الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الحادي عشر
في ذكر شهر رَجَبٍ
روي عن أبي قِلابةَ، قَالَ: في الجنة قصر لصوَّام رجبٍ (1).
وقد روي: أنه يُكره أن يُتخذَ رجبٌ عيداً.
عن عطاء، قَالَ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن صيام رجبٍ كلِّه، ويكره إفرادَ رجبٍ بالصوم.
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجبٌ، قَالَ:"اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ، وَشَعْبَانَ، وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ"(2).
شهرُ رجبٍ مفتاحُ الخيرِ والبركةِ، شهرُ رجبٍ شهرُ الزرع، وشهرُ شعبان شهرُ السقي، وشهرُ رمضان شهر الحصاد.
(1) رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(3802). قال: ابن رجب في "لطائف المعارف"(ص: 228): لم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، ولكن روي عن أبي قلابة، فذكره.
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(3939) عن أنس رضي الله عنه، وإسناده ضعيف.
وقيل: رجبٌ أيامُ ورقِها، وشعبانُ أيامُ تفرُّعِها، ورمضانُ أيامُ قطافِها.
بَيِّضْ صَحِيفَتَكَ السَّوْدَاءَ في رَجَبٍ
…
بِصَالِحِ العَمَلِ المُنْجِي مِنَ اللَّهَبِ
شَهْرٌ حَرَامٌ أَتَى مِنْ أَشْهُرٍ حُرُمٍ
…
إِذَا دَعَا اللهَ دَاعٍ فيهِ لَمْ يَخِبِ
طُوبَى لِعَبْدٍ زكَا فِيهِ لَهُ عَمَلٌ
…
فَكَفَّ فِيهِ عَنِ الفَحْشَاءِ وَالرِّيَبِ
انتهازُ الفرصة بالعمل في هذا الشهر غنيمةٌ، واغتنامُ أوقاته بالطاعات له فضيلةٌ عظيمة.
اعلموا إخواني: أن شهركم هذا شهر محترم، قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ شَهْرَ رَجَبٍ شَهْرٌ عَظِيمٌ، مَنْ صامَ فِيهِ يَوْماً، جُزِي لَهُ أَلْفَ حَسَنَةٍ، وَمَنْ صامَ مِنْهُ يَوْمَيْنِ، جُزِيَ لَهُ أَلْفَيْ حَسَنَةٍ، وَمَنْ صامَ مِنْهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، جُزِي لَهُ صِيَام ثَلاثَةِ آلافِ حَسَنَةٍ، وَمَنْ صامَ مِنْ رَجَبٍ سَبْعَةُ أَيَّامٍ، غُلقَتْ عَنْهُ أبوابَ جَهَنَّمَ، وَمَنْ صامَ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً، بُدِّلَتْ سَيِّئَاتُهُ حَسَنَاتٍ، وَنَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: قَدْ غُفِرَ لَكَ"(1).
وفي حديث أنسٍ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِنَّ في الجَنَّةِ نَهْراً يُقَالَ لَهُ:
(1) انظر: "الموضوعات" لابن الجوزي (2/ 117).
رجَبٌ، مَنْ صَامَ يَوْماً مِنْ رَجَبٍ، سَقَاهُ الله مِنْ ذلك النَّهْرِ" (1).
وروي من حديثِ أبي سعيدٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"رَجِبٌ مِنْ شُهُورِ الحُرُمِ وَأَيَّامِه، مَكْتُوبٌ عَلَى أبوابِ السَّماءِ السَّادِسَةِ، فَإِذَا صَامَ الرَّجُلُ مِنْهُ يَوْماً، وَجَرَّدَ صَوْمَهُ لِتَقْوَى الله تَعَالَى، نَطَقَ اليَوْمُ، وَقَالَ: يا رَبِّ! اغْفِرْ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يُتِمَّ صَوْمَهُ بِتَقْوَى الله، لَمْ يَسْتَغْفِرْ لَهُ، وَقيِل: خُذْ حَظَّ نَفْسِكَ"(2).
أَلا يا غَافِلاً يُحْصَى عَلَيْهِ
…
مِنَ العَمَلِ الصَّغِيرَةُ وَالكَبِيرَهْ
تَأَهَّبْ لِلرَّحِيلِ [فَـ]ـقَدْ تدَانَى
…
وَأَنْذَرَكَ [الرَّحِيلُ] أَخاً وَجِيرَهْ
يا من بين يديه الموتُ والحساب، والتوبيخُ الشديد والعقاب، وعليه بأفعاله وأقواله كتاب، وقد أذنب كثيراً، غير أنّه ما تاب، وكلما عوتب، خرج من باب إِلَى باب.
إِلَى متى هذا الجهل؟! وإِلَى متى هذا العتاب؟!
أما أظنك حاضراً عدوك فيمن غاب؟!
ويحك! أنت في القبر محضور، إِلَى أن ينفخ في الصور، ثم راكب
(1) خبر باطل، كما في "ميزان الإعتدال" للذهبي (6/ 524).
(2)
رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(3277)، وإسناده ضعيف، كما نقل ابن عراق في "تنزيه الشريعة"(2/ 164) عن ابن حجر.
أو مجرور، حزين أو مسرور، مطلق أو مأسور، ما هذا اللَّهوُ والغرور؟! الحازمُ مَنْ تزوَّد لِمآبِهِ، قبل أن يصير لَمَّاً به.
[أَ] أَغْفُلُ وَالدَّهْرُ لا يَغْفُلُ
…
وَأَنْسَى الَّذِي شَأْنُهُ يُعْضَلُ
وَيُطْمِعُنِي أَنَّنِي سَالِمٌ
…
وَدَاءُ السَّلامَةِ لي أَقْتَلُ
وَيَمْضِي نَهَارِي وَلَيْلِي مَعاً
…
بِما غَيْرُهُ الأحْسَنُ الأجْمَلُ
وَأُومِلُ أَنَّي أَفُوتُ الحِمَامَ
…
أَمَانِي لَعَمْرُكَ لِي ضُلَّلُ
قل للذين أعرضوا عن الهدى فما تبعوا، وخوفوا يوم الردى فما ارتدعوا، وسمعوا المواعظ وكأنهم ما سمعوا: تَقَلَّبوا كيف شئتم، وما شئتم، فاصنعوا.
غداً تُوَفَّى النفوسُ ما كسبت، ويحصدُ الزارعون ما زرعوا، إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم، وإن أساؤوا فبئس ما صنعوا.
لله درُّ أقوام بادروا الأعمال واستدركوها، وجاهدوا النفوس حَتَّى ملكوها، وتأهبوا لسبل التوبة ثم سلكوها، وعرفوا العيوب العاجلة فتركوها.
اشتغالهم للأدب في جُمادى كرجب، يا هذا! إذا هممت بخير،