الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصلٌ
كم لله من لطفٍ وحكمةً في إهباطِ آدمَ إِلَى الأرض، لولا نزولُه لما جاهد المجاهدون، ولا نزلت قطرةٌ من دموع المذنبين.
يا آدم! إن كنت أُهبطت من دار القرب، {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]، إن كان حصل لك بالإخراج من الجنة كسرٌ، فأنا عند المنكسِرَةِ قلوبُهم من أجلي، إن كان فاتك في السماء سماعُ المسبِّحين، فقد تعوّضت في الأرض بسماع أنين [المذنبين]، [أنين المذنبين] أحبُّ إلينا من زَجَلِ المسبِّحين، زجلُ المسبحين ربّما يشوبه الافتخار، وأنينُ المذنبين يزينه الإنكسار، "لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا، لَذَهَبَ الله بِكُمْ، وَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ"(1).
عَوْد إِلَى الوَصْلِ عَوْدُ
…
فَالهَجْرُ (2) صعْبٌ شَدِيدُ (3)
(1) رواه مسلم (2749) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
في الأصل: "فالجهر".
(3)
انظر: "لطائف المعارف" لابن رجب (ص: 122 - 123).
قلْتُ وَقَلْبِي أَسِيرُ وَجْدٍ
…
مُتيَّمٌ في الجَفَا عَمِيدُ
أَنْتُمْ لَنَا فِي الهَوَى مَوَالٍ
…
وَنَحْنُ في أَسْرِكُمُ عَبِيدُ
عن أبي هريرةَ، قَالَ، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"أَفْضَلُ الصَّوْمِ بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ الله الَّذِي تَدْعُونَهُ: المُحَرَّمَ"(1).
قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ العَامَ الَّذِي قَبْلَهُ" أفرده مسلم (2).
كأنك بما يزعج ويروع، وقد قلع الأصول وقطع الفروع.
يا نائما إِلَى كَمْ هذا الهجوع، إِلَى متى بالهوى هذا [الـ]ـولوع.
أينفعُك وقتَ الموتِ الدموع، هيهاتَ لا ينفع الذلُّ إذاً والخضوع
تقول: فَرِّقوا المال، فالعجبُ لجودِ المَنُوع، هذا ومَلَكُ الموتِ يسلُّها من بين الضلوع، وأخلت منك المساكنُ وأخلت الربوع، ونابَ غرابُ البينِ عن الورقاءِ السَّجوع، وتمنيتَ لو زدتَ من السجود والركوع، فاحذر مكرَ العدوِّ، ولا تقبل قولَ الخَدوع.
ضيَّعْتَ وَقْتَكَ فَانْقَضَى في غَفْلَةٍ
…
وَطَوَيْتَ في طَلَبِ الخَوَادِعِ أَدْهُرَا
(1) رواه النسائي (1312).
(2)
رواه مسلم (1162) عن أبي قتادة رضي الله عنه.
أَفَهِمْتَ عَنْ هذا الزَّمَانِ جَوَابَهُ
…
فَلَقَدْ أبانَ لَكَ العِظَاتِ وَكَرَّرَا
عَايَنْتَ مَنْ مَلأَ الصُّدُورَ مَخَافَةً
…
وَكَفَاكَ ما عَايَنْتَهُ مَنْ أَخْبَرَا
يا عجباً كَيف أنسَ بالدنيا مفارقُها، وأمِنَ النارَ واردُها، كيف يغفل من لا يُغفَلُ عنه؟ كيف يفرح بالدنيا مَنْ يومُه يهدمُ شهرَه، وشهرُه يهدم سنتَه، وسنتُه تهدم عمرَه؟
إخواني! الدنيا في إدبار، وأهلها منها في استكثار.
أين الذين ملكوا، ونالوا؟ زالوا سبقوك يا هذا والله إِلَى ما إليه آلوا.
أين المغرورون بالآل؟ آلوا إِلَى الشتات. أين المسرورون بالمال؟ مالوا إِلَى الكفات.
ظِلٌّ مِنَ الدُّنْيا تَقَلَّصَ زَائِلاً
…
وَمَتَى يُذَاقُ عَلَى جَنَاهَا العَلْقَمُ
ما هذهِ الآمَالُ إِلا رَقْدةٌ
…
فِيهَا بِأَضْغَاثِ الأمَانِي تَحْلُمُ (1)
• • •
(1) انظر: "التبصرة" لابن الجوزي (2/ 9 - 10).