المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثالث والعشرونفي الغلمان - مطالع البدور ومنازل السرور

[الغزولي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأولفي تخير المكان المتخذ للبنيان

- ‌الباب الثانيفي أحكام وضعه وسعة بنائه وبقاء الشرف والذكر ببقائه

- ‌الباب الثالثفي اختيار الجار والصبر على أذاه وحسن الجوار

- ‌الباب الرابعفي الباب

- ‌الباب الخامسفي ذم الحجاب

- ‌الباب السادسفي الخادم والدهليز

- ‌الباب السابعفي البركة والفوارة والدواليب وما فيهن من كلام وجيز

- ‌الباب الثامنفي الباذهنج وترتيبه

- ‌الباب التاسعفي النسيم ولطافة هبوبه

- ‌الباب العاشرفي الفرش والمساند والأرائك

- ‌الباب الحادي عشرفي الأراييح الطيبة والمروحة وما شاكل ذلك

- ‌الباب الثاني عشرفي الطيور المسمعة

- ‌الباب الثالث عشرفي الشطرنج والنرد وما فيهما من محاسن مجموعة

- ‌الباب الرابع عشرفي الشمعة والفانوس والسراج

- ‌الباب الخامس عشرفي الخضروات والرياحين

- ‌الباب السادس عشرفي الروضات والبساتين

- ‌الباب السابع عشرفي آنية الراح

- ‌الباب الثامن عشرفيما يستجلب بها الأفراح

- ‌الباب التاسع عشرفي الصاحب والنديم

- ‌الباب العشرونفي مسامرة أهل النعيم

- ‌الباب الحادي والعشرونفي الشعراء المجيدين

- ‌الباب الثاني والعشرونفي الحذاق المطربين

- ‌الباب الثالث والعشرونفي الغلمان

- ‌الباب الرابع والعشرون في الجوارى ذات الألحان قال الثعالبي في تحفة الأرواح وموائد السرور والأفراح إن كان أجود منه وذلك مع الروية وقال أفلاطون: غناء الملاح تحرك فيه الشهوة والطرب وغناء القباح يحرك فيه الطرب لا الشهوة وقد قيل أحسن الناس غناء من تشبه بالنساء من الرجال ومن تشبه بالرجال من النساء وما أحسن قول القائل:جائت بوجه كأنه قمر…على قوم كأنه غصن

- ‌الباب الخمس والعشرون في الباءة

- ‌الباب السادس والعشرونفي الحمام وما غزى مغزاه

- ‌الباب السابع والعشرونفي النار والطباخ والقدور

- ‌الباب الثامن والعشرونفي الأسماك واللحوم والجزور

- ‌الباب التاسع والعشرونفيما تحتاج إليه الأطعمة من البقول في السفرة

- ‌الباب الثلاثون في الخوان والمائدة وما فيهما من كلام مقبول

- ‌الباب الحادي والثلاثونفي الوكيرة والأطعمة المشتهاة

- ‌الباب الثاني والثلاثونفي الماء وما جرى مجراه

- ‌الباب الثالث والثلاثونفي المشروب والحلواء

- ‌الباب الرابع والثلاثونفي بيت الخلاء المطلوب

- ‌الباب الخامس والثلاثونفي نبلاء الأطباء

- ‌الباب السادس والثلاثون في الحساب والوزراء اعلم أن الوزير مشتق اسمه من حمل الوزر عمن خدمه وحمل الوزير لا يكون إلا بسلامة من الوزير لا يكون إلا بسلامة من الوزير في خلقته وخلائقه أما في خلقته فإنه يكون تام الصورة حسن الهيئة متناسب الأعضاء صحيح الحواس وأما في خلائقه فهو أن يكون بعيد الهمة سامي الرأي ذكي الذهن جيد الحدس صادق الفراسة رحب الصدر كامل المروءة عارفاً بموارد الأمور ومصادرها فإذا كان كذلك كان أفضل عدد المملكة لأنه يصون الملك عن التبذل ويرفعه عن الدناءة ويغوص له عن الفكرة ومنزلته منزلة الآلة يتوصل بها إلى نيل بغيته وبمنزلة الذي يحرز المدينة من دخول الآفة ومنزلة الجارح الذي يصيد لطعمة صاحبه وليس كل أحد وإن أصلح لهذه المنزلة يصلح لكل سلطان ما لم يكن معروفاً بالإخلاص لمن خدمه والمحبة لمن استنصحه والإيثار لمن قربه وقال الثعالبي في يواقيت المواقيت، الوزارة اسم جامع للمجد والشرف والمروءة وهي تلو الملك والإمارة والرتب العلياء والدرجة الكبرى بعدهما، قال المنصور النميري يمدح يحيى البرمكي:ولو علمت فرق الوزارة رتبة…تنال بمجد في الحياة لنالها

- ‌الباب السابع والثلاثون في كتاب الإنشاء وهو فصلانالفصل الأول: فيما يحتاج إليه كاتب الإنشاء من الأخلاق والأدوات والآلات

- ‌الباب الثامن والثلاثون في الهدايا والتحف النفيسة الأثمانذكر ابن بدرون في شرحه لقصيدة ابن عبدون عند ذكر كسرى وبنائه للسور المذكور في الباب السادس من هذا الكتاب ولما بنى كسرى هذا السور هادته الملوك وراسلته، فمنهم ملك الصين كتب إليه من يعقوب ملك الصين صاحب قصر الدار والجوهر الذي في قصره نهران يسقيان العود والكافور والذي توجد رائحة قصره على فرسخين والذي تخدمه بنات ألف ملك والذي في مربطه ألف فيل أبيض إلى أخيه كسرى أنوشروان وأهدى إليه فارساً من در منضد علينا الفارس والفرس من ياقوت أحمر وقائم سيفه من الزمرد منضد بالجوهري وثوباً حريرا صينياً وفيه صورة الملك على إيوانه وعليه حلته وتاجه وعلى رأسه الخدام بأيديهم المذاب المصورة من ذهب تحمله جارية تغيب في شعرها يتلألأ جمالها وغير ذلك مما تهديه الملوك إلى أمثالها

- ‌الباب التاسع والثلاثون في خواص الأحجار وكيانها في المعادنقال الفاضل أبو العباس شهاب الدين أحمد بن يوسف التيشاء: في الجوهر اسم عام يطلق على الكبير والصغير منه فما كان كبيراً فهو الدر وما كان صغيراً فهو اللؤلؤ المسمى حباً ويسمى أيضاً اللؤلؤ الدق ولؤلؤ النظم وحيوان الجوهر الذي يتكون فيه كبيره وصغيره يسمى باليونانية أسطوروس يعلو لحم ذلك الحيوان صدفتان ملازمتان لجسمه والذي يلي الصدفتين من لحمه أسود ولهذا الحيوان فم وأذنان وشحم يلي الفم من داخلهما إلى غاية الصدفتين والباقي رغوة وصدفة وماء

- ‌الباب الأربعون في خزائن السلاح والكنائنسأل عمر بن الخطاب (عمرو بن معدي كرب عن السلاح فقال ما تقول في الرمح قال أخوك وربما خانك فانقصف، قال فما تقول في الترس قال هو المجن وعليه تدور الدوائر، قال فالنبل قال منايا تخطئ وتصيب، قال فما تقول في الدرع قال مفشلة للراجل مغلة للفارس وإنها لحصن حصين، قال فما تقول في السيف قال هنالك لا أم لك يا أمير المؤمنين فعلاه عمر بالدرة وقال له تقول لا أم لك قال الحمى أصرعتني

- ‌الباب الحادي والأربعون في الكتب وجمعها وفضل اتخاذها ونفعهاقال ابن الخشاب ملغزا فيها:

- ‌الباب الثاني والأربعونفي الخيل والدواب ونفعها

- ‌الباب الثالث والأربعونفي مصائد الملوك وما فيها من نظم السلوك

- ‌الباب الرابع والأربعونفي خطائر الوحوش الجليلة المقداد

- ‌الباب الخامس والأربعون في الأسد النبل والزرافة والفيل

- ‌الباب السادس والأربعون في الحمام وما في وصفها من بديع النظام

- ‌الباب السابع والأربعون في الحصون والقصور والآثار وما قيل فيها من رائق الأشعار

- ‌الباب الثامن والأربعون في الحنين إلى الأوطان وتذكر من بها من القطانروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع صوتا فارتاع فقيل له في ذلك فقال ظننت أن ساكنا أزعج من منزله، وجاء أيضا حب الوطن من الإيمان وقال ابن عباس (لو قنع الناس بأرزاقهم قناعتهم بأوطانهم ما اشتكى أحد الرزق وكانت العرب إذا سافرت أخذت معها من تربة بلدها تستنشق ريحها وتطرحه في الماء إذا شربته وهكذا كان المتفلسف من البرامكة إذا سافر أخذ معه من تربة مولده في جراب يتدواى به ولما غزا اسفندبار بلاد الخرز اعتل بها فقيل له ما تشتهي قال شربة من دجلة وشميما من تراب اصطخر فأتي به بعد أيام بماء وقبضة من تراب وقيل له هذا من ماء دجلة ومن تربة أرضك فشرب واشتم بالوهم فنقه من علته

- ‌الباب التاسع والأربعونفي دار سكنت كثيرة الحشرات قليلة الخير عديمة النبات

- ‌الباب الخمسونفي وصف الجنان وما فيها من حور وولدان

الفصل: ‌الباب الثالث والعشرونفي الغلمان

‌الباب الثالث والعشرون

في الغلمان

كان يقال العبد من لا عبد له وقال دعفل السابة في المماليك هم غير مستفاد وغيظ في الأكباد وقال سعيد بن مسلم لابد للعميد من عبيد وقال جعفر بن سليمان العبيد إن أكلوا من مالك زاد في جمالك وقال غيره العيش في سعة الدار والعز في كثرة العبيد وقال آخر عز الملوك في كثرة المماليك وقال آخر رب عبد خير من الولد لأن الولد قي أكثر الأحوال يرى صلاحه في موت ولده والعبد يرى صلاحه بقاء مولاهزكان يحيى بن أكتم يقول قد أكرم الله تعالى أهل جنته بأن أطاف عليهم الغلمان في وقت رضاه عنهم وأفضاله عليهم وبره بهم لفضلهم في الخدمة على الجواري وما الذي يمنعني عاجلاً في طلب هذه المزية المخصوص بها أهل القربة عند الله تعالى والزلفة لديهزوقال مطيع بن إياس لو لم يكن للمرد فضيلة لما كان الله جعل ملائكته مرداً وأهل الجنة مرداً وهذا فيه كفاية وإنما عنى الحديث أهل الجنة جرد مرد مكحلون، وكان وإليه ابن الحباب يقول الغلام هو الرفيق في السفر والصديق في الحضر والمعين على الشغل والنديم عند الشرب وهو سبب الأنس. وقيل لمسلم الأصفري لم فضلت الغلام على الجارية فقال لأنه في السفر صاحب ومع الإخوان نديم وفي الخلوة أهل. ومن رسالة الشيخ جمال الدين بن نباته وكان في فرجة يحدث مرآها الحسن أحاديث جنان أمامه عشرة مماليك من الترك ليس الخبر في محاسنهم المبدعة كالعيدان جلبهم إلى مصر تاجر لحظته السعادة فاستنزلت له البدور من آفاقها وأصحبته الشموس بشرفها وإشراقها فصار إلى مصر بيوسف وبمن سجد له في المنام وأتى بلاد القبلة بجماعة ما منهم إلا من هو في الحسن أمام وما فيهم إلا من هو في الحسن أمام وما فيهم إلا من يقول له المتأمل بلسان الإعتراف يا بشرى هذا سيد وبلسان العرف يا بشرى هذا الغلام قد وشحوا بالدقة خصورهم وحموا بأسياف الجفون كما تحمى الثغور ثغورهم منكل لدن القوام مهفهفة ساجى الطرف أوطفه حلو الجناية والمجانى طيف العين لا يجود على العاني منسوب إلى أرض القان أصله فيا حزيناً خذه القاني قد أفضح البدور في الدياجي ورمى القلوب من حبه ولها بين هاجره وهاجى وعلا بعنق يجلب من أرض الفرات فعطل عنق الغزال بأرض حاجى ونضى من جفن عينيه حساماً وقسم من لحظاتها على القلوب سهاماً وطال قده عن قصر الأغصان ودنا عن الرمح فكان بين ذلك قواماً فسبحت حين رأيت الأقمار واقفة إلى الأرض وتفائلت بوجوه حب التفائل بمثلها كاد يكون من الفرض وقلت:

فجئت من الأتراك سرجاً آذر

يعلم زهاد الورى كيف تعشق

لهم منظر في الحسن يفتح خاطراً

ولكن سهم اللحظ في القلب مغلق

دخلت بقلبي في مجال عيونهم

فأودبه ذاك المجال الضيق

وكم قمر في القوس عاينت منهم

فما لك يا طرفي المسافر تعلق

واستقبلنا دمشق على هذا الفأل الجليل وفاصلنا السفرة -بحمدالله - على وجه جميلز فصل: في المنظوم منذلك قول لسان الدين ابن الخطيب في غلام ساقى قال:

كيف أمنتماعلى الشرب ساق

لحظة في القلوب غير أمين

راح يسقي فصب في الكأس نزراً

ثقة منه بالذي في العيون وقال الشيخ شمس الدين الرئيس فيه مدير الكأس حثنا ودعنا

بعيشك من كئوسك والحثيث وقال صلاح الدين الصفدي في غلامه يشوى أوزا:

قلت لما شوى الحبيب أوزا

واكتسى باللهب ثوب سناء

لو يعيش الجزار مات معنى

في معاني محاسن الشوائي

وله أيضا ًفيه:

شوى الأوز فأضحت

في خمرة الخد بسطه

فقلت تشوى أوز

أم كنت تشوى بطه

قال الشيخ برهان القيراطي في غلام يلعب بالعود:

غنى على العود شاد سهم ناظره

أضحى به قلبي المضنى على خطر

دنا إلى وحست كفه وتراً

فراحت الروح بين السهم والوتر وقال الشيخ جمال الدين بن نباتة في ساقى معذر:

مبقل الخد أدار الطلا

فقال لي في حبها عاتبي

عن أحمر المشروب ما تنتهى

قلت ولا عن أاخضر الشارب

وقال في غلام تركي أهيف:

علقته من بني الأتراك مقترنا

من خاطري وهو منى غير مقترب

حمالة الحلى والدبياج قامته

تبت غصون الربا حمالة الخطب

وقال الشيخ صفى الدين الحلى في راقص: جاء وفي قده اعتدال

مهفهف ماله عديل

ص: 122

قد خففت عطفه شمال

وثقلت جفنه شمول

ثم انثنى راقصاًبقد

حف به اللطف والدخول

يجول ما بيننا بوجه

فيه مياه الحيا تجول

ورنح الرقص منه عطفاً

تثنى إلى نحوه العقول

فعطف داخل خفيف

وردفه خارج ثقيل

وقال آخر في راقص: وراقص أبصرته مرة

فلم أزل بالرقص مفتوتاً

لو قيل شعر بين كسرى

أخرجه بالرقص موزوناً

وقال ابن خروف النحوي الأندلسي فيه:

ومنوع الحركات يلعب بالنهى

لبس المحاسن عند خلع لباسه

متأودا كالغصن بين رياضه

متلاعباً كالظبى عند كناسه

بالعقل يلعب مقبلا أو مدبرا

كالدهر يلعب كيف شاء بناسه

وقال الشيخ جمال الدين بن نباتة في غلام يرمي في بالقوس:

فديتك أيها الرامي بقوس

ولحظ يا ضنا جسدي عليه

لقوسك نحو حاجبك انجذاب

وشبه الشيىء منجذب إليه

وقال محيي الدين بن قرناص في غلام يرمي في الإماج:

أتى الماج مائسا والردف قد أقلقه

يرشق ثم ينثني بالله ما أرشقه

وقال بدر الدين حسن العربي في غلام يرمر في الايك:

أهواه في الأيك يرمي دائماً

وسواد قلب الصب من اعراضه

أطلقت لحظى نحوه فأصابني

سهم وما عاينت كشف بياضه

قلت ما أحسن قول الشيخ الموصلي من قصيدة:

أصاب فؤادي المستهام بعينه

فكلمه سهم له غير ناطق

ولبعضهم في غلام يقوم سهماً:

وافى يده سهم يقومه

يومي إليه بعينه ويرمقه

وذاك ابداع سر من لواحظه

فيه ليزداد فعلاًحين يرشقه

نكتة حسنة: عزم الملك المعظم على الصيد فقال له يا مولانا القمر في العقرب والسفر فبينما هو مفكر إذ دخل مملوك له من أحسن خلق الله وجهاً يقال له آي دغدى فوقف قدامه وقد توشح بقوس فقال له بعض الحاضرين يا مولانا بالله اركب الساعة فهذا القمر في القوس حقيقة فقام لوقته وركب استبشاراً وتفاؤلاً بالقول فلم ير من تلك السفرة ولا أكثر من صيدهاز وقال بدر الدين حسن بن حبيب الحلبي في غلام تركي يطلب وردا شعراً:

رام ظبي الترك ورداً

قلت أقصر خاب ضدك

عندك الورد المربى

قال فأنى قلت خذك

وقال الشيخ زين الدين العجمي ونقلها من خطه في غلام نثر ورداً من أكمامه:

وافى وفى كميه ورد أحمر حيى به مذ بست تحت لثامهه

فرشفت صرف الراح من خرطومه

وجنيت غض الورد من أكمامه

وقال شمس الدين بن الصائغ في غلام ذي خال:

بروحي أفدي خاله فوق خده ومن أنا في النيا فأفديه بالمال

تبارك من أخلى من الشعر خده وأسكن كل الحسن في ذلك الخال

وقال شهاب الدين بن أبي حجلة في غلام يدعى مقبل:

يا من تحجب عن محب صادق

ما زال عنه كل يوم يسأل

من لي بيوم فيه يسمح باللقا

ويقال لي هذا حبيبك مقبل

وقال برهان الدين القيراطي فيغلام يبكي شعراً:

لم يبك حين بكيت من

هجراتهم متحسراً

وقد ذكرتها في باب البركة والشاذروان والفوارة وأنشدني من لفظه لنفسه الشيخ شمس الدين الرئيس في غلام مليح وله لآلاء مضمنا:

ومليح لآلاته قد حكاه

فهو كالبدر في الجى يتلالا

قلت قصدي من الأنام مليح

هكذا هكذا وإلا فلا لا

وأنشدني من لفظه لنفسه سيدي وأخي المولى الكامل شمس الدين محمد الشهير بابن الكفتى -أبقاه الله تعالى -لاحبابه حسبما اقترحته في غلام يعتز إلى من يهواه:

وارحمتاه لقلبي كان يمنحني

حبي وصالاً وكان الحب مستتراً

وحين باحت بسرى أدمع هملت

درى بعشقي له فاعتز واقتدرا

وقال الشيخ المحدث الفصيح الترحال صلاح الدين خليل الاقفهسي قال أنشدني الشيخ العارف الناسك المحقق الصوفي إبراهيم بن الشيخ أحمد العربي الشهير بابن رقاعة أعاد الله من بركته من لفظه لنفسه في غلام معذر:

رسم العذار بعارضيه بنفسجاً

فوق الخدود فصار كالمرقوم

قبلت مرسوم العذار تأدبا

ومن التأدب قبلة المرسوم

وكتب إلى القاهرة المحروسة من بعض متجدداته سيدي الجناب المجدي بن مكانس أبقاه الله تعالى في غلام أبيض:

ص: 123

دعني وحالي في هوى أبيض

كالبدر أو أحسن من ذلك

وعش مغنى في هوى أسمر

أو مت إذا ما شئت في حالك

وقال شمس الدين محمدبن العفيف في غلام جرحت كفه السكين:

لم تجرح السكين كف معذبي

إلا لمعنى في الهوى يتحقق

هي مثلما قيل جارحة غدت

ولكل جارخة إليه تشوق

وكتب إلى القاهرة من بعض متجدداته سيدي القاضي شهاب الدين أحمد بن حجر -سلمه الله تعالى -في غلام مر بروضة مزهرة:

ولم أنس إذ مر الحبيب بروضة

فغارت من الحبوب أعينها المرضى

ولاحت بخد الورد في الروض حمرة

حياء وسمت أطرف نرجسه غضبى

وقال محيي الدين بن قرناص في غلام شد بوسطه بندا أحمر:

من لقبي من جور البند يحكى

خنصرا فيه خاتم من عقيق

وقال ضلاح الديت الصفدي أنشدني من لفظه لنفسه المولى شهاب الدين أحمد بن مهاجر بحلب المحروسة في غلام لابس لامة حرب:

ما لاح في درع يصول بسيفه

والوجه منه يضيىء تحت المغفر

إلا حسبت البحر مد بجدول

والشمس تحت سحائب من عنبر

وقال جمال الدين بن نباتة في غلام يدعى خليل مضمنا:

يغيب خليل الحسن عني ليلة

فأسأم من ليل طويل أراقبه

وكيف يطيب اليل عندي والكرى

وليس إلى جنبي خليل ألاعب

وأنشدني الشيخ عز الدين الموصلي لنفسه فيه:

قال حبى خليلي غيرت ودي

وتركت الفؤاد منى عليل

بعد عشق الملاح صرت تقيا

ما تراعى من الأنام خليلا

وأنشدني سيدنا ومولانا القاضي صدر الدين بن الآدمى حسبما ورد اقتراحه من السادة المخاديم فضلاء الديار المصرية لنفسه:

يا متهمي بالقسم كن متحدي

ولا تطل رفضي فإني عليل

أنت خليلي فبحق الهوى كن

لشجوني راحما ًيا خليل

وقال سيدنا القاضي بدر الدين الماميني في غلام يسقي الماء:

بروحي ساقهمت إذ طاف بيننا

بأكوابه اللاتي سقين أناما

ورمت ارتشاف البريق منه فلم يجد

ولكن كسا جسمى ضنا وسقاما

ولنختم هذا الباب بحكاية لطيفة ونكتة غريبة ذكرها أبو الفرج المعروف بالببغاء قال تأخرت بدمشق عن سيف الدولة بن حمدان مكرها وقد سار عنها في بعض وقائعه وكان الخطر شديداً غلى من أراد اللحاق به من أصحابه حتى أن ذلك كان مؤديا إلى النهب وطول الإعتقال فاضطرت إلى أعمال الحيلة في التخلص والسلامة بخدمة من بها من الرؤساء والأخدشية وكان سنى وكان انقطاغي منهم إلى ابي بكر إلى بن صالح الروزبادي لتقدمه في الرياسة ومكانته من الفضل والصناعة فأحسنمقيلي وبالغ في الإحسان إلي وفضلت تحت الضرورة في المقام فتتوقف على قصد البقاع الحسنة والمتنزهات المطروقة تسلياً وتعللا فلما كان في بعض الأيام عملت على قصد دير مران وهذا الدير مشهور الموضع في الجلالة وحسن المنظر فاستصبحت من كنت آنس به وأمرت بحمل ما يصلح وتوجهنا نحوه فلما نزلنا أخذنا في شأننا وقد كنت اخترت من رهبانة لعشرتنا من توسمت فيه رقة الطبع وسماحة النفس والخلق حسبما جرى به الرسم في غشيان العمار وطروق اليرة من الطرق بعشرة أهلها والآنسة بسكانها ولم تزل الأقداح دائرة بين مطرب الغناء وزاهر المذاكرة إلى أن فض اللهو ختامه ولوح السكر لصحبي أعلامه وحالت مني نظرة إلى بعض الرهبان فوجدته إلى خطابي متوثبا ولنظري إليه مترقباً. فلما أخذته عيني أكب على يزعجني بخفى الغمز ووحى الإيماء فاستوحشت من ذلك وأنكرته ونهضت عجلاً واستحضرته فأخرج إلى رقعة مختومة وقال +لي قد ألزمك فرض الأمانة فيما تتمنه هذه الرقعة دونى وسقط زمام كتابها في استرهانك عنى ففضضتها قإذا فيها بأحسن خط وأملحه وأقواه وأوضحه: بسم الله الرحمن الرحيم لم أزل فيما تؤديه هذه المخاطبة يا مولاي بين حشم يحث على الإنقباض عنك وحسن ظن يجض على السانح بنفيس الحظ منك إلى أن استنزلتني الرغبة فيك على حكم الثقة بك من غير خبره ورفعت بيني وبينك سحب الحشمة فأطعت بالإنبساط أوامر المؤانسة وانتهزت في التواصل إلى مودتك فأبت الفرصة والمستماح منك جعلني الله فداك زورة ارتجح بها ما اغتصبتنيه الأيام من المسرة مهنأة بالإنفراد إلا من غلامك الذي هو مادة مسرتك وأنشد:

ص: 124

وما ذاك عن خلق يضيق بطارق

ولكن لآخذ باحتياط على حالي

فإن صادف ما خطبته منك أيدك الله قبولاً ولديك نفاقاً فمنية غفل الدهر عنها وإن فارق مذهبه فيما أهداه إلى منها جرى على رسمي في المضايقة فيما أوثره وأهواه وأترقبه من قربك وأتمناه فزمام المرؤءة يلزمك رد هذه الرقعة وسترها وتناسيها وأطرح ذكرها وإذا أنا بأبيات تتلو الخطاب:

يا عامر العمر بالفتوة والقصف

وحث الكئوس والطرب

هل لك من صاحب يناسب في الغر

بة بأخلاقه وبالأدب

أوحشه الدهر فاستراح إلى

قربك متنصرا على النوب

فإن تقبلت ما أتاك به فلم

يشب الظن فيه بالكذب

وإن أبى الزهد دون رغبتنا

تكن كمن لم يقل ولم يجب

قال أبو الفرج ورد على ما حيرني واسترد مني ما كان الشراب حاره من تمييزي وحصل لي في الجملة أن أغلب الأوصاف على صاحبها الكتابة خطاً وترسلا ونظما فشاهدته بالفراسة في ألفاظه وحمدت أخلاقه قبل الإختبار من رقعته وقلت للراهب من هذا ويحك وكيف السبيل إلى لقائه فسهل إن شئت قلت دلني قال فكيف تعمل بالغلمان قلت لاأدري قال تظهر فتورا وتنصب عذرا تفارق به أصحابك مصرفا فإذا حصلت بباب الدير عدلت بك إلى باب تدخل منه فرددت الرقعة إليه وقلت أدفعها إليه ليتأكد أنه وسكونه إلي وعرفه أن التوفر على أعمال الحيلة في المبادرة إلى حضرته على ما أوثره من التفرد أولى من التشاغل بإصدار جواب وقطع وقت بمكاتبة ومضى الراهب وعدت أصحابي بغير النشاط الذي ذهبت به فانكروا ذلك فاعتذرت إليهم بشيىء عرض لي واستدعيت ما أركبه وتقدمت إلى من كان معي من الخدم بالتوفر عن خدمتهم وقد كنا عملنا على المبيت فأجمعوا تعجل السكر والغنصراف وخرجت من باب الدير ومعي غلام صبي كنت ىنس به وبخدمته وتقدمت إلى الشاكرى برد الدابة وستر خبري ومباركتي فتلقاني الراهب وعدل بي إلى طريق مضيق وأدخلني إلى الدير من باب غامض وصار بي إلى باب قلاية متميز عما جاوره من الأبواب نظافة وحسنا فقرعه بحركات مختلفة كالعلامة فابتدرنا منه غلام كأن البدر ركب على أزراره مهفهف الكشح مخطفه معتدل القوام أهيفه تخال الشمس برقعت غرته والليل ناسب أصداغه وطرته في غلالة تنم على ما يستره وتجفو مع رقتها عما يظهره وعلى رأسه مجلستيه بصمت فبهر عقلي حسنا فاستوقفت نظري ثم جفل كالظبى المذعور فتلوته والراهب إلى صحن القلاية فإذا أنا ببيت فضى الحيطان رخامى الأركان مفروش بحصير قد أتعب صانعه منقوش كأنه روضة مزخرفة بالنور أضحكها سقوط الندى فوثب إلينا منه فتى مقبل الشباب حسن الصورة والإهاب ظاهر النبل والهيئة فلقيني حافيا يعثر في سراويله واعتنقني ثم قال إنما استخدمت هذا الغلام إلى تلقيك ياسيدي لا جعل ما لعلك استحسنته من وجهي مصانعا عما يرد عليك من مشاهدتي فاستحسنت اختصار الطريق إلى بسطى وارتجاله النادر على نفسه حرصا في تأنيسي وأفاض في شكري على المسارعة أمره وأنا أوصل في خلال سكتاته المبالغة في الإعتدال به ثم قال يا سيدي أنت مكدود بمن كان معك والإستماع بمحادثتك لا يتم إلا بالتوصل إلى راحتك وقد كان الأمر إلى ما ذكر فاستلقيت يسيرا ثم نهضت فخدمت في حالتي النوم واليقظة الخدمة التي ألفيتها في دور أكابر الملوك وأجلة الرؤساء وأحضر لنا خادمالم أر أحسن وجهاً منه يحمل طبقاً يضم ما يتخذ للعشاء مما خف ولطف وقال إلا كل مني يا سيدي للحاجة ومن لك للمالحة والمساعدة فأكلنا شيئاًوأقبل الليل وطلع القمر ودخل من مناظر ذلك البيت إلى فضاء أدى إلينا محاسن الغوطة وحيانا بذخائر رياضها منالنظر الجاني والنسيم العطري وجاءنا الراهب من الأشربة بما وقع عليه اتفاقنا على الختار منه قم غالب اللذة وجرينا فيميدان المفاوضة فلم نزل تنناهب نوادر الأخبار وملح الأشعار ونمزج ذلك المزج بأظرفه ومن التودد بألطفه إلى أن توسطنا الشراب فالتفت إلى غلامه وقال يا مترف إن مولاك ليس مما يدخر عنا السرور بحضوره وما يجب أن ندخر ممكناً في مسرته فانتقع وجه الغلام حيء وخفرا فأقسم عليه بحياتي وأنا لا أعلم ما يريد فمضى وعاد يحمل طنبورا وجلس وقال لي يا سيدي أتأذن لي في خدمتك فهممت بتقبيل يده لما تداخلني من السرور بذلك فأصلح الطنبور وضرب وغنى هذه الأبيات:

ص: 125

يمالكي وهو ملمي

وسالبي ثوب نسكي

نزه يقين الهوى في-ك عن تعرض الشك

لولا ما كنت أبكي

إلى الصباح وأبكي فنظر إلى الغلام وتبسم فعلمت أن الشعر له فكدت والله أطيرفرحاً بملاحة خلقه وحسن خلقه وقوة حذقه وجودة ضربه وعذوبة ألفاظه وتكامل حسنه فاسندعيت كثيراً فأحضر الخادم عدة قطع من فاخر البلور وجيد المحكم فشربت سروراً بوجهه وشرب بمثل ما شربت ثثم قال لي أنا والله يا سيدي أحب ترفيهك ولا أقطعك عما أنت متوفر عليه ولكن إذا عرفت الإسم والنسب والصناعة واللقب فلا بد أن نشى ليلتنا

بشيىء يكون لها طراز ولذكرها معلما فجذبت الدواة وكتبت ارتجالاًوقد أخذ الشراب مني هذه الأبيات:

وليلة أوسعتني

حسنا ولهوا وأنسا

ما زلت الثم بدرا

بها واشرب شما

اذ أطلع الدبر سعدا

لم يبك مذ كان نحسا

فصار للروح روحا

وصار للنفس نفسا

فطرب على قولي ألثم بدرا وأشرب شما وجذب غلامه فقبله وقال ما جهلت ما يجب لكمن التوقير وإتما اعتمدت تصديقك فيما ذكرته فبحياتي إلا ما فعلت ذلك بغلامك فاتبعت ايثاره خوفا من احتشامه وأخذ الأبيات زجعل يرددها ثم أخذ الدواة وكتب اجازتها:

ولم أكن لغرمي والله أبذل فلسا

لو ارتضى لي غريمي بدير مران حبسا

فقلت والله إذا ما كان يؤذي أحد حقاً ولا باطلاً وداعبته في هذا المعنى بما حضر وعرفت في الجملة أنه متستر من دين وقال لي قد خرج إليك أكثر الحديث فإن عذرت وإلا ذكرت لك الحال لتعرفها إلى صورتها فبنيت ما يؤثره من كتمان أمره فقلت له يا سيدي كل من لا يتعرف بك نكرة وقد اغنت المشاهدة عن الإعتذار وبانت الخبرة عن الإستخبار وجعل يشرب وينتحب من غير استكراه ولا حث ولا استبطاء إلى أن رأيت الشرب قد دب فيه وأكب إلى مجاذبة غلامه والفطنةتثنيه في الوقت بعد الوقت فأظهرت السكر وحاولت النوم وجاء الغلام بفرش حسن ففرش لي بإزاء فرشه فنهض إليه وقام يتفقد أمري بنفسه فقلت له أن لي مذهباً في تقريب غلامى مني واعتمدت بذلك تسهيل ما يختاره من هذا الحال في غلامه فتبسم وقال لي بسكره جمع الله لك شمل المسرة كما جمع جمعه لي بك وأظهر ت النوم وعاد إلى محادثة غلامه وعاتبه بأعذب لفظ وأحلى معاتبة ويمزج ذلك بمواعيد تدل على سعة وانبساط يد وغلامه تارة يقبل يده وتارة فمه وغلبتني عيناي إلى أن أيقظني هواء السحر وانتبهت وهما متعانقان بما كان عليهما من اللباس فأردت توديعه فخفت انتباهه وإزعاجه فخرجت فلقيني الخادم يريد ايقاظه وتعريفه بإنصرافي فأقسمت عليه ألا يفعل ووجدت غلامى قد بكر بما أركبه كما كنت أمرته فركبت منصرفاً وعاملاً على العودة إليه والتوفر على مواصلته وأخذ الحظ منه في معاشرته ومتوهما ًأن الذي كنت فيه مناماً لطيبه وقرب أوله من آخره واعترضتني أسباب أدت إلى اللحاق بسيف الدولة فسرت إلى أتم حسرة لما فإنني من معاودة لقائه وقلت في ذلك هذه الأبيات:

ويوم كان الدهر سامحني به

فصار يسمى بيننا هبة الدهر

جرت فيه أفراس الصبا بارتياحنا

إلى دير مران المعظم ذي القدر

فمن روضة بالحسن توقد روضه

ومن نهر بالفيض يجري إلى نهر

وفي الهيكل المعمور منه اقترعها

وصحبي حلالا بعد توفية المهر

ونزهت عن غير الدنانير قدرها

فما زلت منها أشرب التبر بالتبر

وحل لنا ما كان منها محرماً

وهل يحظر المحظور في بلد الكفر

3فأهديت لي الأيام فيه مودة

دعتني في ستر فلبيت في ستر

أتى من الشريف الطبع أصدق رغبة

فخاطبني من معدن النظم والنثر

وكان جوابي طاعة لا مقالة

ومنذا الذي لا يستجيب إلى اليسر

فلاقيت من العينين نبلا وهمة

محلى السجايا بالطلاقة والبشر

وأحشمني بالبر حتى حسبته

يريد اختداعي عن حياتي ولا أدري

ونزه عن غير الصفاء اجتمعنا

وكنت وإياه كقلبين في صدر

وشاء السرور أن يلينا بثالث

فلا طفنا بالبدر أو بأخى البدر

يمعط العيون ما أسهمت من جماله

ومضت القلوب بالتحبى وبالهجر

جنينا جنى الورد في غير حينه

وزهر الربا من روض خديه والثغر

ص: 126