على عادته:

تغدو المنايا فما تنفك واقفة

حتى تراه على عزم فتتبعه

فحين رآني من الهريرة كالرعديد وشاهد ما بي من البرد قال ما أراك إلا جليدا فقلت له معالجة أم محاججة ومناصحة أم ممازجة ومطايبة أم مداعبة واستوصفته فجرى على المعهود منه في الجهل بما يقول وعدم التمييز بين المعقول والمنقول ولكني الظالم على نفسي والمشكك في حسي فإني أعهده لم يزل مميت الأحيا ومقفر الأحيا فكم له بالديار المصرية من قتلى وأوراقه للمرضى أشرُّ من أوراق الدفلى كم شاب عالجه فأكسبه الصرع الفاج ولأن يسمى مصارعا أليق به من معالج ثلاثة تدخل في دفعه طلعته والنعش والغاسل لكنه مع ذلك ممن يجمع بين الأقران ويعمل المحرم في رمضان قد ملك قياد القيادة على الفنين وطالت فيها مدته فاستحق أن يدعى بذي القرنين فاستعذت بالله من الشيطان وسرحته بإحسان، كتب) القاضي الفاضل في الكحالين يباكرني كل عبري العناصر يعزيني بالرحمة على بخت ناصر كأنه غاسل يدخل إلى إنسان العين بحنوطه من كحله الملعون ويدرجه في كفن من الخرقة السوداء التي يلبسها سواد العيون مردودة عصية ولديها عصى العمى ينقل العين إلى بياض الثغور ويسلبها اللمى قد انتهى إلى فوق ما ضرب به المثل إذ قيل يسرق الكحل من العين وهذا يسرق العين من الكحل فهذا وأمثاله لص من اللصوص وسموا كحالين وهم صاغة لما يصوغون ويركبون فوق العون من الفصوص بل دباغون يدبغون الجفن أبيضا وما يعدوهم مهك الدباغ بل صباغون يصبغون الأسود أبيض وليس ذلك الصباغ قد أودعوا حزن يعقوب في كحلهم مكاحلهم فمن كحل به ابيضت عيناه وجحدوا معجز القميص اليوسفي فلو مروا به على ناظر ما انفجرت جفناه وإذا رفعوا أميالهم فإنما هي لشمس العيون مزوّلة وإذا أولج أحدهم الميل في المكحلة فهو أولى بالرحم ممن أولج الميل في المكحلة وما يؤم أهل الكتاب في التبديل بواحد ولا خطاهم طريق إلى الغيّ غير راشد فيوما محوا آية النبي صلى الله عليه وسلم من التوراة وهي مسفرة ويوما محوا آية النور من الأبصار وهي مسفرة ولا خير فيهم حاربوا فمحوا بالأمس الخط من الأوراق واستداموا إلى اليوم فمحوا الخطوط من الأحداق.

كتب الحكيم شمس الدين بن دانيال إلى السراج الورقي قطعة كحل أصفهاني:

قل لعين الأمائل الأعيان

ومحل الإنسان للإنسان

خذه كحلا مثل السيوف جلاء

وصقالا يروق في الأجفان

حجر كسره أجل من الإكسير

فعلا في العين أو في العيان

ألف عين تقيمها حبة منه

قياسا يصح بالبرهان

أن تعظم مثاله في حجاز

فلهذا التعظيم في أصبهان

‌الباب السادس والثلاثون في الحساب والوزراء اعلم أن الوزير مشتق اسمه من حمل الوزر عمن خدمه وحمل الوزير لا يكون إلا بسلامة من الوزير لا يكون إلا بسلامة من الوزير في خلقته وخلائقه أما في خلقته فإنه يكون تام الصورة حسن الهيئة متناسب الأعضاء صحيح الحواس وأما في خلائقه فهو أن يكون بعيد الهمة سامي الرأي ذكي الذهن جيد الحدس صادق الفراسة رحب الصدر كامل المروءة عارفاً بموارد الأمور ومصادرها فإذا كان كذلك كان أفضل عدد المملكة لأنه يصون الملك عن التبذل ويرفعه عن الدناءة ويغوص له عن الفكرة ومنزلته منزلة الآلة يتوصل بها إلى نيل بغيته وبمنزلة الذي يحرز المدينة من دخول الآفة ومنزلة الجارح الذي يصيد لطعمة صاحبه وليس كل أحد وإن أصلح لهذه المنزلة يصلح لكل سلطان ما لم يكن معروفاً بالإخلاص لمن خدمه والمحبة لمن استنصحه والإيثار لمن قربه وقال الثعالبي في يواقيت المواقيت، الوزارة اسم جامع للمجد والشرف والمروءة وهي تلو الملك والإمارة والرتب العلياء والدرجة الكبرى بعدهما، قال المنصور النميري يمدح يحيى البرمكي:

ولو علمت فرق الوزارة رتبة

تنال بمجد في الحياة لنالها

ص: 199

والأنبياء عليهم السلام لم يستغنوا عن الوزراء فكيف الملوك والأمراء وقد نطق القرآن بوزارة هرون لموسى عليه السلام في قوله تعالى (رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيراً من أهلي * هرون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري) ثم قال في نظام الآية الكريمة وعلى نسق الكلام (قد أؤتيت سؤلك يا موسى) فدل على أنه جعله وزيره وصاحب سره وشريكه وافصح عن حسن موقع الوزارة وجلالتها ووقوع الحاجة إليها وكان آصف بن برخيا وزير سليمان بن داود عليهما السلام والمستولى على أموره وكان نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول أن وزيرين من أهل السماء ووزيرين من أهل الأرض فأما اللذان من أهل السماء فجبريل وميكائيل عليهما السلام وأما اللذان من أهل الأرض فأبو بكر وعمر رضي الله عنه وقال صلى الله عليه وسلم إذا أراد الله بملك خيراً قيض له وزيراً صالحاً أن أنسى ذكره وأن نوى خيراً أعانه أو أراد شراً كفه وكان انوشر وان يقول لا يستغنى أعلم الملوك عن الوزير ولا أجد السيوف عن الصقال ولا أكرم الدواب عن السوط ولا أعقل النساء عن الزوج.

فصل فيما ينبغي للوزير أن يأتيه: اعلم أن الملوك لا يشبهون الآدميين إلا بالصور فأما بالطباع والأخلاق والهمم فلا لأنهم لا يشاكلونهم ولا يشابهونهم والملك وإن كان كريماً سخياً بعيد الهمة كثير المحاسن فإنه لا يخلو ولا يشابهونهم والملك وإن كان كريماً سخياً بعيد الهمة كثير المحاسن فإنه لا يخلو قط من أربع خصال الحسد والحقد والملال والحرص على المال فينبغي أن يكون الوزير أعقل الناس وأحزمهم وأدهاهم وأبعد غوراً فيجب عليه أن يداري أأخلاق الملك كما يداري السباح الماء المغرق والولدان أولادهم الصغار والحاوى الحية ويتحفظ من غائلته كما يتحفظ من السبع والنار القوية والمجنون الذي بيد السيف المسلول ويجب أن لا يملك ما يصلح للملك من الأعلاق النفسية إلا ما في نفسه إن يهديه إليه ويخدمه به وينبغي له أن يظهر ويشيع جميع ما يملكه وتحويه يده للملك وأنه إنما يمسكه ويحفظه من أجله ويجب عليه إن لا يسرف في الإهداء ولا يتخرق في بذل ما في يده وكما لا يشيع النار من الحطب لا يشيع الملك من الأموال ولا بد للوزير من الاستظهار بالذخائر الخفية وقد قال الحكيم لوزير كان يستكثر من اعتقال الضياع ويغالي به عليك بحفظ الدنانير التي تشتري بها روحك من الملك فربما فعل ألف دينار ما لا تفعله ضياع ومستغل بمائتي ألف.

ومن نكن هذا الكتاب أن الملك يريد كل حسن وطيب لنفسه ويستأثر به على والده وولده ولذلك يقال من ملك استأثر وكان معاوية يقول وددت لو أن الدنيا في بيضة نيمرشت فأحسوها حسوة واحدة لا يشكني فيها أحد، ودعا الفضل بن مروان المعتصم إلى داره واحتفل واحتشد في إحسان الدعوة فلما حضر المعتصم ورأى مروءته وتجمله عمل فيه الحسد عمله فانقبض ورئى في عينه ولم ينشط لطعام ولا شراب وزعم أنه يشتكي بطنه ففطن الفضل لما دهاه وأراد أن يوهم أن تلك الآلات مستعارة من دار أمير المؤمنين ليطفئ نار حسده فتقدم إليه وقال يا أمير المؤمنين إنما استعرت أكثر هذه الأشياء من دار أمير المؤمنين وقد أرهقني الخزانون والفراشون باسترجاعها فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بامهالى في ردها فعلت فضحك المعتصم وقال قل لهم لا يسترجعونها اليوم ثم نشط للطعام والشراب، ومما ورد في تجنبها قال المأمون لأحمد بن أبي خالد هل لك في أن أستوزرك فقال دعني يا أمير المؤمنين يكون بيني وبين الغاية درجة يرجوها الصديق ويخافها العدو فلست أريد البلوغ النهاية لئلا يقول عدوى قد بلغها وليس إلا الانحطاط، وكان ابراهيم بن المدبر إذا أعرضت عليه الوزارة أنشد قول العتابي:

يلوم على ترك الغنى بأهلية

طوى الدهر عنا كل طرف وتالد

رأت حولها النسوان يرفلن كالدما

مقلدة أجيادها بالقلائد

يسرك أن قد نلت ما نال جعفر

من الملك أو ما نال يحيى بن خالد

وأن أمير المؤمنين أغصني

بغصتها بالمرهفات البوادر

ذرينى تجتبينى منيتي مطمئنة

ولم أتجشم هول تلك الموارد

وأن عليات الأمور مشوبة

بمستودعات في بطون الأساود

ص: 200

فصل في لطائف كلام الوزراء أبو سلمة الخلال زير السفاح كان يقول خاطر من ركب البحر وأشد منه مخاطرة من داخل الملوك، أبو عبد الله وزير المهدي يقول الرجال تحت ألسنة الأقلام خير الكلام ما دل وقل، يحيى بن خالد وزير الرشيد ما رأيت باكياً أحسن تبسماً من القلم ما رأى أحد في ولده ما يجب إلا رأى في نفسه ما يكره، الفضل بن يحيى وزيره أيضاً جرى بين يديه يوم مدح الناس أباه لجوده فقال وما قدر الدنيا حتى يمدح من يجود بكلها فضلاً بعضها ولما عزل بأخيه جعفر قال ما انتقلت عنى نعمة صارت إلى أخي ولا عزبت عنى رتبة طلعت عليه، جعفر بن يحيى وزيره أيضاً شر المال ما لزمك اثم مكسبه وحرمت الأجر من انفاقه، الفضل بن الربيع وزير الرشيد والأمين كما يقول ما أظن النعمة إلا مسخوطاً عليها أما ترونها أبداً عند غير أهلها، الفضل بن سهل وزير المأمون من توقيعاته الأمور بتمامها الأعمال بخواتيمها والصنائع باستدامتها، أخوه الحسن بن سهل وزير المأمون أيضاً، عجبت لمن يرجو من فوقه كيف يحرم من دونه وقيل له لا خير في السرف فقال لا سرف في الخير ومن كلامه لا يصلح للتصدير إلا واسع الصدر، أحمد بن أبي خالد وزيره أيضاً بالأقلام تساس الأقاليم وكتب إلى صديق له يستدعيه يوم الالتقاء قصير فأعن عليه بالبكور وكتب إلى المأمون مع هدية بعثت إلى أمير المؤمنين قليلا كثيره، محمد بن يزداد وزيره أيضاً ليس في الحب مشورة ولا في الشهوات خصوصة ومن توقيعاته أبواب الملوك معادن الحاجات وليس لاستنجاحها إلا الصبر والملازمة، الفضل بن مروان وزير المعتصم الكاتب كالدولاب إذا تعطل تكسر، ما رأيت أقرب رض من سخط ولا أسرع ما بين قرب وبعد من الملوك، محمد بن الفضل الجرجاني وزير المتوكل عاتبه المتوكل يوماً على اشتغاله بالملاهي فقال يا أمير المؤمنين إن مقاساة هموم الدنيا لا تتأتى إلا باستجلاب شيء من السرور، سليمان بن وهب وزير المهدي، أنى أغار على أصدقائي كما أغار على حرمي ونظر يوماً ي المرآة فرأى شيباً كثيراً قال عيباً لا عدمناه، الحسن بن مخلد وزير المعتمد كان يقول أعوذ بالله من نحس الأربعاء وحد الأحد وكان يقول أمر أمثالنا يأتي جملة ويذهب جملة فلم لا يتعجل اللذات قبل فوتها ويتمتع بصفو الزمان قبل كدره، ألطف م أحسن من المطع الطويل، أبو الحسن ابن الفرات وزير المقتدر، ما أريد الوزارة إلا لصديق أنفعه أو لعدو أقمعه وكان يقول إني لآلف كل شيء حتى الطريق ومن كلامه ما رأيت أحداً على بابي وفي داري ليس لي عنده إحسان إلا استحييت منه وصرفت غاياتي إلى أرفاقه وتحصيل مراده ولولا حب المروءة ما رغبت في الرياسة والوزارة، أبو علي بن مقلة وزير المقتدر والقاهر والرضي كان يقول إذا أحببت تهالكت وإذا أبغضت أهلكت وإذا رضيت أثرت وإذا غضبت تأثرت وكان يقول أنا في وزارتي أقدم على العظائم كلها إلا على اثنين ازالة النعم وهتك الحرم، أبو جعفر أحمد بن سيرزاد وزير المستكفي، الاصاغر يهفون والأكابر يعفون إياك والإفراط الممل والتفريط المخل، أبو عبد الله الجبهاني الكبير وزيره أيضاً كان يقول جمال المرء في لسانه وجمال المرأة في عقلها ومن كلامه حسن الذكر ثمرة العمر، أبو الفضل ابن العميد وزير ركن الدولة، خير القول ما أغناك جده وألهاك هزله العاقل من أفتح من كل أمر خاتمته وعلم من بدء كل شيء عاقبته، الصاحب أبو القاسم بن عباد وزير فخر الدولة وعد الكريم الزم من دين الغريم، قد يبلغ الكلام حيث يقصر السهام، الآمال ممدودة والأنفاس معدودة، ومن كلامه يا أسفي على رداء من الأيام رقيق ما لبسناه حتى خلعناه وروض من الزمان مريع ما حللناه حتى فارقناه.

قلت لم اسمع في رقة العيش ألطف من قول الشيخ شمس الدين بن الصائغ الحنفي رحمه الله تعالى:

لست أنسى رقة العيش الذي

زاد في الرقة حتى انقطعا

ص: 201

رجع أبو النصر بن أبي زيد الراضي قال في امتهانه لبعض الأعداء ما عسى أن يبلغ عض النملة ولسع النحلة ووقوع البقة على النخلة ومن كلامه الهدية ترد باء الدنيا والصدقة تر د بلاء الآخرة، أبو اسحاق ابراهيم بن حمزة وزير ابي على المسجوري قال ينبغي للأصاغر أن يتقدموا على الأكابر في ثلاثة مواطن إذا ساروا ليلاً وإذا خاضوا سبلاً أو لقوا خيلاً، أبو الحسن الأهوازي العدل أقوى جيش والأمن أهنى عيش الأحن حصد المحن، عبد الله بن يحيى بن خاقان كان يقول إذا دهانا أمر تمثلناه في أصعب حالاته فما نقص منه كان سروراً يتعجله، نقلت من تاريخ الصاحب كمال الدين بن العديم وهو تاريخه الكبير المسمى بغية الطلب في تاريخ الصاحب كمال الدين بن العديم وهو تاريخه الكبير المسمى بغية الطلب في تاريخ مدينة حلب بسنده إلى يحيى بن خاقان ثقال حضرت الحسن بن سهل وقد جاءه رجل يستشفع فيه في حاجة فقضاها فأقبل الرجل يشكره فقال له الحسن بن سهل علام تشكرنا ونحن نرى أن للجاه زكاة كما أن للمال زكاة ثم أنشأ يقول:

فرضت على زكاة ما ملكت يدي

وزكاة جاهي أن أعين وأنفعا

فإذا ملكت فجد ما لم تستطع

فاجهد بفضلك كله أن تشفعا

الصاحب عون الدين حيحى بن الهبيرة وزير المستنجد صاب كتاب الإفصاح حكى عنه أنه لما أدركته الوفاة أغمى عليه ثم أفاق فوجد أهله يبكون فقال ما شأنكم فقالوا بكينا لكونك خدمت الملوك والخلفاء فقال مذ دخلت في عمل السلطان إلى يومي هذا ما خجلت أحداً من خلق الله وأرجو من كرم الله تعالى أنه لا يخجل هذه الشيبة.

فصل في لطائف هذا الباب، قالب عض الفضلاء:

غزال قد غزا قلبي

بألحاظ وأحداق

له الثلثان في قلبي

وثلثا ثلثه الباقي

وثلثا ثلث ما يبقى

وثلث الثلث للساقي

وتبقى أسهم ست

تقسم بين عشاق

هذا الشاعر قسم قلبه إلى أحد وثمانين سهماً جعل لمحبوبه منها الثلثين وذلك أربع وخمسون سهماً يبقى الثلث وهو سبع وعشرون زاده ثلثيه وذلك ثمانية عشر فصار له اثنان وسبعون يبقى ثلث الثلث وهو تسعة زاده منها ثلثي ثلثها وهو اثنان بقي من الثلث واحد أعطاه للساقي بقي من التسعة ستة قسمها بين العشاق فحصل لمحبوبه أربعة وسبعون سهما وللساقي سهم وللعشاق ستة الجميع احد وثمانون.

وقال أبو عبد الله محمد بن جابر المغربي نزيل حلب المحروسة:

قسم القلب في الغرام بلحظ

يضرب القلب حين يرسل سهمه

هذه في هواه يا قوم حالي

ضاع قلبي ما بين ضرب وقسمه

وقال شيخنا عز الدين الموصلي:

نسبة قلبي للهوى قسمت

فكرى وكم للعين من ضربه

ضاع حسابي ولقيت الأسى

بالضرب والقسمة والنسبه

وقال الصلاح الصفدي:

عملت مع الزمان حساب بعدي

وسقت الأصل من يوم الفراق

وكنت أظننى غلقت قسطي

فقد طلعت على له بواقي

وأنشدني فخر الدين بن مكانس لنفسه مضمنا:

عملت مالي ارتفاع سقته غلط

الحاصل راح في مضمونه مالي

وكلما نلت منة عزم ومن نكد

من غفلتي ونوالي سوء أعمالي

وأنشدني من لفظه لنفسه في نكبة حصلت له وأجاد:

وما تعلقت في السرياق منتكسا

لجرمة أوجبت تعليم ناسوتي

لكنني مذ نفثت السحر من كلمي

عذبت تعذيب هاروت وماروت

وقال المعماري:

ولي رفيق جهول

خالي من الآداب

أقول لما أراه

في جملة الكتاب

سبحان رازق هذا

رزقا بغير حساب

وقال الشيخ جمال الدين بن نباتة:

لفلان في الديوان صورة حاضر

وكأنه من جملة الغياب

لم يدر ما نحرومه وجريده

سبحان رازقه بغير حساب

وأنشدني الشيخ المحدث لفصيح البارع الرحال غرس الدين خليل الافقهسي لابن حربي المغربي:

يا ناصبا علم الحساب حبالة

لقناص ظبي ساحر الألباب

أن كنت ترزق بالحساب وصاله

فالله يرزقنا بغير حساب

وما أظرفق قول حسام الدين الحاجري:

صح حساب السحر في طرفه

إذ كان ف جفنيه جمع الكسور

وقال ابراهيم المعمار ولطف:

ومليح قال صفني

لازداد سرورا

كم حوى جفني معنى

قلت ألفا وكسورا

وقال التقي السروجي:

ص: 202