المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثامن والعشرونفي الأسماك واللحوم والجزور - مطالع البدور ومنازل السرور

[الغزولي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأولفي تخير المكان المتخذ للبنيان

- ‌الباب الثانيفي أحكام وضعه وسعة بنائه وبقاء الشرف والذكر ببقائه

- ‌الباب الثالثفي اختيار الجار والصبر على أذاه وحسن الجوار

- ‌الباب الرابعفي الباب

- ‌الباب الخامسفي ذم الحجاب

- ‌الباب السادسفي الخادم والدهليز

- ‌الباب السابعفي البركة والفوارة والدواليب وما فيهن من كلام وجيز

- ‌الباب الثامنفي الباذهنج وترتيبه

- ‌الباب التاسعفي النسيم ولطافة هبوبه

- ‌الباب العاشرفي الفرش والمساند والأرائك

- ‌الباب الحادي عشرفي الأراييح الطيبة والمروحة وما شاكل ذلك

- ‌الباب الثاني عشرفي الطيور المسمعة

- ‌الباب الثالث عشرفي الشطرنج والنرد وما فيهما من محاسن مجموعة

- ‌الباب الرابع عشرفي الشمعة والفانوس والسراج

- ‌الباب الخامس عشرفي الخضروات والرياحين

- ‌الباب السادس عشرفي الروضات والبساتين

- ‌الباب السابع عشرفي آنية الراح

- ‌الباب الثامن عشرفيما يستجلب بها الأفراح

- ‌الباب التاسع عشرفي الصاحب والنديم

- ‌الباب العشرونفي مسامرة أهل النعيم

- ‌الباب الحادي والعشرونفي الشعراء المجيدين

- ‌الباب الثاني والعشرونفي الحذاق المطربين

- ‌الباب الثالث والعشرونفي الغلمان

- ‌الباب الرابع والعشرون في الجوارى ذات الألحان قال الثعالبي في تحفة الأرواح وموائد السرور والأفراح إن كان أجود منه وذلك مع الروية وقال أفلاطون: غناء الملاح تحرك فيه الشهوة والطرب وغناء القباح يحرك فيه الطرب لا الشهوة وقد قيل أحسن الناس غناء من تشبه بالنساء من الرجال ومن تشبه بالرجال من النساء وما أحسن قول القائل:جائت بوجه كأنه قمر…على قوم كأنه غصن

- ‌الباب الخمس والعشرون في الباءة

- ‌الباب السادس والعشرونفي الحمام وما غزى مغزاه

- ‌الباب السابع والعشرونفي النار والطباخ والقدور

- ‌الباب الثامن والعشرونفي الأسماك واللحوم والجزور

- ‌الباب التاسع والعشرونفيما تحتاج إليه الأطعمة من البقول في السفرة

- ‌الباب الثلاثون في الخوان والمائدة وما فيهما من كلام مقبول

- ‌الباب الحادي والثلاثونفي الوكيرة والأطعمة المشتهاة

- ‌الباب الثاني والثلاثونفي الماء وما جرى مجراه

- ‌الباب الثالث والثلاثونفي المشروب والحلواء

- ‌الباب الرابع والثلاثونفي بيت الخلاء المطلوب

- ‌الباب الخامس والثلاثونفي نبلاء الأطباء

- ‌الباب السادس والثلاثون في الحساب والوزراء اعلم أن الوزير مشتق اسمه من حمل الوزر عمن خدمه وحمل الوزير لا يكون إلا بسلامة من الوزير لا يكون إلا بسلامة من الوزير في خلقته وخلائقه أما في خلقته فإنه يكون تام الصورة حسن الهيئة متناسب الأعضاء صحيح الحواس وأما في خلائقه فهو أن يكون بعيد الهمة سامي الرأي ذكي الذهن جيد الحدس صادق الفراسة رحب الصدر كامل المروءة عارفاً بموارد الأمور ومصادرها فإذا كان كذلك كان أفضل عدد المملكة لأنه يصون الملك عن التبذل ويرفعه عن الدناءة ويغوص له عن الفكرة ومنزلته منزلة الآلة يتوصل بها إلى نيل بغيته وبمنزلة الذي يحرز المدينة من دخول الآفة ومنزلة الجارح الذي يصيد لطعمة صاحبه وليس كل أحد وإن أصلح لهذه المنزلة يصلح لكل سلطان ما لم يكن معروفاً بالإخلاص لمن خدمه والمحبة لمن استنصحه والإيثار لمن قربه وقال الثعالبي في يواقيت المواقيت، الوزارة اسم جامع للمجد والشرف والمروءة وهي تلو الملك والإمارة والرتب العلياء والدرجة الكبرى بعدهما، قال المنصور النميري يمدح يحيى البرمكي:ولو علمت فرق الوزارة رتبة…تنال بمجد في الحياة لنالها

- ‌الباب السابع والثلاثون في كتاب الإنشاء وهو فصلانالفصل الأول: فيما يحتاج إليه كاتب الإنشاء من الأخلاق والأدوات والآلات

- ‌الباب الثامن والثلاثون في الهدايا والتحف النفيسة الأثمانذكر ابن بدرون في شرحه لقصيدة ابن عبدون عند ذكر كسرى وبنائه للسور المذكور في الباب السادس من هذا الكتاب ولما بنى كسرى هذا السور هادته الملوك وراسلته، فمنهم ملك الصين كتب إليه من يعقوب ملك الصين صاحب قصر الدار والجوهر الذي في قصره نهران يسقيان العود والكافور والذي توجد رائحة قصره على فرسخين والذي تخدمه بنات ألف ملك والذي في مربطه ألف فيل أبيض إلى أخيه كسرى أنوشروان وأهدى إليه فارساً من در منضد علينا الفارس والفرس من ياقوت أحمر وقائم سيفه من الزمرد منضد بالجوهري وثوباً حريرا صينياً وفيه صورة الملك على إيوانه وعليه حلته وتاجه وعلى رأسه الخدام بأيديهم المذاب المصورة من ذهب تحمله جارية تغيب في شعرها يتلألأ جمالها وغير ذلك مما تهديه الملوك إلى أمثالها

- ‌الباب التاسع والثلاثون في خواص الأحجار وكيانها في المعادنقال الفاضل أبو العباس شهاب الدين أحمد بن يوسف التيشاء: في الجوهر اسم عام يطلق على الكبير والصغير منه فما كان كبيراً فهو الدر وما كان صغيراً فهو اللؤلؤ المسمى حباً ويسمى أيضاً اللؤلؤ الدق ولؤلؤ النظم وحيوان الجوهر الذي يتكون فيه كبيره وصغيره يسمى باليونانية أسطوروس يعلو لحم ذلك الحيوان صدفتان ملازمتان لجسمه والذي يلي الصدفتين من لحمه أسود ولهذا الحيوان فم وأذنان وشحم يلي الفم من داخلهما إلى غاية الصدفتين والباقي رغوة وصدفة وماء

- ‌الباب الأربعون في خزائن السلاح والكنائنسأل عمر بن الخطاب (عمرو بن معدي كرب عن السلاح فقال ما تقول في الرمح قال أخوك وربما خانك فانقصف، قال فما تقول في الترس قال هو المجن وعليه تدور الدوائر، قال فالنبل قال منايا تخطئ وتصيب، قال فما تقول في الدرع قال مفشلة للراجل مغلة للفارس وإنها لحصن حصين، قال فما تقول في السيف قال هنالك لا أم لك يا أمير المؤمنين فعلاه عمر بالدرة وقال له تقول لا أم لك قال الحمى أصرعتني

- ‌الباب الحادي والأربعون في الكتب وجمعها وفضل اتخاذها ونفعهاقال ابن الخشاب ملغزا فيها:

- ‌الباب الثاني والأربعونفي الخيل والدواب ونفعها

- ‌الباب الثالث والأربعونفي مصائد الملوك وما فيها من نظم السلوك

- ‌الباب الرابع والأربعونفي خطائر الوحوش الجليلة المقداد

- ‌الباب الخامس والأربعون في الأسد النبل والزرافة والفيل

- ‌الباب السادس والأربعون في الحمام وما في وصفها من بديع النظام

- ‌الباب السابع والأربعون في الحصون والقصور والآثار وما قيل فيها من رائق الأشعار

- ‌الباب الثامن والأربعون في الحنين إلى الأوطان وتذكر من بها من القطانروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع صوتا فارتاع فقيل له في ذلك فقال ظننت أن ساكنا أزعج من منزله، وجاء أيضا حب الوطن من الإيمان وقال ابن عباس (لو قنع الناس بأرزاقهم قناعتهم بأوطانهم ما اشتكى أحد الرزق وكانت العرب إذا سافرت أخذت معها من تربة بلدها تستنشق ريحها وتطرحه في الماء إذا شربته وهكذا كان المتفلسف من البرامكة إذا سافر أخذ معه من تربة مولده في جراب يتدواى به ولما غزا اسفندبار بلاد الخرز اعتل بها فقيل له ما تشتهي قال شربة من دجلة وشميما من تراب اصطخر فأتي به بعد أيام بماء وقبضة من تراب وقيل له هذا من ماء دجلة ومن تربة أرضك فشرب واشتم بالوهم فنقه من علته

- ‌الباب التاسع والأربعونفي دار سكنت كثيرة الحشرات قليلة الخير عديمة النبات

- ‌الباب الخمسونفي وصف الجنان وما فيها من حور وولدان

الفصل: ‌الباب الثامن والعشرونفي الأسماك واللحوم والجزور

إن الفتى من يقول ها أنا ذا

ليس الفتى من يقول كان أبي

قلت: وأنشدني سيدنا ومولانا القاضي شهاب الدين بن حجر رحمه الله للشيخ بدر الدين الصاحب في مليح يطوف بالفول:

أنا ابن الذي في الليل تسطع ناره

كثير رماد القدر للعب يحمل

يدور بأقداح العوافى على الورى

ويصبح بالخير الكثير يقوّل

قال محمد بن العفيف في مليح طباخ:

رب طباخ مليح

فاتر الطرف غرير

مالكي أصبح لكن

شغلوه بالقدور

وقال الصفدي: كافى بطباخ تملك مهجتى

فعذاب قلبي في هواه سرمد

وكأنما أنا منصب قادمه

نار تشب وزفرة تتصعد

وقال المعمار:

كافى بطباخ تنوع حسنه

ومزاجه للعاشقين يوافق

لكن مخافى من جفاه غدت

منه قلوب في الصدور خوافق

وقال أيضاً مواليا:

هويت طباخاً بالصبحة اخدميه

حلو المزاج كانوا بن تركيه

ولو أطارف نواعم بيض زيديه

لها معانى على الأخوان مخفيه

وقال بعضهم ما على الشيخ المسن أضر من أن يكون له طباخ حاذق وجارية حسناء لأنه يكثر من الطعام فيسقم ومن النكاح فيهرم وقال إبراهيم المعمار:

وطباخ بمنصبه افتخار

وقدر قد علا في الناس وافى

3أياديه على الأخوان مدّت

وكم قلب له بالودّ صافى

وكم آمنوا به من خوف جوع

سيعطى الآمن في يوم المخاف

دخل ابن الفضل الشاعر يوماً على الوزير ابن هبيرة وكان نقيب الإشراف وكان مبجلا وكان ذلك في يوم شديد الحر من شهر رمضان فقال له الوزير أين كنت فقال في مطبخ سيدي النقيب فقال له ويحك أيش عملت في شهر رمضان في المطبخ فقال كسرت الحر فيه يا مولانا فتبسم وخجل النقيب الفرزدق:

وقد علم الجيران أن قدورنا

ضوامن للأرزاق والريح رفرف

ترى حولهن المعتقين كأنهم

على صنم في الجاهلية عكف

وقال أمية بن أبي الصلت: وكأنها بفنائه

للضيف مترعه زواجر

وكأنهن بما سجن

وما حمين به ضرائر

وقال الفرزدق يهجو:

لو أن قدرا بكت من طول ما حبست

على الجفون بكت قدر ابن عمار

ما مسها دسم مذ نض مدمعها

ولا رأت بعد نار القين من نار

‌الباب الثامن والعشرون

في الأسماك واللحوم والجزور

كتب الوزير المرحون فخر الدين عبد الرحمن بن مكانس إلى شيخ بدر الدين البشتكى رحمه الله وقد كانوا بمجلس انس بشاطئ الروضة في أيام وفاء النيل السعيد فاتفق أن الشيخ بدر الدين صاد حوتاً عظيماً بالصنارة يداعبه بلغنى رفع الله قدرك على السماك وأعلى محلك وأسماك وأجرى يسعدك وأمرك في نهر السماء وبحور الأرض الأفلاك ولا زلت همم نظمك البدرية ونثرك تعلو على النثرة وفتكات عزماتك الماركية تسمو إلى صيد نسر السماء من وكره وحوتها من المجرو ولا برحت تصرف حروف المحاسن فتخدمك من كل محجر عين ومن كل جانب نون ولا فتئت تجمع شمل المعالي إلى أن يفترق الفرقدان ويلتقى الضب والنون ويغدو سهيل في السماء مصادف الثريا ويصبو الحوت للسرطان أن مولانا مع جماله خلافا للمعز أقلق السابح في لجه وراع كل حوت حتى حوت الأرض في تخومه وحوت السماء في برجه وجاور ذوات البحر فكان لها بئس الجار يطعمه الذي أقامه عليهم في الحيلة مقام بنجه وانه شد وسطه للصيد وكان من الحزم وأرسل آلة صيده إلى الأسود والأحمر من أمم البحار فعادت عود أولى العزم فعد بعد ذلك مولانا للصيد بالمرصاد وأطاعته حروف النص فكلما تلا لسان البحر نونا لسان العزم صاد (مفرد) .

وهي السعادة في السماء فلو تشا

لطعنت منها رامحا بالاعزل

ص: 150

فمن ذلك صيد الحوت الذي قدم من أقصى النيل فيا له من سفر بعيد وفارق وطنه وورد مع التيار السريع في البحر المديد فآوى إلى الشط طالبا غداءه إذ لقي من سفره هذا نصبا وركن إلى البر فليته لو عقل (فاتخذ سبيله في البحر سربا) ولم يعلم أن سيدنا وضع الحبل وجعله لصيده معنى وصورة سببا فاختر منه يد المنية باعوجاج الصنارة التي نصبها لدواب البحر فخا للقهر والضعيفة التي تعامل أقوياء الأسماك في أعظم البحور السائلة بالنهر كان هذا المسكين من صالح الأسماك الذي أفنى الأيام سحبا طويلا فساح وأتى يقبل جداراً حل فيه قدم مولانا وبركته مجازاة فجازاة التمساح أو كأنه لجا إلى البر هربا من عوارض المواج وآمن بمجاورته فأخذ من منأمنه وخاب أمله من لاج فسبح بعد بحار المن من بحار المنون في لجج وقالت له الحيتان إذا اعماك القضاء عن رشدك حدث عن البحر ولا حرج وكان ظنه أن عومه في الشط ينجيه فكان حتفه في ذلك العوم وعلى الجملة فقد آن أجله ولو آوى إلى جبل لقيل لا عاصم اليوم فأتت به حوتا يلوح بياضه بين هضباب الموج كالبدر من سجف الغمام وتبدو عليه مهابة تشر انه من نسل حوت يونس عليه السلام فأعيذ هذا الحوت بالنون وصائده الكاتب الأديب بالقلم وما يسطرون فلقد ظفر بما لا ظفر به الحواريون في شباكهم المشبكة ووقع له ما لو وقع لابن صياد لتطاول عجباً وانتفخ حتى مل الشبكة وحصل به للجماعة من السرور ما يحصل بوفاء النيل وشاهدوا من جزله العظيمة كل خير جزيل ومنحوا من سنه وعظمه بالجوهر النقي وأنياب الفيل وأرخصوه للقرى بعد أن أمسى في القدور يغلى وقلوه فطاب مأكلاً وغن كان مما لا يقلى ونوعوه محلى وحامضاً فالمحلى جعلوه نقلا على الكئوس حين تجلى وفازوا على رأى ابن حزم وإن لم يكن من أصحاب الرأى بالمحلى والمجلى والحامض فقطعوا عند أكله بالذوق أن ذلك الحوت مر لا محالة وقال آخرون بل هو هالة لتناسب البدور والهالة وحملوا به الموائد لصائده بالتقدم على الضفدع الأديب في مصائد الشوارد وقدموه على ما عندهم من طري وبائت وأكلوه من ساعته كيلا يندموا على فائت قائلين لا تؤخروه فللتأخير ولا تبيتوه فكلما بات فات وبادروا طرواته لعلهم طرواته لعلهم أنه أطيب ما يؤكل من السمك البورى الطري واستطابوه ضرورة ولا خلاف أن صائد الحوت اكثر تلذذا بأكله من المشترى هذا وأما الأسماك بذلك الشاطئ فقد نادى مناديهم بالرحيل وقال أديبهم للبنية مصحفا يا بنية ليس المقام هنا جميل فكم فرخ حول وكر أمه من هناك وشال وكم عصبة من السمك صرخت قاقا وقطعت الجبال وكم طائفة من رشادها فرت إلى البرور الخالية من العباد وكم طائفة تخلفت ووقعت في الشباك فقيل ضلت عن سبيل الرشاد وكم طائفة أسرعت إلى رءوس الجيال الحركة وكذبت العروضيين في قولهم لم أر على ظهر جبل سمكة وكم سمكة قالت لفراخها اهجروا ماءكم ومأواكم كما هجرت مأواى وأخلوا هذه الديار وان أعشبت وابتغوا صائب الرأي ومنهم من عمد إلى عمق البحر نجاه وسارت به سفينة عزمه في موج كالجبال وكان سبب النجاة وتواصوا لما رأوا طغيان الماء أن لا يأووا إلى البرور وتحققوا انه الطوفان لما فار على أخيهم المصاب التنور وكم قائل الحمد لله الذي قطع عنا أثر هذا النون العظيم وأزال عينه وقائلة سبحان من أراح ضعفاء السمك من هذا الجبار وفرق بينهم وبينه فشكرا إذا غدا مولانا شيخ البر والبحر وأضحى في نسكه ابن السماك وفي صدق حديثه أبا ذر وأمسى ضرع البلاغة مسخرا له فإن جمح لغيره أو أبادر أحياه الله بدرا يشرق في سماء المعالي وتحلى أجياد الفصاحة من بحور نظمه ونثره بالجواهر والآلى وجمل به السماء كما جعل به الأرض ولا جعله كأدباء أهل هذا الزمان الذين هم كالسماك يأكل بعضهم بالغيبة لحم بعض بمنه وكرمه والسمك بارد رطب يولد البلغم وينفع المحرورين ويضر بالمشايخ ودفع مضرته بالفواه الحارة والصعر والملح وصغاره بالخل نافع لأصحاب الأمزجة الحارة ومن به يرقان وكبده حار والمالح منه حار يابس يولد السوداء ويضر بالمحرورين.

ص: 151

فصل في اللحوم عن أبي الدراداء (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد طعام أهل الدنيا والآخرة اللحم، وفي حديث آخر سيد الأدام في الدنيا والآخرة اللحم وسيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء، وقال ل صلى الله عليه وسلم اللحم يطيب النفس ويفرح القلب ويحسن الوجه ويشد العصب، وكان محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة ة (عبلا رخص الأنامل يكاد الماء يجري بين جلده ولحمه فقال له أبو حنيفة ما غذاؤك قال ما أزيد على الخبز واللحم شيئاً قال هذه الشحمة منهما تنعقد، ولحم البقر داء ولبنها شفاء وسمنها دواء، وقالت الأطباء أحمد اللحمان ما خصى من الضأن وكان فتيا ولا خير فيما أسن ولحم الضأن وكان فتيا ولا خير فيما أسن ولحم الضأن نافع من المرة السوداء إلا أن الممرودين الذين يصرعون إذا أكلوه اشتد بهم ذلك ولحم المعز يورث الهم ويفسد ويحرك السوداء ويحدث النسيان ويحيل الأولاد، ولحم الدجاج الهرم أضر اللحمان وأغلظها وقال أبو حاتم قال خالد بن يزيد أطيب الإبل لحوماً الورق وأطيب البقر لحوماً البيض، وقال عبد الله بن جعفر سمعت رسول ل صلى الله عليه وسلم يقول أطيب اللحوم لحم الظهر، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال من سره أن يقل غيظه فليأكل لحم الدراج، ولما حضرت الوفاة للحرث بن كلدة قيل له أوصنا بما ننتفع به بعدك فقال لا تتزوجوا من النساء إلا الشباب ولا تأكلوا من اللحم إلا الفتى ولا من الفواكه إلا ما نضج ولا يتداوين أحدكم بدواء ما احتمل بدنه الدواء وإذا تغذيتم فناموا قليلاً وإذا تعشيتم فامشوا خطوات، وقال نجتيشوع للمأمون أوصيك يا أمير المؤمنين أربعة أشياء: لا تأكل طعاماً بين نبيذين ولا تجامع على شبع إلى أن يخلو جوفك من الرياح والنجو ولا تأكل من لحم البقر فوالله إني أمر به في الطريق فأغطى عيني وعين برذرنى من شدة مضرته.

نادرة: قرأت في كتاب ملح الكنايات ولمح التعريض والإشارات تأليف جمال الدين يوسف بن مرتفع بن الفقيه فتح الدين مجلد الكتب المعروف بنقانق ووجد الشريف محاسن عريف سوق الكتبيين في دكانه يتغذى فدعاه للأكل فقال من أي شيء تأكل فقال شيء من لحم جمل صغير فاشتهيت أن آكل منه فجلس وأكل معه فنظر إليهما الضياء موسى الناسخ فقال يا محاسن أحذر أن يراك المحتسب فيؤذيك قال على م قال لأنك تحشى النقانق بلحم الجمل فاستحسن ذلك منه، وفي الحديث من داوم على اللحم أربعين يوماً قسى قلبه ومن تركه أربعين يوماً ساء خلقه.

ص: 152

فصل: كتب الوزير فخر الدين عبد الرحمن بن مكانس سامحه الله تعالى إلى فتح الدين صدقة بن سعيد بديوان الخاص وكان المذكور أسود ينحرف من ذكر العبيد والسواد يقبل اليد الكريمة السديدة الفتحية لا زال فتحها رشيداً وفعلها سديدا وسعدها جديداً وقولها مفيدا ومطلعها صبيحا ومفلح مقاصدها نجيحها وإقبال سرورها مستمرا ورواق العز عليها مسيطرا كثر الله عبيدها وألحق مقترها بسعيدها ويصف ولاءه الذي تشهد به ذاته الكريمة بل السواد الأعظم وإخلاصه الذي صفا وده إلى أن عاد كغرة البدر في الليل الأدهم ويبدى ما يجده إلى مولانا في نفسه من الميل ويذكر محبته التي لا تتغير ما ولج الليل في النهار والنهار في الليل وينهى أنه يبسط عذر مولانا في تأخير أبقار الأضحية بهذا سواد ويمشي في سواد وكيف لا مولانا إنسان عين الزمان والمفدا بسويداء القلوب من طوارق الحدثان فأبقاه الله يجرر في ميادين الكرم الذيل ويستر بحمله سقطات الجهال ستر الليل وعلم المملوك أن المقر الأشرف المالك قد اقتدى في أضحية المملوك خاصة برأي الإمام مالك إذ يرى الأضحية بالغنم أفضل وان القربى بذبحها أكمل وأن الله جعل الأبقار لحرث الأراضي ذات الطول والعرض وأنه خصها من أضحية المملوك بكل ذلول تثير الأرض فإذا عوتب على ذلك قال نعم أحلينا بأضحيته في هذا العيد وقابلناه عن محبته لنا من الحرمان بما لا عنه مزيد وقطعنا مرتبه من الديوان إذا كان عندنا المخلص (وما ربك بظلام للعبيد) ثم تأخذه العزة لأنفه المناصب ويتذكر عن المطلوب وذل الطالب فيقول قد منعنا ما سقنا من هدى إنعامه إليه وان هو إلا عبد أنعمنا عليه فلو كان الأمر لمولانا مستبدا بع لبدل البقر بكرائم الخيل وأوضح من فخر الأنعام الخيط الأبيض من الخيط الأسود ومحا من ظلمة المنع آية الليل وساق أيده الله ما شاء من البقر إلينا وانعم علينا غير معتذر ولا متعنت يقول (إن البقر تشابه علينا) على أن مولانا إذا لاحظ أنعم لك صفراء فاقع لونها لكن من الذهب العين وإذا نأى نعق بفراق البقر غراب البين وإذا شاء أتحف من شآبيب أنعامه مسكويه وحركات فضله محبوبه والسنة الخواص قائلة الحمد لله الذي كف عنا النوب بأكف النوبة والمملوك ما برح كثير المحبة لمولانا من حين شمله بجزيل الإحسان هاجر مسموع الطير بجملته كرها للقائل منها ما دق قفا السودان، وقال الشيخ زين الدين بن الوردى مضمنا:

بتنا ضيوفا لغادة قصدت

ذبح خروف قد طاب واعتدلا

حلت رباط الخروف منشدة

أما ترى الشمس حلت الحملا

وممن ولع بذكر الجزارة الجزور الأديب الفاضل أبو الحسين يحيى بن عبد العظيم الجزار فمن ذلك بقوله:

إني لمن معشر سفك الدما لهم دأب

وسل عنهم إن رمت تصديقى

تضيء بالدم إشراقا عراصهم

فكل أيامهم أيام تشريق

وقوله:

حسن التأنى مما يعين على

رزق الفتى والخطوب تختلف

والعبد مذ كان في جزارته

يعلم من أين يؤكل الكتف

ص: 153