الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَرَّبْنا الصالحين منا، وأبدنا العاصين عنا، أحببنا في القدم، وأبغضنا، فمن قضينا عليه الشقاء أهنكنا، فهو أسيرُ البعد وطريدُه، ومن سبقت له منا الحسنى، فنحن ننعم عليه ونفيده، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} .
تجري العيون وابلاً وطَلا، وترى العاصيَ يقلقُ ويتقلَّى، ويمنى العودَ، فيقال: كلا، والويلُ كلُّ الويلِ بمن لا يريدُه، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} .
تخشع فيه الأملاك، وتطير فيه الضحاك، ويعسر على المحبوس الفكاك، فأما المؤمنُ المتقي، فذاك عيدُه، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] (1).
* * *
فصل: في الجماعة
وهي واجبةٌ للصلوات الخمس؛ على الكفاية، لا شرط.
في "الصحيحين" من حديث ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ عَلَى صَلاةِ الفَذِّ بِسَبعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً"(2).
وروي عن أنسِ بن مالكٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ
(1) انظر: "التبصرة" لابن الجوزي (2/ 245).
(2)
رواه البخاري (619)، ومسلم (650).
يَوْماً في جَمَاعَةٍ؛ لَمْ يَفُتْهُ رَكْعَة وَاحِدَةٌ، كَتَبَ الله لَهُ بَرَاءَتَيْنِ: بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةً مِنَ النِّفَاقِ" (1).
قَالَ عبد الله بن عمرَ القواريريُّ: لم تكن تفوتني صلاةٌ في جماعة، فنزل بي ضيفٌ، فشُغلت به، فخرجتُ أطلب الصلاة في قبائل البصرة، فإذا الناسُ قد صَلَّوا، فقلتُ في نفسي: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قَالَ: "صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ [عَلَى] صَلاةِ الفَذِّ بِخَمْسِ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً"، وروي:"بسبعٍ وعشرين".
فانقلبتُ إِلَى منزلي، فصليتُ العتمةَ سبعاً وعشرين مرة، ثم رقدتُ، فرأيتني مع قوم راكبين أفراساً، وأنا راكبٌ على فرسٍ كأفراسِهم، ونحن نتجارى، فالتفتَ إليَّ أحدُهم، فقَالَ: لا تُجْهِدْ فرسَكَ، فلست بلاحقِنا، فقلت: ولم ذلك؟ فقَالَ: إنا صلينا العتمةَ في جماعة (2)
أين من يعمل لذلك اليوم؟ أين المتيقظُ من سِنَة النوم؟ أين من يلحق أولئك القوم؟ جَدُّوا في الصلاة، وأخذوا في الصوم، وعادوا على النفس بالتوبيخ واللوم؛ ليتك إذا لم تقدر على الإشمام بطريقهم حَصَّلْت الرَّوْم.
* * *
(1) رواه الترمذي (241) نحوه، وإسناده ضعيف. وانظر:"التلخيص الحبير" لابن حجر (2/ 27).
(2)
رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(10/ 320).