المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الرابع والأربعونفي خطائر الوحوش الجليلة المقداد - مطالع البدور ومنازل السرور

[الغزولي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأولفي تخير المكان المتخذ للبنيان

- ‌الباب الثانيفي أحكام وضعه وسعة بنائه وبقاء الشرف والذكر ببقائه

- ‌الباب الثالثفي اختيار الجار والصبر على أذاه وحسن الجوار

- ‌الباب الرابعفي الباب

- ‌الباب الخامسفي ذم الحجاب

- ‌الباب السادسفي الخادم والدهليز

- ‌الباب السابعفي البركة والفوارة والدواليب وما فيهن من كلام وجيز

- ‌الباب الثامنفي الباذهنج وترتيبه

- ‌الباب التاسعفي النسيم ولطافة هبوبه

- ‌الباب العاشرفي الفرش والمساند والأرائك

- ‌الباب الحادي عشرفي الأراييح الطيبة والمروحة وما شاكل ذلك

- ‌الباب الثاني عشرفي الطيور المسمعة

- ‌الباب الثالث عشرفي الشطرنج والنرد وما فيهما من محاسن مجموعة

- ‌الباب الرابع عشرفي الشمعة والفانوس والسراج

- ‌الباب الخامس عشرفي الخضروات والرياحين

- ‌الباب السادس عشرفي الروضات والبساتين

- ‌الباب السابع عشرفي آنية الراح

- ‌الباب الثامن عشرفيما يستجلب بها الأفراح

- ‌الباب التاسع عشرفي الصاحب والنديم

- ‌الباب العشرونفي مسامرة أهل النعيم

- ‌الباب الحادي والعشرونفي الشعراء المجيدين

- ‌الباب الثاني والعشرونفي الحذاق المطربين

- ‌الباب الثالث والعشرونفي الغلمان

- ‌الباب الرابع والعشرون في الجوارى ذات الألحان قال الثعالبي في تحفة الأرواح وموائد السرور والأفراح إن كان أجود منه وذلك مع الروية وقال أفلاطون: غناء الملاح تحرك فيه الشهوة والطرب وغناء القباح يحرك فيه الطرب لا الشهوة وقد قيل أحسن الناس غناء من تشبه بالنساء من الرجال ومن تشبه بالرجال من النساء وما أحسن قول القائل:جائت بوجه كأنه قمر…على قوم كأنه غصن

- ‌الباب الخمس والعشرون في الباءة

- ‌الباب السادس والعشرونفي الحمام وما غزى مغزاه

- ‌الباب السابع والعشرونفي النار والطباخ والقدور

- ‌الباب الثامن والعشرونفي الأسماك واللحوم والجزور

- ‌الباب التاسع والعشرونفيما تحتاج إليه الأطعمة من البقول في السفرة

- ‌الباب الثلاثون في الخوان والمائدة وما فيهما من كلام مقبول

- ‌الباب الحادي والثلاثونفي الوكيرة والأطعمة المشتهاة

- ‌الباب الثاني والثلاثونفي الماء وما جرى مجراه

- ‌الباب الثالث والثلاثونفي المشروب والحلواء

- ‌الباب الرابع والثلاثونفي بيت الخلاء المطلوب

- ‌الباب الخامس والثلاثونفي نبلاء الأطباء

- ‌الباب السادس والثلاثون في الحساب والوزراء اعلم أن الوزير مشتق اسمه من حمل الوزر عمن خدمه وحمل الوزير لا يكون إلا بسلامة من الوزير لا يكون إلا بسلامة من الوزير في خلقته وخلائقه أما في خلقته فإنه يكون تام الصورة حسن الهيئة متناسب الأعضاء صحيح الحواس وأما في خلائقه فهو أن يكون بعيد الهمة سامي الرأي ذكي الذهن جيد الحدس صادق الفراسة رحب الصدر كامل المروءة عارفاً بموارد الأمور ومصادرها فإذا كان كذلك كان أفضل عدد المملكة لأنه يصون الملك عن التبذل ويرفعه عن الدناءة ويغوص له عن الفكرة ومنزلته منزلة الآلة يتوصل بها إلى نيل بغيته وبمنزلة الذي يحرز المدينة من دخول الآفة ومنزلة الجارح الذي يصيد لطعمة صاحبه وليس كل أحد وإن أصلح لهذه المنزلة يصلح لكل سلطان ما لم يكن معروفاً بالإخلاص لمن خدمه والمحبة لمن استنصحه والإيثار لمن قربه وقال الثعالبي في يواقيت المواقيت، الوزارة اسم جامع للمجد والشرف والمروءة وهي تلو الملك والإمارة والرتب العلياء والدرجة الكبرى بعدهما، قال المنصور النميري يمدح يحيى البرمكي:ولو علمت فرق الوزارة رتبة…تنال بمجد في الحياة لنالها

- ‌الباب السابع والثلاثون في كتاب الإنشاء وهو فصلانالفصل الأول: فيما يحتاج إليه كاتب الإنشاء من الأخلاق والأدوات والآلات

- ‌الباب الثامن والثلاثون في الهدايا والتحف النفيسة الأثمانذكر ابن بدرون في شرحه لقصيدة ابن عبدون عند ذكر كسرى وبنائه للسور المذكور في الباب السادس من هذا الكتاب ولما بنى كسرى هذا السور هادته الملوك وراسلته، فمنهم ملك الصين كتب إليه من يعقوب ملك الصين صاحب قصر الدار والجوهر الذي في قصره نهران يسقيان العود والكافور والذي توجد رائحة قصره على فرسخين والذي تخدمه بنات ألف ملك والذي في مربطه ألف فيل أبيض إلى أخيه كسرى أنوشروان وأهدى إليه فارساً من در منضد علينا الفارس والفرس من ياقوت أحمر وقائم سيفه من الزمرد منضد بالجوهري وثوباً حريرا صينياً وفيه صورة الملك على إيوانه وعليه حلته وتاجه وعلى رأسه الخدام بأيديهم المذاب المصورة من ذهب تحمله جارية تغيب في شعرها يتلألأ جمالها وغير ذلك مما تهديه الملوك إلى أمثالها

- ‌الباب التاسع والثلاثون في خواص الأحجار وكيانها في المعادنقال الفاضل أبو العباس شهاب الدين أحمد بن يوسف التيشاء: في الجوهر اسم عام يطلق على الكبير والصغير منه فما كان كبيراً فهو الدر وما كان صغيراً فهو اللؤلؤ المسمى حباً ويسمى أيضاً اللؤلؤ الدق ولؤلؤ النظم وحيوان الجوهر الذي يتكون فيه كبيره وصغيره يسمى باليونانية أسطوروس يعلو لحم ذلك الحيوان صدفتان ملازمتان لجسمه والذي يلي الصدفتين من لحمه أسود ولهذا الحيوان فم وأذنان وشحم يلي الفم من داخلهما إلى غاية الصدفتين والباقي رغوة وصدفة وماء

- ‌الباب الأربعون في خزائن السلاح والكنائنسأل عمر بن الخطاب (عمرو بن معدي كرب عن السلاح فقال ما تقول في الرمح قال أخوك وربما خانك فانقصف، قال فما تقول في الترس قال هو المجن وعليه تدور الدوائر، قال فالنبل قال منايا تخطئ وتصيب، قال فما تقول في الدرع قال مفشلة للراجل مغلة للفارس وإنها لحصن حصين، قال فما تقول في السيف قال هنالك لا أم لك يا أمير المؤمنين فعلاه عمر بالدرة وقال له تقول لا أم لك قال الحمى أصرعتني

- ‌الباب الحادي والأربعون في الكتب وجمعها وفضل اتخاذها ونفعهاقال ابن الخشاب ملغزا فيها:

- ‌الباب الثاني والأربعونفي الخيل والدواب ونفعها

- ‌الباب الثالث والأربعونفي مصائد الملوك وما فيها من نظم السلوك

- ‌الباب الرابع والأربعونفي خطائر الوحوش الجليلة المقداد

- ‌الباب الخامس والأربعون في الأسد النبل والزرافة والفيل

- ‌الباب السادس والأربعون في الحمام وما في وصفها من بديع النظام

- ‌الباب السابع والأربعون في الحصون والقصور والآثار وما قيل فيها من رائق الأشعار

- ‌الباب الثامن والأربعون في الحنين إلى الأوطان وتذكر من بها من القطانروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع صوتا فارتاع فقيل له في ذلك فقال ظننت أن ساكنا أزعج من منزله، وجاء أيضا حب الوطن من الإيمان وقال ابن عباس (لو قنع الناس بأرزاقهم قناعتهم بأوطانهم ما اشتكى أحد الرزق وكانت العرب إذا سافرت أخذت معها من تربة بلدها تستنشق ريحها وتطرحه في الماء إذا شربته وهكذا كان المتفلسف من البرامكة إذا سافر أخذ معه من تربة مولده في جراب يتدواى به ولما غزا اسفندبار بلاد الخرز اعتل بها فقيل له ما تشتهي قال شربة من دجلة وشميما من تراب اصطخر فأتي به بعد أيام بماء وقبضة من تراب وقيل له هذا من ماء دجلة ومن تربة أرضك فشرب واشتم بالوهم فنقه من علته

- ‌الباب التاسع والأربعونفي دار سكنت كثيرة الحشرات قليلة الخير عديمة النبات

- ‌الباب الخمسونفي وصف الجنان وما فيها من حور وولدان

الفصل: ‌الباب الرابع والأربعونفي خطائر الوحوش الجليلة المقداد

من كلام القاضي زين الدين بن الوردي رحمه الله وينهى وصول الصقرين فسر العبد بهذين الجزئين اللذين تحن الجوارح إليهما من وجهين ويعز على ابن المعتز أن يذكر لهما في تشبيهاته شبهين فوقع الصقران من الملوك بموقع يفوق النسر وتأمل نحوهما فإذا هما منصوبان لبناء ما ارتفع وانخفض من الصيد على الكسر مثلهما حمر كسيوفه وأجنحتهما مسبلة كغمائم بره على رعاياه وضيوفه مخالبه كالمناجل لحصاد أعمار أعدائه وأعمار الطير ومناقيرهما كالأهلة المبشرة له ولأوليائه بكل خبر فلسان حال كل منهما يقول بمرسليه تفرقوا فبكسبي أجمعكم وبخطف لهم الخطفة ويعود بسرعة فبينما ينظرون بغيبته قالوا طائركم معكم فما أحسن ما يعود يرجع كل واحد منهما من أفقه وقد التزم طائره في عنقه كم للاقى الطير من حرون وكم أهلكنا في الوحش من قرون فما أحق هذا الخبر بمقابلة الثناء عليه وان تمد المملوك لها بين اليدين كلتا يديه ومن كرامات مولانا أنه أصبح جابرا بكاسرين فمرحبا برسوله الذي إن قدم رسول بأيمن طائر فقد قدم هو بأيمن طائرين والسلام.

منقول من كتاب الفوائد الجليلة في الفوائد الناصرية وهو ما جمعه الملك الأمجد من شعر والده الملك الناصر صلاح الدين داود بن مولانا السلطان الملك المعظم شرت الدين أبى المظفر عيسى بن السلطان الملك العادل أبى بكر محمد بن الملك الأفضل نجم الدين أيوب رحمهم الله تعالى:

وظباء كأمثال العذارى سنح

تأوى إلى حزن اللوى وسهوبه

فأجابها وهنا وهن رواتع

ما بين واديه وبين كثيبه

والروض كهل قد تضوح نبته

فشبابه متلفع بمشيبه

يبكي تداويه الغمائم رحمة

والبرق يضحك رحمة بقشيبه

مستسبق صحب الجلاجل أجدل

يرتاح رائيه إلى تقليبه

تفنى شمائله وحسن صفاته

عن نعت مطربه وعن تجريبه

ومخصر الخصر اغتدى في عدوه

ترفاً مختلف ضيائه بوثوبه

عاناه في تهذيبه ذو فطنة

وبصارة فأجاد في تهذيبه

فقنصت منها ظبية كانت إلى

قلبي ألذ من المدام وطيبه

أو قبلة ممن أبرنى صده

خالستها منه بركم رقيبه

‌الباب الرابع والأربعون

في خطائر الوحوش الجليلة المقداد

المتخذة لنزهة الأبصار

القول على بقر الوحوش: قال ابن أبى الأشعب في كتابه الذي وضعه في طبائع الحيوان البقر والأراوي واليحامير والظباء وجميع هذه الأنواع ليس بأرضى خالبة وينبغي أن يسمى الحيوان الهوائي الأرضي لأنه خفيف الحركة متململ شديد العدو على الأرض لان حرارة الهواء ليست فيه ذاتية ولا برودة الأرض كذلك إلا أن برودتها غالبة لحر الهواء لأنها فيه اكثر ولما كان كذلك صار بينه وبين الطائر ممازجة ومناسبة وذلك أنه إذا أراد العدو انتصب في وقفته وطلب مهب الريح ثم استنشقها استنشاقا حال طيرانه ثم زج نفسه مستقبلا للريح وربما أصابه مخيف وكانت الريح تجيء من جهته فيحمل نفسه على الجهة التي فيها المخيف وأيضا فإنه يؤثر الهواء صيفا وشتاء ولا يستتر منه ميلا إليه ومحبة فيه.

وأما المها فيقال إن من طباعها الشبق والشهوة وإذا حملت الأنثى هربت من الذكر خوفا من عينه بها وهى حامل والذكر لفرط شهوته يركب ذكرا آخر وإذا ركب واحدا منهما شم الباقي روايح المائية فيبنى عليه ولا يمنع من يثب عليه بعد والبقر الوحشية أشبه شيء بالمعز الأهلية ولذلك تسمى نعاجا وقرونها صلاب جداً وتمنع بها عن أنفسها وأولادها كلاب الصيد والسباع التي تطيح بها، وبقال أن أول من طرد البقر الوحشية ربيعة بن نزار بن معد وأنه لما كدها لجأت منه إلى حالة فاستترت منه بها فرق لها ورجع عنها.

الوصف كاتب أندلسي يصف بقرة وحشية

عن لنا سرب نعاج يمشين زهواً كمشى العذارى وينثنين زهواً تثنى السكارى كأنما تخلجت بالكافور جلودها وضمخت بالمسك قوائمها وخدودها وكأنما لبسن الدمقس سربالا واتخذن السندس سروالا:

من كل مهضمة الحشا وحشية

تحمى مداريها دماء جلودها

وكأنما أقلام خيبر كتبت

بمداد عينيها طروس خدودها

والوصف البديع في سرعة عدوه قول الطرماح:

يبدو وتضمره البلاد كأنه سيف على شرف يسل ويغمد

ص: 271

وأما الإبل فان أصحاب البحث عن طبائع الحيوان يقولون أن ذكره من عصب لا لحم ولا غطروف ولا عظم وأن قرنه مصمت لا تجويف فيه والأنثى تقلق للذكر قلقا شديدا ولهذا لا تثبت لنزوه إلا في الفرط مرة واحدة وإذا حملت لا تضع إلا على السبل والطرق لهرب السباع من الجادة الملوكة وإذا أرضعت أكلت الجعدة لإصلاح لبنها وهى تحب الكينونة في القمر وتأتى بولدها إلى أماكن الماء وتعرفه المواضع التي تهرب إليها إذا احتاجت إلى الهرب وهى خور فيها صدوع وتجويفات ليس لها مدخل إلا من مكان واحد وتقف على ذلك المكان وتقابل بجهدها كل حيوان يطلب ضرر ولدها والإيل يسمن جدا فإذا سمن اختفي في موضع لا يعرف خوفا من أن يصاد لسمنه وهو مولع بالحيات أكلها يطلبها في كل موضع فإذا انحجرت منه أخذ في فمه ماء ثم مجها في الجحر فتخرج له ذنبها فيأكلها حتى ينتهي إلى رأسها فيتركها خوفا من السم وربما لسعته فتسيل دموعه إلى نقرتين تحت محاجر عينيه يدخل الإصبع فيهما فتجمد تلك الدموع وتصير كالشمع يتخذ درياقا لسم الحيات وهو البازنهر الحيواني وإذا لسعه أكل السرطانات فيبرأ وكذلك جمل التفاح الحامض إن كان زمانه أو ورقه إن لم يكن زمانه فيبرأ ولا ينبت له قرن إلا بعد أن يمضى عليه سنتان من عمره وإذا نبت قرناه نبتا مستقيمين كالوتدين وفي الثالثة يتشعب ولا تزال الشعب في زيادة إلى تمام سنة وسنتين وحينئذ يكونان كالشجرتين على رأسه، ثم بعد ذلك يلقى قرونه في كل سنة مرة ثم تنبت وإذا نبتا له تعرض للشمس لتصلب فإذا صارا كالشجرتين منعا الإحصار ولا يكاد يفلت إذا طردته الخيل وهو إذا ألقاهما ادخرهما حتى ينبت خلافهما لأنهما آلته وليس له سلاح غيرهما يدافع بهما عن نفسه كالترس للجبان لأنه لا بنطح بهما إلا إذا صلحا لذلك.

وزعم أرسطو أن هذا النوع يصاد بالصفير والفناء وهو لا ينام ما دام يسمع ذلك والصيادون يشغلونه بالتطريب وبأتون إليه من خلفه وإذا رأوه مسترخية أذناه وثبوا عليه وان لم بكن كذلك فليس لهم عليه سيل، وإذا اشتد عليه العطش من كل الحيات أتى غدير الماء فاشتمه وانصرف عنه يفعل ذلك أربعة أيام ثم يشرب الماء في اليوم الخامس وإنما يمتنع من شربه لخوفه على نفسه من سريان السم في الجسد مع الماء.

وأشرف محبوب وأعز موجود وأبهى محدود وكأنما وسمها الكمال بنهايته أو لحظها الفلك بعنايته فصاغها من ليله ونهاره وحلاها بنجومة وإضماره ونقشها ببدائع آثاره ورمقها بنواظر سعوده وجعلها أجل حدوده ذات أهاب منير وقرى محير وذنب مشجر وسوى مسور ووجه مزجج ورأس متوج يكتنفه أذنان كأنهما زجان سجية الاتصاف بلورية الأطراف جامعة شبها بالربيب بين زمن الشبيبة فهي قيد الأبصار وأمد الأفكار ونهاية الاعتبار غنى عن الحلى عطفها مزرية بالزهر حللها واحدة جنسها وعالم نقشها صنعه المنشئ الحكيم وتقدير العزيز العليم.

ص: 272

القول في طباع الظباء من المباهج وهي ألوان تختلف بحسب موضعها فصنف منها يسمى الأورام وألوانها بيض ومساكنها الرمل وهي أشد حصراً وصنف يسمى الغفر وألوانها حمر، وصنف يسمى الأدم وهي تسكن الجبال وفي هذا اللون من أسرار الطبيعة أنه رأى ذا روح إلا ويعلم ما يريده منه من خير وشر وإذا فقد الماء استنشق النسيم فاعتاض به وإذا طلب لم يجهد نفسه في حصره من أول وهلة وإذا رأى طالبه وقد قرب منه زاد في الحصر حتى يفوت الطالب وهو يهشم الحنظل حتى يرى ماؤه يسيل من شدقيه ويرد البحر فيشرب من الماء الأجاج كما تغمس الشاة لحييها في الماء العذب تطلب النوى المنقطع فيه وهو لا يدخل كنائسه إلا مستدبراً يستقبل بعينيه ما يخافه على نفسه وله نومتان في مكنستين مكنس لضحى ومكنس لعشاء وإذا أسن لظبي وبقيت لقرونه شعب تنح وإذا هزل أبيض وهو شنج النساء لا يسمو بالمشي فإذا أراده العدو فإنما هو الفر والوثب ورفع القوائم معاً كما يفعل الغراب فهو أبداً يحجل كما يحجل المقيد وليس له حصر في الجبال ويصاد بنار توقد له فيذهل لها سيما إذا أضيف إلى ذلك تحريك أجراس فإنه ينخذل ويرقد ويصاد بالعطش الشديد بأن يحولوا بينه وبين الماء فينخذل ولا يبقى به حراك البتة وبين الظباء والحجل ألفة ومحبة والحذاق في الصيد يصيدونها ببعضها البعض، ويوصف بحدة البصر ويسمى باليونانية اسما معناه النظارة والمبصرة ويلحق بهذا النوع غزال المسك وهو أسود ولونه أسود ويشبه ما تقدم في القد ودقة القوائم وافتراق الأظلاف وانتصاب القرون وانعطافها غير أن لكل واحد منهما نابين خفيفين أبيضين خارجين من فيه في فكه الأسفل قائمين في وجهه كنابي الخنزير كل واحد منهما دون الفتر على هيئة ناب الفيل ويكون بالتبنت والهند ويقال عن الغزال يسافر من التبنت إلى الهند بعد أن يرعى من حشيش التبنت وهو غير طيب فيلقى ذلك المسك بالهند فيكون رديئاً ثم يرعى حشيش الهند الطيب ويعقد منه مسكاً ويأتي بلاد التنبت فيلقيه فيكون جيداً والمسك فضل دموي يجتمع من جسدها إلى سررها في وقت من السنة معروف بمنزلة المواد التي تنصب إلى الأعضاء وهذه السرر جعلها الله معدناً للمسك فهي تثمره بمنزلة الشجرة التي تؤتى أكلها كل حين فإذا حصل هذا الدم في السرر ورمت وعظمت فتمرض لها الظباء وتألم حتى تتكامل فإذا بلغ وتناهى حكته بأظلاف وتمرغت في التراب فتسقطه في تلمك المفاوز والبراري فيخرج الجلابون ويأخذونه ويقال أن أهل التبنت يضربون لها أوتاد في البر تحتك بها إذا ألمها السرر فتنقطع وتسقط فإذا سقطت عن الظبي كان في ذلك إفاقته وصحته فانتشر حينئذ ي المرعى وورد الماء.

الوصف: قد ينبغي أن يعلم هذا قليل جداً لأن الشعراء نقلوا محاسن الغزال إلى الغزال وشرحوا بها حال مكن جد به الحب وهزل والصفة التي يصفون بها الظبي وصفوا بها الجارية والغلام وصرفوا الحقيقة إلى المجاز فيما أراده من الكلام قال بعضهم:

فما مغزل تغزل تعطو بجيد كأنه

يمان بأيدي الناظرين صقيل

هضيم الحشا مغضوضة الطرف عالها

بذات الأراك مربع ومقيل

إذا نظت من نحوه أو تفرست

دعاهم احم المقلتين كحيل

بأحسن منها حين قالت صرمتنا

وأنت صروم للخيال وصول

وقال آخر:

وصالية بالحسن والجيد عاطل

ومكحولة العينين لم يكتحل قط

على رأسها من قرينها الجعد وفرة

وفي خدها من صدغها شاهد يسط

يخلها من غيرة الجلد وفرة

ويجمعها من بيض آباطها مرط

وقد أدمجت بالشحم حتى كأنما

ملآتها من فرط ما اندمجت قمط

خواص الإيل ومنافعه: من المصائد والمطارد فمنعه أن ذكره من عصب لا لحم فيه وأن دم كل حيوان يجمد غلا دمه ولحمه غليظ مائل إلى كموسوة السواد وليس للأنثى قرن وإذا بخر بقرنه مع كبريت أحمر ذهبت الحيات وكذلك دمه بطحين الكرسنة وقرنه تبخر به الحامل فتيسر ولادتها.

ص: 273

خواص حمار الوحش: الجحش البري أحمدها لحماً ولحم الهرم يولد دماً رديئاً ومن داوم على أكله لم يكن يبرأ وسرته أطيب ما فيه وكثير من الناس يأكلون الحمار مسموطاً ويستطيبون جلده مشوياً ويجدون فيه طعم لحم الدراج وشحمه نافع من الكلف في الوجه إذا طلى به ومن وجع الظهر والكلى العارض من البلغم وإذا أحرق حافره سحق في الكحل نفع من الغشاوة ودفع وجع العين وزبله إذا خلط بمخ وطلي به الجبين قطع الرعاف ويقال أن الخاتم إذا خرط من حافره وعلق على من يعتريه الصرع نفع منه ودماغه يضاف بماء الكرفس والعسل ويغلى ويسقى من به السل في الحمام بماء حار على الريق فيبرأ.

خواص بقر الوحش: لحمها غليظ يولد دماً رديئاً قريباً من السود وبطنها أطيب ما فيها ودمها أسرع إلى الجمود من دم سائر الحيوان ويطبخ لحمها بخل فإذا غلي جدد خل آخر وإناثها المها والعين والنعاج وأولادها البراعز والواحد برعز والجآذر جمع جؤذر والذرعان جمع ذرع والبحازج جمع بحزج والفرافر والفرائد جمع فرير وهو ساعة يولد طلاء وأقاطيعها الأجل والرنب والسرب والصوار.

خواص الظبي: والظبي أول ما يولد طلاء ثم خشف ثم شادن إذا طلع قرنه فإذا تمت قوته فهو شصر ثم جذع ثم ثنى ولا يزال كذلك إلى أن يموت لا يزيد على هذا وسأل جعفر ابن محمد النعمان بن ثابت أبا حنيفة فقال له: ما على محرم كسر رباعية ظبى فقال: يا ابن رسول الله ما أعلم ما فيه فقال له: أنت تتداهى ولا تعلم أن الظبي لا يكون له رباعية هو ثنى أبدا ولحمه يولد دماً قريباً إلى السواد وهو أقل ضرراً من لحم البقر وطبخه بالماء والملح أحمد والقديد أكثر ضرراً وأكثر لتحريك السوداء لأنه يزداد يبساً ويجود فعله ويقوى وأطيب ما يؤكل يفه كبده مشوية وشحوم الظباء تغدو غذاء كثيراً وزعمت الحكماء أن دم التيس منها عن شطل ماعز من السموم وأنه إذا صب حاراً على الحجر الذي يضرب عليه النحاس فتته وإذا خلط مع الزنجفر صبغ الياقوت ويخلط معه وهو يابس قرطاس محرق ويعجن بشيرج ويضمد به البواسير فتنفع ومرارته تنفع من الغشاء في العين وكبده إذا شويت واكتحل بها وكبد جميع الماعز نفعت إذا دهن الرجل مذاكيره بشحم خصى التيس مع شيء من عسل عند الجماع وجد له لذة ويعجن بعر التيس بخل ودقيق شعير ويضمد به الطحال فينفع وإذا حرق وسحق بالخل نفع داء الثعلب وإن شرب مع الخل نفع من لدغ الهوام ويخلط دمه يابساً بلاذن ويدهن به الشعر فيغلظه ويطوله.

القول على طبائع الأرنب من المباهج: تقول أصحاب الكلام أن قضيب الذكر من هذا النوع كذكر الثعلب أحد شطريه عظم والآخر عصب وربما ركبت الانثى الذكر حين السفاد لما فيها من الشبق وتسفد وهي حبلى وهي قليلة الدرور على ولدها ويزعمون أن يكون شهرين ذكراً وشهرين أنثى وكنت استبعد هذا وأقول أنه من الخرافات حتى وقفت عند مطالعتي للكتاب الذي وضعه ابن الأثير في التاريخ وسماه الكامل على حكاية أوقفتني على الاعتراف بعد الإنكار.

ذكر في حوادث سنة ثلاث وعشرين وستمائة فقال وفيها اصطاد صديق لنا أرنباً فرآه وله انثيان وذكر وفرج أنثى ولما شقوا بطنه رأوا فيه حريفين فإذا كان كما زعموا من أن يكون تارة ذكراً وتارة أنثى فيكون كذلك وإلا فيكون في الأرانب كالخنثى في بني آدم يكون لأحدهما فرج الرجل وفرج الأنثى ثم أعقب هذه بما هو أعجب منه فقال كنت بالجزيرة ولنا جار له بنت اسمها صفية فبقيت لذلك نحو خمس عشرة سنة فإذا قد طلع لها ذكر رجل ونبتت لها لحية فكان لها فرج امرأة وذكر رجل والأرانب تنام مفتوحة العين وربما جاء القناص إليها يأخذها من جهة وجهها وهي لا تبصر وسبب ذلك أن حاجبي عينيها لا يلتقيان فهما مفتوحتان في النوم واليقظة.

قلت: ما أحسن ما أنشدني الشيخ بدر الدين البشتكى أحد شعراء العصر بالديار المصرية للشيخ العلامة شهاب الدين بن أبي حجلة مضمناً قول المتنبي:

وقوم بالحشيشة ذاب منهم

فؤاد مايسليه الملام

أرانب غير أنهم ملوك

مفتحة عيونهم نيام

ص: 274

قلت هذا التضمين ما سمع مثله لشاعر ضمن عجز البيت الأول والبيت الثاني بكماله ولم يكن للشيخ شهاب الدين فيها غير صدر البيت الأول فتأمله، ويقال إن الأرانب إذا رأت البحر ماتت ولذلك لا توجد بالساحل وتزعم العرب أن الجن تهرب منها لموضع حيضها قالوا كالمرأة وتأكل اللحم وغيره وتجتر وتبعر وفي باطن أشداقها شعر وكذلك تحت رجليها وليس شيء قصير اليدين أسرع منها حصراً ولقصرهما يخف عليها الصعود والرقل وهي تطأ في الأرض على زمعانها وهي مؤخرة قوائمها مغالظة للطالب حتى لا يعرف أثرها إلا أن الكلب الفاره والقانص الحاذق لا يخفى عليهما ذلك لأنهما لا تفعل ذلك إلا في السهل الذي يثبت فيه الأثر وربما مشت يف الثبج فيقتفى أثرها بكثرة الترداد فيه وإذا قربت إلى الموضع الذي تريد أن تجتم فيه وثبت إليه.

خواصه من المصائد لحمها أطيب ما يؤكل بنار لأن النار يضعفها هواء الزمان ولحمها من أخف اللحوم وله خاصية في المالخولياء والصرع وإن طلى بدمها الكلف أذهبه وإن طبخ أو شوى في جوف قرن نفع من القرحة في الأمعاء ويحرق رأسها فيكون سنوناً جيد للجلاء ووبرها يشد به الثريان إذا انقطع وتعلق الاعراب كعبها على الصبيان للعين وأنفحتها تدفع السم إذا شربت بماء السلق وسداب وإذا أخذتها المرأة حملت ومخها ودماغها يمنع الشعر المنتوف من النبات وبعرها يدق بالخل للقوباء ومرارتها تطرح في الشراب فتنوم.

الوصف لبعض الأندلسيين من المباهج أفراد حران كأنهن أولاد غزلان بين رواع ينعطف انعطاف البره ووثاب يجتمع اجتماع الكره حال العصب ازاره وصاغ التبر طوقه وسواره قد غلل بالعنبر بطنه وحلل بالكافور متنه كأنما نضح بعبير وتلفع في حرير ينام بعينى ساهر ويفوت بجناحي طائر قصير اليدين طويل الساقين هامان في الصعود تجده ويابك عند الوثوب تؤيده.

القول في النعامة: من المباهج وإنما ذكرناه مع ذوات الأربع من الوحوش وإن كان ذا جناح لأنه عند المتكلمين في طباع الحيوان ليس بطائر وإن كان يقنص وله جناح وريش ويعدون الخفاش طائراً وإن كان يحبل ويلد وله أذنان بارزان وليس له ريش لوجود الطيران فيه ومراعاة لقوله تعالى: (وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيراً بإذني) وهم يسمعون الدجاجة طيراوان وإن كانت لا تطير والنعامة تسمى بالفارسية استرموك وتأويل استرجمل وموك طائر فكأنهم قالوا جمل طائر ولما وجد هذا الاسم ظن الناس أنها نتاج ما بين الإبل والطير وبهذا أجرى عليها المثل في قولهم: قيل للظليم أحمل قالوا أنا طائر قيل فطر فقال أنا جمل، وربما أكد عندهم القول بالتوليد أنهم رأوا فيهمن الجمل الميم والوظيف والعنق والكرش والخف والجرامة، ومن الطير الريش والجناح والمنقار والبيضة ويشبه النعام بالإبل فتسمى الأنثى منها قلوصاً وفي طبعها أنها تحضن أربعين بيضة وثلاثين ومن أعاجيبها أنها تضع بيضها طولاً حتى لو مد عليها خيط لما وجد لشيء منها خروج عن الآخر ثم تعطى كل بيضة منها نصيبها من الحضن إذا كان بدئها لا يشتمل على عدد بيضها وهي تخرج لطلب طعام فتمر ببيض نعام أخرى فتحضنه وتنسى بيضاه ولعلها تصاد ولا ترجع إليه فتهلك ولهذا توصف بالمرق والحمق ويضرب بها المثل في ذلك، وعلى هذا ينشد قول هرمة:

فانى وتركى ندى الاكرمي

ن وقدحاً بكفى زند اشجاحا

كتاركة بيضها بالعرا

ء وتلحقه بيض أخرى جناحا

ص: 275

ويقال أنها تقسم بيضها اثلاثا منه ما تحضنه ومنه ما تجعل صفاره غذاء ومنه ما تفتحه وتتركه للهواء حتى يعفن ويتولد من عفنه دواب فتغدى بها فراخها إذا خرجت وهو من الحيوان الذي يزاوج ويعاقب الذكر في الحضن وهو لا يأنس بالإبل ولا بالطير مع مشاركته لهما وكل ذى رجلين إذا انكسرت له أحداهما استعان بالأخرى ما خلال النعامة فإنها تبقى في مكانها جاثمة حتى تهلك جوعاً، ويقال إن الحيوان الوحشي ما لم يعرف الإنسان لا ينفر منه إذا رآه ما خلا النعام فإنه شارد أبداً وبه يضرب المثل في الشرود وعظامه وإن كانت عظيمة وشديد العدو ها لا مخ فيها ولا مجرى لها وتزعم العرب أن الظليم أصلح وأنه لما كان كذلك عوض عن السمع بالشم فإنه يعرف بأنفه ما لا يحتاج معه إلى السمع فربما كان على بعد فشم رائحة القناص على أكثر من غلوه والعرب تضرب به المثل في حاسة الشم وفسر بعض المعتنين بتفسير أمثال العرب، قوله أحمق من نعامة، أن من حمقها إذا أدركت القناص أدخلت رأسها في الرمل تقدر أنها قد استخفت منه، وهو قوى الصبر عن الماء شديد العدو وأشد ما يكون عدواً إذا استقبل الريح وكلما أشد لغضوفها كان أشد حصراً وهو في عدوه يضع عنقه على ظهره ثم يخرق الريح وهو يبتلع العظم الصلب والحجر والدر والحديد فيميعه بحر قانصته حتى يصير كالماء ويبتلع الجمر حتى ينقذه إلى جوفه فيكون جوفه هو العامل على إطفائه ويكون الجمر هو العامل على إحراقه وفي ذلك أعجوبتان إحداهما التغذى بما لا يغدو والأخرى الاستمراء والهضم وهذا غير منكر لأن السمندل وهو كما زعم بعضهم دابة توجد ببلاد الهند وبلاد السند دون الثعلب خليخية اللون حمراء العين ذات ذنب طويل ينسج من وبرها مناديل إذا اتسخت القيت في النار المتأججة فيزول منها الزهم ولا تحترق وببلاد الترك جرذان تسلخ جلودها ويتخذ من وبرها مناديل إذا اتسخت غسلت بالنار بأن تلقى فيها ولا تحترق وزعم آخرون أن السمندل طائر ببلاد الهند يبيض ويفرخ وفيه من الخاصية أنه يدخل بالنار ويخرج منها ولا يحترق ريشه ويعمل من جلده مناديل الغمر فكما أن خاصية هذا الحيوان في ظاهره كانت خاصية النعام في باطنه والباطن في الحيوان كله أنعم من الظاهر.

وقد حكى أبو عبيد البكرى في كتاب المسالك والممالك لما ذكر قابس أن بعض البادية دخل على أميرها بطائر على قدر الحمامة ذكر أصحابه أنهم لم يروه قبل وما عهدوه وكان فيه من كل لون وهو أحمر المنقار فأمر بقص جناحيه وأن يرسل في قصره فلما كان الليل أوقد بين يدي الأمير مشعل فلما رآه الطائر قصده وأراد الصعود إليه فلم يستطيع النهوض فلم يزل يجهد نفسه حتى صعد إليه وجلس في وسطه وجعل يتفلى فيه كما يتفلى الطائر في الشمس فلما قضى وطره منه نزل، والنعام تصاد بالنار كما تصاد سائر الوحوش فإنه إذا رآها دهش لها واعتراه فكر فيها فيقف وقوف حيرة فيتمكن منه الصائد.

خواصه من المصائد لم يذكر منها شيئاً.

الوصف أبو إسحاق ابراهيم بن خفاجة:

ولرب طيار خفيف قد جرى

مثلاً يحار خلفه طيار

من كل قاصرة الخطا مختالة

مشى الفتاة تجر فضل ازار

مخضوبة المنقار تحسب أنها

كرعت على ظمأ بكأس عقار

لايستقر بها الأداحى خشية

من ليل وبل أو نهار بوار

قال الزمخشري:

ياسائلى أننى أصبحت في بلد

لا عطلة ترجى لى ولا عمل

ولا غريب ولا لى فيه من أحد

مثل النعامة لا طير ولا جمل

ص: 276

الطاووس: قال أصحاب البحث عن طبائع الحيوان أن الطاووس في الطير كالفرس في الدواب عزا وحسنا غير أن الناس لا يتبركون به ويكرهون في دورهم وفي طبعه العفة وحب الزهور بنفسه والخيلاء والإعجاب بريشه وعقد لذنبه كالطاق لاس يما إذا كانت الأنثى ناظرة إليه تبيض بعد أن يمضي لها العمر ثلاث سنين وكذلك لا يحصل التلوين في ريش الذكر إلا بعد هذه المدة وهي نهاية البلوغ والأنثى تبيض مرة واحدة في السنة أثنى عشرة بيضة وأقل وأكثر ولا تبيض متتابعاً ويسفد في زمن الربيع ويلقى ريشه في زمن الخريف كما تلقى الشجر ورقها وهي كثيرة العبث بالأنثى إا حضنت وربما كسر البيض ولهذا يحضن بيضه تحت الدجاج والدجاجة لا تقوى على حضن أكثر من بيضتين منها وينبغى أن يتعاهد الدجاجة بجميع ما تحتاج إليه مخافة أن تقوم عنه فيفسده الهواء والفرخ يخرج من البيضة كاسيا كما يخرج الفروج والطاووس من الطير الذي يبيض بيض الريح.

ويقال: أن عبث الطاووس بأنثاه وإن حضنها غيرة منه أن يخرج من البيض ما يشبه في حسن ريشه وبهاء خلقه وزعم أرسطو أن الطاووس يعيش خمساً وعشرين سنة وهذا منه حكم لا يعينه الاستقرار.

الوصف أبو الصلت أمية بن العزيز الاندلسى:

أهلً به بدى فتى مشيه

يختال في حلل من الخيلاء

فالروضة الغناء أشرق فوقه

ذنب له كالروضة الغناء

ناديته لو كان يفهم منطقى

أو يستطيع إجابة لندائي

يارافعاً فوق السماء ولابساً

للحسن روض الحزن غب سماء

أيقنت أنك في الطيور مملكاً

لما رأيتك منه تحت لواء

وله:

أبدى لنا الطاووس عن منظر

لم تر عينى مثله منظرا

متوج المفرق إن لا يكن

كسرى بن ساسان يكن قيصراً

في عضو ذهب مفرغ

في سندس ريشه أخضر

نزهة من أبصر في طيها

عبرة من فكر واستبصر

تبارك الخالق في كلما

أبدعه منه وما صورا

ص: 277