الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقابلنا من وجهه وشرابه
…
بشمسين في جنحى دجى الليل والشعر
وغنى فصار السمع كالطرف أجدا
…
بأوفر حظ من محاسنه الزهر
وأتبعنا في وجنتيه بمثل ما
…
تمرج كفاه من الماء والخمر
سرور سكرنا منه لاصحو إذ دعا
…
إليه ولم نشكر إليه من السكر
كأن الليالي نمن عنه فبعدما
…
تنبهن يبكين الوفا إلى العذر
مضى وكأنما كنت فيه مناماً
…
فحدثت عن طيف الخيال إذا يسر
وهل يحصل الإنسان من كل ما به
…
تسامحه الأيام إلا إلى الذكر
زلم أزل على أتم قلق وأعظم حسرة وأشد تأسف على ما سلبت من عظيم النعمة بفراق الفتى لا سيما ولم أحصل منه حقيقة ولا يقين بر يؤدياني إلى الطوع في لقائه إلى أن عاد سيف الدولة إلى دمشق وأنا في جملته فما بدأت بشيء قبل المصير إلى الراهب وقد كنت حفظت اسمه فخرج إلي مرعوباًولا يعرف السبب فلما رآني استطار فرحا وأقسم لا يخاطبني إلا بعد نزول والمقام عتده يومي ذلك ففعلت فلما جلسنا للمحادثة قال ما لي أراك لا تسألني عن صديقك قلت والله مالي فكر منصرف عنه ولا أسف يتجاوز ما حرمته منه ولا سررت بعودي إلى البلد إلا من أجله ولذلك بدأت بقصدك فاذكر لي خبره فقال أما الآن فنعم هذا فشى من أولاد عظماء مصر جليل القدر عظيم النعمة كان قد ضمن من سلطانه بمصر ضياعاً بمال كثير فخاسر به ضمانه لعقود السعر وأشرف على الخروج مننعمته فاستتر ولما اشتد البحث عنه خرج متخفياً إلى أن ورد دمشق بزىء تاجر وكان استتاره عند بعض اخوانه ممن له عادة بخدمته فأتيت عنده يوماً إذ ظهر لي وقال لصديقه أريد الإنتقال إلى هذا الراهب إن كان مأموناً فذكر لهصديقي مذهبي وأظهرت له السرور بما رغب فيه من الأنس بي وأنا لا أعرفه غير أن صديقي قد أمرنيبخدمته وحصل على ذلك في قلايتي وواصل الصوم فلما كان بعد أيام جاءنا الرسول من عند صديقنا وهو الغلام والخادم قد لحقا به ومعهما سفاتج وعليهما ثياب رثة فلما نظرت إلى الغلام قال يا راهبقد حل الفطر وجاء العيد ووثب إليه واعتنقه وجعل يقبل عينيه ويبكي ووقف على السفاتيج وأنقذها مع درج رقعة منه إلى صديقه فلما كان بعد يومين حمل إليه ألفي دينار وقال له ابتع لنا ما نستعمله في هذه الضيعة فابتاع آلة وفرشاً ولم يزل مكبا على ما رأيت أإلى أن ورد عليه كتاب أهله بتدبير حاله مع سلطانه وأخذ خط السلطان بحطيطة المال وطيب قلبه وتحقق رضى السلطان فلما عزم على المسير قال لغلامه سلم جميع مابقى معك من نفقتنا إلى الراهب ليصرفه في مصالح الدير وسار وماله حسرة غيرك ولا أسف إلا عليك يقطع جميع الأوقات بذكرك ولا يشرب إلا على ما يغنيه الغلام من شعرك وهو الآن بمصر على أحسن الأحوال وأجلها ما بخل بتفقدى وخف بعض ما عندي من الحزازة بما عرفت من حقيقة خبره وأتممت يومي عند الراهب وكان آخر العهد منه ومن الغلام والسلام.
الباب الرابع والعشرون في الجوارى ذات الألحان قال الثعالبي في تحفة الأرواح وموائد السرور والأفراح إن كان أجود منه وذلك مع الروية وقال أفلاطون: غناء الملاح تحرك فيه الشهوة والطرب وغناء القباح يحرك فيه الطرب لا الشهوة وقد قيل أحسن الناس غناء من تشبه بالنساء من الرجال ومن تشبه بالرجال من النساء وما أحسن قول القائل:
جائت بوجه كأنه قمر
…
على قوم كأنه غصن
غنت فلم تبق فيّ َجارحة
…
إلا تمنيت أنها أذن
وقال يزيد بن الوليد: إياكم والغناء فإنه يسقط المروءة وينقص الحياء ويبدي العورة ويزيد في الشهوة وإنه لينوب عن الخمر ويصنع بالعقل مايصنع به السكر وإن كان ولا بد فجنبوه النساء فإن الغناء داعية الزنا وقال بعضهم في جارية عواده:
وكأنه في حجرها ولد لها
…
تحنو عليه عند كل أوان
أبدا تدغدغ بطنه فإذا هفا
…
عركت له أذنا من الآذان
وقال ابن تميم فيها أيضاً:
ومهات قد راضت العود حتى
…
عاد بعد الجماخ وهو ذلول
خاف من عرك أذنه إذ عصاها
…
فلهذاكما تقول يقول
وقال آخر فيها وأجاد:
أشارت بأطراف لطف كأنها
…
أنابيب در قمعت بعيق
ودارت على الأوتار حسا كأنها
…
بنان طيب في محبس عروق
وقال ابن حجاج فيها وأجاد:
هذا ومحسنة بالعود عاشقها
…
بذلك الطيب في الأحيان مسرور
إذا تثنت وغنت خلت قامتها
…
غصناً عليه قبيل الصبح شحرور
وقال صلاح الدين الصفدي فيها:
حبست مثاني عودها بأنامل
…
عبثت بلب الخشاع التورع
وشدت فلو شائت عذوبة لفظها
…
عطفت عنان البارق المسرع
وعجبت من ريح الصبا إذ لم يقف
…
طربا ولكن ما لها أذن تعي
أبصرت يا عيناي ما لم تبصري وسمعت يا أذني ما لم تسمع
وقال جمال الدين بن نباتة فيها:
بروحى هيفاء المعاطف حلوة
…
تكاد بألحاظ المحببين تشرب
لقد عذبت ألفاظها وصفاتها
…
على أن قلبي في هواه معذب
تجار عود اللهو يشبه صوتها
…
فمن أجل هذا أصبح العود يضرب
وأجرى دموع العاشقين بلعبها
…
فقال الآس دعها تخوض وتلعب
وقال النور السعردي في جارية جنكية:
لبنت شعبان جنك حين تنطقه
…
يغدو بأصناف ألحان الورى هازى
لاغرو أن صاد الباب الرجال بها أما تراه يحاكي مخلب الباوى
وقال الصلاح الأزيلي في الجنك:
الجنك مركب عقل في تشكله
…
والرق قلع له الأوتار أطناب
يجري بريح اشتياق في بحار هوى
…
يؤم ساحل وصل فيه أحباب
وقال سيدي شهاب الدين أحمد بن حجر في جارية تلعب بالكمنجا:
مابالها هجرت وكم قد مر لي
…
منها بين سالف نغمة أوطار
وقال سيدنا القاضي بدر الدين الماميني في جارية تدق بالكف:
لقد دقت بكفيها فتاة
…
منها صفت فينا خلائقها ورقت
فأفديها مغنية رأينا بها الأفراح حلت حين دقت
وقال شمس الدين بن دانيال في جارية تضرب بالدف وأجاد
ذات القوم الذي يهتز غصن نقا
…
لو مر يوما عليه طائر صدحا
تبدي إلى الدف كالخمار معصمها
…
أناملاً ببنان تشبه البلحا
غناؤها بريق الغنج تمزجه
…
فما ينقط الأكل من رشحا
وقال شمس الدين الكوفي الواعظ في جارية مشببة كذا ذكراه في تضميخ التضمين:
لقد حصلت لي ليلة لا تقوم
…
وعندي من أهوى بها وأتنعم
وفي كفها شبابة تجمع المنا
…
فنحن سكوت والهوى يتكلم
وينفخ فيها الروح روح بأمرها
…
وما هو جبريل وما هي مريم
وما الدهر إلا صورة دمعها الطلا
…
فحرم إذشرب الدماء محرم
وما زلت شيعيا إلى أن أتوا بها
…
عتيقا فناديت العتيق المقدم
وهذا التضمين أغار عليه القاضي محي الدين بن عبد الظاهر وقد ذكرته في الحذاق المطربين. وقال كمال الدين جعفر الأدنوي في تاريخه البدر المسافر في ترجمة القاضي تقى الدين عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن خلف ينعت بابن البيت الأعز الشافعي ومن شعره ملغزا في شبابة:
ومحبوبة مهما خلت مع حبيبها
…
يقبلها لئما وينظرها شزرا
منقبة عريانة وهي فتنة
…
لمن أصبحوا من شرب كأس الهوى سكرى
وتصحيفها في كف من شاء منهم
…
ومن شاء في اليمنى ومن شاء في اليسرى
وكتب إلى شرف الدين بن الحلاوى ملغزا فيها مضمنا:
وناطقة خرساء باد شجوها
…
تكنفها عشر وعنهن تخبر
يلذ إلى الإسماع رجع حديثها
…
إذ سد منها منخر حاش منخر
فأجاب بهذا البيت وأجاد: نهاني النهى والعلم عن وصل مثلها
…
فكم مثلها فارقتها وهي تصفر قلت: تكرير لفظة مثلها غير طائلزوألم بهذا التضمين مجير الدين بن تميم فقال:
وشبابة قد كنت أهوى سماعها
…
وقد صرت منها عندما بت أنفر
وها أنا قد فارقتها غير نادم
…
وكم مثلها فارقتها وهي تصفر
قلت: كان المذكور لهجا بالتضمين مكثر حتى قال في نفسه وظرف:
أطالع كل ديوان أراه
…
ولم أزجر عن التضمين طيري
أضمن كل بيت فيه معنى
…
فشعري نصفه من شعر غيري
وقال إبراهيمبن المعار في جارية مغنية:
وجارية مغنية بلطف
…
على الإيقاع بالكعبين دقت
فغنت ثم رقت لي +بوصل
…
فقمت قطعتها من حيث رقت
وقال بدر الدين بن الصاحب فيها:
غنت فأغنت عن كئوس الطلا
…
بالسكر من لذات تلك اللحون
فقلت إذ هيمني صوتها
…
في مثل ذا الحلق تروح الذقون
وقال صفى الدين الحلى في جارية ترقص بالشراب:
والراقصات وقد شدت ماآزرها
…
على خصور كأوسط الدنانير
كأن في الشبر بمناها وقد رقصت
…
صبحا تقلقل فيه قلب ديجور
ترعى الضروب بكفيها وأرجلها
…
وتحفظ الأصل من نقص وتغيير
وتعرب الرقص من لحن فيلحقه
…
ما يلحق النحو من حذف وتقدير
وقال جمال الدين حسن بن علي بن داود الفارقي: لله راقصة تميس كأنها
…
ظل القضيب إذا تمايل مزهرا
تزهو وترجع كالخيال فلا ترى
…
حركاتها إلا كطارقة الكرى
لانت معاطفها فكيف تلفتت
…
وتلفتت لا يستطاع بإن ترى
وقال أبو الحسن على بن أبي اليسر فيها:
هيفاء إن رقصت في مجلس رقصت
…
قلوب من حولها من حذقها طربا
خفيفة الوطء لو جالت بخطواتها
…
في جفن ذي رمد لي يعرف الوصبا
وقال الشيخ عز الدين الموصلي لنفسه فيها:
هيفاء راقصة للزهر قد كشفت
…
في الكون ما مثلها نجم على الكرة
كالغصن أن خطرت يا ليتها عطفت
…
مذ أمرضتني وعادت باللمى شفتى
وقال الوجيه المناوى في جارية تلعب بخيال الظل:
وجارية معشوقة اللهو أقبلت
…
بحسن كزهر الروض تحت كمام
إذا ما تغنت قلت شكوى صبابة
…
وإن رقصت قلنا حباب مدام
3أرتنا خيال الظل والستر دونها
…
فأبدت خيال الشمس خلف غمام
تلعب بأشخاص من خاف سترها
…
كما لعبت أفعالها بأنامى
فصل: فيما يتعلق بكتابة التظرفات منهن على آلاتهن: كتبت مزنة على مضرابها: *مننظر إلى سوانا لم يصدقفي هوانا * وكتبت ظبية مغنية ابن يزداد على ملهاتها: *احفظ سرك من غيرك * وكتبت ظوافر على ملاويها: وافق من ترافق *وقارب من تصاحب * وكتبت ضوء الصباح على عودها بالذهب: *من خالفنا فليس منا * وكتبت تحفة: *ومن أرادنا لا يصبر عنا * وكتبت قينة جارية الملك الظاهرية على بابها: *صل من قطعك أعط من حرمك * وكتبت نزهة جارية الجصاص على إحدى جانبي مضرابها: *من ورد عودها غير حياء به صدر ندائه * وعلى الجانب الآخر: *السعيد من وعظ بغيره * حاشية: قال علي بن الجهم اشتريت جارية فقلت لها ما أظنك بكرا فقالت كثرت الفتوحات في زمن المعتصم وقلت لها كم بيننا وبين الصباح فقالت عناق مشتاق ونظرت إلى الشمس كاسفة فقالت احتشمت محاسني فتنقبت وقلت لها نجعل مجلسنا في القمر فقالت ما أولعك بالجمع بين الضرائر وكانت تكره الحلى وتقول يستر المحاسن كما يغطي القبايح: فصل: في المولدات من الجوارى وغيرهن: قال القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر في جارية تدعى وردة:
بأبي دمية مولدة ال
…
حسن دعوها بوردة البستان
في التصاوير مثلها ليس يلقى
…
فيقولون وردة كالدهان
وقال شهاب الدين بن أبي حجلة في جارية تدعى حكم الهوى:
حكم الهوى صدت فبت لأجل ذا
…
ولهان من فرط الصبابة والجوى
يا عاذلي لا تلمني في حبها
…
نفذ القضاء وهكذا حكم الهوى
وقال الشيخ نجم الدين الفخاري في جارية تدعى قلوب:
عاتبني في حبكم عاذل
…
يزعم نصحى وهو فيه كذوب
وقال ما حب في قلب المعنى قلوب
وقال القاضي شهاب الدين بن فضل الله العمري في جارية تدعى حدق:
سكرت في حب من أهوى معاطفه
…
تطوع الضلوع على التبريح والحرق
قالوا فجد بدموع العين قلت لهم
…
لا تسألوا ما جرى منها على حدق
وقال أبو حفص جعفر الشطرنجي في جارية سوداء:
أشبهك المسك وأشبهته
…
قائمة في حسنها قاعدة
لاشك إذ لو نكما واحمد
…
انكما من طينة واحدة وقال ابن قلاقس فيها وابدع:
رب سوداء وهي بيضاء معنى
…
نافس المسك عندها الكافور
مثل حب العيون تحسبه الن_ناس سوادا وإنما هو نور وقال أبو تمام الحجاج الطيطلي وأجاد:
يا كعبة بذوي الألباب لاعبة
…
في أصل حسنك معنا غير متفق
خلقت بيضاء كالكافور ناصعة
…
فصرت سوداء من مثواك في
وقال شهاب الدين بن فضل الله في جارية سوداء مغنية:
يا رب سوداء لأجفانها
…
كما لبيض الهند تأثير
يطربني ترجيع ألحانها
…
وكيف لا يطرب شحرور
ولا بأس بايراد نبذة يسيرة من ذمهم:
قال جماز لعلى الرازي وقد أراد شراء خبشية تمتعها الدهر مزمن وإبطها منتن وجسدها لا يقبل الطيب وإذا شربت احمرت عيناها واخضرت وجنتاها وإذا كسيت فنخاعة وقال الماهاني لصديق لهلما أولعت بالسودان فقال أسخن فقال الماهاني أسخن للعير. نادرة: تزوج مدني سوداء فعوتب فقال عتق ما يملك إن لم يكن ضرابها في الليلة الشتائية أنفع من عدل فحم. وقال الصنوبري يهجو زامرة سوداء:
كأنما المزمار في أشداقها
…
غرمول عير في حيا أتان
وترى أناملها على مزمارها
…
كخنافس دبت على ثعبان
وقال السراج المختار الحلبي فيها:
ولرب زامرة تهيج بزمرها
…
ريح البطون فليتها لم تزمر
شبهت أناملها على ضرباتها
…
وقبيح مبسمها الشنيع الأبخر
بخنافس قصدت كنيفا واغتدت
…
تسعى إليه على خيار الشنبر
ولنختم هذا الفصل بلطائف من حكايات الجوارى الحسان وما خصوا به من فصاحة اللسان: قال بعض ومن يوثق به في الأخبار: رأيت بالبقاء ثلاث جوار كأنهن أقمار أو كأنما أفرغن في قالب الحسن أو ملكن أنفسهن فتصورن كما اشتهين قلت يا ضرائر الشمس أخوات انتن قلن لا ولكنا إلاف مودات وعقائل حبيبات نجتمع في هذا المكان لسبب ما تشتمل عليه القلوب من دفائن العيون ونحن نصف لك حالنا فاقض علينا بما تسمع من أشارنا قلت قلن فقالت الأولى:
يقولون طعم الحب مر وإنني
…
أظن بان الهجر مر من الحب
فقلت المريض أعلم بدائه فقلت سبحان من ستر خلقه بثوب عفوه ولم يعلم غيره ضمائرهم بثاقب علمه. وقالت الثانية:
أظن بأن الحب يقتل أهله
…
إذا لم يكن في الحب قرب ولا وصل
فقلت من جرب أمرا عرفه فاظفر حياءها تورد خديها. فقالت الثالثة
أخال الهوى داء يعز دواؤه
…
إذا غاب من يهوى وعانده الدهر
فقلت من خاف شيئاً حذر منه وإلا وقع فيه فتنفست الصعداء وقالت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقمن فما رأيت أغصانا تحملن أقماراً أسافلها كثبان إلا هن. وحكى سيار بن المعتمر قال زرت مخارقا وكنت أهوى جاريته معين وكانت أديبة مسمعة فأخرجها وجعلت تغني وطرفها يضحك فوهمتني سرورها بمحبتي إليها فبقيت في لذة من غنائها تتجاوز الوصف فلما قرب وقت الإنصراف دخلت ثم خرجت وعليها عصابة فيها مكتوب:
تبسم طرفي فاستهام فؤاده
…
إلى الضحك عين صيرته له سخرا
إلا أن حسن الطرف ما كان ضاحكا
…
فلا يوهمنك الضحك في مقلتي أمرا فاختلط عقلي وتمرر على ما كان حلا من تمنعي معها فلما رأت ما قد نزل بي قلبت العصابة فإذا عليها مكتوب:
مزحت فلا تجعل مزاحي علة
…
لصرف الهوى عني فتجلعه هجرا
منحتك من قلبي مكانا وقربة
…
عليك فلا تأسى لما حكيته شعرا
وقرأت في كتاب منازل الأحباب ومنارة الألباب تأليف العلامة شهاب الدين محمود الحلبي -رحمة الله تعالى -حكى أبو الفرج الأصبهاني عن بعض بني حمدان قال كنت مع التوكل لما شخص إلى الشام فلما وصلنا إلى حمص قال أريد أن أطوف هذه الكنائس والمواضيع التي تعرف بالفراديس فإني كنت أسمع بطيب هذا المكان فقلت الرأي ما رأى أمير المؤمنين فلما استراح من الركوب دعاني وأخذ بيدي ولم يزل يستقرىء تلك الكنائس والأديرة وما فيها من الصور واحداث الرهبانوبنات القسيس فرأينا وجوها كأنها الأقمار على غصون تنثني على تلك الأورقة والحصون وكلما مر بنا شيىءمن ذلك قال أتدري ما نحن فيه وخلونا براهب من قوام الكنيسة فجعل التوكل يسأله عن اسم كل من مر به ونسبه فبينما نحن كذلك إذ مرت بنا جارية ما رأيت لها شبهاً في يدها مبخرة تبخر بها فقال لها المتوكل تعالي يا جاري فأقبلت بحسن أدب وكمال حسن فقال للقس من هذه قال ابنتي قالوما اسمها قال شعانين فقال لها المتوكل يا شعانين اسقني ماء فقالت ماؤنا ههنا من الغدران ولست استنظف لك آنية الرهبان ولو كانت روحي ترويك لجت لك بها ثم جاءت بكوز من فضة فيه ماء فأومت إلي أن أشربه فشربته فازداد عجبه بها وقال لها يا شعانين إن أنا هويتك تساعديني فتنفست الصعداء وقالت يا مولاي أما الآن فأنا أمتك وأما كوني عرفت صدق محبتك وتمكنها من قلبك فلا فماً أخوفني من حدوث الطغيان عند تملك السلطان أاما سمعت قول الشاعر:
كنت لي في أوائل الأمر عبدا
…
ثم لما ملكت صرت عدوا
أين ذاك السرور عند التلاقي
…
صار مني تجنبا ونبوا
فطرب التوكل حتى كاد يشق ثوبه وقال لها هبي لي نفسك أشرب وأنت اليوم فقالت على الرحب والسعة ثم أصعدتنا إلى علية مشرفة على تلك الكنائس فرأينا منظرا عجيباً ثمجاءت بأدب حسن ورقاق وكان التوكل عاف ما جاءت به واستأذنها في احضار طعام فأذنت فأتى بخرفان مشوية وأشياء غريبة الأنواع فاستظرفت ما جىء به واستهولت الآلة وفطنت لأمر التوكل وقامت بين يديه وهمت بالسجود له ثم جاء القس من بيت الرهبان بشراب ذكر التوكل أنه لم يشرب مثله قط فشرب وشربت معه ثم استعفيته من أجل حمى لحقتني فأعفاني وشربها بحديثها فلما أخذ منه الشراب قالت يا سيدي أغنيك عن ضعف الصنعة فقال إن فعلت كمل والله ظرفك فأنت بشىء يشبه العود فاندفعت تغني بهذه الأبيات:
يا خاطبا من المودة مرحبا
…
نفسي فداؤك لا عدمتك خاطبا
أنا عبدة لهواك فاشرب واسقني
…
واعدل بكأسك عن جليسك إن أبى
قد والله الذي رفع السماء ملكتني
…
وتركت قلبي في هواك معذبا
فصاح المتوكل وقال أميت أنت وذلك لأني كنت أخطأت في ترك مساعدته فأخذت رطلاً وشربته حتى لحقته ومضى لنا من الايام الافراد ثم أرغبها المتوكل واستسلمها وتزوجها ولم تزل عنده حظية إلى أن قتل في داره. كتب بعض المجان إلى صاحب له يستهديه جارية حفظك الله وحفظ النعمة عليك أن بين كل أمر يطلبه الرجل وبين المطلوب منه ذريعة يتوسل بها إلى معروفه ولي بالرجاء فيك درجة توجب قضاء الحقوق وحاجتي أبقاك الله ظريفة من الجواري لم تتداولها أيدي التجار ولم تمتهنا خدمة الموالي ولي فيها شريطة أعرضها عليك وأذكرها لديك لترى رأيك فيها أنه كان يقال إذا اتخذت جارية فاستحد شعرها فإن الشعر أحد الوجهين وتكون رابعة البياض والطول نصف الحسن كله وتكون مليحة المضحك فإنه أول ما يستجلب من المرأة به المودة ومتقاربة الخطوة وتكون جيداء العنق غيداء اللبب كحلاء العين لها طرف أدعج وحاجب أزج موردة الخدين سهلتهما واضحة الجبين قتوب الأنف حمراء الشفتين مفلجة الثنايا نقية الثغر مشرقة النحر ولست أكره الإنكسار في الثديين لأنه لا لذة للنهود عندي إلا لذة النظر وهي أيضاً تحول بين المعانق وبين اراادته وإن قال الشاعر:
حال الوشاح على قضيب زانه
…
رمان صدر ليس يعطف ناهد
وأكره العجيزة الضخماء ولا أحب الرشحاء أريدها وسطاً لأن خير الأمور أوسطها وتكون سبطة البنان فتلى الساعد ممتلئة الذراع فخمة العضد قبياء البطن نحيفة الخصر يطويها الضجيع طي الحمالة عبلة الفخذين بردية الساقين لطيفة القدمين ولولا افراط الغيرة لذكرت ما أحبه مما هو مستور إلا عند الحاجة إليه وأريدها رخيمة الصوت شهية النغمة عذبة الألفاظ بها غنة الحداثة وبحة الإحتلام أشجى خلقا من الفريض وأنعم كلاما في الآذان من مخارق وأثبت حجة من ابي الهذيل العلاف وابين معنى من النظام ظريفة المجون حسنة الوقار إن كرهتها نأت أطوع من الرداء وأذل من الحداء وقدرك أيدك الله يحمل اقتراحي عليك وشكري لك يستوجب ما سألته منك وأنا بالأسعاف جدير وأنت بالإفضال قمير، فأجابه سألت أعزك الله عن هذه الصفة وطلبت هذا النعت فأعيني في الدنيا وما أراني أجدها إلا في الآخرة وقد بعثت لك بألف دينار لتلتمسها أنت وتسال أخوانك معاونتك على ذلك فمتى وجدتها أو وجدتها لك أحد دفعت إليه الدنانير رهين الدلالة وعرفني بمقدار الثمن لأنفذه إليك-إن شاء الله تعالى