الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقي الدين السروجي يقول:
وافي رضيع النبت من ذاك الحمى
…
نجياً تدور على الربى كاساته
سفح سفحت عليه دمعي في ثرى
…
كالمسك ضاع من الفتاة فتاته
وفي المثل لولا حب الوطن لخرب بلد السوء الكريم يحن إلى جنابه كما يحن الأسد إلى غابة، وما ارق قول مزار بن هباش الطائي:
سقى الله أطلالا بالية الحمى
…
وإن كن قد أبدين للناس ما بيا
منازل لو مرت بهن جنازتي
…
لقال صداها حاملاً أنزلا بيا
لسان الدين بن الخطيب:
ياجنة فارقت من غرفاتها
…
دار القرار بما اقتضته ذنوبي
أسفي على ما ضاع من خطي بها
…
لاتنقضي زفراته ونحيبي
إن أشرقت شمس شرقت بعبرتي
…
وتفيض في وقت الغروب غروب
حتى لقد علمت ساجعة الضحى
…
شجوى وجانحة الأصيل شجوني
وشهادة الإخلاص توجب رجعتي
…
لنعيمها من غير مس لغوب
وله:
سلام على تلك المعاهد إنها
…
مراتع الأوفى وعهد صحابي
ويأنسة العهد أنعمي فلطالما
…
سكبت على مثواك ماء شبابي
أنشدني صاحبنا الأعز الشيخ محمد الأندلسي الخياط رحمه الله تعالى قال أنشدني الشيخ شمس الدين أبو عبد الله المشرقي رحمه الله:
اشتاق الغرب وأصبوا إلي
…
معاهد فيها وعصر الصبا
يا صاحبي نحواي والليل قد
…
أرخى جلابيب الدجى وأحتبا
لا تعجباً من ناظر ساهد
…
بات يراعي أنجما غيبا
القلب في آثارها طائر
…
لما رآها تقصد المغربا
ورد عليّ من سيدي وأخي الجناب الشهابي بن حجر أعزه الله تعالى كتاب من مكة المشرفة إلى دمشق المحروسة وفي أثنائه من متجدداته:
أسر غرامي من عزول وحاسد
…
فاعلان صبري لا يشابه أسراري
بليت بمن لم يدر مقدار صبوتي
…
فهو لهفي بعد الرحيل على الداري
نقلت من كتاب فوات الوفيات تأليف صلاح الدين الكتبي في ترجمة طراد بن علي بن عبد العزيز أبي فراس السلمي الدمشقي الكاتب المعروف بالبديع مات متولي مصر سنة أربع وعشرين وخمسمائة:
يا نسيناً هب مسكاً عبقاً
…
هذه أنفاس ريا جلقا
كف عني والهوى ما زادني
…
برد أنفاسك إلا حرقا
ليت شعري نقضوا أحبابنا
…
يا حبيب النفس ذاك الموثقا
يا رباح الشوق نحوهم
…
عارضاً من سحب عيني غدقا
وانثري عقد دموعي طالما
…
كان منظوماً بأيام اللقا
واشتهرت هذه الأبيات وغنى بها المغنون، قال بعضهم: مررت يوماً بشوارع القاهرة وقد ظهرت جمال كثيرة حمولها تفاح من الشام فعبقت روايح تلك الحمول فأكثرت التلفت وكانت أمامي امرأة سائرة ففطنت لماذا داخلني من الإعجاب إلى تلك الرائحة فأومأت إلي وقالت هذه أنفاس رياجلقا.
ونقلت من مجموع بخط العلامة المؤرخ قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان تغمده الله برحمته قال النبي صلى الله عليه وسلملأصيل الخزعي يا أصيل كيف تركت مكة قال تركتها وقد أحجن ثمامها سلمها وأغدق أذخرها فقال النبي صلى الله عليه وسلم دع القلوب في أماكنها.
تفسير ما فيه من الألفاظ الغريبة أحجن الثمام إذا خرجت حجنته وهي خصومه والثمام نبت ضعيف له خوص وأثمر السلم إذا خرج والسلم شجر من الغضا الواحدة سلمة وأغدق الأذخر إذا ظهرت ثمرته والأذخر نبت، ونقلت من خط الحافظ اليغموري كانت الأمتعة الثمينة والذخائر النفيسة تأتي إلى مصر وتباع ولا ينظر إليها يوسف عليه السلام وإذا جاءت أحمال صوف من كنعان لا تحل إلا بين يديه.
مرض عمار بن عباد حين ولى الرقة فما كاد ينجح فيه دواء فقال له طبيبه سببه الهواء فبعث إلى بغداد فحمل الهواء في جراب فكان يفتح كل يوم في وجهه جراب إلى أن برئ.
الباب التاسع والأربعون
في دار سكنت كثيرة الحشرات قليلة الخير عديمة النبات
وأبلغ ما سمع فيها قول كمال الدين بن الأعمى:
دار سكنت بها أقل صفاتها
…
أن تكثر الحشرات من حشراتها
الخير عنها نازح متباعد
…
والشر دان من جميع جهاتها
من بعض مافيها البعوض عدمته
…
كم أعدم الأجفان طيب سناتها
وبنات تسعدها براغيث متى
…
غنت لها رقصت على نغماتها
وقص بتنقيط ولكن فاقته
…
قد قدمت فيه على أخواتها
وبها ذباب كالضباب يسدع?
…
?ين الشمس ما طربى سوى غناتها
أين الصوارم والقنا من فتكها
…
فينا وأين الأسد من وثباتها
وبها من الخطاف ما هو معجز
…
أبصارنا عن حصر كيفياتها
تغشى العيون بمرها ومجيئها
…
ويصم سمع الخلد من أصواتها
وبها خنافيس تطير نهارها
…
مع ليلها ليست على عاداتها
شبهتها بقنافذ مطبوخة
…
نزع الطهارة نصحها شوكاتها
شوكاتها فاقت على سمر القنا
…
في لونها وتمامها وثباتها
وبها من الجرذان ما قد قصرت
…
عنه العتاق الجرد في حملاتها
وترى أبا غزوان منها هارباً
…
وأنا الحصين يروغ عن طرقاتها
ولبها خنافس كالطنافس أفرشت
…
في أرضها وعلت على شرفاتها
لو شم أهل الحرب منتن فسوها
…
أردى الكماة الصيد عن صهواتها
وبنات وردان وأشكال لها
…
مما يفوت العين كنه ذواتها
متزاحم متراكب متحارب
…
متراكم في الأرض مثل نباتها
وبها قراد لا اندمال لجرحها
…
لا يفعل المشراط مثل أدتها
أبدأ تمص دماءنا فكأنها
…
حجامة لبدت على كاساتها
وبها من النمل السليماني ما
…
قد قل ذر الشمس عن ذرّاتها
لا يدخلون مسكنا بل يحطمو
…
ن جلودنا فالعفو من سطواتها
ما راعني شيء سوى وزغاتها
…
فنعوذ بالرحمن من نزغاتها
سجعت على أوكارها فتظنها
…
ورق الحمام سجعت في شجراتها
وبها زنابير تظن عقارباً
…
بالإبر للمسموم من لدغاتها
وبها عقارب كالأقارب مرتعاً
…
فينا حمانا الله لدغ حماتها
فكأنما حيطانها كغرابل
…
أطلعن أرؤسهن من طاقاتها
كيف السبيل إلى النجاة ولا نجا
…
ة ولا حياة لمن رأى حياتها
السم في نفثاتها والمكر في
…
لفاتها والموت في لفتاتها
منسوجة بالعنكبوت سماؤها
…
والأرض قد نسجت بيزاقاتها
ولقد رأينا في الشتاء سماءها
…
والصيف لا ينفك عن صعقاتها
فضجيجها كالرعد في جناتها
…
وترابها كالوبل من خشياتها
واليوم عاكفة على أرجائها
…
والآل يلمع في ثرى عرصاتها
والنار جزؤ من تلهب حرها
…
وجهنم تعزى إلى لفحاتها
قد رممت من قبل أن يلقى لآ
…
دم أمنا حواء في عرفاتها
شاهدت مكتوباً على أرجائها
…
ورأيت مسطوراً على عتباتها
لا تقربوا منها وخافوها ولا
…
تلقوا بأيديكم إلى هلكاتها
أبداً يقول الداخلون فناءها
…
يارب نج الناس من آفاتها
قالوا إذا ندب الغراب منازلا
…
تتفرق السكان من ساحاتها
وبدارنا ألفا غراب ناعق
…
كذب الرواة فأين صدق رواتها
صبرا لعل الله يعقب راحة
…
للنفس إذ غلبت على شهواتها
دار تبيت الجن تحرس نفسها
…
فيها وتنذر باختلاف لغاتها
كم بت فيها مفرداً والعين شو
…
قاً للصباح تسح من عبراتها
وأقول يا رب السموات العلا
…
يا رازقاً للوحش في فلواتها
أسكنتني بجهنم الدنيا ففي
…
أخرى هب لي الخلد في خباتها
واجمع بمن أهواه شملي عاجلاً
…
يا جامع الأرواح بعد شتاتها
حكى الزمخشري في ربيع الأبرار أن رجلاً من أهل الشام اطلع على جرد أخرج من جحره دنانير كثيرة فتركها وأخذ يلعب بها ثم أدخلها مكانها فقام الرجل وأخذ الدنانير فأقبل الجرد يثب ويضرب بنفسه الأرض حتى مات.
وحكى الشريشى في شرح المقامات عن أبي محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال كنت قاعداً انسخ في ضوء السراج وبين يدي قدح فيه ماء وظرف فيه كعك وزبيب ولوز فجاءت فأرة وأخذت لوزة ومضت ثم عادت أخرى فبددت الماء الذي في القدح فعادت الفأرة فسكبت القدح عليها واشتغلت بشغلي ساعة فإذا قد جاءت فأرة أخرى فدارت حول القدح فسفسفت وبقيت ساعة على ذلك والفأرة الأخرى تسفسف من داخل فلم تجد حيلة في خلاصها فمضت وأتت بدينار فوضعته ووقفت فلم أرفع القدح ففعلت ذلك إلى أن أتت بسبع دنانير ووقفت ساعة فلم أخل عن الفأرة فمضت وأتت بقرطاس فارغ فعلمت أنه لم يبق عندها شيء فخليت عنها.
قال الغندجيهي رويت هذه الحكاية عن أشياخ ثقاة قيل أن الخصى من كل شيء أضعف من الفحل إلا الجرذان فإن الخصي يحدث فيه شجاعة وجراءة ولا بدع في ذلك فإن الجرذان الكبار لا تدع الهروبنات عرس إلا قتلتها فينبغي لمن في منزله شيء منه أنه يصطاد منه ذكراً يخصه ويتركه في البيت فإنه يأتي على بقية الجرذان بأسرها، وذكر الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة: قال أخبرني الشيخ شمس الدين بن خضر الدمشقي أحد كتاب المنسوب بدمشق سنة اثنين وخمسين وسبعمائة قال حللت مثقال ذهب لأجل الكتابة به فاتفق أني نزلت من البيت وتركته في الدواة بغير غطاء ثم رجعت إلى البيت ونظرت فلم أر شيئاً من الذهب في الدواة فتعجبت غاية العجب فنظرت فإذا فأر في جانب البيت وعلى خرطومه أثر الذهب يلمع فعلمت أنه شربه فنصبت المصيدة وخرجت من البيت فما لبث أن وقع فيها فأخذت طاسة وجعلت فيها ماء وأمسكت بذنبه وجعلته يعوم في الطاسة وكلما أراد الخروج رددته بذنبه إلى أن شرب ماء كثيراً وكاد يموت فقبضت بذنبه ودليت رأسه إلى أسفل فجعل يستقي من حلقة الذهب مختلطاً بالماء الذي شربه إلى أن لم يبق منه شيء فغسلت الذهب مرة ثانية ووزنته فلم ينقص غير قيراطين هكذا أخبرني أو كما قال.
وحكى الكواشي في تفسيره أن ابراهيم الخليل عليه السلام لما ألقى في النار جعل كل حيوان يطفئ عنه النار إلا الوزع فإنه كان يبنفخ في النار، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقتل الوزغ وقال كان ينفخ على ابراهيم، وذكر الزمخشري عن ابن عباس أنه قال الوزغ يريد الشيطان يرسله ليفسد على الناس ملحهم ومن العجب أن الأفعى لا ترد الماء ولا تريده وإذا وجدت الخمر شربت منه حتى تسكر وكنية الأفعوان أبو حيان وأبو يحيى لنه يعيش ألف سنة وأرض حمص لا تعيش فيها العقارب وإذا طرحت فيها عقرب ماتت لساعتها، سمع غلام رجلاً يقول أنا مثل العقرب أضر ولا أنفع فقال ما أقل عملك بل لعمري إنها لتنفع إذا شق بطنها ثم شدت على موضع اللسعة وتجعل في جوف إناء فخار ويسد رأسه ويطين جانبه ويوضع في الستور فإذا صار رماداً يشفى به من به الحصاة مقدار نصف دانق فتفتت الحصاة وتلسع الأفعى فيموت.
حكى أن عقرباً لسعت مفلوجاً فذهب عنه الفالج، وشتم رجل الأرضة فقال له بكر بن عبد الله المزني مه فهي التي أكلت الصحيفة التي تعاقد المشركون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها تيقنت الجن أن "لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين" وقيل لها لي شيء تأكلين كتب المشتغلين فقالت ما آكل إلا كتب الذين لا يشتغلون وقال لقمان لابنه لا تكن الذرة أكيس منك تجمع في صيفها لشتائها النملة تفلق الحب أنصافاً لئلا تنبت فتفسد والكزبرة تفلقها أرباعاً لأنها من بين الحب ينبت نصفها إذا قربت العقرب من الولادة أكلت أولادها جلدها وخرقوه حتى يخرج وقد ماتت الأم وقال الشاعر في ذلك:
وحاملة لا يكمل الدهر حملها
…
تموت وينمو حملها حين تعطب
لعاب الجراد سم لا يقع على شيء إلا أخرقه خطب المؤمن يوماً فوقع الذباب عينيه فطرده فعاد مراراً حتى قطع عليه الخطبة فلما صلى الظهر أحظر أبا الهذيل فقال له لم خلق الله الذباب فقال ليذل به الجبابرة فقال صدقت وأجازه بمال، وقال الجاحظ في منافع الذباب إنه يحرق ويخلط بالكحل فإذا اكتحلت به المرأة كانت عينها أحسن ما يكون ولذا ترى المواشط تستعمله وتأمرن به العرائس وما أحسن قول عنترة:
وخلي الذباب بها فليس بنازح
…
غرّدا كفعل الشارب المترنم
هزجا يحكّ ذراعه بذراعها
…
قدح المكب على الزناد الأجدم
قيل هذا من التشبيهات العقم وقال الجاحظ وجدنا المعاني نقلت ويؤخذ بعضها بعض الأقوال عنترة وخلي الذباب البيتين وزعموا أن رجلاً من ولد حليمة ظئر رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن أصيد خلق الله وأحذقهم بالتدريب وبلغ من حذقه أنه ربى ذئباً يصطاد به الظباء والثعالب وسرق منه فرجع إليه في ثلاثين فرسخاً وضرى أسداً حتى صار أهلياً واصطاد به الحمار والبقر وعظام الوحش وضرى الزنابير حتى اصطاد بها الذئاب قال الجاحظ من علم البعوضة أن وراء جلد الجاموس دماً وأن ذلك الدم غذاؤها وأنها متى طعنت في ذلك الجلد الغليظ الصلب نفذ خرطومها مع ضعفه على غير معاناة ولو أنك طعنت بمسلة شديدة المتن لانكسرت.
وقال التيفاشي ومما جربه الناس كافة أجل البق الصابون فإنه إذا طلي به المواضع التي بها البق أي موضع كان من جدار أو سرير قتله ولم يعد إليه مادام أثر الصابون فيه قال صاحب الفلاحة البنطية اعلم أن القطران من أعظم شيء يكرهه النمل فمكتى أردت ألا يقرب النمل شيئاً فخط حول ذلك خطاً من القطران مدواراً فإن النمل لا يقربه وإن طليت به حول حجرة النمل هربن، صدق الحلزون إذا أحرق حتى يصير كلساً أبيض وذر على بيوت النمل هربن فإن اقام به مات جميعه وقال صاحب الفلاحة البنطية أيضاً حجر المغناطيس الجاذب للحديد إذا وضع على باب أجحرة النمل لم يخرجن ويهربن إلى تخوم الأرض قال وأهل بلادنا يجعلون في وسط الكدس من الحنطة وغيرها من الحبوب من حجر المغناطيس وغيرها لئلا يدنو منه النمل قال وإذا غطيت إناء فيه عسل أو غيره بصوف أبيض من كبش ولكن منفوشاً لم يقربه النمل وكذلك إذا أدرت الصوف حول الإناء من أسفله لم يقربه النمل، القمح المسوس إذا وضع في بيت فيه بق فإن السوس يأتي عليه مجموعة ولا يدع منه بقة واحدة وهذا صحيح مجرب بنفسج إذا قطع قطعاً صغاراً وجعل عليه قليل عجين فإن الفأر يأكله ولا تستطيع معدته أن تهضمه فيموت عن آخره وهذا مما جرب وصح عند معاشر الناس كافة.
قال الشيخ شهاب الدين بن فضل الله:
وناموس له قرص أليم
…
نضوج له ومنه لنا نضوج
ومن عجب تراه العين أنا
…
مع الناموس يرتفع الضجيج
وقال الشيخ ابراهيم المعمار في البراغيث:
إن البراغيث اللئام
…
قسوا علي فقلت مالي
إلا الخمور لاختمرت
…
وقرصوني قلت أبالي
ومن العجائب ما ذكره ابن بدرون في شرح قصيدة بني الأفطس عند ذكر الواثق وجلالته وهيبته فإنه يحكي من هيبتهم له أنه لما ثقل في علته التي مات فيها خيل إليهم في بعض الأوقات وقد أغمي عليه أنه قضى فدنا منه تركي يقال له ايتاخ ليعلم هل مات أم لا فلما دنا منه فتح عينيه ونظر إلى ايتاخ فرجع القهقري فانتشب طرف سيفه بالباب فاندق وسقط ايتاخ على قفاه لما نظره هيبة له ورعباً داخله من نظره ليصفن العجائب أنه لم تمر ساعة من نظره إلى ايتاخ إلا وقد مات فأخذ وجعل في بيت فما أقام به إلا يسيرا فوجد قد أخرجت الفأرة عينيه فسبحان من لا يزول ملكه المنفرد بالبقاء لا إله إلا هو العلي العظيم وعلى ذكر ابن بدرون فما أحسن قول الصاحب جمال الدين بن مطروح:
لك يا بدرون وجه
…
صار عنوان السعادة
لا تخف نقصاً ومحقاً
…
أنت بدر وزيادة
وقريب من هذه الواقعة ما ذكره الثعالبي في لطائف المعارف أنه لما جيء برأس مروان بن محمد إلى عبد الله بن علي أمر بعزله فجاءت هرة قلعت لسانه وجعلت تمضغه فقال عبد الله أو غيره لو لم يرنا الدهر إلا لسان مروان في هذه لكفانا وكان مروان قد عرض بظهر الحيرة سبعين ألف عربي على سبعين ألف عربي ثم قال إذا انقطعت المدة لم تنفع العدة.
نقلت من الطالع السعيد في فضلاء الصعيد تأليف العلامة المحدث البارع كمال الدين جعفر الأدفوي في ترجمة تاج الدين الدسناوي محتد القوصي مولداً وداراً ووفاة محنة الدهر وفريدة العصر فقيه عالم فاضل محدث أديب شاعر كريم الأخلاق طيب الأصول والأعراق فمن نظمه ملغزا في نملة:
يا من إذا ما قاصد أم له
…
تم له منه الذي أمّله
ومن حوى الفضلين فضل الندى
…
وفضل علم للهدى حصله
ما اسم رشيق القد حلو الجنى
…
ذو فطنة ممزوجة بالبله
ألمى دقيق الخصر قد زانه
…
ردف له يهتز ما أثقله
أو انتمى يعزي لواد غداً
…
وارده مستعذباً منهله
حل به أسنى ملوك الورى
…
ومن غدا بالفضل والمعد له
إن قلت صف لي حسنه واقتصد
…
قلت مجيباً لك ما أجمله
أو قلت صف لي ملكه واقتصر
…
قلت أجل جل الذي كمله
أو قلت هل من مسترفد
…
قلت وللمسكين والأرملة
تصحيف ما ألغزته مودع
…
في النظم فافتح بالذكاء مقتفله
وعكسه أيضاً بلغت المنى
…
مستودع فيه فما المسألة
القول في طبائع الحيات: وإنما سميت حية لأنها تحوت أي اجتمعت ويطلق على الذكر والأنثى يقال حية ذكر وحية أنثى وهي أصناف كثيرة لا تحصى كما لا تحصى أصناف السمك.
ذكرت بقوله حية وهو ما أنشدني لنفسه من لفظه المقر المجدي فضل الله بن مكانس عفا الله عنه.
عاذلتي بعد أن توفيت
…
في النوم أبصرتها الشقيه
تلسعني بالملام فيكم
…
كأنها في الوجود حيه
رجع: وشرها الأفاعي ومسكنها الرمال والجبال ويضرب المثل بها بأفاعي سجستان ومن التهويل في أمرها ما حكاه ابن شرمة أن أفعى منها نهشت غلاماً في رجله فانصدعت جبهته ويحكى أن شبيب بن شبة دخل على المنصور فقال يا شبيب أدخلت سجستان فإنه بلغني أنها محواة أي كثيرة الحيات قال نعم يا أمير المؤمنين قد دخلتها قال فصف لي أفاعيها فقال هي دقاق الأعناق صغار الأذناب مفلطحة الرءوس رقش برش كأنما كيسن أعلام الحبرات كبارهن حتوف وصغارهن سيوف قال أرسطو وليست الفعى من الحيوان الذي يلد حيواناً مثله وإن خرج من بطنها أولاد وإنما ذلك لتكسر البيض فتلويها وتجمعها في بطنها فيتوهم من رأى ذلك أنها تلد وليس الأمر كذلك ومن الأفاعي ما يتسافد بأفواهها فإذا أعطى الذكر والأنثى وقع كالمغشى عليه فتعمد الأنثى إلى موضع مذاكيره فتقطعها نهشاً فيموت من ساعته فإذا بلغ بعضها لم يكن له مخرج لضيق مكان الولادة فيبقى في بطنها حتى يخرج فيشقه ويخرجن وتموت الأم من ساعتها فيكون طلبها للولد هلاكها وذكرها يسمى الأفعوان يأتيها أيام الصراف فيصوت بها فتأتيه وبعض الحيات مستطيل أكدر اللون وأخضر وأسود، ابيض وأرقط وفي بعضها نمش وتخرج كل بيضة ثعبان على لونها ولم يعرف أسباب في اختلاف ذلك وأما داخله فشيء أسمخ من الصديد وأقذر وهو في جوفها منضد طولاً على خط واحد وليس للحيات سفاد معروف تنتهي إلى عمله وليس عند الناس في ذلك إلا الذي ترون من ملاقات الحيات والتواكل واحدة منهما على صاحبه حتى كأنهما لوح خيزران مفلوذ والحية مشقوقة اللسان ولذلك يظن بعض الناس أن لها لسانين وهي واسعة النحر ولها خطم وكذلك يفعل نابها ولو كان لرأس الحية عظم لكان أشد لعضها ولكن جلداً يطبق على عظمين مستطيلين وتوصف بالنهم والشره لأنها تبتلع الفراخ من غير مضغ كما يفعل الأسد ومن شأنها أنها متى ابتلعت شيئاً فيه عظم أتت شجرة أو حجراً شاخصاً فتنطوي عليه انطواء شديداً فتحطم ذلك العظم حتى تصيره رفاتا ومن عادتها إذا نهشت انقلبت فيتوهم أنها فعلت ذلك لتفرغ سمها وليس الأمر كذلك وإنما في نابها عضل فإذا عضت استغرق إدخال الناب كله وهو أحجن يشبه بالبيض فإذا انقلبت كان أسهل لخروجه وأسلس لنزعه وفي طبعها أنها إذا لم تجد طعماً تعيش بالنسيم وتقتات به الزمن الطويل وتبلغ الجهد من الجوع ولا تأكل الشيء الحي وربما بقيت أربعة أشهر في الشتاء صابرة على الجوع لا تغتدي بشيء البتة وهي إذا هرمت استقرت في بيتها وأقنعها النسيم ولم تشته الطعام ومن عجيب أمرها أنها لا تطلب الماء ولا تريده لغلبة الأرضية عليها ولهذا تصبر عن الغذاء المدة الطويلة لأن حرارتها لا تسرع بتحليل مادتها لقلة الحرارة وغلظ المادة وهي لا تضبط نفسها على الشراب إذا شمته لما في طبعها من الشوق إليه فهي إذا وجدته شربت منه حتى تسكر وربما كان السكر سبب حتفها لأنها إذا سكرت خدرت والذكر من الحيات لايقيم في الموضع الواحد وربما تقيم الأنثى على بيضها بقدر ما تخرج فراخها وتقوى على المكسب ثم تخرج سائرة فمتى وجدت جحراً دخلته واثقة بأن ذلك الساكن فيه بين أمرين إما أن يقيم فيصير طعاماً لها وإنما أن يهرب فيصير الجحر لها ولهذا يضرب المثل بها في الظلم فيقال أظلم من الحية وعين الحية لا تدور في رأسها وكذلك عين الجراد كأنها مسمار مضروب وعينها ما تنطبق وإن قلكعت عادت وكذلك نابها إن قلع عاد بعد ثلاثة أيام وكذلك ذنبها إن قطع عاد وفي طبعها أنها تهرب من الرجل العريان وتفرح بالنار وتطلبها وتعجب بها وباللبن ومتى ضربت بالقصب الفارسي ماتت وإن ضربت بسوط قد مسه عرق الخيل ماتت وهي طويلة الذماء والذماء بطؤ خروج الروح بعد القتل وذلك أنها تذبح حتى تفري أوداجها فتبقى أياماً لا تموت ويقال أنها لا تموت حتف أنفها إلا أن تقتل أو تصاد وتبقى في جؤن الحوائين تدلكها الأيدي وتكره على الطعم في غير أرضها إلى أن تموت أو تحملها السيول في الشتاء والزمهرير فتموت إذا ضررت والحية تسلخ في كل عام قشرا عن جلدها في أول الربيع والخريف وتبتدئ بالسلخ من عيونها ثم رأسها ويتم سلخها في يوم وليلة وإذا هرمت وعجزت عن سلخه أدخلت نفسها بين عودين أو في صدغ ضيق حتى يتسلخ تأتي إلى عين ماء فتنغمس فيه فيشتد بذلك لحمها ويعود إلى قوته وشدته وليس في الأرض شيء مثل جسم الحية إلا والحية
أقوى منه بدناً أضعافاً ومن قوتها أنها إذا دخلت صدرها في حجر أو صدع لم يستطع أقوى الناس وقد قبض على ذنبها بكلتي يديه أن يخرجها لشدة اعتمادها وتعاون أجزائها وليست بذات قوائم لها أظفار ومخالب أو أظلاف تتشبث بها وتعتمد عليها وربما انقطعت في يد الجاذب لها وإنما لشدة فقر ظهرها فإن لها ثلاثين ضلعاً وذلك مشاهد في صعودها وسعيها خلف الرجل الشديد الحصر وعند هربها منه وهي برية وتعيش في البر بعد أن يطول مكثها في الماء وصارت مائية وأصنافها كثيرة جداً وهذا القدر كاف في وصفها.
القول على طبائع الفأر: يقولون جميع ما يقع عليه اسم الفأر فأر وهي أنواع: فأر البيت والربات والخلد واليربوع وفأرة البيش وفأرة المسك، فأما فأرة البيت فصنفان: جرذان وفأر وهما كالجوميس والبقر والبخت والغراب والفأر من الحيوان الذي جمع حاستى الشم والبصر وليس في الحيوان أفسد منه، ليس يبقى على شيء جليل ولا حقير إلا أهلكه وأتلفه ولا يقصر فعله عما فعلته ريح عاد ويكفيه ما يحكي عن سد مأرب ومن تدبيره في الشيء يأكله يحسوه وهو أنه يأتي القارورة الضيقة الرأس فيحتال حتى يدخل طرف ذنبه في عنقها وكلما ابتل بالدهن أخرجه وامتصه حتى لايدع في القارورة شيئاً ولقد حكى أن رجلاً كان عنده جرة زيت فغاب عنها مدة ثم افتقدها فوجدها مملوءة حجارة وليس فيها من الزيت شيء فأدار فكره في ذلك إلى أن الفيران كشفوها وشربوا وشربوا منها إلى أن لم يبق أن تصل أفواهها إلى الشراب فدلت أذنابها حتى لم تصل إلى الزيت فألقوا الحجارة شيئاً لبعد شيء فكان الحجر إذا وقع في الحق طفا الزيت حتى فني ولقد أراني بعض الأصحاب ظرفاً من زجاج كان فيه فستق مقشور قد نقبنه وأكلن ما فيه وكل البزور تأكل قلوبها وتترك قشورها وما أعجب منة شيء كعجبي من نوى الخرنوب التي لا تقدر الأضراس على كسره وهي تنقبه وتأكل قلبه وكذلك تفعل بالقرطم مع ملاسته، وفي طبعه النسيان فربما صيد مرات فيفلت ويعود وبه يضرب المثل في السرقة والنسيان والحذر ويبلغ الفأر من تحرزه واحتياطه أن يسكن السقوف فربما فاجأه السنور وهو يريد أن يعبر إلى بيته والسنور في الأرض وهو في السقف ولو شاء أن يدخل بيته لم يكن للسنور عليه سبيل ويشير إليه السنور في الأرض بيساره كالقائل له ارجع فإذا رجع أومى إليه بيمينه كالقائل له عد فيعود وإنما يطلب بذلك أن يعيي أو يزلق ولا يفعل به ذلك ثلاثة مرات إلا ليسقط فيثب عليه.
وحكى الجاحظ أن ناساً أنكروا أن يخلق الفأر في أرحام إناثها من أصلاب ذكورها ولكن من بعض الأرض كطينة الفاطول فإن أهلها يزعمون أنهم رأوا الفأر لم يتم خلقه بعد وأن عينيه فصان ثم ينتئان حتى يتم خلقها وتشد حركتها، ذكر الجاحظ ذلك على طريق الاستبعاد، قال صاحب المنهاج وإنما رأيت ذلك عياناً اتفق أني سافرت من الفيوم فمررت بقرية تسمى صفط وإذا بفيران قد خرجوا من شقوق الأرض كجراد منتشر كل واحد منها نصفه حيوان ونصفه الآخر طين لم تكمل خلقته وكذلك يتولد بمصر إذا انكشف ماء النيل عنها.
القول في طبائع العقرب: وهذا الحيوان أصناف منه الجرارة والطيارة وما له ذنب كالحربة وماله ذنب معقوف وفيها السود والخضر والحمر والصفر والكمد وما له لون الرماد وما لونه لون اللهب وما له حمتان وأصحاب الكلام في طبائع الحيوان يقولون العقرب مائية الطبائع ومن ذوات الذر وكثرة الولد تشبه السمك والضب وعامة هذا النوع إذا حملت الأنثى منه يكون حتفها في ولادتها لأن أولادها إذا استوى خلقها أكلت بطنها وخرجت فتموت والجاحظ لا يعجبه هذا القول ويقول أخبرني من أثق به انه رأى العقرب تلد من فيها مرتين وتحمل أولادها على ظهرها وهي قدر القمل كثير العدو والعقرب شر ما يكون إذا كانت حبلى ولها ثمانية أرجل ولها أظلاف مثل أظلاف الثور عيناها في ظهرها وهي من الحيوانات التي لا تسبح ومن عجيب أمرها أنها لا تلسع الميت ولا المغشى عليه ولا القائم إلا أن يتحرك شيء من بدنه فإنها عند ذلك تضربه وضربها له إنما هو خوفاً فهي تدفع بنفسها بضربها وهي تأوي إلى الخنافس وتسالمها وتصادق من الحيات كل اسود سالخ وربما لسعت الأفعى فتموت وفيها من يلسع بعضه بعضاً فيموت الملسوع ومن شانها إذا لسعت الإنسان فرت فرار ممئ يخاف العقاب.
وقال الجاحظ والعقارب تستخرج من موتها بالجراد لأنها حريصة على أكله تمسك الجرادة في عود ثم تدخل بها في مكانها فإذا عاينتها العقرب تعلقت ومتى أدخل الكراث إليها وأخرج تبعه وما معها من جنسها ونوعها وهي إذا خرجت من بخشها في طلب المطعم يكون لها نشاط وعزم تضرب كلاما لقيته من حيوان أو نبات أو جماد وربما ضربت الطست والقمقم فنخرقه وتسيل مادة وربما نشبت فيه أبرتها وهذه الإبرة منعوتة فيها السم والعقارب القاتلة تكون في موضعين بشهر زور وعسكر مكرم وهي جرارات وهذه العقارب تلسع فتقتل وربما يتناثر اللحم من لسعته أو تعفن لحمه واسترخى ولا يدنو منه أحد إلا وهو يمسك أنفه مخافة أعدائه وهي في غاية الصغر فإن أكبر ما يوجد منها يكون قدر زنته دانقاً واحداً والذي يوجد منها كبيراً يكون زينته ثلاث حبات وقد وزنت بشعيرة فرجحت الشعيرة عنها ذكر هذا صاحب كتاب النوار ومن ظرائف أمرها أنها مع صغرها وقلتها ونزارتها تقتل الفيل والبعير بلسعها وبنصيبين عقارب قتالة يقال أن اصلها من شهر زور وإن بعض الملوك حاصر بها فأنى بالعقارب من شهر زور ورمى بها في كيزان بالمجانيق إلى البلد فأعطوا القوم بأيديهم وما أظرف قول من قال وقد واعد امرأة ليأتيها فلما خرج من عندها ضربته عقرب في طريقه فقال:
ولقد سريت مع الظلام لموعد
…
حصلته من غادر كذاب
فإذا على ظهر الطريق معدة
…
سوداء قد علمت أوان ذهابي
لا بارك الرحمن فيها عقرباً
…
دبابة دبت إلى دباب
وسمع خبره صاحب الدار فقال:
ودار وأيام سكانها
…
تقيم الحدود بها العقرب
وإذا غفل الناس عن ذنبهم
…
فإن عقاربنا تضرب
القول في طبائع النمل: ذهب ابن أبي الأشعث أنه لا يتزواج ولا يتوالد ولا يتلاقح وإنما يسقط منه شيء حقير في الأرض فينمو فيصير بيضاً ثم يتكون فيه وهو من الحيوان المحتال يتفرق في طلب المعاش فإذا وجد شيئاً أنذر الباقين فيجئن ويحملن وكل واحد يجتهد في إصلاح العامة غير مختلس لشيء من الرزق دون صحبه ويقال إنما يفعل ذلك رؤساؤها ومن تحلية في الرزق أنه ربما وضع بينه وبين ما يخاف عهليه منه ما يحجزه عنه من ماء أو شعر فيتسلق في الحائد ويمشي على جذع من السقف مسامتا لما حفظ ثم يلقي نفسه عليه وفي طبعه أن يحتكر زمن الصيف لزمن الشتاء وله في الاحتكار من الحيل ما أنه ما إذا احتكر ما يخاف نباته قسمه نصفين ما خلا الكسفرة فإنه يقسمها أربعاً لما ألهم أن كل نصف منها ينبت وإذا خاف العفن على الحب أخرجه إلى ظاهر الأرض ونشره وأكثر ما يفعل ذلك في القمر ويقال أن حياته ليست من قبل مأكله ولا قوامه وذلك أنه ليس له جوف ينفذ فيه الطعام ولكنه مقطوع نصفين وإنما قوته إذا قطع الحب من استنشاق ريحه لا غير وذلك يغذوه ويكفيه وهو يشم ما ليس له ريح مما لو وضعه الإنسان على أنفه لما وجد له ريحاً والكلام عليها طويل وهذا القدر كاف.
لبعض الشعراء في البراغيث والبق والبعوض:
تومي على ظهر الفراش منغص
…
والليل فيه زيادة لا تنقص
من عاديات كالذئاب تداءبت
…
وسرت على عجل فلا تتبرص
وجعلت دمى خمراً تداوم شربها
…
مسترخصات منه لا يرخص
فترى البعوض مغنياً بربابة
…
والبق يشرب والبراغيث ترقص
أبو عامر بن شهيد يصفه: اسود زنجي وأهلي وحشي ليس زبوان ولا رميل وكأنه جن لا يتحرى من ليل وشونيره أو نبتها غرره نقطة مداد أو سويداء قلب قراد شربه غب ومشيه وثب يسري ليله ويكمن نهاره ولا يمنعه ستر يدرك بطعن مؤلم ويستحل دم كل مسلم مشاور يجز ذيله على الجبابرة يتكفن بأرفع الثياب ويهتك ستر كل حجاب ولا يحفل ببواب يرد مناهل العيش العذبة ويصل الأجراح الرطبة ولا يمنع منه أمير وهو أحقر من كل حقير سره مثبوت وعهد منكوث.
نقلت من كتاب الامتناع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي أن نبات عرس إنما تلقح من أفواهها وتلد من آذانها ومن عادة هذا الجنس أنه يسرق ما وجد من حلي الذهب والفضة ويخبئه في حجر وإن وجد أيضاص في البيت حبوباً خلط بعضها ببعض.
النمل عمول مواظب فإذا جمع الحب قطعه كيلا ينبت إذا أصابه الندى والبلل ويخرجه ويبسطه عند فم الجحر حتى إذا يبس أدخله فمن جرب طبائع النمل أدرك علم زمان المطر والصحو ومن أراد أن يهلك النمل فليدق الكبريت والحريق وليذره في حجره ولا يولد من تزاوج لكنه يخرج منه شيء صغير فيقع في الأرض فيصير بيضاً ثم يتصوره من البيض بالهيئة التي ترى.
الخنافس: إذا شمت ريح الورد ماتت وأجنحتها مدمجة لاصقة بها، البق والبعوض لا تناكح لهما وإنما تستحيل من عين الماء ووسخه ونتنه ومن أخذ غصن العنب ووضعه تحت سريره لم يقربه بق ولا بعوض ومن أراد أن لايتأذى بالبراغيث فليحفر وسط البيت حفرة ويملأها بدم تيس فإن البراغيث تجتمع هناك وإن وضع في الحفرة ورق دفلى ماتت البراغيث، تم ما ذكره أبو حيان في الامتناع ومنه قيل لذؤيب أتزعم أنك مفلس لا تقدر على قرض ولا جمع ولا خفالة وبيتك عامر بالفأر فقال علي بن أبي عتيق الطلاق الثلاث البتة أن كان يمنعهم من التحول عنا إلا أنهم يسرقون أطمعة الناس ويأكلونها في بيتي لأمنهم فيه لأنه لا هرّ هناك.
وعلى ذكر الفأر فما أحسن قول الشيخ أحمد الموال الشهير بالفأر أنشدنيها المرحوم الفخري بن مكانس:
قلبي صبا نحو بطحى رأيت ورق
…
لما رأى القاعد أخلفو عليها دق
ومذ قطعها الصبي شقات قلت الحق
…
يا فاز نلت المنى أعبر لهذا الشق
يتأذى بمن ينبذه بهذا القلب فاتفق حضورهما عند الأمير فشتم نائب السلطنة الشريفة يسلمان عليه حين قد من سفره فأحضر لهما مشروباً على العادة فمسك فخر الدين الإناء وقال ذكروا أن شراب الليمون في الأسفار يسكن الدم إذا فار فاحتد منه الفأر وقال كذبت عن من نقلت هذا فقال عن الفارابي فكان الشاهد أنكى من الزائد.
نقلت من تذكرة العلامة عز الدين الموصلي شيخنا رحمه الله وفقاً يوضع لفقد الذباب من البيت الذي يكون فيه وصورته أن يوضع يوم الخميس المعروف بخميس البيض قبل طلوع الشمس بعد صلاة الفجر ويكون واضعه قد صام أربعة أيام لا يفطر فيها على زفر ولا زهومة ثم يضعه على هذه الهيئة ويكون الوضع في ورق لونه رصاصي تربيعاً بالمسطرة محرراً وهو هذا الوفق المبارك إن شاء الله تعالى: هلك الذباب بإذن الملك القاهر القدير 8 87 672 62 8 73 8 671 873 728 7 8 837 8 8 67 873 ناصر الدين بن النقيب:
ودار خراب بها قد نزل?
…
ت ولكن نزلت إلى السابعة
فلا فرق بين أني أكو
…
ن بها أو أكون على القارعة
فوالله ما نمت في أرضها
…
ولا طلعت لي بها طالعه
ومفردت بالصفات القبا
…
ح وما هي إلا لها جامعة
تشاورها هفوات النس?
…
?يم فتصغى بلا أذن سامعه
إذا ما قرأت إذا زلزلت
…
بها خفت أن تقري الواقعة
وأخشى بها أن أقيم الصلا
…
ة فستجد حياطانها الراكعة
قال الشيخ شمس الدين بن الصائغ أنشدني الشيخ تاج الدين عبد الباقي اليماني قال حضرت منزل الشيخ جمال الدين بن نباتة فرأيت فيه نملاً كثيراً فقلت:
مالي أرى منزل المولي الأديب به
…
نمل تجمع في أرجائه زمرا
فقال لا تعجبن من نمل منزله
…
فالنمل من شأنها أن تتبع الشعرا
وعلى ذكر النمل ذكرت ما نقلته من خط الوداعي ما صورته ذب شخص شاهد عدل يقال له النميلة فعمل فيه عز الدين بن رواحة:
عتبت على نميلة في التعدي
…
وجراءته على ما لا يحل
وقلت مقال إنكار عليه
…
تدب على العدول وأنت عادل
فقال لقد عتبت عليّ ظلما
…
وهل للنمل غير الدب شغل
من المجريات إذا ظهر النمل في موضع أن يقرؤ عشر مرات في نفس وأحدهم الغذاء والعشاء طويل فإنه يرحل بإذن الله.
السيد الفاضل شمس الدين بن صاحب موفق الدين علي الآمدي في الحية:
وتخاله في القيظ سوطاً بالياً
…
ملقى وفي كانون دملج معصم
وقد استدارت مقلتاه بحمرة
…
فيها تحاكي قطرتين من الدم
وله فيه:
وهو حبل قل إذا ما امتد أو
…
مثل خيط النهر مهما اضطربا
سبباً للموت وصالاً به
…
وكذاك الحبل يدعى سببا