الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثّالث
في ذكر الحجِّ وفضله
في "الصحيحين" عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"أَفْضَلُ الأَعْمَالِ [إِيمَانٌ] بِالله وَرَسُولِهِ، ثُمَّ الجِهَادُ في سَبِيلِ الله، ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ"(1).
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن "مَنْ قَدَرَ عَلَى الحَجِّ، وَلَمْ يَحُجَّ، فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيّاً، وَإِنْ شَاءَ نَصْرَانِيّاً"(2).
وعن ابن عباس رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ للهِ- عز وجل في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عِشْرِيَن وَمِئَةَ رَحْمَةٍ تنزِلُ عَلَى هذا البَيْتِ؛ فَستُّونَ لِلطَّائِفِينَ، وَأَرْبَعُونَ لِلمُصَلِّينَ، وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ"(3).
(1) رواه البخاري (26)، ومسلم (83) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
رواه الدارمي في "سننه"(1785)، وأبو يعلى في "مسنده"(231)، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(5/ 72)، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. وإسناده ضعيف.
(3)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(11475)، وابن عدي في "الكامل في =
وعن ابن عباسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنه قَالَ: "مَنْ طَافَ خَمْسِينَ مَرَّةً، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"(1).
وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إِنَّ المَلائِكَةَ تُصَافِحُ رُكْبَانَ الحَاجِّ، وَتُعَانِقُ مُشَاتَهُمْ"(2).
وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"الحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ [جَزَاءٌ] إِلا الجَنَّةَ"(3).
يا مَنْ صَارُوا إِلَى الحبيبِ حمول، وكأنك بهم وهُمْ عند الحبيبِ نُزول، إنْ وافيتمُ إِلَى الحبيبِ فقولـ[ـوا]: ذاك الغريب ليس له إليكَ وصول، بالله إن وافيتُمْ إِلَى الحبيب، فاطلبوا لنا منه نصيبْ، وقولوا له: ذاكَ الغريبْ، ليس له إليكَ وصولْ.
وَما رُمْتُ مِنْ بَعْدِ الأَحِبَّةِ سَلْوَةً
…
وَلكنَّني (4) للنَّائباتِ حمولُ
وَما شَرَقِي بِالمَاءِ إِلا تَذَكُّراً
…
لمَاءٍ بِهِ أَهْلُ الحَبِيبِ نُزُولُ
فسبحانَ من قسّم الأقسام، فلقومٍ يقظة، ولقومٍ منام.
= الضعفاء" (6/ 278)، وإسناده ضعيف.
(1)
رواه الترمذي (866)، وقال: غريب.
(2)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(4099)، من حديث عائشة رضي الله عنها. وضعفه، بلفظ:"إن الملائكة لتصافح ركاب الحجاج، وتعتنق المشاة".
(3)
رواه البخاري (1683) ومسلم (1349) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(4)
في الأصل "ولكني".
وذكروا: أن رجلاً شَرَطَ على أصحابه أن يخدمهم في سفر الجهاد، فكلما أراد أحدهم أن يغسل جبته، أو رأسه، فيقول: هذا شَرْطي، فيغسلُها له، فلما مات، إذا في كفِّه مكتوبٌ بين الجلدِ واللحم: من أهل الجنة.
إخواني! رحلَ من أصفُه، وبقي من لا نعرفه.
في "صحيح البخاري" عن عائشة: قلت: يا رسول الله! نرى الجهادَ أفضلَ الأعمال، أفلا نجاهد؟ قَالَ:"لكن أَفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ"(1).
وعن أُمِّ سلمة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"الحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ"(2).
وفي " المسند ": عن جابرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"الحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الجَنَّة"، قَالَوا: وما بِرُّ الحجِّ يا رسول الله؟ قَالَ: "إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفشاءُ السَّلامِ"(3).
وفي حديثٍ آخرَ: "وَطِيبُ الكَلامِ"(4).
(1) رواه البخاري (1448).
(2)
رواه ابن ماجه (2902)، وإسناده ضعيف. انظر:"المقاصد الحسنة" للسخاوي (ص: 301).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 325).
(4)
رواه عبد بن حميد في "مسنده"(1091)، والحاكم في "المستدرك"(1778)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 262).
ومن أعظمِ أنواعِ الحجِّ المبرور: كثرةُ ذكر الله تعالَى.
وروي: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سئل: أيُّ الحج أفضل؟ قَالَ "أَكْثَرُهُمْ للهِ ذِكْراً" أخرجه الإمام أحمد (1).
وفي "الترمذي": عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"أَفْضَلُ الحَجِّ: العَجُّ، وَالثَّجُّ"(2).
وفي حديث: "عجُّوا التَّكْبِيرَ عَجّاً، وَثجُّوا الإِبِلَ ثَجّاً"(3).
فالعَجُّ: رفعُ الصوتِ بالتكبيرِ والتلبيةِ، والثجُّ: إراقةُ دمِ الهَدْيِ والنُّسُكِ.
والهَدْيِ أفضل الأعمال.
يا هذا! إن الله قد أعطاك، ونَوَّلَك مُناك، وأنت بالله لا تنسانا من دُعاك.
ياليتني معكم هناك، ولكنني مذنبٌ أرجو رضاك.
وقد علمتُ أنك لستَ تُخَيِّبُ مَنْ دعاك.
والمرء تقوى الله أفضلُ ما استفاد.
يُرِيدُ المَرْءُ أَنْ يُؤْتَى مُنَاهُ
…
وَيَأْبَى الله إِلا ما أَرَادَا
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 438) عن معاذ رضي الله عنه.
(2)
رواه الترمذي (827) عن أبي بكر رضي الله عنه.
(3)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(13602)، عن جبير بن مطعم.
يَقُولُ المَرْءُ فَائِدَتي وَمَالِي
…
وَتَقْوَى اللهِ أَفْضَلُ ما اسْتَفَادَا
من أعظم ما يجب على الحاج: اتقاؤه من الحرام؛ أن يطيب نفقته في الحج، ولا يجعلها من كسبٍ حرام.
مات رجلٌ في طريق مكة، فحفروا له، فدفنوه، ونَسُوا الفأسَ في لَحْده، فكشفوا عنه الترابَ ليأخذوا الفأسَ، فإذا رأسُه وعنقُه قد جُمعا في حَلْقة الفأس، فردُّوا عليه الترابَ، ورجعوا إِلَى أهله، فسألوهم عنه، فقَالَوا: صاحبَ رجلاً، فأخذ مالَهُ، فكان يحج عنه ويغزو.
كما قيل:
تَطَهَّرْ مِنَ الذُّنُوبِ يا مُذْنِبْ
…
إِذَا شِئْتَ مِنْ بَابِهِ تَقْرُبْ
كان عمرُ بن عبد العزيزِ إذا رأى من يسافر إِلَى المدينة النبوية يقول: أقرئ رسولَ الله منَّي السلام.
هاهنا الخَيْفُ وَهَاتِيكَ مِنَى
…
فَتَرَفَّقَ أَيُّهَا الحَادِي بِنَا
وَاحْبِسنَّ الرَّكْبَ عَنَّا سَاعَةً
…
نَنْدُبُ الرَّبْعَ وَنَبْكِي الدِّمَنا
أَتُرَاكُمْ في النَّقَا والمُنْحَنَى
…
أَهْلَ سَلْعٍ تَذْكُرُونَا ذِكْرَنَا
انْقَطَعْنَا وَوَصَلْتُمْ فَاعْلَمُوا
…
واشْكُرُوا (1) المُنْعِمَ يا أَهْلَ مِنَى
قَدْ خَسِرْنَا وَرَبِحْتُمْ فَصِلُوا
…
بِفُضُولِ الرِّبْحِ مَنْ قَدْ غُبِنَا
سَارَ قَلْبِي خَلْفَ أَحْمَالِكُمُ
…
غَيْرَ أَنَّ العُذْرَ عَاقَ البَدَنَا
زَمَناً كَانَ وَكُنَّا جِيرَةً
…
فَأَعَادَ اللهُ ذَاكَ الزَّمَنَا
من شاهدَ تلكَ الديار، وعاينَ تلكَ الآثار، ثم انقطعَ عنها، لم يمتْ إلا بالأسفِ عليها، والحنينِ إليها.
قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَجَّ، فَزَارَ قَبْرِي، فَكَأَنَّما زَارَنِي في حَيَاتي"(2).
يا هذا! تهيَّأ للممات، وَعُدَّ نفسَك لمصرعٍ سوف يأتي، وابْكِ على العبرات.
أين الذين في الليل يتلو [نَ] القرآنْ، أولئك في الجِنان من أولياءِ الرحمن، ولَكَم قاموا وأَبلُّوا الأجفان، أولئك لهم الجنان.
* * *
(1) في الأصل: "أن اشكروا".
(2)
رواه الدارقطني في "سننه"(2/ 278) وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما، وإسناده ضعيف، وفي الباب عن حاطب رضي الله عنه، وإسناده ضعيف أيضاً. انظر:"التلخيص الحبير" لابن حجر (2/ 266).